الوقت روحيا

Large image

وَنَحْنُ فِي عَام قِبْطِي جَدِيدٌ نُرِيدْ أنْ نَتَكَلَّمْ عَنْ مَفْهُوم الوَقْت رُوحِيّاً .. بُولِس الرَّسُول يَقُول{ مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَِنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ } ( أف 5 : 16 ) .. مَا مَعْنَى إِفْتِدَاء الوَقْت ؟ مَعْنَاه أنْ نَعْمَل بَدَلاً مِنْهُ أعْمَال أعْظَمْ .. أي نَفْعَل أفْعَال نَكْسَب بِهَا الوَقْت .. الوَقْت الضَّائِع لَيْتَنَا نَكْسَبُه أفْضَل فِدَاء الوَقْت مَعْنَاه تَحْوِيل الشِئ الضَّائِعْ لِشِئ مُفِيدٌ .. بِالمَعْنَى الرُّوحِي فِدَاء الوَقْت هُوَ تَحْوِيل شِئ شِرِّير إِلَى شِئ صَالِحٌ .. هُوَ تَحْوِيل الوَقْت الأرْضِي إِلَى وَقْت أبَدِي هُوَ تَحْوِيل الوَقْت الزَّمَنِي إِلَى وَقْت خَالِدٌ .. أي نَرْبَح الأبَدِيَّة بِالوَقْت .. وَهذَا مَا يُرِيدُه الله أنْ نَرْبَح بِالمَحْدُود اللاَمَحْدُود لِذلِك الوَقْت مُحْتَاج لِفِدَاء .. لِذلِك سَنَتَكَلَّمْ عَنْ :-

1/ الْوَقْت وَزْنَة :-
مَا مَعْنَى وَزْنَة ؟ الوَزْنَة هِيَ عَطِيَّة مَجَّانِيَّة مِنْ الله لَنَا .. أي شِئ لَيْسَ لِي فَضْل فِيهِ لكِنْ الله أعْطَاه لَنَا .. مِنْ ضِمْن هذِهِ الوَزَنَات المُعْطَاه لَنَا الوَقْت .. وَكَأنَّ الله يُعْطِينَا كُلَّ يَوْم مَصْرُوف يَوْمِي أرْبَعَة وَعِشْرُونَ سَاعَة وَيَقُول لَنَا تَاجِر وَارْبَح .. قَدْ يَقُول لَهُ وَاحِدٌ مِنَّا لَيْتَكَ تُزِيدْ لِي هذَا المَصْرُوف .. يَقُول لَنَا مِثْلَك مِثْل غَيْرَك وَغَيْرَك إِسْتَفَادٌ مِنْ هذِهِ الأرْبَعَة وَالعِشْرُونَ سَاعَة لَيْتَكَ تَسْتَخْدِمْهَا مِثْلَهُ وَتَرْبَح جَيِّداً .. لِذلِك لاَ يُمْكِنْ شِرَاء الوَقْت أوْ يِرْجَعْ الوَقْت المَاضِي .. لاَ يُمْكِنْ أنْ يَعُودٌ الأمْس وَإِنْ كُنْت لَمْ أعْمَلٌ فِيهِ فَهذَا ذَنْبِي .. لِذلِك الوَقْت وَزْنَة لاَبُدْ أنْ نُتَاجِر بِهَا وَنَرْبَح وَلِنَتَخَيَّل القِدِيس يُوحَنَّا المَعْمَدَان نَقُول لَهُ أمَامَك سِتَّة أشْهُر فَقَطْ لِتُمَهِدْ لِلْمَسِيح .. نَقُول صَعْب أنْ تُمَهِدْ لِلْمَسِيح وَسَطٌ نَاس تَحْيَا فِي ظُلْمَة أنْتَ مُحْتَاج سِتَّة سَنَوَات .. لكِنَّهُ مَهَّدْ فِي سِتَّة أشْهُروَأتَمَّ رِسَالَتُه بِأمَانَة لأِنَّهُ إِفْتَدَى الوَقْت أيْضاً شَخْص يَسُوع المُبَارَك خَدَم عَلَى الأرْض ثَلاَثَة سَنَوَات وَسِتَّة أشْهُر وَضَعَ فِيهَا تَعَالِيمْ غَيَّرِت مَفَاهِيمْ العَالَمْ .. وَضَعْ كَيْفِيِّة التَّعَامُل مَعَ الأعْدَاء وَالأحِبَّاء وَمَا هِيَ العِبَادَة .. فِي فِتْرَة صَغِيرَة أسَّسْ تَعَالِيمْ العُمْر كُلُّه فَأكْمَل التَّدْبِير .. كَانَ فِي النَّهَار يَجُول يَصْنَع خَيْر وَيَقْضِي اللَّيْل كُلُّه فِي الصَّلاَة ( لو 6 : 12) .. كَانَ يُعَلِّمْ وَيُؤَسِّسْ .. بُولِس الرَّسُول كَانَ ذَاهِبْ إِلَى أُورُشَلِيم وَكَانَ يَعْلَمْ أنَّهُ سَيَسْتَشْهِدٌ هُنَاك وَكَانَتْ السَّفِينَة سَتَرْسِي قَلِيلاً فِي أفَسُس أثْنَاء الرِّحْلَة إِلَى أُورُشَلِيم فَأرْسَل إِلَى قُسُوس كَنِيسَة أفَسُس لِيُقَابِلُوه فِي المِينَاء لِيُعَلِّمَهُمْ وَيَتَكَلَّمْ مَعَهُمْ .. أعْطَاهُمْ تَعَالِيمْ فِي مُنْتَهَى القُوَّة تَقْرَأهَا الكَنِيسَة فِي تِذْكَار الأبَاء البَطَارِكَة .. بُولِس الرَّسُول إِفْتَدَى الوَقْت وَلَمْ يُضَيِّعْ سَاعَات الرَّاحَة القَلِيلَة فِي رِحْلَتِهِ .. لِذلِك لاَبُدْ أنْ نَتَعَامَلْ مَعَ الوَقْت عَلَى أنَّهُ وَزْنَة كَيْفَ نَسْتَثْمِرْهَا لِنَرْبَح بُولِس الرَّسُول أيْضاً ثُلْث مُدِّة خِدْمِتُه مَسْجُون .. أي المَفْرُوض أنَّهُ مُكْتَئِبْ وَمُحْبَطْ وَوَقْتُه ضَائِعْ فِي سِجْنُه .. لكِنَّنَا نَجِدُه يَكْتُب رَسَائِل أثْنَاء فَتَرَات سِجْنُه تُسَمَّى رَسَائِل الأسْر أيْضاً بُولِس كَانَ يُعَامَل مُعَامَلَة المُجْرِم الخَطِير فَكَانَ يُحْبَس حَبْس إِنْفِرَادِي وَيَحْرُسُه جُنْدِي كُلَّ سِتَّة سَاعَات وَلاَ يَتَكَرَّر عَلَيْهِ جُنْدِي مَرَّتَيْن لِئَلاَّ يُنْشِئ مَعَهُمْ صَدَاقَة وَقَدْ يَنْقِل مِنْهُ أوْ إِلِيه أخْبَار .. لكِنْ بُولِس الرَّسُول كَانَ يتَكَلَّمْ مَعَ كُلَّ جُنْدِي يَأتِي لِحِرَاسَتُه وَيَسْألُه هَلْ تَعْرِف لِمَاذَا أنَا مَسْجُون ؟ وَيُجِيبُه الجُنْدِي بِوَحْشِيَّة لاَ .. فَيَقُول لَهُ بُولِس لأِنِّي أكْرِز بِالْمَسِيح .. هَلْ تَعْرِف مَنْ هُوَ الْمَسِيح ؟ الْمَسِيح هُوَ الَّذِي فَدَانَا عَلَى الصَّلِيب وَيَبْدأ يَتَكَلَّمْ مَعَهُ عَنْ الْمَسِيح وَفِي نِهَايِة السَّاعَات السِتَّة المُكَلَّفْ بِهَا الجُنْدِي لِحِرَاسِة بُولِس يَكُون الجُنْدِي قَدْ آمَنْ فَيُرْسِلَهُ بُولِس الرَّسُول لأِحَدٌ الرُّسُلٌ أوْ تَلاَمِيذُه لِيُعَمِّدَهُ فَكَثِيرُونَ مِنْ الجُنُود الَّذِينَ حَرَسُوا بُولِس الرَّسُول آمَنُوا .. بُولِس الرَّسُول فِي السِّجْن يُصَلِّي وَيُسَبِّح وَيَكْتُبْ رَسَائِل وَيَكْرِز .. يَفْتَدِي الوَقْت كَيْفَ يُحَوِّل الإِنْسَان الوَقْت مِنْ أرْضِي إِلَى أبَدِي أوْ خَالِدٌ ؟ لِذلِك مَنْ عَاشَ فِتْرَة قَصِيرَة لكِنْ عَمَلَ فِيهَا أعْمَال جَيِّدَة وَتَرَكَ أثَر قَوِي .. وَهُنَاك مَنْ عَاشَ فِتْرَة طَوِيلَة وَلَمْ يَفْعَل شَيْء مُفِيدٌ نَحَمْيَا بَنَى سُور أُورُشَلِيم كُلَّهَا فِي إِثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْماً فَقَطْ .. كَيْفَ ؟ قَسَّمَ الشَّعْب إِلَى مَجْمُوعَات كُلَّ مَجْمُوعَة تَبْنِي جُزْء مِنْ السُّور وَكُلَّ إِثْنَى عَشَرَ سَاعَة تَتَبَادَل المَجْمُوعَات أي نُوبَاتْجِيَات .. وَنَاس تَبْنِي وَنَاس تُدَافِعْ .. لأِنَّ الوَقْت لَهُ قِيمَة فِي نَظَرُه فَإِفْتَدَاه .. لاَبُدْ لِلإِنْسَان أنْ يَتَعَامَلْ مَعَ وَقْتُه بِقَدَاسَة وَكَرَامَة وَالَّذِي يَتَهَاوَنْ بِوَقْتُه يَتَهَاوَنْ بِحَيَاتُه لأِنَّ مَا الحَيَاة إِلاَّ مَجْمُوعِة أوْقَات .. وَالَّذِي يَشْعُر بِقِيمِة الوَقْت يَشْعُر بِقِيمِة نَفْسُه وَحَيَاتُه .
2/ تَهْدِيفْ الْوَقْت :-
لاَبُدْ أنْ يَكُون لِوَقْتِنَا أهْدَاف .. يَقُول يَسُوع { أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ . الْعَمَلُ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَِعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ } ( يو 17 : 4 ) .. كَيْفَ أشْعُر أنَّ لِيَوْمِي هَدَف ؟ صَعْب أنْ تَسْتَيْقِظْ مِن نَوْمَك دُونَ أنْ تَعْرِف مَاذَا سَتَفْعَل اليَوْم .. أوْ تَسْتَيْقِظْ مِنْ نُوْمَك فِي مُنْتَصَفْ النَّهَار إِنَّكَ بِذلِك تَسْتَخِفْ بِالوَقْت وَاعْلَمْ أنَّكَ بِذلِك بِدُون هَدَف وَأنَّكَ تَتَهَاوَنْ بِنَفْسَك .. وَهذِهِ خَطْوَة مِنْ خَطَوَات الحُرُوب الرُّوحِيَّة وَتُزِيدْ عَلَيْكَ حُرُوب الجَسَدٌ فَتُحْبَطْ وَتَزْدَادْ الخَطِيَّة أكْثَر وَتَشْعُر أنَّكَ بِلاَ قِيمَة وَالوَقْت لَيْسَ لَهُ قِيمَة فَتَيْأس مِنْ نَفْسَك .. لاَ .. لاَبُدْ أنْ تَشْعُر أنَّ الوَقْت مُقَصِّرْ وَأنَّ حَيَاة الإِنْسَان هِيَ بُخَار يَظْهَر ثُمَّ يَضْمَحِلُّ ( يع 4 : 14) .. وَتَشْعُر أنَّ الأيَّام تَمُر بِسُرْعَة .. أيُّوب يَقُول { أَيَّامِي أَسْرَعُ مِنَ الْوَشِيعَةِ }( أي 7 : 6 ) .. أي بُخَار .. وَيَقُول أيْضاً { أَيَّامِي أَسْرَعُ مِنْ عَدَّاءٍ } ( أي 9 : 25 ) أي تَجْرِي بِسُرْعَة جِدّاً .. لِذلِك تَعَامَلْ مَعَ عُمْرَك بِقَدَاسَة وَكَرَامَة وَاعْلَمْ أنَّ لَكَ رِسَالَة وَلاَبُدْ أنْ تُحَقِّق جُزْء مِنْهَا كُلَّ يَوْم وَجُزْء مِنْهَا كُلَّ شَهْر وَكُلَّ سَنَة .. فِي كُلَّ وَقْت لَكَ شَيْء تَعْمَلُه .. يَقُول أبُونَا يَعْقُوب لِفِرْعُون عِنْدَمَا سَألَهُ عَنْ عُمْرُه { أَيَّامُ سِنِي غُرْبَتِي قَلِيلَةً وَرَدِيَّةً } ( تك 47 : 9 ) رَغْم أنْ كَانَ عُمْرُه مَائَة وَثَلاَثُونَ عَامَاً .. الله يُعْطِيك كُلَّ يَوْم يَوْم جَدِيدٌ وَشَمْس جَدِيدَة .. كُلَّ يَوْم يُقْرِضَك أرْبَعَة وَعِشْرُونَ سَاعَة وَيَطْلُبْ مِنْكَ الثَّمَر مِنْ هذَا الوَقْت وَيَقُول لَك إِرْضِينِي فِي هذَا الوَقْت يُقَال أنَّ ظُهُورَات السَيِّدَة العَذْرَاء كُلَّهَا تَتَرَجَّى فِيهَا البَشَرِيَّة أنْ تَنْتَبِه لِلوَقْت وَلَهَا عِبَارَة مَشْهُورَة فِي كُلَّ ظُهُورَاتْهَا تَقُول { أنَّ الوَقْت قَرِيبْ وَأنْتُمْ تَلْهُون } .. مَاذَا أُرِيدْ مِنْ حَيَاتِي ؟ حَيَاتِي فِتْرَة قَلِيلَة لاَبُدْ أنْ أخْلُص بِهَا .. وَكُلَّ يَوْم هُوَ لِصَالْحِي .. كَيْفَ أُحَوِّل الوَقْت المَيِتْ إِلَى وَقْت خَالِدٌ ؟ كَيْفَ أرْبَح بِحَيَاة الأرْض حَيَاة السَّمَاء ؟ كَيْفَ يُقَال لِي { كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ }( مت 25 : 21 ) .. وَمَا هُوَ القَلِيل ؟ هُوَ الحَيَاة عَلَى الأرْض .. وَمَا هُوَ الكَثِير ؟ هُوَ الأبَدِيَّة .. قُلْ لِنَفْسَك مَثَلاً خِلاَل ثَلاَثَة أشْهُر سَأدْرِس الأنْبِيَاء الصِّغَار .. هَدِّفْ وَقْتَك وَاسْتَغِلُّه فِي شَيْء ثَمِينْ يَظِلْ مَعَكَ العُمْر كُلُّه مَثَلاً إِنْ كُنْت مُتَقَدِّم لِعَمَل وَيُرِيدُونَك فِيهِ أنْ تُجِيدٌ لُغَة مُعَيَّنَة فَتُسْرِع وَتُجِيدٌ هذِهِ اللُّغَة فِي فِتْرَة صَغِيرَة جِدّاً .. هذَا لأِنَّ أمَامَك هَدَف وَظَّفْت لَهُ وَقْتَك وَهذَا هُوَ إِفْتِدَاء الوَقْت وَتَهْدِيفْ الوَقْت لاَبُدْ أنْ أضَعْ أمَامِي هَدَفْ لِلوَقْت وَلِذلِك لاَبُدْ أنْ أرْتَفِعْ فَوْقَ الزَّمَنْ وَأرْبَح بِهِ .. وَهذَا مَا نَقُولُه فِي صَلاَة السَّاعَة السَّادِسَة { أعْطِنَا يَا الله وَقْتاً بَهِيّاً } .. الإِنْسَان الحَكِيم يُتَاجِر بِوَقْتِهِ بِطَرِيقَة صَحِيحَة وَالكِتَاب يَقُول { الْعِزُّ وَالْبَهَاءُ لِبَاسُهَا وَتَضْحَكُ عَلَى الزَّمَنِ الآتِي } ( أم 31 : 25 ) .. أي يِعْمِل حِسَابُه أي يَفْتَدِي وَقْتُه فَلاَ يُفَاجَأ بِأُمُور هذَا الزَّمَنْ لأِنَّهُ يَحْسِبْ حِسَاب المَرْحَلَة القَادِمَة الوَقْت وَزْنَة لِذلِك مِنْ ضِمْن الأشْيَاء الَّتِي يُرْفَعْ عَنَّا سُلْطَانْهَا فِي الأبَدِيَّة الوَقْت الآنْ نَحْنُ قَلِقُون بِسَبَبْ الزَّمَنْ مُجَرَّدْ أنْ يُرْفَعْ الزَّمَنْ سَنَسْتَرِيح .. كَثِيرُون قَلِقُون مِنْ غَداً وَكَثِيرُون يَحْزَنُون فِي حَالاَت الوَفَاة لأِنَّهُمْ سَيَعِيشُون بِدُون الشَّخْص المُتَوَفِي فِتْرَة مِنْ الزَّمَنْ الإِنْسَان يَحْزَن عَلَى الزَّمَنْ .. أيْضاً الَّذِينَ يُحِبُّون المَال يَخَافُون مِنْ الأيَّام الآتِيَة ذَهَبَتْ سَيِّدَة إِلَى الطَّبِيب لأِجْرَاء عَمَلِيَّة جِرَاحِيَّة وَعِنْدَمَا عَلَمَتْ بِتَكْلِفَة الجِرَاحَة بَكَتْ فَتَنَازَل الطَّبِيب عَنْ حَقُّه وَطَلَبْ مِنْهَا أُجْرِة طَبِيب التَّخْدِير وَالمُسْتَشْفَى وَلكِنَّهَا ظَلَّتْ تَبْكِي فَإِتَصَلْ بِطَبِيب التَّخْدِير الَّذِي تَنَازَل هُوَ بِدُورُه عَنْ أُجْرِتُه .. وَظَلَّتْ تَبْكِي .. فَإِتَفَقَ الطَّبِيب مَعَ المُسْتَشْفَى أنْ تَجْرِي لَهَا الجِرَاحَة مَجَاناً .. وَفِي يُوْم إِجْرَاء الجِرَاحَة وَجَدٌ الطَّبِيب أنَّ أوْلاَدْهَا مُرَفَهِينْ وَعَلَمْ مِنْهُمْ أنَّهُمْ أعْطُوهَا أكْثَر مِنْ تَكْلِفَة الجِرَاحَة .. وَلَمَّا سَألَهَا الطَّبِيب لِمَاذَا إِذاً تَبْكِينْ ؟ قَالَتْ لَهُ لأِنَّهَا تَخَاف مِنْ الغَدْ فَأرَادَتْ أنْ تَحْتَفِظْ بِالمَال لِذلِك مِنْ العَطَايَا الأبَدِيَّة أنَّنَا سَنَغْلِبْ الزَّمَنْ .. الزَّمَنْ يَجْعَلْنَا نَمِلٌ لكِنْ فِي السَّمَاء لاَ يُوْجَدٌ زَمَنْ وَبِالتَّالِي كُلَّ شَيْء جَدِيدٌ لأِنَّ الزَّمَنْ هُوَ الَّذِي يُشْعِرْنَا أنَّ الشَيْء يِقْدَم وَلِذلِك سَنَتَرَنَمْ فِي الأبَدِيَّة بِتَرْنِيمَة جَدِيدَة فَفِي كُلَّ سُجُود نَقُول قُدُّوس وَكَأنَّنَا نَقُولَهَا لأِوَّل مَرَّة وَبِذلِك تَظِلٌ التَّرْنِيمَة جَدِيدَة لأِنَّنَا فَوْقَ الزَّمَنْ لِذلِك الوَقْت مُحْتَاج تَهْدِيف وَاتِزَان .. يُحْكَى عَنْ رَاهِبْ مُتَوَحِدٌ فِي دِير البَرَامُوس أنَّهُ يَنْزِل إِلَى الدِير كُلَّ فِتْرَة لِيَتَنَاوَل الأسْرَار وَيَأخُذٌ قُوتُه وَيَعُود إِلَى وِحْدِتُه فَسَألَهُ بَعْض الشَّبَاب مَا الَّذِي يُضَايِقَك فِي الوِحْدَة ؟ وَتَوَقَّعُوا أنْ يَقُول المَلَلْ أوْ الظَّلاَم أوْ الوُحُوش .. لكِنَّهُ أجَابَهُمْ ضِيق الوَقْت الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله يَقُول عَنْهُ الكِتَاب { لأَِنَّ اللهَ مُلْهِيهِ بِفَرَحِ قَلْبِهِ } ( جا 5 : 20 ) .. قَالَ لَهُمْ أنَّهُ يُحَدِّدٌ وَقْت لِلتَّسْبِيح وَوَقْت لِلإِنْجِيل وَوَقْت لِلصَّلاَة وَوَقْت لأِقْوَال الأبَاء وَوَقْت لِلعَمَل وَلكِنْ كُلَّ وَقْت مِنْ هذِهِ يَأتِي عَلَى الآخَر فَأشْعُر بِضِيق الوَقْت مُمْكِنْ نُحَوِّل وَقْتِنَا إِلَى وَقْت أبَدِي .. هُنَاك تَدْرِيب يُسَمَّى " إِرْفَعُوا الكِسَر "أي كِسَر الوَقْت .. بَيْنَ كُلَّ أمر وَأمر إِرْفَعْ قَلْبَك .. يُقَال أنَّ المَشْغُول بِأمر عَظِيمْ لاَ يَسْتَطِيعْ النُوْم .. رَاهِب حَسَبْ أنَّهُ لَوْ نَام ثَمَانِيَة سَاعَات يَوْمِيّاً وَعَاشَ سُتُونَ سَنَة سَيَكُون مِنْهُمْ عِشْرُونَ سَنَة نُوْم لأِنَّ الإِحْتِيَاج الطَّبِيعِي لِلنُوْم فِي عُمْرِنَا هذَا مِنْ سِتَّة إِلَى سَبْعَة سَاعَات أكْثَر مِنْ ذلِك مُضِر كَمَا أنَّ الأكْل بِإِفْرَاط مُضِر يُؤَدِي إِلَى السِمْنَة كذَلِك النُوْم بِإِفْرَاط مُضِر لأِنَّ النُوْم الزَّائِدْ يُزِيدْ حُرُوب الجَسَدٌ لأِنَّ الشَّيْطَان يُهَاجِمْ الإِنْسَان عِنْدَمَا يَبْدأ الجَسَدٌ رَاحَتُه .. لِذلِك فِي الدِير يُرْسَمْ لِلرَّاهِب يَوْمُه بِالسَّاعَة فَيُقَال لَهُ أنَّ النُوْم العَادِي خَمْسَة سَاعَات إِنْ قَلَّ النُوْم عَنْ ذلِك فَهُوَ ضَبْط وَإِنْ قَلَّ أكْثَر يُعْتَبَر لُوْن مِنْ ألْوَان النُسْك بَيْنَمَا إِنْ زَادَ النُوْم إِلَى سِتَّة سَاعَات يُعْتَبَر كَسَل وَإِنْ إِزْدَادَ إِلَى سَبْعَة سَاعَات فَهُوَ إِسْتِهْتَار .. أكْثَر مِنْ ذلِك يُسَمُّونَهُ زِنَى .. الَّذِي يَشْعُر بِقِيمِة نَفْسُه يَشْعُر بِقِيمِة وَقْتُه .. لاَبُدْ أنْ تَشْعُر أنَّ لَكَ رِسَالَة فِي حَيَاتَك وَلاَ يَشْغِلَك عَنْهَا شَيْء يُحْكَى عَنْ شَاب مُتَسَابِق فِي مُسَابَقَة جَرْي وَكَانَ لَهُ مُنَافِس فَأحْضَر هذَا الشَّاب عُمْلاَت ذَهَبِيَّة مَعَهُ وَأثْنَاء الجَرْي كَانَ يُلْقِي بِالعُمْلاَت الذَّهَبِيَّة وَانْشَغَل المُنَافِس بِالعُمْلاَت الذَّهبِيَّة وَكَسَبْ الشَّاب المُسَابَقَة .. هذَا مَا يَفْعَلَهُ مَعَنَا عَدُو الخِير يُضَيِّعْ مِنَّا هَدَفْنَا الأسَاسِي بِأهْدَاف ثَانَوِيَّة غِير مُفِيدَة .. أعْظَمْ عَطِيَّة لَنَا مِنْ الله هِيَ الوَقْت .. صَاحِبْ الوَزْنَة الوَاحِدَة لَمْ يُحَاسِبُه الله عَلَى شَيْء سِوَى أنَّهُ أهْدَر وَقْتُه وَلَمْ يُتَاجِر لِيَرْبَح .. مَاذَا أُرِيدْ مِنْ حَيَاتِي ؟الفَلاَسِفَة يَقُولُون { لاَ تَحْزَنْ إِنْ لَمْ تُحَقِّق هَدَفَك بَلْ إِحْزَنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ هَدَفْ }وَيَقُولُون { الَّذِي لاَ يَخْتَار طَرِيقُه طَرِيق الضَيَاع يَخْتَارُه } .. مَعَ بِدَايِة سَنَة دِرَاسِيَّة جَدِيدِة أرْجُوكُمْ لاَ تَجْلِس فِي الجَامِعَة بِلاَ هَدَف وَلاَ تَذْهَبْ إِلَيْهَا فِي يَوْم لَيْسَ عِنْدَك فِيهِ مُحَاضَرَات .
3/ تَسْوِيفْ الْوَقْت :-
أي تَأجِيل الوَقْت وَإِهْدَارُه .. هذَا هُوَ التَّسْوِيفْ .. هُنَاك { تَسْوِيف العُمْر بَاطِلاً }( مَا يَقُولُه الكَّاهِنْ فِي تَحْلِيل الكَهَنَة بَعْد صَلاَة نِصْف اللَّيْل ) .. أي تَأجِيل كُلَّ يَوْم وَلاَ يُوْجَدٌ عِنْدَك قَوْل الكِتَاب " أَقُومُ الآنْ " ( لو 15 : 18) .. إِنْ كُنْت تُرِيدْ أنْ تُصَلِّي صَلِّي الآنْ .. إِنْ كُنْت تُرِيدْ أنْ تَسْتَذْكِر إِبْدأ الآنْ .. يَقُول الأبَاء { أنَّ كُلَّ سُكَّان الجَحِيمْ كَانُوا يَنْوُون التَوْبَة لكِنَّهُمْ كَانُوا يُؤَجِلُون } .. لِذلِك هُنَاك وَقْت إِسْمُه " أُغْلِقَ البَاب " ( مت 25 : 10 ) .. وَهُنَاك وَقْت إِسْمُه " الوَقْت المَقْبُولٌ " ( 2كو 6 : 2 ) .. الآنْ وَقْت مَقْبُول لِمَاذَا نُؤَجِّلُه ؟وَاحِدٌ قَالَ مُعَادَلَة هِيَ " 10 + 60 60 + 10 " فَسَألُوه كَيْفَ ألَيْسَ مَجْمُوع الإِثْنَان سَبْعُون ؟ قَالَ " 10 + 60 " إِنْسَان عَرَف الله مُبَكِراً فَأرْضَى الله سِتُونَ عَاماً بَيْنَمَا " 60 + 10 " هِيَ إِنْسَان عَرَفَ الله مُتَأخِراً فَأرْضَى الله وَقْت قَلِيل .. عَدُو الخِير يُحَارِبْنَا فِي الوَقْت وَالكَسَل .. فِي أحَدٌ المَرَّات ذَهَبْ عَدُو الخِير إِلَى رَاهِب مُجَاهِدْ كَثِيراً وَقَالَ لَهُ تَمَهَّل فِي جِهَادَك لأِنَّ أمَامَك فِي العُمْر أكْثَر مِنْ عِشْرِينَ عَاماً .. فَقَالَ لَهُ الرَّاهِب أشْكُرَك لأِنَّكَ نَبَّهْتَنِي أنَّهُ لَمْ يَبْقَى لِي إِلاَّ القَلِيل لأُِجَاهِدْ أكْثَر .. وَقِيلَ أنَّ هذَا الرَّاهِب تَنَيَّحْ بَعْد أيَّام قَلِيلَة .. نَحْنُ نُضَيِّعْ الوَقْت فِي التَّسْلِيَة وَالطَّعَام وَالنُوْم .. فَمِنَّا مَنْ يَسْتَيْقِظْ مِنْ نُوْمُه الوَاحِدَة ظُهْراً فَيَكُون النَّاس ذَهَبُوا إِلَى القُدَّاس ثُمَّ إِلَى عَمَلِهِمْ .. خُسَارَة .. هذَا هُوَ العُمْر المُنْقَضِي فِي المَلاَهِي الله خَلَقَنَا لِنُرْضِيه وَنَسْتَعِدٌ لأِسْتِقْبَالِهِ بِالزَّمَنْ .. الزَّمَنْ مَعَنَا وَلَيْسَ ضِدِّنَا .. فِي مَثَل العَذَارَى الحَكِيمَات وَالجَاهِلاَت قِيلَ { وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ } ( مت 25 : 5 ) لِمَاذَا أبْطَأَ ؟ فِي العُرْس اليَهُودِي كَانَتْ فِتْرِة العُرْس تَطُول بِحَسَبْ غِنَى العَرِيس وَكَانَ خِلاَل يَوْمِهِ يُدْعَى لِوَلاَئِمْ مِنْ أهَالِي بَلْدَتِهِ وَفِي نِهَايِة اليُوْم يَجْمَعْ رِجَال بَلْدَتِهِ كُلُّهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى وَلِيمَة عَظِيمَة فِي بَيْتِهِ .. تَخَيَّل أنَّهُ يَعُود بِأصْحَابِهِ كُلُّهُمْ فِي اللَّيْل لِيَجِدْ أهْل بَيْتِهِ كُلُّهُمْ نِيَام .. هذَا التَّأخِير كَانَ فُرْصَة لِيُعِدُّوا وَلِيمَة أعْظَمْ وَلَيْسَ فُرْصَة لِلنُوْم هكَذَا الله يَفْعَل مَعَنَا يُبْطِئ لِنَسْتَعِدْ لَهُ وَيَجْمَعْ رِجَال المَدِينَة أي القِدِّيسِينْ لِيَجِدْنَا فِي مَزِيدْ مِنْ الإِسْتِعْدَاد .. فِي سِفْر الرُؤْيَا يَقُول { أَعْطَيْتُهَا زَمَاناً لِكَيْ تَتُوبَ } ( رؤ 2 : 21 ) إِذاً الوَقْت لِلتُوْبَة .. وَفِي سِفْر الأعْمَال يَقُول { مُتَغَاضِياً عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ } ( أع 17 : 30 ) .. وَبُولِس الرَّسُول يَقُول يَكْفِينَا الزَّمَنْ الَّذِي مَضَى ( 1بط 4 : 3 ) .. كَفَى ضَيَاع وَقْت الله أعْطَانَا الوَقْت وَزْنَة وَهُوَ وَقْت مُكَرَّم وَكَثِيرُونَ رَبَحُوا بِالوَقْت أعْمَال خَالِدَة الطَلَبَة يَبْدَأُونَ الدِّرَاسَة مَعاً وَيَمْتَحِنُون مَعاً .. قَدْ يَقُول البَعْض المَنَاهِج طَوِيلَة نَقُول عَلَى الكُلَّ .. يَقُول الإِمْتِحَان طَوِيلٌ نُجِيب عَلَى الكُلَّ .. لكِنْ فِي النِهَايَة نَجِدٌ المُتَفَوِق وَغَيْر المُتَفَوِق .. الله أعْطَانَا الوَقْت لِخَلاَصِنَا فَلاَ تُهْدِرُه .. لِذلِك تَمَتَّعْ بِالأبَدِيَّة مِنْ الآنْ .. مَا مَعْنَى { يَوْماً وَاحِداً عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ } ( 2بط 3 : 8 ) ؟ الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله يَرْتَفِعْ عَنْ سُلْطَان الزَّمَنْ لِذلِك في الأبَدِيَّة الألْف سَنَة كَيَوْم بَيْنَمَا سُكَّان الجَحِيمْ كُلَّ لَحْظَة تَمُر عَلَيْهِمْ كَأنَّهَا دَهْر فَيَكُون اليُوْم كَألْف سَنَة .. لِذلِك لَيْتَنَا نَرْبَح بِوَقْتِنَا الأرْضِي الأبَدِيَّة لِنَتَمَتَّعْ بِالْمَسِيح فِي سَمَاه رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 2869

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل