مَعْرِفَة مَشِيئَةالله

Large image

﴿ لِتَخْتَبِرُوا مَا هيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ ﴾ ( رو 12 : 2 ) .. قَدْ تَكَلَّمْنَا سَابِقاً عَنْ مَنْ يَسْلُك بِمَشُورِة نَفْسُه .. اليُّوم نَتَكَلَّمْ عَنْ كَيْفَ نَعْرِفْ مَشِيئَة الله ؟كَيْفَ نَعْرِفْ مَشِيئِة الله ؟

1/ سِمَات مَشِيئِة الله :-
أ/ صَالِحَة :
كَلِمَة " صَلاَحٌ " وُرِدَت فِي الكِتَاب المُقَدَّس بِأكْثَر مِنْ مَعْنَى :-
i.صَلاَحٌ بِاليُونَانِيَّة Kalos وَتَعْنِي الخِير النِّسْبِي وَلَيْسَ المُطْلَقٌ .. شِئ نِسْبِي .. شِئ يَتَوَقَفْ عَلَى الظُّرُوف .. وَ " صَلاَح " هُنَا يُطْلَقٌ عَلَى الأشْيَاء أوْ الشَّخْصِيَات .
ii.صَلاَحٌ تَعْنِي شِئ حَسَنْ جِدّاً Chreostats أي وَدَاعَة وَلُطْف .. أي غِير مُؤذِي وَلكِنُّه لاَ يُقَدِّم عَمَل إِيجَابِي .
iii.صَلاَحٌ بِاليُونَانِيَّة Agathos " أغَاثُوس " .. أي صَلاَحٌ مُطْلَقٌ .. خِير إِيجَابِي .. عَطَاء بِلاَ حُدُودٌ لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى الطَرَفْ الآخَر .. الكِنِيسَة أطْلَقِتْ عَلَى الْمَسِيح " صَالِحٌ " أي " أغَاثُوس " .. أي الخِير الإِيجَابِي الَّذِي لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى الطَرَفْ الآخَر .. أي الله الَّذِي يُعْطِي المُلْحِدِينْ المُنْكِرِينْ وُجُودُه خِير وَصِحَّة وَطَبِيعَة وَ .....
قَدْ نَقُول لَهُ يَا الله هؤُلاَء المُلْحِدِينْ لاَ تُعْطِيهُمْ خِير لأِنَّهُمْ مُنْكِرُوك .. يَقُول لَنَا هذَا بِالنِّسْبَة لَكُمْ لأِنَّ صَلاَحَكُمْ صَلاَحٌ نِسْبِي يَتَوَقَفْ عَلَى الطَرَفْ الآخَر لكِنْ صَلاَحِي أنَا صَلاَحٌ مُطْلَقٌ .. لِذلِك الكِنِيسَة تَجْعَلْنَا نَتَكَلَّمْ عَنْ يَسُوع عَلَى أنَّهُ مُخَلِّص صَالِحٌ .. أنْتَ يَا الله صَالِحٌ تُشْرِق شَمْسَك عَلَى الأبْرَار وَالأشْرَار وَتَغْفِر لَنَا خَطَايَانَا .. حَتَّى عُقُوبْتَك تَكُون مِنْ أجْل النَّجَاة وَالخَلاَص .. لِذلِك إِرَادِة الله صَالِحَة أي الله لاَ يَتَعَامَلْ مَعَنَا بِحَسَبْ خَطَايَانَا بَلْ عِنْدُه العَطَاء الإِيجَابِي وَالخِير الإِيجَابِي صَالِحٌ فِي اللُغَة الإِنْجِلِيزِيَّة تَعْنِي Active goodness أي الصَّلاَحٌ العَمَّال أوْ الحَسَنْ .. مَشِيئَة الله صَالِحَة .. مَشِيئِة الله مَعْرُوفَة مِنْ صَلاَحْهَا بِهَا الشِئ الَّذِي يُحَاوِل الله أنْ يَسْعِدَك بِهِ وَيُنْقِذَك دُونَ أنْ يَتَوَقَفْ عَلَى حَال خَطِيِتَك .. الله يُعْطِيك يَنَابِيعْ الفَرَح رَغْم أنَّك خَاطِئ لكِنُّه مِنْ صَلاَحُه يُعْطِينَا مَا هُوَ خَيْر لَنَا وَيُسَدِّدٌ كُلَّ إِحْتِيَاجَاتَنَا حَتَّى فِي الأُمور الَّتِي لاَ نَسْألُه فِيهَا لكِنُّه يُعْطِيهَا لَنَا .. إِنْ كَانَتْ الأُم تَهْتَمْ بِإِحْتِيَاجَات طِفْلَهَا رَغْم عَدَم مَعْرِفَتُه لِلنُطْقٌ لأِنَّهَا تُحِبُّه فَكَمْ يَكُون الله مَعَنَا .
ب/ مَرْضِيَّة :
أي لاَ يَقْبَلْ فَقَطْ بَلْ يَرْضَى بِهَا .. " مَرْضِيَّة " هِيَ كَمَال القَبُول .. تُعْطِينَا قَبُول مَشِيئِة الله وَتُعْطِينَا دَرَجِة قَنَاعَة وَقَبُول الَّتِي لاَ نَحْتَاج بَعْدَهَا شِئ .. مَشِيئِة الله مُفْرِحَة جِدّاً لأِقْصَى دَرَجَات القَبُول .. مِثَال لِذلِك إِنْسَان يَسْتَذْكِر دُرُوسُه وَيَشْتَاقٌ لِدُخُول كُلِيَّة مُعَيَّنَة وَعِنْدَمَا يَلْتَحِقٌ بِهَا تَجِدُه رَاضِي جِدّاً لكِنْ إِنْ إِلْتَحَق بِكُلِيَّة أُخْرَى لَيْسَتْ حَسَبْ إِشْتِيَاقُه تِسْألُه هَلْ إِنْتَ رَاضِي ؟ يُجِيبْ تَقْرِيباً .. أي رِضَى غِير كَامِل مَشِيئِة الله تُعْطِي رِضَى كَامِل وَفَرَح كَامِل .. مَشِيئِة الإِنْسَان أحْيَاناً تَكُون عَاجِزَة عَنْ أنْ تُفَرِّح الإِنْسَان فَتَجِدُه غِير رَاضِي عَنْ حَيَاتُه .. لكِنْ مَشِيئِة الله تُشْبِعْ كُلَّ رَغَبَات الإِنْسَان العَمِيقَة لِذلِك قُلْ لله لاَ تَتْرُكْنِي وَمَشِيئِة نَفْسِي صَعْب عَلَى الإِنْسَان أنْ يُرْضِي نَفْسُه وَرَغَبَاتُه كُلَّهَا فِي وَقْت وَاحِدٌ .. لكِنْ مَشِيئِة الله مَرْضِيَّة وَتُعْطِي قَبُول كَامِلْ حَتَّى وَإِنْ كَانْ شَكْلَهَا صَعْب القَبُول .. مَثَلاً لَوْ مَرَض أوْ صَلِيبْ لَوْ أيْقَنْت أنَّهَا مَشِيئِة الله سَتَجِدٌ نَفْسَك تَرْضَى رِضَى كَامِلْ .. تُعْطِي شَبَعْ كَامِلْ وَاكْتِفَاء .. مَشِيئِة الله تُشْبِعْ كُلَّ الإِحْتِيَاجَات حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ فِي ألَمْ أوْ تَجْرُبَة أوْ مَرَض .. لِذلِك الإِنْسَان الغِير رَاضِي يَكُون دَائِماً غِير رَاضِي عَنْ حَالُه وَغِير قَانِعْ بِمَشِيئِة الله وَهذِهِ سِمِة هذَا العَصْر أنَّ الإِنْسَان دَائِماً مُتَذَمِر وَغِير رَاضِي لاَ عَنْ عَمَلُه وَلاَ عَنْ دِرَاسْتُه وَلاَ إِرْتِبَاطُه وَلاَ فِي حَالِة عَدَم العَمَل أوْ .... عَدَم الرِّضَى مِنْ سِمَات عَمَلْ عَدُو الخِير فِي الإِنْسَان أنْ يَجْعَلُه غِير رَاضِي .. إِرَادِة الله صَالِحَة مَرْضِيَّة تُعْطِي الإِنْسَان سَعَادَة وَلاَ يَشْعُر بِفَشَلْ أوْ عَجْز بَلْ رَاضِي حَتَّى بِآلاَمُه .. الإِنْسَان يِرْضَى وَيِشْبَعْ لَمَّا يُشْعُر إِنْ حَيَاتُه خَاضِعَة لله وَعِنْدَمَا يَشْعُر أنَّ الله مُشْتَرِك مَعَهُ فِي كُلَّ الأُمور .الرِّضَى مِنْ سِمَات الفِرْدُوس .. عِنْدَمَا كَانَ آدَم وَحَوَّاء فِي الفِرْدُوس كَانَا فِي رِضَى كَامِلْ وَعَدَم إِحْتِيَاجٌ .. لكِنْ مِنْ ثَمَر الخَطِيَّة فُقْدَانْ الرِّضَى وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ الأَشْبَالُ احْتَاجَتْ وَجَاعَتْ وَأَمَّا طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ ﴾ ( مز 34 : 10) .. مُجَرَّدٌ أنْ تَعْرِفْ أنَّكَ غِير رَاضِي تِعْرَفْ إِنَّك بِعِيد عَنْ الله .. إِرْضَى لأِنَّ الرِّضَى يُعْطِي قَبُول وَالقَبُول يَجْلِبْ شُكْر وَإِيمَان أنَّ الله جَعَلَك فِي هذَا الوَقْت وَهذِهِ الظُرُوفْ لِخِيرَك .. مَشِيئَة الله مَرْضِيَّة لِدَرَجِة كَمَال القَبُول وَالإِقْتِنَاع .
ج/ كَامِلَة :-
أي لاَ يَنْظُر لِجُزْء وَيَتْرُك جُزْء .. أوْ يُشْبِعْ جُزْء وَيَتْرُك جُزْء .. أوْ يُشْبِعْ الرُّوحِيَات وَيَتْرُك الأرْضِيَات أوْ الجَسَدِيَات .. أي لاَ تُعْطِي أوْ تُسَبِّبْ عَجْز فِي أي نُوع .. لِذلِك لِنُؤمِنْ بِإِرَادِة الله فِي حَيَاتْنَا إِنَّهَا كَامِلَة مُتَكَامِلَة .
د/ مُبَارَكَة :-
مَشِيئَة الله تَجْلِبْ بَرَكَة فِي حَيَاة الإِنْسَان وَتُعْطِيه نُمُو وَتُزِيدْ نُمُوه الرُّوحِي وَإِنْسِكَاب النِّعْمَة وَتُزِيدْ أيْضاً عَمَلْ الرُّوح وَتَوَدُّدٌ الإِنْسَان لِلرُّوح القُدُس .. لأِنَّ التَمَرُّدٌ يِبْعِد عَنْ الله وَالإِقْتِرَاب لله يُعْطِي بَرَكَة لأِنَّ الَّذِي يُشْغِل الله دَائِماً فِي إِرَادَتُه بِالنِّسْبَة لَنَا هُوَ خَلاَص نِفُوسْنَا وَاقْتِرَابْنَا إِلِيه .. لِذلِك لِنَعْرِفْ أنَّ مَشِيئَة الله بِالنِّسْبَة لَنَا مُبَارَكَة تُزِيدْ نُمُوِنَا الرُّوحِي .. لِذلِك لَيْتَكَ تَعْرِفْ أنَّ كُلَّ ظُرُوفْ حَيَاتَك هِيَ بِسَمَاح مِنْ الله لِجَلْب البَرَكَة لأِنَّهَا مِنْ الله .. لِذلِك عِنْدَمَا يُعْرَض عَلِيك أمر إِرْتِبَاطْ أوْ سَفَر أوْ أي شِئ تَضَرَّع لله وَمِنْ عَلاَمَات مَشِيئِة الله أنَّهَا تَكُون مَرْضِيَّة .. صَالِحَة .. كَامِلَة .. مُبَارَكَة ضَعْ حَيَاتَك تَحْت الله وَاخْضَعْ لَهُ .. جَيِّدٌ أنْ تُسَلِّمْ لَهُ حَيَاتَك وَتَقُول لَهُ ﴿ أُقَدِّمُ لَك يَا سَيِّدِي مَشُورَات حُرِّيَتِي ﴾ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن قَبْل رُشُومَات الخُبْز فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .
2/ قَنَوَات مَشِيئِة الله :-
أرْبَعِة قَنَوَات مُتَفِقِينْ فِي الرَأي مُكَمِلِينْ بَعْضَهُمْ هُمْ:-
أ/ كَلِمَة الله :-
كَلِمَة الله هِيَ الإِنْجِيل .. هَلْ تُرِيدْ أنْ تَعْرِفْ إِنْ كَانَ طَرِيقَك صَحِيح أم لاَ ؟ سَتَجِدٌ الإِنْجِيل يُؤيِدْ وَيَسْنِدٌ .. ﴿ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ ﴾ ( أف 3 : 16) .. الإِنْجِيل يُعَزِّيك وَيَقُول لَك لاَ تَخَفْ أنْتَ تَسِير فِي الطَّرِيقٌ الصَّحِيح .. إِنْ رَفَضْت عَمَلْ فَهذَا مَوْقِفْ فِي الكِتَاب وَهذِهِ آيَة تُثَبِّتَك .. كَلِمَة الله تُؤيِدَك فِي مَشُورِة الله لِذلِك قَالَ القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيِّ الفَمْ ﴿ إِنَّ الجَهْل بِالكِتَاب المُقَدَّس هُوَ عِلِّة جَمِيع الشُّرُور ﴾ .. وَالكِتَاب يَقُول ﴿ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ ﴾ ( 2تي 3 : 15) .. ﴿ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي ﴾( مز 119 : 105) .. مَا أجْمَلٌ أنْ ألْتَمِس مَشِيئَتُة فِي كِتَابُه لكِنْ لَيْسَ بِطَرِيقَة عَشْوَائِيَّة بَلْ مِنْ خِلاَل القِرَاءَة المُنْتَظِمَة فَتَجِدٌ آيَة تِسْنِدَك أوْ تُوقِظَك أوْمَثَلاً إِنْسَان لَهُ إِشْتِيَاقَات الرَّهْبَنَة نَقُول لَهُ إِكْتِبْ آيَات تَسْتَوْقِفَك فِي الكِتَاب وَاكْتُب فِيهَا تَأمُّلْ إِنْ كَانَ إِنْسَان مَعْرُوض عَلِيه هِجْرَة نِقُول لُه إِقْرَأ سِفْر مُعَيَّنْ مَثَلاً سِفْر التَّكْوِين كُلُّه هِجْرَة .. إِبْرَاهِيم .. إِسْحَق .. نُوح .. يُوسِف .. كُلُّه تَغْيِير حَرَكَات وَإِكْتِبْ تَأمُّلَك عَلِيه سَتَجِدٌ أنَّ الله أعْطَاك عَلاَمَات وَأيِّدَك بِشَكْل تَغْيِير أوْ تَثْبيتْ وِجْهِة نَظَرَك .. إِنْ تَحَرَّك الإِنْسَان بِفِكْر الإِنْجِيل نِطْمَئِنْ عَلِيه لكِنْ لَوْ بِفِكْرُه الخَاص أوْ تَقْلِيد شَخْص آخَر يِكُون الأمر نَذْوَه حَتَّى وَإِنْ كَانْ رَهْبَنَة .. لِذلِك الكِتَاب يِقُول﴿ فَتِّشُوا الْكُتُبَ﴾ ( يو 5 : 39 ) .. ﴿ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ ﴾النَّفْس المُدَرَبَة تِعْرَفْ المَشُورَة مِنْ خِلاَل الإِنْجِيل .. تَجِدٌ فِي السِنِكْسَار مَثَلاً إِنْسَان دَخَلْ الكِنِيسَة وَسِمِعْ القِرَاءَات وَاسْتَرَاح لَهَا .. أُدْخُلْ الكِنِيسَة وَاسْمَعْ كَلِمَة الله تَسْتَرِيح لَهَا فِي جِهَادَك أوْ قَنَاة لِمَعْرِفِة مَشِيئِة الله .. لِذلِك نَجِدٌ أنْفُسْنَا مُخْتَلِفِينْ .. وَاحِدٌ يَقْرَأ الإِنْجِيل تَسْتَوْقِفُه آيَة لِلتَّعْزِيَة .. وَآخَر آيَة لِلحُزْن .. وَآخَر آيَة لِلجِهَادٌ .. وَآخَر لِلخِدْمَة .. الإِنْجِيل رِسَالِة الله لَكَ أنْتَ .. جَيِّدٌ هُوَ مَنْ يَتَعَزَّى بِهَا .
ب/ رُوح الصَّلاَة :-
أي لاَ تَعْمَلْ عَمَلْ وَلاَ تَخْطُو خَطْوَة فِي حَيَاتَك بِدُون صَلاَة أُطْلُبْ فِي صَلاَتَك مَشِيئِة الله فِي حَيَاتَك .. قُلْ لَهُ يَا الله لاَ تَجْعَلْنِي أعَانِدْ وَاعْطِنِي أنْ أفْعَل مَشِيئتَك قُلْ لَهُ أيْضاً تَكَلَّمْ يَارَبَّ فَإِنَّ عَبْدَك سَامِعٌ ( 1صم 3 : 9 ) مِنْ خِلاَل خُضُوعَك لَهُ فِي الصَّلاَة سَتَعْرِفْ مَشِيئَتُة .. هُنَاك مَشِيئَة خَاصَّة وَكَمَا يَقُول الكِتَاب﴿ وَلَمْ يَسْأَلْ مِنَ الرَّبِّ ﴾ ( 1أخ 10 : 14) .. هذِهِ المَشِيئَة الخَاصَّة تَأتِي مِنْ إِنْسَان لاَ يُصَلِّي .. لاَ .. أرْجُوك أي فِكْرَة تَأتِيك فَكَّر فِيهَا هَلْ تُوَافِقٌ مَشِيئِة الله أم لاَ ؟ .. صُوْت الله صُوْت هَادِي وَدِيعْ يُحَرِّك النَّفْس الدَّاخِلِيَّة وَيُعْطِي قَبُول وَقَنَاعَة أرْمِيَا النَّبِي أخَذَ عَهْد عَلَى نَفْسُه أنْ لاَ يَتَكَلَّمْ مَعَ النَّاس عَنْ الله لأِنَّهُمْ لاَ يَسْتَجِيبُون وَقَالَ﴿ فَقُلْتُ لاَ أَذْكُرُهُ وَلاَ أَنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ ﴾ ( أر 20 : 9 ) .. لكِنُّه لَمْ يَحْتَمِل أنْ يَصْمُتْ وَتَغَيَّر بَعْدَهَا قَلْبُه فَقَالَ ﴿ قَدْ أَقْنَعْتَنِي يَارَبُّ فَاقْتَنَعْتُ وَأَلْحَحْتَ عَلَيَّ فَغَلَبْتَ ﴾ ( أر 20 : 7 ) .. أنَا لَمْ أصْمُتْ عَنْ الحَدِيث عَنْ وَالْدِي أوْ وَالْدِتِي أوْ صَدِيقِي .. لاَ .. بَلْ إِلهِي الَّذِي ﴿ فَقُلْتُ لاَ أَذْكُرُهُ وَلاَ أَنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ ..... ﴾ ( أر 20 : 9 ) .. إِسْمُه يِلْهِبْ قَلْبِي .. هذَا الأمر يَحْدُث مِنْ الصَّلاَة لِذلِك إِلْتَمِس إِرَادِة الله مِنْ خِلاَل كَلِمَتُه وَرُوح الصَّلاَة الَّتِي تُعْطِي فَهْم وَوَعْي .. الله كَانَ يُكَلِّمْ إِيلِيَّا النَّبِي بِصُوتٍ مُنْخَفِضٌ ( 1مل 19 : 12) .. كُلَّمَا خَضَعْت لله كُلَّمَا سَمَعْت صُوتُه يُكَلِّمْنِي .. إِحْذَرٌ المَشُورَة الذَّاتِيَّة .. إِحْذَرٌ أنْ تَأتِي مِنْ نَفْسَك وَمَشُورَتَك بَلْ أُطْلُبْ رَأي الله .. زِدٌ إِلْحَاحَك عَلَى الله أنْ يُعْطِيك تَأيِيدْ لإِرَادَتِهِ وَسَمَاع صَوْتُه .
ج/ الشِّهَادَة الدَّاخِلِيَّة :-
أي تُشْعُر بِسَلاَمٌ وَرِضَى وَفَرَح شَدِيد جِدّاً إِتِجَاه عَمَلٍ مَا .. هذِهِ عَلاَمَة أكِيدَة أنَّ ضَمِير الإِنْسَان وَقَلْبُه الَّذِي يَسْكُنْ فِيهِ الله يَكُون رَاضِي وَشَاكِر .. يَشُوع إِبْن سِيرَاخ يَقُول ﴿ وَاعْقِدٌ الْمَشُورَة مَعَ الْقَلْب فَأنَّهُ لَيْسَ لَكَ مُشِيراً أنْصَحٌ مِنْهُ ﴾ ( سِيرَاخٌ 37 : 17) .. لَيْسَ أي قَلْب تَأخُذْ بِمَشُورَتُه بَلْ القَلْب المُصَلِّي الَّذِي يَعْرِفْ صُوْت الله .. ﴿ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ ﴾( 1كو 2 : 11) .. لِذلِك نُرِيدْ أنْ نَثِقٌ فِيكُمْ فِي هذَا الأمر وَنَسْأل هَلْ أنْتَ مُسْتَرِيح بَعْد الصَّلاَة ؟هَلْ سِمِعْت مَا يُرِيح قَلْبَك ؟ الَّذِي يَقُودُه الله فِي حَيَاتُه يُعْطِيه الله رِضَى كَامِلْ .. أبُونَا آدَم عِنْدَمَا كَانَ يُكَلِّمُه الله فِي الجَنَّة كَانَ يَسْتَرِيح .. كذَلِك كَانَ نُوح وَإِبْرَاهِيم .. كَانَ الله يَقُول لإِبْرَاهِيم﴿ لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ أَنَا تُرْسٌ لَكَ ﴾ ( تك 15 : 1) .. وَقَالَ الله عَنْ مُوسَى النَّبِي ﴿ فَماً إِلَى فَمٍ وَعِيَاناً أَتَكَلَّمُ لاَ بِالأَلْغَازِ ﴾ ( عد 12 : 8 ) .. أي كَانَ يُكَلِّمُه كَلاَمٌ مُبَاشِر وَلَيْسَ بِالرُؤْيَا الله الَّذِي إِسْتَقَرَ دَاخِلْنَا وَسَكَنْ يُكَلِّمْنَا دَاخِلْنَا فَنَجِدٌ العَقْل مُقْتَنِعْ وَالقَلْب فَرْحَان .. إِنْ أرَدْت أنْ تَعْرِفْ مَشُورِة الله إِسْأل قَلْبَك هَلْ أنْتَ فِي فَرَح وَرِضَى ؟ هَلْ عَقْلَك رَاضِي ؟ .. نَحْنُ الآنْ فِي عَصْر النِّعْمَة وَلَنَا إِمْتِيَاز أنَّ الله يُكَلِّمْنَا فِي قُلُوبْنَا مُبَاشَرَةً .. قَدْ تَظْهَر الأُمور أمَام الإِنْسَان جَيِّدَة لكِنْ نَسْمَعْ مِنْهُ أنَّهُ غِير مُسْتَرِيح لِلأمر .. هذِهِ شِهَادَة دَاخِلِيَّة هُنَاك إِنْسَان بَعِيد عَنْ الله تَجِدُه يَسْأل مَاذَا أفْعَل وَلاَ يَسْأل نَفْسُه إِنْ كَانْ مُسْتَرِيح لِلأمر أم لاَ وَلاَ يُصَلِّي وَلاَ يَقْرأ إِنْجِيلُه بَلْ يَسْأل غَيْرُه لأِنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُرِيح نَفْسُه وَيُلْقِي بِالمَسْئُولِيَة عَلَى الآخَرِينْ .. لأِنَّ لَيْسَ لَهُ عِشْرَة مَعَ الله وَبِذلِك لاَ يَعْرِفْ مَشِيئِة الله .. لِيَكُنْ لَكَ طِلْبَة وَتَضَرُّع وَفَهْم وَوَعْي لِتَسْأل مَشِيئِة الله .. صُوْت الله دَاخِلَك لاَبُدْ أنْ تكُون قَدْ تَدَرَبْت عَلَى سَمَاعُه .. هُوَ لَيْسَ بِبَعِيد عَنَّك .. هُوَ فِي أعْمَاقَك لِذلِك الشِّهَادَة الدَّاخِلِيَّة مُهِمَّة جِدّاً .. لِذلِك لاَبُدْ أنْ تَشْعُر بِرِضَى وَقَنَاعَة بِطَرِيقُة حَتَّى وَإِنْ كَانْ الطَّرِيقٌ فُرِض عَلِيك لكِنْ الله يِفَرَّحَك بِهِ وَيَعِدَك أنْ يَكُون مَعَك .
د/ الإِرْشَادٌ الرُّوحِي :-
إِنْسَان قَرَأ الإِنْجِيل وَسِمِعْ كَلِمَات وَصَلَّى وَإِطْمَأنْ قَلْبُه .. الآنْ نَأتِي لِلإِرْشَادٌ الرُّوحِي .. أي عَرَض كُلَّ هذِهِ الأُمور عَلَى أب الإِعْتِرَاف .. إِعْرِض عَلِيه مِنْ أيْنَ أتَتْ لَك الفِكْرَة وَمَاذَا قَالَ الإِنْجِيل وَهَلْ إِسْتَرَحْت بَعْد الصَّلاَة وَمَا هِيَ شِهَادِة قَلْبَك ؟ .. وَالمَقَاصِدٌ تَثْبُتْ بِالمَشُورَة .. عِنْدَمَا تَخْضَعْ لِلإِنْجِيل تَكُون قَدْ خَضَعْت لِفِكْرُه لأِنَّهُ إِسْتَوْدَع فِكْرُه فِي الإِنْجِيل وَبِذلِك يَكُون فِكْرَك قَدْ خَضَعَ لِفِكْرُه .. إِنْ كَانَ الله قَدْ وَضَعَ فِكْرُه فِي الإِنْجِيل لكِنُّه إِسْتَأمِنْ الكِنِيسَة عَلَى إِنْجِيلُه لِذلِك رَاجِعْ فِكْرَك عَلَى الكِنِيسَة وَكَأنَّك تُقَدِّم تَقْرِير كَامِل بِالأمر وَتِعْرَفْ إِنْ كَانْ الأمر مُرِيح أم لاَ .. إِعْرِض فِكْرَك عَلَى الكِنِيسَة وَإِسْأل لِذلِك قَالَ الكِتَاب ﴿ أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ ﴾ ( عب 13 : 17) .. وَقَالَ أيْضاً ﴿ مَنْ عَاشَ بِلاَ مُدَبِرلاَ تَكُون لَهُ سَلاَمَة ﴾ الآبَاء يُرَاجِعُون رَأي الإِنْجِيل وَرُوح الصَّلاَة وَإِمَّا يُؤيِدَك أوْ يُعْطِيك أنْ تِدْرِس الأمر مَرَّة أُخْرَى لكِنْ لاَ يَصِح أنْ تَعْرِض أمر وَتَتْرُكُه فِي يَدْ أحَدٌ آخَر لِيُصَلِّي عَنَّك وَيَعْرِفْ رَأي الإِنْجِيل وَيُعْطِيك فِي النِّهَايَة المَشُورَة .. هذَا أمر إِنْتَشَر نَتِيجِة عَدَم الوَعْي الرُّوحِي لأِنَّهُ هذَا الأمر لاَيَتَفِقٌ مَعَ فِكْر الكِنِيسَة وَيُعَطِّل مَشِيئِة الله وَيُغَذِّي الإِبْتِعَادٌ عَنْ الله .. الإِنْسَان عَنْدُه إِنْجِيلُه وَعَنْدُه رُوح صَلاَة وَالشِّهَادَة الدَّاخِلِيَّة فَلاَ يَتَرَدَّدٌ .. لِذلِك رَاجِعْ فِكْرَك مَعَ أب إِعْتِرَافَك وَإِخْضَعْ لَهُ وَالله يُعْطِي القَرِيبِينْ لَهُ رُوح مَشُورَة وَوَدَاعَة بُولِس الرَّسُول بِوَدَاعْتُه رَاجِعْ مَنْهَجُه وَكِرَازْتُه وَطَلَبْ مَشُورِة المُعْتَبِرِينْ أعْمِدَة فِي الكِنِيسَة رَغْم أنَّهُ مُسَاوِي لَهُمْ ( غل 2 : 9 ) .جَيِّدٌ أنْ يَكُون عِنْدَك رُوح وَدَاعَة وَإِتِضَاع وَتُحِبْ أنْ تَسْمَعْ المَشُورَة وَلاَ تَكْتَفِي بِذَاتَك .. الأعْمَى يَكْتَفِي بِمَشُورِة ذَاتُه .. إِعْرِض الأمر بِكُلَّ أمَانَة وَاخْضَعْ لكِنْ بَعْد أنْ تَكُون قَدْ عَرَفْت الإِنْجِيل وَرُوح الصَّلاَة وَالشِّهَادَة الدَّاخِلِيَّة رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 1646

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل