تقديس الفكر

Large image

يَقُول مُعَلِّمْنَا مَارِبُولِس الرَّسُول فِي رِسَالْتُه إِلَى أهْل فِيلِبِّي ﴿ أَخِيراً أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا ﴾ ( في 4 : 8 ) .. مِنْ أخْطَر المَجَالاَت لِصِرَاع الإِنْسَان مَعَ عَدُو الخِير هُوَ مَجَال الفِكْر حَتَّى أنَّنَا لَوْ أرَدْنَا أنْ نِعْرَفْ مَنْ هُوَ الشَّيْطَان فِي صِرَاعُه مَعَ الإِنْسَان نَقُول هُوَ قُوَّى عَقْلِيَّة .. مِيدَان حَرْبُه مَعَ الإِنْسَان هُوَ الفِكْر فَصَارَ الإِنْسَان حَيَاتُه كُلَّهَا مَبْنِيَّة عَلَى أفْكَاروَصَارَ تَقْدِيس الفِكْر هُوَ مَدْخَل لِتَقْدِيس الكَيَان .. وَكَأنَّ بُولِس الرَّسُول يَقُول لَنَا فَكَّرُوا فِيمَا أقُولُه :-
1/ كُلَّ مَا هُوَ حَقٌّ 2/ كُلَّ مَا هُوَ جَلِيلٌ 3/ كُلَّ مَا هُوَ عَادِلٌ
4/ كُلَّ مَا هُوَ طَاهِرٌ 5/ كُلَّ مَا هُوَ مُسِرٌّ 6/ كُلَّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ
وَإِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ فَفِي هذِهِ إِفْتَكِرُوا .. بُولِس الرَّسُول أرَادَ لَنَا تَقْدِيس الفِكْر كُلُّه لِذلِك هُنَاك :-

(1) خُطُورِة الأفْكَار :-
أي شِئ يَفْعَلُه الإِنْسَان بِدَايَتُه فِكْرَة .. إِنْ أرَادَ الإِنْسَان أنْ يُصَلِّي فَهذِهِ فِكْرَة .. وَإِنْ أرَادَ أنْ يُسَامِح فَهذِهِ فِكْرَة .. بِدَايِة الحُرُوب كُلَّهَا أفْكَار .. كُون إِنْسَان يَكُون لَدَيْهِ إِحْسَاس أنَّ الكُلَّ أفْضَل مِنْهُ فَيِسْرَق هذَا الأمر بِدَايَتُه فِكْرَة .. آخَر يَعْتَبِر الغِنَى غِنَى عَقْل وَقَلْب فَلاَ يِسْرَق وَهذَا أيْضاً بِدَايَتُه فِكْرَة الأخْطَاء وَالفَضَائِل بِدَايِتْهَا فِكْرَة .. الحَيَاة كُلَّهَا أفْكَار .. حَوَّاء سَقَطِتْ بِفِكْرَة .. ﴿ أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ ﴾ ( تك 3 : 1) .. وَبَدَأت تَتَفَاوَض مَعَ الفِكْرَة فَسَقَطَتْ .. أسَاس تَعَبْ الإِنْسَان فِكْرُه لِذلِك هُنَاك خَطَايَا كَثِيرَة يُحَاسِبْنَا عَنْهَا الله لَمْ نَفْعَلْهَا لكِنْ سَقَطْنَا فِيهَا بِفِكْرِنَا لِذلِك الأفْكَار هِيَ أسَاس الأفْعَال وَمَنْبَع السُلُوك وَبِدَايِة أي سُقُوط .. الشَّهْوَة أسَاسْهَا فِكْرَة .. الغَضَبْ .. مَحَبِّة المَال كُلَّهَا أسَاسْهَا فِكْرَة .. لِذلِك رَاجِعْ نَفْسَك مَا هِيَ مُحَصِّلِة الأفْكَار الَّتِي دَاخِلَك .. هُنَاك أجْهِزِة رَسْم مُخ لِمَعْرِفِة كَفَاءِة المُخ وَقُدْرِتُه وَشُحْنَاتُه وَقَدْ يَتَطَوَر العِلْم وَتَظْهَر أجْهِزَة تَكْشِفْ أفْكَار الإِنْسَان .. تَخَيَّل لَوْ عَلَمْ أحَدٌ فِكْرَك هَلْ سَتَكُون كَقَوْل بُولِس الرَّسُول فِكْرَك فِي كُلَّ مَا هُوَ عَادِلٌ وَحَقٌّ وَطَاهِرٌ وَ ...... ؟ الأفْكَار أسَاس جَوْهَر الإِنْسَان وَمَتَى تَقَدَّسَتْ الأفْكَار تَقَدَّسَت الأفْعَال وَالحَوَاس .. عِنْدَمَا يُرِيد إِنْسَان إِقْنَاع شَخْص آخَر يَقْنِعُه بِفِكْرُه .. قَدْ يَقُول لَهُ لاَ يَلِيقٌ أنْ يَكُون هُنَاك غَنِي وَآخَر فَقِير لِذلِك إِسْرَق لِتُحَقِّقٌ عَدَالَة إِجْتِمَاعِيَّة .. هذِهِ فِكْرَة .. مِثَال مَبْدأ ﴿ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً للهِ ﴾( يو 16 : 2 ) .. فِكْرَة قَدْ يَقْتُل بِهَا وَلاَ يَتَخَيَّل أنَّهُ يَفْعَل شِئ خَطَأ أسَاس أي عَمَل فِكْرَة .. الإِرْهَاب أسَاسُه فِكْرَة يَقُول هُنَاك أعْدَاء لَنَا وَلِحَضَارَتْنَا لِذلِك نِجَهِز لَهُمْ وَنُدَمِرَهُمْ وَيِوْصَل الشَّخْص لِدَرَجِة الإِنْتِحَار وَكَأنَّهُ إِسْتِشْهَادٌ – فِكْرَة – هُنَاك مَوَاقِعْ عَلَى الإِنْتَرْنِتْ تَبِث كُرْه فِي الشَّبَاب حَتَّى يَجْعَلُه يُقْدِم عَلَى فِكْرَة جَلِيلَة كَمَا يَتَخَيَّل وَيُفَجِّر نَفْسُه أوْ يَضَعْ قُنْبِلَة فِي مَكَانٍ مَا .. هذَا حَدَث مَعَ شَاب مُعْتَدِل فَجَّر نَفْسُه وَبَحَثُوا فِي أمْرُه وَوَجَدُوا أنَّهُ جَلَس إِلَى النِتْ وَاسْتَجَابَ لِهذِهِ الأفْكَار – فِكْرَة – يُوْجَدٌ مَثَل صِينِي يَقُول ﴿ أُحْصُدٌ فِكْرَة تُحْصُدٌ عَمَل ﴾ .. أي أنَّ أي فِكْرَة يَكُون نِتَاجْهَا عَمَل .. وَعَمَل + عَمَل + عَمَل تُحْصُدٌ عَادَة وَمِنْ العَادَات تُحْصُدٌ سُلُوك وَمِنْ مَجْمُوع سُلُوكِيَات تُحْصُدٌ أخْلاَقٌ وَمِنْ الأخْلاَقٌ يَتَحَدَّد المَصِير الأبَدِي .
إِذاً أسَاس مَصِيرِي فِكْرَة لِذلِك الأفْكَار خَطِيرَة جِدّاً .. قَدْ يُخْطِئ إِنْسَان تَحْت بَنْد فِكْرَة .. أي قَدْ يَقُول شَخْص قَدْ تَأخَرْت فِي الإِرْتِبَاط فَتَسْألُه وَمَاذَا تُرِيد ؟ يَقُول أي لِي العُذْر لأِنِّي تَأخَرْت لأِنِّي بِلاَ إِمْكَانِيَات .. تِسْألُه هَلْ هذَا الأمر يُصَرَّح لَك بِالخَطَأ ؟ .. هذَا فِكْر خَاطِئ لِذلِك رَاجِعْ نَفْسَك دَائِماً لِتَعْرِفْ مَاذَا يَدْخُل مِنْ أفْكَار إِلَيْكَ لأِنَّ الأفْكَار لَهَا صِفِة الخِدَاع .. لِذلِك عِنْدَمَا أرَادَ السَيِّد الْمَسِيح أنْ يَجْعَلْنَا نَعِيش عَلَى مُسْتَوَى الفَضَائِل تَكَلَّمْ مَعَنَا عَلَى مُسْتَوَى الأفْكَار الدَّاخِلِيَّة وَقَالَ مَثَلاً كُلّ مَنْ نَظَرَ إِلَى إِمْرَأة لِيَشْتَهِيهَا ( مت 5 : 28 ) .. وَعَدُو الخِير مَاكِر فِي خِدَاع الإِنْسَان وَعِنْدَمَا يَزْرَع فِكْرَة يَقُول لِلإِنْسَان لأِنَّكَ مَضْغُوطٌ أوْ لِمُجَرَّدٌ التَّجْرُبَة وَيَقُول لآخَر لأِنَّكَ مُنْغَلِقٌ وَيَجِبْ أنْ تَنْفَتِح عَلَى كُلَّ مَا حَوْلَك وَ ..... وَبِخِدَاع يِزْرَع فِكْرَة دَاخِل الإِنْسَان لِيَقْبَلْهَا وَيُغَيِّر سُلُوكُه .. لِذلِك إِنْتَبِه لأِفْكَارَك وَرَاجِعْهَا مَرْحَلِة الأفْكَار تَحْتَاجٌ يَقَظَة وَلاَ تَنْتَظِر إِلَى أنْ تَتَحَوَّل إِلَى عَمَل ثُمَّ سُلُوك دُونَ أنْ تَدْرِي .. عَدُِو الخِير يَضَعْ السِّم فِي العَسَل تَحْت بَنْد الخِدَاع لِتَقْبَل أفْكَارُه إِنْ كَانَتْ مَرْفُوضَة مَوْضُوعاً يَجْعَلْهَا تُقْبَل شَكْلاً .. لاَبُدْ أنْ تُرَاجِعْ أفْكَارَك وَلاَ تَخْضَعْ لأِي فِكْر يَأتِي إِلِيك .
(2) طُرُقٌ عَمَلِيَّة لِتَقْدِيس الفِكْر :-
(أ) فَكَّر فِي أُمور مُقَدَّسَة :-
دَائِماً يُشَبِّه الأبَاء العَقْل بِمَطْحَنَة وَيَقُول الأبَاء لاَبُد لِلعَقْل أنْ يَطْحَنْ دَائِماً أُمور مُقَدَّسَة .. يِطْحَنْ كُلَّ مَا هُوَ حَقٌّ وَكُلَّ مَا هُوَ جَلِيلٌ وَعَادِلٌ وَ هذِهِ الأُمور تُنْشِئ تَيَار قَدَاسَة يَسْرِي فِي الإِنْسَان لأِنَّهُ أمَّنْ البَوَابَة أي الفِكْر وَمَدَاخِل القَلْب وَالجَسَد وَالأفْعَال لِذلِك كَيْ تَعِيش قَدَاسِة الفِكْر لاَبُد أنْ يَنْشَغِل الفِكْر بِشِئ مُقَدَّس .. آيَة مَثَلاً أوْ مَوْقِفْ مِنْ الكِتَاب المُقَدَّس وَيَطْحَنْ فِيهَا الفِكْر .. لِذلِك يَتَكَلَّمْ الأبَاء عَنْ الهَذِيذ أي شِئ يَهْتَز يَذْهَبْ وَيَجِئ فَيَمْسَح كُلَّ مَا هُوَ شِرِّير .. هكَذَا الهَذِيذ فِي الآيَات يَمْسَح مَا هُوَ شِرِّير فَيَتَنَقَى الفِكْر وَيَسْتَضِئ وَعِنْدَمَا يَسْتَضِئ الفِكْر يَرْفُض فِكْر عَدُو الخِير عِنْدَمَا يَعْرِضُه عَلِيه لأِنَّ الفِكْر مُضَاء وَأفْكَار عَدُو الخِير ظُلْمَة فَيَكُون فِكْر عَدُو الخِير وَاضِحٌ لِلعَقْل فَيَطْرُدُه .. لكِنْ إِنْ كَانَ العَقْل مُظْلِمْ ؟!! .. الظُلْمَة تُحِبْ الظُلْمَة فَيَقْبَل فِكْر عَدُو الخِير لِذلِك كَيْ تَرْتَفِعْ فَوْقَ الجَسَد لاَبُدْ أنْ تُقَدِّس أفْكَارَك إِسْرَح كَثِيراً وَاسْتَخْدِم خَيَالَك فِي الكِتَاب المُقَدَّس .. مِنْ أكْثَر القُوَى الَّتِي تُؤَثِر عَلَى الإِنْسَان الخَيَال .. الخَيَال فِي الرُّوحِيَات رَائِع وَفِي الشَّر مُدَمِر .. القِدِيس يِحْنِس القَصِير كَانَ يَجْلِس مَعَ أوْلاَدُه وَلاَ يَتَكَلَّمْ وَفِي النِّهَايَة يَقُول لَهُمْ مَنْ أعْلَى الشَّارُوبِيم أم السِّيرَافِيم ؟ مَشْغُول بِكُلَّ مَا هُوَ جَلِيلٌ وَعَادِلٌ وَمُسِرٌّ وَأفْكَار عَالِيَة بِذلِك سَتَكُون أفْعَالُه فَضِيلَة وَهذَا يُسَاعِدُه أنْ يَكْشِفْ الشَّر بِسُرْعَة .. مُجَرَّدٌ بِدَايَة لِعَدُو الخِير يَسْتَطِيعْ أنْ يَضْبُطْهَا .. لِذلِك كَيْ تَقْوَى إِرَادَتَك الرُّوحِيَّة قَدِّس فِكْرَك أحَدٌ الشَّبَاب ذَهَبَ لأِحَدٌ الأطِبَاء لأِجْرَاء عَمَلِيَّة جِرَاحِيَّة وَكَانَ مَعَهُ أصْدِقَاؤه وَلَمْ يُرِدٌ أنْ يَعْرِفْ أصْدِقَاؤه مَا يَدُور بِفِكْرُه البَاطِنْ أثْنَاء التَّخْدِير لِذلِك طَلَبْ أنْ لاَ يَكُونُوا مَعَهُ أثْنَاء يَقَظَتُه مِنْ التَّخْدِير وَكَانَ يَقُول جُزْء مِنْ القُدَّاس لأِنَّهُ كَانَ شَمَّاس أيْضاً المُتَنَيِح أبُونَا بِيشُوي كَامِل قَالَ قُدَّاس غِرِيغُورِي كَامِلٌ بِكُلَّ نَغَمَاتُه أثْنَاء إِجْرَاء جِرَاحَة .. لأِنَّ الفِكْر مُشَبَّعْ بِكُلَّ مَا هُوَ حَقٌّ وَجَلِيلٌ وَعَادِلٌ وَمُسِرٌّ .. لِذلِك أشَبَّعْ الفِكْر بِمَا هُوَ مُقَدَّس وَنَقِي حَتَّى تَعْرِفْ كَيْفَ تَطْرُدٌ الشَّر أوْ حَتَّى إِنْ أرَادَ عَدُو الخِير زَرْع أي فِكْر مُحْبَطٌ أوْ شِرِّير تَطْرُدُه .
(ب) مُقَاوَمَة الأفْكَار :-
يَقُول مَارِأفْرَآم مَبْدَأ مُهِمْ هُوَ ﴿ هَدْم لَمْح الفِكْر ﴾ سَوَاء كَانَ فِكْر حَسَد .. إِدَانَة .. شَهْوَة مُجَرَّدٌ لَمْح الفِكْر إِهْدِمُه .. كُلَّ جُزْء مِنْ الثَّانْيَة نَتْرُك فِيه فِكْر شِرِّير يَتَفَاوَض مَعَ فِكْرِنَا يُدَمِر فَمَا بَال مَنْ يَتْرُكَهُ سَاعَة !!! حِرَاسِة الفِكْر مَبْدأ مُهِمْ .. تَسَلَّح دَائِماً بِعَلاَمِة الصَّلِيب وَبِإِسْم يَسُوع وَالعَذْرَاء مَرْيَم هؤلاَء الثَّلاَثَة يَهْدِمُوا لَمْح الفِكْر .. مُجَرَّدٌ أنْ تَرْشِمْ ذَاتَك بِعَلاَمِة الصَّلِيب أوْ تُنَادِي رَبَّ المَجْد يَسُوع وَالسَيِّدَة العَذْرَاء يَدْخُل تَيَار قَدَاسَة لِلفِكْر .. – مُقَاوَمَة – .. لاَ تَتْرُك الفِكْر يِكْبَر وَيَنْمُو دَاخِلَك وَلاَ تَتَجَاوَب مَعَهُ .. لِذلِك الفِكْر مُهِمْ جِدّاً .. نَعَمْ قَدْ لاَ أسْتَطِيعْ أنْ أمْنَعْ الفِكْر الرَّدِئ أنْ يُعْرَض عَلَيَّ لكِنِّي أسْتَطِيعْ أنْ لاَ أُرَحِبْ بِهِ أوْ أتَفَاوَض مَعَهُ .. نَحْنُ نَعِيش فِي جَسَد وَضَعَفَات لكِنْ تَعَلَّمْ كَيْفَ تَحْفَظ نَفْسَك .. إِعْرِض فِكْرَك بِإِسْتِمْرَار وَلاَ تَتْرُك عَدُو الخِير يَدْخُل وَيَفْسِد فِكْرَك حَزَقِيَّا المَلِك عِنْدَمَا أرْسَل الله لَهُ أشْعِيَاء النَّبِي يَقُول لَهُ أُوصِ بَيْتَك لأِنَّكَ تَمُوت حَزَنْ وَبَكَى وَصَلَّى إِلَى الله وَتَضَرَّع فَأطَالَ الله عُمْرُه خَمْسَة عَشَر سَنَة ( 2مل 20 : 1 – 6 ؛ أش 38 : 1 – 5 ) .. وَأرْسَل مَلِك بَابِل جُيُوشُه لِيُهَنِّئ حَزَقِيَّا المَلِك لِشِفَائِهِ وَسَمَح لَهُمْ حَزَقِيَّا المَلِك أنْ يَرُوا مَدِينَتِهِ وَالهَيْكَل وَكُلَّ ذَخَائِرُه وَمَا يَرَاه الكَهَنَة فَقَطْ أرَاهُمْ إِيَّاه فِضَّة وَذَهَبْ وَ ...... ( 2مل 20 : 12 – 18) .. وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُمْ هَلْ تَرَوْن كَيْفَ كَانَ الله سَيَحْرِمْنِي مِنْ كُلَّ هذَا ؟ فَقَالَ لَهُ أشْعِيَاء النَّبِي سَيَأسِرَك نَبُوخَذْنَصَّر .. هكَذَا عَدُو الخِير يُرِيد أنْ يَسْلِبْ مِنِّي كُلَّ شِئ صَالِح .. كُلَّ مَا هُوَ جَلِيلٌ وَحَقٌّ وَعَادِلٌ وَ لَِذلِك قَاوِم الأفْكَار .
(ج) كَشْف الأفْكَار الرَّدِيئَة :-
لاَ يُوْجَد أجْمَل مِنْ أنْ يَفْضَح الإِنْسَان أفْكَرُه أمَام أب الإِعْتِرَاف وَأمَام الله فِي الصَّلاَة وَأمَام نَفْسُه .. وَإِلاَّ إِنْ تَرَكْت الفِكْر يَنْمُو دَاخِلَك سَيَتَحَوَّل إِلَى عَمَل .. أفْكَار دَنَس أوْ حَسَد أوْ أفْكَار غِير نَقِيَّة .. أفْكَار بُغْضَة .. إِكْشِفْهَا وَاعْرَف أسَاسْهَا .. جَيِّدٌ أنْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّ فِكْرُه مُضِئ فَيَكْشِفْ الأفْكَار الرَّدِيئَة .. أكْثَر شِئ يِسْعِد العَدُو أنْ لاَ تَكْشِفْ أفْكَارَك كَانَ رَاهِبْ لاَ يَكْفِيه الطَّعَام فَكَانَ يُخَبِّئ خُبْزَة لِيَأخُذْهَا وَيَأكُلْهَا عِنْدَمَا يَجُوع وَتَكَرَّر الفِعْل حَتَّى صَارَ عَادَة .. وَحَدَثَ فِي أحَدٌ الأيَّام عِنْدَمَا كَانَ الرُّهْبَان يَأكُلُون مَعاً عَلَى المَائِدَة وَكَانَ الرَّاهِبْ قَدْ خَبَّأ الخُبْزَة وَكَانُوا يَقْرَأُون فِي البُسْتَان أثْنَاء الطَّعَام وَكَانَتْ القِرَاءَة عَنْ كَشْف الفِكْر فَأخْرَج الرَّاهِبْ الخُبْزَة وَكَشَفْ فِكْرُه لِلرُّهْبَان فَسَمَعَ فِي الحَال صُوْت صُرَاخ وَعَوِيل عَدُو الخِير لأِنَّ الرَّاهِبْ فَضَحُه كَشْف الفِكْر يُعْلِنْ إِتِضَاع الإِنْسَان .. إِنْ كَانَ فِكْرَك رَدِئ إِكْشِفُه وَإِنْ أثَّر فِيك بِعَمَل رَدِئ إِكْشِفُه لأِنَّكَ كُلَّمَا خَبَّأت أفْكَارَك كُلَّمَا زَادَتْ دَاخِلَك .. لاَبُدْ أنْ تِتْعَامَل مَعَ الأفْكَار الرَّدِيئَة عَلَى أنَّهَا غَرِيبَة وَلاَبُد مِنْ كَشْفَهَا وَفَضْحَهَا .. جَيِّدٌ أنْ يَكُون مَعَك كَشَّاف تِكْشِفْ بِه الأمَاكِنْ المُظْلِمَة فِي النَّفْس لاَبُد أنَّ نُور النِّعْمَة وَالوَصِيَّة يِكْشِفْ هذَا الظَّلاَم .. إِكْشِفْ كَمْ أنْتَ أنَانِي وَمُحِبْ لِلمَال أوْ مُسْتَهْتِرأوْ ...
(د) فَرَاغ الفِكْر :-
إِحْذَر فَرَاغ الفِكْر لأِنَّهُ وَسَطْ جَيِّدٌ لِعَدُو الخِير .. أحْيَاناً كَثِيرَة يَكُون فِكْرِنَا فَارِغ لَيْسَ لَهُ هَدَفْ أوْ طُمُوحٌ .. شِئ مُحْزِنْ هُوَ عَدَم القِرَاءَة وَعَدَم وُجُودٌ هَدَفْ لَك .. الفِكْر الفَارِغ يُزْعِج الإِنْسَان حَتَّى أمَانِتْنَا لِدِرَاسِتْنَا كُون إِنَّهَا تِسْتَوْعِبْ عَقْلِنَا وَحْدَهَا فَهذَا لَيْسَ كَافِي .. إِحْذَر الفَرَاغ العَقْلِي لأِنَّ عَدُو الخِير يَزْرَع فِيه وَيُسَيْطِر .. لاَبُدْ أنْ يَكُون عَقْلَك مُشَبَّعْ وَلَكَ رِسَالَة وَاهْتِمَام .. قَدْ تَسْأل شَاب هَلْ تَقْرأ جَرِيدِة وَطَنِي .. مِجَلِة الكِرَازَة .. أي مَقَال ثَقَافِي أوْ تَخَصُّصِي أوْ ..... ؟ لِنَفْرِض أنَّ الشَّاب مَجَال عَمَلُه طِبِّي أوْ تُجَارِي أوْ هَنْدَسِي أوْ تِسْأل هَلْ تَقْرأ فِي تَخَصُّصَك ؟ تَجِدُه يَقُول لَك يَكْفِينِي الدِّرَاسَة هذَا يَجْعَل الإِنْسَان فِي ضَحَالَة وَيَكُون عَقْلُه وَسَطْ جَيِّدٌ لِيَزْرَع عَدُو الخِير فِكْرُه فَيَبْدأ الإِنْسَان يِعِيش عَلَى مُسْتَوَى الغَرِيزَة وَالأنَانِيَّة لأِنَّهُ أخْلَى نَفْسُه مِنْ الأُمور الإِنْسَانِيَّة فَيُسَيْطِر عَلِيه أُمور غِير إِنْسَانِيَّة أُمور حَيَوَانِيَّة .. شَهْوَة .. أنَانِيَّة .. إِنْتِقَام .. لاَ .. لاَبُدْ أنْ يَكُون الفِكْر مُشَبَّعْ بِكُلَّ مَا هُوَ حَقٌّ وَجَلِيلٌ وَعَادِلٌ وَ إِبْحَث عَنْ خَبَر جَيِّدٌ وَقُدْوَة جَيِّدَة .. سِيرِة قِدِيس .. شِئ عِلْمِي وَثَقَافِي .. أُمور هَامَّة .. كُون إِنِّنَا نُشْعُر إِنِّنَا مَازِلْنَا أطْفَال وَعِنْدَمَا تُعْطِينَا الكَنِيسَة كِتَاب لِنَقْرَأُه فَنِرْكِنُه وَلاَ تَكُون لَنَا رَغْبَة لِشِرَاء كِتَاب وَنَحْكُمْ عَلَى أنْفُسْنَا إِنِّنَا مَازِلْنَا فِي طُفُولَة .. هذَا غِير جَيِّدٌ إِنْ لَمْ تُجَارِي مُسْتَوَى نُضْجَك سَيَكُون أمْرَك غِير مَقْبُول وَسَتَجِدٌ أُمور كَثِيرَة تُشَكِّلَك دُونَ إِرَادَتَك .. العَدُو يَسْكُنْ العَقْل الفَارِغ لكِنْ لَوْ عَقْلَك مُشَبَّع لَنْ تُشَكِّلَك أي أفْكَار ضَارَّة وَكَمَا يَقُول الأبَاء ﴿ فِي عَقْل إِمْتَلأ بِالعَالَمْ لاَ يُوْجَدٌ بِهِ مَكَان لِمَعْرِفَة الله ﴾ لاَبُدْ أنْ يَكُون عَقْلَك مَرْفُوع .. وَأنْتَ تَأكُل إِسْمَعْ وَقَبْل أنْ تَنَام إِقْرَأ .. ضَعْ لِنَفْسَك خِطَّة مَاذَا سَتَقْرأ وَأنْ تَضَعْ أمَامَك هَدَفْ أنْ تُحْصِّل دَرَجَات جَيِّدَة بَلْ وَمُمْتَازَة فِي دِرَاسْتَك .. وَأنْ تُزِيد جِهَادَك ضَعْ خِطَّة لِتُنَظِمْ الصَّلاَة وَقِرَاءِة عَدَدٌ مُعَيَّنْ مِنْ الأسْفَار فِي فِتْرَة مُعَيَّنَة .. إِمْلأ عَقْلَك .. العَقْل المُمْتَلِئ وَقْتُه لَهُ قِيمَة لكِنْ إِنْ شَعَرْت أنَّ عَقْلَك فَارِغ تَصِير كَوَرَقَة تُحَرِّكْهَا الرِّيح وَأي فِكْر أوْ كَلاَم يَجْذِبَك رَبِّنَا يَمْلأ أفْكَارْنَا بِأُمور مُقَدَّسَة سَمَاوِيَّة تَسْمُو بِعَقْلِنَا لِنَنَال حَيَاة حَسَبْ قَصْد الله فِينَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً أمِين

عدد الزيارات 2589

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل