لا تحبوا العالم ولا الآشياء التى فى العالم

Large image

من رسالة معلمنا يوحنا الرسول الأولى الأصحاح 2 : 15 – 17 بركاته على جميعنا آمين .. { لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم .. إن أحبَّ أحد العالم فليست فيه محبة الآب لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظُّم المعيشة ليس من الآب بل من العالم .. والعالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبُت إلى الأبد } .. نعمة الله الآب تحل على أرواحنا جميعاً آمين تحتفل الكنيسة في هذه الأيام بعيد استشهاد القديسان مكسيموس ودوماديوس .. ومن قبل بأيام بعيد القديسة دميانة .. هناك خط مشترك بين هؤلاء القديسين بعضهم مع بعض وهو أنهم غير مُحبين للعالم ولا الأشياء التي في العالم .. خاصةً مباهج العالم وملذات العالم نحن في عصر مُحب للمظاهر جداً .. عصر يُؤلِّه المادة والأشياء والمناصب .. عصر البر والتقوى فيه بلا تقدير والحياة أصبحت سلسلة من الطلبات .. قديماً كان الفرد يعمل عمل واحد لسد احتياجاته أما الأن عمل واحد لا يكفي وهذا على حساب البيت والصحة وأعصابهم والجانب الإنساني في حياتهم .. وعلى قدر ما الإنسان ينساق وراء الأشياء على قدر ما تسلب من شخصيته أشياء أخرى .. كل ما الإنسان يهتم بأمور فيرى أن باقي الأمور بها عدم اتزان مكسيموس ودوماديوس ملوك .. على رؤوسهم تيجان .. يرتدوا ثياب مُلك .. ضحوا بكل هذا من أجل المسيح .. والست دميانة بنت والي ولها أن تعيش كل وسائل ترف الحياة .. رفضت الزواج من ابن أمير .. وهي في سن صغيرة ولكنها غير متعلقة بشهوات العالم .. تطلب من أبيها أن يكون لها مكان تتعبد فيه للإله الإنجيل يُوصينا بعدم محبة العالم ولا الأشياء التي في العالم .. أحياناً نُحوِّل العالم إلى أشياء وليس إلى أشخاص أو معاني .. ونُقيِّم بعض الناس بمظهرهم ومناصبهم وبمقدار الأشياء التي يمتلكونها .. نظرتنا للأمور نظرة شيئية وليس نظرة موضوعية مكسيموس ودوماديوس عندما اكتشفوا الكنز السماوي عرفوا تفاهة الكنز الأرضي وزوال المناصب الزمنية .. هذا العصر ينتشر فيه حب المال والمادة لدرجة أنه يوجد كماليات كثيرة يمكن أن يستغني عنها الإنسان ولكن عبودية الإنسان للمظاهر تجعل الإنسان عبد للكماليات قرأت عن إحصائية عن المجتمع المصري تقول أنه يصرف تقريباً 60 % على أشياء كمالية ممكن أن يستغنى عنها المجتمع .. هذا يجعل الإنسان يعيش كآلة فيسلب الإنسان إنسانيته وجوهر كيانه ويُصبح الإنسان عبد للأشياء ويشعر الإنسان أن قيمته ليست من قلبه وعقله بل من الأشياء التي يمتلكها .. فيشعر الإنسان بإنه حقير وينظر لنفسه نظرة دنيئة لأنه يرى أنه يتكل على أشياء كلها من الخارج يجب أن نعرف أننا نحن الذين نستخدم العالم وليس العالم هو الذي يستخدمنا .. يُقال أن المال عبد جيد ولكن سيد ردئ .. نحن وجدنا جوهرة غالية الثمن وهي شخص ربنا يسوع المسيح .. من التقى بيسوع يعرف أنه غالي لأن نفسي ثمنها يسوع .. فإن قيمتي المسيح وتُصبح سعادتي ليست بما آكله أو ألبسه يُقال عن القديس العظيم الأنبا أنطونيوس في مرة من المرات الإمبراطور قسطنطين إستدعاه ولكن الأنبا أنطونيوس لم يُلبي الدعوة .. فطلب منه تلاميذه الذهاب ربما يأتي من وراء الزيارة خيراً .. فقال لهم القديس العظيم " أنا أنطونيوس ذهبت أم لم أذهب " .. إنه يعرف هويته لأن المال يسلب من الإنسان هويته ويسلب من الإنسان ذاته القديسان مكسيموس ودوماديوس يعرفون جيداً ما يريدونه .. المال ليس شر والكنيسة لا تريد أن يكون أولادها فقراء .. الكنيسة تريد من أبناءها أن يفرحون بعطايا ربنا ليهم وفي نفس الوقت يكونوا غير مُستعبدين لمال ولا ملذات .. قيمتك تتمثل في هل المسيح معك أم لا ؟ الجوهرة الغالية الكثيرة الثمن موجودة أم لا ؟ هذا هو الغِنى الحقيقي المجتمع يتاجر بنقاط ضعفنا .. عندما يرى المجتمع في احتياج ما يظل في إلحاح في سياسة بيع السِلع .. هناك سياسة تُسمى " خلق الإحتياج " .. بمعنى أنه إن كان الفرد لا يحتاج الشئ فتخلق له الإحتياج وتجعله ضرورة مُلِحة وعليه أن يقتني الشئ .. ومن لا يعرف كيف يوفر هذا يُصبح لديهِ مشكلة في كيف يعمل على توفيره .. مثل الموبايل وخلافه .. فالإنسان يزداد عنده النزعة الإستهلاكية ويزداد احتياجه للمال ثم مال أكثر وهكذا من الذي يستطيع أن يغلب كل هذا ويقول ويحدد إحتياجاته الضرورية فقط ؟ هذا هو من يعرف قيمته في الحياة وأنه هو الذي يأتي بالأشياء .. مثل الست دميانة التي لا تريد الغِنى .. إنها تشعر بإنها غنية وقوية وراضية .. الإنسان لا يُغلب إلا من نفسه ولا يُذل إلا من رغباته جميل أن يكون لدى الإنسان الإرادة الداخلية والقناعة .. فلا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم .. كيف يكون عند الإنسان شبع داخلي ورِضى من الداخل ؟ فالذي اقتنى المسيح إقتنى كل شئ .. من تعوَّد أن يسجد للإله لا يسجد أبداً إلى صُنع إنسان .. فالإنسان يُغلب من داخله ويُقهر من احتياجاته ومن ينتصر يكون إنسان عظيم الكنيسة مليئة بأمراء مثل بقطر بن رومانوس الذي خبَّى أنه والي على من كان يُعذبه .. لم يبحث عن وَسْطَه لكي يخفف آلامه .. هو نفسه قوة لأنه والي ولكنه لم يستغلها لكنه تخلى عن قوة الأرض ليمتلك قوة السماء .. يأخذ الحماية الإلهية مهما كانت عظمة الإنسان .. أُنظر قصة ملك أو رئيس فلا يوجد شئ يستمر معهُ إلا سيرته .. الإنسان سيرة وما أكثر الناس التي كان لها احتياجات ولكنهم غلبوا كل هذه الإحتياجات .. لأن العالم يمضي وشهوته معهُ .. أُنظر سيرة القديسين ورائحتهم اللذيذة فيهم رائحة المسيح الذكية .. بهم بهجة .. الإنسان يُغلب من نفسه الرب يسوع عندما أخذهُ عدو الخير على جناح الهيكل تخيل أنه إنسان عادي يُحارب بمباهج العالم .. قال عدو الخير " أُعطيك كل هذا لو سجدت لي " .. فقال له يسوع " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبُد " ( مت 4 : 10) .. لأن سعادته داخله .. يسوع مالك ممالك الأرض كلها عندما جاء على الأرض كان ليس له أين يسند رأسه القديس الشيخ الروحاني يقول لنا { هو وخاصته لم يكن معهم قوت يوم واحد أما نحن نطلب لأنفسنا رِزق لسنين عديدة } .. هو ليس له أين يسند رأسه أما نحن نطلب مجالس مُزينة .. إبحث في جوهر قلبك واهتماماتك قيمة الإنسان في عقله وقلبه وتقواه .. أُنظر يوحنا المعمدان – حقارة ما بعدها حقارة – يلبِس وبر الإبل .. يأكل جراد وعسل بري .. منتهى الفقر والإحتياج وعندما تسأله يقول أنه على أتم الإستعداد أن يوبخ ملوك وأمراء وكتبة وفريسيين وعامة الناس .. يكلم كل واحد بسلطان .. فمن أين أتى بهذا السلطان ؟ وقف يوبخ هيرودس وقال له " لا يحل لك أن تأخذ هيروديا زوجة أخيك إمرأة لك "( مر 6 : 18) .. وفي بشارة معلمنا بطرس يقول أن هيرودس كان يخاف من يوحنا المعمدان لأنه عالِم أنه بار وقديس .. الغِنى الحقيقي في التقوى والغِنى الداخلي .. هذه هي الثروة الحقيقية .. من هنا نقول لا تُقيِم الإنسان بمظهره .. قيِّم الإنسان بكلامه وإسلوبه وطريقة إحترامه للآخر .. نرى مخافة ربنا داخل قلبه وصِدقه ربنا سمح أن كل شئ خارجي يكون رخيص أما الداخلي فله قيمة وغالي .. إن سألت أحد تريد أن يكون لديك عيون مُلونة أم قلب سليم ؟ فبالطبع القلب .. وإن سألته تريد شعر مُلون أم كِبد سليم ؟ فإنه يختار الكبد الذي في الداخل ويرغب أن يكون سليم .. إن غِنى وجمال وقوة الإنسان داخله .. ولهذا تُقال مقولة شهيرة عندما تريد أن تُقيِّم إنسان قيِّمه بأُذنك وليس بعينك الشعب قديماً عندما أُعجِبوا بملك كان شاول .. لماذا ؟ لأنه ذو هيبة .. طويل .. لذلك عندما أراد الله أن يعطيهم ما اختاروه أذلَّ هذا الملك أولادهم وقتلهم .. فالإنسان يُغلب أولاً من نفسه .. ولكن عندما تهتم بالداخل لا تُستعبد لشئ القديسين الذين نحتفل بهم يعطونا درس أن لا نُخدع كثيراً لأن هذه الفترة مؤقتة .. كل هذا زائل فالعالم يمضي وشهوته معهُ أما الذي يصنع مشيئة الله هذا يبقى إلى الأبد .. أُنظر نظرة للحظة بعين مفتوحة على السماء وانظر الكرامات التي بها .. هل أُعطيت بناء على كرامات أرض أم كرامات بر وتقوى وحياة داخلية ؟ هل المظاهر دائمة وأن الملوك والأمراء هم الذين في السماء ؟ إن كان المجتمع يميل إلى تشييئ الإنسان والحياة لابد أن نكون مختلفين عن ذلك .. غِناي الحقيقي هو معرفتي بإلهي الذي أتكل عليه كرصيد حياة دائم نرى نماذج كثيرة في الكنيسة مباهج العالم لم تغلبها .. ولم ينقادوا ورائها .. مثل اثنين من العبيد كانوا مسيحيين يعملوا عند رجل يهودي أحدهم قال للآخر : أُريد أن أدخل مع سيدنا اليهودي في مساومة .. ماذا يعطيني لو أصبحت يهودي مِثلك ؟ فقال له الآخر " وتترك المسيح " ؟ .. فقال له الأول " نحن عِشنا مع المسيح ماذا حصلنا منه " ؟ .. فقال له الثاني " المسيح يعطيك ليس على الأرض بل في السماء " .. فقال الأول " أنا أريد الأن وأنا في الأرض " .. فذهب العبد الأول للرجل اليهودي وقال له " كم تعطيني عندما أكون يهودي " ؟ .. فقال له الرجل اليهودي " سأجعلك غني وأُطلِقك من العبودية " .. فاتفق معهُ أن يُقيم حفلة لدخوله في اليهودية ويدعو كل الناس .. فطلب الرجل من العبد في الحفل أن يأتي بتمثال ليسوع المسيح المصلوب ويضربه بحربة .. وفي الحفلة جاء بتمثال ليسوع المصلوب ومسك العبد الحربة ليضرب المصلوب وفي الحال شُلت أيدي الرجل ونزف التمثال في الحال دماً .. أُعجِبَ الجميع وكل ما كان عنده مرض أخذ من الدم الساقط من التمثال وشُفِيَ في الحال .. حتى هذا الرجل اليهودي نفسه أخذ من هذا الدم ووضعهُ على أعين أحد أسرته الذي كان لا يُبصر وفي الحال أبصر .. ويُقال في السنكسار عن هذا الرجل اليهودي " وأضافَ على فقره في المال فقر معرفة الله " في السماء سنرى أُناس تأخذ كرامات كثيرة في بالرغم من أنهم كانوا مرذولين على الأرض .. ولإدراك أبائنا القديسين لهذه الحقيقة نراهم بإرادتهم يتخلوا عن مناصبهم وأموالهم من أجل معرفة ومحبة المسيح الكائن فيهم نتعلم من داخلنا كيف لا نُغلب لشئ .. وأتعلم أن غناي في تقواي وأن رضايا في إرضاء ربنا يسوع المسيح .. وأن سعادتي في رِبح الملكوت .. أتعلم كيف يكون لنا الكفاف في كل شئ في كل حين فأزداد في كل عمل صالح .. إطمع في الأعمال الصالحة .. طمع في اقتناء الفضائل بدلاً من اقتناء المال فهذا هو كنز الإنسان الذي يبقى معهُ إلى الأبد .. لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم .. العالم يمضي وشهوته أما الذي يصنع مشيئة الله فهذا يثبُت إلى الأبد ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 3915

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل