الجهاد الروحى وإماتة الجسد

Large image

يقول معلمنا بولس الرسول ﴿ حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع ﴾ ( 2كو 4 : 10) .. ﴿ فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض ﴾ ( كو 3 : 5 ) .. ﴿ بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون ﴾( رو 8 : 13) الصوم فترة مقدسة من أجل تقديم أعمال إماتة الجسد لذلك سنتكلم عن ثلاثة نقاط مهمة :-

(1) مفهوم الجهاد :-
لابد أن تعلم أنه لكي تصل إلى بركات الحياة الروحية لابد من تعب وجهاد .. وكما يقول الآباء﴿ إعطِ دماً لكيما تأخذ روحاً ﴾ .. لابد من تعب ومجهود مبذول ولا تنتظر أن تهبط البركات من السماء دون أي تعب وكما يقول الكتاب ﴿ الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج ﴾( مز 125 من مزامير الغروب ) .. إذاً لابد أن تعرف أنك ستتعب وأنَّ الخطوات بطيئة ومستمرة وأنَّ الطريق الروحي مملوء جهاد ومملوء أيضاً بركات وكثيرون رجعوا إلى الوراء لأنهم لم يثبتوا وما هو الجهاد ؟ الجهاد هو محاولة لتقريب المسافة بين المفروض والواقع .. المفروض إني أصلي وأسهر وأتعب و ...... وأعيش المحبة مع كل من حولي حتى الأعداء ولكن الواقع أنه يوجد كسل وبغضة وإدانة و ...... لذلك لابد من جهاد لابد أن تعرف أنه يوجد جهاد ينتظر طالبي الملكوت وكما قال رب المجد يسوع * ستتكبدون أحزاناً *﴿ فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض ﴾ .. أحد الآباء القديسون يقول ﴿ أي بطال جمع مالاً وأي عاطل لم تنفذ ثروته ؟!! ﴾ .. إذاً لابد من جهاد فترة الصوم هي من أجمل فترات الجهاد .. كل يوم نضيف إلى حبنا حب وإلى جهادنا جهاد و ..... لابد أن نجمع زيت ويقول الآباء القديسون ﴿ هناك فرق بين الزيت المُقتنى والزيت المُشترى ﴾ .. الزيت المُقتنى هو تعب الجهاد والزيت المُشترى هو الرياء والشكلية أي سلف بدون تعب .. شكلي الخارجي فقط روحاني هذا هو الزيت المُشترى وليس المُقتنى .. قد يسمح الله أن نعيش في ضعفات من أجل أن نلتزم بجهاد متواصل .. لكن للأسف هناك من يريد أن يقتني طريق روحي بدون جهاد .. صعب إسأل نفسك ما هو جهادك ؟ ماذا نقدم من ذبائح لله ؟ الكنيسة تقول ﴿ يأتي الشهداء حاملين عذاباتهم ويأتي الصديقون حاملين فضائلهم ﴾ ( طِلبة من الأبصلمودية ) .. تُرى ما هي عذاباتك وما هي فضائلك ؟ الطريق يحتاج مقاومة وكثيرون رأوا الجهاد فرجعوا .. موسى النبي عندما قال له الله سأعطيك ماء من الصخرة سأل موسى النبي ﴿ أمِن هذه الصخرة نخرج لكم ماءً ﴾ ( عد 20 : 10) .. وقد تتساءل أنت أيضاً هل من مجرد أتعاب تأتي النعمة ؟ نعم .. لكن لابد أن تعرف أنَّ هناك جهاد وقصر ذات وذبيحة أتعاب وضرورة التعب وأن لا أتبع نفسي في ميولي وكسلي وجسدي .. لابد أن أعلم أنَّ الروح يشتهي ضد الجسد والجسد ضد الروح وكلاهما يقاوم الآخر ( غل 5 : 17) الجهاد هو دليل رغبة للحصول على لذة الله .. وأمام الله الجهاد مقبول جداً وداود النبي يقول ﴿ إجعل أنت دموعي في زقك ﴾ ( مز 56 : 8 ) .. الله يحب أن يرى الجهاد .. الإنسان السالك في الروح هو إنسان مجاهد .. والشيخ الروحاني يقول ﴿ يجرون في طريق الأحزان بلا شبع ﴾ .. هناك من أحبوا سكنى الجبال وشقوق الأرض وفضلوا الباب الضيق وعاشوا الضيق في أنفسهم .. هذا كله له كرامة في عيني الله .. كلنا مدعوون إلى الجهاد وعدونا الذي يجول يلتمس من يبتلعه يحتاج أناس حاملين للجهاد .. لابد أن أعرف أنَّ جسدي لابد أن يصلب وأن يمارس أعمال إماتة .. ﴿ إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثيرٍ ﴾ ( يو 12 : 24 )إماتة الجسد تعطي ثمر .. والإماتة تصل إلى أقصى درجاتها حتى أنَّ الله يأمر ﴿ إن أعثرتك عينك فاقلعها وأقها عنك ﴾ ( مت 18 : 9 ) .. صورة جادة جداً للحرب ضد الجسد .. لابد أن تصل الإماتة إلى نهايتها وآباء كثيرون عاشوها لكن هل تريد أن تبقى مدلل ؟تقول حكمة سليمان ﴿ الرخاوة لا تمسك صيداً ﴾ ( أم 12 : 27 ) جاهد ضد رغباتك وشهواتك وإنسانك العتيق .. ﴿ كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيءٍ ﴾( 1كو 9 : 25 ) .. إن ضبطت جسدك ترتفع به إلى فوق لكن إن غلبك جسدك ؟!! شمشون صارع أسد وشقه من فكه إلى نصفين وفي طريق عودته وجد أنَّ جوف الأسد به نحل فأخذ من العسل وأكل وقال ﴿ من الآكِل خرج أُكل ومن الجافي خرجت حلاوة ﴾( قض 14 : 14) .. من هو الأسد ؟ هو الجسد الذي يريدني أن أعيش بحسب هواه لكن إن صارعته وروضته يخرج منه حلاوة فتجد الجسد يصوم ويعمل ميطانيات ويقدم ذبيحة لله وصار هو اليد المرفوعة والعين الباكية و ...... هذه هي حلاوة الجهاد .
(2) كيف نجاهد ؟:-
لنا دعوة للجهاد في كل مجالات الجسد .. الجسد كسول يأكل ولا يشبع .. يشتهي ولا يكتفي لا شئ في الجسد يقول كفى وكلما إجتهدت أن تُشبع شهواتك تجد نفسك في جوع أكثر وكلما أحببت العالم أكثر كلما جعت أكثر .. الجسد لا يشبع ولا يكتفي كما وبخ حجي النبي ﴿ زرعتم كثيراً ودخَّلتم قليلاً .. تأكلون وليس إلى الشبع .. تشربون ولا تروون .. تكتسون ولا تدفأون .. والآخذ أجرةً يأخذ أجرةً لكيسٍ منقوبٍ ﴾ ( حج 1 : 6 ) .. الجسد كيس منقوب يأكل ثم يجوع .. ما الفرق بين طعام صيامي وطعام فطاري ؟ أي شئ يملأ المعدة يختلف في لحظة البلع فقط أي المذاق .. مجرد أن ينزل الطعام إلى المعدة لا تشعر عندئذٍ بطعم لذلك الشخص الأكول في التعبير الروحاني يسمى * الحنجراني * أي محب للحظة البلع .. لحظة بعدها لا تفرق في الطعم لأنَّ عمل المعدة ليس التذوق بل إفراز الأنزيمات الهاضمة .. إذاً هي لحظة .. هذا هو الجسد إن تبعته لا يشبع .. إذاً لابد للإنسان أن لا يتبع جسده إشتكى أحد الرهبان للقديس أبو مقار وقال أنَّ الحروب عليه قوية ويفكر في العودة عن الطريق .. فسأله أبو مقار كم لك في هذه الحروب ؟ فقال الراهب سبع سنوات .. أجابه القديس * أنا لي أربعون سنة لي نفس الشكوى لكن الفرق بيني وبينك هو إني لم أتبع هواي لحظة * .. لو لم تقبل الصوم سيصير الصوم عبء على النفس والجسد .. الرضى بالحرمان يلغي معنى الحرمان .. من هنا هذا الأمر يعطي بركة وضبط وتقوية للإرادة الروحية وينمو الإنسان الروحاني المكبوت .. ﴿ غير متكاسلين في الإجتهاد حارين في الروح ﴾ ( رو 12 : 11) الإنسان مدعو في الصوم أن يضبط نفسه وجسده وللآباء قانون يقول عود نفسك أن تأكل ما تحتاجه وليس ما تشتهيه .. هذا يأتي من أنَّ الإنسان يجعل جسده ذبيحة حب لله القديس الأنبا أنطونيوس يقول ﴿ يا أولادي إجعلوا الجسد مجمرة ﴾ .. الجسد الذي به حرارة الروح يعطي بخور جميل لذلك الإنسان محتاج إلى ضبط .. كان القديس أرسانيوس يخاطب جسده قائلاً ﴿ هلم يا عبد السوء لكيما تكون عبد للبر ﴾ .. بالفعل الجسد عبد للسوء لأنه يميل إلى ما هو ضد الروح .. جيد أن يكون لك رغبة للجهاد .. بقدر ما تكون لك رغبة للجهاد بقدر ما تحارب العدو .. إن هاجمت العدو بجهاد يهرب منك قال أحد الرهبان للقديس أبو مقار أنَّ العدو لا يتركه والشهوات تغلبه دائماً وطلب منه الصلاة من أجله حتى تهدأ الحرب عليه .. وصلى له القديس أبو مقار ولكن كان الأمر يزداد حتى أنَّ القديس صلى لله بدموع فسمح الله أنَّ عدو الخير يقول لأبو مقار أنه منذ أن صليت له وأنا تركته لكنه يهاجم نفسه يأكل كثيراً وينام كثيراً ويجلب أفكار على نفسه .. نعم أنَّ الأكل والنوم ليس في حد ذاته خطية لكنه يعلن أنك مع رغبات الجسد وكما يقول الآباء أنَّ الجسد إذا وقف يريد أن يسترخي وإن إسترخى يطلب أن يجلس وإن جلس يطلب أن ينام .. هذا هو الجسد .. لذلك الإنسان الذي يعلم طبيعة جسده لابد أن يروضه تخيل أنَّ الأنبا بولا الطموهي من شدة أتعابه صار جسده كقطعة فحم حتى أنَّ الله كلَّمه وسمع صوته يقول له ﴿ كفاك تعباً يا حبيبي بولا ﴾ .. كيف تتراءف عليك نعمة الله ؟ نعم هو يرى جهادك وكل شئ محسوب عنده .. يرى هل أنت تريد الملكوت ؟ هل أنت تقاوم الجسد والشهوات أم تتبع رغباتك ؟ كما يقول داود النبي ﴿ تيهاني راقبت ﴾ ( مز 56 : 8 ) .. أي النعمة تتبع كل أفكارك وقلبك .. إعلم أنَّ الجسد قد يحرمك من البركات .. عيسو من أجل أكلة باع البكورية .. ﴿ أطعمني من هذا الأحمر ﴾ ( تك 25 : 30 ) .. وقال ليعقوب ﴿ أنا ماضٍ إلى الموت ﴾ ( تك 25 : 32 ) فلتأخذ البكورية .. هذا سلطان الجسد .. جيد هو الإنسان الذي في الصوم يقول أريد أن أقدم بطعامي دليل حبي وكما كان الأكل هو وسيلة العصيان لآدم هكذا الطعام أيضاً هو وسيلة طاعة لأولاد الله ومن هنا يتحول ضبطنا إلى تقوية روحية وإعلان طاعة لله لا تتبع جسدك .. إسهر قليلاً في الصوم ولو ساعة أكثر من الأيام العادية .. أكثِر الصلاة في الصوم .. أكثِر في النسك أكثر على حساب الجسد وعلى حساب راحته ويوم بعد يوم ينضبط الجسد رغم أنه في البداية يتعب لكنه ينضبط بعد قليل لأنَّ الجسد عنده قدرة أن يعطي مجرد أن تقوده لكن كثرة النوم تؤدي إلى الكسل لأنَّ كثرة الراحة تتعب الجسد ولا تريحه كما نتخيل .. ﴿ الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ﴾ ( غل 5 : 24 ) .. أيضاً يقول الشيخ الروحاني ﴿ شربوا مرارة المر متلذذين ﴾ .. أي مرارة الصوم صارت لهم حلاوة يتلذذون بها .. ﴿ يجرون في طريق الأحزان بلا شبع ﴾ .. لأنهم رأوا بركات .. جاهد في النوم والأكل والجسد وأنواع الأطعمة والغريزة و ..... و ..... لما تكون أمين وصادق في جهادك في القليل يقيمك الله على الكثير .
(3) بركات الجهاد :-
أ/ تقوي الإرادة الروحية :-
تستطيع أن تقول لنفسك لا .. والروح تقود الجسد والجسد يخضع ويصير خادم للبر وبالتالي يصير فوق الغرائز .. هذا هو أنت عندما بدأت تطيع الروح وتقدم لله عبادة وذبائح .. هذه هي حياة الروح .. ﴿ إن عشتم حسب الجسد فستموتون ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون ﴾( رو 8 : 13) .. يصير الجسد فوق غرائزه واحتياجاته ويعلن أنَّ هناك حياة فوق الغرائز تؤدي إلى الملكوت .
ب/ يحيا الإنسان في يقظة :-
يحيا كأنه في حرب وتنتصر الروح فترتفع معنويات الإنسان ويتذوق حلاوة الإنتصار ويتلذذ بالجهاد فيطيع الروح أكثر لذلك ينضبط الجسد وتنتعش الروح وينشط الإنسان الروحي داخلنا ويفرح وتصير العداوة بين الجسد والروح محسومة لصالح الروح .. ويصير الإنسان روحاني عندئذٍ ينال بركة أخرى هي .....
ج/ الحرية من الخطايا القديمة :-
يستطيع الجسد أن يقول لا وتقوى الإرادة الروحية وتنتصر الروح ويُحل الإنسان من عبودية سنوات .. المستعبد لغرائز وشهوات وكان عبد يفعل الغريزة دون أن يدري يستطيع الآن أن يقول لا .. لأنه سهر في الصلاة وعمل ميطانيات وقال لرغباته لا .. يقول لا في أكلة .. يقول لا في فكرة وشهوة وغريزة وتدخل الإنسان علامات راحة وانتصار ويصير تصالح بين الجسد والروح لأنَّ الحرب بينهما أنشأتها الخطية لكن كان الإنسان في أصله في وحده بين الجسد والروح قبل الخطية .. لذلك البر يقيم صلح بين الروح والجسد وبعد أن كان الجسد عدو يغلبني صار وسيلة إنتصاري لأنه ساحة حربي فيصير حامل سمات الرب يسوع .. سمات السماء أي رجوع لحالة المعمودية ويصير الإنسان في راحة وسلام وانتصار ويتفق مع الروح حتى أنَّ الجسد له ساعة بيولوچية تتفق فيها أجهزة الجسد مع إحتياجات الجسد .. أي يتعود على الإستيقاظ في ساعة معينة أو يبتعد عن أطعمة معينة .. نعم الجسد يعتاد ذلك وإن كان في البداية يحتاج لجهاد في الإنسان الروحاني تجد الجسد خاضع .. وإن كان القديس أرسانيوس يقول لجسده * يا عبد السوء * لكن يوم بعد يوم يقول له الجسد إني أخضع وأطيع فلا تقل لي * عبد السوء * بل قل لي * عبد البر * ومن هنا الإنسان يتصالح ويعلم أنَّ جسده وسيلة مجد يمجده في السماء .. لذلك نحتفظ بجسدنا في السماء لأنه تعب وخضع وأطاع ولابد أن يُمجد ويصل الإنسان إلى درجة أن يقول يا الله حياتي كلها ذبيحة لك لذلك يقول ﴿ لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها ﴾ ( مت 10 : 28 ) .. لأنه وضع سكين الروح على الجسد وغلب لذلك أيضاً يتقدم للإستشهاد ببساطة ولا يمنع نفسه .. لذلك لا تشفق على الجسد بل إنحاز للروح مهما رفض الجسد لأنه كثيراً ما يعلن علامات رفض لأعمال الإماتة مثل صداع في بداية الصوم .. حركات تمرد .. وهكذا لكن هناك أعمال إماتة لابد أن تعملها .. تخيل عندما تمارس الجهاد بحب وقناعة يروض الجسد ويصير طائع وينال بركة ومن هنا ما تعطيه له يشكرك عليه لأنه تدرب .. ﴿ تدربت أن أشبع وأن أجوع ﴾( في 4 : 12) الذي يلبي إحتياجات جسده لا يستطيع أن يروضه .. عندما تجاهد تجد أنَّ الجسد يشعر بقوة الله تعمل فيه من هنا نعلم أنَّ هناك قوة تعمل بنعمة .. أنت كنت أمين في القليل سيقيمك على الكثير .. سيقيمك على طهارة .. على جهاد بلا تعب .. على سهر بلا ضجر .. على صلاة بلا ملل .. على تسبيح .. على عقل بلا تشتيت .. هذا يأتي من جهاد يوم ويومان وثلاثة أيام وإثبت والنعمة تراقب وتزكي .. جيد أن تنحاز للروح وتروض جسدك ويصير عفيف في أكله ونومه ونظراته ويحكي تلميذ البابا كيرلس السادس أنَّ أكثر منظر كان يهابه فيه أثناء نومه لأنه كان يشعر أنَّ فيه مخافة الله .. الذي فيه نعمة الله فيه نعمة المسيح .. علامات الإنسان الروحاني تظهر فيه .. إفرح بالصوم لأنه فرصة لترويض الجسد .. لابد أن تكون عندك الإرادة وأن تشعر أنك فرحان بالصوم وأنك تضبط جسدك .. والله يقول أريد أن أعطيك إنتصار على الجسد ربنا يقبل صومنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2639

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل