عبادة الروح والحق

Large image

إنجيل هذا المساء المبارك يقول ﴿ يقترب إليَّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً وباطلاً يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس ﴾ ( مت 15 : 8 ) .. هناك عبادة مقبولة وعبادة باطلة .. ما هي أسباب العبادة المقبولة وأسباب العبادة الباطلة ؟ كثيراً ما تكلم ربنا يسوع المسيح عن العبادة الباطلة لأنها عبادة شكلية .. عبادة مكروهة جداً لدى الله بدلاً من أن تكون عبادة حب .. قال عن العبادة الباطلة أنكم تنقون خارج الكأس أما داخله فمملوء إختطاف وخبث ( لو 11 : 39 ) .. مثل قبور مبيضة لكن داخلها نتانة وموت ( مت 23 : 27 ) .. إنسان شكله رافع قلبه يصلي ويصوم لكن ﴿ تتجاوزون عن الحق ومحبة الله ﴾ ( لو 11 : 42 ) .. ﴿ كل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس فيعرِّضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم ﴾ ( مت 23 : 5 ) كانت هناك وصية في العهد القديم أن يجعل الكهنة الوصية ﴿ عِصابة بين عينيك ﴾( خر 13 : 16) فكانوا يعرِّضون العِصابة لتنزل على عيونهم .. أيضاً ﴿ ويعظمون أهداب ثيابهم ﴾﴿ قصها على أولادك حين تمشي في الطريق ﴾ ( تث 6 : 7 ) كانوا يفهمون هذه الوصية أنهم يضعوا الوصية في هدب ثيابهم ولكي يلفتوا الأنظار كانوا ينقشون أهداب ثيابهم .. شيئان كانوا يلفتون الأنظار بهما تكلم عنهما الرب يسوع هما العِصابة وهدب الثوب لكن بلا معنى أيضاً كانوا يحبون المتكأ الأول وأن يقال لهم سيدي سيدي ( مت 23 : 7 ) كما كان يفعل الفريسيون كانوا يأجرون من يجرون حولهم ينادون قائلين سيدي سيدي لذلك قال لتلاميذه ﴿ لا تدعوا لكم أباً على الأرض ﴾( مت 23 : 9 ) .. لأنه يريد أن يقال لهم * سيد * .. لذلك الكنيسة تكرم الأسقف والأسقف يكرم الشعب .. قال لتلاميذه لكم معلم واحد سيد واحد هو يسوع له المجد ولا تفعلوا كالفريسيين .. كان معروف أنَّ اليهودي يمكنه أن يقيم مدرسة صغيرة تحتوي على إثني عشر تلميذ لذلك إختار رب المجد إثني عشر تلميذ لكن مدرسته كانت مختلفة عن مدارس اليهود لذلك قال لليهود أنتم تهتمون بظواهر الأمور .. ﴿ حينئذٍ جاء إلى يسوع كتبة وفريسيون الذين من أورشليم قائلين لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ فإنهم لا يغسلون أيديهم حينما يأكلون خبزاً ﴾( مت 15 : 1 – 2 ) .. ما لهم يكسرون الوصية ؟ أجابهم يسوع ﴿ فأجاب وقال لهم وأنتم لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم فإن الله أوصى قائلاً أكرم أباك وأمك ومن يشتم أباً أو أماً فليمت موتاً وأما أنتم فتقولون من قال لأبيه أو أمه قربان هو الذي تنتفع به مني فلا يكرم أباه أو أمه .... ﴾( مت 15 : 3 – 5 ) .. العبادة الشكلية الصورية بالطبع تتكرر وموجودة في كل جيل وليس الكتبة والفريسيون فقط .. لذلك هناك عبادة شكلية مرفوضة وعبادة مقبولة

أسباب العبادة الشكلية
1/ كرامة الناس
2/ إسكات الضمير
3/ الفراغ الروحي
أسباب العبادة المقبولة
1/ حضور المسيح ونسيان الذات
2/ تذكر الخطايا والضعفات
3/ تذكر الأبدية والمكافأة والدينونة
أسباب العبادة الباطلة والشكلية :-
1/ طلب كرامة الناس :-
إنسان يمارس العبادة وأهم شئ له نظرة الناس .. ليس في فكره الله بل الناس ونفسه ومن هنا ضاع جوهر الوقوف أمام الله ويفقد معنى عبادته .. غاب عن عقله وضميره ووعيه حضور الله وصارت نفسه هي المركز فيهتم بنظرة الناس له .. سهم .. ضربة قاتلة تضرب الحياة الروحية في عمقها .. تعطيها الشكل الكامل وتفقدها الجوهر الكامل فتجعلك تفقد العِشرة الممتعة مع الله وتنحصر في نفسك والناس بينما هدف الصلاة الحقيقية أن تنحصر في الله فقط قارن القديس يوحنا ذهبي الفم بين الفريسي والمرأة الخاطئة وقال أنَّ الفريسي هو صاحب الدعوة .. صاحب الفضل في الوليمة وفي حضور المرأة الخاطئة لكنه كان هدفه ليس إكرام المسيح بل إكرام نفسه لذلك وبخه المسيح له المجد وقال له أنت لم تغسل قدميَّ ولم تقبل فمي ولم تدهن رأسي وكأن الفريسي لم ينتبه ليسوع بل لنفسه .. هذا هو جوهر العبادة الشكلية التي يحولها الشخص من عبادة الله إلى عبادة الناس وتفسه .. لذلك قال يسوع ﴿ يقترب إليَّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً ﴾ .. يصير الإنسان أسير لذاته وكل عافية روحية وكل طاقة روحية في الإنسان بدلاً من أن ترتفع لله تنحصر في الذات فتصير ضدنا بدلاً من أن تكون معنا ويسمع أنه رجل تقي قديس وهو ليس كذلك عدو الخير ماكر جداً وخبير في أن يجعل الإنسان يتحول في عبادته من الله إلى ذاته ويبحث عن رأي الناس ويجعله يكثر العبادة طالما وجده في إتجاه الذات ويقول له زيدها صلاة لتنتفخ الذات فيحتجب الله وتحتجب النعمة لذلك هي نقطة خطيرة حتى أنَّ الإنسان يصير مخدوع ويرى عبادته لذيذة في عينيه .. عبادة لذيذة في عين صاحبها مثل لذة جمع المال .. كما يتلذذ التاجر بجمع مزيد من المال ويسعى ليكثر ثروته بلذة واجتهاد هكذا الصلاة أو العبادة التي لحساب الذات يجعل الإنسان العبادة مصدر للأخذ لحساب الذات .
2/ إسكات الضمير :-
اليوم لم أصلي لكن لكي لا يتعب ضميري أصلي وأصوم وأعترف و ........ تعبُّد الإنسان لمجرد راحة الضمير درجة ليست كافية لراحة الإنسان وتعزيته وإرضاء الله .. ضعفنا البشري يجعلنا نتعامل مع الله بمفهوم بشري وكأننا نقول لكي لا يغضب منا الله لابد أن نفعل كذا وكذا لكي يعطينا كذا وكذا و ...... بدلاً من أن يكون إكرام الله هو الهدف .. لذلك تصير العبادة واجب لإسكات الضمير .. لذلك أيضاً إن كان شخص له عادة روحية فهذا أمر جيد لكن ليس المهم أن يقال عنك أنك صائم أو أنت صائم لمجرد أن لا يتعبك ضميرك هذا أمر يدخلك في شكلية العبادة .. لا .. لابد أن تعرف أنك إبن وليس عبد يقول القديس مارأفرآم السرياني إن كان إنسان لديه حقل به مجموعة فَعَلَة فإن هؤلاء الفعلة فئات .. واحد يعمل في الحقل كارهاً سيده لكنه يخاف من بطشه .. وواحد يعمل فقط دون أن يكره لكنه يخاف بطش سيده .. آخر يعمل كاره لكنه لا يخاف بطش سيده .. وآخر ...... وآخر ..... وواحد يعمل لأنه يحب سيده ولأنَّ هذا الحقل يعتبره حقله هو .. درجات .. درجة واجب .. درجة إسكات الضمير .. درجة دفع العشور .. درجة البنوة والحب .. إنتبه نحن أبناء ولسنا عبيد نريد أن نعيش في دائرة محبة الله .. ﴿ أصلي بالروح وأصلي بالذهن أيضاً ﴾ ( 1كو 14 : 15) .. أريد أن أتعلم خمسة كلمات بذهني أفضل من آلاف الكلمات بلساني فقط .. أريد أن أعبد الله بروحي مستوى الضمير لا يرقي الإنسان في النعمة .. حتى إن وبخك الضمير فهناك فرق بين توبيخ الضمير وتوبيخ الروح .. توبيخ الضمير يكشف الخطأ فقط دون علاج بينما توبيخ الروح يكشف الخطأ ويعلم الفضيلة والصواب بلطف الضمير يصنع دائرة حمراء كبيرة فقط حول الخطية – متعب – بينما الروح القدس روح لطف وقداسة لذلك مستوى إسكات الضمير لا ينمي الإنسان بل يجعله يحيا في شكلية .
3/ الفراغ الروحي :-
إنسان داخله فراغ كيف يصلي ؟ صلاته هي مجرد سلوك خارجي يغطي الفقر الداخلي أو مجرد أن يكون فكره أنَّ الحياة مع الله شكل فقط كأنه يخدع الله .. وقد يكون شخص يأخذ الأمور بعقلانية هذا هو حق الله .. لذلك قال رب المجد يسوع لليهود ﴿ تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان ﴾ ( مت 23 : 23 ) .. ﴿ تأكلون بيوت الأرامل ولعلةٍ تطيلون صلواتكم ﴾ ( مت 23 : 14) لذلك أحياناً نبتعد عن جوهر الحياة مع الله ونتخيل أنَّ الحياة قشور .. جيد عندما يقول ﴿ أشير عليك أن تشتري مني ذهباً مصفى بالنار لكي تستغني وثياباً بيضاً لكي تلبس فلا يظهر خزي عريتك وكحل عينيك بكحلٍ لكي تبصر ﴾ ( رؤ 3 : 18) .. كحل عينيك .. الناس البسيطة تكحل عين الطفل الصغير لأنهم يعتقدون أنَّ عصب الإبصار ضعيف فيجعلون الكحل مثل دائرة حول العين تجعل النظر نافذ .. وهنا كأن الله يقول أنت أعمى أشير عليك أن تكحل عينيك بماذا أكحل عينيَّ ؟ ﴿ وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد ﴾ ( مز 18 من مزامير باكر )جيد أن تحيا هذه الروح .. الفراغ الروحي يجعل الحياة مع الله حياة إستهلاك وجدل أحياناً الفراغ الروحي + الذاتية يجعلان الإنسان محب للعالم فلا يستطيع أن يرضي الله في عبادته .. الفراغ الروحي يجعل الإنسان مشتت .. أكثر من ذلك أنَّ الفراغ الروحي مع الذاتية يجعلان الإنسان شخص إستهلاكي عنده الله للأخذ فقط أي علاقته بالله علاقة نفعية وكأنه يقف يصلي لكي يطلب ما يحتاجه فقط ويقول لله إن تركتني سأتركك أنا أيضاً بينما الكنيسة تقول ﴿ لم تكن أنت محتاجاً إلى عبوديتي بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك ﴾ .. كون أنه تركنا نعبده فهذا وحده من كثرة صلاحه ولذلك عندما نقول له * قدوس أو فلنشكر أو إرحمنا * .. نشعر أننا أصحاب فضل على الله .. لا هذا أمر غير صحيح الفراغ الروحي يجعلك حتى وإن كنت داخل الكنيسة إنسان شكلي تتمسك شكلياً بالصلاة والعشور و ...... دون أن تبحث عن فضيلة .. قد نكون شغوفين بالقديسين لكن علاقة نفعية فقط .. فكم منا يتشفع بالقديسين البابا كيرلس وأبونا عبد المسيح و ..... ليتنا نتشفع بهم لنوال الفضائل وليس كما لو كانوا موظفين عندنا لتلبية طلباتنا .. قد نزور قديسين مرات ومرات دون أن نعرف سيرتهم ونتعلم منهم .. هذا فراغ روحي الفراغ الروحي يجعلك تتمسك بظواهر الأمور لذلك قد تعرف أمور كثيرة دون أن تحياها وتكتفي بالمعرفة فقط وتقنع نفسك أنك شخص روحاني .. لذلك عدو الخير يفرح بهؤلاء جداً الذين هم في الداخل لكنهم ليسوا بالداخل .. إكتشف هل أنت تحيا مع الله من أجل إكرامه ومحبته أم من أجل نفسك ؟ راجع نفسك وافحص .. ﴿ لنفحص طرقنا﴾ ( مرا 3 : 40 ) ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2758

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل