إيمان قائد المئة

Large image

إنجيل العشية من إنجيل معلمنا مارلوقا 7 يتكلم عن قائد المئة .. هذا الرجل من الفئة المجهولة في الكتاب .. هو رجل له إيمان عظيم مدحه الرب لكن لا يعلم عنه أحد الكثير .. هو من فئة خائفي الله .. هذه القصة بها ثلاثة نماذج مهمين .. تحكي القصة عن رجل قائد مائة روماني الجنسية لكن له إيمان ومحبة .. محب لليهود .. له إبن مريض وأشرف على الموت .. نعم هو لم يرى يسوع لكنه سمع عنه وآمن به وبحكم عمله فهو قريب من حكام أورشليم وله علاقة برؤساء اليهود فسألهم من أجل إبنه المريض أن يتحدثوا مع رب المجد يسوع لكي يذهب ويشفي إبنه صار بذلك رؤساء اليهود في مأزق لأنهم كانوا ضد ربنا يسوع فإن طلبوا من رب المجد يسوع أن يذهب لقائد المئة ليشفي إبنه إذاً هم يؤمنون به فلن يستطيعوا أن يهيجوا الشعب ضده .. وإن لم يذهبوا له فإنهم بذلك يخسرون مصالحهم مع قائد المئة لأنه كان قد بنى لهم مجمع .. فماذا يفعلون ؟ كان اليهود يجرون وراء مصالحهم فذهبوا ليسوع ﴿ فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد قائلين إنه مستحق أن يُفعل له هذا ﴾ ( لو 7 : 4 ) .. لم يخيروا ربنا يسوع أن يذهب إليه أم لا بل طلبوا بإلحاح واجتهاد ﴿ لأنه يحب أمتنا وهو بنى لنا المجمع ﴾ ( لو 7 : 5 ) .. إذاً إيمانهم يعلن أنهم يعلمون أن يسوع قادر أن يفعل .. وعجيب هو ربنا يسوع أن يذهب معهم رغم علمه بنواياهم وذهب معهم .. هنا يظهر ثلاث مواقف مختلفة :-

(1) موقف اليهود :-
علاقة إستهلاكية وعلاقة مجاملات وعلاقة زمنية وسلطة .. يقولون هذا الرجل – بتعبير عصرنا – رجل قوة power .. رجل عصره .. هذا قائد المئة قائد فرقة أي تحت يده كثيرون .. لم يرد اليهود أن يشيعوا إنتشار يسوع بل هاجموه ليقللوا من قيمة معجزاته ويضلوا الشعب فكيف يذهبون ليسوع ويطلبوا منه بإجتهاد أن يشفي إبن قائد المئة ؟ هذه علاقة مجاملة وعلاقة مصلحة .. أحياناً نكون نحن أيضاً لنا هذه العلاقة مع الله حتى وإن كنا نقدم له عبادة فهي عبادة ذاتية للمنفعة رؤساء اليهود كانوا مقاومين لعمل يسوع وطاردين لمن صنع معهم معجزات مثل المولود أعمى الذي طردوه من المجمع .. الآن يذهبون ليسوع ويطلبون منه بإجتهاد لأن قائد المئة له مجاملات عليهم إذاً هذه علاقة مصلحة وليست علاقة إيمان .. أحياناً نتحول في صلواتنا إلى صلوات مصلحة فتكون صلوات بإيمان ضعيف .. العجيب أن رب المجد يسوع إستجاب كم نفس كانت ترى المعجزة وتنادي بها لكن لا تؤمن به على مستوى القلب ؟ كم من مرات نرى الإنجيل ونسمعه وننادي به لكن لا نؤمن به على مستوى القلب ؟ نعرف وننادي أنه قادر أن يغير قلوب الكثيرين لكن عندي أنا لا يستطيع غداً في القداس يُقرأ إنجيل إقامة لعازر .. نعلم أن الله قادر لكن في ذات الوقت كثيرون رأوا لعازر قائم برباطاته وحلوه منها لكن حاربوا يسوع لأن الأمر صار نظري .. صار المسيح فكرة وقصة وليس حياة وفعل .. المسيح فوق التاريخ والأحداث لذلك صار رؤساء اليهود في هذا الموقف مناقضين لأنفسهم﴿ فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد قائلين إنه مستحق أن يُفعل له هذا لأنه يحب أمتنا وهو بنى لنا المجمع ﴾ .
(2) موقف قائد المئة :-
فاق الكل .. أفضل من اليهود بل قد يكون أفضل من مسيحيين كثيرين لأنه سمع وآمن لكن هذا الموقف أظهر إيمانه .. أحياناً يسمح الله بضيقة لكي يتمجد هو ويظهر إيماني أنا .. أحياناً يسمح بأمر لأجل المنفعة .. نسأله لماذا سمحت بمرض إبن قائد المئة رغم أنه وحيد ؟ يقول أريد أن أعلِّم به أجيال أمم ويهود ومسيحيين .. سيُكتب في الإنجيل فيتعلم منه الإيمان .. لما وُضع قائد المئة في ضيقة طلب يسوع واستجاب له .. ويبدو أنه لم يصدق أن يستجيب له فذُهل .. ﴿ وإذ كان غير بعيد عن البيت أرسل إليه قائد المئة أصدقاء يقول له يا سيد لا تتعب لأني لست مستحقاً أن تدخل تحت سقفي ﴾ ( لو 7 : 6 )في الترجمة اليونانية * رب * تعني * الألوهية * .. ربنا يسوع إبتهج عندما قال له بطرس ﴿ أنت هو المسيح إبن الله الحي ﴾ ( مت 16 : 16) .. وهنا قائد المئة قال له * يارب * .. بدأ قائد المئة يشعر برهبة الأمر .. يبدو أنه طلبه ليسوع كان طلب وقتي وقت الأزمة .. طلب بغير توازن نتيجة موقف مرض إبنه .. لكن لما تحقق الأمر وعرف أن يسوع آتٍ إليه قال في قلبه كيف يدخل بيتي وأنا رجل دنس وخاطئ ؟!! وطلب من أصدقائه قائلاً أرجوكم لقد طلبت في البداية أن يأتي يسوع إليَّ والآن أطلب أن لا يأتي لأني غير مستحق لمجيئه الكنيسة إتخذت من هذا الأمر الذي هو فوق الزمن صلاة قبل التناول .. تعلمنا من هذا الرجل حالة عدم الإستحقاق .. أرجوك هذه مواقف لا تمر ببساطة بل إجعلها أمامك عندما تتقدم للتناول واشعر بهذا الإحساس الذي هو عدم الإستحقاق فهل أتقدم للتناول أم لا ؟ مثل العشار الذي وقف بعيداً وشعر بعدم الإستحقاق وقال ﴿ إرحمني أنا الخاطئ ﴾ ( لو 18 : 13) .. والكنيسة تقول نفس هذه الكلمات في القداس ﴿ إحنوا رؤوسكم أمام الرب﴾ .. وعندما تحني رأسك تذكر العشار وقل مثله إرحمني أنا الخاطئ .. هكذا قبل التناول قف من بعيد وقل مثل قائد المئة لست مستحق أن تدخل تحت سقف بيتي .. تخيل هذا الإحساس عندما تتقدم للمسيح وتشعر كم أنت خاطئ ومشوه وملوث وغير مستحق لكن لما تتحد به تشعر بفرح عندما شعر بطرس بالمسيح بقلبه قال له ﴿ أُخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطئ ﴾ ( لو 5 : 8 )رغم أنه كان في السفينة من قبل .. عندما تشعر بعدم الإستحقاق وأنك غير قادر أن ترفع رأسك عندئذٍ تتقابل مع المسيح لكن عندما تصلي بجسارة ستكون مثل اليهود علاقتك به علاقة مصلحة .. بينما عندما تشعر أنك غير مستحق عندئذٍ تكون قد تقابلت معه .. الشعور بعدم الإستحقاق هو نفسه الشعور بالإستحقاق ..لأنك تقول له محبتك ونقاوتك تغلب دنسي﴿ لذلك لم أحسب نفسي أهلاً أن آتي إليك لكن قل كلمة فيبرأ غلامي ﴾ ( لو 7 : 7 )كيف تحل المشكلة ؟ أنا عندي إيمان قل كلمة فيبرأ الغلام ربنا يسوع مدح إيمان المرأة الكنعانية وقائد المئة .. ما هو الإيمان ؟ هو إني أشعر أنه قادر ولو بكلمة .. الأمر لا يحتاج أن تأتي بل مجرد كلمة تكفي .. كلمة من الإنجيل قادرة أن تغيرني لو قرأته بإيمان وأمانة وما أجمل أن تتحول كلمات الإنجيل إلى صلوات قصيرة .. قل له * قل كلمة فيبرأ غلامي *ومن هو غلامي ؟ هو أنا المشرف على الموت أنا الخاطئ – يا لهذه الثقة – حوِّل الإنجيل إلى فِعل واستخدم كلماته صلاة .. غداً يقول الإنجيل كلمة جميلة وهي ﴿ يا سيد هوذا الذي تحبه مريض ﴾ ( يو 11 : 3 )﴿ حلوه ودعوه يذهب ﴾ ( يو 11 : 44 ) .. ﴿ لعازر هلم خارجاً ﴾ ( يو 11 : 43 )كلمات رائعة أنا محتاج لها بإيمان .. هي مجرد كلمات تجود بها على عبدك تغيره وترفعه .. أنا محتاج كلمات أتنقى بها وتفكني لذلك كثيراً ما غيرت كلمات يسوع وكثيراً ما أحيت لمسات يسوع وأخرجت من قيود مظلمة .. قائد المئة قال ليسوع أنا أنتظر كلمة فقط وتعجب ربنا يسوع منه .
(3) موقف يسوع :-
هو يعلم أن اليهود يريدون أن يمسكوا عليه كلمة .. هم أصحاب مناوشات وقد وضعوه في أمر سياسي لأن قائد المئة روماني فمن يتعامل معه يُوصف بالخيانة لذلك تخيلوا أنه قد وُضع في مأزق ما هي حساباتك يارب ؟ قال حساباتي هي النفس .. النفس هي أغلى عندي من التعصبات لذلك سأذهب لقائد المئة .. ربنا يسوع قادر أن يفعل لك أكثر جداً مما تتخيل .. قائد المئة لم يصدق أن يسوع يأتي له عمل يسوع في حياتنا يفوق عقولنا وتصديقنا .. أُطلب شفاء وسترى يمينه .. العجيب أن ربنا يسوع يسمع لليهود ويلبي طلباتهم ويذهب للأممي ويشفي إبنه وكأنه يقول أنا مسيح الكل ولنرى عمل ربنا يسوع مع الإنسان واستجابته السريعة .. قادر أن يفعل المعجزات ﴿ ولما سمع يسوع هذا تعجب منه والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا ورجع المرسلون إلى البيت فوجدوا العبد المريض قد صح ﴾( لو 7 : 9 – 10 ) .. يبدو أن يسوع قال كلمة وهو واقف لتتعظم المعجزة ويتعظم الرجل في عيون اليهود .. بالطبع قد قال البعض أن الغلام قد شُفي رغم أنه لم يذهب والبعض قال بالطبع لم يُشفى الغلام لأنه لم يذهب .. الله قادر أن يفعل أكثر جداً مما نطلب .. أحياناً نحب يسوع بأذهاننا الضعيفة لكنه قادر أن يفعل .. حوِّل كلمات قائد المئة إلى صلاة وقل له * إني لست مستحق أن تدخل تحت سقفي *تخيل لما تشعر أن الكنيسة كلها أبرار وأنا الوحيد الغير مستحق أن أدخل لكن برحمتك تُدخلني كنيستك .. * قل كلمة فيبرأ الغلام * حوِّلها لصلاة .. في أحد الأيام وقف أب كاهن ليعظ في وجود سيدنا البابا كيرلس السادس وبعد العظة قال له سيدنا البابا لماذا تنتهر الناس لابد أن تشعر أنهم أبر منا بكثير ؟ من يتخيل أن قائد المئة له إيمان يفوق الكثيرين !! نحن نحكم بحسب الظاهر .. لا .. ليتك تستفيد من هذا الرجل وإيمانه القوي وطلبه بأدب ولطف واتخذ منه منهج لحياتك ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 5154

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل