حكمة وكيل الظلم

تقرأ الكنيسة في هذا المساء المبارك فصل وكيل الظلم من إنجيل معلمنا مارلوقا البشير .. قال ربنا يسوع مَثَل وكيل الظلم وهو رجل وكيل حسابات لرجل غني يحسب له حسابات مديونياته وتجارته وزراعته وواضح أنه كان شخص غير أمين يظلم الناس فشكاه الناس لصاحب المال الذي لما علم أنه ظالم أعلمه أنه سيطرده من عمله .. فماذا يفعل وكيل الظلم ؟فكر في بيته وأولاده وكيف سيعيش بعدما يُطرد وحسب حساباته جيداً ووجد أنه لن يجد ما سيعول به بيته فقال سأجعل الناس يخدمونني .. من هؤلاء الذين سيخدموك متى طُرِدت ؟ فقال هم المديونين لسيدي وأتى بكل شخص مديون لسيده وقال له كم عليك لسيدي ؟ يقول مثلاً مائة .. يُجيبه خذ صك واكتب خمسون وهكذا فعل مع كثيرين .. فشكره الجميع نعم هو شخص غير أمين وظالم لكن ربنا يسوع عندما حكى ذلك المثل كان يقصد حكمة وكيل الظلم أنه لما علم إنه سيُطرد فكر في كيف سيعيش .. فكَّر بنظرة مُستقبلية .. فإن كان أهل العالم ينظرون لمستقبلهم الأرضي .. نحن أبناء الملكوت ألا نفكر في مستقبلنا الأبدي ؟ أحياناً يفكر أهل العالم في كيفية تأمين مستقبلهم الأرضي أكثر من اهتمام أبناء الملكوت بمستقبلهم الأبدي قد يشتري الشخص قطعة أرض كبيرة ليقيم بها مشروع عندما يُحال للمعاش ليضمن حياته الأرضية هو وأولاده لسنوات كثيرة مستقبلاً .. يقول لك الله أنت مهتم بمستقبلك الأرضي وتحسب له بدقة وتنسى مستقبلك الأبدي !! إن كان أهل العالم يفكرون بحكمة هكذا فكم يكون أبناء النور والحكمة ؟ ” لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله “ ( 1كو 3 : 19) المستقبل الأبدي أهم .. فكَّر كثيراً في أبديتك والملكوت .. صنع الآباء الرسل آيات كثيرة وشفوا مرضى وأخرجوا شياطين وعادوا إلى ربنا يسوع فرحين بما فعلوا .. فقال لهم لا تفرحوا بذلك بل بالحري افرحوا أن أسماءكم كُتبت في الملكوت ( لو 10 : 20 ) .. إفرح بالعمل الأبدي أي الذي يُحسب لك لأبديتك .. إن كان أبناء العالم يفرحون بمشروع يكسِّب أو بمكافأة أو ........ فليتك تفرح أنت لأنك وارث للملكوت واسمك مكتوب في سفر الحياة فحافظ على ذلك حتى لا يُمحى اسمك من الملكوت معلمنا بولس الرسول قال أن كثيرون بدأوا بالروح ثم انتهوا بالجسد ( غل 3 : 3 ) .. حتى أنه قال إنه يذكرهم الآن باكياً لأنهم صاروا أعداء للصليب ( في 3 : 18) .. ليتك تعرف إنك مادمت على الأرض فأنت في غربة وفي زمن غير مضمون لذلك اسعى لأبديتك بكل قوتك وكما يقول الكتاب ” من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط “ ( 1كو 10 : 12) أمِّن مستقبلك الأبدي وفكَّر إلى أين ستذهب في الأبدية .. إن كان الشخص المهاجر يبدأ يفكر في أفضل مكان يذهب إليه في الدولة التي سيهاجر إليها وأفضل وظيفة تناسبه هناك وأي مدارس يختارها لأولاده و........ يهتم بما هو في الخارج وإن عرضت عليه مشروع هنا يقول لك أنا أصفي أعمالي هنا لأني مهاجر .. إن أردت أن تخدمني فلتخدمني في أي أمر هناك في الدولة التي أهاجر إليها التي أنا ذاهب إليها أنت اسمك مكتوب في الأبدية إنتبه لئلا يضيع ويُمحى من الملكوت .. إحفظ إكليلك لئلا يُسرق منك .. القديسون يُضيئون كالكواكب في ملكوت أبيهم فلتسعى كما سعوا قال وكيل الظلم أصنع لي أصدقاء لكيما يقبلوني إذا طُردت من عملي .. أنت أيضاً اصنع لك صداقات مع القديسين .. لابد أن تذهب للسماء وأنت معروف لمن هناك لئلا تصير غريب ولا تُقبل في المظال الأبدية .. إنسان مثل البابا كيرلس كيف احتفلت به السماء عند انتقاله من عالمنا هذا ؟ وكيف فرح به الملائكة والقديسين ؟ كيف استقبله مارمينا ؟ بالتأكيد بكل فرح لأن علاقته بمارمينا بدأت من هنا وليس بعد انتقاله .. إصنع لك أصدقاء حتى يقبلوك في المظال الأبدية كيف تصنع هنا صداقات ؟ بالمجاملات والخروج معهم والولائم والمُراسلات و....... هكذا القديسين حاول أن تُصادقهم .. السماء بها مجموعات قديسين .. مجموعة قديسين مُحبين للصلاة وأخرى مُحبة للإستشهاد وأخرى مُحبة للتسبيح و........ وهكذا .. إختر لك مجموعة والتصق بهم وتمسك بهم وقلدهم كي تكون من هذه المجموعة حتى متى تركت أرض غربتك يقبلوك في المظال الأبدية البابا كيرلس كان يحب التسبيح والصلاة .. ادخل في ذلك الأمر معه كي يستقبلك مُحبو الصلاة والتسبيح .. أيضاً كن محب للرحمة كي يستقبلك أبونا إبراهيم مُضيف الغرباء .. كذلك الأنبا أبرآم والأنبا صرابامون أبو طرحة .. اسلُك كما سلكوا واحيا حياتهم .. هذا ما تضع عينيك عليه من الآن ويكون هدفك إن كان إنسان مهاجر وتقول له خذ رقم هاتف جارك في الدولة التي أنت مهاجر إليها يفرح ويبدأ يتصل ليطمئن عن أحوال هذه الدولة وجوها والوظائف بها والمدارس و...... مشغول بالأمر .. هكذا لابد أن يشغلنا فكر الأبدية حتى متى تركنا الأرض تستقبلنا الأبدية .. أرجوك لا تعيش اللحظة الآن فقط لأن الدنيا غادرة مجرد أن تتركها ينساك من فيها .. قد يكون وكيل الظلم مُخطئ بظلمه للناس وعدم أمانته لكنه نجح في نظرته المستقبلية نحن نقول لله ” إهدِنا إلى ملكوتك “ .. عندما تذهب للأبدية تخيل مع من تجلس وماذا تفعل .. يُحكى عن شخص كسول رأى رؤيا أنه صعد للسماء وعندما هم بالدخول منعهُ الملاك لأنه ليس له رصيد في السماء .. فحاول أن يدخل ولم يستطع فبدأ يصرخ .. وجاء صوت الله بعظيم مراحمه قائلاً دعوه يدخل .. ودخل فوجد الملائكة والقديسين يُسبحون ويسجدون فقال لنفسه سأنتظر قليلاً حتى ينتهوا من الصلاة .. ولكنهم لم ينتهوا .. لكنه عزى نفسه بأنهم لن يظلوا هكذا كثيراً ولكن طال الأمر ولم ينهوا تسبيحهم أو سجودهم فمل وطلب العودة من نفسه ما لم تتدرب على حياة السماء لن تستطيع أن تحياها في الأبدية لأن الأبدية ما هي إلا امتداد طبيعي لحياتنا الآن .. فإن عشت من الآن في حضرة الله طبيعي أن تكون في حضرتهِ في السماء ولكن إن لم تعتاد الحياة في حضرتهِ من الآن لن تحتمل الوجود في السماء في الأبدية .. مثل شخص اجتهد في دراسته طبيعي إنه ينجح في الإمتحان لكن إن كان شخص مهمل في دراسته فمتوقع إنه سيرسب في الإمتحان وكيل الظلم أعطانا مَثَل وقال لا يكون عقلك ضيق .. فكر في المستقبل وابحث عن أصدقاء لأنه سيأتي وقت وتفنى وتخرج وتُطرد .. أين عندئذٍ يكون مكانك ؟ لذلك مدحهُ ربنا يسوع على حكمته وقال أن أبناء هذا الجيل أحكم من أبناء النور .. كثيراً ما يكون أبناء العالم أحكم منا لأنهم ينظرون لمستقبلهم الأرضي ونحن لا ننظر لأبديتنا ربنا يعطينا أن ننظر إلى فوق للأبدية ونكوِّن صداقة مع القديسين من الآن حتى إذا ما خرجنا يستقبلونا في المظال الأبدية
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين