طرق الأمتلاء من النعمة

Large image

جرت العادة في كنيستنا أنه في يوم التاسع والعشرون من كل شهر قبطي أن تحتفل بتذكار البشارة حتى وإن كان يوافق يوم الأحد .. ومعروف أن يوم الأحد يوم له قدسية خاصة في الكنيسة وأنه يغلب أي مناسبة لكن لأن عيد البشارة عيد سيدي ونحن نعتبره بداية كل البركات لذلك الكنيسة تحتفل به في كل يوم 29 من كل شهر قبطي .. واليوم يوافق 29 بشنس والكنيسة تقرأ لنا في هذا التذكار إنجيل البشارة .
وهناك عبارة قالها الملاك للسيدة العذراء نريد أن نتوقف عندها اليوم وهي ﴿ سلام لكِ أيتها الممتلئة نعمة ﴾ ( لو 1 : 28 ) .. كلمة * ممتلئة نعمة * نقف أمامها كثيراً .. كيف تمتلئ النفس بالنعمة ؟ كيف تكون حياتك عبارة عن إناء ممتلئ بالنعمة وليس به قطرة أو كمية بسيطة بل إمتلاء ؟ السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة .. كيف تهيأ النفس للإمتلاء بالنعمة ؟ الآباء القديسون أعطونا الطريق في ثلاثة كلمات مهمة .
طريق الإمتلاء بالنعمة :
ثلاثة كلمات مهمة تظل معنا كل حياتنا هي :
هل أمر أساسي أن يعيش الإنسان فقير كي ينال من الله بركة ؟ إذاً لماذا سمح الله بالغنى ؟ أليس هو معطي الغنى ؟ نقول لننتبه للفقر في مفهومه الروحي أنه غير الفقر الذي تفكر فيه .. أنت تقول في فكرك أن الفقر هو إنسان لا يجد قوته اليومي ومادياته قليلة .. هذا ليس فقر .. أما الفقر في مفهومه الروحي فمعناه هو أنه حالة داخلية .. نفس قانعة من الداخل .. عدم حب الملكية .. هو إنسان يعيش زاهد في طلباته الخاصة .. هو أن يحيا الإنسان غير متعلق بشئ .. هو حالة قلب غير موضوع في شئ .. هذا هو الفقر الذي يجب أن نحياه حتى وإن كنا أغنياء .
كيف يحيا الإنسان فقير وهو غني ؟ بولس الرسول يحل هذه المشكلة فيقول ﴿ كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء ﴾ .. ﴿ كفقراء ونحن نغني كثيرين ﴾ ( 2كو 6 : 10) .. أي أمتلك الشئ لكن لا يمتلكني الشئ .. الذين يملكون كأنهم لا يملكون .. ﴿ الذين يشترون كأنهم لا يملكون ﴾ ( 1كو 7 : 30 ) .. أي يشتري الشئ لكن لا يمتلك الشئ .. أي لا يشعر الإنسان أنه واقع تحت سلطان الشئ .
ما ضرورة الفقر في الحياة الروحية ؟ أقول لك كل شئ تقتنيه ويدخل قلبك يأخذ من النعمة أي يسحب من النعمة .. شئ تقتنيه ويدخل قلبك لا يدخل دون أن يسيطر داخل القلب .. يسيطر ويصير سيد فيأخذ مكان النعمة .. تأتي النعمة لتدخل القلب فتجده مشغول .. بماذا ؟ بماديات ومظاهر .. لذلك تعال واخلي المكان تجد النعمة تعمل في القلب .
السيدة العذراء كانت مملوءة نعمة .. كانت فقيرة تعيش نذيرة في الهيكل ليس لديها مقتنيات تخاف عليها .. يقولوا لها الآن ستذهبين لتعيشي عند إنسان آخر تقول نعم وتطيع .. تخيل معي السيدة العذراء تخرج من الهيكل ماذا ستأخذ معها ؟ عمل يدها ؟ كانت تعمل في الهيكل .. تأخذ معها ملابسها ؟ ليس لديها سوى ما ترتديه فقط .. ماذا تأخذ معها ؟ لا شئ .. إنسانة ستنتقل من حياة لحياة ومن مكان لمكان تخرج كما هي بدون شئ بيدين فارغتين ؟ نعم .. لماذا ؟ لأنها تحيا الفقر .. الفقر هو حالة قلب إنسان لم يتمسك بشئ .. هو إنسان لا يستعبد لشئ .. هو إنسان يشعر أنه يستخدم كل الأشياء ولا يستخدمه شئ .. يمتلك الشئ ولا يمتلكه الشئ .. إنسان لا يقع تحت سلطان شئ أبداً .
لذلك سأل الآباء تلاميذهم سؤال وهو ما هي أعظم معجزة حدثت في كنيسة الرسل ؟ قالوا معجزة إقامة المقعد بواسطة بطرس ويوحنا عند باب الهيكل .. قال له معلمنا بطرس الرسول ﴿ ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك ﴾ ( أع 3 : 6 ) فقام ومشى .. معجزة قوية جداً جعلت الهيكل كله يضج حتى أن رؤساء الكهنة قالوا أن التلاميذ سيقومون بفتنة .. لكن قال الآباء ليست هذه أعظم معجزة .. فقالوا لعلها معجزة حدثت للرسل عندما قبضوا عليهم وصلى الرسل داخل السجن فتزعزعت أساسات السجن ( أع 16 : 26) .. هل يوجد أقوى من ذلك معجزة ؟ قال الآباء أيضاً ليست هي أعظم معجزة .. قالوا أعظم معجزة حدثت في عصر الرسل هي أن كل الناس كانوا يأتون بأموالهم ويضعوها تحت أقدام الرسل .. لماذا ؟ لأن هؤلاء الذين قبلوا الإيمان معظمهم كانوا يهود ولأن اليهودي أهم شئ عنده المال والأهم الملكية أي الأرض فكانت أقوى معجزة .
تخيل عندما يبيع إنسان يهودي أرضه ويأتي بثمنها تحت أقدام الرسل .. بالفعل هذه أقوى معجزة .. أعظم معجزة أن يتنازل الإنسان عن شئ يشعر أنه سنده لذلك قال لهم الله في العهد القديم ﴿ ينزع من أورشليم ومن يهوذا السند والركن ﴾ ( أش 3 : 1) .. ليت الإنسان يشعر أن سنده ليس في المال .. هذا هو الفقر .. هو إنسان أخلى القلب من كل لذة وكل شهوة كي تدخل النعمة وتسكن .. قد تسأل هل الملكية حرام ؟ أقول لك الملكية ليست خطأ لكن الخطأ أن الشئ يملك في القلب أو تتكل على هذا الشئ أو تفتخر بالشئ كأنه ملك لك .. الخطأ أن تستخدم الشئ لمجدك الشخصي بدلاً من مجد الله وبدلاً من أن يكون المال وسيلة لكسب الملكوت يصير معطل للملكوت .
النفس الممتلئة تعيش الفقر .. تخيل القديس أبو مقار عندما جاء ليدخل قلايته وهي مغارة في الجبل ليس بها شئ فوجد جمل يقف أمام باب القلاية وكل ما له في القلاية يُحمَّل على الجمل – موقف صعب – يدخل القلاية يجد لص يحمل كل ما وجده في القلاية ليضعه على الجمل وهو لا يعلم أن هذه القلاية لأبي مقار .. ماذا يفعل أبو مقار ؟ نجد أبو مقار يساعد اللص في تحميل ماله .. وكأنه يقول لنفسه لعل هذه الأشياء هي التي تعطلني .. إنسان مثل القديس أبو مقار ليس لديه شئ يملكه فماذا يكون عنده وهو عايش في الصحراء ؟ بعدما سار الجمل وأبو مقار سعيد وهو يغلق قلايته والمكان حوله فارغ من كل شئ وجد سلة بها قليل من الزيتون .. أخذ السلة وجرى خلف اللص يقول له لقد نسيت تأخذ هذه السلة .. ما هذا ؟ فقر .. الآباء القديسون عرفوا طريق الفقر لأنهم أرادوا أن يخلوا المكان ليسوع المسيح .. أرادوا ألا يكون في قلبهم سيد غير ربنا يسوع .
السيدة العذراء عاشت فقيرة .. الآباء القديسون أول خطوة يخطوها لينالوا منها أول دفعة قوية في حياتهم الروحية ونسكياتهم وصلواتهم هي ﴿ إذهب بع كل مالك ﴾ ( مر 10 : 21 ) .. لماذا ؟ وهل المال فقط ؟ هل أستطيع أن آتي إليك يارب بمالي ؟ يقول لا .. لأن المال يأخذ من شحنات العاطفة ويأخذ من فكر العقل والإهتمام .. قد يكون إنسان عنده مال ولا يأخذ من فكره ؟ ممكن لكن صعب .. الكتاب يقول إنسان مثل أبونا إبراهيم كان غني لكن غناه لم يشغله حتى قيل عنه أنه سكن في خيام حياته كلها .. حياة بسيطة جداً .. ويوم أن إشترى مِلك إشترى مقبرة .. ملك مقبرة كي يدفن أمنا سارة وهو دفن فيها بعدها .. هذا إنسان عرف ماذا يملك وماذا له .
قد يكون هناك نماذج في الكنيسة لأناس أغنياء لكن إستخدموا غناهم لكسب الملكوت .. قريباً إحتفلنا بعيد نياحة إبراهيم الجوهري .. رجل غني لكن حول غناه إلى فوق إلى السماء .. كما قال شخص غني كان يعطي الكنيسة بسخاء فقال له الأب الكاهن أخاف أن يأتي يوم وتندم على هذا السخاء العالي في عطائك للكنيسة فقال هذا الغني كلمة جميلة قال له أنا عايش على الأرض غني ولن أقبل أن أعيش في السماء فقير .. إنسان يريد أن يستمر غني في السماء .
جيد هو الإنسان الذي يعيش الفقر الإختياري .. ليتنا نقلل من طلباتنا .. ليتنا نقلل من إنفاقنا الذي بلا احتياج .. ليتنا نشعر بالفقر .. ليتنا نشعر أننا نريد أن نحيا حياة بسيطة ونتخلى عن بعض الكماليات .. ليتنا نعيش مشاعر إخوتنا المحتاجين .. ليتنا حتى وإن كان لدينا شئ لا تكون قلوبنا في هذا الشئ – تداريب بسيطة – ليتنا لو فقدنا شئ لا ننهار .. ليتنا لو ضاع منا شئ لا نفقد سلامنا .. أحياناً نرى إنسان يفقد شئ فيعيش في إكتئاب .. لماذا ؟ لأن قلبه في هذا الشئ .. الفقر يفتح للإنسان باب إمتلاك المسيح نفسه .. تخيل إنسان يقف أمام الله بقلب وفكر غير منشغل بأمور كثيرة كيف يكون ؟ يكون عنده إنطلاق .. قلب إنحل من محبة العالم وبالتالي يكون قلب منطلق يحلق في السماء .
جرت العادة أن نتكلم عن العفة في الجسد فقط .. لا .. العفة أمر شامل .. لذلك من ثمار الروح القدس التعفف ( غل 5 : 23 ) .. ما هو التعفف ؟ هو أن تحيا عفيف أي عفيف في كل أمر في جسده .. في نفسه .. في مقتنياته .. وفي كل حياته .. العفة هي حالة جسد متحد بالله .. هي حالة قلب مفطوم عن محبة العالم .. العفة هي صديقة للطهارة والطهارة أمها لأن الطهارة أشمل من العفة .. الطهارة هي في الروح وفي التكوين والعقل تثمر عفة .. لذلك النفس التي تريد أن تمتلئ بالنعمة لابد أن تعيش الطهارة والعفة .. لابد أن تعيش بفكر نقي في مقاومة لكل ما هو شر وشرير .. نفس لابد أن تعيش في تشبع بالأمور الصالحة المقدسة .
ما أجمل معلمنا بولس الرسول عندما كان يتكلم مع أهل فيلبي وقال لهم إن أردتم أن تفكروا في شيء ففكروا في ﴿ كل ما هو حق .. كل ما هو جليل .. كل ما هو عادل .. كل ما هو طاهر .. كل ما هو مسر .. كل ما صيته حسن .... ففي هذه إفتكروا ﴾ ( في 4 : 8 ) .. لا تجعل في فكرك أفكار رديئة .. إن دخل عقلك أفكار رديئة ستلوث الجسد كله فيفقد طهارته .. لا تتخيل أن الطهارة للشبان وغير المتزوجين أو هي للمتزوجين وليس للشبان .. لا .. هذه أفكار من العدو .. الطهارة لكل المراحل .. الطهارة هي إنسان يعيش في حالة من السيادة على الجسد .. هي إنسان مرتفع عن كل ما هو شهواني .. لكن طبيعة الجسد شهوانية .. نقول الشبع الروحي يرفع الإنسان .. الشبع الروحي يجعل الإنسان يعيش في عفة لذلك لابد أن ننتبه لحواسنا ونحرس أفكارنا ونضع حارس لأفواهنا .
نحن محتاجين أن نعرف ماذا نرى وماذا لا نرى .. محتاجين أن نعرف من نعاشر ومن لا نعاشر .. محتاجين أن ننتبه لهذه الأمور .. كل عصر وله سمات ونحن في عصر كي نحافظ فيه على طهارتنا محتاجين جهاد أكثر .. كيف ؟ إشبع بالله أكثر .. قد يكون الله سامح أن يكون في عصرنا ضغوط شديدة لكي نلجأ له أكثر ونتحد به أكثر .. قد يكون الشئ الذي يفكر فيه الإنسان على أنه سلبي الله يجعله إيجابي .. كيف يغلب الإنسان عندما تكون الإلحاحات عليه شديدة ؟ أقول لابد أن يكون أشد منها لكي يغلبها .. كيف يغلب إنسان شئ قوي إلا إذا كان أقوى من هذا الشئ ؟!!!
اليوم الشر معروض علينا بسهولة ومطلوب إننا نشبع بالله أكثر .. هل نحن نجلس مع الإنجيل ؟ هل نحن أمناء في صلواتنا ؟ هل نحن في عشرة قوية مع إلهنا ؟ كل هذا يثمر عن طهارة .. لن تعمل النعمة في إنسان أفكاره كلها دنس .. لن أمتلئ من النعمة وأنا عايش تحت سلطان أهواء الجسد .. إمتلاء النعمة بالطهارة .. الطهارة تقتنى بالصلوات وتقديس الفكر وكثرة القراءة .. الآباء القديسون يقولون ﴿ إتعب نفسك في القراءة فإنها تخلصك من النجاسة ﴾ .. هل تقرأ سير قديسين وكتب روحية ؟ إن فعلت ذلك ستجد نفسك تقدست وتمشي وسط العالم مرفوع .. لست أنت منهم لأن هؤلاء مستعبدين للأهواء .. الله يرحمهم ويرفع عنهم ويكشف لهم الطريق .
لذلك إمتلاء النعمة لا يحدث أبداً بدون الطهارة لذلك قال ﴿ من أحب طهارة القلب يكون الملك صديقه ﴾ .. أحد الآباء القديسين قال ﴿ كل من يجاهد من أجل العفة ينال دالة عظيمة عند الله ﴾ .. ما أجمل الإنسان الذي يضبط نفسه ويحفظ حواسه ويعيش الطهارة في قلبه وفكره فتنضح على سلوكه هذا يفتح الباب للإمتلاء بالنعمة وتزداد النعمة .
ما هي الطاعة ؟ إنسان مطيع أي لديه خضوع .. إنسان متضع .. إنسان أخلى نفسه من مشورة ذاته .. وكلما أخلى الإنسان نفسه من نفسه كلما عاش الطاعة كلما أعطى مجال أكبر وأوسع للنعمة كي تعمل فيه .. السيدة العذراء كانت تعيش نذيرة للرب في الهيكل .. يقولون لها لابد أن تخرجي من الهيكل .. تقول لكني أحب الهيكل .. يقولون لها لكن لابد أن تتركي الهيكل .. تطيع .. يقولون لها لن تتركي الهيكل فقط بل وستتزوجين .. السيدة العذراء التي هي معلمة البتولية عندما قالوا لها سترتبطين تطيع وتخضع .. هل تعرفين كيف يكون هذا الإرتباط ؟ تجيب لا .. لكنها عندها إشتياق في قلبها ومسلمه أمرها لله .. هي خارجة من الهيكل وتعرف أنها ستتزوج لكن لا تعلم بمن .. يقيموا قرعة لكي يزوجوها .. تخيل فتاة يقيموا لها قرعة والذي تأتي عليه القرعة يزوجوها إياه .. إذاً لنسألها من هم هؤلاء الأشخاص الذين ألقيت بينهم القرعة هل هم من إختيارها ؟ لا .. هي تقبل كل الأمور وترى أن الله يسير الأمور .
الإنسان الذي يسلم حياته بالكلية لله يمتلئ بالنعمة .. لكن للأسف كثيراً ما تعيق إرادتنا نعمته .. إختياري الشخصي قد يكون غير موافق لأرادته .. متى تعمل النعمة ؟ عندما أكون خاضع تماماً لأرادته – طاعة – الطاعة هي بدء كل أفراح الروح لأنها حالة من إخلاء الذات بالكامل .. لذلك قيل عن أبونا إبراهيم ﴿ بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع ﴾ ( عب 11 : 8 ) .. ماذا أطاع ؟ قال له أخرج من أرضك ومن عشيرتك .. إلى أين ؟ ليس لك أن تعرف أنا سأرشدك .. أبونا إبراهيم يطيع .. جيد هو الإنسان الخاضع المطيع فهو يهيئ نفسه لبركات ونعم كثيرة .
مبدأ في الحياة الروحية مهم هو كلما تركت شئ تأخذ مائة ضعف .. كل ما تترك شئ في أمر الفقر تأخذ مائة ضعف .. كل ما تترك شئ في العفة تأخذ مائة ضعف .. كل ما تترك شئ في مشورتك الشخصية تأخذ مائة ضعف .. ما هذا ؟ هذه خبرات الروح لذلك قيل عن العذراء ﴿ الممتلئة نعمة ﴾ .. توجد ترجمات غير أرثوذكسية تقول * المنعم عليها * .. * منعم عليها * مختلفة جداً عن * الممتلئة نعمة * .
النفس مدعوة لأن تملأ بالنعمة .. ولا سبيل للإمتلاء بالنعمة سوى بهؤلاء الثلاثة الفقر والعفة والطاعة .. قس نفسك أين أنت من الفقر ؟ أين أنت من العفة ؟ أين أنت من الطاعة ؟ لذلك في إجاباتي على هذه الأسئلة أعرف بكل أمانة أمام الله بضمير أمين شاهد الروح القدس أين أنا من النعمة .. لماذا النعمة شحيحة عندي ؟ لماذا نمونا الروحي بطئ ؟ لماذا إشتياقاتنا ضعيفة ؟ لأنه إنسان مربوط .. مربوط بالماديات من ناحية وشهوات الجسد من ناحية ومشورة ذاته من ناحية .. هذا أمر يجعل النعمة تبتعد .
النعمة تريد أن تسكن فينا .. تريد أن تعطي بغنى وليس بكيل بل بغزارة لكنها تريد أن ترى فينا نفوس أمينة نفوس مشتاقة .. صعب نعرج بين الفرقتين .. قد يقول لي أحدكم كلامك ليس عملي .. لكني أجيب أن الحياة الروحية إسمها حياة روحية تتعارض تماماً مع كل ما هو جسدي .. ﴿ الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد ﴾ ( غل 5 : 17) .. لمن تعيش .. لحساب من تعيش الجسد أم الروح ؟ إن كنت تنحاز للجسد حاول أن تأخذ نعمة كي تستيقظ من الخضوع للجسد .. قل لله أعطني نعمة .. نعم يارب أنا غير أمين في كل ما هو روحي لكني أريد أن تتغير حياتي بنعمتك .. أريد أن أمتلئ من نعمتك .. لا يمكن أن أكون ممتلئ بنعمتك ويكون هذا حالي .. قد أكون قد عشت للجسد وعشت للأهواء أو عشت للمال أو الذات لكن في النهاية أنا أعيش في عزلة .. أعيش في قلق .. أعيش منقسم مع كل من حولي .. أقول لك الفقر والعفة والطاعة هم الذين يجعلوك تعيش في فرح وتعيش متحد مع من حولك .
أنظر لإنسان تخلى عن أموره تجد كل من حوله يحبه .. قد تقول هل أعطي الناس حقوقي ؟ أقول لك إسعى لتنال حقوقك لكن لو شعرت أن التضحية بالمادة تجلب لك السلام والمحبة ضحي بها لأن بذلك تنال النعمة الروحية .. النعمة الروحية مظهرها من الخارج خسارة لكن من الداخل كلها مكاسب .. تخيل شخص مثل القديس أبو مقار هو إنسان سُرق وخُدع لكن تخيله وهو واقف بعد أن سُرق وهو واقف يصلي كيف يكون قلبه ؟ يكون قلبه منطلق .. قلب يرى السماء .. عين مستنيرة .. نفس فكت من قيود كثيرة .. إذاً هذا اللص أفاده ولم يضره بل ساعده .
هذا هو الطريق الروحي عكس المنطق والعقل والذات والشهوة .. لمن نحن خاضعون ؟ لذلك السيدة العذراء ممتلئة نعمة .. كلنا مدعوون لنفس الدعوة .. كلنا مدعوون لنفس الحياة .. كلنا مدعوون لننال نفس الشبع ونفس الكرامة .
ربنا يسوع المسيح الذي يرى أمانتنا ويريد أن يملأنا بالنعمة
يساعدنا لكيما نقتنع لنحيا الفقر له والعفة له والطاعة له
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2599

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل