كيف نتغلب على العثرات

Large image

إنجيل هذا الصباح المبارك يكلمنا فيه ربنا يسوع المسيح عن خطورة العثرات فيقول ﴿ من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر ويل للعالم من العثرات فلابد أن تأتي العثرات﴾ ( مت 18 : 6 – 7 ) .. كثيراً ما يقول الإنسان نحن في عالم مملوء عثرات ونشتاق لأن يتنقى العالم من العثرات كي نحيا حياة جيدة .. ليتنا نعيش في عالم كله فضيلة وسلام ومحبة وهذا عملك أنت يا الله أن توفر جو مناسب لأولادك كي يعيشوا فيه معك لكنه يقول لنا ﴿ لابد أن تأتي العثرات﴾ .
العالم منذ القديم وليس اليوم فقط مملوء عثرات والمسيح قال ﴿ في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ﴾ ( يو 16 : 33 ) .. ما هي العثرات التي يتعرض لها الإنسان ؟ كثيرة .. خطايا كثيرة جداً محيطة بالإنسان .. قديماً عندما كان الإنسان يعاشر شخص ردئ أو يرى مناظر رديئة أو يكون في التليفزيون مناظر غير جيدة نقول له هذه كلها عثرات إبتعد عنها .. لكن اليوم الأمر إختلف .. لماذا ؟ لأنه قد يقول لك أنا في مكان لا أجد فيه إنسان واحد أعاشره .. أي العثرة إزدادت .. قديماً إن وجدنا مع شخص صورة غير جيدة ننتهره ونطلب منه أن يتخلص منها .. اليوم المناظر الرديئة تملأ البيوت والإرسال أربعة وعشرون ساعة كله دنس وقباحة ولا يستطيع الإنسان أن يتخلص من العثرات .
ما العلاج ؟ الناس تشكو من الملابس الخليعة والمناظر الرديئة .. لكن الكتاب قال ﴿ لابد أن تأتي العثرات﴾ .. أين العلاج إذاً ؟ نقول العلاج فيك .. العلاج داخلي أنا .. أنا لن أنتظر أن ينقوا وسائل الإعلام من العثرات ويطهروه .. لا .. ﴿ لابد أن تأتي العثرات﴾ .. معلمنا بولس الرسول يقول ﴿ لنطرح كل ثقلٍ والخطية المحيطة بنا بسهولة ﴾ .. أي توجد خطايا محيطة بنا وموجودة منذ أيام معلمنا بولس الرسول بل ومنذ أيام أبونا آدم والجيل الأول جيل أولاده إنقسم العالم إلى قسمين قسم تبع قايين وقسم تبع هابيل .. القسم الذي تبع هابيل سُميَ * أولاد الله * والقسم الذي تبع قايين سُميَ * أولاد الناس * .. المفروض أن أولاد الله محفوظين ومتحدين بالله لكن للأسف أولاد الناس نجحوا في عثرة أولاد الله .. ﴿ أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات ﴾ ( تك 6 : 2 ) .. حدث خلط .. لماذا ؟ لأنه يوجد عثرات منذ أيام آبائنا .
لوط البار عاش هو وأسرته في أرض سدوم وعمورة أرض كلها عثرات حتى أن معلمنا بطرس الرسول تكلم في رسالته عن لوط والعثرة التي تعرض لها .. ﴿ إذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوماً فيوماً نفسه البارة بالأفعال الأثيمة ﴾ ( 2بط 2 : 8 ) .. كل يوم يعذب بالنظر والسمع يرى دنس وخلاعة قد لا يتخيلها إنسان .. أمر متاح للكل .. دنس في الشارع .. في كل مكان عثرة وموجودة كيف يغلب الإنسان العثرة ؟ يوسف الصديق .. لا تتخيل أن إمرأة فوطيفار جاء بفكرها صدفة أن تمسك يوسف .. لا .. بل كان يوسف ببالها وذهنها والشيطان تملك على عقلها واستطاع أن يلقي ظلمة على قلبها وعقلها واشتهت يوسف أيام عديدة والعجيب أن الكتاب يقول ﴿ كلمت يوسف يوماً فيوماً ﴾ ( تك 39 : 10) .. عثرة وموجودة أمامه في نفس المكان وليست مجرد عثرة لمرة واحدة ونجح في التخلص منها .. لا .. بل كانت يوماً فيوم العثرة موجودة .. مثلنا نحن تلح علينا الخطية يوماً فيوم تريد أن تسقطنا .. عثرة وموجودة ومتاحة وسهلة وتقول إن تبعتني ستكسب وإن لم تتبعني ستخسر .. عثرة وموجودة .
عدو الخير يزين العثرات للدرجة التي يعطيها مسميات غير حقيقتها .. فقد يقول لك هل ستظل شخصية مغلقة عمرك كله والعالم منفتح الآن ؟ ويبدأ عدو الخير يسهل للإنسان بالتدريج خطوة خطوة .. عدو الخير لا يأتي للإنسان ويقول له إسرق أو إزني .. لا .. بل قد يقول أن الحياة صعبة وأنت محتاج .. أيضاً لا يقول إزني بل يقول لتكن حر وتنسى عُقدك ما المانع أن نتعامل مع كذا وتذهب للمكان الفلاني وما المانع أن تركِّب الدش ؟ أسلوب به سلاسة .. ثم يقول لك لترى كيف يعيش الآخرين فترى لدقائق ولكنك تتراجع وتقول لا يليق وتدير الشاشة والقناة ولكن تجد نفسك بعد وقت ليس بكبير تزداد الرؤية لنصف ساعة ثم تبدأ تبحث عن هذه الأمور بنفسك ؟ ماذا حدث ؟ عثرة .. عثرة ملقاه أمامنا .
نحن في عصر الإنسان محاط فيه بعثرات لكن لنعلم أن العثرات ليست في عصرنا فقط بل هي في كل وقت لكن قد يكون سلطانها زاد أو أشكالها تنوعت .. لكن الإنسان هو هو وتيار الشر في الإنسان هو هو والخطية المسيطرة على الإنسان هي هي .. إذاً ماذا نفعل في هذه العثرات ؟ نقول ليست هذه العثرات هي فقط الموجودة بل قد يعثر الإنسان في إيمانه .. ممكن يكلمه شخص عن الثالوث فيجد نفسه يشك في إيمانه ..كيف يكون الله إنسان .. كيف يحدث مع ربنا يسوع المسيح موقف مثل هذه المواقف ؟ ويبدأ يعثر .. قد يعثر إنسان في المسيح نفسه وفي صليبه .. وقال أنه الصليب لليهود عثرة .. لماذا ؟ وما معنى عثرة ؟ أي إنسان توقع شئ في ذهنه ولم يجده فأعثر .. توقع اليهود أن المسيح هو ملك اليهود وأنه سيخلصهم من ظلم وعبودية الرومان لكن عندما وجدوا أن الرومان صلبوه وأهانوه قالوا كنا نتوقع أنك ستخلصنا منهم لكنك وُجدت بلا سلطان عليهم فأعثروا فيه .. لذلك قال ﴿ طوبى لمن لا يعثر فيَّ ﴾ ( مت 11 : 6 ) .. من ؟ أحباؤه والمؤمنين به والذين يعلمون أنه الآن يتمم تدبير .. الذين يعلمون أن الذي يتم فيه الآن هو بإرادته وسلطانه وحده .
قد تحدث عثرة في المسيح .. عثرة في الإيمان .. عثرة في الكنيسة أن يجد شخص موقف لا يعجبه في كاهن .. في شماس .. في مجلة كنسية .. في راهب .. عثرة ولابد أن تأتي العثرات .. لابد أن تعلم أنك مازلت تعيش على الأرض ولم تدخل بعد السماء والأرض لابد أن يكون بها عثرات .. لا تتوقع أننا كاملين بل كلنا بنا نقائص ومادمت تعلم أن الإنسان به نقائص تكون مقدار العثرة التي بك قليلة لذلك قال لابد أن تأتي العثرات .
طريق الغلبة على العثرات :
كيف يكون طريق الغلبة على العثرة ؟ طريق الغلبة على العثرة هو الحياة مع الله .. الإنسان الذي يحيا مع الله ويتحد به إن أتت العثرة أمامه يستطيع أن يغلبها .. ثلاثة مبادئ مهمة نحن نحتاجها ونتعلمها في جيلنا هذا ونعلمها لأولادنا كي يستطيعوا أن يميزوا .. نحن في جيل كثرت به العثرات .
(1) النفس الشبعانة تدوس العسل :
كيف أتغلب أنا وإبني على هذه العثرات ؟ كيف يستطيع إبني أن يحيا في تقوى وسط هذا الجو الضاغط ؟ بالشبع .. لابد من أن تشبع بالله .. لو لم نشبع بالله سنضيع ونتوه ونفقد مسيحيتنا وكنزنا .. حقيقةً إننا مستهترين جداً .. الكنز الذي فينا أخفيناه وأضعناه .. أجمل ما فينا سكنى الروح القدس .. الجسد والدم .. الغفران الذي نناله وقوة القديسين .. كل هذا صار لنا كلام نظري وبدأنا نشكو مثل الآخرين من العثرات .. بل وقد نكون نحن سبب عثرة في شكلنا وملابسنا .. كيف ؟ أولاد الله هم شهوده .. إبنة المسيح لابد أن يخرج من جسدها رائحة ذكية وليست رائحة نتنة .. إبنة المسيح تحمل صورة المسيح كل مجدها ولا تكون موضع إستهزاء وسخرية .. إبنة المسيح إنسانة مختلفة مهما كان .. ﴿ ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة ﴾ ( مت 18 : 7 ) .
الإنسان الذي يريد أن يغلب العثرات لابد أن يكون شبعان .. أشبع بإلهي .. أشبع بإنجيلي .. أشبع بالكلمة المحيية .. كثيرون منا مهملين في قراءة الكتاب المقدس إذاً كيف نغلب العثرات إن كانت العثرات بهذا السلطان ؟ إن كانت الإمكانية التي أعطانا الله إياها لا نستطيع إستخدامها .. من منا يجلس مع إنجيله يأكله ؟ من منا يجلس مع إنجيله ساعات يلتهم منه ويرتوي ولا يستطيع أن يغلقه من لذة التعزية التي يعطيها الله له ومن لذة الكلام ويجد نفسه مسبي بالنعمة ؟ لمن هذا الكنز ؟ الله أضاء عقل الإنسان وقلبه وعندما تأتي العثرات ماذا يحدث ؟ تجد نور لذلك قال رب المجد يسوع ﴿ إن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون ﴾ ( مت 6 : 23 ) .
ما هو الظلام وما هو النور ؟ الآباء يقولون النور هو العقل والظلام هو الجسد .. الجسد مظلم بالشهوة والكسل وحب الأكل و .... الذي ينير الظلمة هو العقل والقلب .. العقل والقلب اللذان بهما الله يسلطان الضوء على الجسد فيصير الجسد المظلم مضئ .. تخيل أن العقل والقلب اللذان بهما النور الذي يضئ ظلمة الجسد غير موجود بهما النور فكم يكون الظلام ؟ ما حال إنسان عقله وقلبه ليس بهما الله ؟ ما حال إنسان عقله وقلبه لا يسبحان ؟ ما حال إنسان قلبه ولسانه لا يلهجان بكلمة الله ؟ ﴿ إن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون ﴾ .. ولنرى سلطان الجسد وحدَّته ستجد نفسك – ربنا يرحمنا – أصعب من الحيوانات لأن النور صار ظلام .. السلطان الذي أعطاك الله إياه لم تستخدمه .. لا .. ﴿ النفس الشبعانة تدوس العسل ﴾ ( أم 27 : 7 ) .. ﴿ لنطرح كل ثقلٍ والخطية المحيطة بنا بسهولة ﴾ .. من أين ؟ من سلطان إنسان من داخله يعرف ما هو الصواب وما هو الخطأ .. إنسان عندما يبتعد عن العثرة لا يشعر أنه محروم أو متضايق بل بالعكس يشعر أن الذين يتبعون هذه الأمور مساكين ومحتاجين صلاة .. مساكين يعيشون حسب شهواتهم .. مساكين يتبعون الظلمة التي بهم ولا يوجد ما يضئ عقلهم وقلبهم .
لكي أعرف أن أغلب في جيلنا هذا أضع أمامي مبدأ النفس الشبعانة تدوس العسل .. مهما كانت قوة الخطايا وسهولتها .. مهما كان الإنسان يعيش في وسط مظلم .. النفس الشبعانة تدوس العسل .. كثيراً ما يمر على الكنيسة وكثيراً ما مرت عصور أتقياء وأبرار العهد القديم أمور بها عثرات وخطايا .. بولس الرسول كان يكرز في أماكن وثنية بها طقوس عبادات وثنية ما هي إلا زنى .. تخيل لما يقنع عدو الخير الإنسان أن من ضمن ألوان التدين الزنى .. تخيل إنسان مسيحي يشتاق أن يحيا حياة مسيحية حقيقية ويربي أولاده ويحافظ عليهم في مثل هذا الجو المملوء عثرات .. يرى أن الولد والبنت بهما تيار الخطية والناس الذين حولهما يفعلون هذه الأمور .. قد يقول الأولاد كل من حولنا يفعل ذلك فلان وفلان و ... لا .. الله قال ﴿ أنتم فجنس مختار ﴾ ( 1بط 2 : 9 ) .. أنت مسكن الله .. أنت الذي إقتناك بدمه .. ﴿ لأنكم قد اشتريتم بثمنٍ فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ﴾ ( 1كو 6 : 20 ) .. المسيحي لو عرف قيمة نفسه وقيمة مسيحيته ما تردد ولا سلك أبداً بقانون أهل العالم .. لذلك النفس الشبعانة تدوس العسل .
(2) إمتحنوا كل شئ وتمسكوا بالحسن :
بولس الرسول يقول في رسالته إلى أهل تسالونيكي الأولى ﴿ إمتحنوا كل شيءٍ تمسكوا بالحسن ﴾ ( 1تس 5 : 21 ) .. إمتحن كل شئ .. أنا سمعت عن شئ سلبي وردئ والناس تشكو منه وأنا جربت .. كل هذا يجعلني أتمسك بالحسن وأبعد عن هذا الشئ وليس من الداعي أنه عندما أسمع عن شئ سلبي أنه لابد أن أختبره حتى لا أسقط فيه .. ﴿ إمتحنوا كل شيءٍ تمسكوا بالحسن ﴾ .. إن كان إبني محب للكمبيوتر ويدخل على مواقع قل له * إمتحن كل شئ وتمسك بالحسن * .. إختار .. الإنسان كي يغلب اليوم العثرات لابد أن يعرف كيف يختار ما يناسبه ولابد أن يشعر بسلطان الله داخله الذي يجعله يسلك حسب وصية إلهه .. إمتحن كل شئ .. لا تترك نفسك لهواها .. معروف أن الإنسان سيحيا وسط عثرات كثيرة لابد أن نشعر أننا غالبنها .
الإنسان الذي يواظب على صلواته ويعيش التوبة اليومية ويقرأ كتابه المقدس بشغف .. إنسان يشبع بكنيسته وأسرارها وألحانها والتناول ثم قل له هيا لتشاهد فيلم ردئ أو دنس أو منظر غير جيد .. بالطبع سيقول لك لا أستطيع .. لماذا ؟ لأنه شبع وعرف كيف يتمسك بالحسن .. عرف أنه كيف لا يليق به كإبن لله أن يتبع هذه الأمور .. عندما نرى الضغوط التي على أولادنا نقول يارب ارحم أُدخل إنت يارب عقولهم وقلوبهم .. لذلك لابد أن نصلي لأولادنا ونرشدهم ونعلمهم ونتابعهم ولابد أن يكون لنا دور إيجابي وسط البيت .. لابد أن يكون لكل شاب وشابة قانون روحي يومي ولابد أن يكون جاد فيه وإلا يوم مع يوم يتهاون ثم يضيع .. إن كانت توجد عثرات وربنا يسوع قال لابد أن تأتي العثرات إلا أن العثرات وُجدت من أجل إمتحاننا وتزكيتنا .. فالعثرة تكون للإنسان الخاطئ سبب دينونة وبالنسبة للإنسان البار سبب بره وتزكيته .. ليتك تكون وسط جيلك المملوء بالعثرات من الشهود الأمناء .
(3) كل الأشياء تحل لي ولكن ليس كل الأشياء توافقني :
كل الأشياء تحل لي ولكن ليس كل الأشياء تبني :
عندما يعرض عليَّ شئ .. عندما أكون وسط ظروف لا أعرف كيف آخذ قرار .. أقول كل الأشياء تحل لي ولكن لابد أن أعرف أن هناك ما يوافقني وما لا يوافقني .. يوجد ما لا يليق بي وليس كل الأشياء تبني .. لابد أن أرى ما يبنيني .. وعلى قدر ما ينجرف العالم في تيار من التفاهه والسخافة على قدر ما يوجد تيار للعلم والتطور والتقدم والتميز .. وكثيرون يسيرون مع تيار السخافة وتنزل وتنزلق وكثيرون يسيرون مع تيار التطور والتميز والعلم لأعلى .. لابد أن أعرف ما يبني .. لا يوجد شئ خطية بذاته إلا أن الإنسان بميله الردئ يجعله خطية .
الجسد في حد ذاته ليس خطية بل الأكثر أن الشهوة في حد ذاتها ليست خطية لكن إستخدامها الردئ هو الخطية لكن الإنسان لو لم يكن له شهوة طعام كان لا يأكل ويموت بالجوع .. أيضاً لولا الشهوة ما كان يوجد تناسل وزرع بشري واستمرار حياة .. الله لم يخلق شئ دنس أبداً لكن الميل الردئ هو إنفصال إرادة الإنسان عن إرادة الله فتنحرف كل الإتجاهات وتفسد كل العطايا لذلك ليس كل الأشياء تبني .. لابد أن أعرف ما يبني .. لابد أن أقرأ وأتثقف .. لابد أن يكون عقلي مضئ .. العقل وحياتي وزنة يجب أن أتاجر فيهم وأربح ولا أضع العثرات حجة ولا الضعف المحيط بي لأن الكتاب قال لابد أن تأتي العثرات .
كن مضئ في موضع مظلم .. كن إيجابي وسط سلبيات .. إعرف كيف تختار .. ما أجمل تسبحة دبورة النبية والقاضية عندما قالت ﴿ دوسي يا نفسي بعزٍ ﴾ ( قض 5 : 21 ) .. * بعز * أي بسلطان وقوة واقتدار دوسي .. النفس التي بها قوة الله داخلها تدوس بعز ولا تشعر أنها مهزوزة أو محرومة ولا تشعر أن الله وضع عليها قيود صعبة أو لا تعرف كيف تعيش مثل سائر الناس .. لا .. لأنها تدوس بعز .. نطرح عنا كل ثقل الخطية .. لذلك الذي يشكو من العثرة نقول له العثرة داخلك .. الذي يشكو بالضعف نقول له الضعف داخلك .. لذلك سيدنا البابا شنودة له عبارة جميلة ﴿ إن جاهدن مع نفسك سوف تستريح في الجهاد مع الخطايا ﴾ .. أنت غلبت من الداخل ستعرف عندئذٍ كيف تغلب من الخارج .
الإنسان داخله جسد يميل للخطايا .. طبع فيه خطية مغروسة ومن الخارج خطية محيطة بسهولة فيحدث إشتعال .. ما المطلوب ؟ أنت داخلك نيران شهوة ومن الخارج بنزين لو وضعت النار على البنزين ستشتعل الأمور لذلك أنت لن تعرف كيف تتخلص من البنزين الذي حولك ؟ الحل في النار التي داخلك تطفئها بالماء الذي هو الروح القدس روح ربنا الذي بداخلك .. ينابيع الماء الحي التي بداخلك قادرة بسلطان أن تطفئ نيران الشهوة .. حتى إن أتى عليك بنزين العثرات ونيران الشهوة مطفأة داخلك فالبنزين سيأكل نفسه ولا يضرك بشئ .
حاول أن تكون من داخلك إنسان غالب وتنقي نفسك من الداخل .. أحياناً نعطي تشبيه أن الجو المملوء قنوات تليفزيون وراديو و ..... إن كان عندك جهاز وضبطته على أي قناة ستراها .. إن ضبطت الراديو على قداس ستسمع قداس وإن ضبطته على أغنية ستسمع أغنية لذلك المشكلة ليست في الجو بل في جهازي على أي قناة أضبطه ؟ هكذا الإنسان لو إنسان ساعي للشهوات وداخله ظلام ستأتيه الشهوة .. لكن لو أنا إنسان مصلي للمزامير وأسير في خوف الله ووداعة لن تمسني العثرة لأن قناتي ليست على قناتها .. لابد أن تأتي العثرات .
لذلك لابد أن نأخذ حياتنا جد .. إن كنا نشتكي من العثرات فأقول لك تعال لنشكو من إهمالنا قبلما نشكو من العثرات .. تعال نشكو من صلواتنا الفاترة ومن إننا تركنا إنجيلنا ومن نفوسنا الضعيفة قبلما نشكو من العثرات والضغوط المحيطة بنا من الخارج .
ربنا يسوع الذي سمح أن تكون هناك عثرات وأعطانا سلطان أن نغلبها
يثبتنا في شخصه القدوس المبارك كي نكون بلا لوم ولا عثرة أمامه
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 3622

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل