عمل الراعى

Large image

في تذكارات الآباء البطاركة تعودنا الكنيسة على قراءة إنجيل الراعي الصالح .. الكنيسة تؤمن أن ربنا يسوع المسيح هو راعي قطيعه أي الكنيسة .. وإن كان في الكنيسة رعاة كثيرون فهم مجرد وكلاء على رعية المسيح فالراعي الوحيد للكنيسة هو ربنا يسوع المسيح لكنه يقيم رعاة .. هنا يقول ﴿ ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته ﴾ ( يو 10 : 4 ) .. اليوم نتكلم عن مهام الراعي .. وما بين راعي الخراف وراعي الخراف الناطقة الذين هم رعية المسيح وشعبه .
عمل الراعي :
1. الراعي يقود .
2. الراعي يقود للمراعي الخضر .. يأخذهم لمراعي خضراء ليتغذوا منها .
3. الراعي يؤدب .. معه عصا يوجه بها الغنم وقد يستخدمها لضرب الغنم المشاكس .
4. الراعي يحمي القطيع من الإختلاط مع القطعان الأخرى .. أيضاً يحفظ القطيع من أن يهرب أو يخطف .
5. الراعي يحفظ القطيع من الذئاب الخاطفة .
1/ الراعي يقود :
راعي الخراف مهمته أن يسير أمام خرافه وهي خلفه .. هذا رأيناه في ربنا يسوع المسيح .. ربنا يسوع كان دائماً قائد الكنيسة .. هو قائد الإثني عشر .. هو قائد السبعين .. هو قائد وهم ورائه .. نقول له ﴿ يقودنا في موكب نطرته ﴾ ( 2كو 2 : 14) .. جيد أن يشعر الإنسان أنه عضو في هذا القطيع وعينه على صاحب القطيع ولا تتحول عنه أبداً .. الراعي في الكنيسة الله يقيمه لكي يكون قائد ليعرفهم الطريق ويرشدهم .. الراعي عمله أن كل الجماعة تسير معاً .. الراعي عمله أن لا يجعل غنمه تسير وحدها .. الراعي لا يترك الناس لفكرها الخاص بل يقول الآن صوم يصوم الكل .. يقول يجب أن نتحلى بالفضيلة نتحلى بها ونعيش كلنا بفكر واحد ومنهج واحد .
2/ الراعي يقود لمراعي خضر :
الراعي عندما يقود خرافه يكون دارس المنطقة ويفهمها لأنه لا يليق أن تكون الخراف في حالة جوع وعطش والراعي مازال يبحث لهم عن طعام .. لا .. الراعي يكون دارس المنطقة ويعرف إلى أين يذهب بقطيعه .. ﴿ لمراعي خضر يربضني ﴾ ( مز 23 ) .. يسير بالغنم حتى يجد مرعى أخضر كبير فيجلس في جانب ليستريح ويترك الخراف .. ماذا تفعل الخراف ؟ الخراف تأكل وتتغذى فتكون في منتهى السعادة .. ﴿ لمراعي خضر يربضني ﴾ .
يقول الآباء ما هي المراعي الخضر ؟ هي الكنيسة .. ربنا يسوع ظل يقودنا حتى أتى بنا إلى الكنيسة وبذلك هو إستراح وسطنا ونحن نتغذى .. كل غنمه فينا أتت إلى الكنيسة تأكل وتشبع وترتوي وتخزن طعام .. ترتوي من ينابيع الروح .. الكنيسة غنية .. سواقيه ملآنة ماء والمرعى خصيب والأكل شهي .. إفتح فمك وهو يملأه .. إشبع .. ليكن لك سعي عالي واشتياق عالي وهو يعطي .. هذا هو المرعى .. القائد يقود إلى مراعي خضر .. كل عمل الخادم أن يربط المخدوم بالكنيسة .. يقول لكم عيشوا أسرار الكنيسة .. تعالوا للتناول .. إعترفوا وتوبوا .. إسمعوا كلمة الله .. مراعي خضر .
3/ الراعي يؤدب :
لو غنمه شتت أو غنمه مستهترة الراعي يعلم خطورة هذا الأمر .. أنه مجرد أن يغفل عن الغنمه إما تضيع أو تخطف أو تختفي وكثيراً ما إختبر أن غنم ضاع منه لذلك هو يقظ جداً .. قيل عن أبينا يعقوب عندما إختلف مع لابان خاله أراد أن يترك العبودية عند لابان قال له لابان لنتحاسب .. فقال له يعقوب كنت بالنهار يأكلني الحر وبالليل يأكلني البرد ( تك 31 : 40 ) .. كنت أسهر على الغنم لو غنمه خطفت أو سرقت كنت تخصمها مني .. الراعي يكون يقظ لأنه يعلم أنه قد يضيع غنم أو يسرق أو يؤكل أو يفقد .. لأنه يعلم أن قطيعه قد يتعرض للخسارة لذلك يؤدب .
دور الكنيسة أن توجه أولادها وإن لم يستجيبوا للتوجيه تؤدب .. بولس الرسول يقول ﴿ وبخ انتهر عظ ﴾ ( 2تي 4 : 2 ) .. أي أنت تمسك العصا للتأديب .. جيد .. لكن لا تستعملها إلا عند اللزوم .. أي لو غنمه مصممة على الشرود إضربها .. معلمنا بولس الرسول عندما وجد أن البعض يحاول تفتيت وحدة الكنيسة وآخرون مصرين على أن يضلوا قال ﴿ لا يحمل السيف عبثاً ﴾ ( رو 13 : 4 ) .. عمل الراعي أن يؤدب وينذر ويوبخ .. معلمنا بولس الرسول يقول ﴿ الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع لكي يكون عند الباقين خوف ﴾ ( 1تي 5 : 20 ) .. لا تترك الأمور تسير بحسب أهواء الناس .. لذلك قال ربنا يسوع المسيح للتلاميذ في أحد المرات خذوا معكم عصا .. ومرة أخرى قال لا تأخذوا عصا .. لأن قديماً كانت العصا تفهم بمعنيان .. توجد عصا للحماية الذاتية والقتال والحرب وتوجد عصا للرعاية .. عندما قال لهم خذوا معكم عصا كان يقصد الرعاية وهذا تقليد مازال في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية .. تجد الأسقف والبطريرك يحمل عصا .. قد تتعجب وتقول لماذا يمسك الأب البطريرك أو الأب الأسقف عصا ؟ يقول هذه عصا الرعاية .
ومن الأمور الجميلة أن عصا الرعاية نؤمن أنها لربنا يسوع المسيح لذلك نجد أبونا البطرك يمسك عصا الرعاية خارج الهيكل لكن عندما يدخل الهيكل لا يمسكها .. لماذا ؟ لأنه نعم هو الراعي للكنيسة لكن في الهيكل هناك الراعي الأعظم .. الراعي الصالح للكنيسة لذلك يقول الأب البطريرك أنا لا أحمل العصا في وجود راعي الرعاة ربنا يسوع المسيح ولأننا نؤمن أن القطيع كله هو قطيع ربنا يسوع .. حتى أننا نرى أنه إن وُجد أب بطريرك في مكان ودخل أب أسقف المفروض أن الأسقف لا يدخل بعصاه .. أي يوجد في المكان عصا رعاية واحدة فقط .. عمل الخادم أن يوجه لأنه راعي .
4/ الراعي يحمي القطيع من الإختلاط والسرقة والنهب :
الخراف وجدت مرعى أخضر تجري نحوه لتتغذى ثم جاء قطيع آخر ليأكل من نفس المرعى .. كيف يعرف الراعي خرافه من خراف القطيع الآخر ؟ بشيئان :
أ‌- كل قطيع يكون عنده تمييز عالي جداً لصوت راعيها .. فبعد أن تأكل وتشرب وتلعب مجرد أن ينادي كل راعي خرافه تذهب له لذلك قال ربنا يسوع ﴿ خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني ﴾ ( يو 10 : 27 ) .. تميز صوت راعيها .
ب‌- يميز القطيع بلون مميز كعلامة لكل قطيع .. لنفرض أن شخص خطف غنمه لذلك يميز كل قطيع بلون خاص كعلامة مميزة .
ربنا يسوع عندما أرسلنا إلى العالم خشى علينا من الإختلاط بالقطعان الأخرى التي للعالم فقال إتبعوني بصوتي .. لكن صوتي لا يكفي لذلك سأضع لكم علامة .. علامة صليبه ختمنا بها .. لذلك نحن في المعمودية دهنا بالميرون علامة فينا وليست موجودة في أهل العالم .. يقول الذي له العلامة يأتي في جانب واحد هكذا نحن أصحاب العلامة .. لذلك قال ﴿ ربنا يسوع المسيح قد أعطى علامة لعبيده الذين يخافونه ﴾ ( إبصالية واطس ليوم الجمعة ) .. نحن لنا العلامة .. لذلك يكلمنا في سفر الرؤيا عن الذين لهم سمة على جباههم ( رؤ 9 : 4 ) .. أي لنا العلامة .. أنا مميز عن سائر القطعان .. نعم العالم كله يشبه بعضه لكن يوجد فرق بين قطيع وقطيع .. وراعي وراعي .. وطباع غنم وطباع غنم .. فالراعي مهمته أن يحمي قطيعه من الخلطة مع القطعان الأخرى .. يحمينا من أن نتشكل بطباعهم أو أشكالهم .. أو لا يكون فينا شئ يميزنا عنهم .
5/ الراعي يحمي من النهب :
الراعي يحمي من الذئاب الخاطفة أو من السرقة .. السرقة فهي من فعل شخص لكن الأشرس الذئب لأنه يلتهم .. الراعي يقظ عينه على القطيع كله ويعرف متى يأتي الذئب ومن أين يأتي وكيف يأتي وكيف يخطف في ثانية ويجري والفريسة بين أنيابه .. عمل الراعي أنه سهران .. لذلك من ضمن صلوات الأب الكاهن على المذبح أن يقول ﴿ إحفظ قطيعك وغنم رعيتك ﴾ .. يقول هذا في سر الإبركسيس .. أنت يارب تحرسهم مِن مَن ؟ من الذئاب الخاطفة .. لذلك قال ﴿ أنا هو الراعي الصالح ﴾ .. ماذا يفعل ؟ ﴿ يبذل نفسه عن الخراف ﴾ ( يو 10 : 11) .. يأتي الذئب ليخطف يجد الراعي واقف له بعصاه فيخيفه بها والذئب يخاف العصا .. لنفرض أن الذئب لم يخف من العصا وانقض على الراعي ؟ يقول الراعي حتى إن أكلني الذئب لا يهم المهم أن لا تضيع غنمه من يدي .. هذا هو عمل الراعي .
الراعي عمله أن يبذل نفسه عن الخراف .. ربنا يسوع عندما قال ذلك وجدناه لا يقول فقط بل ويعمل .. بذل نفسه عن الخراف .. عندما قال أنه أحبنا إلى المنتهى ( يو 13 : 1) لم يكن كلام بل فعل .. أحبنا إلى المنتهى .. قال سأسلم نفسي للذئب حتى وإن أكلني المهم أن لا يأكلكم .. أموت أنا لتحيوا أنتم .. هذا عمل الراعي .. الراعي يسلم نفسه لحروب شرسة في مقابل أن يكون الشعب في اطمئنان .. يريد أن يدافع عن أولاده ويمتص كل صدمة وكل ضربة لكي يعيش شعبه في اطمئنان .. ربما أمور كثيرة مزعجة يعرفها ولا يريد أن يزعج بها شعبه بل يريدهم في فرح متمتعين بالمراعي الخضراء .
لذلك عمل ربنا يسوع معنا في الكنيسة عمل عجيب .. كل يوم نراه يقود لمراعي خضر .. كل يوم نراه يؤدب ويحمي .. كل يوم نراه يبذل نفسه عن الخراف .. ما أجمل وأنا من قطيع الغنم أن أكون فرحان به جداً ومطمئن جداً وأعيش سعيد بحياتي معه .. لنفرض إني بدأت أفقد إحساسي بأنه راعي ليَّ ؟ بالتأكيد أبدأ أعيش في خوف وهم وأبدأ أنظر للذئب وبالطبع أنا لست في قوة الذئب ومعروف أن الذئب سيأكلني .. أبدأ أبحث عن مراعي خضر لأتغذى ومعروف أن الصحراء شاسعة فأبدأ أتوه وأجوع وأموت .. لذلك يا أحبائي قال الكتاب ﴿ طوبى لجميع المتكلين عليه ﴾ ( مز 2 – من مزامير باكر ) .. ونحن نقول له ﴿ نحن شعبك وغنم رعيتك ﴾ ( مز 79 : 13) .. نحن خراف قطيعك .. نحن لك قودنا وارعانا .. نحن عيوننا إليك ونميز صوتك ولنا العلامة التي تجعلنا نتبعك ولا نقبل الإختلاط بأهل العالم ولا تكون فينا عوائدهم أو شكلهم .. بل نحن حريصين أن تكون لنا علامتك وفخورين بعلامتك لأنك أنت الراعي الصالح ولن نجد من يشبهك .
ربنا يمتعنا برعايته لكي نحيا كل ملء الفرح برعايته
ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 3239

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل