حسابات عدم الإيمان

في تدبير الكنيسة عندما يأتي شهر قبطي به خمسة آحاد الكنيسة ترتب دائماً قراءات لأربعة آحاد فقط .. أما إذا أتى شهر به خمسة آحاد يقال أن هذا شهر مبارك لذلك تفكر الكنيسة في ماذا تقرأ في هذا الشهر المبارك ؟ تقرأ الكنيسة إنجيل البركة في الأحد الخامس .. إنجيل البركة هو إنجيل إشباع الجموع بالخمسة خبزات والسمكتين .. باركها ربنا يسوع وأعطى الجموع كل واحد بقدر ما يحتاج ومع ذلك فاض لذلك يسمى إنجيل البركة .
﴿ فرفع يسوع عينيه ونظر أن جمعاً كثيراً مقبل إليه ﴾ .. زحام وربنا يسوع سأل سؤال غريب وكأنه إمتحان صعب .. قال لفيلبس ﴿ من أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء ﴾ ( يو 6 : 5 ) .. إختار فيلبس ليسأله هذا السؤال .. لماذا ؟ سنعرف فيما بعد .. أعتقد أن هذا السؤال كان يجب على فيلبس أن يسأله ليسوع وليس العكس كما حدث .. كان يجب أن فيلبس هو الذي يحتار وليس ربنا يسوع .. فيلبس هو العاجز وليس يسوع .. فيلبس هو الذي يتساءل وليس يسوع .. معلمنا ماريوحنا لا يريد أن يتركنا في حيرة فقال ﴿ إنما قال هذا ليمتحنه لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل ﴾ ( يو 6 : 6 ) .. كان ربنا يسوع يعلم إجابة فيلبس بالطبع سيقول له أن هذا أمر مستحيل ليتك يارب تصرف نظر عن هذا الأمر إصرف الجموع ولا تحيرنا .. كانت إجابة فيلبس ﴿ لا يكفيهم خبز بمئتي دينارٍ ﴾ .. * مئتي دينار * كان مبلغ ضخم في هذا الوقت لأنه كان ثمن الخبز فقط .. ﴿ ليأخذ كل واحدٍ منهم شيئاً يسيراً ﴾ ( يو 6 : 7 ) .. إمتحان .
فيلبس كان شخص بسيط وهو الذي قال ﴿ أرنا الآب وكفانا ﴾ .. فعاتبه ربنا يسوع قائلاً ﴿ أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس ﴾ ( يو 14 : 8 – 9 ) .. أيضاً فيلبس قال لربنا يسوع عندما كلمهم عن الروح القدس ﴿ ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس ﴾ ( أع 19 : 2 ) .. فيلبس شخص بسيط جداً يتكلم بتلقائية .. فلماذا وجه ربنا يسوع هذا السؤال له وهو يعلم أنه بسيط وإيمانه ضعيف ؟ ﴿ إنما قال هذا ليمتحنه ﴾ .. أحياناً ربنا يسوع يضعنا في إمتحان ليس لأجل إخجالنا أو لسقوطنا بل لنرى فنؤمن .. هكذا فعل مع فيلبس وكأنه يحمله المسئولية من أين يأكل كل هؤلاء ؟ فيلبس يقول ليست مسئوليتي لأن هؤلاء لا يكفيهم خبز ولا بمئتي دينار .. والدينار قيمته عالية جداً .. فيسوع بيعَ بثلاثين من الفضة والفضة أقل من الدينار أي أن الدينار غالي جداً .. تخيل ثمن خبز بمئتي دينار .. كثير جداً !! وأيضاً لكي يأخذ كل واحد شئ يسير .
أراد ربنا يسوع أن يرى نوع من البشر إسمه فيلبس وبالطبع كلنا من نفس نوع فيلبس .. كلنا لدينا الأمور كلها تحسب بالأرقام .. فيلبس ذكي حسبها صح رغم أن الجموع كان عددهم خمسة آلاف رجل غير النساء والأطفال .. كون إنه يحسبها بسرعة إذاً هو قوي في الحسابات البشرية .. أحياناً الحسابات البشرية تتعارض مع الإمكانيات الإلهية .. ربنا يسوع يريد من الإنسان الذي يتبعه أن لا يحيا في إيمان ضيق أو إيمان عقلي فقط .. لا .. الله لا يريد إنسان يعيش متطلبات حياته بفكره وعقله بل يريده أن يحياها بالإتكال على الله والإتكال على الله خير من الإتكال على بشر .. وكأن الله يريد أن يكشف إيمان فيلبس أنه إيمان هزيل لا تتبعوه ولا تحيوا بحسبه .
كم واحد منا يحسب أمور حياته بعقله فقط بعيد عن الله ؟ أعتقد كثيرون .. كم واحد منا كل شئ عنده يحسبه بالأرقام دون أن يعرف بركة الله ؟ كم منا عندما يعطي العشور يقول وهل دخلي يكفيني حتى أعطي العشور لله ؟ بالطبع العشور ستقلل من الدخل لأن العشرة ستصير تسعة فكيف تكفي ؟ نحن نحتاج للمزيد وليس للأقل .. من منا عنده إيمان كما علمنا القديسون أن التسعة أكبر من العشرة ؟ قد تسأل كيف يكون هذا ؟ الآباء يقولون ما نقوله هو حساب فيلبس لكن حساب ربنا يسوع يقول أن التسعة أكبر من العشرة بكثير .. جيد أن الله يريدنا أن نحطم الحسابات البشرية .. الله يريد أن يرينا عجز العقل البشري – عجز – لا يستطيع أن يحسب حسبه من المنظور الإلهي والإيماني .. الله يريد أن يكشف لنا أن العقل البشري عاجز ويريدك أن تتخلص من حساباتك البشرية .. أيضاً الله يريدك أن تأخذ نصيبك من الشبع والسرور والفيض .. حتى البركة الإلهية يقول لك إن عشت محصور في حساباتك العقلية لن تراني ولن ترى يدي وبركتي .
جيد أنه قال أن واحد من تلاميذه وهو أندراوس أخو سمعان بطرس عندما وجد أن فيلبس يتكلم بإسلوب عقلي تدخل وأراد أن يلطف الحديث فقال ﴿ هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان ﴾ ( يو 6 : 9 ) .. أيضاً قال أندراوس ﴿ ولكن ما هذا لمثل هؤلاء ﴾ .. يريد أن يقول له أن معنا القليل .. يسقط أندراوس في نفس الخطأ فيقول له ولكن هل يكفي لكل هؤلاء ؟!! الله يريدنا أن نأخذ نصيبنا من الشبع بل من الفيض لكنه يختبرنا أولاً فهل سننجح أم لا ؟ الله يريد أن يرينا تحويل الماء إلى خمر هل سننجح أم لا ؟ يقول إملأوا الأجران ماء فملأوها إلى فوق .. هل سننجح في الإختبار أم نقول له ما للماء ولما نريد نحن ؟ لو كنا نريد ماء لكنا قد ملأنا دون أن نسألك .. ربنا يسوع قال ﴿ أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل ﴾ ( يو 10 : 10) .. يريد أن يعطيك شئ أفضل من توقعك .
كلٍ منا يرسم أمور لحياته ثم يجد الله يفعلها أفضل مما كان يرسمه أو يدبره .. كما يقول ﴿ يا من يصنع أكثر مما نسأل أو نفهم ﴾ .. مجرد أن تحاول أن تفهم .. الله يريد أن يملأ ويفيض لذلك نحن مدعوين ليس لنؤمن به كرب فقط بل أيضاً أن نؤمن أن في يديه شبع وسرور .. أنه بالفعل في يمينه نِعم .. ﴿ أمامك شبع سرور في يمينك نِعم إلى الأبد ﴾ ( مز 16 : 11) .. الله يريد أن يدعونا هذه الدعوة .
هذا إيمان فيلبس الذي قال عنه ربنا يسوع أنه قال له ذلك ليمتحنه .. هذا الأسلوب أحد أساليب ربنا يسوع في التعليم .. أحياناً يقول درس وأحياناً درس مشروح وأحياناً يقول مَثَل وليس تعليم مباشر وأحياناً يسأل و ...... وهناك تساؤلات داخلنا نجد لها إجابات ضعيفة لا تأخذ سوى الصفر مثل فيلبس .. ربنا يسوع يريدنا أن نتخيل موقف فيلبس .. وتخيل فيلبس أثناء إجراء المعجزة بالطبع سيراجع نفسه ويقول ماذا قلت ؟ ما كان يجب أن أجيب هذه الإجابة أمام يسوع كان يمكنني أن أجيب هذه الإجابة أمام أي شخص آخر صديق .. أهل .. لكن أمام ربنا يسوع أقول ولا يكفيهم خبز بمئتي دينار ؟ أنا الذي أقمت نفسي أمامه محاسب وأظهرت أمامه براعتي في الحساب .. تخيل فيلبس عندما يرى الجموع تأكل وتشبع ثم يرى الكِسَر المرفوعة .. أكيد ذهب ليسوع وسجد له .. أكيد فكره تغير نحو أمور كثيرة .. أكيد قال أنه في أمور كثيرة لن يتبع عقله بل سيتبع يسوع وسيضع في يديه كل إمكانياته وطاقاته وهو سيبارك وسيعمل .. بالطبع قال لنفسه سآخذ منه هو وأنا واثق أنه صالح .
كلمة * صالح * في الكتاب لها ثلاث معاني :
1. * صالح * أي إنسان لا يؤذي أحد .
2. * صالح * أي إنسان وديع .
3. * صالح * وهي المعنى الذي نقصده في كنيستنا * مخلصي الصالح * `agaqoc وليس معناها أنه شخص لا يؤذي أو يعمل الخير بل أيضاً يعطي الخير لمن يستحقه ومن لا يستحقه لأنه صالح .. أي الصلاح من طبعه هو صالح لأنه صالح لذلك تسابيح الكنيسة تقول ﴿ أشكروا الرب لأنه صالح ﴾ ( الهوس الثاني ) .. لو كان إلهنا غير صالح ويحاسبنا كحسب أعمالنا أو حسب حساباتنا أو حسب قدرتنا في الإستيعاب ما كان إله بهذه القدرة .. لا .. هو صالح وأراد أن يكشف لنا مقدار القصور المريع في شخصيتنا .. لذلك ربنا يسوع يريد أن يقول لك هناك حسابات إحسبها معي غير حسابات عدم الإيمان .
حسابات عدم الإيمان :
كثير من الأمور تبدو لنا مستحيلة ونقف أمامها عاجزين عنها لا نفهمها .. الله يريدنا أن نقف عند حدود معينة ليشعرنا بكمال العجز .. لماذا ؟ ليعرفنا أن الأمر في يده هو .. نحن نحسب الأمور بالحسابات العقلية وهو يريد أن يحسبها بالحسابات الإيمانية لذلك يضعنا أمام أمور صعبة كي يخلق بنا إيمان جديد .. ﴿ إنما قال هذا ليمتحنه ﴾ .. لماذا ؟ ليس لأنه يريد إخجاله بل يريد أن يعلي إيمانه ويغير فكره .. حسابات عدم الإيمان .
هل نتذكر وعد الله لأبينا إبراهيم وأمنا سارة ؟ قال له ﴿ إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة إمرأتك إبن ﴾ ( تك 18 : 10) .. أمنا سارة ضحكت لم تستطيع أن تستوعب .. حساب عدم إيمان .. تقول أنه أمر مستحيل مستحيل فهي في عمر النسعين فكيف تنجب طفل ؟ ضحكت من هول المفاجأة واعتبرتها لون من ألوان الدعابة من الله وقالت ﴿ أبعد فنائي يكون لي تنعم ﴾ ( تك 18 : 12) .. الأمر الذي كنت أرجوه عمري كله إنتهى لأني أحسست داخلي أن مستودعي قد مات .. نعم لقد مات مستودعها .. رحمها لم يعد يصلح للإنجاب .. حسابات عدم إيمان .. الأمر بالنسبة لنا صار مستحيل .. لكن لا هو قادر .. قادر أن يرجع بها نحو زمان الحياة .. الأمر في يده هو .. أي قادر أن يجعل من في عمر التسعين يكون كمثل من في عمر الثلاثين لأن الزمن في يده هو .. قال لها سأرجع بكِ نحو زمان الحياة فلماذا تتعجبي ؟ ضحكت .. الأمر صعب لكن الله يضعنا في هذه الأمور الصعبة ونجده ينجح .. إذاً ليس في يدنا سوى أن نقول له ﴿ أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني ﴾ ( مر 9 : 24 ) .. ضعف إيماننا محتاج أن يثبت بحسابات الإيمان وليس عدم الإيمان .
جيد أن يكون للإنسان حسابات الإيمان لذلك قيل عن أبينا إبراهيم أنه من رجال الإيمان لأنه ﴿ قدم الذي قبل المواعيد وحيده ﴾ .. أي الله قال له الوعد بإسحق يكون لك نسل .. أطاع .. بإسحق سيكون لي نسل .. ثم بعد ذلك يقول له هات إسحق وقدمه لي محرقة .. هل أنت يا الله ترجع عن كلامك ؟ في البداية تقول لي بإسحق سيكون لك نسل ثم تعود وتقول لي هات إسحق وقدمه لي محرقة .. أي كلام أصدق ؟ هذا كلامك وهذا أيضاً كلامك لكن أنت وعدت والآن تطلب .. لذلك سأعيش بإيمان وعدك وسأقدم لك أيضاً حسب طلبك .. أمرين متعارضين .. لذلك قيل ﴿ بالإيمان قدم إبراهيم إسحق وهو مجرب قدم الذي قبل المواعيد وحيده ﴾ ( عب 11 : 17) .. هذا الذي جعله رجل إيمان .
تخيل ربنا يسوع ذاهب إلى قبر لعازر ويقول لمريم ومرثا أين هو ؟ تسأله من هو ؟ يجيبها لعازر .. تقول له لقد أنتن لأن له أربعة أيام ( يو 11 : 39 ) .. عدم إيمان .. تقول له لتكن معنا هنا قل لنا كلمة تعزية نحن لا نريد أكثر من ذلك ولكن أيضاً نعاتبك لأنك لو كنت ههنا لم يمت أخي .. حسابات عدم إيمان وكأن ربنا يسوع تأخر ليمتحهن .. وهنا يسأل فيلبس ليمتحنه .. صمم ربنا يسوع أن يذهب للقبر ويكلم لعازر هلم خارجاً .. ما هذا ؟ حسابات يريدنا الله أن نؤمن بها غير حساباتنا التي هي حسابات بشرية أنه مات ولا تقتنع أنه يجيب .. لا .. هذه حساباته وهو قادر .
في العهد القديم مع موسى النبي يقول له الله إضرب الصخرة بالعصا وأنا أخرج لك منها ماء .. موسى النبي الذي كان يتكلم مع الله كمن يكلم صاحبه يتساءل ويتعجب حتى أنه قال ﴿ أمن هذه الصخرة نُخرج لكم ماء ﴾ ( عد 20 : 10) .. حسابات عدم إيمان .. معقول ؟ أمن الصخرة يخرج ماء ؟ لو أردنا أن نصف شئ جامد نصفه بالصخرة بينما إن قلت عن شئ لين أقول ممكن يخرج ماء لكن صخرة تخرج ماء ؟!! هذا كلام غير معقول .. ربما الشئ اللين نجد داخله ماء لكن شئ جامد جداً كالصخرة كيف يخرج ماء ؟ معروف أن الشئ اللين عندما يجف يكون ماؤه قد إمتص .. الله يقول له إضرب الصخرة .. هل لم تجد شئ سوى الصخرة يا الله ؟ إن قلنا بعض التراب كان يمكن أن يخرج ماء لكن صخرة ؟؟ الله يقول نعم .. هناك حسابات لله .. يقول لك لا تسر وراء عقلك بل سر وراء تدبيري أنا .
الشعب في العهد القديم يتذمر على موسى النبي ويقول له أين اللحم .. أين السمك الذي كنا نأكله في مصر نريد أن نأكل لحم ؟ ربنا يقول لهم أنا سأعطيكم لحم لتأكلوا حتى يخرج من أنوفكم حتى يصير لكم كراهة ( عد 11 : 20 ) .. موسى يسمع الحديث من الله ويقول له كيف يكون هذا ومن أين لهم لحم بهذا المقدار ونحن في البرية ؟ الله يقول له سأطعمهم لحم ليس يوم ولا إثنين ولا ثلاثة بل شهر يأكلون لحم فقط .. موسى يتساءل .. موسى يفكر فكرة وقال هل ستأتي لهم بسمك البحر كله حتى وإن كان ذلك لن يكفي سمك البحر كله لأنهم جمع غفير .. يقول شئ عجيب وموسى يتكلم مع الله .. وتأتي ريح قوية ومعها سيول من طيور السلوى .. يقول الكتاب أن الطيور كانت مسيرة يوم أي تسير يوم كامل وحولك الطيور كثيرة جداً .. تخيل عندما يمر أمامك سرب حمام سيمر في لحظة لكن طيور السلوى مقدار أسرابها مسيرة يوم أي عدد لا يحصى .. أحضروا وأكلوا من هذه الطيور حتى تحقق كلام الله .. لماذا يا الله تطعمهم لحم لمدة شهر ؟ يقول هذه أمور سهلة بالنسبة لي .. أحياناً نُشعر الله أنه غير قادر ونقول أن الأمور مستحيلة وكأن إلهنا ضعيف وغير قادر وليس هو مسخر الكون كله .. حسابات عدم إيمان .
حسابات الإيمان :
ما أجمل النفوس التي عندها حسابات الإيمان مثل يشوع بن نون يحارب حرب والحرب قاربت على الإنتهاء ولم تحسم بعد ويشتهي أن تنتهي الحرب في نفس اليوم والليل قرب .. ماذا يفعل ؟ لو إنتظر إلى الغد قد يزداد عدد الأعداء ويستيقظوا لشعب الله .. خطر على باله فكرة فقال لله ليتك تجعل الشمس تدوم ولا تغيب الآن .. ﴿ يا شمس دومي على جبعون ﴾ ( يش 10 : 12) .. وقد كان وبقيت الشمس إلى أن إنتهت الحرب .. حسابات عجيبة .. لذلك يقول الآباء ﴿ إن صلاتك إن كانت بإيمان فهي تحرك اليد التي تحرك الكون ﴾ .. ستحرك يد الله التي تحرك الكون كله .
الله يريد أن يعطينا مواعيد من عنده .. يريدنا أن نحيا ليس بحساباتنا نحن .. كان يقول لهم لتستريحوا في اليوم السابع .. أيضاً في السنة السابعة إستريحوا .. قد نقول له نستريح يوم فهذا شئ معقول لكن نستريح سنة كاملة فمن أين نأكل هذه السنة ؟ تخيل الشخص وهو يعمل ويكون حاله خبزنا كفافنا والله يقول له إسترح سنة بدون عمل .. يقول له يارب البيت يحتاج وقد يخرب و ..... الله يقول سأحل لك الأمر .. يقول له كيف تحل هذه المشكلة لا تقل لي إدخر من مالك لأنه بالكاد يكفي ولا يفيض منه كي ندخر .. الله يقول لا لن تدخر بل ستكون غلة السنة السادسة مباركة فتصير الضِعف .. أمر سهل بالنسبة لي لأنه من الذي يعطي الأرض الثمر ؟ من في يده قوة الأرض للإثمار ؟ أنا .. لذلك سهل أن أضاعف غلة الأرض وبدلاً من أن أعطيك المحصول منحة سيكون بتعبك فأنت الذي تزرع الأرض .. فكان الله يعطيهم غلة العام السادس مضاعفة وكان الإنسان كلما زرع يقول له في يدك يا الله كل شئ فأنت الذي تزيد ثمر الأرض وأنت الذي تقلله وأنت القادر أن لا تعطي ثمر نهائياً .. الذي فعل الزيادة يفعل النقصان .. فليقترن الإنسان بإيمان قوي بالله .
سنة اليوبيل وهي السنة الخمسين يقول لهم الله فيها لا تزرع ( لا 25 : 4 ) .. يقول له الإنسان لكن السنة التاسعة والأربعون هي السنة السابعة التي لا نزرع فيها وأيضاً السنة الخمسين لا نزرع ؟ سنتين متتاليتين ؟! يقول الله نعم ولا تقلق لأني في السنة الثامنة والأربعون سأعطيك ثلاثة أضعاف المحصول .. هل تفعل ذلك يا الله ؟ تعطي من الأرض مرة واحدة ومنها أيضاً تعطي إثنان ومرة ثلاثة أضعاف من نفس الأرض ؟ يقول نعم ممكن .. الكنيسة تصلي ﴿ ليروَ حرثها ولتكثر أثمارها أعدها للزرع والحصاد ودبر حياتنا كما يليق ﴾ ( أوشية الثمار ) .. نحن نأكل من يدك ولن تتركنا محتاجين أبداً .. هذا الإنسان الذي يعيش حسابات الإيمان عكس حسابات عدم الإيمان .. الله يريد أن يرى فيضعنا في مواقف .
ربنا يسوع يقول لمعلمنا بطرس وهو يصطاد أدخل إلى العمق لكن بطرس له حسابات بشرية حسابات عقلية .. حسابات عدم إيمان فيقول له ﴿ قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ﴾ .. معروف أن السمك يكثر ليلاً وليس نهاراً والآن الوقت قرب للنهار فكيف تريد منا أن ندخل إلى العمق ونصطاد ؟ لكن بطرس قال له ﴿ ولكن على كلمتك ألقي الشبكة ﴾ ( لو 5 : 5 ) .
كلنا عندنا حسابات عدم إيمان وليس حسابات إيمان .. أي هل لي توبة .. هل أدخل السماء ؟ هذه حسابات عدم إيمان وعدو الخير يحاول أن يثبت لي أنه ليس لي إيمان أو ملكوت وإني إنسان خاطئ ليس لي ملكوت .. هذه حسابات بشر .. أما حسابات الإيمان فهي أن أقول له يارب أنت قادر أن تُخرج من الصخرة ماء وأن تُشبع بالخمس خبزات والسمكتين جموع .. أنت قادر أن تستخدم ضعفي .. قادر أن تقيم من الحجارة أولاد لإبراهيم .. قادر أن تجعلني ليس فقط إنسان يصلح للملكوت بل إنسان بار بل إنسان قديس .. معقول يارب ؟ نعم .. لابد أن يكون لنا هذا الإيمان .. صدقوني لو لم يكن لنا هذا الإيمان نكون قد أخلينا أنفسنا من أن لنا إله حقيقي .. يارب أنت قادر أن تجعلني ليس إنسان صالح بل إنسان بار وقديس .. لست قادر أن تعطيني أن آكل بل قادر أن تعطيني أن آكل ويفيض عني .
رأينا القديس أوغسطينوس كل من رآه قال ليته يبتعد عنا لكن أمه كان لديها حسابات إيمان وليس عدم إيمان .. نحن إن رأينا أن حال شخص يزداد سوء نقول أكيد أن صلاتها تفتر وتيأس من إصلاحه لكنها على العكس كلما رأت حال إبنها تزداد شراً كلما إزدادت هي صلاة وإيمان أن الله قادر .. وكلما رأت أن الأمر مستحيل كلما تشددت بإلهها – وقد كان – ولم يتغير أوغسطينوس إلى إنسان عادي بل تغير إلى قديس بل إلى راعي بل إلى أسقف بل إلى مفسر للكتاب المقدس بل إلى أنه كتب أجمل ما كُتِب في الأدب الروحاني .. ألهذه الدرجة ؟ نعم .
إحذر أن تحسب الأمور بحسابات عدم إيمان .. إحذر أن تنظر إلى حالك وتقول بأعمالي ليس لي خلاص .. نعم أنا بأعمالي ليس لي خلاص لكن بعينك الرحيمة أنظر إلى ضعفي أنت .. أنا ليس بي شئ جيد بل كلي رداءة وأنت قادر أن تغير .. ورأينا ذلك في القديس موسى الأسود تحول من رئيس جماعة لصوص إلى رئيس رهبان .. من أين ؟ من حسابات الإيمان – قادر – إلهنا قادر .. رأينا بولس الرسول من مضطهد الكنيسة إلى أعظم كارز في الكنيسة .. حسابات إيمان .. الله يريد أن يعطينا حسابات الإيمان .. كم منا مشغول بالمستقبل ؟ كم منا يشغله الغلاء ويقول لك هل هذا المال الذي معي بعد عشر سنوات يفعل شئ ؟ حسابات عدم إيمان .. كثيراً ما يدخل الإنسان في التجربة الصعبة ويخدعه عدو الخير ويغذيه بحسابات عدم إيمان حتى لا يتكل على إلهه بل على ذراعه ومن هنا يضعف الإيمان ومن هنا تتخلى النعمة عن الإنسان لأنه عندما يقول الإنسان لله لن تستطيع أن تصنع معي معجزة لن يعمل المعجزة .
يقول الكتاب أنه في بعض الأماكن لم يستطع يسوع أن يصنع معهم آيات بسبب عدم إيمانهم ( مت 13 : 58 ) – لم يستطع – ربما حسابات عدم إيماننا جعلت يسوع لا يستطيع أن يصنع معنا آية .. لماذا ؟ لأنه لا يوجد مشجع .. لا يوجد الخمس خبزات والسمكتين اللذين وُضِعوا في يديه ليصنع بهم آية .. الله يعطينا حسابات إيمان .. ثق فهو قادر أن يعبر بنا الأردن دون سفن .. قادر أن يقيم من الحجارة أولاد لإبراهيم .. قادر أن يهزم جيوش غرباء ونحن لا نملك الأسلحة .. قادر أن يدخل بنا أريحا ونحن لا نملك قوة لنهدم أسوارها .. هو قادر .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين