سلسلة مبادىء فى الحياة المسيحيةج2 التغيير

[ فأطلُب إِليكُم أيّهُا الإِخوة بِرأفِة الله أن تُقدّموا أجسادكُم ذبيحةً حيّة مُقدّسة مرضيّة عِند الله ، عِبادتكُم العقليّة 0 ولا تُشاكِلوا هذا الدهر ، بل تغيّروا عن شكلكُم بتجديد أذهانكُم ، لِتختبِروا ما هى إِرادة الله : الصّالِحة المرضيّة الكامِلة( رو 12 : 1 – 5 ) فِى دعوة مِنَ الله بالروح القُدس أنّنا نتغيّر ، فالحياة التّى للإِنسان كُلّها قائِمة على التغيير ، مثلاً فِى الدراسة ننتقل مِنَ إِبتدائىِ إِلَى إِعدادىِ إِلَى ثانوى إِلَى جامعة ، الجسد يتغيّر النمو يتغيّر وخلايا الجسم تتغيّر ، كذلِك دم الجسم يتغيّر فلهُ دورة مُعيّنة فِى الجسم فالدم يتجدّد خِلال 5 أو 6 شهور 000وهكذا 0ينمو الجسم فتنمو الملامح وتتغيّر ، فإِذا كان هُناك تغيير على مُستوى الجسد فيليق أن يكون هُناك تغيير على مُستوى الروح والنِفَس ، فإِن كان الجسد يتغيّر فالنِفَس والروح لابُد أيضاً أن تتغيّر” نتغير إلى تلك الصورة عينها “ ( 2كو 3 : 18) .. أي صورة المسيح .
ضرورة التغيير :هو أمر ضروري جداً في الحياة مع الله .. طالما أن الإنسان يعيش فعليه أن يتغير .. يتغير الإنسان عندما يكبر .. في جسده .. وملابسه .. ملامحه .. إهتماماته .. ويظل الإنسان هكذا حتى النهاية وبما أن على مستوى الجسد هناك تغيير كذلك أيضاً على مستوى الروح يجب أن يكون هناك تغيير حتى نصل إلى تلك الصورة عينها ( صورة المسيح ) جميل أن نرجع إلى الصورة الإلهية الأصلية .. أي صورتنا قبل السقوط .. ولذلك نجد أحد القديسين يقول للرب يسوع ” جدد فيَّ صورة ملامحك “ كل نمو قائم على التغيير .. فلابد أن يشعر الإنسان بنعمة التغيير .. التغيير والنمو في الحياة الروحية .. لم يصل الإنسان إلى الكبر في الحياة الروحية إلا عن طريق التغيير للأفضل وعدم النظر إلى الخلف .. ” إن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوماً “ ( 2كو 4 : 16) .. جميل جداً أن تقدم نفسك لربنا كما يقول معلمنا بولس الرسول ” لا تقدموا أعضاءكم آلات إثمٍ للخطية بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات برٍ لله “ ( رو 6 : 13) .. جميل أيضاً أن ترفض الماضي بكل سلبياته .. والتخلص من أمراضي الروحية .. فمن يعرف مرضه ويتغاضى عنه فمصيره للموت . ذات يوم جاء شاب للجلوس مع راهِب فِى الدير وأثناء حديث الشاب مع الراهِب كان صامِتاً فتعجّب الشاب مِنَ صمت الراهِب وقال لهُ لِماذا لا تُجيبنىِ ؟ فأجابهُ الراهِب مُنذُ فِترة طويلة وأنا لمْ أراك ، فردّ الشاب مُنذُ سنتين تقريباً ، فأجابهُ وقال مُنذُ سنتين وأنت كسابِقك فيجِب علينا التغيير ، فيُقال[ إِلَى أن نصِل إِلَى مِلء قامة المسيح لِكى تمتلِئوا إِلَى مِلء الله ] أن أتغيّر فما هى مُعّوقات التغيير ؟ وما هى الأمور التّى تعيق التغيير
1-عدم التقييم
2/ التساهُل والأعذار والتأجيل 0
3/ قساوة القلب واليأس 0
1-عدم التقييم:-
التاجِر الّذى لا يجرِد متجرهُ بإِنتظِام والّذى لا يُراجِع نِفَسه وحِساباته فهو قريب مِنَ الخِسارة وبالعكس للتاجِر الناجِح الّذى يجرِد بإِنتظام ليرى مدى مكسبه أجلِس مع نِفَسىِ فأحصُرها وأُحاصِرها وأراجِع نِفَسىِ وأُقيّمِها ، ومُحاسِبة الحواس كالعين والقلب والأفكار والسلوك ، أمور كثيرة تحتاج إِلَى وقفة حازِمة فكُلّ هذا يتكشّف بِمُحاسبة النِفَس فيقول فِى مراثىِ أرميا [ يجلِس وحدهُ ويصمُت ] ، وتتساءل إِلَى متى تظل مربوط بالخطايا وإِلَى متى تكون فِى صِراعات مع نِفَسك ، فالّذى يعرِف ضعفه قريب مِنَ البرء ، فجِلوسك مع نِفَسك فِى ضوء عمل نعمة الله يُمكّنك مِنَ تشخيص مرضك وتقييم أمورك ، فعندئِذٍ تعرِف الخطأ والصواب ماهى السلبيات التّى تحتاج الحد منها ؟ والإِيجابيات التّى تحتاج أن تُنمّيها ؟ فسِرّ رِجوع الإِبن الضال كلِمة [ ورجِع إِلَى نِفَسه وقال كم مِنَ أجير عِند أبىِ يفضل عنهُ الخُبز وأنا هُنا أهلك جوعاً ] ، وأنا مِثله عِندما أعيش الخطيّة لكِن الله منحنىِ نِعمة العقل والتسبيح والشُكر ، فأنا لىِ أن أصير مِثل الملائكة ، لىِ أن أُسبّح وأُمجّد الله ، ولىِ أن أُكرِم الله فِى جسدىِ وأعضائىِ ، فهذهِ هى رسالتىِ وهذا هو عملىِ لِمعرِفة فائدة الجلوس مع النِفَس فإِنّك تعرِفها مِنَ حروبها ومِنَ أكثر الأمور التّى تُحارب بها هى الصلاة بل وأكثر جِلوسك مع نِفَسك ، يقول أحد الآباء القديسين[ أنّهُ سهل عليك أن تشقىِ وتعرق بالجسد مِنَ أن تجلِس مع نِفَسك ] ، فبِمقدار تأجيلك لِجلوسك مع نِفَسك يكون تغييرك بطيئاً أو يكاد يكون غير موجود ، يقول القديس مارِإِسحق [ اليوم الّذى لا تجلِس فيهِ مع نِفَسك ولو إِلَى ساعة لا تحسِبهُ مِنَ عِداد أيام عُمرك ]إبحث عن الخطايا المحبوبه والمختبأة فى الداخل ورابضه ومتأصله هى التّى تربُط الإِنسان وتجعله يظُن أنّهُ حُر فهى تزّل الإِنسان وسببها داخِل القلب وليست فِى الظروف المحُيطة فهى تُعطّل النمو وتُشبه الحجر الّذى يُعطِلّ نمو النبات ، فلابُد مِنَ الصلاة مِنَ أجلها ، فهذا أكبر دليل يُثبِت الكُره للخطيّة ، فمِنَ أين لىِ أن أعرِف الشىء إِلاّ عِند طلبه ؟ ومِن أين لىِ أن أعرِف ضرورته إِلاّ عِند طلبه كثيراً ؟ فكثيراً ما تكون الخطايا المحبوبة مُعطِلة للنمو ، [ هُناك خطيّة رابِضة عِند الباب وإِليك إِشتياقها ] القديس أوغسطينوس كانت الخطايا محبوبة لديه أكثر مِنَ الله لكِن بدموع أُمّه وصوت الله بدأ يتحرك قلبه وكلّم الله قائِلاً [ إِنّىِ أجد فِى الخطيّة لذّة عَنَ أن أحيا معك ] ، فهذهِ مرحلة مِنَ مراحِل توبتنا إسأل نفسك ثلاثه أسئله فى نهايه كل يوم هل هناك حب فى قلبى لشخص أو شىء أكثر من الله-هل أرضيت الله فى هذا اليوم –هل أنا أتغير إلى الأسوأ أم الأفضل ولماذا وبعد أن تجيب إما أن تأكل قليلاً وتنام أو لا تأكل ولا تنام هناك خطايا لا يعرفها الإنسان عن نفسه ولا يأخذ موقف منها .. صعب جداً أن يعيش الإنسان وهولا يعرف مرضه لأنه لا يشعر بالألم .. الخطية خبيثة لأنها موجودة وتأخذ منا الميراث الأبدي وتأخذ أغلى ما عندنا أي الحياة ونحن لا نشعر إعرف ضعفاتك وتواجه مع نفسك .. واعرف إنك تعيش في حالة من الجهل والنسيان والظلمة .. الآباء القديسين يقولون ” أُدخل للإنسان الذي تجهله “ .. من يعرف ضعفه يعرف كيف يقف أمام الله .. ولماذا يطلب .. ويقول له أن يُغيِّره .. والقديس مارإسحق يقول ” من يُبصر خطاياه أعظم من الذي يُبصر ملائكة “ .. من يرى خطاياه يتوب عنها .
2/ التساهُل والتأجيل والأعذار:-
إِن كان الله قد خلق فينا الجِديّة فقد خلقها مِنَ أجل خلاص أنفُسنا أبونا إِبراهيم إِدّعى عن سارة أنّهال أُخته وعِندما علموا حقيقتها سألوه لِماذا ؟ فأجابهُم : إِنّىِ علمت إِنّىِ فِى مكان ليس فيهِ خوف الله ، فإِنّهُ كذب ووجد عُذراً لِكذبه فِى قصة صاحب الوزنة الواحدة لمْ يُتاجِر بِها ووجد لِنِفَسه عُذراً أنّ الرجُل صاحِب الوزنات قاسىِ وإِذا تأمّلنا فِى قصة القديسة مارينا الراهبة نجِدها أخفت حقيقتها كإِمرأة مُتخِذة زى الرِجال وعِند إِتهامهُم لها صمتت ولمْ تُدافِع عَنَ نِفَسها وقالت : إِنّىِ شاب وقد أخطأت ، وطُرِدت مِنَ الدير ثلاث سنوات مُعتنِيّة بالطفل حتى عادت ولكِن مع تنفيذ أحقر الأعمال وإِكتشفوا حقيقتها يوم نياحتها فخطأ كبير أن أمنح لِنِفَسىِ الأعذار ، ألِمْ يكُن يوسِف الصدّيق بأصعب الظروف ، وبالمِثل مارِجرجس ودانيال ، ألِمْ يكُنْ كُلّ هؤلاء بأصعب الظروف –أحيانا يقومون بمقارنه بين يوسف وداود بلا وصيه شاب عبد متضايق محروم مضغوط فكثيراً ما نجِد نماذِج تُوبّخ الإِنسان مِثل متى العشّار الجالِس على مكان الجِباية فيمُر يسوع ويقول لهُ إِتبعنىِ فللوقت ترك كُلّ شىء وتبِعهُ ، وكذلِك بُطرُس ويعقوب حينما تركا شِباكهُما وتبِعاه لا تقل غداً بل الآن –لا تقل كل الناس تفعل هكذا بل قل أما أنا ..فجنس مختار –إبن الملك _ لى مسحه من القدوس _ إبن للملكوت – إبن الله أتى من أجلى
3/ اليأس والقساوة:-
لا تيأس من ضعف أو نقص أو تكرار للخطية .. مهما كانت الضعفات ثق أن الله قادر على مساعدتك .. فإن الله صالح وصلاحه لا يتوقف على بر الإنسان .. فأرميا النبي يقول ” إن تكن آثامنا تشهد علينا يارب فاعمل لأجل اسمك “ ( أر 14 : 7 ) .. إستمر على المحاولة واثبت عليها لأن المحاولة كفيلة أن تُثبِّتك أمام الله حتى لو لم تُشفى .. المحاولة لها كرامة وشفاعة أمام الله .. ويقول القديسين أن من يشتاق إلى فضيلة تُحسب له فضيلة جميل أن الإرادة تعمل وتتحرك لفعل التغيير القساوة هى جدار عازِل يعوق التأثُر ودخول أى كلِمة للقلب ، فإِجعل قلبك مُتحرِك يحس بالكلِمة ومُستمِر فِى تقديم التوبة مِنَ أقوال البابا شنوده فِى قصيدة سوف أنسى [ إِنّ قلبىِ صار فِى صدرىِ مِثل صخر بل وكان أقصى ] ، [ إِن سمعتُم صوتهُ فلا تُقسّوا قلوبكُم ] فِى قصة القديسة بائيسة نجِد أنّها كانت مُطيعة لِصوت الله ولكِن بعد موت والديها أقنعها الآخرين أن تُحِولّ بيتها إِلَى بيت شر فلمْ يحتمِل القديس يحنِس القصير وذهب إِليها فظنّتهُ أنّهُ جاء لِيفعل الشر معها فجلس وقال لها[ لِماذا أهنتِ المسيح الّذى أحبِك ] وبكى وبكت بِجواره وتابت وقدّمت توبة عميقة وأخذ الله نِفَسها فِى ذات الليلة فنحنُ أيقونات الله الحيّة لِنسمع ونعمل ، فالكنيسة أنجبِت الكثير مِنَ القديسين ولازالت تُنجِب ، فلا تجعل قلبك قاسياً وأستجيب لِكُلّ ما تسمع 0
نماذج للتغيُّر :
نعمة الله غيَّرت كثيرين من أقصى درجات الفجور إلى أقصى درجات القداسة .. مثل القديس موسى الأسود .. سارق .. قاتل .. زاني .. قاطع طريق .. متجبر .. تتفاضل نعمة الله وتعلن عن نفسها بقوة في ناس ملكت الخطية عليهم للنهاية حتى نحصل نحن على رجاء ونعمة عن طريق سيرتهم القديس أُغسطينوس بكل ما وصل إليه من زيغان وقساوة وشهوات وسرقة .. إفتخار وغرور .. كبرياء .. غطرسة .. ولكن الله عرف كيف يغيَّره وأصبحت لا تُفارقه لأنه تقابل مع الله تغيَّر في ملامحه وشكله وفكره .ونذكر المرأة التى أتت إليه تحدثه اوغسطينوس إفتح إنى أنا وقال لها ولكنى لست أنا اوغسطينوس الذى تعرفيه قد مات لا تستثقل خطاياك على مراحم الله .. القديس أُغسطينوس كان يعرف إمرأة شريرة كان له علاقة بها قبل أن يتوب .. كلما جاءت إليه بعد توبته كان لا يضعُف ولكنه يزداد صُراخ أمام الله من كثرة اتضاعه ومعرفة خطيته نرى في الكتاب المقدس أشخاص مملوءين ضعف تعامل الله معهم وحوِّلهم لأشخاص مملوءين قوة وحكمة .. إلى متى نتغير ؟ حتى نصل إلى تلك الصورة عينها .. حتى ما لا نهاية .. معلمنا بولس الرسول يقول ” أسعى لعلي أُدرِك الذي لأجلهِ أدركني أيضاً المسيح يسوع “ ( في 3 : 12) .. تغيير بلا نهاية قل لا لن أكون كما كنت قبل –إلى الآن لم أبدأ هبنى يارب أن أبدأ والحياة مع الله هى متجددة لا يمل منها وتتغير فى القامات وتنتقل من الجسد إلى الروح ومن الأرض إلى السماء ومن الشر إلى البر آباءنا القديسين عاشوا في وحدة مع ربنا 40 أو 50 أو 90 سنة بنعمة مُتجددة .. من يذوق حلاوة الله يشعر بتغيير في حياته يعطينا الله نعمة أن نتغير إلى تلك الصورة عينها