الحاجة الى واحد

Large image

إِنجيل هذا الصباح المُبارك ياأحبائىِ يتكلّم عن البيت المحبوب جداً لدى شخص ربنا يسوع المسيح وهو بيت لِعازر ومريم ومرثا
معروف أنّ هذا البيت هو موضع راحة ربنا يسوع ، لأنّ ربنا يسوع لا يستريح إِلاّ عِند الناس التى قلوبها تُحبّه والنفوس التى تُرحّب بِقدومهِ ، فهو يُحب أن يستريح عِندهُم مِن كُلّ عناء
فوجدنا أنّ ربنا يسوع قبل أن يُصلّىِ كان يستريح فىِ بيت عِنيا ، واليوم نُحب أن نقترب مِن صِفات هذا البيت لكى يستريح فينا شخص ربنا يسوع المُبارك ، فوجدنا فىِ هذا البيت :
(1) لِعازر الذى ربنا يسوع يُحبّهُ
(2) مرثا التى تهتم بِخدمة البيت
(3) مريم التى تُحب أن تجلس عِند قدميهِ لِتتعلّم
وجدنا كُلّ نِفَس تُحب أن تقترب منهُ لكى يستريح فيها ، ما أجمل العِبارة التى قالها ربنا يسوع لِمرثا عِندما قال " مرثا مرثا أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمورٍ كثيرة ولكن الحاجة إِلى واحد " ، يُريد أن يقول لها أنا أُريدك أن تكونىِ مِثل مريم ولِعازر ، فلا تنصرفىِ كثيراً عن الجلوس تحت أقدامىِ ، فإِنّ الجلوس تحت أقدامىِ أمر محبوب جداً
ربنا يسوع يُحب النفوس التى تجلس عِند قدميهِ لكى تسمع وتعمل ، تسمع بقلب مُنسحق وكُلّها إِنصات ، بل كُلّها شغف وحُب وإِتساع لتسمع الكلمة التى تعبُر أعماقها وتؤثرّ فيها ، ولِذلك ربنا يسوع قال لمرثا " الحاجة إِلى واحد "
لِنعتبر أنّ ربنا يسوع دخل بيتنا الشخصىِ ووجّه لنا هذا النِداء بل هذهِ الصرخة وقال " ولكن الحاجة إِلى واحد " ، ولِذلك لو ترك الإِنسان نفسهُ لِمشغوليات العالم فإِنّهُ سيرتبك بأمورٍ كثيرة ، وهذهِ قاعدة الذى يهتم بأمور خارج ربنا يسوع ، فلو بعدنا عن ربّ المجد يسوع وعمله وملكوته والتسليم لهُ فإِنّ ذلك يُنشأ إِرتباك لكن إِرتباكنا هذا يجعلنا ننزعج فنهرب إِليهِ
أنت مُحتاج للواحد ، ومِن هو الواحد ؟ هو شخص ربنا يسوع ، فلو ربنا دخل إِلى كُلّ واحد وإِلى بيتهِ فإِنّهُ سيقول لهُ " الحاجة إِلى واحد "
فهذهِ الآية نحنُ مُحتاجين أن نعيشها ، فتوجد إِحتياجات كثيرة جداً يرتبك بِها الإِنسان ويخدمها وينسى الحاجة إِلى واحد
فعُلماء النِفَس لكى يُحدّدوا إِحتياجات الإِنسان وجدوها كثيرة جداً لا تنتهىِ ، ولكن أكثر إِحتياج عِند الإِنسان ومُلح جداً هو أن يُحب ويشعُر أنّهُ محبوب ، وأيضاً الحاجة إِلى التقدير بأنّ الّذين حولهُ يُكرموه ويرفعوه
فأكثر شىء يُتعب الإِنسان هو أن يشعُر بأنّ الّذين حولهُ يحتقروه ويُقلّلوا مِن شأنهِ ولا يُقدّروه ، وأيضاً الإِنسان بِيحتاج إِلى الشعور بالأمان والسلام والطُمأنينة والإِستقرار وعدم الخوف وعدم الإِضطراب
وأيضاً توجد إِحتياجات بيولوجيّة مِثل الإِحتياج للأكل والشُرب والملبس ، كُلّ هذهِ الإِحتياجات كيف نقيسها على الحاجة إِلى الواحد ، فأنا يارب مُحتاج إِلى إِحتياجات كثيرة
1- الحاجة إِلى الحُب :
ما لم يشعُر الإِنسان بِمحبة ربّ المجد يسوع لهُ شخصياً ، ويشعُر بِحُبهِ الباذل الفادىِ فإِنّ الإِنسان سيظل فقير مِن معنى الحُب ، فمهما أحبّوه الناس فإِن محبة البشر محبة زائفة مُتغيّرة مُتقلّبة غير ثابتة ، بل أحياناً تكون محبة أنانيّة تميل إِلى الأخذ
ولكن عِندما نرى محبة المسيح فإِنّها محبة ثابتة غير مُتغيّرة حتى وإِن كُنّا خُطاه ، مات لإِجلنا الفُجّار ، والفاجر هو الإِنسان الذى إِستباح الخطايا ، وعِندما يفعل الخطيّة لا يخجل بل بالعكس يكون مُصرّ ومُصمّم ومُتلذّذ بالخطيّة ، ولكن هذا الإِنسان عِندما يشعُر بِمحبة الله فإِنّ هذهِ المحبة تُغطّىِ إِحتياجاته لأى محبة أُخرى ، لأنّها محبة ظاهرة بِشدّة ، الذى أحبّنىِ أنا وأسلم ذاته لأجلىِ أنا
فالإِنسان مُحتاج أن يأمِن لِهذا الحُب ، الذى لا يوجد أحد يُعطيه لهُ إِلاّ شخص ربنا يسوع ، تأملّ فىِ غُفرانه لك وكم أنّهُ يكمُن فيهِ محبّة
ومِن الأمور التى يحتاج إِليّها الإِنسان الحاجة إِلى الغُفران وذلك حتى لا يشعُر الإِنسان أنّ خطاياهُ بِتتراكم وبتزيد عليه
لا تبحث عن حُب خارج المسيح ، لا تجد نِفَسك جوعان وغير شبعان ، محبّة الناس لن تكفيك ، أنت مُحتاج لِحُب لا نهائىِ ، " هكذا أحبّ الله العالم " أى بِدون سبب ، بِدون أن يكون لىّ إِستحقاقات لِحُبّةِ ، أحبّنا فِضلاً ، أحبّنا أولاً لأنّهُ أراد أن يُحبّنا ، أحبّنا لأننّا عمله وصنعه يديهِ
2- الحاجة للتقدير :
الإِنسان مُحتاج لِمن يقول لهُ كلِمة ترفعهُ ، ولِمن يُحسّسهُ بقيمتهُ وبأنّهُ غالٍ ومُهم ، لا يوجد عِند ربنا يسوع أغلى منّىِ ومنك ، لا يوجد أقيّم عِند ربنا يسوع مِن الإِنسان ، فهو يقول لك أنت صورتىِ ، جعلت إِسمىِ عليك ، نحنُ صرنا شُركاء للطبيعة الإِلهيّة
فهل يوجد إِحتياج عِند الإِنسان بأن يشعُر بِقيمتهُ وهو شريك للطبيعة الإِلهيّة ، وهو إِبن للّه ، وهو إِناء للكرامة ، وهيكل للروح القُدس ، فعندما نشعُر بِذلك نشعُر بقيمة أنفُسنا ، وأشعُر أننّىِ غالىِ عِندهُ ، ربنا يسوع قال " لذّتىِ فىِ بنىِ آدم " الإِنسان محبوب جداً ، صورتىِ فيهِ
لن تجد تقدير مِثل الذى يُعطيه لك ربنا يسوع ، فإِن كُنت مُحتاج لتشجيع فإِنّك ستجد الإِنجيل يُكلّمك ويقول لك " قصبة مرضوضة لا يقصِف وفتيِلة مُدّخنّة لا يُطفأ " ، ويقول " الصدّيق يسقُط سبع مرّات ويقوم "
فهل يوجد أكثر مِن ذلك ! فالكِتاب المُقدّس تشجيع وسند ، فهل يوجد أكثر مِن أنّهُ يُعطينىِ جسده ودمه ! فمِن سيُقّدرنىِ هكذا ؟!!
فعِندما تكون مُحتاج للتقدير ويقول لك شخص كلِمة مديح فإِنّها ستكون مملوءة بالنِفاق والرياء ، ولكن عِندما يُشجّعك الذى خلقك وجبلك فهذا هو التقدير الحقيقىِ ، كرامة الإِنسان عِند ربنا كرامة عظيمة
سُليمان الحكيم يقول " إِنسان فىِ كرامة لا يفهم يُشبه البهائم التى تُباد " ، فأنت غالٍ أنت محبوب أنت مُكرّم عِند ربنا ، لا يوجد تقدير يُعطيه لى أحد مِثل ما يُعطينىِ ربنا يسوع ، فهو الذى يجعلنىِ أشترك معهُ فىِ الذبيحة الغير دمويّة فأشعُر أنّ قلبىِ مسكن لهُ وجسدىِ هيكل لِربنا
3- الإِحتياج للأمان
يظل الإِنسان طوال حياته يبحث الأمان ، فمثلاً يقول أنا أأمنّ على حياتىِ ويدّخر مِن الأموال وتجدهُ مُضطرب ومهموم ومهما فعل فإِنّهُ لا يشبع ولا يكتفىِ
الإِنسان فىِ داخلهُ إِحساس عميق للأمن ، خارج عن ربنا يسوع لا يوجد إِطمئنان ، اليد الإِلهيّة هى التى تحمل كُلّ نِفَس ، مُستحيل أن أطمئن بعيداً عن ربنا يسوع
والإِنسان مُحتاج أن يستقرّ ويأمن ولكنّهُ لا يستريح إِلاّ فىِ الله ، فإِن كان يظُن أنّهُ عِندما يدّخر أموال أنّهُ سيستريح ، ولكن كلاّ ، وكان يظُن أنّهُ عِندما يتمسّك بالدنيا أكثر أنّهُ سيستريح ، ولكن الأمر عكس ذلك ، الإِحتياج للأمن لن تجدهُ إِلاّ فيهِ هو
بولس الرسول يقول " لأنّهُ هو سلامُنا " ، لا يوجد سلام خارج عنّه ، لا يوجد أمن ولا إِستقرار ولا سكينة ولا إِطمئنان خارج عنّه ، الإِنسان بيأخُذ منهُ سلام ويشبع بهِ ، إِطمئنانىِ هو فىِ يد ربنا ، فالإِنسان عِندما يأخُذ وعد مِن ربنا عِندما يقول لهُ " لا تخف أنت لىِ " ، وعِندما يقول لىِ " أنّ حافظ الأطفال هو الرّبّ " ، ونحنُ نُصلّىِ ونقول " مواعيدك الحقيقيّة الغير كاذبة " ، فبِذلك أثق بهِ وأطمئن
فحينما أضطرب أهرب إِليّهِ فأستريح ، وعِندما أجثو أمامهُ أشعُر بالأمن والسلام ، يعتقد الإِنسان أنّهُ سيستريح عِندما يأخُذ بيت وأنّهُ سيجد فيهِ الأمن والسلام ، ولكن كلاّ فلن يجد أنّ البيت هو مصدر سلامه ، فالبابا شنوده الثالث يقول " لن يرتاح للأسوار فِكرىِ " ، فأى بيت أيا أن كان أنا سعيد فيهِ مادُمت فيهِ مع يسوع
القديس يوحنا ذهبىِّ الفم عِندما أتوا لِيفنوه قالوا لهُ إِننّا لن نجعلك تشعُر بالأمن فمِن حين لآخر سنُرسلك إِلى بلدٍ جديدة ، فقال القديس " للرّب الأرض وملؤها " ، فهو كان يشعُر أنّ أمنه لم يكُن بالمكان الذى سيعيش فيهِ بل فىِ أى مكان يعيش فىِ أمن مع الله
كثيراً ما ينخدع الإِنسان مِن نفسه ومِن شهواته ومِن عدو الخير ومِن إِحتياجاته ويُعلن أنّ لهُ راحة خارج ربنا يسوع ، ولكن أبداً فسنظل حيارى وفىِ شدّة وفىِ ضيق إِلى أن نشعُر أنّ راحتنا هى فيهِ
القديس أوغسطينوس كان يقول للّه " أعطنىِ أن أستريح فيك دون جميع رغباتىِ " ، أتُريد أن تأمنّ المُستقبل أمنّ الأبديّة ، والإِبن بيرث أبوه والله لم يترُك لى أموال ولا عمارة ولكنّهُ أعطانىِ الميراث الذى لا يفنى ولا يضمحلّ ، ترك لىِ شرِكة الحياة الأبديّة
وتجد أنّ الإِحتياجات البيولوجيّة مِن أكل وشُرب وملبس مهما أخذ منها الإِنسان فإِنّهُ لن يكتفىِ بها ولا يشبع منها إِن لم يأكُل بِشكُر ، وإِن لم يكُن لبسه فىِ المسيح يسوع ويكون لبِس بسيط ومُجرّد ليستُر الجسد ، وإِن لم يشعُر الإِنسان أنّ جماله هو مِن الداخل فإِنّهُ لن يعرف أن يختار ملابسهُ ، وسيجد أنّ اللبس يذلّه والأكل يذلّه
ولو حاولنا أن نُشبع كُلّ إِحتياجاتنا فإِننّا سنشعُر أننّا مُحتاجين للمسيح وللمسيح فقط ، ولِذلك ربنا يسوع عِندما خاطب الآب قال لهُ " أن يعرفوك أنت الإِله الحقيقىِ وحدك " ، كما نقول نحنُ لهُ " لأننّا لا نعرِف آخر سِواك "
فالإِنسان لو ترك نفسهُ فىِ إِشباع إِحتياجاته فإِنّهُ سيُذل ، ولو بحث عن إِحتياجه للحُب خارج عن المسيح فإِنّهُ سيتعب ، ولو بحث عن التقدير خارج المسيح سيُذل ، ولو بحث عن الأمان خارج المسيح فلن يشعُر بالأمان ، الحاجة الأصليّة التى تُشبع الإِنسان هى الحاجة إِلى واحد
فعُلماء النِفَس قد وجدوا أنّ هذهِ الإِحتياجات لن تُغطّىِ أو تُشبع أبداً ، لأنّ الإِنسان هو بئر مِن الرغبات ، فلو إِمتلك مُمتلكات مِثلاً فإِنّهُ لن يشبع ولكن لا يُشبعهُ إِلاّ الله خالقهُ
" فلن يُشبع القلب المُثلّث إِلاّ الله المُثلّث الأقانيم " ، فلو أعطينا لِهذا القلب المُثلّث الكُرة الأرضيّة فإِنّهُ سيظل فيهِ جوانب فارغة
قال المسيح لمرثا " أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إِلى واحد " ، يا ليتنىِ أكتشف هذهِ الحاجة ، ولو بحثت عن هذهِ الإِحتياجات خارج المسيح فإِننّىِ بِذلك سأُصبح فقير ولن أشبع ، ولِذلك لابُد أن أرجع إِليهِ ، فوقفة الصلاة ستُشبعنىِ وستُغنينىِ ، ففىِ الكِتاب المُقدّس الله يُكلّمنىِ ويُهدّأنىِ ويُطمأننىِ ، إِشبع بجسده ودمه فهو يعلم بِكُل إِحتياجاتك
القديس أوغسطينوس يقول " إِنّ مِن يقتفىِ أثارك لن يضلّ قط ، إِنّ مَن إِمتلكك شبِعت كُلّ رغباته " ، فشخص مِثل موسى النبىِ عِندما تختبره وتقول لهُ : تُحب أن تعيش مُعزّز ومُكرّم فىِ قصر فرعون أم تكون مذلول مع شعب الله ؟ فنجد الردّ يقوله الكِتاب " بالإِيمان موسى لمّا كبِر أبى أن يُدعى إِبن إِبنة فرعون مُفضّلاً بالأحرى أن يُذلّ مع شعب الله على أن يكون لهُ تمتُّع وقتىِ بالخطيّة حاسباً عار المسيح غِنى أعظم مِن خزائن مِصرِ 00" ، فطوباك يا موسى ، فهذا هو الإِنسان الذى عرِف أن يُشبع إِحتياجاته صح
والإِنسان مُحتاج أن يُشبع إِحتياجاته ، ولِذلك وجدنا فِئات كثيرة تتبع ربنا يسوع لأنّهُم إِكتشفوا حُبّه فىِ قلوبهُم ، فتبِعوه مِن كُلّ قلوبهُم وقدّموا حياتهُم حتى الموت
الإِنسان مُحتاج أن يُراجع نفسه هل يُشبع كُلّ إِحتياجاته مِن ربنا يسوع ويشعُر بِغِنى أم أنّهُ يعيش مذلول ، ولِذلك عليهِ أن يرجع إِلى الله ولا يلجأ إِلى غيّرهُ ليشبع مِن فيض وغِنى ربنا يسوع المسيح
ربنا يسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ
لهُ المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2872

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل