الألم فى المسيحية عند القديس يوحنا ذهبى الفم

Large image

+ قد رأينا فى حياة فم الذهب أنه رجل آلام. فماذا كتب عن الآلام ؟
من كتاباته وعظاته نستطيع أن نستخلص الآتى :
+ الألم مرض يصيب غاية وجود الإنسان ويفسد رسالته. حيث يصيب سلامه الداخلى، ويفقده حيويته وفرحه، وينحرف به عن هدفه محطما صلاحه.
ولكن ماهو مصدر الألم ؟
هل الجسد ؟ الجسد من صنع الله، وكل ماصنعه الله هو حسن. كما أن الجسد مادة، والمادة غير مسئولة عن الأعمال الصالحة أو الضارة التى تصدر عنها. فالنفس هى المسئول الأول لأنها قائد الجسد. وإشباع شهوات الجسد ليس من عمل الجسد بل من عمل النفس. وللنفس السلطان المطلق أن تسيطر على الجسد. ولكى تنال النفس قوة، وتعطى جمالا للجسد والنفس، نحتاج إلى توجيه علوى من السماء، وأن يكون الروح معنا.
هل الأحداث الجارية ؟ يستطيع المؤمن أن يجد فى الأحداث المؤلمة سلاما وتعزية. ويوحنا نفسه لم يرتعب منها.
+ النفى فيه زيارة لبلاد ومدن كثيرة، كما أن الأرض كلها غربة.
+ اغتصاب الممتلكات، نحن نرثى ليس من فقد ماله، بل من اغتصب المال لأنه فقد صلاحه. والذى يقبل فقدان ماله بشكر، يكون كمن قدمه صدقة.
+ الفقر، ليس الفقر شرا بل هو هدم للشر، أن صحبه تدقيق مع حكمة.
+ المرض، وهل ضر لعازر ؟ أم ضفر له إكليلا؟
+ الموت، إنه نوم عميق، ورقاد وعبور إلى الميناء، وأى ضرر أصاب هابيل بموته ؟ وأى مكسب ناله قايين بحياتة وأليست المسيحية هى انتظار الحياة بعد الموت، وترجى الرجوع بعد الرحيل ؟ وسر نصرتنا على الموت هو السيد المسيح الذى غلب الموت وحطم الخوف منه.
هل الشيطـــــان ؟ إن كان الشيطان قد خدعنا وأخرجنا من الفردوس، فالسيدالمسيح بتجسده أعادنا إلى ما هو أفضل. الشيطان لا يجبر، ولكنه يخدع فقط. وعلة السقوط هو الإنسان نفسه الذى ينجذب إليه، ويوافقه، بسبب عدم جهاده أو ضعف إرادته.
سؤال : لماذا لم يستبعد الله الشيطان ؟
1 ـ الشيطان مضلل ولكن كثيرون غلبوه فصارت لهم تزكية وكرامة أفضل بكثير من المغلوبين.
2 ـ سبب إصابة المغلوبين بالأذى هو كسلهم وليس الشيطان.
3 ـ هل يستبعد الله الخليقة الجميلة التى تعثر البعض، وأعضائنا التى نستخدمها استخداما شريرا ؟ بل والبعض عثر فى الصليب، والرسل ، بل وفى المسيح نفسه.
هل مكائد الآخرين ؟ إن كنا قلنا هذا عن الشيطان فماذا عن الإنسان ؟ إن الضرر لا يصيب أحدا بسبب آخر بل بسببه هو . فإن الأتعاب التى تصيبنا بسبب ظلم ومكائد الآخرين تتحول إلى أفراح بالدخول إلى خبرة الحياة الأبدية.

أما نظرتنا لصانعى المكائد فهى :
1 ـ هم أخوة لنا وليسوا أعداء.
2 ـ الله يسمح بها لكى نتكلل.
3 ـ لنتقبلها كما يتقبل المريض الدواء من يد الطبيب، وكقبول التأديب من يد الأب..فهى فرصة لغسل الخطايا.
4 ـ هى فرصة للغلبة على الطبع البشرى (كالتدرب على عدم الغضب).
الألم والخطية :
هذا هو السبب الحقيقى للألم، وعلة كل حزن، الخطية. فلا يقدر أحد أن يؤذى الإنسان مالم يؤذ هو نفسه. فإرادة الإنسان الحرة ورغبته هى علة الألم.
الألم وعناية الله :
تتلخص الإجابة على موقفنا من الألم ونحن نؤمن بعناية الله ومحبته فى :
1 ـ لنخضع لإرادة الله بغير مناقشات، حيث مقاصده غير مدركة حتى للسمائيين.
2 ـ الله محب للبشر، وحبه ليس حب عاطفى إنما علوى فائق، غايته الدخول بالإنسان إلى المجد الأبدى، وفى هذا يستخدم الآلام للتأديب والتزكية.
3 ـ الله يسمح بالآلام للصالحين ليكافئهم.
الألم وسر المسيح :
ربط القديس الألم بشخص المسيح الذى قبل الآلام من أجلنا بفرح، مقدما مفهوما جديدا للألم :
1 ـ المسيح المتألم مثال للمتألمين، حيث احتمل الآلام حتى النهاية دون أن يفقد هدوءه ولا صبره ولا شجاعته ولا حبه لمضطهديه
2 ـ بدد الخطية التى هى علة الألم، حيث حطم سلطانها، وكسر شوكة الشيطان، وأمات الموت الروحى واهبا لنا حياة جديدة فيه. بآلامه حطم سلطان آلامنا.
3 ـ بآلامه قدم مفهوما جديدا للألم، فبعد أن كانت علته الخطية، دخلها الرب من باب جديد هو باب الطاعة للآب، والحب. ولذلك صار الألم هبة نفرح بها.
مدرسة الألم :
يرى القديس أن الألم هو مدرسة تعليم الحياة الفاضلة الإيمانية.
وينصحنا لكى ننجح فى مدرسة الألم أن يعيش الإنسان الحياة الفاضلة بغض النظر عن المكان الذى يعيش فيه أو الظروف التى تحيط به. ويستشهد القديس بأمثلة من الكتاب المقدس عاشت الحياة الفاضلة فى مختلف الظروف. فابراهيم غنى ومتزوج، وإيليا بتول، داود خلال مملكته وموسى بالتخلى عن المملكة، القائد والمتوحد...ألخ.
فالعقل الراسخ يبقى ثابتا فى الهدوء كما أثناء العاصفة، والنفس الحكيمة بالحق تبتسم على الدوام مهما تغيرت الظروف، بينما يكون غيرها مضطربا.
ويقول القديس : " أى شيء يقدر أن يقلق النفس الورعة ؟ الموت ؟ إنه بداية حياة جديدة. الفقر ؟ إنه معين للنفس على الفضيلة. المرض ؟ إنها لا تبالى به، لا تبالى بالأمور المفرحة أو المحزنة، إذ تمارس حياة الألم بإرادتها. الإزدراء ؟ لقد صلب العالم لها. فقدان الأولاد ؟ لا تخاف هذا إذ تنتظرهم بكل ثقة فى القيامة. هل الثروة ترفعها ؟ كلا، فهى تعلم أن المال لا شيء. المجد ؟ لا، فقد تعلمت أن مجد الإنسان كزهر العشب. الترف ؟ لا، فهى تسمع قول الرسول : أما المتنعمة فقد ماتت وهى حية...حقا إننا مواطنوا السماء حيث لا يوجد فيها تغير...لنعلن مواطنتنا السماوية ولنكن فى هدوء على الدوام.
نى ظهورنا عندما تهب رياح التجارب، أى نقابلها باتضاع

عدد الزيارات 2074

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل