الصلاة الاسبوع الاول من الصوم المقدس

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا لوقا الإصحاح الحادي عشر عن الصلاة على اعتبار أن الكنيسة في الأسبوع الأول من الصوم تريد أن تضع مبادئ في قلوب أبنائها أهمها أن الصوم لابد أن يكون مقترن بالصلاة، لذلك الكنيسة تقرأ لنا اليوم ماذا نقول في الصلاة؟ فربنا يسوع قال لهم نقول الصلاة الربانية "أبانا الذي" الله يريد أن نتكلم معه كأب لنا، نقدس أسمه، نطلب ملكوته، نطلب مشيئته، أن تكون مشيئته على الأرض مثلما هي في السماء، نطلب أن الله يعطينا قوت اليوم، ولا نكون منشغلين كثيراً بهموم الحياة، ونطلب أن الله يغفر لنا ذنوبنا، ومثلما هو يغفر لنا ذنوبنا لابد أن نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا، ونطلب منه ألا يدخلنا في تجربة، وأن ينجينا من الشرير.
بعد ذلك قال لنا المثل الذي يقال عليه اسمه "مثل صديق نصف الليل" عن شخص، رجل فقير أتى إليه ضيف في وقت متأخر من الليل، وله دالة أن يبيت لديه، فالرجل يريد أن يكرمه ويقدم له شيء لكنه رجل فقير ليس لديه شيء، وهو في خجل منه قام يبحث فيمن حوله وقال من أستطيع أن أطلب منه، وظل يفكر إلى أن تذكر شخص قريب منه ومعروف عنه أنه فاضل، رحيم، طيب، فقال له انتظرني قليلاً حتي أعود، وذهب يطرق على باب هذا الرجل صديقه، في وقت متأخر، قال له أنا آسف أعطيني فقط ثلاثة أرغفة فقد آتى إلي ضيف فجأة، جعل نفسه كمن لا يسمعه، طرق مرة ثانية وقال له أنا آسف، آتيت في وقت متأخر أنا أعلم لكن أعطني ثلاثة أرغفة آتى إلي ضيف، فأجابه وقال أهذا وقت تأتي فيه؟!، أنا نائم وسط أبنائي الآن لن أعطيك الوقت متأخر، فالرجل لم يذهب ظل يطرق، والرجل الآخر يريد أن ينام، فقال أنا أفضل شيء أفعله لكي أكمل نومي أن أعطي هذا الرجل ما يريده سريعاً وأجعله يذهب لكي أنام، فيقول لك إن لم يعطيه بسبب أنه يريد أن يعطيه سوف يعطيه من أجل لجاجته، لماذا أختار ربنا يسوع هذا المثل؟! هذا المثل أنا أريدكم أن تصلون به بالضبط، أقول لك على ثلاث كلمات من هذا المثل:
١- شدة الاحتياج.
٢- اللجاجة.
٣- الاستجابة.
١- شدة الاحتياج : إذا لم يشعر هذا الرجل بشدة الاحتياج لن يذهب ليطلب في هذا الوقت الصعب، ومن الممكن ألا يطلب اساسا حتى إذا الوقت مناسب، يقول ليست مشكله ألا يوجد لدينا خبز الآن، لا يهم، لكن شدة الاحتياج تجعله يذهب ويطرق على الباب، ماذا عن شدة الاحتياج؟ أنا وأنت إذ لم يكن لدينا أحساس شديد جدا بالاحتياج لربنا فإن صلاتنا تكون صلاة ضعيفة، صلاتنا ستكون صلاة بالشفتين، لن تكون من القلب، ولن تكون بحرارة، ما الذي يولد الحرارة إلي القلب في الصلاة؟، ما الذي يجعل الصلاة تدخل لدرجة القبول إلي الله؟، ما الذي يجعلني أضطر للجاجة؟ هي شدة الاحتياج، موقف هذا الرجل صعب، فلا يوجد لديه شيء ليقدمه، فنحن كذلك، عندما أكون أنا في موقف صعب ولدي احتياج شديد، ومشتاق جداً أن يكون لدي شيء أنا مفتقده، أصلي وأطلب من الله، ما قوة الصلاة التي أصليها؟ هي قوة الاحتياج، يوجد شخص لا يشعر أنه يحتاج للصلاة، شخص آخر يشعر أنه لا يحتاج إلى غفران خطاياه، وآخر يشعر أنه لا يحتاج إلي الطهارة، وآخر لا يحتاج للشكر، وآخر لا يحتاج إلى المحبة، وآخر لا يحتاج إلى أي فضيلة، فكيف نطلب منه أن يصلي ؟!، صلاته كلها روتين، كلها شكلية، كلها بلا معنى، بلا فائدة، لماذا؟ لأنها خالية من الاحتياج، يقف أمام الله كواجب أو كروتين، لكن ما الذي يجعل أن الصلاة تكون فيها روح؟ شدة الاحتياج، حتى إذا كنا نصلي من أجل الآخرين، لجاجتنا وشدة احتاجينا من أجل الآخرين بأن نستعطف، نطلب، فالكنيسة تعلمنا عندما نطلب كأن شخص يشحذ، نمد أيدينا، أنا أطلب رحمتك يارب، شدة الاحتياج متي أشعر فعلا أن صلاتي بدأت تكون صلاة حقيقية؟ مع شدة الاحتياج.
ما رأيك في بداية هذا الصوم أن تكرس الصوم لكي تقتني فضائل معينة أنت فقير منها جدا، أنا أتمنى ... ، ... ، ...، فهيا بنا ما دمنا محتاجين هيا نشحذ، هيا أرني عزيمتك، هيا أرني لجاجتك كيف تكون؟، لذلك تسمع عن الآباء القديسين يقول لك عن صلاة اسمها صلاة الدموع، لماذا يبكي؟، متي يبكي الشخص؟، الشخص يبكي عندما تعجز الكلمات عن التعبير، فتجده بكى، ما الذي يجعل الناس تبكي في الصلاة؟ هذه دموع تأتي عندما تعجز الكلمات، والإلحاح من داخل شديد، ومن داخلك، تطلب ثم تطلب، فهذا يا أحبائي ما نطلق عليه شدة الاحتياج، نقول له يارب نحن قارعين باب تعطفك، نحن نظل نطرق، لماذا المثل موضح أن الرجل الذي يعطيه الخبزات متشدد؟ قال لك أنا أعطيك مجرد مثل، إذا افترضنا أن الله لا يريد أن يستجيب لطلباتك في وقت من الأوقات فلا تذهب لذلك أعطي مثل آخر موازي لهذا المثل وهو "مثل قاضي الظلم"، عن رجل قاضي يقال عنه أنه لا يخاف الله ولا يا يهاب إنسان، هذا قاضي ظالم، سيدة أرمله تذهب إليه وهو لا يحكم لها ولا ينصفها، وقالت له أنصفني من خصمي، قال أيضا أنه سوف ينصفها من أجل لجاجتها.
الاحتياج يا أحبائي أبحث في نفسك: كم خطية رابضة على باب قلبك؟، إلى أي مدى أنا مغلوب من ضعفات كثيرة ولا أقدر عليها، أنا غير قادر، أنا عاجز، أنا ضعيف، بمجرد أن أشعر بعجزي وضعفي وشدة احتياجي من هنا تبدأ الصلاة الحقيقية، قبل ذلك كان تدريب، شيء بسيط، بمجرد أن الاحتياج يزيد داخلك، يلح داخلك، بمجرد أن تشعر بعجز شديد، فقر شديد، أنظر إحساس الإنسان الفقير الذي لم يجد ما يأكله، فنحن لابد أن نقف أمام الله هكذا، إحساس الذي لم يجد طعام وجائع، جائع، جائع، ولم يجد ما يأكله.
٢- اللجاجة : ماهي اللجاجة؟ أنني لم أذهب، لن أذهب، إلا إذا أخذت الأرغفة، لم أذهب إلا إذا أخذت رحمة، لم أذهب إلا إذا شعرت بمصالحة، لن أذهب إلا إذا شعرت بتوبة، لن أذهب إلا إذا شعرت بسلام، أنا سأظل واقف أمامك يارب، لا أستطيع الذهاب، هل أذهب فارغ؟!، لا يليق.
نحن كذلك يا أحبائي نظل نطرق على الباب ونظل نقول له أفتح لنا يا سيد، أحد القديسين كان يقول افتح لنا يا سيد ذلك الباب الذي أغلقناه علينا بإرادتنا، أنا الذي أغلقته، الله لايغلق الباب أبدا أنا الذي أغلقه، أفتح لنا يا سيد ذلك الباب الذي أغلقناه علينا بإرادتنا، يعود فيقول لك هكذا فإن فتحت لنا فهذا حق وإن لم تفتح لنا فهذا حق، لماذا؟ نعم فإنه عندما يفتح هذا حق لكن إذا لم يفتح فهذا من جزيل رأفته، وإن لم تفتح لنا فمبارك الذي أغلق علينا بعدل، أنا لا أستحق، فماذا إذا لم يفتح؟ لن أذهب، سأظل أطرق، مثلما قال لك عن فاضي الظلم هذا يقول لك فلن يشاء إلي زمان، مثلما يقول لك علي صديق نصف الليل هذا، ليس مجرد أنه رجل طرق، طلب، فأعطي له. لا فهو أخذ وقت وأجابه جواب شديد، أنا نائم وسط أبنائي، بمعنى في الفراش الآن مع أبنائي، ما الذي آتي بك في هذه الساعة، فمن الممكن أن يشعر كل واحد منت أن الله لايزال متأني عليه لا يريد أن يستجيب لطلبته، لماذا؟ قال لن يشاء إلي زمان، من الممكن أن يكون هذا ليس وقت الاستجابة ولازال الله له تدابير، فماذا علي أن أفعله؟ أستمر، أظل في اللجاجة، شدة الاحتياج تأتي باللجاجة، تريد أن تتعلم اللجاجة؟! الكنيسة تعلمها لك، ترى كم مرة تقول فيها كلمة كيرياليسون؟ ٤١ مرة، هل الله لم يسمع؟!، ويجعلك تقول كيرياليسون بنفس النغمة، لماذا؟ فهذا زن، ففي اللحن القبطي هناك ألحان يقولون عليها في نغمتها أنها ألحان زن، "هيتين إبرسڤيا" هذا زن بشفاعة والدة الإله، مثل الطفل الصغير الذي يزن علي شيء إلى أن يأخذه، فنحن كذلك الكنيسة تعلمك تكون طفل صغير واقف أمام الله لتزن، كم من مرة يقول أنعم لنا بغفران خطايانا، كم من مرة يقول لك يارب ارحم، كم من مرة يقول اهدنا لملكوتك، لماذا تكرار نفس المعاني؟ تصلي المزامير تجدهم يشبهون بعض جدا نفس المعاني، ألا يكفي واحد؟!، لا أبداً صلي كثير، قل كثير، الذي يصلي التسبحة يجد كلمات تتردد كثير، الذي يصلي مجمع التسبيح الذي فيه ننادي بالقديسين تجده يحدثك عن قديسين كثير جداً في مجمع التسبحة ومردها أنعم لنا بمغفرة خطايانا، وكلها بنفس النغمة، إنتيف كانين نوفي نان إيڤول، ونكررها كثيراً فهل الله لا يسمع، لا إنه يسمع لكنه يريد أن يسمع منك أكثر، اللجاجة، تعلم أن تقول لله ارحمني، الآباء القديسين يعلمونا صلاة اسمها صلاة يسوع التي هي "يا رب يسوع المسيح إبن الله ارحمني أنا الخاطئ"، "يا ربي يسوع المسيح إبن الله ارحمني أنا الخاطئ"، ياربي يسوع المسيح إبن الله ارحمني أنا الخاطئ، كم مرة؟، لا تقوم بالتعداد، قل كثيراً جداً لأنك عندما تقول هذا سيطهرك، ينقي مشاعرك.
لذلك يا أحبائي هيا نتعلم اللجاجة في الصلاة هيا نكون لدينا احتياج.
٣- استجابة : تشعر بفرحة في داخلك بعدما كنت مثقل، بعدما كنت حزين، أصبحت جيداً، تجد إحساس آتى إليك يقول حسنا، حسنا، كفى، كفى، كفى، أنا أرفع يدي وأصلي، أنا سأعطيك نعمة، لكن لماذا كان الماضي هكذا؟ لما لا أن الذي يطلب يأخذ في حينه، يقول لك من الممكن أن تأخذ شيء ما ولا تحافظ عليه، من الممكن أن تأخذ شيء لا تعرف قيمته، من الممكن أن تأخذ شيء تتفاخر به أمام الناس، من الممكن أن تأخذ شيء تشعر أنه آتى من مجهودك، لكن لا، اللجاجة الكثير تفهمك أن الذي أخذته ليس حقك، فلماذا أخذته، لأني أنا ملح في الطلب، لأني بصراحة أنا لا أستحقها، لكن أنا لم أهون عليه فأعطاها لي فقط، هي اللجاجة كذلك، اللجاجة لكي تختبر ثباتنا، وتختبر محبتنا، وتختبر رجائنا، ولكي نحافظ علي الأشياء التي نأخذها، هل تعتقد أن الله ليس من الممكن أن يعطينا فضائل بلا حساب، لا بل يمكن.
تصور شخص معنا الآن لديه محبة كبيرة جداً ولديه ينبوع طهارة كطهارة الملائكة ولديه روح صلاة قوية جداً مثل صلاة أبو مقار، الأنبا أنطونيوس، هل تعتقد أن الله لا يود أن يعطينا مثلها، لكن للأسف بمجرد ما آخذ شيء مثل هذه أنا أول شيء يأتي إلي إحساس بالافتخار الشديد جدا، يأتي إحساس إن الناس كلها لا شيء، وأنا الذي لايوجد مثلي، ويأتي إلي إحساس ...،....،... إلخ فأجد أن هذه الأشياء من الممكن أن تضرني، نعم من الممكن تضرك حقا.
لذلك الله يريد أن يعطينا بالاتضاع، لذلك انكسر أمام الله وأسجد، انحني كثيراً جداً وما أجمل السجود والانحناء بلجاجة مع بطن فارغة، ما البطن الفارغة؟ هي الصوم.
ما أجمل لجاجة الصلاة وأنت مانع جسدك عن ملذات كثيرة جداً من أجل محبتك له، وأنت صالب جسدك، جسد مصلوب مع نفس منسحقة مع روح مرفوعة مع أيدي تتضرع هذا هو الصوم.
لذلك يا أحبائي اقرن صومك بصلوات كثيرة، كن كثير اللجاجة، كن شاعر بشده الاحتياج، إذا لم تأخذ لا تنصرف، بل انتظر الرب، داود النبي قال "من محرس الصبح إلي الليل فلينتظر إسرائيل الرب لأن الرحمة من عند الرب عظيم هو خلاصه".
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا أمين.