راعى صالح كسيده

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .

تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في تذكار نياحة الآباء البطاركة فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح العاشر، وهو فصل الراعي الصالح ، يحدثنا عن ربنا يسوع عندما قال عن نفسه "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف". كل شخص منا في حياته لابد أن يكون كسيده راعي صالح، الزوج في منزله راعي صالح، والأم والزوجة راعي صالح، والشاب والفتاه الذين مازالوا في الدراسة أو في الجامعة أو في العمل أو في مدرسة راعي صالح، كل شخص يا أحبائي عليه أن يفكر في نفسه كيف يكون كسيده راعي صالح، راعي صالح بمعنى أنه يهتم بمن حوله، بمعنى أنه يحاول يقدم لمن حوله ما يحتاجون، قد يسألني أحدكم: وأنا من يقدم لي إذا كنت أنا أفكر في من حولي، أقول لك في الحقيقة لكي يشبع الإنسان فهذا صعب وأكثر طريقة تقوم بإشباعه أنه يعطي وليس يأخذ، أكثر طريقة تشبعه أن يعطي وليس يأخذ، فمهما أخذ الإنسان تجده دائما جائع، الشيء الذي يشبعه أنه يعطي - ماذا يعطي؟ - يعطي حب، اهتمام، ابتسامة، صلاة، رعاية، يشبع الاحتياجات، الأب والأم في المنزل لابد أن يعرفوا أن لديهم دور كبير جداً في شيء اسمه الرعاية، في شيء اسمه تسديد الاحتياجات، لابد أن نعرف أن الأب في البيت ليس مجرد مصدر للمال، بالطبع لا، من الممكن أن تكون ظروف الحياة وضغوطاتها حولت دور الأب في البيت أن تكون فكرته عن دور الأب في البيت أن يكون مصدر للمال، ومن الممكن أيضا أن تكون حولت الفكرة عن الأم أنها مصدر للطعام، لا لا فالدور أكبر من ذلك بكثير، الأم ليست فقط لتقدم الطعام، والأب ليس مجرد لتقديم المال، لا فالدور أكبر بكثير من ذلك، نحن علينا إن نهتم بالروح ونهتم بالنفس ونهتم بالجسد، لكن اهتمامنا بالجسد فقط فهذا معناه عبودية للأمور الزائلة، الإنسان عندما أخطأ في أيام أبونا آدم، آدم قبل أن يخطئ أعطى له الله سلطان على الطبيعة، سلطان على الحيوانات، سلطان على البحر، سلطان على الكون كله، الله أعطى له سلطان على الطبيعة، وكانت الطبيعة خاضعة له، ولكن بعد أن سقط انفصل عن الله، وبعدما انفصل عن الله تمردت عليه الطبيعة وخضع هو للطبيعة بعد أن كانت الطبيعة هي التي تخضع له، بعد أن كانت حيوانات البرية هي التي تخضع له، بدلاً مما كانت الأرض هي التي تخضع له أصبح هو الذي يخضع لها، وقال له بعرق جبينك تأكل خبزك، فكلما أنفصل الإنسان عن الله كلما عاش تحت وطأة هذه العقوبة، التي هي أن الطبيعة تسود عليه، أو بصراحة أن الأمور المادية والأمور الزائلة تتسلط عليه، تصبح هذه الأمور هي التي تعطي له الحياة، كلما انفصل عن الله، وكلما اتحد بالله عاد إلى الصورة الأولى أن الطبيعة تخضع له، إذن الإنسان بإرتباطه بالله تصبح الأمور المادية بالنسبة له سهلة.
إذن يا أحبائي لابد أن نعرف أن دورنا أكبر بكثير من مجرد أن ناكل ونشرب، لا فهناك احتياجات للجسد، احتياجات للنفس، احتياجات للروح، ولابد أن كل أسرة تعرف أن لها دور مع بعض، أن يذهبوا إلى السماء مع بعض، أن يرتبطوا بالله معا، أن ينموا معا، أن يصلوا معا، ولكن إذا كان هناك عنصر غير مستجيب، فلنظل مع المستجيب ، أما إذا لم نجد أي شخص مستجيب لتكن أنت، نعم لتكن أنت، أبونا إبراهيم أثناء ترحال حياته ذهب إلى أماكن كثيره جدا، لكن كل مكان يذهب إليه كان يقول: "وبني هناك مذبح للرب"، كل مكان يذهب إليه وبني هناك مذبح للرب، إني أشعر بالسعادة جداً عندما أدخل منزل أو عندما أفعل صلاة تبريك لشباب سيتزوجون ويقولون لي هنا ركن الصلاة، هذا المكان الذي نقف نصلي فيه، أنا عندما أقوم بالتبخير أشعر أن هناك مكان يوجد به أيقونة وبجانبه قنديل أو شمعة أو مصباح مضيء، هذا ركن الصلاة، لا بد أن يكون لديك في البيت مذبح، هنا مذبح للرب، هذا المكان الذي نصلي فيه، نحن لا نعيش لكي نأكل ونشرب فقط، الحياة ليست أرض، الحياة ليست زمن، الحياة ليست جسد، الحياة ليست استهلاك، لا فالحياة أرقى من ذلك بكثير، وأجمل من ذلك بكثير، لذلك تجد نفسك وأنت بعيد عن الله أن كل شيء لا يوجد له مذاق، ستجد نفسك دائما مشدود وغاضب، وبعدما نشبع الجسد تماما تجدنا كلنا نعيش دائرة حزن واكتئاب، فكان من المفترض أن الإنسان يهتم بالجسد ليصبح سعيداً أبدا، لماذا؟ لأنه ليس من يقوم بإشباعي، فهذا ليس محور الحياة.
حينئذ يا أحبائي أنا الراعي الصالح لابد أن كل شخص في المنزل يكون له دور في الأبعاد العميقة التي لدى الإنسان، الحب فجميعنا نحتاج الحب، كل من في المنزل يحتاج إلي الحب، كل شخص فينا لابد أن يقدم حب للآخر، الابن يقدم لوالده ولوالدته ولإخوته، الأخت تقدم لإخوتها وللأب والأم، والزوج يقدم لزوجته، والزوجة تقدم لزوجها، كل شخص يحتاج للحب، راعي صالح، يقول عن ربنا يسوع المسيح أن الشاب الغني نظر إليه وأحبه، هذه النظرة ممكن أن تكون نظرة حب، نظرة حنو، يوجد بها شعور بالقبول.
في بعض الأحيان يا أحبائي تجد أقرب الناس لبعضهم هم أكثر ناس يقومون بأذية بعضهم البعض، فهم من أكثر الناس الذين يشعرون إن كل شخص فينا لا يوجد له قيمة، وأنه غير محبوب، وأنه مرفوض، وإنه مرذول، وأنه سيء جدا، وأنه حتى الله لا يحبه، لماذا؟ لأننا لا نستطيع أن نقوم بتوصيل بعض الأمور التي تكون أهم من أمور الجسد، من الممكن أن نقدم أمور جسدية فهي تعبير عن الروح والنفس، عندما يقوموا بدراسة احتياجات الإنسان يجدوا أن أقل احتياجات لديه هي الاحتياجات الجسدية، نجد الاحتياجات الروحية والنفسية أكثر عمقا، وعندما تشبع هذه الاجتياحات نجد الجسد خاضع ومتشبع، وعندما لا تشبع الجسد يتمرد ويظل يطلب، يطلب، يطلب، يطلب ولا يشعر بالشبع، شعور القبول.
ما أجمل ربنا يسوع المسيح وهو يتحدث مع السامرية ويعطيها قبول في الحديث، فهو لم يشعرها بالرفض، أو مدي قبحها، بل قال لها حسنا قلتي، أنتي بالصواب أجبتي، يريد أن يقول لها أنتي بداخلك شيء جميل جداً، فأصبحت هذه السيدة في حالة من الاندهاش، كيف يكلمها كذلك؟، كيف يقوم بمقابلتها؟. فجميع الناس رافضة لها وتحتقرها، إذا قدم كل شخص فينا للآخر يا أحبائي الحب والقبول الذي يحتاجه فهذه هي الرعاية الصالحة.
ستجد ربنا يسوع المسيح مع المرأة الخاطئة التي قامت بسكب الطيب على أقدامه، وكل المنزل رافضها، وكل من في المنزل مندهش لماذا هو يتركها تفعل ذلك؟، وكل من في المنزل يقولون هذه السيدة من قام بإدخالها من الأساس، لكن بينما هم يقولون في أنفسهم "لو كان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة وما حالها أنها خاطئة"، وعندما يود الكتاب المقدس أن يصفها يقول "إذا امرأة خاطئة في المدينة" بمعني أنها مشهورة، ليست في نطاق ضيق لكن في المدينة بمعنى أن صيتها في الشر واسع، فهذه السيدة أبسط شيء لها أن ترفض، تطرد، لا ولكن المسيح يقوم بقبولها، ويقبل تقدمة توبتها ومحبتها، ويمدح توبتها، ما هذا يا أحبائي؟، نحن نحتاج أن نقدم لأولادنا أشياء يحتاجوها، أنا الراعي الصالح كل شخص فيكم راعي صالح في منزله، قدموا لأبنائكم أشياء يريدوها ليس فقط أمور الجسد، فمثلاً إذا قال الأب لابنه أنا أحبك، إذا الأم قالت لإبنها أنا أحبك، إذا قالوا له أنت جميل، أنت متفوق، أنت تعرف في ... ، ... ، إذا قمنا بالشكر فيه أمام الناس كثيراً، فالتوبيخ الكثير يجرح، علاقتنا مع أقرب ما يكون لنا دائماً تكون علاقة متوترة لأننا نري أخطاءهم، ونظل نركز عليها، كالذي لا يقوم بالمذاكرة، والذي لا يقوم بسماع الكلام، والذي يعود متأخرا، والتي فعلت ...،....،..... إلخ
فإننا دائما ننقل لأولادنا صورة مشوهه عن أنفسهم، وبالتالي صورة مشوهة عن الله، أن الله لا يحبني، وأن الله لا يقبلني، وإن قبلني يكون بشروط، وما أصعب شروطه، ما هو الشرط الذي أقدمه لابني لكي يشعر أنه مقبول؟ شرط الكمال، بمعنى أنه لابد أن يكون 10/١٠ في كل المواد، وكل تصرفاته ملتزمة تماما، ويجلس هادئ، ويسمع الكلام وعندما يقوم بفعل كل هذا نقوم بنقل شعور أنه مقبول وأننا راضين عنه ونحن أيضاً متغصبون على ذلك، فهذا ينقل لأولادنا أن الله يصعب إرضائه، ينقل لهم أنه دائما شخص قليل في حين أن دورنا هو أن نسند أولادنا ونعرفهم أنهم مقبولين ومحبوبين ونحن نقبلهم حتى بأخطائهم، فهل هذا معناه أني لا أوبخهم؟ لا قم بتوبيخهم، لابد أن تعلمهم، لابد أن تقول لهم على أخطائهم، لكن عندما تقوم بالتوبيخ لابد أن تعرفه إني أرفض التصرف ليس الشخص، في الكثير من الأحيان عندما نقوم بإنتهار شيء يصل للشخص الذي أمامنا أننا نكرهه، لا فأنا أرفض التصرف ولا أرفضك أنت، أنا غير موافق على هذا، غير موافق على ذلك، لكن أنت حبيبي، أنت جميل، أنت تفعل أشياء كثيرة حلوة، لذلك أتمني أن تفعل ... ، ...، ... إلخ، وعموما على قدر استطاعتك.
لابد يا أحبائي أن نقدم الرعاية "أنا الراعي الصالح"، فهناك ما يسمى بتسديد الاحتياجات، الإنسان مثلما يجوع للأكل يجوع للحب أيضاً، الإنسان مثلما لديه رغبة في الحياة لديه رغبة في الأبدية، الإنسان مثلما لديه ميول للخطية لديه رغبة للكمال، لذلك نحن لابد أن نشبع الاحتياجات العميقة والإيجابية يشعر أنه مقبول، يشعر أنه محبوب، يشعر أنه يحترم، يشعر أننا نفهمه، يشعر أننا شاعرين به وشاعرين باحتياجاته، فهذا كله ينتج عنه رعاية، أنا أريدك أن تتخيل معي الراعي الصالح إذا كانت كل اهتماماته فقط هي الأكل فأصبح لا يهتم بالذئاب، لا يهتم متى يأتي الليل؟، لا يهتم إذا فقد خروف، لا يهتم إذا كان خروف يشكو من ألم برجليه، لا يهتم بأولاده أي غنمه، لا يهتم بكل هذا ويقول أنا دوري الأكل فقط لا ليس دورك الأكل فقط، لكن رعاية شاملة، نحن يا أحبائي دورنا مع بعضنا البعض رعاية شاملة، كل واحد ينظر لاحتياجات الآخر، وطبعا احتياجات الطفل، تختلف عن احتياجات الكبير، تختلف عن احتياجات المراهق ، وتختلف عن احتياجات الزوج، وعن احتياجات الزوجة، وعلى كل واحد فينا أن يفهم احتياجات الآخر ما أجمل أحبائي الزوجة التي تعرف احتياجات زوجها، وما أجمل الزوج الذي يعرف احتياجات زوجته، وما أجمل أن أعرف احتياجات الطفل، واحتياجات المراهق، واحتياجات المراهقة، لابد أن أعرف.
ذات مرة كنت أشرح موضوع لشباب مقبلين على الزواج، فقمت بسؤالهم من منكم قام بقراءة شيء عن هذا الموضوع؟ فوجدت شخص من بين تقريبًا ١٢٠ شخص، شخص!. قلت لهم يا أولادي الذي يقوم بعمل مشروع دجاج أو أرانب يقوم بالقراءة كثيراً جداً لكي يعرف طريقة تربية الدجاج، ويظل يدرس الأمراض التي تصيبها، وما هي مواسمها؟، ويسأل ويرى ويبحث ويشاهد فيديوهات .... إلخ، فكيف يا أحبائي أن حياتنا نفسها، جوهر حياتنا نفسه لم يأخذ منا الاعتناء الكافي ، على أساس يسير أوتوماتيك!، لا فهو لا يسير أوتوماتيك، من الممكن أن أكون أنا سبب تعب كل من حولي، في حين أني أري أني أفعل كل ما في استطاعتي، فما هو كل ما في استطاعتي؟ هو أني أعمل وأجلب النقود، لا ليس هذا فقط ما نحتاجه، فنحن نحتاج أشياء أخرى، نحتاجك أنت، نحتاج التحدث معك، وأنت تحتاج أن تسمعهم، تحتاج أن تفهمهم.
ذات مرة كان هناك طفل في أمريكا يحب والده وكان يعلم أنه مشغول دائما، فكان يعلم أن أجر ساعة العمل لوالده بمبلغ كبير، كان وقتها أجر الساعة حوالي 30 دولار، فالولد ظل يأخذ من والده نقود مرة ٢دولار، ٢دولار .... إلي أن قال له: أبي أريد 7 دولار فقال له كثير جداً، فأجابه الطفل أنا قمت بإدخار 23 دولار ومتبقي لي سبعة لكي أدخر 30 دولار مقابل ساعة العمل لديك، لأني أريدك تجلس معي ساعة، يريد أن يقول لك أنا أحتاج لك، كل شخص منا في البيت تفكيرنا أنه يريد أن يأكل ويشرب فقط لا فهو لديه احتياجات أخري أهم.
إذا كانت الكنيسة اليوم تقرأ لنا فصل الراعي الصالح فهي تريد أن تقول لنا لابد أن نهتم ببعضنا البعض، ونقوم برعاية بعض، ونقوم برعاية الضعفاء، ونرعى الذي يشعر أنه ضعيف وأنه قليل، فالطفل الذي يكون شقي قليلاً فنحن قمنا بإنقال صورة له أنه منحرف، فبذلك يقول لنا لا تسألوني عن شيء لأنني منحرف، فطالما أنتم تصروا علي تصنيفي هكذا، فلماذا تطلبون مني شيء جيدا؟، لماذا تريدون مني أن أذهب للكنيسة بما أنني شخص منحرف؟، فأنتم تقولون علي ذلك وقمتم بإشاعتها وأعلمتوا الجميع بذلك. إذن فنحن لابد أن نعرف أننا دورنا مع من حولنا أهم وأعمق بكثير من أننا نحضر النقود والطعام، لا ليس فقط، بل أنا هو الراعي الصالح، الراعي الصالح يعرف خاصته، يعرفها باسمها، يعرفها بظروفها، يعرفها بأحوالها.
لذلك يا أحبائي هيا نهتم داخل منازلنا، هيا نهتم بأحبائنا، هيا نهتم بأقربائنا، هيا نهتم بزملائنا، لكي نكون كمثال سيدنا وأن يكون كل شخص فينا راعي صالح. ربنا يوجه حياتنا ويصحح أخطائنا ويقوم بتقويم كل خطأ فينا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 778

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل