انتم تحزنون والعالم يفرح الجمعة الرابعة من مسري

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد أمين، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل آوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.

تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا مار يوحنا البشير الإصحاح 16، حيث يقول "الحق الحق أقول لكم أنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح " بعد ذلك قال لهم مثل "المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت وإذا ولدت الابن لا تعود تتذكر الشدة لسبب الفرح لأنها ولدت إنسان في العالم"، ربنا يسوع المسيح واضح مع أبنائه ومع اتباعه، رغم أن الله يريد أن يجذب الناس الي دعوته، يريد ان يقول لهم اتبعوني، ادخلوا في إيماني، ادخلوا في طريقي، فهل من المفترض أن يحدثهم عن الأمور الصعبة أم السهلة؟!، من المفترض أن يقول لهم أنكم ستتعبون وتحزنون والآخرين الذين حولكم سيكونون فرحين!، هل هذا كلام شخص يريد أن يجذب إليه أشخاص ويجعلهم يحبون طريقه ، أم هو بذلك كأنه يقول لهم كونوا حذرين فطريقي صعب ربنا يسوع يقول لهم أنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح ، وكأن ربنا يسوع المسيح يريد أن يقول لهم: أنا اريد ان أكون آمين معكم ، طريقي طريق ضيق ليس واسع ، طريقي طريق ألم، طريقي طريق بكاء وحزن ليس طريق تنعم وسهل، لماذا تقول هذا يارب؟ يقول لك لأن هذا هو شرط للذي يتبع طريقي، لابد يكون لديه استعداد للتعب ، لابد أن يكون لديه استعداد لأنه سوف يمشي في باب ضيق، في طريق كرب، وقد سبق مرة قبل ذلك قال لهم الباب ضيق، الطريق كرب ، وهو يقول لهم قبل ذلك أن العالم يفرح وأنتم تحزنون، وأنتم ستنوحون، وأنتم ستبكون ، لكن حزنكم سيتحول الي فرح، متي يكون ذلك؟ فأجابهم في النهاية، نهاية الموقف ، نهاية التجربة أو في نهاية الحياة ، وبعدها قال لهم المثل المرأة التي ستلد، المرأة وهي تلد تتألم، هناك آلام المخاط ، هناك آلام وجع الولادة، وبمجرد أن تسمع صوت الطفل يبكي أو أول ما يخرج من بطنها يحدث لها لون من ألوان التحول من الحزن إلى حالة الفرح ، والأطباء الذين يقومون بإجراء عمليات الولادة يقولون عند لحظة الولادة أول شيء بعد اخراج الطفل من بطن أمه يضعه علي بطن أمه أو يجعل الأم تري الطفل لكي تتحول حالة الألم الشديدة التي كانت بها الي فرح، وكأن حياتنا المسيحية مثل هذا ، يوجد ألم لكن هناك فرح ، ما هو الألم يارب؟ يجيبنا الرب الألم كثير جداً ألم الجهاد الروحي، ألم الجهاد ضد رغبات الإنسان وشهواته، ألم الإنسان ضد ذاته وكبريائها وغرورها، ألم الإنسان إنه يعيش ضد مبادئ العالم، فهناك ألم لابد أن نتحمله.
إحذروا يا أحبائي أن يكون لدينا فكر إن الحياة التي نحن نعيشها لابد أن تكون حياة ناعمه أو سهلة ، بالطبع لا ربنا يسوع لم يعدنا بذلك، قال لنا "ستتكبدون حزناً" وقال أيضا "العالم يفرح"، "أنتم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح" لابد أن نعلم يا أحبائي ان طريقنا طريق سماوي وغايتنا غاية سماوية، فطريقنا طريق مختلف عن باقي الناس، ليست كل أطماعنا المال، ليست كل أهدافنا إشباع شهواتنا، ليس كل أهدافنا في غرور هذا العالم، إطلاقاً فنحن نعيش ضده ، ضد ذواتنا، ضد العالم ، ضد المادة ، ضد الجسد ، نحن نعيش بمبدأ مختلف تمامًا عن مبادئ العالم، الناس تريد أن تأخذ ونحن نريد أن نعطي، الناس تريد أن تشبع رغباتها ونحن نريد أن نضبط رغباتنا، نحن نريد أن نرتفع برغباتنا، مبادئنا مبادئ مختلفة تمامًا ، لذلك يقول لنا كن حذر لابد أن تعلم فأنا لن أخدعك، أنا لن أقول لك الطريق معي سهل - لا - فالطريق معي يوجد به أتعاب، لكنه ممتلئ بركات وممتلئ تعزيات، الناس تفرح بمجرد هديه ، الناس تفرح بزيادة في المرتب ، في الناس تفرح إذا أكلت طعام أو ذهبت في نزهة فكل منهم لهم وسائل الفرح، أما أولاد الله بماذا يفرحون؟ يجيبهم عندما تتذوق النعمة ستجد نفسك فرحان فرحة كبيرة جدا، أولاد الله يفرحون عندما يقرأون الكتاب المقدس ويجد آية عضدته، آية جعلته يفرح، آية جعلته يتعزى، يفرح فلماذا يكون فرح لأنه قرأ الإنجيل؟!، هناك آية جميلة جداً جعلتني فرحا، هناك آية سندتني ، عزيتني، قوة إلهية شددت مني، لأنني أنا سيء وضعيف لكن وجدت آية تجعلني فرح، أنا فرحان لأني حضرت قداس، صليت ورفعت قلبي، وأغمضت عيني، فرحت بالتسبيح، وفرحت بالمسيح، وفرحت جدا أنه هو إلهي، هذا فرح أولاد الله ، فرحت أنه كان هناك شخص بعيد جداً عن ربنا يسوع ورجع إليه، فرحت جدا إن ربنا يسوع المسيح يجلب لنفسه وله شروط وله طرق يجذب بها الأشخاص البعيدة ، أنا سعيد جدا لأني رأيت اليوم شخص ما في الكنيسة ، أنا سعيد جداً لأني تناولت، فرح جدا أني قرأت الكتاب المقدس ، فرح إني رنمت وسبحت، أنا سعيد إن الله يعزيني في وسط آلام هذا العالم، هذا فرح الانسان، هذا هو الفرح الذي يدوم ، هذا هو الفرح الذي ربنا يسوع المسيح يريد أن يحدثنا عنه، قال لأن حزنكم يتحول إلى فرح، يقول لك أنت في البداية سوف تغصب علي نفسك قليلاً، تأتي لتقرأ الإنجيل تقول أنا ليس لدي وقت، مشغول، يقول لك حاول أن تأخذ نصف ساعة فقط ، اغلق بابك على نفسك، أجلس قليلاً وقم بفتح كتابك المقدس، أغمض عينك قبلما تقرأ الانجيل وقل له يارب عبدك سامع ، يارب ارسل لي كلمة ، ارسل لي موقف ، يارب أسندني وقويني ، حتي اذا كان الموقف يوبخك علي خطية، ستجد موقف التوبيخ هذا في حد ذاته هو مؤلم لكنه مفرح، ممكن أن موقف ينير لك شيء، ممكن موقف يرشدك لشيء كنت متحير فيه، فهذا هو فرح أولاد الله، فمثلاً قم يوم بالصيام قليلاً ستجد بعدها أن جسدك يقوم بإطاعتك، جسدك خفيف، لا يقوم بالضغط عليك، ليست كل طلباته التي يطلبها منك تقوم بتلبيتها - لا - فبدأ يحدث أن سلطان الجسد يقل من داخلك، وكيف يحدث هذا؟ لأن هناك قليلاً من الحزن ستفعله، قليلاً من التعب ، لذلك يقول لك أنتم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح.
قم بمشاهدة سير الشهداء والقديسين التي تقوم الكنيسة بتردديها علينا باستمرار، ستجد قصصهم مليئة أحزان، مليئة أتعاب، الأسقف الذي تذكاره اليوم جلس بالسجن 20 سنة لا يوجد أحد يدري به، يقول لك سيدة أرملة كانت تعوله تلقي له بعض الأكل، والناس كلها فهمت انه توفي وإنتهى أمره ، لما جاء الملك قسطنطين وأخرج الناس من السجون فهذا الرجل خرج، خرج يالها من فرحة، فأنها تعزية للناس، لأنهم يروا هذا الرجل يتعلمون كيف يغلبوا أنفسهم ، كيف يغلبوا العالم وكيف يكون لديهم روح انتصار مختلفة عن الآخرين، هذه مبادئ الإنجيل.
أحبائي الإنسان الذي يجلس يفكر كيف يفرح ويريد أن يشبع نفسه بأشياء كثيرة سيكتشف إنه كل مرة فكر يفرح خارج المسيح وخارج الإنجيل وخارج الطريق الروحي سيجده فرح كاذب، سيجدها سعادة مؤقتة، سيجده سعادة لموقف، وسيجد نفسه مازال يعيش داخل دائرة التعب والحزن والاكتئاب، لماذا؟ لأنه مازال جائع، لم يكتفي، لأنه لم يأخذ كفايته ولا الغنى، إلقي بنفسك تحت رجليه، أفتح إنجيلك المقفول، اسمه "إيف انجيلون" بمعني رسالة مفرحة، جميعنا نشتكي بالاكتئاب والحزن والضيق والهم وكثرة المشاكل، جميعنا لدينا ضيقات، على سبيل المثال قريبا قال لي شخص يا أبونا أنا إذا تناولت أدوية مهدئه هل هذا جيد؟، لأنني أحيانا اشعر بالاضطراب، الناس جميعها تفكر أن تأخذ أدوية للتهدئة أو الاكتئاب أو لتسكين الألم، ولكن صدقني ليس هذا هو الحل، لن تعيش على هذا الدواء، والحل بداخل قلبك وعقلك أن تثق في الله، أن تلقي همومك على الله ، أن يكون لك قوة من الداخل، فالسيد المسيح لم يخدعنا يا أحبائي لم يخدعنا فماذا يعني لم يخدعنا تعني أنه لم يقل لنا أنه ليست هناك أي مشكلة، كل شيء سهل وكل شيء جميل وأنكم لن تتعبوا أبداً، وستكونون معي بدون مشاكل، لا لم يقل لنا هذا بالعكس فهو قال ستبكون وتنوحون والعالم يفرح، شخص آخر حتى من الرسل يقول له أهذا كلام تقوله لناس تريد أن تأتي بهم إلي الإيمان؟! فهل انت بذلك تجذبهم أم تجعلهم يقولوا لا نحن شاكرين لك جدا ، نحن لسنا ناقصين حزن، نحن بنا ما يكفينا، لكنه يقول لنا "حزنكم سيتحول إلى فرح"، تمام مثل المرأة التي تلد، لذلك يا أحبائي قم بالتفكير في طريقة لعلاج مشاكلك، قم بالتفكير في بعض الهموم التي لديك، شخص ما يضايقك أو موقف ما يضايقك والموضوع ... هكذا والنقود لم تكفي والبيت يقوم بالضغط عليك، وزوجتك لم تستطيع التفاهم معك، وأولادك غير طائعين .... إلخ إذن ماذا نفعل في كل هذه الأشياء؟ أقول لك هذا يحتاج أن:-
١- تصلي كثيراً لكي تشفى من داخلك حتى إذا كانت المشاكل لم تحل، تصلي كثيراً
٢- تخضع لكلمة ربنا لكي تمتلئ بروح الحكمة، لكي تزداد النعمة داخلك وتستطيع أن تواجه، لكي يتشكل فكرك بفكر الإنجيل ليس بفكرك الخاص، لكي تعالج المشاكل بروح الإنجيل ليس بعقلك وإمكانياتك.
فهو قال لنا ذلك إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح، أنتم ستحزنون لكن حزنكم يتحول إلى فرح، تجد نفسك صليت صلاة، سجدت سجدة، ورفعت قلبك، وحضرت قداس، وقرأت انجيلك، وأنت تمشي بالشارع تفكر في آية، وأنت جالس في المنزل تقول ترنيمة، فيبدأ الهم الذي كان يقوم بحصارك يقل سلطانه، وإن كانت المشكلة لم تحل، لا فليس بالضروري أن تحل المشكلة، من داخلك إنت استقبالك لها اختلف، شعورك بثقلها اختلف، إلقاء همك عليه أختلف، في بعض الأحيان الأطباء النفسيين عندما يذهب شخص ويحكي له هم معين يقول له لديك شخص تحبه عزيز عليك تقول له نعم يقول لك أخرج تنزه معه قليلا، هو يريدك أن تقوم بالفضفضة، يريدك تفضفض مع شخص ترتاح له ، مرة ثانيه يقول لك على شيء سأعطيك فترة نصف ساعة تخرج خارجا بمعني "إدخال مريض آخر"، وقم بكتابة كل المشاكل التي لديك، فالرجل يقوم بحصر ما في داخله من مشاكل، يقول مثلاً شخص أحزنني، وزوجتي فعلت ... إلخ، بتفكيرك لماذا قال له الدكتور يكتب هذا؟، لكي يجعله يخرج الطاقة التي بداخله فقط وليس أكثر، تصور أن الشخص عندما يخرج هذه الطاقة فإن الحمل يخف من عليه، فنحن لدينا أجمل طريقة نخرج بها الطاقة التي لدينا، ما هي؟ معلمنا دواد قال عنها منذ قديم الزمن "أبث لديه ضيقي"، أفضفض معه، أضع عليه حملي، فهل انا أعرف أحمل شيء، لا أعرف، وأجد أشخاص أيضا تحملني همومها ، هل أنا أستطيع حمل همي حتي أحمل هموم الناس، صدقني عندما يكون لك علاقة بالله ستجد نفسك من المفترض أن نحمل هموم كثيرة جدًا تخص ناس وترشدهم وتفرحهم وتعزيهم وترفعهم، ربنا يسوع يعلمنا ويعطينا الطريق الصحيح يقول لنا كن حذر، كن حذر، لكي لا تكون المؤشرات لديك مؤشرات من الناس، تكون المؤشرات من ذهنك، مؤشرات من نفسك، لا فأنت ليس بالناس وليس من ذهنك، فأنت بالمسيح وبالإنجيل.
ربنا يعطينا نعمة إننا نلقي همومنا عليه حتى لو كان العالم من حولنا مظهره أنه يفرح ونحن نبكي ونحزن لكن لنا وعد أن حزنكم يتحول إلى فرح.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 841

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل