يارب علمنا كيف نصلى

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.

تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا لوقا البشير، حيث رأى التلاميذ ربنا يسوع المسيح وهو يصلي "وإذ كان يصلي في موضع قفر فلما فرغ قال له واحد من تلاميذه يارب علمنا أن نصلي" . تخيل عندما تري شخص يفعل شيء بشكل جميل، بشكل لم تراه من قبل، فإنك تحب أن تعرف كيف يفعل هذا؟!، فهم شاهدوا ربنا يسوع المسيح وهو يصلي، فشعروا أنهم لم يعرفوا كيف يصلوا، شعروا أنهم محتاجين أن يتعلموا كيف يصلوا، فقام أحد تلاميذه بسؤاله وقال له يارب علمنا أن نصلي، علمنا كيف نصلي مثلما أنت تصلي، أنت استغرقت وقت طويل جداً في الصلاة، أنت كنت تصلي بحرارة شديدة بتركيز شديد، بحب شديد، علمنا وقل لنا كيف نصلي؟
ونحن في بداية فترة الصوم المقدس ما أجمل أن يتحد الصوم بالصلاة، لذلك أود أن أقول لك ثلاث كلمات سريعة عن كيف نصلي؟ :
١- بإيمان
٢- بحب
٣- باحتياج
أولا : الإيمان :- لابد وأن أكون على علم أنا مع من أتحدث؟، لابد أن أكون فاهم ومتأكد ان الذي أكلمه يسمعني، لابد أن اعلم أنني في حضرة ضابط الكل، في حضرة ملك الملوك، في حضرة الله، اذا لم يكن عندي إيمان أنني في حضرة الله فمع من أتحدث أذن؟، أتحدث مع نفسي! ، أتحدث مع الهواء!، أتحدث مع الحائط! ، أتحدث مع الحجرة التي أنا بداخلها! ، بالطبع لا، لذلك ما أجمل أن تكون صلاتنا بإيمان ، أنا أعلم مع من أتكلم ، أغلق باب قلبك، وباب حواسك، وباب مشاعرك، وقل تجمعي يا كل حواسي، وخاطب نفسك وأعرف أنت أمام من تقف، ذات مرة أحد الآباء القديسين عندما كان يجد نفسه يقف برخاوة في الصلاة، يقف بكسل ، فكان يخاطب نفسه ويقول قف معتدلاً، قف برهبة، قف برعدة، أعلم أن الآن أنت تقف أمام الله وسلطان أبيك يلقيك في جهنم فتعقل وقم وأعتدل يقول لنفسه قف جيداً، قف معتدلاً، وأعلم أمام من أنت واقف الآن، أنت تقف أمام من له سلطان أن يلقيك في جهنم، لذلك الكنيسة تعلمنا "هوذا أنا عتيد ان أقف أمام الديان العادل مرعوبا ومرتعبا من كثرة ذنوبي"، أغمض عينك وجمع حواسك وجمع مشاعرك وأعلم أمام من انت تقف، أعرف أنك تقف امام خالقك، أعرف أنك تقف أمام ضابط الكل، أعرف أنك تقف أمام الديان العادل ، أعرف أنك تقف أمام القادر والمعين والمحب والخالق والرازق، فعندما أعرف أمام من أقف سأقف جيداً، فعندما يغيب عنا الإيمان بمن الذي أنا أقف أمامه تأتي الرخاوة ، الكسل ، عدم الانتباه والتركيز، لكن عندما أعلم أمام من أقف بهذا يكون الأمر مختلف ، الكنيسه تعلمنا عندما نقف نصلي كأنك تقف أمام قاضي وكل التهم أنت مدان بها ، تصور أنك تقف أمام قاضي وأمامه ملف ممتلئ، ملف به كل إدانة لك وانت تعلم أنك مدان وعليك حكم شديد تصور أنت أمام قاضي بهذه الحالة فكيف تكون أنت وقتها، هل تقف غير منتبه؟، هل تقف وأنت ليس لديك تركيز؟، تقف وانت تريد أن القاضي يقول لك لوسمحت انتبه معي ، ركز معي، فمن من المفترض أن يركز مع الآخر؟، لذلك نحن نصلي ونقول له: "بكل حرص ونشاط فعلت، ولكل خطية بشوق واجتهاد ارتكبت، ولكل عذاب وحكم استوجبت"، أنا أعلم أني مدان، أعلم أني غلطان ، ومهما كان الحكم الصادر عليا فهو حق، تصور عندما يصلي شخص وهو يعلم أمام من يقف، فلابد ان تؤمن أنه هو الذي خلقك ، ايمان بأنه ضابط الكل، أنه أبوك السماوي، أنه هو الذي بيديه النجاة، الذي يمكنه أن يقول كلمه "إيمانك خلصك أذهب بسلام". إذن فأنا بذلك أخذت براءة وكل الأدلة كانت ضدي، لذلك يقول أيضا أية إدانة تكون إدانتي أنا المضبوط بالخطايا أي كما يقال "متلبس"، وعندما تقول بكل حرص ونشاط فعلت، أتعلم هذه في القانون بما تسمى؟ اسمها سبق الإصرار ، بمعني أنني لم أفعل الخطية بضعف فسقطت، لا فأنا فعلتها بحرص ونشاط، فعندما تقف أمام الله في ذلك الوقت كيف تقف؟ بإيمان.
إيمان أني أقف امام الديان العادل، الذي من الممكن أن يعطيني براءة، الذي من الممكن أن يجد لي ثغرة من عنده هو، الذي يقول لي اذهب بسلام ، إيمان أنه يسمعك ، إيمان أنه يعرف كل تفاصيل حياتك ، إيمان أنه يعرف ضعفاتك ، إيمان أنه يعرف نوايا قلبك، فتستطيع أن تكلمه بدالة، إيمان بمعني أنه يعلم أنك تود أن تتوب وتتمنى أن تتوب ولكن لا تستطيع.
ثانيا : الحب :- بالطبع يوجد رهبة كبيرة لله، وحقا أنا أمام الديان، لكن هذا الديان هو الذي خلقني، هو الذي فداني، هو يسعى ورائي، فهو يطلب خلاص نفسي، لذلك أقول له "أحببت أن يسمع الرب صوت تضرعي" ، لذلك أقول له "أحبك يارب يا قوتي" - قف بحب - فإن أي ممارسة روحيه يا أحبائي تخلو من الحب سيزول معناها ، تصور أنك تصوم بدون حب فهذا تغيير أكل، فهذا يسمي حرمان للجسد، وعندما نصلي بدون حب فبماذا تسمي هذه الصلاة؟!، اسمها عبادة وثن، وعندما تغفر بدون حب اسمه ضعف، كأنك شخص لم يعرف أن يأخذ حقه ، لكن الحب يزين الفضيلة، أعطي حب ، حب لخالقك، حب لشخص أنت مدان له، حب لأنه يدبر كل أمور حياتك ، حب لأنه هو الذي يرزقك ويعطيك، ويغفر لك ، ويسامحك، حب لأنه بالحقيقة بدونه لا تقدر أن تفعل شيء ، لذلك يا أحبائي يعلمنا الآباء القديسين ويقولوا لنا تريد أن تصلي؟ فتجيب نعم أريد ان أصلي فيقولوا لا تتخيل أن الصلاة تبدأ وقت الصلاة، لا إطلاقاً، فالصلاة لا تبدأ وقت الصلاة ، فما هي الصلاة ؟؟ الصلاة هي حالة أنت تعيشها قبل الصلاة، حالة إيمان أنك موجود مع الله ، وحالة حب لله ، إن قلبك يهتف بحب الله باستمرار، وباستمرار تشعر بالله، وتشعر بوجوده وتشعر بمحبته، ويترجم هذا كله في شكل وقفة صلاة، لكن هلم أحذف الإيمان واحذف الحب واقول لك قف للصلاة، كأنك تأتي بحمل ثقيل وتريد أن تحمله على ظهرك ، شئ ثقيل جدا جدا ، وإذا وقفنا بملل، بضجر، بكسل يقول لك كن حذر، لابد أن تكون صلاتك بحب، برفع قلب ، باشتياق، تصور معلمنا داود وهو يقول "روحي تبكر إليك يا إلهي منذ الليل"، بمعني أني عندما أنام ، أتمنى أن أستيقظ لكي أصلي، لكي أقف أمامك، يقول لك في الليل تنذرني كليتاي بمعني ان هناك شئ يؤلمني ويقول لي قف للصلاة فأنت لديك فترة لم تصلي إلى الله ، فلذلك رغم إنه كان ملك يقول لك سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك ، مرة يقول لك عشية وباكر ووقت الظهر، يعني ثلاث مرات، لكن مرة أخرى قال لك أما أنا فصلاة ، بمعنى أنا باستمرار في حالة صلاة ليس فقط في الأوقات التي أصلي فيها ، لذلك يقول القدسيين لك الصلاة تبدأ قبلما تصلي ، الصلاة هي حالة انت تعيشها أثناء اليوم، الصلاة هي محصلة حياتك بينك وبين الله ، لذلك كلمه صلاة تأتي من الصلة ، من الاتصال، لايوجد أتصال يومي مع الله فلا يوجد صلاة، آية كانت فستكون هزيلة، ضعيفة ، فاترة ، لا يوجد لها معني ، فتشعر أنك لم تصلي، وبعدها عندما يقال لك صلي فتقول أنا في الحقيقة لا أعرف أصلي ، أنا أذا صليت مثلما لا أصلي فلا يوجد فارق، لا يوجد داعي لكي أتعب نفسي ، أتعلم الشخص الذي كلما يدخل امتحان يسقط، يسقط عشرين مرة يسقط فيقولوا له أدخل هذا الامتحان يقول لهم سأدخل ثانية! ، هذا يكفي ، يقولوا لك لا أنك أنت لم تذاكر، أنك انت غير مجتهد ، كن حذر فمن المفترض لكي تدخل الامتحان أن يكون هناك استعدادات ، ماذا أفعل ؟
أبدأ من الآن، ارفع يدك للسماء قليلاً، ردد ترنيمة صغيرة ، قل آية، تذكر موقف لربنا يسوع المسيح ، تذكر شيء هو صنعه لك، لكي تقف أمامه مديون له ، لذلك أستطيع أن أقول لك الصلاة تريد هاتين النقطتين المهمين جدا الإيمان و الحب.
ثالثا : الاحتياج :- وفي الحقيقة أن الإيمان والحب مهمين جدا، لكن نحن غير متفوقين بهم قليلاً، أحتاج آخذ براءة ، فأنا مدان، أنا خطاياي كثيرة جداً أحتاج أن أنال الغفران ، أحتاج أن أتمتع براحة وسلام، عندي مشاكل لا أعرف حلها ، أشياء كثيرة في حياتي أكبر من قدراتي ، وأعلم أنه عندما يكون لديك أشياء كثيرة في حياتك اكبر من قدراتك بأن هذا أكبر دافع للصلاة ، لدرجة أنهم يقولون مساحة العجز في حياتك بين ما تعمل وما ينبغي أن تعمل هي مساحة الصلاة، فالذي أنا أفعله أقل بكثير من الذي ينبغي أن يفعل ، المساحة الكبيرة هذه يقال عنها هي مساحة الصلاة ، لا أستطيع تربية أولادي جيداً هي مساحة الصلاة، لا أستطيع أصلي جيداً هذه مساحة الصلاة ، لا أستطيع الجهاد ضد الخطية هي مساحة الصلاة ، لا أستطيع ارضاء الله هي مساحة الصلاة، مساحة العجز في حياتك هي مساحة الصلاة ، لذلك ربنا سمح إن مساحة العجز في حياتنا تكون كبيرة ، فلماذا تكون كبيرة؟ لكي تكون مساحه الصلاة أيضا كبيرة، وإذا كنت أستطيع فعل كل شئ كان ممكن أكون غير محتاج لربنا ، فأنا أعرف أعمل كل الاشياء ، لكن الله سمح وأراد إن الإنسان يكون لديه نقائص وضعفات كثيرة لكي يقف بها أمامه ويقول له أذكر ضعفي وذلي وغربتي ومسكنتي، أنا ضعيف، أرحمني يا رب فأني ضعيف، أشفني يا رب لان عظامي قد اضطربت.
"الاحتياج" لذلك كلما أدرك الانسان مدي احتياجه كلما كانت صلاته حاره، الحرارة من المفروض أن تأتي من الإيمان والحب، لكننا غير متفوقين في الإيمان والحب ، لكن احتياجنا كبير، إذن أبدأ بالاحتياج وقف "أشحت" ، أتعلم الذي قال له لن أطلقك إن لم تباركني، أنا محتاج ، أبونا يعقوب كان باقي أمامه وقت قليل جداً وسوف يقابل أخيه عيسو وهو يعلم أن عيسو دموي فيقوم بقتله، ويعلم أنه قبل ذلك خدع عيسو، فهو كان يعلم أن هناك صعوبة شديدة جداً سوف يقوم بمواجهتها، فكان يصرخ ، فهذه هي حالة كل شخص فينا وهو يصلي شاعر بصعوبة جدا على أمور كثيرة في حياتي ، فأنا أقول له لن أتركك، لم أطلقك أن لم تباركني، قل له يارب تتدخل ، يا رب اعمل ، يا رب ارحمني، يا رب اغفر خطاياي.
الكنيسة اليوم في الجزء الذي قرأته كلمتك عن اللجاجة ، الرجل الذي قال لئلا تزعجني ، الأرملة التي كانت تأتي له كثيرا، تصور عندما نكون تائهين ونستعير كلمة الكتاب المقدس لأنها في الحياة كلمة صعبة ، تصور أنك عندما تصلي لكي تزعج ربنا بصلاتك ، تقول له ارحمني ، ارحمني ، ارحمني ، لذلك الكنيسة تجعلك تقول كيرياليسون كثير، فبذلك نحن نزعجه، تصور أنت شخص يقول لك نفس الكلمة هات ، هات ، هات ، هات ،.......، هات. ما هذا التكرار فهذا يكفي ، أكثر كلمة تتكرر في القداس هي أرحمني، أكثر كلمة تتكرر في القداس لينعم علينا بغفران خطايانا ، تجد الشماس يرد مرد عن الشمامسة ، عن البطريرك ، عن اللاهوت، عن السماء ، عن أي أمر لكن في النهاية ماذا يقول؟ "أغفر لنا خطايانا" فهي أهم طلبه لأننا ذاهبين للقداس لكي تغفر خطايانا ، ولن نذهب الا عند شعورنا إن خطايانا قد غفرت، لذلك الذي يأتي بالروح ويصلي فالأمر يختلف معه كثيرا، كل مرة تأتي لتصلي صح لن تخرج مثلما دخلت أبدا ، ما أجمل الكلمة التي قيلت عن العشار "فخرج مبررا".
والآن وأنتم واقفين لتسمعوا صلاة القداس اطلبوا كثيراً اغفر لنا، ارحمني، وسامحني عندما تقولها كثيرا فتنال نعمة خرج مبرراً
الاحتياج، فإننا نحتاج الي جهاد روحي لست أعرف ، نحتاج لغفران خطايانا لست اعرف، نحتاج لتدبير أمور كثيرة في حياتنا لست أعرف، نحتاج لحل مشاكل كثيرة في حياتنا لست أعرف، عاجز ضعيف، ارحمني يا الله وتتدخل، قويني، أسندني، اجعل من احتياجك آداة لصلاتك، اجعل من احتياجك مادة لصلاتك، علمنا أن نصلي، فصلي بالذي تحتاج اليه ، أحتاج أشياء كثيرة جدا، الخطية ....،....، .....، أذكرها في الصلاة، يارب أشفيني من ذلاتي، أشفيني من كبريائي، أشفيني من الغضب، يارب أشفيني من محبة العالم، أشفيني من محبة المال، أشفيني من تدابير البشرية، يارب أشفيني من الكراهية، يارب أشفيني من أي شهوة رديئة، كلم ربنا بذلك، وأريد أن أقول لك أنه ليس بكثرة الكلام، قل كلام قليل بقلبك وردده ، تعلم انه عندما يأتيك احساس أنك تقف أمام قاضي وقضيتك أوراقها كثيرة وكلها إدانات مثلما قلت لك، فتقف وانت تنظر لأسفل، وتقول له انا آسف، سامحني لذلك يعلمنا القديسين أن وضع الجسد في الصلاة مهم، أنك تقف وأنت خاضع برأسك، تقف بقلب منكسر خاشع، قل كلمة ارحمني، قل كلمه سامحني، انا ليس لدي عذر، انا مدان ، لكن انا متكل علي رحمتك، لذلك عندما يصلي الكاهن في القداس ويقول "هذا الذي يظهر فيه ليدين المسكونة بالعدل، ويجازي كل واحد فواحد كنحو أعماله" فنقوم بالرد عليه ونقول له "كرحمتك يارب وليس كخطايانا" قم بالآخذ في الاعتبار ان كل مرداتنا علي الكاهن تثبت ما قاله أبونا بمعني أي كلمه قالها أبونا نقول : أمين، حقا نؤمن، نؤمن ونعترف ونصدق، آمين آمين آمين، فيما عدا هذه ولا نقل آمين، تصور معي أن ابونا يقول لنا سيعطي كل واحد كنحو أعماله ونحن نقول أمين - لا ... كن حذر- هذه الكلمة لا يمكن أن نقول فيها آمين، هذه نقول فيها آسف يا أبي، نقدم فيها اعتراض، لا نستطيع ان نقول فيها آمين ، سنقول "كرحمتك يارب وليس كخطايانا".
تريد أن تتعلم الصلاة خذ الثلاث كلمات وفكر فيهما كثير، وعلم نفسك كيف ترضي الله، وعلم نفسك كيف تتكلم ، وعلم نفسك كيف ترفع قلبك ، ثلاث كلمات إيمان ، حب ، احتياج.

ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائمآ أبديا أمين.

عدد الزيارات 1172

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل