اخرج اولا الخشبة من عينك

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا مارلوقا البشير الإصحاح (6)، يتحدث فيه عن مجموعة مبادئ مهمة سوف أتناول منها مبدأ واحد فقط حينما يقول"ما بالك تنظر القذى الذي في عين أخيك، ولا تفطن للخشبة التي في عينك، وكيف تقدر أن تقول لأخيك يا أخي دعني أخرج القذى من عينك وأنت لا تبصر الخشبة التي في عينك، يامرائي أخرج أولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك".
يتحدث عن خطية كثيراً ما نسقط فيها أننا لا ننتبه من خطايانا أو ضعفاتنا ونركز على خطايا غيرنا، أحياناً كثيرة يا أحبائي الناس عندما تجلس مع بعضها تكون تسليتهم هي الكلام عن الناس، وهذا يجده فيه لون من ألوان اللذة، يجلسوا وينسوا أنفسهم ويتحدثوا بكل ما هو رديء وقليلاً مما هو جيد، أي أنهم يتحدثون بالأكثر عن الأشياء الرديئة، وفي الحقيقة هذه الخطية خطيرة جداً، سوف أحدثكم في نقطتين عن خطورتها وعن علاجها.
أولاخطورتها :كم أن هذه الخطية تحديداً تهين الله، تغضب الله، تنزع نعمة ربنا من الإنسان الذي يرتكبها وتجعله يرفع عنه رحمته،يا لها من كلمة صعبة جدًا ينزع النعمة، ويرفع الرحمة، لماذا؟ لأنه كان يتوقع أنني أترفق بأخي مثلما هو مترفق بي، لكن عندما يجدني قاسي على أخي يقول لي أنا أترفق عليك وأنت قاسي على أخوك!، لذلك القديسين يقولون لنا الذي ينشغل بخطايا أخيه ولا ينشغل بخطاياه فيكون كمن يبكي على ميت غيره ويترك ميته، كأن شخص لديه ميت يترك ميته ويظل يبكي على موتى الآخرين، يقول لك إن الإنسان عندما يركز مع خطايا غيره يفقد القوة والقدرة على اصلاح نفسه، طالما أنا متطلع على الدوام على خطايا الآخرين أنا لن التفت لأخطائي، طالما أنا متطلع على الدوام على خطايا الآخرين أنا أرى نفسي دائمًا بريء، ومن المخطئين؟! الناس، ومن الناس؟! في الحقيقة من الممكن أن يصل الإنسان لدرجة الشعور بأن كل الناس هم المخطئين، من كل الناس؟! بداية من كل الذين نعرفهم في دائرة علاقتنا الضيقة في أسرتنا بعدها أوسع قليلاً في عملنا، بعد ذلك جيراننا، بعد ذلك في الكنيسة، بعد ذلك في البلد، بعد ذلك في العالم، وهكذا هو يرى كل الناس مخطئين، لذلك أستطيع أن أقول لك أن هذا الأمر يغضب الله ويعري الإنسان من النعمة، ويدفعه إلى الهلاك،خاصة عندما يدين ويشهر، وخاصة عندما يحتقر، لذلك أريد أن أقول لك أن الله يريد أن يقول لك يامرائي أخرج أولاالخشبة، يريد أن يقول لك أنت عين أخيك بها قذى،والقذى تستطيع أن تقول عليها"سلاية"لكن يريد أن يقول لك أنت نفسك عينك ليس فيها سلاية لكن فيها خشبة، تخيل عندما يكون شخص عينه بها عامود من خشب أو لوح خشب والآخر عينه بها سلاية، وأنا الذي عيني بها لوح خشب أنا الذي أريد أن اخرج السلاية التي في عين أخي، أنت فقط لاحظ نفسك فأنت أساسا نظرك ضعيف لذلك يقول لك أتمني أن تركز دائمًا على نفسك، لماذا لا ندين أنفسنا ونحكم علي شرورنا؟، نحكم على شرورنا وعلى أنفسنا التي نعرف خطاياها وضعفاتها تماماً أنا أعرف أن لدي ألف شيء، مائة ألف شيء وأخي أنا أرى فيه شيء،لكنك ترى فيه ضعفة واحدة وأنت تعرف على نفسك مئات من الضعفات!، لذلك أستطيع أن أقول لك أن هناك خطورة في هذه الإدانة أنها تجعل الإنسان يتعرى من نعمة الله، وفي الحقيقة الإنسان عندما يظل يدين الآخرين كأنه يغتصب حق الله، ويأخذ دور الله لأن الذي له حق الإدانة هو الديان أستطيع القول بأن الله يعلم ظروف كل شخص ويعرف حدوده ويعرف إمكانياته ويعرف ضعفاته، لذلك أستطيع أن أقول لك لكي تعرف كم خطورة هذه الخطية والتي تجعل الله يتخلى عن الإنسان، عندما تجلس في مجلس وهم يتحدثون عن سير الناس انتبه،معلمنا بولس الرسول قال أنت الذي تدين غيرك تحكم على نفسك بالخطأ لماذا؟ لأنك "أنت الذي تدين غيرك أنت تفعل هذه الأمور عينها"، أنت الذي تتحدث عن أن فلان يحب المال فأنت أيضاً تحب المال، أنت تتحدث عن أن فلان أخطأ في بعض الأمور وأنت تفعل ذلك وأكثر،لذلك أستطيع أن أقول لك أن الشخص الذي لا يلتفت لنفسه لابد أن ينتبه جداً من أن هذا الأمر يهين الله، لدرجة أحد الآباء القديسين قال "أنت كأن لسانك لسان مصنوع بلسان حداد"، تعرف الحديد الذي مثل السكين الذي ينهش في الناس يقول لك انتبه لئلا يكون لسانك هكذا، لا انتبه!، لابد أن تنتبه جداً أنك تكون أمين ومدقق في الحديث، لدرجة أن أحد الآباء القديسين قال "إياك أن تعيب في أحد لئلا يبغض الله صلاتك"، وأيضاً أحد القديسين قال "الذي يدين فقد هدم سوره بنقص معرفة"، السور الذي هو حصنه، قال لك الإنسان الذي يطلق لسانه على الآخرين بكل سيء ورديء لن يؤهل لنعمة الله، ويقول لك لا تدن أحدا ولا تقع بإنسان وحينئذ سيهبك الله الراحة والسرور والهدوء، أعرف دائمًا أن خطية الإدانة خطية خطيرة جداً، إذن ماذا أفعل؟!وهذا يدخلنا على النقطة الثانية.
ثانياعلاجها :اعرف أن الحكم لله، الدينونة للديان، هو الذي يعرف الضعفات والنقائص والحدود والإمكانيات، وفلان هذا ما مشكلته بالضبط؟، وفلان هذا كيف كانت نشأته؟، وفلان لماذا يقول هذا؟، لابد أن أكون فاهم أن الحكم عند الله يختلف عن الحكم لدينا، فأنا لا أرى غير هذا التصرف، لكن الله يعرف الحدود والدوافع والقلب ويعرف الأعماق، والموقف لديه ليس شروط محكمة أو قوانين جامدة لا فهو يعرف الخفايا، بمعنى أنه قد يفعل شخص شيءوشخص آخر يفعل نفس الشيء لكن عند الله الأمر مختلف تمامًا، هناك قصة أنه كان يوجد مركب بها عبيد للبيع من ضمنها مجموعة بنات بينهم بنتين توأم، فجاءت أسرة تقية محبة لله يريدون أن يربوا بنت في مخافة الله فقاموا بشراء هذه البنت وأخذوها لكي يعلموها الصلاة والصوم والتسبيح والميطانيات والقديسين والكنيسة والقداسات والتسبحة، لديهم أمل أن يربوا بنت تكون بنت للمسيح، ثم جاءت مجموعة أخرى لشراء البنت الأخرى لكن هذه المجموعة كانوا فرقة رقص يعملوا في المجون والسكر والخلاعة فتربت البنت على ذلك، ربوها من أجل ذلك، فظلت هذه الفتاة تتربى بهذا الشكل فارتكبت الخطايا لكنها تربت على ذلك، هم الذين علموها ذلك، والفتاة الأخرى تصلي وتصوم هي تربت على ذلك، علموها ذلك، أحد الآباء القديسين يسأل الله كيف سيدين هذه الفتاة والأخرى، هل تظن أنه يدينهم مثل بعض بالضبط، لا من المؤكد أن هذه الفتاة مظلومة، وهذه الفتاة الظروف هي التي ساعدتها، لذلك أريد أن أقول لك لا تحكم على أحد، الكتاب المقدس يقول لا تحكموا حسب الظاهر، عندما تجد نفسك سوف تدين أحد قل كلمتين :
١ـ هو لمولاه : معلمنا بولس الرسول قال "لماذا تدين عبد غيرك هو لمولاه"، بمجرد أن تقدم على إدانة أحد قل هو لمولاه، ما معنى هو لمولاه؟ تعني أن إذا كان هناك شخص عامل يعمل عند جيراننا وهذا العامل نحن نراه لاينظف ولا يقوم بعمله، فهذا ليس دورنا أننا نقول له قم بعملك، ليس دورنا أننا نقول له لماذا تجلس طوال النهار هكذا، ليس دورنا لأن "هو لمولاه" الرجل الذي اتفق معه على العمل هو الذي يعرف، فمن الممكن أن الرجل الذي اتفق معه على العمل يقول لك من الذي قال لك أن عمله هو التنظيف بل هو عمله أنه فرد أمن وأنا جعلته يجلس فقط للحراسة، فتقول معذرة لم أكن منتبه لذلك فقط كنت أظن أن هذا الرجل كسول ويجلس طوال النهار دون أن يقوم بعمله، لا "هو لمولاه" عندما تشاهده يفعل تصرف لا يروق لك فمن الممكن أنه لا يعجبك أنت لأنك أنت طبعك مختلف عنه، فلابد أن تقول هو لمولاه، وفي الحقيقة معلمنا بولس عندما يقول "لماذا تدين عبد غيرك هو لمولاه" كأنه يريد أن يقول لنا كلمة باللغة الدارجة "انت مالك" هو لمولاه،الذي أنت تظل تتحدث عليه هذا هو لمولاه هناك كلمة أخرى جميلة جداً يعلمها لنا الآباء أحب أنك تتذكرها كثيراً جداً :
٢- هي أو هو أبر مني :الكتاب المقدس في سفر التكوين الإصحاح (٣٨) ستجد قصة عن رجل اسمه يهوذا لديه ثلاثة أبناء اثنين منهم عمرهم كبير وابن منهم لازال صغير، الابن الأكبر تزوج بامرأة ولم يقم نسل فمن المفترض أن الولد الأصغر منه يتزوج نفس المرأة ليقم نسلا، فالولد الذي يليه رفض لم يكن يريد أن يقيم نسلا من هذه السيدة، هذه السيدة اسمها ثامار فذهبت ليهوذا وقالت له أنا بذلك ليس لي نسلا ماذا أفعل؟ فقال لها اذهبي إلى بيتك إلا إذا أردت أن تنتظري هذا الولد الصغير عندما يكبر،بالطبع هذا لون من ألوان الذل والاستخفاف، قال لها انتظري هذا الولد الصغير فالمرأة لشهوة قلبها أن يعطيها الله نسلا انتظرت بالفعل حتى كبر الولد الصغير وفي النهاية هذا الولد رفض أن يتزوجها، فكان يهوذا الذي هو الأب ذهب ليجز غنمه خارج المدينة وهذا يكون موسم يكون فيه فرحة واحتفالات، موسم جز الغنم هذا يجلب لهم خير كثير، وهو ذاهب في الطريق يهوذا كان للأسف مستهتر قليلاً، فثامار هذه تخفت في زي بنات زانيات وفعلت معه الخطية وهو لم يكن يعرفها ثم قالت له ماذا تعطيني قال لها أعطيك معزة فقالت له أنت سوف تذهب لتجز الغنم أنا لا انتظر أنا أريد منك شيء رهن إلى أن تحضر لي المعزة، فأخذت منه عصاه وخاتمه وقالت له اجعلهم معي حتى تحضر لي المعزة، فبمجرد أنه ذهب من عندها هي أيضاً ذهبت، أرسل المعزة فالرسول الذي أرسله لها قال له أنا ذهبت لأسأل عن هذه المرأة ولكني لم أجد أحد فعاد له مرة أخرى بالمعزة فهي بذلك احتفظت بالعصا والخاتم، بعد عدة شهور ذهبوا له وقالوا زوجة ابنك الأرملة حامل، فهي قد زنت، قال لهم"تخرج خارجاً وتحرق بالنار أمام الجميع"،يا لها فضيحة!، قالت لهم أنا أريد فقط أن أستأذنكم في شيء، أريد أن أرسل له العصا والخاتم، فأرسلتهم له وبمجرد أن رآهم قال كلمة،قال "هي أبر مني"، هي لم تخطئ هي كانت تقصد أن تنجب نسل لأن حياتها كلها كانت متوقفة على فكرة أنها تقيم نسل لكنه هو أخطأ، هو الدافع عنده كان شر لكن هي كان خير، لكن أمام الناس يروها أخطأت، إذن عندما تخطئ أنت قل هو أبر مني، هو بالفعل حقا يفعل شيء غير صحيح لكن دوافعه غير دوافعي، هو أبر مني، هي أبر مني عندما تجد أحد لا تعجب به وتبدأ تتحدث في سيرته قل كلمتين هو أبر مني، هو لمولاه، إياك أن تجد نفسك تسترسل وتتحدث في سير الناس بأمر رديء، إياك أنك تأخذ حكم الله ومكان الله، فالسيد المسيح عندما أحضروا له المرأة التي أمسكت في ذات الفعل سترها وقال لهم "من منكم بلا خطية فليرمها بحجر"، كان في قديم الزمن الشخص الذي يفعل خطأ في العرف اليهودي يرجم وهذا الرجم عند اليهود شيء قاسي جداً، بأن يحفروا له حفرة على طوله ويقفوا به على رأس الحفرة بظهره وبمجرد أن ينطق بالحكم عليه يحضروا الشهود، الشاهد الأول يقول أنا رأيت هذه السيدة اليوم (....)، الساعة(.....)، مع الشخص (....)، في المكان (.....)، وأيضاً الشاهد الآخر، يقوموا بتجهيز الشهود خاصة الأول والثاني وبمجرد أن يصدر الحكم يلقوا الرجل أو المرأة وهو يقف وجهه إليهم وظهره للحفرة فيسقط داخل الحفرة وقد يحدث أن بمجرد سقوطه تكسر رقبته فيموت، هذا منذ البداية قبل أن يضربوه، لكن ماذا يحدث ولو أنه لازال حي؟!، يقوم الشاهد الأول بإلقاء أول حجر والشاهد الثاني يلقي ثاني حجر بعد ذلك يحق لكل الموجودين أن يلقوه بالحجارة بعد الشاهد الأول والثاني، أما في هذه الحالة فنرى السيدة موجودة، الحفرة موجودة، الشهود موجودين، الحجارة موجودة، الشاهد الأول مستعد جيداً، وكذلك الشاهد الآخر وبقية الحاضرين كلهم مستعدون بالحجارة، ربنا يسوع رأى هذا الموقف فأحضر المرأة وأوقفها خلفه وقال لهم من جهة أنها ترجم فهي يجب أن ترجم لكن أنا أريد ليس الشاهد الأول هو الذي يلقيها بأول حجر أريد أن الذي يلقيها بأول حجر يكون شخص بلا خطية فالتفتوا لبعض ولم يجدوا،فبذلك وجدناه أنه ستر خطيئتها، قال لها أما أدانك أحد؟،ولا أنا أدينك اذهبي بسلام، عندما تجد شخص يفعل خطية استره، عندما تجد أحد لديه ضعفات كثيرة لا تتحدث، إذا استطعت أن تصلح فأصلح،لا تأخذ مكان الله، لا تتحدث على غيرك لأنك بهذا كأنك تأكل في لحمه، وعندما تتحدث على غيرك كأنك لا ترى خطاياك وكأنك لا ترى الخشبة التي في عينك وتظل تدقق وتتحدث عن القذى التي في عين أخيك لذلك أستطيع أن أقول لك عندما يحدث أي موقف ستبدأ الناس تتحدث فيه بالإدانة قل كلمتين: هو لمولاه، هو أبر مني ربنا يعطينا أننا نكون مدققين، لا تكون هذه تسلية بالنسبة لنا، لا يكون الحديث في سير الناس شيء لذيذ بالنسبة لنا، وفي النهاية شخص يقول لك نحن لا نقول شيء خطأ نحن نحكي أشياء حدثت بالفعل، أقول لك استر، عندما الله يجد إنسان يستر فإن الله ينعم عليه بستره، ذات مرة راهب في دير فعل خطية فحكموا عليه أن يخرج من الدير فوجدوا راهب قديس يعتبر أب اعتراف الرهباناسمه القديس بيساريونوجدوه يجهز نفسه هو أيضا لكييخرج من الدير، فبينما الراهب الأول خارج بقفته وحاملها وجدوا هذا القديسخارج خلفه بقفته، قالوا له لماذا أنت ذاهب قال لهم وأنا أيضا خاطئ ربنا يعطينا أننا نتعلم كم أن الرب ساتر علينا فنتعلم نحن أيضاً نستر على الآخرين ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائمًا أبديا آمين .