خطورة الإدانة وعلاجها

Large image

بسم الاب والابن والروح القدس إله واحد أمين تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل اوان والي دهر الدهور كلها امين

إنجيل اليوم وهو فصل من بشارة معلمنا مار لوقا البشير الإصحاح ٦ والذي يتضمن مجموعة مبادئ مهمة سنتحدث اليوم عن واحدة منها فقط
يقول" ما بالك تنظر القذي الذي في عين أخيك ولا تفطن الخشبة التي في عينك وكيف تستطيع أن تقول لأخيك يا أخي دعني إخرج القذي من عينك وأنت لا تبصر الخشبة التي في عينك يا مرائي إخرج الخشبة أولا من عينك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذي من عين أخيك".
يتحدث عن خطيه كثيراً ما نفعلها فنحن لا نركز علي خطايانا أو ضعفانتا ولكننا نركز على خطايا الآخرين ، في بعض الأحيان يا أحبائي عندما يجتمع البعض فتكون التسلية لديهم ان يتحدثوا على الآخرين وهذه التسلية يجدوا فيها لون من ألوان اللذة يجلسوا ويتحدثون بكل ما هو رديء، وقليلا ما هو جيد ، يتحدثون بالأكثر على السلبيات، وفي حقيقه الامر هذه الخطية خطيرة جدا، وسوف نتحدث اليوم عن نقطتين :-
١- خطورتها ٢- علاجها

١- خطورتها : إلي اي حد هذه الخطية دون غيرها تهين الله، تغضب الله، تنزع نعمة ربنا من الإنسان الذي يقع فيها، ووقتها ربنا يرفع عنه رحمته. يالها من كلمات صعبة جداً (ينزع النعمة ... يرفع الرحمة) - فلماذا؟ - لأن الله يتوقع أن أترفق أنا بأخي مثلما هو مترفق بي، فعندما يجدني أنا قاسي على أخي فيقول الرب انا اترفق عليك وانت قاس على اخيك .
+ لذلك يقول القديسين : إن الذي ينشغل بخطايا أخيه ولم ينشغل بخطاياه فيكون كمن يبكي على ميت غيره ويطلق ميته، فمثلاً إنسان لديه ميت يتركه ويقوم بالبكاء على موتي الآخرين، فإن الإنسان الذي يركز على خطايا الآخرين يفقد القدرة والقوة على إصلاح نفسه، فإذا انت متطلع دائما على أخطاء الآخرين فلن تلتفت لأخطائك، فأنا أري نفسي دائما بريء ومن المخطئ؟ الآخرين ، في الحقيقة في بعض الأحيان يصل شعور الإنسان ان جميع الناس هم المخطئين ، بداية من كل الأشخاص الذي يعرفهم في دائرة علاقتنا الضيقة أولا أسرتنا، بعد ذلك أوسع قليلاً في عملنا، بعد ذلك في جيراننا، بعد ذلك في الكنيسة ،بعد ذلك في البلد، بعد ذلك في العالم وهكذا لأنه يري جميع الناس خاطئين، لذلك فأن هذا الأمر يغضب الله ويعري الإنسان من النعمة ويدفعه للهلاك خاصة عندما يدين ويشهر وخاصة عندما يحتقر، لذلك الله يقول لك " يا مرائي أخرج أولا الخشبة" ، يريد ان يقول لك اذا كانت عين أخيك فيها قذي، كلمه قذي بمعني (سلاية)، فأنت نفسك عينك لا يوجد بها سلاية بل خشبة. تصور معي ان هناك شخص يوجد عمود خشب بعينه، وعين أخيه بها سلاية وأنا الذي عيني بها لوح الخشب، أريد أن أخرج السلاية الموجودة في عين اخي. فهو يريد ان يقول لك انظر انت اولا نفسك، فأنك من الأساس نظرك ضعيف لذلك يقول لك ياليتك دائما تركز على نفسك، لماذا لا نحكم على شرورنا وندين انفسنا التي نعرف خطاياها وضعفاتها تماما.
أنا اعرف أني لدي ألف ضعفه ... مائه الف ضعفه، وأخي هذا أنا اري فيه شيء، انت تري ضعفه واحدة ولا ترى في نفسك مائه ضعفة لذلك أستطيع أن أقول لك انه يوجد خطورة في الإدانة فبها الإنسان يصبح عاري من نعمة ربنا، وفي الحقيقة الإنسان عندما يدين الآخرين هو يغتصب حق الله ويأخذ دور الله لأن الذي له حق الإدانة هو من؟ هو الديان الذي له حق الدينونه. أستطيع أن اقول لك ان الله يعلم ظروف كل شخص ويعلم حدود كل شخص ويعلم إمكانيات كل شخص ويعلم ضعفات كل شخص، لذلك أستطيع أن أقول لك لكي تعرف مدي خطورة هذه الخطية فأنها تؤدي إلى تخلي الله عن الإنسان، معلمنا بولس الرسول قال" انت الذي تدين غيرك تحكم علي نفسك" فعندما تدين غيرك فأنت تحكم على نفسك بالخطأ.
لماذا؟
لأنك انت الذي تدين غيرك انت تفعل تلك الامور بعينها، انت الذي تتحدث عن ان هذا الشخص يحب المال وأنت أيضا تحب المال، انت تتحدث ان هذا الشخص فعل أمر خطأ فانت تفعل مثله واكثر. لذلك أود ان اقول لك إن الشخص الذي يكون ملتفت لغيره لابد أن يأخذ في اعتباره إن هذا الأمر يهين الله.
+ لذلك قال أحد القديسين لسانك كأنه مصنوع بلسان حداد مثل السكين الذي ينهش في الناس فيقول لك احترس لئلا يكون لسانك كذلك ينهش في الناس لكن لابد ان تكون مجتهد جدا ان تكون أمين ومدقق في الكلام لدرجة أن احد القديسين يقول لك إياك أن تدين أحد من الناس لئلا يبغض الله صلاتك، وقديس أخر قال الذي يدين فقد هدم سوره بنقص معرفة. السور الذي هو حصنك قال لك الإنسان الذي يطلق لسانه على الناس بكل جيد وردئ لن يؤهل لنعمة الله يقول لك لا تدن أحدا ولا تقع بإنسان وعندئذ سيهب الله لك الراحة والهدوء دائما.
+ فأعلم إن خطية الإدانة هذه خطية خطيرة جدا اذن ماذا افعل ؟ تأتي هنا النقطة الثانيه
٢- علاجها : أول شيء اعلم إن الحكم لله، الدينونة للديان هو الذي يعرف الضعفات والنقائص والحدود والإمكانيات. وهذا الشخص ماهي مشكلته بالضبط، وهذا الشخص ما هي نشأته، وهذا الشخص لماذا يقول هذا. لابد ان اكون مدرك إن الحكم لدي الله ليس كحكمي، فأنا لا اري إلا هذا الفعل أما الله فهو يعرف الحدود ويعرف الدوافع ويعرف القلب ويعرف الأعماق، وان الموضوع لديه ليس قوانين وأحكام مطلقة، فهو عالم الخفايا فمن الممكن ان شخص يفعل شيء وشخص أخر يفعل نفس الشيء لكن لدي الله الأمر مختلف تماما.
يحكي قصة انه ذات يوم يوجد مركب بها عبيد معروضين للبيع ومن ضمن هؤلاء العبيد مجموعة من البنات منهم بنتين توأم فأتت أسرة تقيه محبه لله يريدون ان يربوا بنت في مخافة ربنا فقاموا بشراء هذه البنت ثم اخذوها لكي يعلموها الصلاة والصوم والتسبيح والميطانيات والقديسين والكنيسة والقداسات والتسبحة فهم يأملون أن يقوموا بتربيه هذه البنت فتصبح بنت المسيح، وأتت مجموعة أخرى قاموا بشراء البنت الثانية لكن هذه المجموعة كانت عملها فرقة رقص يعملوا في المجون والسكر والخلاعة فتربت هذه البنت على ذلك، فأصبحت تفعل خطايا لأنها تربت علي ذلك ، والبنت الثانية تصلي وتصوم فهي أيضا تربت علي ذلك، فسأل أحد القديسين هل الله سيدين هذه البنت مثل أختها هل تعتقد انه يدينهم مثل بعض؟ بالطبع لا لأن هذه البنت التي تفعل الخطية مظلومة ومن المؤكد أن البنت الأخرى الظروف هي التي ساعدتها لكي تصبح كذلك.
لذلك اريد ان أقول لك لا تحكم على أحد.
+ الكتاب المقدس يقول " لا تحكموا حسب الظاهر " فعندما تجد نفسك سوف تدين غيرك ردد قولين :-
١-هو لمولاه : معلمنا بولس الرسول قال "لماذا تدين عبد غيرك هو لمولاه" بمجرد ان تأتي لتدين أحد تذكر "هو لمولاه "
+ ماذا تعني "هو لمولاه"؟ تعني على سبيل المثال ان هناك شخص يعمل لدي أسرة تسكن أمامنا وهذا الشخص نحن نراه إنه لا يرتب ولا ينظف فهذا ليس دورنا إن نقول له نظف مثلا، ليس دورنا ان نقول له لماذا انت جالس هكذا طوال النهار، ليس دورنا لأنه "هو لمولاه" فالشخص الذي قام بتوظيفه هو الذي يعلم، فمن الممكن ان يكون الشخص الذي قام بتوظيفه يقول لك من قال لك انه يعمل بالنظافه أن وظيفته أمن، أنا أريده جالس فقط . فأنت تعتذر وتقول أنا لم أكن اعلم أنا توقعت ان هذا الراجل كسلان طول النهار جالس بدون عمل. لا بل "هو لمولاه "
عندما تري شخص يتصرف تصرف لا يروق لك فمن الممكن أن يكون هذا التصرف لا يعجبك أنت لان هذا طبعك ومن الممكن ان يكون يعجبه لأن هذا هو طبعه فلابد أن تقول "هو لمولاه " وفي الحقيقة أن معلمنا بولس عندما يقول "لماذا تدين عبد غيرك هو لمولاه" فهو يريد ان يقول كما باللغة الدارجة "وانت مالك" هو لمولاه الشخص الذي انت تتكلم عليه "هو لمولاه".
٢- هو أبر مني : يعلمنا الآباء كلمة جميلة جداً أود أن تتذكرها دائما وهي: "هو أو هي أبر مني". معناها سريعا من الكتاب المقدس في سفر التكوين الاصحاح 38 ستجد قصة رجل اسمه يهوذا لديه ثلاثة بنين اثنين منهم كبار والثالث طفل صغير والولد الكبير تزوج بامرأة ولم يأتي منها بنسل فمن المفترض ان الولد الذي يليه يتزوج نفس المرأة لكي يأتي بنسل ولكن هذا الولد رفض لم يكن يريد ان يأتي بنسل من هذه السيدة -هذه السيدة اسمها ثامار- فذهبت ليهوذا وقالت له انا الآن لا يوجد لي نسل فماذا افعل؟ فأجابها اذهبي الي بيتك أو اذا كنتي تريدين ان تنتظري الولد الصغير الي ان يكبر (فهذا طبعا نوع من أنواع الذل أو الاستخفاف). فالبنت لشهوة قلبها ان يعطيها الله نسل انتظرت فعلا الولد الصغير ولكن الولد الصغير رفض أن يتزوجها. وكان يهوذا الأب ذاهب لكي يجز الغنم خارج المدينة وهذا موسم يوجد به فرحة وبعض الاحتفالات موسم جز الغنم يجلب لهم خير كثير وعندما كان يسير في الطريق فكان يهوذا للأسف مستهتر قليلا فقامت ثامار وتخفت في زي بنات يفعلوا خطية الزنا وصنعت الخطية معه وهو لم يكن يعلم إنها ثامار ثم قالت له ماذا تعطيني فقال لها سوف أعطي لك معزة فقالت له انني لن انتظر لتأتي من جز الغنم هناك فأنا أريد منك شيء رهن إلي ان تأتي بالمعزة فأخذت منه العصاة الذي كان يمتلكها والخاتم وقالت له اتركهم معي الي أن تأتي بالمعزة أولا. وعندما ذهب من عندها ذهبت هي الأخرى فأرسل رسوله بالمعزة فرجع له وقال أنا ذهبت اسأل عن هذه السيدة لم أجدها فرجعت بالمعزة فبذلك هي احتفظت بالعصاية والخاتم وبعد شهور ذهبوا اليه وقالوا له: هوذا زوجة ابنك الأرملة حامل فقد زنت، قال لهم تخرج خارجا وتحرق بالنار أمام الجميع يالها من فضيحة اما هي فقالت لهم أنا فقط أريد ان أستأذنكم في شيء، أريد أن أرسل له العصاية والخاتم فأرسلت له العصاية والخاتم وعندما رآها قال "هي أبر مني". هي لم تخطئ ولكنها قصدت ان تأتي بنسل لأن حياتها كلها كانت متوقفة على فكرة انها تقيم نسل لكن هو أخطأ هو الدافع لديه كان شر لكن الدافع لديها كان خير.
إذن عندما تقوم بإدانة الآخرين تذكر "هو أبر مني" هو فعلا يفعل شيء خطأ لكن من الممكن أن يكون الدافع لديه غير الدافع لدي "هو ابر مني ، هي ابر مني" فعندما تجد شخص لا يروق لك وستبدأ بالتحدث عنه تذكر كلمتين "هو ابر مني" و "هو لمولاه".
احذر إن تجد نفسك تسترسل وتتحدث عن الآخرين بأمر ردئ، احذر ان تأخذ حكم الله ومكان الله.
فعندما أتوا للمسيح بالمرأة التي امسكت في ذات الفعل سترها ووقف وقال لهم من منكم بلا خطية يرميها أولا بحجر. منذ قديم الزمن كان الشخص الذي يفعل خطأ في العرف اليهودي يرجم.
الرجم عند اليهود شيء قاسي جدا يحفر له حفرة بطوله ويوقفوه على رأس الحفرة بظهره وبمجرد أن الحكم يحكم عليه يأتوا بالشهود، فالشاهد الأول يقول أنا رأيت هذه السيدة في يوم معين ووقت معين مع شخص معين في مكان معين، والشاهد الثاني يقول أنا رأيت هذه السيدة في نفس المكان يقوموا بتجهيز الشهود الأوائل وبالأخص الاول والثاني أول شئ يحدث بعد صدور الحكم فيقوموا بدفع الرجل او السيدة وهو ينظر اليهم بوجهه وظهره للحفرة فبذلك يقع داخل الحفرة ومن الممكن عند وقوعه أن يحدث كسر في رقبته ويموت هذا من البداية قبلما يقومون بضربه فاذا لم يمت يقوم الشاهد الأول يلقي أول حجر والشاهد الثاني يلقي ثاني حجر وبعد ذلك من حق كل الموجودين ان يلقون بالحجارة بعد الشاهد الأول والثاني. وهنا في هذا الموقف السيدة موجودة والحفرة موجودة والشهود موجودين والحجارة موجودة والشاهد الأول مجهز يده ومجهز نفسه تماما والشاهد الثاني والباقين جميعهم مجهزين الحجارة.
لكن ربنا يسوع رأي هذا الموقف فأتي بالسيدة وأوقفها خلفه وقال لهم من حيث إنها تستحق الرجم فهي فعلاً تستحق لكن أنا أريد ليس الشاهد الأول الذي يلقيها بأول حجر بل الذي يلقيها بأول حجر يكون شخص بدون خطية فنظروا بعضهم لبعض فلم يجدوا فرأيناه هو الذي ستر خطيتها قال لها "أما ادانك أحد... ولا أنا آدينك... أذهبي بسلام".
+ إذن عندما تجد شخص يفعل خطية استره عندما تجد إنسان لديه ضعفات كثيرة لا تتحدث عنه، اذا كنت تستطيع ان تصلح أصلح. لكن لا تأخذ مكان الله لا تتكلم على غيرك فأنت بذلك تأكل في لحم غيرك ، وعندما تتكلم على غيرك فانت بذلك لن تري خطاياك وأنك بذلك لن تنظر الخشبة التي في عينك وتظل تدقق وتتكلم على القذي التي في عين أخيك.
لذلك استطيع أن أقول لك انه عندما يأتي اي موقف ستبدأ الناس تتحدث فيه في الإدانة فقل كلمتين "هو لمولاه" و "هو أبرمني ".
ربنا يعطينا إن نكون مدققين وألا تكون التسلية الوحيدة لدينا التحدث عن الآخرين فهذا شيء لذيذ بالنسبة لنا وفي النهاية شخص يقول نحن لم نقل شيء خطأ نحن نروي أشياء حدثت بالفعل لكن الله يقول لك أستر، فعندما يجد الله إنسان يستر ينعم عليه بستره.
ذات يوم كان هناك راهب في دير يفعل خطيه فحكموا عليه أن يخرج من الدير فوجدوا راهب قديس يعتبر أب اعتراف الرهبان اسمه القديس بيساريون يجهز نفسه هو أيضا لكي يذهب مع الراهب. فرأوا الراهب الأول ذاهب بالقفة وبعدها وجدوا القديس بيساريون ذاهب خلفه بالقفة التي تخصه، فقالوا له لماذا تذهب أنت؟ فأجابهم وانا أيضا خاطي.
ربنا يعطينا أن نعلم الي أي حد الله يستر علينا فنتعلم نحن أيضا نستر على الآخرين ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لألهنا المجد الدائم امين.

عدد الزيارات 396

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل