قراءات نبوات الصوم الكبير ج1

Large image

تدّخر الكنيسة لنا كنوز فى رحلة الصوم المُقدس من أجل تقديس أولادها ومن أجل دفعِهم فى طريق الفضيلة والقداسة والبر فتُخرج من كنوزها أجمل وأقوى ما عندها من أجل أن يخرُج الإنسان من رحلة الصوم المُقدس بأكبر فائدة وأعظم عطيّة يُمكن أن يتحملها بشريوجد جانب مُهم فى فترة الصوم قد لا يُتابعه كثير منّا وهو موضوع النبوات التى تسبق القُداسات فى رحلة الصوم هذه النبوات تحمل فِكر روحى عالى جداً لفكرة الصوم فهى بحر عظيم لذلك سنتناول منها نبوات أشعياء النبى العجيب أنّ كُل يوم لا يوجد فيه إنقطاع لا توجد فيه نبوات بل يُصلّى المزمور والإنجيل مُباشرةً النبوات تُتلى فى أيام الإنقطاع فقط ونبوات أشعياء النبى قسّمتها الكنيسة على مدار الصوم كُلّه بحيث تقرأ جزء مِنها فى كُل أسبوع.

الأسبوع الأول يأخذ جزء من أشعياء الإصحاح الأول ونتدّرج مع السفر خلال فترة الصوم حتى أخر إسبوع تقرأ الكنيسة فيه أشعياء إصحاح66 كُل إسبوع تأخُذ الكنيسة مُقتطفات منّه بالترتيب فنجد مثلاً نجد الكنيسة تُريد أن تعمل لنا رحلة فى سفر أشعياء النبى وآباء الكنيسة يُطلقون على سفر أشعياء ونبّواته إسم الإنجيل الخامس لأنّ فيه روح إنجيليّة ورؤيا خلاصيّة تُشعرك إِنك تقرأ الأناجيل الأربعة وكأنّ أحداث الخلاص تحدُث أمامنا سفر أشعياء سفر توبيخى يُحفّز الناس على التوبة هو سفر إعلان الخلاص وهذا هو هدف الصوم المُقدس هو إشتراك فى الخلاص والرجوع بالتوبة الإسبوع الأول فى الصوم يأتى بحالة إنسان مُثقلّ بالخطايا وداخل الصوم بمشاعر مُثقلّة بطلب الرحمة ومراحم الله فيقول أشعياء النبى " كُل الرأس مريض وكُل القلب سقيم من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح وإحباط وضربة طريّة لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليّن بالزيت " ( أش1: 5 – 6 ) ، إحساس بجرح الخطية العميق المؤلم المفروض أنّ الجرح الطرى يُوضع له شىء يكويه ويُربط لكن يقول أنّ الرأس مريض والجرح لم يُعصب ولم يُعصر حتى يتخلّص من سمومه إحساس بثقل الخطية فى الإسبوع الأخير من الصوم المُقدس نصل لمرحلة جميلة فيقول أشعياء " حينئذٍ ينفجر مثل الصُبح نورك " ( أش 58 : 8 ) هذه علامة دخولنا فى شركة خلاص مع المسيح " وتنبُت صحتك سريعاً ويسير برّك أمامك " ( أش 58 : 8 ) ، ونتيجة دخولنا فى شركة الخلاص نُثمر هذا الثمر ثمر الخلاص الكنيسة تنقّلت فى سفر أشعياء خلال فترة الصوم من مرحلة لمرحلة فمثلاً:-
فى الإسبوع الأول يُقرأ أجزاء من سفر أشعياء إصحاح 1، 2، 3 0
" " الثانى " " " " " " 4 – 7 0
" " الثالث " " " " " " 8 – 13 0
" " الرابع " " " " " " 14 – 29 0
" " الخامس " " " " " " 37 – 43 0
" " السادس " " " " " " 43 – 45 0
" " السابع " " " " " " 48 – 66 0
فى تدّرُج عجيب أُنهى السفر فى مرحلة الصوم 00ليس فقط تدرُّج بل توافق عجيب بين إنجيل الإسبوع والنبوات00فمثلاً إنجيل الأحد الأول يُقرأ جزء الموعظة على الجبل ويقول " لا تكنزوا كنوزاً على الأرض 000" ويُكلّمنا عن الصلاة والرياء وعدم الإهتمام بالغد ، ونجد النبوات من سفر أشعياء تقول " سأنزع منكُم السند والرُكن " ( أش 3 : 1 ) وهذا توافُق مع الإنجيل لأنّه يُريد أن يقول لا تتكل على غِناك لأنّ الإنسان دائماً يتكل على ماله والإنجيل فى الصوم يُريد أن يُجرّدنا من الأمور الجسديّة ويعتقنا من الإنسان العتيق لكى نتجدّد بحسب صورة الخالق وتصير فى إنساننا الجديد بالروح فينزع منّا السند والرُكن عندما يتكلّم الإنجيل عن الرياء نجد أشعياء يقول " فحين تُبسطون أيديكُم أسُتر عينى عنكُم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع أيديكُم ملآنة دماً " ( أش 1 : 15 ) ، هذا هو الرياء أى الصلاة بضمائر ملّوثة والله لا يسمع لها هذا تقارُب بين الفكر الروحى والقراءات من خلال الأناجيل والنبوات فى بداية النبوة يقول أشعياء النبى " رّبيت بنين ونشأّتهم أمّا هُم فعصوا علىّ " ( أش 1 : 2 ) ، المفروض إنك تشعُر بجميل الله عليك وتدعوه يا آبا الآب وهو يكون لك سند ولكن الله يقول أمّا هُم فعصوا علىّ الله من خلال النّبوة يُريد أن يُشعرنا فى بداية الصوم إننا نُريد شركته للخلاص وللتطهير والتنقيّة من آثامنا أيضاً يقول " كفّوا عن الإنسان " أى كفّوا عن ما للإنسان وما للطبيعة البشريّة والشهوانيّة وما هو الصوم إلاّ أن نكُف عن الإنسان أى نكُف عن التلذُذ بالطعام الجسدى لنُبدلّه بالطعام الروحى نكُف عن مُتعلّقاتنا الأرضيّة لنتعلق بكُل ما هو سماوى نكُف عن الشهوات لكى نشتهى السمائيات كلمات قوية تُحرّك القلب والضمير ليتدرّج من جرح مُسمّم إلى جرح منزوع منّه سمومه أن نكُف عن ما للإنسان أى أن نُبطل ما للطفل كما قال بولس الرسول أن نُبطل ما هو للإنسان العتيق ليتجدّد بحسب صورة خالقِه من حق وعدل الذى يدخُل فى عِشرة قويّة مع الله يسنده الله ويُنقّيه لذلك يقول أشعياء النبى " هلّم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكُم كالقرمز تبيّض كالثلج وإن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف " ( أش 1 : 18 ) ، الله يُريد أن يدخُل معنا فى علاقة جديدة يأخذ مالنا ويُعطينا ماله ، يُريد أن يُنقّينا عِشرة جديدة يقول أيضاً " أُدخل إلى الصخرة وإختبىء " ( 2 : 10 ) ، الله يُريد أن يدخُل أيضاً فى عِشرة معه فيقول أُدخل إلى الصخرة وإحتمى فيها ومن هو الصخرة إلاّ المسيح الصخرة التى ضربها موسى بعصاه فأخرجت ماء العصاه هى صليب رب المجد الذى به أعطانا عطايا الروح القُدس أى الماء الخارج من الصخرة " إختبىء فى التُراب من أمام هيبة الرب " ( أش 2 : 10 )0
الإسبوع الأول :-
الكنيسة تقول إن الصوم يقترن ببعض الأعمال كالرحمة والعطاء وتقول لنا " لنكتفى بالقوت والكسوة "وأيضاً " طوبى للرُحماء على المساكين " وأشعياء النبى يقول " تعلّموا فِعل الخير " الكنيسة تُريد أن تُدخلنا للصخرة فى فترة الصوم لو عِشنا بروح الكنيسة وفِكرها السماوى وتعزياتها تجعلنا مواطنين سمائيين ولرأينا إننا هُنا غُرباء على الأرض ومُشتاقين أن ندخُل فى شركة معه ونترك العالم وتتقدّس مشاعرنا فنكُف عن الإنسان ونتذّوق عربون الروح وعربون المجد الأبدى الصوم فترة لابُد أن نهدأ فيها لأنفُسنا ونعكُف على القراءة وتقديس الوقت تقديس أى تخصيص قدّسوا صوماً أى خصّصوا هذه الأيام لله قدّسوا كُل بكر أى خصّصوا كُل بكر لى وتقديس الحصاد يعنى تخصيصُه لله أيام الصوم مُخصّصة لله فلابُد للإنسان أن يدخُل فى مواجهة شرسة مع نفسه كما دخل المسيح فى مواجهة شرسة عنيفة ضد عدو الخير لكى يشترك الإنسان مع المسيح0
الإسبوع الثانى :-
إسبوع التجربة على الجبل
نبوات أشعياء يوم الإثنين أش 4 ، 5
يوم الثُلاثاء أش 5
يوم الربعاء أش 5
يوم الخميس أش 6
يوم الجمُعة أش 7
فى هذه الفترة الكنيسة تعِدنا لإسبوع التجرُبة على الجبل وهى مُتعة رب المجد بمُحاربة الشيطان الذى قدّم إغراءات للإنسانيّة فى شخص المسيح وهى إغراءات مازالت تُحاربنا هى حرب البطن وحرب المراكز وحرب التشكيك وهى يُبدّلها لنا مرّه يُعطينا الحرب الأولى ومرّه الثانية ومرّه الثالثة وهكذا وأنا وثباتى ، لذلك نجد أشعياء النبى يتكلّم عن تجارُب الإنسان والتجارب التى يسمح بها الله للإنسان فيقول لابُد للإنسان أن يدخُل هذه الحرب ويغلب فيها كما غلب المسيح ، وتُعطينا الكنيسة معونة عالية وتُريد أن تُفهّمنا مفاهيم التجرُبة وكيف نجتازها وكُلّها بسماح من الله وكُلّها لتزكيتنّا فيقول أشعياء " إذا غسل السيد قذر بنات صهيون ونقّى دم أورشليم من وسطها بروح القضاء وبروح الإحراق " ( أش 4 : 4 ) " لأنّ على كُل مجدٍ غِطاء " ( أش 4 : 5 ) ، إذا لم نجتاز هذه التجارُب فإنّه ليس لنا مجد لأنّ كُل مجدٍ له غِطاء يُخبئّه تحتُه هذا الغِطاء لون من ألوان التجارُب والألم الذى يُغطى المجد الداخلى روح القضاء والإحراق ليس قسوة وعُنف بل سماح من الله للتنقيّة أيضاً الجزء المعروف فى أش 5 الذى للمسيح فى صورة جدليّة ويقول " أحكُموا بينى وبين كرمى ماذا يُصنع لكرمى وأنا لم أصنعه له " ( أش 5 : 3 – 4 ) ، يقول أنا إخترت أرض جيدّة وحوّطتها بسِياج وصنعت لها معصرة وإنتقيت بذار جيّدة ونقيّة ورغم كُل ذلك إنتظرت ثمر فلم تصنع الكرمة ثمر تُرى ماذا يُصنع لكرمى وأنا لم أصنع له ! ماذا أفعل ؟ هذا حال النفس التى تُقابل عطايا الله بالجحود بدل الإحسان النفس تنخدع من شهواتها وبدل ما تُعطى الفضل لله تُعطيه لذاتها إنحراف وكأنّ الكنيسة فى الصوم تقول أنت بلا عُذر أيُهّا الإنسان نحن بدلّنا فى الصوم يقول إنتبه لكرمك لأنّه نقّاه وصنع معصرة وأتى لك ببذار جيّدة هذه هى الكنيسة الله فعل معها كُل شىء فما هى تقدماتنا لله وأين هو ثمرنا ؟ إذا لم يجد يقول إحكُموا بينى وبين كرمى هل أنزعه أم أبيده ؟ فى الصوم لابُد للإنسان أن يُفكّر كيف يصنع ثمار ؟ روح من الداخل ثمر طاعة وعطاء وعفّة وهذا ما هو مُنتظر من كرمنا فى الصوم لذلك لابُد أن نحرص حتى لا ننصرف عن خلاص أنفُسنا حتى لا ينجح معنا عدو الخير كما نجح من قبل ولم نتمتّع بخلاص الله إذا كان صوم 3 أيام لنينوى رحمهم الله من أجلُهم وثلاث أيام صوم فى فترة أستير الملكة رفعوا غضب الله عن الشعب فما بال خمسة وخمسون يوماً مُمكن يرّجعوا الله عن الخليقة ويُعيدها لحالة أفضل من الفردوس الأول ماذا حدث بالخطيّة ؟ تمرّدت الطبيعة على الإنسان وأصبح هُناك إنفصال حتى الملائكة إنقلبوا ضد الإنسان حتى أنّ كاروب من نار وقف عند شجرة الحياة ضد الإنسان بالصوم والرجوع للذات يرُّد لنا خلاصنا وكُل ما فشلنا فى صُنعِه يُرجعُه لنا الله والمعصرة تعمل التى هى ثمر وعطايا الروح لأنّ المعصرة تُعطى عصير مُسطار وهو عطيّة الروح والفرح أى السكيب الذى يُسكب على الذبائح رمز لعطايا الفرح لذلك يقول بولس الرسول " أُسكب سكيباً " أى أسكُب نفسى فرح لذلك أشعياء النبى يقول " أُسكُبى أمامه فرحِك " لأنّ السكيب لا يترك فى الإناء شىء لذلك يقول " أُسكُب قلبك فلا يبقى داخله شىء أمام الله "من ضمن تجارب إبليس للمسيح قال له " أُعطيك العالم " أى تجارُب الملكيّة لذلك الوصيّة تقول " لا تشتهى ما لقريبك " وأشعياء النبى يقول " ويل للذين يصلون بيتاً ببيتٍ " أى الذى له بيت ثم يشترى الذى بجانبه ويوصّلهُما ببعضهِما البعض أى التوسُع فى مجد العالم وملكيات العالم وكأنّ أشعياء يقول عن نفس التجرُبة التى تجرّب بها المسيح له المجد وعدو الخير حارب المسيح بالمكتوب وأيضاً ردّ عليه المسيح بالمكتوب أى فتح خزائن قلبِه وأجاب عليه لأنّ كلمة الله ساكنة فى أحشائه لذلك يقول " لا تنجذب من العدو إحفظ الشريعة " " أن أفعل شريعتك ياإلهى سُررت وشريعتك فى وسط أحشائى " هكذا قال داود النبى شريعتك يا الله فى أحشائى أى فى كيانى وأشعياء يقول " ويل للحُكماء فى أعيُن أنفُسهم " هؤلاء المتكبرون والمسيح حُورب بالكبرياءهذه هى التجارُب التى تُظهر ثمرك أحفظ شريعة الله ولا يكون عندى كبرياء ولا نِفاق ولا حُب ملكيّة فنُعطى ثمر لله أشعياء النبى يقول أنا خاطىء لكنى رأيت الله جالس فى الهيكل ومجدُه يملأ الهيكل وقُلت " ويل لى لأنى إنسان نجس الشفتين فجاء ملاك وأخذ جمره من على المذبح ومسّ بها شفتىّ وقال لى قد تطّهرت " عندما تقابل أشعياء مع المسيح على المذبح تقّوى وقال لله " هاأنذا فإرسلنى " المعروف أنّ نهاية الأنبياء قديماً كانت أمّا القتل أو الرجم أو السجن لأنهّم كانوا موبخين لملوك أى أنّ أى نبى يقول رأسى على كفى وإرسلنى والله يقول لنا لكى نتغيّر ونبتعد عن الخوف نأخُذ خُبز الحياة من على المذبح لكى نتحد بالروح وهذا إن كُنت تكُف عن الإنسان وإن كُنت تُقلّل من الخبُز الجسدى لتتحد بالخُبز السماوىفياليتنا نُكثر التناول نهاية الإسبوع الثانى عُمق الصلوات ، كانت حرب شرسة بين آحاز الملك ورصين ملك آرام وفقح بن رمليّا ملك إسرائيل ، حرب شرسة أخافت آحاز الملك ملك يهوذا وعندما علم بتجهيز الأعداء للحرب صلّى لله بمعونة أشعياء النبى وأشعياء قال له " أُطلب لنفسك آية من الرب إلهك عمّق طلبك أو رّفعة إلى فوق " ، تُرى ماذا يقول أيقول لله أُقتل أعدائى كُلّهم ؟ أشعياء يقول له عّمق طلبك إرفعه إلى فوق " ولكن يُعطيكم السيد نفسهُ آية ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو أسمُه عمانوئيل " أى سيُعطيك الله الخلاص أو سيُعطيك السيد نفسه آية أى أنّ المسيح هو نصيبك المسيح هو نصيب الإبن الضال والسامريّة والمخلّع والمولود أعمى وأى هو نصيبناطِلبات الصوم تكون خارجة من القلب مُتذلّل ، عمّق طِلبك وإرفعه ولا تنظُر تحت قدميك ، لا يغلبك جيش إلاّ بسماح من الله ولا تغلبُه إلاّ بسماح من الله أيضاً ، فعمّق طِلبك وإطلُب الخلاص ، إذا عرفنا الميراث الذى أعدّه الله لنا وليس الذى سيعدّه ، هو أعطانا روح التبنى " إن كُنّا أبناء فنحن ورثة " نحن وارثين مجد الله وغِنى الله العهد القديم أخذ المواعيد سأُدخلك وسأُعطيك أمّا الأن فنحن أخذنا ودخلنا ، لو عرفنا ما هو ميراثنا الذى نحياه لكُنّا نكُف عن الشر وعن الإدانة وندخُل الكنيسة بقلب مرفوع ومشغول بخلاصنا وخلاص إخوتنا وخلاص كُل العالم ، لو قدّمنا صوم بحسب قصد الله سننال بركات كثيرةربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً أمين،،،

عدد الزيارات 6922

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل