الخراف تتبع الراعى

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين ، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
في تذكارات انتقال الآباء البطاركة تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا يوحنا إصحاح ١٠ وهو انجيل الراعي الصالح، فصل ممتلئ بالمعاني وسوف أتناول معكم نقطة واحدة فقط، نأخذ نقطة واحدة فقط عن الخراف التي تتبع الراعي، نحن كأننا مثل الخراف التي لابد أن تتبع الراعي، نتبعه بكل أمانة، بكل حب، بكل ثقة نتبعه.
أمور كثيرة في حياتنا تجعلنا نضل، ضغوط كثيرة تتعبنا، تضعفنا، ظروف، ضغوط وما أكثرها، ما أكثرها في هذا الزمان وفي كل زمان، ما الذي يجعل الخروف يتبع الراعي؟، ما الذي يجعلنا نسير خلفه؟، ما الذي يجعلنا نكون مطمئنين؟، كيف أسلم حياتي بكل أموري لإلهي بالضبط مثل الخروف المستسلم لراعيه؟، كيف؟ سأقول لكم ثلاث كلمات، بمنتهى الاختصار نجد أن الذي يجعل الخروف يتبع الراعي ثلاث نقاط وهم :-
١- ثقته فيه .
٢- يراه باستمرار مطمئن .
٣- أنه يسمع صوته .
١- ثقته فيه : نريد أن نكون مطمئنين ونحن نسير مع ربنا يسوع المسيح ضع هؤلاء النقاط الثلاث في قلبك، فهو الراعي لك، لا يكن لديك شعور قوي جداً أنك أنت مسئول عن نفسك، لن تستطيع، لا تعرف، ليس في قدرتك، أنت لا تقدر، فأنت عندما تحمل ستجد الحمل يأخذك وتسقط، فماذا نفعل؟! لابد أنه هو يقودك، إلى مراعي خضر يربضني هو، فالخروف يسير خلف الراعي تقريباً، ويكون هو لا يعلم أين يذهب، لكن الراعي يقود الخروف، معروف عن الخروف أن بصره ضعيف، إمكانياته الفكرية قليلة جداً، ودائما وهو سائر ينظر إلى الأرض، لا ينظر إلى فوق، ولأنه لا ينظر إلى فوق غالباً تجده لا يعرف أين هو؟، لذلك يقال أن أسهل حيوان يضل الطريق هو الخروف، أسهل حيوان غير باقي الحيوانات والتي لديها وعي كبير جداً، فجميعنا نعرف أن القطة أو حيوان آخر من الممكن أحياناً أن يعود بمفرده من بلد لأخرى، فهي تعرف أن تربط نفسها بالمكان، لكن الخروف لا يمكنه ذلك، لكنه مطمئن أنه يسير خلف الراعي.
الثقة، أحبائي نحتاج جداً أن نثق في ترتيب وتدبير ورعاية الله لنا، نحتاج قليلاً أن نقول له يارب أنا لا أعرف، أنا لا أستطيع، يارب لتكن مشيئتك، يارب اجعلني دائما أتكل عليك بكل قلبي، كثير من الظروف محبطة، محزنة، مخجلة، أشياء كثيرة من أخطر حروب الإنسان منذ الدهر منذ القدم حرب الخوف، التوتر، القلق على غداً ويظل يزيد، ومثلما أنتم ترون الآن كل فترة تأتي ثورة، يأتي وباء، يأتي غلاء، ... إلخ، كل هذا يجعل الإنسان يشعر بالقلق، أقول لك صدق أن الحل في الثقة في الله، ليس في أنك تدخر نقود، أو أن تفعل أي شيء آخر أبدا، فالذي يدخر النقود يأتي بعد فترة ويقول لك تصور أن ثروتي انخفضت النصف دون أي تصرف خاطئ مني، جاءت لي من هنا ثم حدث ارتفاع الأسعار، إذن ما هذا؟! الذي تعب فيه عمره كله!، معذرة لأن الله يريد أن يقول لنا لا تتكلوا على الغنى أو على المال، ليس هذا الذي يعطيكم الاطمئنان، كن واثق في أنا، أنا الراعي الصالح، كن واثق في كلمتي، كن واثق في أنا، أحياناً الإنسان يريد أن يتخلص من تقلبات الزمن وضغط الحياة لكن أريد أن أقول لك هذا جزء من التدبير الإلهي لحياتنا، الله يقصد ذلك، هو يقصد ذلك، لماذا يقصد هذا؟ يقصد ذلك لأنه يريد أن يقول لك أنا أحاول أعمل معك عملية وأنت تعمل عكسها، بمعنى أني مثل غطاء يتحرك لشيء، أنا أظل أحركه في إتجاه أنه يفتح وأنت تظل تحركه في إتجاه أنه يربط، أنا أظل أفتح وأنت تظل تربط، الله يظل ينزعنا من الأرض، يمشي بالغطاء في هذا الاتجاه أن يفتح، لكننا ماذا نفعل؟! نريد أن نربط، هو يريد أن يفتح ونحن نريد أن نربط، نحن نريد أسفل وهو يريد أعلى، ثق فيه، أذهب خلفه، ثق فيه أنه إلى مراع خضر يربضك، قل له يارب أنت تعلم الصالح لي أكثر مني، يا رب دبر حياتي بحسب إرادتك، يارب لتكن مشيئتك، يأتي لك أصوات مخيفة، سوف تتعب قل له لتكن مشيئتك، لن يكون معك قل له لتكن مشيئتك، إذا حدث لك شيء قل له لتكن مشيئتك، أولادك لتكن مشيئته، هم أولاده هو، أجب على كل ما يقلقك بتدبير وإرادة الله.
٢- يراه باستمرار مطمئن : عينه عليه، طالما أنت عينك على المسيح لا تخف، لا تخف شاهد المسيح في كل تصرفاتك، ابحث عنه، اجعل دائما المسيح لا يغيب عن عينيك، ولا عن وعيك في أصغر الأحداث، وأنت تأكل فأنت تشاهد المسيح الذي يعطيك الطعام، وأنت تعمل فأنت تشاهد المسيح الذي يبارك في العمل، وأنت تنام تشاهد المسيح وهو يحتضنك وهو يستر عليك، وأنت في كل أعمالك شاهد المسيح، ابحث عن المسيح في كل عمل حتى في وجوه الناس ستشاهد المسيح، المسيح موجود لكن أعيننا هي التي لا تميزه وإدراكنا بطيء، الخروف يكون مطمئن جداً إذا رأى الراعي حتى وإن كان من بعيد، حتى إذا كان يجلس، أنا أريد أن أقول لك أنه يكون مطمئن حتى إذا كان الراعي نائم، هو مطمئن طالما هو عينه عليه، أجعل عينك على المسيح ولا تضل، "جعلت الرب أمامي كل حين، عن يميني كي لا أتزعزع" أنت يارب أمامي، وجهك يسير أمامي، كن يارب أمامي، أنا أقودك، بني إسرائيل في البرية كان يسير أمامهم، طالما هما يشاهدون العامود أمامهم فهم بذلك مطمئنين نحن نسير في الاتجاه الصحيح، رغم أنهم لا يعرفون كيف يسيرون؟ لم يعرفوا متي يصلوا؟ لكن طالما عينك على عامود السحاب دائما، عينك عليه دائما، شاهد، ابحث عن المسيح في كل أمر، ابحث عن المسيح في كل أحداث وأمور حياتك، ضع عينك عليه، عندما أعيننا تبعد عنه، عندما أعيننا تنحرف عن المسيح فنحن بذلك نسير في طريق آخر، نحن بذلك ضللنا.
٣- أنه يسمع صوته : من خلال الإنجيل، أحد القديسين يقول لك "لا تعمل عملا إلا ويكون لك عليه شاهد من الكتاب المقدس"، هل الذي تفعله تابع الوصية أم لا؟ نعم، أحب الناس، أخدم، أعطي، أقوم بتربية أولادي، أعمل كل هذا في إرضاء الله، كل هذا يرضي كلمة ربنا، اجعل كلمة ربنا أمامك باستمرار، سراج لرجلي كلامك نور لسبيلي، "الكلمة" أسمع صوته دائما، ما أجمل الشخص الذي لديه أذن تميز صوت الله، ما أجمل الشخص الذي يكون محفوظ بالآية، ما أجمل الشخص الذي يحفظ الآية والآية تحفظه، يسمع الصوت، الخروف عندما يسمع الصوت حتى إذا كان الراعي ينادي على أغنام أخرى لكن مجرد أنه يسمع الصوت يكون مطمئن، خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها وهي تعرفني، إذا أحضرت عدة قطعان من الخراف، وكل راعي قال كلمة فقط ينادي لهم تجد الخراف كلها تذهب تجاه صوت راعيها، فيعرفوه من صوته.
نحن أيضا كذلك، كلمة ربنا التي تحكمك للخلاص، كلمة ربنا التي تقود، كلمة ربنا التي ترشد، احذر أن يكون إنجيلك مغلق، احذر أن تكون أذنيك لا تسمع كلمة الله، احذر أن تسير بتفكيرك أو بمشيئتك أنت أو بكلام الناس، بل سر بالإنجيل، الذي يسير بالإنجيل يقول له مستعد قلبي يا الله مستعد قلبي، ما الذي يحكمك؟ تحكمك الآية، لك دستور إلهي، الناس تفعل، الناس تذهب وتأتي، يسخرون من بعضهم، يأخذون من بعض، وتائهين، أنت بكلمة الله، أنتم الذين بكلمة الله محفوظين، الخروف مطمئن لصوت الراعي ، مميز صوت الراعي، يسمعه ، يتبعه، ثلاثة نقاط، ثلاثة أمور يعطوا لنا الطمأنينة في وسط هذا الزمن الصعب وهم الثقة، الرؤية، السمع، ثق في قيادته ولا تكون متردد، ثق، سلمنا فصرنا نحمل، طوبي لجميع المتكلين عليه..
١- ثق .
٢- أبحث عنه في كل عمل فعندما تراه تطمئن .
٣- اسمع صوته فتتبعه .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .