الصلاة الوداعية

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح 17 الذي يقال عنه الصلاة الوداعية، كل ما في قلب ربنا يسوع المسيح تجاهنا ركزه في هذه الصلاة، قال "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني، ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد"، ما معني هذا الكلام؟ هو يريد أن يقول له أن البشرية التي أعطيتها لي لكي أخلصها أريد أن أكون أنا واحد معها، وفي نفس الوقت أنا واحد معك أيها الآب، فأصبح أنا والبشرية واحد معك، الذين أعطيتهم لي أريد أن أكون أنا وهم واحد، وبما أنني أنا وهم واحد، وأنا وأنت واحد فيكون أنا وهم وأنت واحد.ما في قلب الله لنا يا أحبائي وما في قلب ابنه ربنا يسوع المسيح لنا ألا نرجع فقط إلى رتبتنا الأولى قبل السقوط بل وأكثر، نحن كنا واحد مع الآب، ولكن كنا واحد كأننا نعيش معه، ربنا يسوع بعد التجسد والفداء والصليب والروح القدس لا يريد أن يكتفي أننا نصبح معه، لا بل ونكون فيه، هناك فرق بين أننا نكون معه لكن نصبح فيه، هذا هو ما فعله ربنا يسوع المسيح، نحن في البداية خلقنا على غير فساد لنبقى إلى الأبد معه، ثم دخل الموت للعالم بحسد إبليس وطردنا فبذلك لم نصبح واحد معه، لم نصبح معه لكن أصبحنا مطرودين، جاء ربنا يسوع المسيح وقال إذن أنا لكي أرجعهم مرة أخرى فماذا أفعل؟ أخذ جسدنا فأتحد بنا، فأخذ جسدنا واتحد بنا لكي ما يعيدنا إليه، اتحد بطبيعتنا البشرية ليقدسها ويوحدها فيه، وبما أنه هو واحد مع الآب صرنا نحن فيه واحد مع الآب، يا لها من كرامة يا أحبائي والمجد الذي أخذناه نحن بواسطة عمل ربنا يسوع المسيح لنا، نحن أغنياء جداً، قديسين جداً، أبرار جداً، واحد مع الآب، كل هذا قال نعم، المجد الذي أنت أعطيته لي يارب اعطيه لهم، نفس الكرامة التي أعطيتها لي أنا أعطيها لهم، نفس المكان الذي أنت أعطته لي أعطيه لهم، نفس الوحدة التي بيني وبينك أعطيها لهم، إلى هذا يارب نحن غاليين لديك، قال لك نعم بالطبع، فأنتم خليقتي، أنتم سروري، أنتم إكرامي، أنتم مجدي، أنا أريد أن أتمجد بكم، أرجعكم مرة أخرى، عدو الخير يا أحبائي حاول أن يطمس أعيننا لهذه الكرامة ويحاول أن يجعلنا فقراء ونحن أغنياء، يحاول يجعلنا أشرار ونحن أبرار، يحاول يجعلنا من الأرض ونحن من السماء، يحاول يفصل الوحدة التي بيننا وبين الله، قال لك لا بل أنا أريد أن يكونوا واحد، ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد، فكيف يارب وحدتنا بك؟ قال لك أنا كل الأدوية المؤدية للحياة أعطتها لك، لكن أنا أقول لك على ثلاث عطايا بهم صرنا واحد معه.
١- التجسد .
٢- التناول .
٣- الروح القدس.
أعطانا هؤلاء الثلاثة الذين يضمنوا أننا نظل ملتصقين به، يضمن أننا داخله، يضمن أننا متحدين به.
١- التجسد :
بالتجسد أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له، أخذ جسدنا واتحد به وشاركنا فيه، اذ تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أخذ جسد قابل للموت، آخذ جسد ضعيف، قابل أن يجوع، يعطش، يتعب، يحزن، أخذ جسدنا، يا لكرامتنا منذ أن أخذ المسيح جسدنا، يا للمجد الذي أخذناه منذ أن أخد المسيح جسدنا، مثلما يقول لك شخص أنا رئيس الجمهورية مثلاً قام بزيارتي في منزلي، وأنه قد جلس وأكل معي، فهو يظل يتذكرها طوال العمر، كذلك الله أخذ جسدنا، فماذا فعل؟ بارك طبيعة الإنسان واتحد بالإنسان، ولم يكتفي أن يكون الإنسان معه ولكن أراد أن يكون الإنسان فيه.
٢- التناول :
قال لك ولكي أضمن أنك تظل في هذه الوحدة أنا أخذت جسدك فأنا أيضا أعطيك جسدي، لكي يدخل جسدي داخلك، يتحد بك، يصبح واحد معك، وتصير أنت واحد معي وأنا واحد معك، يا للوحدة!، فهو قال "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا أيضا فيه"، فأعطانا التجسد وأعطانا التناول، لكن عندما نتحد نحن به في التناول ماذا نأخذ؟ هل نأخذ جسد فقط؟ لا بل جسد متحد باللاهوت، ونأكل ويصرخ الكاهن ويقول "وجعله واحداً مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير"، ويصرخ ويقول "هذا هو بالحقيقة آمين" ويقول "آمين آمين آمين"، ويجيبه الشماس قائلا "آمين آمين آمين"، ونظل نؤكد أن الذي ناكله ويدخل لداخلنا هو جسد ودم حقيقي ليسوع المسيح ابن إلهنا، فنتحد به ويتحد بنا، وهذا لأنه يريد أن يأخذنا معه في نفس مجده عند الآب، يا للكرامة، يا للكرامة!.فنحن عندما نأتي لندخل السماء يا أحبائي لن ندخل بأعمالنا ولكن سوف ندخل لأننا متحدين به، المشكلة إذا تركناه، المشكلة إذا نحن فقدنا هذه البنوة، فقدنا هذه الوحدة ثم أعطانا أيضا الروح القدس لكي يحل علينا.
٣- الروح القدس :
أعطانا الروح القدس هل ليحل علينا؟ قال لك لا بل ليسكن فينا، ليس فقط يحل من خارج، فأصبح أنا داخلي جسده ودمه وداخلي الروح القدس، فأكون أنا واحد معه، وواحد مع الآب، وهذه شهوة قلب الله للكنيسة ولجماعة المؤمنين أن نكون واحد معه.
لذلك يا أحبائي هذه الكرامة والمجد لا يليق به أنه يشاهد مناظر لا تليق، أو يقول كلام لا يليق، أو عينه تكون على الأرض، أو يكون منغمس في شهواته، لا فهو أعطى لنا كرامة تليق بالسمائيين، تصور عندما يكون هناك شخص والده ترك له حساب في بنك كبير جداً وهو لا يعرف، يقولوا له هذا الحساب باسمك، هذا به رصيد كبير جدا جدا جدا جدا، أنت كيف لا تعرف؟ أنا لم أكن أصدق فأنا كنت أراه شخص بسيط، لم أكن أتخيل، لا يا حبيبي بل أنت غني، أنت غني جداً، أعطاك رصيد بر، قداسة، طهارة، حب، غفران قد لا تصدقه، أعطيتك طهارة غير محدودة، لكن المهم أنك تستثمرها.
لذلك يا أحبائي وحدتنا مع المسيح في التجسد، وفي التناول، وفي الروح القدس، تضمن لنا سلامتنا وتضمن لنا مكان جميل في السماء، بمجرد أننا نكون واحد معه، بمجرد أننا نتحد به.أختم كلامي بموقف حدث ذات مرة قد يكون منذ عشرة سنوات تقريباً، أنه جاء زيارة للكاتدرائية المرقسية لدينا هنا بالإسكندرية بطريرك أريتريا، وكان ميعاد هذه الزيارة الساعة السادسة وكنا نحن الآباء الكهنة ومجموعة كبيرة من الشعب نجلس منتظرين في الكنيسة ولكنه لم يحضر وظللنا ننتظر إلى أن تم إخبارنا هاتفياً أنه ذهب لزيارات كثيرة وذهب إلى دير مارمينا ولكنه سوف يأتي لكنه سيتأخر قليلاً، فجلسنا ننتظر وبدأ الشعب يشعر بالملل ويخرج في فناء الكنيسة، أصبح هناك توتر وعدم تنظيم، في النهاية جاء هذا البطريرك ومعه وفد كبير حوالي أربعون أو خمسون شخص، فأبنائنا في الكشافة لكي يقوموا بالتنظيم اصطفوا عند مدخل الكنيسة الذي هو الممر في المنتصف لكي يمر البطريرك والوفد الخاص به، بينما كل الشمامسة والإخوة المصريين يمروا من الجانبين إذا كانت سيدة أو رجل يدخلون من الجانب الخاص بهم بحيث أنهم يدخلون في أماكنهم والبطريرك الأريتيري ووفده يدخلون مع بعضهم، لكن كيف عرفت مجموعة الكشافة الوفد الإريتري؟! لأنهم سود الوجه، سود جداً، فأي شخص أسود الوجه جداً يدخل من المنتصف، يعرف هو من يتبع، يقولون له تفضل حضرتك، وهكذا نحن ندخل معه طالما نحمل ملامحه، تفضل أنت معه، أنت ابن الملك تفضل، أنت لا أحد يستطيع أن يمنعك من الدخول، مجرد أنك معه فقط ليس مطلوب منك أنك تقول لنا أي شيء، أنت معه، ظل معه، كن معه ستجد رائحته جاءت فيك، ملامحه جاءت عليك، تصرفاته، أقواله، أفعاله أصبحت فيك.لذلك قال لك أنتم رائحة المسيح، فتجد علامة المسيح الذي فيك هي شفيعة لك تدخلك السماء وتقول لك تعالى أنت ابن الملك تعالى اجلس عن يمينه.ربنا يعطينا نثبت فيه، هو جاء لنا بتجسده، أعطانا جسده، أعطانا الروح القدس لنثبت فيه، لنكون واحد فيه، واحد مع الآب، ونأخذ نفس المجد الذي أخذه هو من الآب.يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .

عدد الزيارات 267

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل