لماذا أنت عايش؟

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا لوقا،وتعيد الكنيسة بتذكار استشهاد شخص وزير اسمه واسيليدس،هذا الوزير يشهد للمسيح والملك دقلديانوس قد أصدر أمر باضطهاد المسيحيين، تعذب بأنواع عذابات كثيرة قاسية جداً واحتمل، وفي النهاية أمروا بقطع رأسه نقطة بسيطة نقف عندها لأن كل منا يحتاج أن يسأل نفسه لماذايعيش؟ ستجدأن شخص مثل واسيليدس لديه كل الأشياء التي نريدها،أي المال، المركز، السلطة، الإمكانيات، الكرامة،ومن الممكن أن الفرد يعيش حياته كلها لكي يصل لهذه الممتلكات وينتظرها،و يظل ينتظر هذه الأمور٢٠ - ٣٠ سنة يجمع مال، يجمع مال ويريد أيضاً سلطة،يريد أن يكون مشهور، تخيل أننا نعيش حياتنا كلها في هذه الخدعة، ونقضي أيام وشهور وسنين لكي نجمع مال ونصل لسلطة ونصل لكرامة ونصل لمركز معين الكنيسة تقدم لنا نماذج كثيرة جداً داست على هذه المباهج، وغلبت كل هذه الأمور،مثل اليوم القديس واسيليدس فهو كان وزير وأخته كانت زوجة الملك،فهو بذلك أيضا يعتبر لديه مكانة تعطي له كرامة وفيها تميز، لكن عندما يفحص الشخص نفسه قليلاً يقول لكن ماذا آخذ بعد كل هذا؟، وماالذي استفاد؟،وما الذي يرجعله؟ تجدأنه في النهاية يشعر أن المسيح أفضل جداً،يقولوا له انكر الإيمان فيقول أبدا لا يمكن أن أنكر إيماني،يقولوا له سوف نعذبك يقول نعم عذبوني، لماذا؟! يقول لأن العالم يصغر جداً أمام من اكتشف المسيح، طالما نحن لازلنا لم نكتشف المسيح يا أحبائي في حياتنا،ومركزه الفعلي،وكرامته الفعلية في حياتنا،واهتمامنا به،ومشغوليتنا به،يظل العالم كبير جداً في أعيننا،والدنيا كبيرة جداً، الإمكانيات هي أقصى ما نتمناه، أسأل نفسك سؤال أمين أمام الله الآن ما هي أقصى أهدافي؟سوف تجد نفسك لديك طموحات كثيرة في جمع المال،جمع المركز،جمع المناصب،غيرمكتفي،غيرشبعان،ليس لديك انتهاء، تظل تسعى ثانية وأكثر،تسمع ما تسمع ويقولوا لك ما يقولوا لك وتظل كما أنت،ما هذا الكلام؟!
هذا مركز الحياة، الإنسان الذي يجعل مركز حياته في أمور تزول هو إنسان مخدوع،حقا هو إنسان مخدوع، أحد الآباء قال "من اكتفي بالعالم ونفسه أنكر على نفسه أنه لا نهائي"، الذي يكتفي بالعالم لايشبعه العالم، الحكيم قال "ما من شيء اشتهته عيني وأمسكته عنهما"، لا يوجد أبدا،لا توجدلذة أبدا عشت في هذه الدنيا وقلت كلمة أتمناها، لايوجد أمور أتمناها، وصل لدرجة أنه لا يتمنى شيء، وفي النهاية قال "باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح"، ماذا قال؟ قال ليس شيء،إذن هذه الفكرة هل الإنسان لا يتعلم منها؟!،معلمنا بولس الرسول قال لك "ما كان لي ربحاً" الذي كنت أولا أفتخر به،بالمنصب والعائلة والكرامة،حيث أن بولس كان من عائلة كبيرة،كان مثقف جداً،متعلم جداً، ولو كان بولس الرسول قد أكمل حياته كحياة عادية لكان وصل لمنصب كبير جداً دينياً ومدنيا،أي أنه كان يمكن أن يكون له منصب كبير في رئاسة الكهنوت، وكان يمكن أن يكون له منصب كبير في البلد لما له من إمكانيات وثقافات ولغات، مميز جداً، لكن في النهاية قال لك "ما كان لي ربحاً"، الذي كنت زمان أفتخر به حسبته نفاية من أجل فضل معرفة المسيح،بمجردأن المسيح يكبر في حياة الإنسان تجد العالم يصغر، هذا هو المثل الذي قاله ربنا يسوع المسيح على الجوهرة المختفية في الحقل،طالما أنا لا زلت لم أرى الجوهرة المخفية في الحقل أنا متمسك بالحقل، أنا كياني من الحقل، أنا أمالي كلها في الحقل، أحلامي كلها في الحقل، لكن بمجرد أن أجد الجوهرة أقول يكفي،وجدت الكنز أخبئها،أخبئها ماذا أفعل؟!أبيع ممتلكات كثيرةلكي نأخذ هذه الجوهرة،طالما نحن لازلنا لانكتشف المسيح كجوهرة فنحن نشعر أن الحياة معه خسارة ولن نربح شيء،على العكس تكون الحياة في المسيح، أحياناً الإنسان ينظر إليها على أنها بعض القيود، يقول لك أعطي، سامح،اغفر،ادفع، عش مسكين،لا تطالب بحقك،تجدمتاعب كثيرة مثل مساكين بالروح، يكلمك عن طوبى لكم إذا طردوكم وعيروكم، فهو كلام محزن،لأن الإنسان لم يجد المسيح، وعندما لا يجد المسيح يحسب أن الوصايا ثقيلة، ويحسب أن الحياة معه خسارة،بمجرد أن يجد المسيح يقول لا أبدا فأنا اكتشفت الأبدية، أنا ارتفعت فوق الزمن، أنا ارتفعت فوق المال، أنا ارتفعت فوق السلطان، هذه السلاطين لا تدوم،مثلما تقول لنا الكنيسة في مديح القديسين مكسيموس ودوماديوس يقول "بدأوا بخلع التيجان، ورميها من فوق الرؤوس، محبة في ملك السماوات"، كلنا نتشفع بالقديس العظيم مار جرجس، كلنا نتشفع بالقديس العظيم فلوباتير الذي يقول لك خلع النياشين وألقاها،وهي الرتبة التي تأخذ الناس فخر منها، تخيل عندما يكون رجل لواء أو منصب كبير، والرتبة التي على كتفه تعطيه تميز وفخر، وهو يلقيها ويقول خذها أنا لا أريدها، متى يصل الإنسان لذلك؟الذي وجد المسيح،ولكن ماذا أفعل لكي أجد المسيح؟ صدقني هو طوال النهار يطرق على الباب، طوال النهار يحدثنا،أنت إذا رفعت أعينك إلى فوق تراه،إذا رفعت أعينك على المذبح تراه،إذا دخلت داخل قلبك تراه،إذا دخلت داخل الإنجيل تراه،إذا دخلت داخل سير القديسين بوعي وصدق وأمانة تراه،فهوغير مختفي عنا أبدا،أحد القديسين قال "ليس هو بعيد عنك ذاك الذي تتعب في البحث عنه كل أيام حياتك،أنه داخلك" أين هو؟! داخلك لكن للأسف لم تعطيه فرصة للدخول داخلك بسبب غلبة العالم، واسيليدس العالم صغر أمامه جداً، صغر جداً بمجرد أن رأى الجوهرة الأكبر،كان هناك شاعر منذ زمن طويل اسمه"جبران خليل جبران"، جبران كان كاتب يقول لك (أنا وأنا صغير وأنا شاب كان العالم يشدني جداً،كنت مولع جداً بالعالم،ومولع جداً بكل ما هو مقتنيات وكل ما هو اختراعات وكل ما هو جديد - وبالطبع هذا هو الطبع البشري فينا جميعاً -فقال كنت أرى هذا العالم ضخم جداً وكأنه بحر كبير جداً وأنا نقطة تافهة صغيرة جداً على شاطئ بحر العالم الكبير، قال لك لكن عندما كبرت وعندما تذوقت المسيح وعندما دخلت في اختبار الحياة مع المسيح وعندما شاهدت نور المسيح وعرفت كم هي كرامتي في المسيح يسوع تغيرت الدنيا معي) ،تغيرت معك فماذا أصبحت؟! قال لك تغيرت تماماً معي،قال لك أصبحت على العكس،وما هو العكس؟! قال لك أصبحت أنا الشيء الكبير جداً، أصبحت أنا شخص لانهائي،أصبحت أنا الإنسان الذي لا يقدر بثمن وهذا العالم كله مثل حبيبة رمل على الشاطئ الذي هو أنا، أصبحت أنا أكبر من العالم، هذا هو الذي قاله ربنا يسوع المسيح "ثقوا أنا قد غلبت العالم"قال لنا ذلك أنتم سوف تغلبوا العالم، أنتم سوف تغلبوا الأشياء التي في العالم، أنتم سوف تدوسوا عليها لأن داخلكم نعمة أغلى داخلكم جوهرة غالية كثيرة الثمن،من وجد المسيح وجد كل شيء ومن لم يجد المسيح فقير لكل شيء، أي أنه لم يجد أي شيء لذلك يا أحبائي عندما تقرأ لنا الكنيسة سير شهداء مثل اليوم ثلاثة فلاحين عائدون من عملهم وجدوا أريانوس الوالي وكان قد قضي على مسيحيين مدينة أسنا بأكملها وأخذ أسقفه االأنبا أمونيوس أسير معه لمزيد من إذلاله،يأخذونه معهم من أسنا إلى أسوان، وفيما هو يذهب وجد ثلاثة عائدون من عملهم وقالوا له نحن مسيحيين، فقال الجنود يكفي ذلك فقد شعرنا بالملل وقتلنا البلد بالكامل، يكفي فقد أتعبتنا أيدينا، وسيوفنا أصبحت غيرحادة ووضعناها في غمدها، قرأت اليوم في السنكسار يقول لك قالوا لهم خذوا فؤوسنا واقتلونا بها، أميتونا بها، العالم يصغر جداً أمام الذي وجد المسيح،ليس فقط العالم لكن الحياة نفسها، الأيام نفسها، الممتلكات نفسها، كلما وجدنا المسيح كلما وجدنا ما هو أثمن من كل ما نحيا من أجله،فنحيا لأجله ولأجله فقط لنقتني الجوهرة الغالية الكثيرة الثمن ربنا يكمل نقائصنا يسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائمًا أبديا آمين .