مكانى فى السماء

نحن في الأسبوع الخامس من الخماسين المقدسة ويوم الخميس القادم سيكون عيد الصعود، فالكنيسة تمهدنا أننا نكون معه، تمهدنا أن مكاننا الحقيقي يكون فوق ما المقصود بفوق؟ أي بجانبه، فهنا يقول "أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني"لماذا؟!"ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد"ما المقصود بكلمة "نحن"؟ أي الآب والابن، تخيلوا أن ما في قلب ربنا يسوع بالنسبة لنا أننا نكون واحد معه مثلما هو واحد مع الآب، تخيل مقدار كرامتنا لديه، تخيل مقدار محبته لنا،يقول لك أنا أريدكم تكونوا واحدا معي كما أن أنا والآب واحد، وكأنه يريد أن يدخلنا داخل هذه الشركة المملؤة مجد، المملؤة نعمة،المملؤة بركة، يقول لك تعالى أنا أريدك تكون في أنا وفي الآب، ثم يقول "أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد، وليعلم الجميع أنك أرسلتني وأني أحببتهم كما أحببتني"، أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونوا معي حيث أكون أنا إلى هذا المقدار أنت تمجدنا يارب!.
في حقيقة الأمر يا أحبائي أشياء كثيرة جداً إذا الإنسان أدرك فيها ما يريد الله له وعمل الله له يشعر بالخجل،يقول هل من المعقول يارب أنك تريد مني كل هذا!، هناك قديس اسمه القديس باسيليوس يقول أننا من فرط عطاياه صرنا لا نصدق، كأن شخص أعطاك هدية ذهب باهظة الثمن جداً فمن كثرة أنك لا تصدق تشك إذا كانت ذهب أم لا!،من فرط عطاياه صرنا لا نصدق،هو يقول لك تعال معي تكون بجانبي،تكون واحد في كما أنا واحد في الآب، أنا أحببتهم يكونوا معي، أنا لا أريدهم فقط معي لكن أنا أريدهم يكونوا في، هناك فرق بين أنك تكون معي وأنك تكون داخلي،هل كل هذه الكرامة يارب أنت تريد أن تعطيها لنا؟! يقول لك نعم، فلماذا أنا جئت إذن؟، الإنسان في طبعه الأول ممتلئ بالشر، ممتلئ بالانفصال عن الله، ممتلئ غرائز،ممتلئ شهوات،قال لك هذا "أنتم الذين كنتم قبلا"، ماذا كنتم؟ قال سالكين في الشرور، في الدعارة، في النجاسة، أنتم الذين كنتم مطرودين من حضرة الله، الإنسان بطبعه متمرد، الإنسان بطبعه عاصي، الإنسان طرد نفسه من الوجود في حضرة الله، فصار حتى غير مستحق لسكنى الأرض،الإنسان الغير مستحق حتى لسكنى الأرض سعى إليه الله، ونزل إليه إلى الأرض،وأتي إلى العالم ليرفعه إلى السماء ليرد ابينا آدم وبنيه إلى الفردوس، لاحظ المجد "كراع صالح سعيت في طلب الضال، كأب حقيقي تعبت معي أنا الذي سقطت"، قلت لي تعال،تعال، يقول لك أنا قد ابتعدت ولن أستطيع ولا أحب ولا أعرف، يقول لك تعال أنا سوف أردك، أنا سوف أجمعك مرة أخرى، أنا أرد لك كل ما فقد منك، أنظر ماذا يفعل الله في الإنسان!، صدقوني يا أحبائي نحن إذا أدركنا محبة الله لنا نخجل، إذا أدركنا مقدار الكرامة التي لدينا بالنسبة لله تقول أنا لم أكن أعرف هذا،أنا لم أكن أعرف أنني غالي عندك جداً هكذا،جئت تقول أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني، أي أنت يارب تريد أن تمجد الإنسان والبشرية وتريد أن تمجد كل أحد فينا مثلما الآب يمجد الابن إلى هذه الدرجة!، شاهدوا كم يكون مقدار مجد الابن عند الآب يقول لك أنت أيضا مجدك مثل مجد الابن عند الآب، وأريدك تكون معي مثلما أنا مع الآب، وأريد أن يكون فيك نفس الحب الذي يحبه الآب للابن، ويريد أن يكون فينا وحدة كمانحن واحد، أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد، ما هذا العجب لعمل الله، لذلك يقول لنا معلمنا بولس "وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" قال لنا هيا تعالوا،تعالوا اجلسوا معي فوق هذا مكانكم، تعالى لتعلم أنه عندما تجسد المسيح كل أحد منا أصبح جزء داخل جسده، أعتبر نفسك مثلاً أنك أنت عقلة من أحد أصابعه، فعندما يذهب إلى مكان تكون أنت معه،هو يجلس أنت معه، عندما مات أنا كنت معه، كنت فيه عندما مات،وعندما قام أنا أيضا كنت فيه، إذن الموت معه والقيامة معه،وعندما صعد أنا أيضا كنت معه، إذن نحن فيه، عندما نكون نحن فيه هو أصعدنا معه إلى فوق، أجلسنا معه في السماويات، هل تعلم عندما يقول لك جلس عن يمين أبيه ماذا تعني؟ تعني جلسنا عن يمين أبيه، قال لك تعالى أنا لن أذهب إلى يمين أبي لكي أتمجد أنا لأنني من الأساس ممجد، هل أنا أنتظر مجد؟!، هل أنا أحاول أثبت أنني أقوي من الموت؟!،أنا أقوي من الموت بالفعل، أنا رئيس الحياة،أنا معطي الحياة، فمن أجل من أنا قمت؟ قمت لأجلكم أنتم، لماذا أنا اجلس عن يمين الآب؟! لكي أعطيكم أنتم هذه المكانة،لكي أجعل لكم مجدي أنا،مجدي أنا يكون مجدكم أنتم عند الآب،قال "نعم أني أحببتهم كما أحببتني،أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونوا معي حيث أكون أنا"على سبيل المثال عندما يريد شخص الذهاب إلى حفلة أو رحلة أو يذهب إلى مكان ما يأتي ليحجز فيقولوا له تم الحجز فما اسم حضرتك؟ يقول (فلان) فيخبروه بقيمة الاشتراك يقول لا ولكن أنا لن أذهب بمفردي أنا معي زوجتي وأولادي، نحن عشرة أفراد، لنفترض أنهم قال له لا يوجد مكان لعشرة أفراد يقول إذن أنا لا أذهب هذه الرحلة أنا لابد أن أخذهم معي جميعاً أنا أذهب مع أولادي،هو كذلك، أيضاً ربنا يسوع فعل ذلك عندما جاء لكي يردنا، جاء لكي يأخذنا جميعاً وجهز لنا هناك مكان، هو قال ذلك "أنا ذاهب لأعد لكم مكانا، وحيث أكون أنا تكونون أنتم"، من يصدق عطايا ربنا هذه، من يصدق كرامتنا هذه عند الله ومحبة الله لنا، عدو الخير يريد أن يخدعنا يقول لك أنت سيء، أنت خاطئ،أنت مرفوض، أنت الله لا يحتمل مجرد رؤيتك، تقول له كيف؟! كيف وأنا ابنه! مهما كان أنا ابنه، نحن يا أحبائي ليس علينا أن نثبت لربنا أننا جيدين لا نحن نريد أن نقترب له كأبناء، وهو قادر أنه يقبلنا كأب لنا، ونقول له اقتنينا لك يا الله مخلصنا لأننا لا نعرف آخر سواك، كل يوم نقول له يا أبانا الذي في السموات، أنت أبي،أنت تكون معي، أنت تسندني،وأنت تضمن لي مكان،وأنت حجزت لي مكان، وأنا أعيش مطمئن ليس لأنني جيدلكن لأنني ابنك، أنا متأكد أنني ابنك فأنت أيضاً لا تتركني لذلك عندما نكتشف كرامتنا لله أمورهذه الدنيا تصغر وتضمحل،عندما أعرف أنني لدي قصر كبير، عندما أعرف أنني غني جداً، عندما أعرف أنني لدي كرامة كبيرة جداً عند الله أنا لا أنتظر كرامة من الناس، ولا أنتظر مكان من الدنيا، معلمنا بولس قال "إن كان لنا قوت وكسوة فل نكتفي بهم"، أي مكان وأي شيء إلى أن نلتقي، إلي أن نتمكن من مكاننا الذي هو النصيب، قال لك "تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم قبل إنشاء العالم"، تعالوا رثوا المكان الذي جهزته لكم، لاحظ شكل كرامتنا عند الله، شاهد ما في قلب الله بالنسبة لنا،قال لك نعم فهم أولادي لا أتركهم، هم أغنياء، أنا أريد أن أرفعهم، أنا أريد أن أمجدهم، أنا أريدهم أن يصبحوا من ساكني السماء أحياناً نحن يا أحبائي لا نصدق عطايا الله وبركات الله لنا،يكون تفكيرنا أننا مطرودين، أننا ليس لنا مكان في السماء، وأننا مثل باقي الناس نعيش لنأكل ونشرب فقط يقول لك لا انتبه، نحن شكلنا مثل شكل الناس،نحن نعيش حياة البشرلكننا في الحقيقة لسنا مثل باقي البشر، نحن مختلفون، نحن ورثة الملكوت، نحن أبناء الملك المسيح الذي فدانا، وجدد طبيعتنا وغيرنا، وتعب من أجلنا جداً،وأتى إلى العالم، وأخذ شكل العبد،ووضع نفسه وأطاع حتي الموت موت الصليب،لماذا؟ لكي يرفعنا إليه،نحن أحياناً لا نستوعب كل هذا الكلام، ذات مرة أحد الآباء يقول تشبيه يقول لك تعلم عندما يحضروا نسر ويقوموا بتربية داخل قفص للدجاج، فينمو النسر على أنه دجاجة، حبيبي لكن أنت لست دجاجة،أنت تطير فوق جداً أنت نسر، لكنه تربى داخل قفص دجاج،لا بل نحن لابد أن نعرف أن شكلنا يمكن أن يكون قليلاً يشبه أهل العالم لكن الذي داخلنا ليس كذلك بل الذي داخلنا أقوى بكثير، أغلى بكثير، أثمن بكثير ربنا يعطينا يا أحبائي أن ندرك كرامتنا عنده ليست التي لم نأخذها بعد، لا بل نحن أخذناها بالفعل،شاهد عندما يقول لك أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني عندما أنا أدرك هذا فلا أتكبر، أتكبر بماذا هذا مجد منه هو، ليكونوا واحد كما أننا نحن واحد أنا فيهم وأنت في، ليكونوا مكملين إلى واحد، إدراكنا لهذه الأمور أخر شيء أقوله لك فهل إذا أنا أهملت هذه الأمور،إذا أنا لم أفعل بها أكون مثل الذي معه كثيراً جداً جداً وأضاعه،أي أن كل الكلام الذي نقوله يكون كلام جميل جداً وحلو جداً ويمكن أن يرفع معنوياتنا جيداً، لكن ماذا يحدث إذا لم نفعل به، تصور أن معلمنا بولس الرسول يقول آيتان قال لك "كم تكون عقوبته أشر" من هذا؟! قال لك "الذي ازدرى بروح النعمة"، وقال كلمة أخرى قال "كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصا هذا مقداره" لذلك يا أحبائي نحن لنا أننا باستمرار نمجد الله الذي ردنا، الذي أعطانا كرامة،الذي ينتظرنا في السماء، ونعيش كأبناء له خاضعين، نعيش تابعين له بكل قلوبنا، ونحن واثقين أنه يجهز لنا مكان حيث يكون هو ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائمًا أبديا آمين .