الست العدرا والكنيسة والنفس البشريّة

Large image

أيام أُمنّا الست العدرا أيام مُفرحة وكُلّها بهجة وكُلّها سرور وكُلّها بركات وتعزيات ، فإن جعلنا الصيام شهر شهرين ثلاثة فإنّ الإنسان سيكون فرحان ، وسنجد أنّ الناس ستأتىِ للكنيسة وسيكونوا حريصين جداً على حضور النهضة ، فالناس كُلّها تُحب الست العدرا وبإستمرار نحنُ بنُشعر أنّها فىِ وسطنا تُفرح قلوبنا فىِ الحقيقة أحب أن أتكلّم معكُم اليوم فىِ موضوع مُهم لحياتنا ، وسيكون فىِ صورة مُقارنة بين الست العدرا والكنيسة والنفس البشريّة والتى هى أنا وأنت سأتكلّم كيف أنّ الست العدرا هى صورة ونموذج للكنيسة ، وما يُقال على الست العدرا ينطبق على الكنيسة وعلى النفس البشريّة سأتكلّم بنعمة ربنا فىِ خمس نِقاط تربُط الثلاثة معاً :-

1- الست العدرا والدة الإله:-
كُلنا نعرف أنّهُ من ألقاب الست العدرا المحبوبة جداً فىِ الكنيسة أنّها والدة الإله ، أو كما يقول القديس كيرلُس الكبير عنها أنّها " ثيؤطوكوس أى والدة الإله " ، والكنيسة تُحب أن تُعطىِ لكُل قديس صفة فتقول عن الست العدرا " وبالأكثر القديسة المملوءة مجداً العذراء كُل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم " فهى التى ولدت لنا الله الكلمة بالحقيقة ، فهى التى أحضرت لنا المسيح على الأرض ، هى التى قدّمت لنا أعظم هدية فىِ الوجود ولذلك نحنُ نُكرّم الست العدرا كوالدة الإله لأنّها حملتهُ فىِ أحشاءها ، ولأنّها قدّمت لنا الخلاص عن طريق إبنها ، وقدّمت لنا الصُلح عن طريق إبنها ، فالكنيسة كُلها والأجيال تُكرّمها كوالدة الإله فالإنسان عندما يتأملّ فىِ حال البشريّة قبل الست العدرا يرى كم أنّها كانت فىِ ظُلمة وضلال " الشعب الجالس فىِ الظُلمة أبصر نوراً " " الآب إطّلع من السماء فلم يجد من يُشبهك 0 أرسل وحيدهُ أتى وتجسدّ منكِ " فالست العدرا هى الوعاء الذى جاء فيهِ ربنا يسوع المسيح ، فهى التابوت العقلىِ هى التى حملت الله الكلمة ، هى العُليقّة التى لم تحترق من اللاهوت ، هى التى أحضرت لنا ربنا يسوع الذى أعطانا نموذج للإنسان البار ، وكيف أنّهُ يحيا فىِ وسط العالم الست العدرا هى التى شجّعت السماء بأن تتهللّ وتقول " المجدُ للّه فىِ الأعالىِ وعلى الأرض السلام وفىِ الناس المسرّة " ، هى التى جعلت الأرض سماء ، هى التى جعلت مزود البقر بدلاً من أنّهُ مكان دنس ومكروه صار موضع إشتياق السماء والأرض ، ويُقدّم فيهِ هدايا هى التى ولدت لنا الله الكلمة ، وحملت لنا إمومة لكُل البشريّة فصارت أُم للجميع ، صارت أُم لنا كُلنا بالروح ، فإن كانت هى والدة الإله إلاّ أنّها أُم لنا جميعاً ولذلك نُخاطبها فىِ الأجبية ونقول لها " لأنّكِ أُم قادرة رحيمة مُعينة " فنحنُ نُحب أن نستخدم معها لقب " أُم " ، فهى صارت أُم لجميع الأحياء المُخلّصيين بإبنها ربنا يسوع المسيح ، وصارت تشفع فينا جميعاً ، ففىِ عُرس قانا الجليل تشّفعت كأُم ، وأمومتها لا تحتمل أى إحتياج لأبناءها لأنّها أُم ونجد الكنيسة أيضاً قدّمت لنا ربنا يسوع المسيح وهى تحمل على مذبحها ربنا يسوع فالكنيسة قدّمت لكُل نفس ولكُل البشريّة ربنا يسوع المسيح وتهتف وتقول " هوذّاكائن معنا الآن عمانوئيل إلهنا " ، فالكنيسة مسئولة أمام العالم بأن تُقدّم المسيح ، وأن تشفع فىِ المؤمنين ، فكما أنّ الست العدرا والدة الإله تُقدّم المسيح وهى أُم أيضاً الكنيسة تُقدّم المسيح وهى أُم لنا جميعاً القديسين يقولوا أنّ الكنيسة لها رحم وهى بتلد منهُ ، والرحم هو المعمودية الذى تُحضر فيهِ المؤمنين ، فهى طريقة فائقة وهذا أمر روحانىِ الكنيسة أيضاً أُم لنا وهى كيان روحىِ ، ولذلك نحنُ بنفتخر أنّ الكنيسة أُمنّا فهى بتهتم بنا وتهتم بضعفاتنا ، وأنت فىِ مرضك الكنيسة تُصلّىِ لك صلاة مسحة المرضى ، وفىِ أى مُناسبة لابُد أن تُهنّئك وتُبارك لك ، فالكنيسة أُم فقد إنتشرت صلاة الحميم ، فالكنيسة تُريد أن تقول مبروك فلا تنتظر حتى يأتىِ وقت العِماد ، فالكنيسة بتشمل الإنسان بالحُب والرِعاية ففىِ صلاة رفع بخور باكر نُصلّىِ أواشى ومن المعروف أنّ الكنيسة عندما تجتمع لابُدأنّ كُل المؤمنين يحضروا ، ولكن توجد فئة لا تحضر وهى فئة المرضى وأيضاً فئة المُسافرين ، ولذلك تُصلّىِ أوشيّة للمرضى وأوشيّة للمُسافرين ، الكنيسة أُم شاعرة بمسئولية تِجاه كُل فرد ، الكنيسة أُم للجميع القديس كبريانوس يقول " إن لم تكُن الكنيسة أُمكّ فلم يكُن المسيح أباً لك" ، مُستحيل أن تتمتّع بأبوّة المسيح ما لم تتمتّع بأمومة الست العدرا والكنيسة ، النفس ياأحبائىِ تحمل المسيح ، " أنتُم هياكل الله وروح الله ساكن فيكُم " " أنتُم الذين إعتمدتُم للمسيح قد لبستُم المسيح " ، الآن نحنُ مُتحدين بهِ ، نحنُ وهو روح واحد ، كيان واحد ، نحنُ حاملين المسيح ، نفوسنا هياكل لهُ ، نحملهُ ونأكلهُ ونتحد بهِ وكما قال " أنا فىِ الآب والآب فىّ " نستطيع أن نقول أنا فىِ الآب والآب فىّ ونحنُ جميعاً مُكمّلين إلى واحد ، نحنُ بنُصلّىِ أن يخلطنا فيهِ ويمزجنا بهِ ، نحنُ موضع سُكناه ، فكُل واحد فينا بيتقدّس ويصير أِناء يحمل كرامتهُ ، ولذلك ياأحبائىِ كُل واحد فينا هو مسكن لربنا ينطبق عليهِ المزمور الذى يقول " ههُنا أسكُن لأنّىِ أردتهُ " ، أنا أحب أن أكون فيه ، فبعد التناول نُصلّىِ صلاة نقول فيها " أُمكُث معىِ لأنّ النهار قد مال " ، لقد أخذتك وأمسكتك ولم أُرخيك فكُل نفس أمينة للّه تتمتّع بحنان وحنو تجاه الآخرين ، وتُحب أن تتعطّف وتُكرم الآخرين ، كُل نفس أمينة للّه تشعُر بأمومة تجاه الآخرين وتُحب أن تُحضر الكُل للمسيح وتُعزّىِ الكُل ، القديس بولس الرسول يقول " ياأولادىِ الذين أتمخضّ بِهم " ، يقول كأنىِ ولدتهُم ، فالذى فيهِ غيرة روحيّة يتمتّع بحنو تجاه الآخرين ، وفىِ مرّة أُخرى يقول " أنا ولدتكُم " ، وفىِ رسالتهُ إلى العبرانيين يقول النفس الأمينة لربنا ياأحبائىِ تُرضع أولادها بالتعاليم المسيحية ، كُل نفس لابُد أن يكون فيها روح الأمومة ويكون لها بنين وأولاد ، كُل إنسان يحمل روح المسيح فىِ داخلهُ يتمتّع بروح الأمومة0
2- دائمة البتوليّة:-
كُلنا نعرف أنّ الست العدرا دائمة البتوليّة ، وأنّ ربنا يسوع خرج من أحشاءها وهى فىِ بتوليّة ولم تعرف رجُلاً فىِ حياتها ، فهى كانت عذراء عفيفة للمسيح يسوع ، فهى كانت نفس مُكرّسة للّه طوال حياتها ، فلم يكُن لها أحد ولا سند إلاّ ربنا يسوع المسيح ولذلك نقول لها " أنتِ هى الزهرة النيرّة الغير المُتغيّرة والأُم الباقيّة عذراء " ، مُستحيل أن توجد أُم وتكون فىِ نفس الوقت عذراء ، ولكن الست العدرا قد جمعت الإثنين معاً فهى تجمع الأمومة مع البتوليّة ، فهى دائمة البتوليّة ، فقد كان حملها وولادتها بطريقة إعجازيّة وبابها مختوم ، فهى أُم غير مُتغيرّة والكنيسة بتُنجب للّه أولاد بالروح ، معموديتها هى معمل التفريغ للكنيسة والله ، فهى عذراء ، أى أنّها لم تعرف غير المسيح ولم تخضع لآخر ، فقد إقترنت بالمسيح والمسيح وحدهُ ، فهو الذى إقتناها لنفسهُ جعلها مخطوبة لهُ ومفطومة عن العالم وكُل شرورهُ ، ولذلك تاجها وفخرها فىِ ربنا يسوع عريسها ، فهى إقترنت بربنا يسوع بطريقة مُعجزيّة ، وهى تلد لنا بنين الكنيسة بتسير بمنهج عريسها الذى فداها وإقتناها بدمهِ ، فمن ضمن ألقاب الكنيسة " البيعة " فهى التى إبتاعها بدمهِ أى إشتراها ولذلك هى دائمة البتوليّة لا تعرف أحد غيرهُالنفس البشريّة كيف تكون دائمة البتوليّة ويوجد فينا مُتزوجين كثيرين ؟؟!! نفوسنا هى التى لابُد أن تتمتّع بهذهِ البتوليّة فتكون نفوسنا بتوليّة أى لا تعرف آخر غير ربنا يسوع المسيح ، القديس بولس الرسول يقول " خطبتكُم لرجل واحد لأُقدّم عذراء عفيفة للمسيح " ، أنا أُريد أنّ كُل واحدة فيكُم تكون عذراء للمسيح فالنفس العذراويّة هى التى لا تشتاق ولا تميل لآخر مثلهُ ، نحنُ عذارى يسوع ، نفوسنا مِلكهُ وقد إشتراها بدمهِ ، هو مات لأجل الجميع لكى لا يحيا الجميع لأنّفُسهُم بل لأجل الذى مات لأجلُهم أحد القديسين يقول تعريف للبتوليّة " البتوليّة الحقيقيّة هى النفس التى لم تتزوّج بمحبة العالم " ، القديس باسيليوس بروح الإتضاع يقول " أنا لستُ بتولاً مع إنّىِ لم أعرف إمرأة فالبتوليّة هى حالة نفس وليست حالة جسد " ، كُل نفس فينا ياأحبائىِ تكون دائمة البتوليّة ترفُض أن تقترن بآخر وترفُض أن تقترن بالعالم أو تتزّين لهُ0
3- عظمتها رغم وداعتها:-
فشكلها بنت فقيرة مسكينة لبسها بسيط وعندما كانت فىِ الهيكل كبرت فإحتار فىِ أمرها الشيوخ لأنّها لم يكُن لها أحد فأحضروا لها يوسُف النجّار ، ورغم كُل هذهِ البساطة ولكن عندما نرى داخلها نجد أنّ المزمور يقول عنها " كُل مجد إبنة الملك من داخل " فهى جبّارة من الداخل كما نقول فىِ مديحتها " السلامُ لكِ يا خزانة حاوية أسرار اللاهوت " ، وديعة ولكن جبّارة من الداخل ، وعندما أراد القديس باسيليوس الكبير أن يُدافع عن السيدّة العذراء ويُبرز كرامتها قال أنّها " صولجان المسيحيّة " ، فبالرغم من أنّها كانت هادئة وصامتة وتحفظ كُل الأمور فىِ داخلها إلاّ أنّ " كُل مجد إبنة الملك من داخل " ، فلم نجدها بتفتخر على أحد ، ولم تفرض نفوذها على التلاميذ أو على الكنيسة بل صارت أُم للكنيسة كُلّها وكان يأتىِ إليها كُل مَن يُريد أن يتعزّى فيرتاح لمُجرّد أنّهُ نظر إليها فالإنسان اليوم بيعتقد أنّ العظمة هى من الخارج ولكن صدّقنىِ إن العظمة هى من الداخل ، فالإحترام والعظمة يأتىِ من الداخل وليس من الخارج ، إجعل الداخل هو الذى ينضح على الخارج والكنيسة بنفس الأمر هى بسيطة ووديعة وهادئة وليس لها صوت فىِ العالم ، فهى بتعمل مثل الملح بتعمل بدون صوت وبدون إِزعاج ولكن لها تأثير جبّار ، الكنيسة ليس لها سند إلاّ عريسها ، فمظهرها بسيط تقبل أى مبنى ، فالكنيسة بسيطة ، فلو تجمّعتُم فىِ شادر فىِ الخارج سنقول عن هذا المكان كنيسة ، فلو صلّينا فىِ بيت يصير هذا البيت كنيسة ، فالكنيسة هى أنتُم وليست مُجرّد مبانىِ ولكن هى أحجار حيّة ، هى جماعة المؤمنين هى بسيطة من الخارج ولكن جبّارة من الداخل ، بتصنع قديسين وتُقدّم للّه عرائس ، يقول عنها الكِتاب " مُستندة على حبيبها مُشرقة كالشمس مُرهبة كجيش بألويّة " وكلمة " ألويّة " هى جمع لِواء أى جماعة من معسكرات الجيش وأعدادها رهيبة ، فكُل مجدها من الداخل ، فلم يأتىِ مجدها من أى مظهر عالمىِ ، فخيمة الأجتماع كانت مُغطّاة بجلود الماعز ومن الخارج لونها أسود وأزرق ومُغطّاة بجلود ميّتة ولكن لو نظرت تحت الغِطاء تجد أعمدة من فِضة ومن ذهب ، فإن أردت أن ترى الجمال كُلّهُ ستجدهُ فىِ الداخل فىِ القُدس وفىِ قُدس الأقداس ، فتابوت العهد الذى فيها هو السيّدة العذراء التى هى دائمة البتوليّة فإن أردت أن تتمتّع بالذهب إقبل أن تدخُل الخيمة التى شكلها من الخارج غير لطيف ، فالكنيسة مُمكن أن يكون شكلها غير جذّاب ولكن فىِ داخلها كُل كنزكُل نفس أمينة ياأحبائىِ تحظى بهذهِ الصفة ، ولا تُحاول أن تلتمس العظمة من الخارج ، فإُنظر إلى راهب مُتوحدّ فستجدهُ لابس جلاّبيّة قديمة وحِذاء مقطّع لأنّهُ غير مُهتم بالخارج ، فهو عِندهُ جمالهُ لا يشغلهُ ويجعل إهتمامهُ بالخارج ضئيل جداً النفس التى تعيش مع ربنا تأخُذ مجدها من الداخل وليس من الخارج ، النفس الأمينة لربنا تكون من الداخل جبّارة ، ربنا يسوع قال " تعلّموا منّىِ لأنّىِ وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكُم " فإن كان سيدنا يسوع المسيح كان مُحتقر ومرذول من الناس فكم بالأولى نكون نحنُ مثلهُ " فليس عبد أفضل من سيدّهُ " ، النفس الأمينة لربنا ترث ملكوت السماوات ، النفس التى تعيش فىِ مسكنه الروح تستحق أن تأخُذ ملكوت السماوات0
4- يجوز فىِ نفسها سيف:-
ما أكثر السيوف التى جازت فىِ حياة الست العدرا ، لقد جاز فىِ نفسها سيف اليُتم وسيف الفقر وسيف الظُلم وسيف حياة ربنا يسوع الذى إنتهى بالصلب والموت عاشت مُتألّمة ، عاشت وهى حاملة صليب إبنها ربنا يسوع المسيح ، الست العدرالم تعيش مُكرّمة أو مُدلّلة على الأرض ، فسفر الرؤيّا يقول " إنّ المُتنعّمة ماتت وهى حيّة " ، تخيلّوا أنّها ترى إبنها يسوع المسيح وهو بيُجلد فالكنيسة مثل الست العدرا يجوز فىِ نفسها سيف ، كثيراً ما إِجتازت الكنيسة آلامات ، كثيراً ما تعرّضت لنفس ما تعرّضت لهُ الست العدرا ، كثيراً ما رأت أولادها وهُم بيُجلدوا وبيتعرّضوا لأصعب العذابات ، كثيراً ما تعرّضت لحُكّام قُساة وظلّت الكنيسة كما هى ، بالتأكيد الكنيسة عندما ترى أولادها وهُم بيُظلموا تكون حزينة ، ولكنّها تعرف أنّهُ لا مجد بدون أحزان على الأرض فالست العدرا والكنيسة بيسندوا أولادهُم ، فالقديس سيدهُم بِشاى وهو بيُضرب قد فقد الوعى فرأى الست العدرا وهى آتية لتُعزّيه فقال للجنود هاتوا كُرسىِ للست فإستهزأوا بهِ ، فالست العدرا بتسند أولادها فىِ الآلام وتُعزّيهُم ، فالكنيسة نقول لها " كم قسى الظُلم عليكِ كم سعى الموت إليكِ " كم أنّكِ ظُلمتىِ ، وتُرتلّ لها الكنيسة وتقول " أُم الشُهداء جميلة أُم الشُرفاء نبيلةعبرت بحر الآلامات حفظت بِدماها الحق قويم " كثيراً ما رأت مذابح لأولادها ، كثيراً ما رأت أطفال وعذارى وشيوخ ورُهبان بيستشهدِوا ، ولأنّها عرفت أنّ هذا هو الطريق الوحيد للسماء فإنّها قبلت أن تتألّم النفس البشريّة أيضاً لابُد أن تتألّم لكى تتمجدّ " إن كُنّا نتألّم معهُ فلكى نتمجدّ أيضاً معهُ " ، فالنفس الأمينة لابُد أن تتألّم " قد وُهب لكُم لا أن تأمنوا بهِ فقط بل أن تتألّموا من أجلهِ أيضاً " ولذلك كُل نفس بترفُض الألم أقول لها إنظرىِ إلى يسوع ، إنظرىِ إلى كنيستك ، طريق الألم ياأحبائىِ هو طريق المجد والإنتصارفالقديسين يقولوا " إن لم تُجرّب على الأرض إعلم أنّهُ قد تركك " ، وكما يقول المزمور " الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج " ، لا تهرب من الألم فلابُد من الألم ، الألم هو الخطوة الأساسيّة للمجد أبونا بيشوى كامل قال " إنّ نفس بلا صليب كعروس بلا عريس "0
5- كرامتها فىِ السماء:-
فعندما تنيّحت لم يستحسن ربنا يسوع أن يُبقىِ جسدها على الأرض ، وقال أنّ جسدها لا تستحقهُ الأرض ، وفعلاً أصعد جسدها للسماء ، ولذلك نحنُ نقول عنها أنّها " ملكة السمائيين " ولنا أن نتخيلّ فىِ فكرنا بإتساع فىِ كرامتها وهى جالسة عن يمين إبنها ، إنظروا كم تكون كرامة الست العدرا البسيطة الفقيرة المظلومة ، إنظروا المجد التى هى فيهِ ، والدالّة والكرامة التى لا يُعبرّ عنها لها فىِ السماء الكنيسة المُتألّمة على الأرض والمُتغرّبة على الأرض والمُضطهدة فعندما ينتهىِ جِهادها على الأرض ستُكللّ فىِ السماء فىِ سِفر الرؤيّا يقول عن الكنيسة " رأيت المدينة المُقدّسة عِند الله مُهيّأة كعروس مُزّينة لرجُلها " ( رؤ 21 : 2 ) ، فهى ستنزل فىِ مجد وكرامة مُهيّأة ومُزيّنة مثل عروس مُهيّأة لعريسها ، فكُل جِهادها وكُل أتعابها ستُكللّ عليه فىِ السماء ففىِ سِفر الأناشيد يقول لها " عُنقك كبُرج داود المبنىِ للأسلحة ألف مجنٍ عُلّق عليهِ كُلّها أتراس الجبابرة " ( نش 4:4 ) ، فالمدينة فىِ الماضىِ كان لابُد أن يُبنى لها حِصن ، ومدينة داود بالطبع كان لها حِصن ، وكان لها مُحارب مُنتصر يُعلّق ترسهُ على بُرج المدينة ويكتُب على الدرع إسمهُ كتذكار لقتالهِ فالكنيسة لها بُرج وفيها أتراس مُعلّقة على البُرج وهى أتراس آبائها ، فهذا مجد أبو مقار وهذا مجد مارجرجس وهذا مجد الأنبا أنطونيوس ، فالكنيسة لها كرامة عظيمة فىِ السماء كُل واحد فينا لهُ مجد فوق ، فأعمالهُ تشهد لهُ فوق ، كرامة النفس البشريّة فىِ السماء عالية جداً ، فالنفس المُجاهدة ياأحبائىِ ستستقرّ فىِ السماء ،فأحد القديسين يقول " طوبى للّذين يعملون الآن بكُل قوّتهُم لأنّ لحظة واحدة فىِ ذلك المجد سوف تُنسيهُم كُل تعبهُم على الأرض " نحنُ يا أحبائىِ صرنا فىِ وحده معهُ ، وهو الذى سيمسح كُل دموعنا ويُكافئنا عن أتعابنا وسنستقرّ معهُ فىِ كُل حين ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ لهُ المجد دائماً أبدياً أمين .

عدد الزيارات 1856

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل