لمَنْ هذِهِ الفَتَاة

فِي سِفر رَاعُوث يَحْكِي أنَّ بُوعَز ذَهَبَ لِيَنْظُر حَقْلَهُ أثْنَاء الحَصَاد وَكَانَ بُوعَز يَعْرِف كُلَّ العَامِلِين فِي الحَقْل لأِنَّهُمْ مِنْ أهل المَدِينَة لَكِنْ لَفَت نَظَره فَتَاة غَرِيبَة هِيَ رَاعُوث فَكَانَ يُرَاقِبهَا وَيُرَاقِب تَصَرُّفَاتِهَا وَسَأل العَامِلِين عَنْهَا قَائِلاً { لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ } ( را 2 : 5 ) .
لَيْتَنَا نُجِيب نَحْنُ عَنْ هذَا السؤال .. الحَقْل هُوَ العَالم وَالعَامِلِينَ فِيهِ مِنْ مُخْتَلَف الفِئَات هُمْ سُكَّان الأرْض بِكُلَّ فِئَاتِهِمْ .. الرَّبَّ يَسُوع عِينه عَلِيهُمْ وَيَعْرِفَهُمْ كُلُّهُمْ يَعْرِف مَنْ هُوَ أمِين وَمَنْ هُوَ غِير أمِين لَكِنْ يَلْفِت نَظَره الأمِين وَيَسْأل عَنْهُ " لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ " .. سؤال مُوَجَّه لَنَا .. لِحِسَاب مَنْ تَعْمَل ؟ وَفِي أي حَقْلٍ تَعْمَل ؟ هَلْ تَشْعُر أنَّ الله يُرَاقِب كُلَّ أعْمَالنَا ؟ دَاوُد النَّبِي يَقُول { يَذْكُرجَمِيع ذَبَائِحَك } ( مز 19 مِنْ مَزَامِير الثَّالِثَة ) .. وَالآبَاء يَقُولُون أنَّ الله يُرَاقِب كُلَّ تَنَهُد فِي صَلاَة وَكُلَّ جِهَاد لِلعِفَّة يِفَرَّح الله وَيِعْرَف كُلَّ ألَمْ تَتَحَمِّله لأِجل الله .. كُلَّ جِهَاد نِجَاهده لَهُ حِسَاب عِنْدَ الله وَتَقْيِيم لَدِيه .. أيْضاً مِنْ جِهَة أُخْرَى الله يُرَاقِب تَقْصِيرَاتِي وَكَمَا قَالَ دَاوُد النَّبِي { تَيَهَانِي رَاقَبْتَ } ( مز 56 : 8 ) أي عِنْدَمَا كَانَ دَاوُد يَزِيغ فَمَثَلاً يَذْهَب لِفِلِسْطِين إِلَى جَت وَهُنَاك إِدَّعَى الجُنُون وَمَعَ ذلِك قَالَ " تَيَهَانِي رَاقَبْتَ " .. الله يَنْظُر إِلَى الحَقْل وَيُرَاقِب الفُتُور وَالزَيَغَان وَالصَلَوَات وَالأمَانَة وَ ...........
لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ أنَا وَسَطْ العَالم .. لِمَنْ أعِيش ؟ مَنْ أُمَجِّد ؟ يَوْمِي مِلْك مَنْ ؟ وَمَاذَا أفْعَل فِيهِ ؟ .. كُلَّ نَفَس أتَنَفَسه مَا هِيَ مَشَاعِرِي المَصْحُوبَة لَهُ ؟ أيْنَ قَلْبِي ؟ مَا هِيَ هَوِيِتِي وَاهْتِمَامَاتِي وَمَدِينَتِي وَقَلْبِي وَ ........ ؟؟ أنَا لله .. كُلَّ نَسْمَة فِيَّ تُبَارِك إِسمه وَكُلَّ فِكْر فِيَّ مُسْتَأثَر لِمَجد الْمَسِيح كَمَا يَقُول بُولِس الرَّسُول { مُسْتَأسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ } ( 2كو 10 : 5 ) .. فِي كُلَّ مَكَان أرَى يَسُوع .
يُحْكَى عَنْ المُتَنَيِّح أبُونَا أنْجِيلُوس السُرْيَانِي أنْ ذَهَبَ لَهُ أحَد الشَبَاب وَقَالَ لَهُ " أنْتَ دَائِماً جَالِس فِي الكِنِيسَة هَيَّا مَعِي فِي نُزْهَة صَغِيرَة " .. فَوَافَق أبُونَا أنْجِيلُوس وَذَهَب مَعَ الشَاب الَّذِي أخَذَهُ إِلَى حَدِيقَة الحَيَوَان وَهُنَاك كَانَ أبُونَا يَقِف أمَام كُلَّ حَيَوَان وَيَرْشِم ذَاته بِالصَلِيب وَيَقُول " المَجد لَك يَارْبَّ " لأِنَّهُ إِنْسَان مُرْتَفِع بِيَسُوع لِذلِك لَنْ يُؤثِّر عَلِيه شِئ يِبْعِدُه عَنْ الله وَكَمَا يَقُول بُولِس الرَّسُول { وَلكِنَّنِي أَخَافُ أنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ } ( 2كو 11 : 3 ) .
لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ أفْكَارهَا لِمَنْ .. يَوْمهَا لِمَنْ ؟ جَسَدْهَا مِلْك مَنْ ؟ لِذلِك قُلْ أنَا لله .. أنَا لِلأَبَدِيَّة .. أنَا لِلمَلَكُوت .. أنَا لِلقِدِّيسِين .. أنَا أعِيش لِلمَلَكُوت وَالأبَدِيَّة تِشْغِل فِكْرِي .. أمَّا التَيَارَات العَالَمِيَّة فَهْيَ لَيْسَت لِيَّ بَلْ غَرِيبَة عَنِّي .. أنَا أفْرَح بِنَغَمِة لَحْن أوْ تَرْنِيمَة .. أنَا أفْرَح بِسِيرِة قِدِيس .. أنَا فِكْرِي مَشْغُول بِآيَة أوْ بِفَضَائِل القِدِّيسِين .
لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ .. يُقَال عَنْ المُتَنَيِّح أبُونَا بِيشُوي كَامِل أنَّهُ عِنْدَمَا كَانَ فِي أمْرِيكَا أنَّهُ فِي أحَد الأيَّام كَانَ سَائِر فِي الطَرِيق وَشَعَر أنَّ أحَد الشَبَاب الأمْرِيكِي يَسِير خَلْفه إِنْ دَخَل مَكَان دَخَلَ وَرَاءهُ وَإِنْ خَرَج خَرَج وَرَائَهُ .. إِنْ أبْطَأ المَسِير يُبْطِئ وَإِنْ أسْرَع يُسْرِع .. فَوَقَفَ أبُونَا بِيشُوي وَسَألَهُ هَلْ تُرِيد شِئ مِنِّي ؟ أجَابَهُ الشَاب أنَا الَّذِي أسْأل .. هَلْ أنْتَ مِنْ سُكَّان الأرْض ؟ مِنْ أيْنَ أنْتَ ؟ مَلاَمْحَك وَمَظْهَرَك يَدُل عَنْ أنَّكَ لَسْتَ مِنْ عَالَمْنَا هَذَا .. نَعَمْ كَانِت مَلاَمِحه سَمَاوِيَّة .. لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ لِلمَسِيح .
لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ يَظْهَر مِنْ شَكْله وَمِنْ إِشْرَاقِه وَجْهَهُ .. مَا هِيَ إِنْتِمَاءَاتَك ؟ إِنْ كُنَّا نَحْنُ البَشَر نُقَيِّم الإِنْسَان مِنْ دَقَائِق مَعْدُودَة مَعَهُ لأِنَّ الإِنْسَان العَالَمِي وَاضِح فِكْره فِي أعْمَاله وَالَّذِي فِكْره فِي الله يَظْهَر فِي كُلَّ أعْمَاله حَتَّى فِي دِرَاسته وَنُومه وَاسْتِيقَاظه وَ ...... لَهُ فِكْر رُوحَانِي .. أنَا مِلْك لله أحِبَّه مِنْ كُلَّ قَلْبِي وَأُعْطِيه كُلَّ وَقْتِي وَكُلَّ أعْمَالِي مِنْ خِلاَله وَدَاخِله وَلَهُ .. مَا أجْمَل عِبَارِة بُولِس الرَّسُول { لأِنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأشْيَاءِ } ( رو 11 : 36 ) .. مَاذَا تَبَقَّى إِذاً ؟ مِنْهُ وَلَهُ وَبِهِ .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَعْلَم كَيْفَ يَحْيَا .
يُحْكَى عَنْ شَاب مَسِيحِي لَمْ يَكُنْ جَيِّد الأخْلاَق وَكَانَ يُعَاشِر أصْدِقَاء غِير مَسِيحِيين وَغِير جَيِّدِي الأخْلاَق أيْضاً .. فَكَانُوا يُرَاقِبُون الفَتَايَات السَائِرَات فِي الطَرِيق وَعِنْدَمَا تَأتِي فَتَاة مَسِيحِيَّة مَظْهَرْهَا مِثْل أبْنَاء العَالم غِير مُحْتَشِمَه كَانَ أصْدِقَاءه يُعَايِروه بِهَا لأِنَّهَا مَسِيحِيَّة فَكَانَ يَحْزَن لَكِنْ عِنْدَمَا يَجِد فَتَاة مَسِيحِيَّة مُحْتَشِمَه كَانَ يُعْلِن أنَّهَا مَسِيحِيَّة بِحَقٌّ وَلَفَت نَظَره بَعْض الفَتَايَات المَسِيحِيَات المُحْتشِمَات وَخَاصَّةً وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَكَانَ يَسِير وَرَاءَهَا وَكَانَت تَذْهَب لِلكِنِيسَة فَكَانَ يَسِير حَتَّى بَاب الكِنِيسَة ثُمَّ يَقِف خَارِجْهَا لأِنَّهُ لَمْ يَتَعَوَّد دِخُولهَا .. لَكِنْ فِي أحَد المَرَّات دَخَل وَرَاءَهَا الكِنِيسَة وَعِنْدَمَا دَخَلَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِف شِئ عَنْ الكِنِيسَة .. لَكِنْ مَرَّة وَرَاء مَرَّة سَمَع الأب الكَاهِن يَعِظ وَأُعْجِبَ بِالعِظَة وَبَدَأ يَتَأثَّر بِهَا وَشَيْئاً فَشَيْئاً تَعَلَّق بِالله وَبِالكِنِيسَة وَقَدَّم تُوبَة وَعَاشَ حَيَاة رُوحِيَّة قَوِيَة .. وَالسَبَب فِي ذلِك فَتَاة مَسِيحِيَّة مَظْهَرْهَا يُعْلِن عَنْ رُوحِيَاتهَا وَلنْسأل لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟ الإِجَابَة وَاضِحَة فِي كُلَّ سُلُوكِيَاتهَا أنَّهَا لِلْمَسِيح لأِنَّ أوْلاَد الله ظَاهِرُون وَأوْلاَد العَالم أيْضاً ( 1يو 3 : 10) .
أخْطَر شِئ فِي جِيلنَا أنَّ العَالم يُزَيِّن أوْلاَده وَيُزِيد الإِغْرَاءَات لَكِنْ إِنْ كُنْت مُشَبَّع بِالله لَنْ يَلْفِت العَالم نَظَرِي لَهُ .. عِنْدَمَا نَذْهَب لِلأمَاكِن المُقَدَّسَة تَذُوب قُلُوبنَا عِنْدَمَا نَرَى الأنْبَا بِيشُوي وَالأنْبَا مُوسَى الأسوَد وَالقِدِيسَان مَكْسِيمُوس وَدُومَاديُوس وَ ......... وَنَرَى التُرَاب الَّذِي تَشَبَّع بِجِهَادْهُمْ وَدُمُوعْهُمْ .. هَؤلاَء كَانُوا لِلمَلِك الْمَسِيح .. رَاجِع نَفْسَك .. لَمَنْ أنْت ؟ وَفِي أي حَقْلٍ تَعْمَل ؟ وَكَيْفَ يَكُون مَظْهَرَك { لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ } ( مت 26 : 73 ) ؟ .. إِهْتِمَامَاتَك لِمَنْ ؟ لأِنَّ كُلَّ ذلِك يَعُود عَلَى مَخْدُومِيك إِنْ كُنْت خَادِم فَتَجِد أوْلاَدَك قَدْ تَشَبَّعُوا بِكَ وَصَارُوا هُمْ أيْضاً لِلْمَسِيح مِثْلَك لأِنَّهُمْ تَعَلَّمُوا مِنْكَ .
رَبِّنَا يِحْفَظْكُمْ وَيُعْلِنْ لَكُمْ أنَّكُمْ لَهُ إِخْتَارْكُمْ مِنْ وَسَطْ العَالم وَحَمِّلْكُمْ رِسَالَة فَهُوَ صُلِبَ لأِجْلُكُمْ كَي تُعَلِّمُوا أوْلاَدَكُمْ وَتَحْمِلُوا رِسَالته لِلعَالم كَي يَسْأل عَنْكُمْ لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ ؟؟ .. لِلْمَسِيح .. إِنْتِ بِنْت الكِنِيسَة .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِضنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
لَهُ المَجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين