كيف أغلب نفسي والعالم

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
احتفلت الكنيسة يا أحبائي يوم الثلاثاء الماضي بعيد استشهاد القديسة العظيمة العفيفة دميانة، ومنذ يومين كان عيد نياحة القديس العظيم مكسيموس،وغداً عيد نياحة أخيه القديس العظيم دوماديوس، والأسبوع القادم عيد نياحة القديس العظيم الأنبا انطونيوس، والأسبوع بعد القادم عيد نياحة القديس العظيم الأنبا بولا،غنى،نماذج، الكنيسة تضع لنا هذه النماذج لكي ما تقول لنا تشجعوا فهم شبان، هم أغنياء، هم تركوا العالم، هم غلبوا المباهج، غلبوا المناصب لذلك أقول لكم ثلاثة كلمات مهمين جداً:-
١- محبة الله.
٢ـ غلبة النفس.
٣- غلبة العالم.
أولا : محبة الله :
ما المقصود بمحبة الله؟!أنه عندما يختبر الإنسان محبة الله داخله سيرى أشياء كثيرة جداً، أحياناً نحب الله بالكلام وليس بالأفعال، أحياناً نحب الله نظرياً، أحياناً نحب الله لكن غير مدركين مقدار الحب المطلوب مننا، التي قال عنها معلمنا بولس الرسول "وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة"، ولكي نكون مبوسطين في الكلام أقول لك لكي أحب الله لابد أن أرى مقدار حبه لي، لكي أحب الله لابد أن أرى ماذا فعل هو معي، للأسف الذي فعله الله معنا كثيراً ما نراه أنه أمر عام وعادي، عام أي أنه للجميع، عادي لأنه الله حلو وجميل وطيب وحنين،الله غفر لنا،الله صلب لأجلنا، الله خلقنا، أمر عام وعادي، لكن في الحقيقة مقدار إدراك هذا الحب أن تعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة، أقول لك مثال بسيط الناس كلها تتحدث عن دكتور مجدي يعقوب وجميعهم يحبوه وجميعهم يتحدثون عن فضائله، وجميع الناس تسمع عنه كلام طيب في كل العالم هذا شيء جيد جداً، لكن هناك فرق بين أنك تسمع عنه وأنه مثلاً قام بإجراء عملية لك، لا فهذا الأمر مختلف تماماً، فهو أنقذ حياتي من الموت، فهو أجرى لابني عملية فأنا مديون له بكثير جداً، هناك فرق بين أن أكون سمعت عن الله وأحببت الله بمجرد أفكار أو نظريات أو كلام غير أنني لمست الله، غير أنني رأيت الله، غير أنني عاشرت الله، كم غفر لي، أنا سيء جداً،كم ستر الله علي، فأنا إذا ظهرت عيوبي هذه للناس فلا أحد يحتمل أن يتطلع لوجهي،كم غفر الله لي، كم أن الله يعرف عني كل شيء ومتأني علي، كم محبة صليبه، لذلك القديس يوحنا سابا أو الشيخ الروحاني يقول لك "ساعة ما أدركوا مقدار محبته في قلوبهم ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم ساعة واحدة"، الست دميانة أو مكسيموس أو دوماديوس أو الأنبا انطونيوس أو الأنبا بولا ما صبروا ساعة ما أدركوا.
ثانيا غلبة النفس :
غلبة الذات، أن لا أعيش لنفسي، محبة الله تجعلني أغلب ذاتي، تجعل جسدي عندما يكون كسول أو يشتهي شرور أو طلباته كثيرة أعرف أن أقول له لا، أقول له لا بالمحبة، غلبت بالمحبة التي داخلي،رصيد الحب الذي داخلنا يا أحبائي هو الذي يحدد أشياء كثيرة،القديس يوحنا ذهبي الفم كان يقول لك "أنظر إلى الحب الذي بداخلك وأنت ستعرف إلى أي مدينة تنتمي"، بالحب غلبوا أنفسهم، كان هناك برنامج قريباً مستضيف لأحد الآباء الأساقفة في (قناة كوجي للأطفال)، فطفلة صغيرة كانت تسأل هذا الأسقف وقالت له أنت كنت طبيب، كيف تركت مهنتك كطبيب وأصبحت راهب؟!، فصمت قليلاً فهو يريد أن يبسط لها الأمور فهي طفلة صغيرة جداً، قال لها أنني أحب الله ثم بسط لها الكلام أكثر وقال هناك كلمة تقول "القلب وما يريد" في الحقيقة كانت إجابة جميلة جداً،غلبوا أنفسهم بالحب، فماذا ينتفع شخص يحب الشهرة،يحب المال، يحب المظاهر،بل يقول لك عن مكسيموس ودوماديوس أنهم "خلعوا التيجان ورموها من فوق الرؤوس محبة في الملك"، مثلما نقول"سكنوا في الجبال والبراري والمغاير وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم"، انتبهوا من كلمة "محبتهم في الملك المسيح"، غلبوا أنفسهم، الأنا، أحد القديسين كان يقول "أنا ليس لي عدو إلا ذاتي"، أكثر شيء يمكن أن يعطل الإنسان هي الذات عندما أضعها بيني وبين الله، عندما أنحاز دائما لذاتي، لأنا، لحقوقي، لنصيبي، أريد النصيب الأكبر، أريد كرامة أكثر، أريد أن الناس تراني، أريد الشهرة، أريد الذات، غلبوا أنفسهم، معلمنا بولس الرسول قالوا له أنت سوف تذهب لأورشليم سوف تتعذب هناك وتموت لا تذهب فقال لهم لا أني لست احتسب لشيء، أي لا يهمني ولا نفسي ثمينة عندي أنا لست أعيش لذاتي، لذلك قال كلمة جميلة "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في"، غلب الذات، انتبه من ذاتك، انتبه من أن ترى كرامتك في كل شيء، ترى الأنا في كل شيء، وتكون حساس جداً لنفسك، كأمثلة لذلك عندما تقول هذا الشخص لم يسلم علي، لم ينظر لي، لم يقدرني، لم يجلب لي، لم يفعل لي، لم يسأل،هذه الذات هي سبب عدوات كثيرة وسقطات كثيرة ووقوع في ملذات كثيرة لماذا؟ لأن الإنسان يريد أن يدلل ذاته، يريد أن يشبع ذاته، لا يستطيع أن يقول لنفسه لا، لكنهم غلبوا أنفسهم.
ثالثا غلبة العالم :
الذي يعرف أن يحب الله يعرف أن يغلب ذاته، والذي يعرف أن يحب الله ويغلب ذاته يعرف أن يقوم بالنقطة الثالثة وهي أن يغلب العالم الذي لا يستطيع غلبته بسهولة، العالم بمعنى المناصب، الكرامات، قديسة مثل القديسة دميانة هي فتاه ومن المؤكد أن الفتاه تحب التدليل، تحب الزينة، تحب المقتنيات، تحب الذهب والفضة والملابس هذا شيء طبيعي وفطري في البنت، لكن عندما يدخل المسيح القديسين يقولون عليها استبدال شهوة بشهوة، عندما يدخل المسيح الإنسان يفطم، قال "أن محبة الله غربتني عن البشر والبشريات"،كفى فأنا لا أريد شيء مكسيموس ودوماديوس كان منزلهم عبارة عن قصر لكن كانوا ناس أتقياء، وكان منزلهم دائمًا مفتوح لضيافة الرهبان، فشاهدوا نماذج من الرهبان، فأحبوا أن يتركوا العالم ويصبحوا رهبان، فقالوا لوالدهم ووالدتهم نحن سوف نذهب لزيارة الرهبان لكن كانت نيتهم ليست زيارة لكن أن يذهبوا إلى الدير ولا يعاودوا مرة أخرى،وتخفوا وأصبحوا يبتعدوا وهم فرحين أنهم اختفوا، انظروا إلى أي درجة تموت الذات، فهم كانوا يجتهدوا جداً ويتفننوا في إخفاء حقيقة أننا أولاد الملك لأننا إذا ظهرت شخصيتنا لن يتركنا أحد فيذهبوا إلى بلاد بعيدة،إلى أن تشاء الظروف وتعثر عليهم والدتهم، ولأنها كانت أم تقية ظلت تصلي لله وتشكره، قالت أنا أشكرك يارب أنك جعلت أولادي في هذه الدرجة، وأنهم عباد، أنهم نساك، أنا لا استحق أن يخرج مني أولاد مثلهم، أنا أشكرك لكن أنا لي طلب وهو أن يأتوا معي، فظلت تلح عليهم وتقول لهم ستكونون كما أنتم لن تتزوجوا وسأوفر لكم مكان، ولكنهم رفضوا وقالوا لها لافنحن تركنا العالم، لا نأتي لكي تأتي الجموع إلينا وتقول لنا نأخذ بركة ونزوركم ونجلس معكم ونتحدث معكم وتصلوا لأجلنا، قالوا لا، لدرجة أنه من المعروف أن القديس مكسيموس كان قد اختير لرتبة البطريركية فهرب، إنسان عندما غلب ذاته غلب كل شيء من داخله،نحن يا أحبائي عندما نجد أنفسنا مغلوبين من أنفسنا، مغلوبين من مباهج العالم،نعرف أن محبة الله قليلة بداخلنا،لذلك إذا أردت أن تعالج الأمر من الداخل احتذي بالقديسين في حياتك واجعلهم أصدقائك جداً، قل لهم ماذا فعلتم؟ وكيف أصبحتم هكذا؟!فأنا أنغلب أمام كوب لبن،كوب نسكافيه، ..... إلخ، أنا لا يوجد أضعف مني، ما هذا الذي أنا فيه؟ أقول لك لا تعالى وأنا أجعلك تشاهد أنك كيف تكون متصل بالله وشبعان بالله وتكون مرهب للشياطين، يقول لك كانت الشياطين تحاول أن تحاربهم ولا تعرف، الشياطين كانت تحاول تزعجهم، ولكن مكسيموس ودوماديوس كانوا بالنسبة لهم هذه الشياطين كانت مثل الذباب الذي يزندون تأثير، لكن يقول لك أن صلاتهم كانت تخرج من أفواههم لسان نار صاعد للسماء لذلك يا أحبائي الكنيسة لم تضع لنا القديسين لكي يكونوا مجرد أبطال فقط لا بل هم نماذج، "أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم"، فترة مقدسة، فترة تغير فينا، فترة تعطينا نماذج حية، عاشوا نفس تحدياتنا مثل الغنى، المظاهر، الجاه،الشباب، ولكنهم داسوا على كل هذا من أجل محبتهم للسيد المسيح ربنا يعطينا أن نكون سامعين وعاملين يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائمًا أبديا آمين .

عدد الزيارات 222

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل