لا تخف لأنى معك

Large image

يَقُول سِفْر أشْعِيَاء ﴿ لاَ تَخَفْ لأَِنِّي مَعَْكَ .. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَِنِّي إِلهُكَ ﴾ ( أش 41 : 10) .. أحْيَاناً عَدُّو الخِير يَسْتَغِل ظُرُوفْنَا سِوَاء الدِّرَاسِيِّة أوْ الحَيَاة العَامَّة وَيَضَعْ فِينَا رُوح الخُوف فَنَعِيش فِي قَلَقٌ وَخُوْف وَنَتَسَاءَل أي جَامِعَة نَلتَحِقٌ بِهَا ؟ .. مَا هُوَ مُسْتَقْبَلْنَا ؟ وَقَدْ نَشْعُر بِالخُوف حَتَّى مِنْ سِيرْنَا فِي الطَّرِيقٌ .. خُوف مِنْ المُسْتَقْبَل .. مِنْ المَجْهُول .. لِذلِك سَنَتَكَلَّمْ عَنْ :
خُطُورِة الخُوف
عِلاَج الخُوف
ضَرُورِة الإِجْتِهَادٌ فِي الحَيَاة
1/ خُطُورِة الخُوف :
=====================
الخَوف غَرِيزَة طَبِيعِيِّة .. الله وَضَعْ فِي الإِنْسَان غَرَائِز هَدَفْهَا حِفْظ نُوع الإِنْسَان .. مِنْ ضِمْن هذِهِ الغَرَائِز الخُوف .. الطَّعَام .. حُبْ الحَيَاة .. الشَّهْوَة .. وَقَدْ سَمَحَ الله أنَّ حَيَاة الإِنْسَان تَسْتَمِر عَنْ طَرِيقٌ الغَرَائِز .. لِذلِك الخُوف غَرِيزَة طَبِيعِيِّة .. وَإِنْ لَمْ نَشْعُر بِخُوف قَدْ نَتَهَوَرٌ وَنَتَعَرَّض لأِخْطَار كَثِيرَة .. لكِنْ الله وَضَعْ الخُوف لِيَقِينَا مِنْ الأخْطَار .. لكِنْ عِنْدَمَا يَتَحَوَّل الخُوف إِلَى عَدَم إِيمَان وَفُقْدَان سَلاَمٌ يَكُون خُوف مَرَضِي وَبَدَلاً مِنْ أنْ يَكُون لِلسَّلاَمَة يَكُون لِلإِضْطِرَاب وَهذَا يُدَمِر الإِنْسَان وَيَنْزَع مِنْهُ الثِّقَة فِي الله وَفِي نَفْسُه وَفِي النَّاس .. لِذلِك هُنَاك خَطَر شِدِيد مِنْ الخُوف الزَّائِد .
نَحْنُ فِينَا نِسْبَة فِي الثَّانَوِيَّة العَامَّة يَشْعُرُون بِخُوف مِنْ المَجْمُوع .. مِنْ الجَامْعَة .. مِنْ المُسْتَقْبَل .. الخُوف فِي حَدٌ ذَاتُه عَدَم إِيمَان .. نَحْنُ لاَ نُرِيد أنْ نَتَغَافَل الخُوف بَلْ نُرِيد أنْ نِلاَشِيه .. الخُوف يُدَمِر حَيَاة الإِنْسَان .. وَالْمَسِيح نَفْسُه عَاتِب التّلاَمِيذ عِنْدَمَا تَعَرَّضُوا لِلخَطَر وَخَافُوا وَقَالَ لَهُمْ ﴿ مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا ﴾ ( مر 4 : 40 ) .. الإِيمَان لاَ يَجْتَمِع أبَداً مَعَ الخُوف .. الخُوف يُدَمِر النَّفْس وَيَجْعَل الإِنْسَان عَاجِز عَنْ مُوَاجَهِة الصُعُوبَات .. فَإِنْ كُنَّا نِمْتِحِنْ فَلْنَمْتَحِنْ .. وَإِنْ كُنَّا نَسْتَذْكِر فَلْنَسْتَذْكِر وَنَحْنُ فِي يَدْ الله .. الخُوف يَتَسَلَّل لِلحَيَاة مِثْل لِص تَسَلَّل إِلَى بَيْتَك وَيَسْرِق كُلَّ مَا فِيهِ هكَذَا الخُوف يَسْرِق كُلَّ الطَّاقَات .. يَسْرِق أغْلَى مَا عِنْدَك دُونَ أنْ تَدْرِي لِذلِك وَضَعَ يَسُوع مِنْ ضِمْن شُرُوط دُخُول السَّمَاء أنْ لاَ يَكُون بِهَا خَوَافِينْ .. هُوَ قَالَ ﴿ لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ ﴾ ( يو 14 : 27 ) .. ﴿ أَنَا هُوَ لاَ تَخَافُوا ﴾ ( يو 6 : 20 ) .. الله يُرِيدَك أنْ تَعِيش فَرْحَان .. الخُوف يُدَمِر الإِنْسَان وَيَفْصِلُه عَنْ الله .
لاَبُدْ أنْ نَعْلَمْ أنَّ الخُوف هُوَ ثَمَرِة الخَطِيَّة .. قَبْل سُقُوط أبِينَا آدَم كَانَ لاَ يَعْرِف الخُوف حَتَّى أنَّهُ عَاش مِتْصَالِحٌ مَعَ كُلَّ الخَلِيقَة بِمَا فِيهَا الحَيَوَانَات الشَرِسَة لكِنْ مُجَرَّدٌ أنْ دَخَلِتْ الخَطِيَّة أحْدَثِتْ تَغْيِير فِي كَيَان الإِنْسَان فَتَسَلَّطِتْ الغَرِيزَة عَلَى الإِنْسَان وَصَارَ يَحْمِي نَفْسُه بِنَفْسُه بَدَلاً مِنْ أنْ يَحْمِيه الله .. فَخَاف وَتَوَتَّر .
2/ عِلاَج الخُوف :
===================
عِلاَج الخُوف هُوَ الإِيمَان وَالثِّقَة وَأنْ تَشْعُر أنَّ الله مَوْجُودٌ .. جَيِّدٌ أشْعِيَاء النَّبِي عِنْدَمَا يَقُول ﴿ هُوَذَا اللهُ خَلاَصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلاَ أَرْتَعِبُ ﴾ ( أش 12 : 2 ) .. الخُوف لاَ يَجْتَمِع مَعَ الإِيمَان وَمِنْ ألْقَاب الله * مُحِب البَشَر الصَّالِحٌ * .. نَحْنُ عَمَل يَدِيه فَهُوَ الَّذِي دَبَّر كُلَّ إِحْتِيَاجَاتْنَا بِغِنَى يَتْرُكْنَا لِغِيرُه ؟ كَيْفَ يَتْرُكْنَا لِغِيرُه ؟!! نَحْنُ فِي يَدْ الله حَبِيبْنَا الَّذِي * يَصْنَع مَعَنَا أكْثَر مِمَّا نَسْأل أوْ نَفْهَمْ * ( مَا يَقُولُه الكَاهِن فِي مُقَدِّمَة القِسْمَة ) .. الله غِير قَاسِي وَلاَ يُرِيدْ أنْ يَهْدِمْنِي بَلْ هُوَ وَسِيلِة فَرَحٌ وَإِيمَان بَلْ قُلْ لَهُ دَبِّر حَيَاتِي كَمَا تَشَاء وَثِقٌ أنَّهُ يَفْعَل أكْثَر مِمَّا نَطْلُب .
لكِنْ أحْيَاناً نِعِيش مَعَ الله بِشُرُوط .. لاَ .. إِجْتَهِدٌ وَإِنْتَ مِسَلِّم لُه كُلَّ أُمُورَك .. الله يُرِيدْ أنْ يِفَرَّحَك .. هُوَ رَاعِي صَالِحٌ .. المُدَبِر كُلَّ أُُمور حَيَاتْنَا مِنْ كِسَاء وَغِذَاء وَطَبِيعَة وَشَمْس وَ ...... هَلْ لاَ يُدَبِر سَائِر أُمور حَيَاتْنَا ؟!! يُحْكَى عَنْ تِلْمِيذ وَمُعَلِّمُه كَانَا فِي زِيَارَة لِعَمَل هَام وَكَانَ المُعَلِّم قَلِقٌ جِدّاً بَيْنَمَا التِّلْمِيذ كَانَ نَائِم وَمُطْمَئِنْ وَكُلَّمَا إِسْتَيْقَظْ وَجَدٌ مُعَلِّمُه غِير نَائِم وَقَلِقٌ جِدّاً .. فَقَالَ التِّلْمِيذ لِمُعَلِّمُه يَا أبِي هَلْ تَثِقٌ أنَّ الله يُدَبِر الخَلِيقَة مِنْ يُوم خَلِيقَتِهِ ؟ أجَابَ المُعَلِّم نَعَمْ .. قَالَ التِّلْمِيذ إِذاً دَعَهُ يُدَبِرْهَا اليُّوم وَنَام .
سَيِّدْنَا البَابَا شِنُودَة الثَّالِث لَهُ كَلِمَات جَمِيلَةٌ هِيَ * رَبِّنَا مَوْجُودٌ * .. * مِسِيرْهَا تِنْتِهِي * .. عِنْدَمَا يُحَاوِل عَدُّو الخِير أنْ يَزْرَع فِينَا رُوح الخُوف وَالقَلَقٌ قُلْ لَهُ * رَبِّنَا مَوْجُودٌ وَمِسِيرْهَا تِنْتِهِي * .. الله يُرِيدْ أنْ يَتْرُك لَك تِذْكَار جَمِيلٌ أنَّهُ أخْرَجَك مِنْ الشِّدَّة فَتَنْسَى الشِّدَّة وَتَتَذَكَّر يَدَهُ الحَانِيَة .. وَأيْضاً عِنْدَمَا يَدْخُل فِينَا رُوح الخُوف يُعَاتِبْنَا الله وَيَقُول ﴿ تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو .. لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ ﴾ .. فَتَتَغَذَّى وَتَنْمُو فَهَلْ أنْتَ لأِنِّي أعْطَيْتَك عَقْل تُفَكِّر بِهِ تَقْلَقٌ وَتَخَاف ؟ هذِهِ الزَّنَابِق جَمِيلَةٌ جِدّاً حَتَّى أنَّ الله قَالَ ﴿ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا ﴾ ( لو 12 : 27 ) .. وَأجْمَل فَنَّان هُوَ مَنْ يَعْرِف أنْ يَرْسِم وَرْدَة تَبْدُو حَقِيقِيَّة .. الَّذِي يُبْدِع يَقْتَرِب مِنْ الزُّرُوع وَالطَّبِيعَة كَيْ يُبْدِع .. فَكَيْفَ نَخَاف نَحْنُ ؟
بُولِس الرَّسُول يَقُول ﴿ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ ﴾ ( في 4 : 7 ) .. السَيِّد الْمَسِيح لَهُ المَجْد بَعْد القِيَامَة وَجَدٌ التَّلاَمِيذ خَائِفِين فَقَالَ لَهُمْ ﴿ سَلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ .. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ ﴾ ( يو 14 : 27 ) .. حَيَاتَك فِي يَدْ الله وَلَيْسَتْ فِي يَدْ آخَر غَيْرُه .. الَّذِي يُرِيدْ أنْ يُؤذِيك لَنْ يُؤذِيك إِلاَّ بِسَمَاح مِنْ الله .
يُحْكَى أنَّ القِدِيس أبُو مَقَّار كَانْ رَافِع يَدِيه لِلصَّلاَة .. وَحَاوِل عَدُّو الخِير أنْ يُحَارِبُه بِالكَسَل أوْ التَّعَبْ أوْ الفِكْر كَيْ يَتَرَاجَعْ عَنْ الصَّلاَة لكِنَّهُ لَمْ يَنْجَح فَظَهَرَ لَهُ وَمَعَهُ سِكِّين وَاتَجَهَ نَحْوَهُ بِسُرْعَة مُتَظَاهِر أنَّهُ سَيَقْطَعْ يَدَيْهِ المَرْفُوعَة لَعَلَّهُ يَخَاف وَيُخْفِض يَدَيْهِ .. لكِنْ أبُو مَقَّار قَالَ لَهُ بِثَبَات وَعُذُوبَة * تَفَضَّل إِقْطَعْهَا .. إِنْ كَانَ الله سَمَحَ لَك أنْ تَقْطَعْهَا فَلْتَقْطَعْهَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَح لَك فَلَنْ تَسْتَطِيعْ * .
أنْتَ تَسْتَذْكِر وَتُفَكِّر فِي مُسْتَقْبَلَك أوْ فِي أي شِئ يُقْلِقَك .. قُلْ لِعَدُّو الخِير إِنْ سَمَحَ الله بِذلِك فَلْيَسْمَح وَإِنْ لَمْ يَسْمَح فَلَنْ يَحْدُث شِئ مِمَّا يُقْلِقْنِي .. الله يَسْمَح لَنَا بِتَجَارُب وَضِيقَات كَيْ تَكُون فُرْصَة لأِخْتِبَار مَحَبِّتُه وَقُوِتُه لِنَخْرُج بِرَصِيد إِيمَان وَثِقَة فِي قُدْرِتُه .. أرْمِيَا النَّبِي كَانَ إِنْسَان حَسَّاس وَيَخَاف .. هذِهِ طَبِيعَة فِيهِ لكِنْ الله يُقَدِّس كُلَّ الطِبَاع الهَادِئ وَالخَوَّاف وَالمُتَهَوِر وَالمُنْدَفِع وَ ....... الكُلَّ بُولِس وَيُوحَنَّا وَأنْدَرَاوِس وَفِيلُبُّس وَتُومَا وَبُطْرُس وَ ........ قَالَ الله لأِرْمِيَا النَّبِي ﴿ فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدُِرُونَ عَلَيْكَ لأَِنِّي أَنَا مَعَْكَ يَقُولُ الرَّبُّ لأُِنْقِذَكَ ﴾ ( أر 1 : 19) .. هُوَ فِي يَدْ الله .
يَقُول الكِتَاب أنَّ شَاوُل المَلِك كَانَ مُهْتَز نَفْسِياً وَقَدْ تَعَرَّض دَاوُد النَّبِي مِنْهُ لأِخْطَار كَثِيرَة .. تَخَيَّل شَاوُل المَلِك يَتْرُك كُلَّ أُمور المَمْلَكَة وَالأعْدَاء وَرَوَاتِبْ العَامِلِينْ فِيهَا وَالأُمور السِيَاسِيَّة وَالإِقْتِصَادِيَّة وَ ....... وَيَنْظُر لِدَاوُد !! بَلَدْ بِجِيشْهَا تُطَارِدٌ شَخْص وَاحِدٌ هُوَ دَاوُد .. كَيْفَ يَكُون حَالُه ؟ لَوْ إِنْسَان وَاحِدٌ يِطَارْدُه .. لَوْ عِصَابَة تِطَارْدُه .. يِخَاف .. لكِنْ دَاوُد يِقُول ﴿ فِي هذَا أَنَا مُطْمَئِنٌ ﴾ ( مز 27 : 3 ) .. أنَا وَاثِق أنَّ حَيَاتِي لَيْسَتْ فِي يَدْ شَاوُل وَإِنْ سَمَح لَهُ الله فَلْيَكُنْ .. حَتَّى أنَّ الله بِالفِعْل حَفَظَهُ وَقَالَ أنَّ حَيَاتُه مَحْفُوظَة فِي حِزْمِة الحَيَاة ( 1صم 25 : 29 ) .
قِصِّة يُوسِف العَفِيف تَبْدُو فِيهَا حَيَاتُه أنَّهَا فِي يَدْ إِخْوَتُه لكِنَّهَا كَانَتْ فِي يَدْ الله وَلَمْ يَتْرُكُه الله .. يَدْخُل السِّجْن وَيَتَقَابَلْ مَعَ رَئِيس السُّقَاة وَيُفَسِّر لَهُ حِلْمُه وَيَقُول لَهُ أُذْكُرْنِي أمَام فِرْعُون وَيَنْسَى رَئِيسُ السُّقَاة .. يَقُول يُوسِف لله لِمَاذَا نَسَى رَئِيسُ السُّقَاة ؟ يُجِيبُه الله إِنْتَظِر .. وَبِالفِعْل يُحَوِّل لَهُ الله الشَّر إِلَى خِير .. حَيَاتُه فِي يَدْ الله وَلَيْسَتْ فِي يَدْ أحَدٌ .. ثِقٌ أنَّك حَتَّى وَإِنْ كُنْت فِي ضِيقَة فَلَنْ يَتْرُكَك الله .
تَحْكِي الكِنِيسَة تِذْكَار أُعْجُوبَة صَنَعْهَا الله لِلقِدِيس أثَنَاسْيُوس الرَّسُولِي فِي فِتْرِة حُكْم إِبْن المَلِك قُسْطَنْطِينْ – وَكَانَ آرْيُوس – وَيَعْرِف أنَّ أثَنَاسْيُوس ضِدٌ آرْيُوس فَحَاوِل أنْ يَقْتُلُه لكِنْ الجَمِيع حَذَّرَهُ لأِنَّ أثَنَاسْيُوس كَانَ لَهُ أتْبَاع كَثِيرُون .. وَكَانَ لِقُسْطَنْطِينْ المَلِك إِبْنَان آخَرَان مُلُوك وَمِنْهُمَا مَنْ يَتْبَع أثَنَاسْيُوس وَإِنْ حَاوِل قَتْل أثَنَاسْيُوس قَدْ تَنْقَلِب مَمَالِك عَلَى بَعْضَهَا .. فَإِهْتَدَى فِكْرُه إِلَى فِكْرَة عَجِيبَة .. وَضَعْ أثَنَاسْيُوس فِي قَارِب صَغِير وَتَرَكَهُ فِي المُحِيط بِدُون مَاء أوْ طَعَام لَعَلَّهُ يَمُوت إِمَّا بِالجُوع أوْ العَطَش أوْ الغَرَق لأِنَّ القَارِب كَانَ صَغِير عَلَى قُوِّة مِيَاه المُحِيط .. لكِنْ أثَنَاسْيُوس لَمْ يَخَاف بَلْ كَانَ يَثِقٌ بِالله فَسَاقَ الله رِيح إِتَّجَهَتْ بِالقَارِب إِلَى الأسْكَنْدَرِيَّة مَرْكَز كُرْسِي القِدِيس أثَنَاسْيُوس .. تَخَيَّل النَّاس تَرَى قَارِب صَغِير يَقْتَرِب بِهِ أثَنَاسْيُوس رَافِعْ يَدَيْهِ يُصَلِّي مُطْمَئِنْ .
نَحْنُ لَسْنَا فِي يَدْ بَشَر أوْ ظُرُوف بَلْ نَحْنُ فِي يَدْ الله المُدَبِرَة كُلَّ أُمور حَيَاتْنَا .. قَدْ تَتَحَوَّل مَرْحَلِة الدِّرَاسَة فِي حَيَاتْنَا إِلَى مَرْحَلَة جَمِيلَةٌ لأِخْتِبَار سَلاَمٌ الله .. إِنْ كَانَ الشَّعْب قَدْ حَزَنْ لأِنَّ البَابَا أثَنَاسْيُوس قَدْ يَمُوت فِي القَارِب وَسَطْ المُحِيط إِلاَّ أنَّهُ كَانَ يَشْعُر أنَّهُ فِي يَدْ الله وَأنَّ يَدْ الله تَحْرُسُه فِي القَارِب وَتَحُوطُه وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ فَوْقَ الْعَالِي عَالِياً يُلاَحِظُ وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا ﴾ ( جا 5 : 8 ) .
الَّذِينَ عَاشُوا فِي البَرَارِي وَسَطْ وُحُوشْهَا فِي تَجَانُس مَعَهَا هَلْ كَانُوا يَشْعُرُون بِخُوف ؟ .. لاَ .. كَانُوا فِي يَدْ الله وَكَمَا قَالَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء ﴿ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ .. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ ﴾ ( لو 1 : 38 ) .. العَبْد يَصْنَعْ مَشِيئِة سَيِّدُه .. قُلْ لَهُ أنَا عَبْدَك .. جَيِّدٌ أنْ تَضَعْ إِرَادَتَك فِي يَدْ الله وَتُسَلِّم كُلَّ أُمورَك لِيَدُه ..عِنْدَمَا أمَرَ الله أبُونَا إِبْرَاهِيم بِذَبْح إِسْحَق سَلِّم وَسَلِّم أيْضاً إِسْحَق وَإِنْ كَانَ الأمر صَعْب لكِنْ هُنَاك ثِقَة فِي يَدْ الله .
عَدُّو الخِير يسْتَثْمِر الخُوف فِينَا لِنَحْيَا فِي إِضْطِرَاب وَنِبْعِد عَنْ الله وَيَنْزَع سَلاَمْنَا وَنَنْحَصِر فِي دَائِرَة فِكْرِنَا وَقُدْرَاتْنَا .. لكِنْ الله يُرِيدْنَا أنْ نَنْظُر لِقُدْرَاتُه هُوَ .. البَابَا كِيرِلُس السَّادِس لَهُ مَقُولَة جَمِيلَة هِيَ ﴿ كُنْ مُطْمَئِنْ جِدّاً جِدّاً وَلاَ تُفَكِّر فِي الأمر بَلْ دَع الأمر فِي يَدْ صَاحِب الأمر ﴾ .. وَعِنْدَمَا كَانَتْ تُوَاجِهَهُ مَشَاكِل كَانَ يُوَزَعْهَا عَلَى القِدِّيسِين .. مُشْكِلَة سَرِيعَة يَدَعْهَا لِمَارِجِرْجِس .. مُشْكِلَة هَادِئَة يَدَعْهَا لِلسَيِّدَة العَذْرَاء .. جَيِّدٌ أنْ تَكُون حَيَاتَك فِي يَدْ الله .
3/ ضَرُورِة الإِجْتِهَادٌ فِي الحَيَاة :
====================================
نَحْنُ نَقُول أنْ لاَ نَخَاف لَيْسَ لِلإِسْتِهْتَارٌ بَلْ لِنَطْمَئِنْ لكِنْ لاَبُدْ أنْ نَكُون أُمَنَاء .. نِتْعَبْ وَنَحْنُ مُطْمَئِنِينْ .. الله يُرِيدْ أنْ يَرَى أمَانَتِي وَقَدْرٌ مَا أُعْطِيه .. الله يَقْبَل أي تَقْدِمَة مَادَامَتْ عَلَى قَدْر طَاقَتَك .. فِي مُعْظَم مُعْجِزَات السَيِّد الْمَسِيح كَانَ يَنْتَظِر دُور مِنْ الإِنْسَان وَلَوْ بَسِيط .. إِنْسَان يَدُه يَابِسَة يَسْألُه يَسُوع مُدٌ يَدَك ( مت 12 : 13) .. كَيْفَ يَا الله يَمِدَّهَا وَهيَ يَابِسَة ؟ لَوْ كَانَتْ مُتَحَرِكَة لِمَا ذَهَبَ لِيَسُوع .. المَفْرُوض أنْ يَشْفِيه أوَّلاً ثُمَّ يَقُول لَهُ مُدٌ يَدَك .. لاَ .. الله يُرِيدْ دُور مِنْ الإِنْسَان .. عِنْدَمَا يُقِيم لِعَازَر مِنْ المُوت يَقُول لَهُمْ إِرْفَعُوا الحَجَر ( يو 11 : 39 ) .. يَا الله الَّذِي يُقِيم مَيْتٌ قَادِرٌ أيْضاً أنْ يَرْفَع الحَجَر .. لكِنَّهُ يُرِيدْ مِنَّك دُور .. تِشَارْكُه فِي العَمَل .
أنْتَ مِدٌ يَدَك وَهُوَ يِكَمِل .. أنْتَ تِرْفَع الحَجَر وَهُوَ يُقِيم المَيْتٌ .. أنْتَ تُقَدِّم الخَمَس خُبْزَات وَالسَّمَكْتِينْ وَهُوَ يِشَبَّعْ .. المَوْلُودٌ أعْمَى يَضَعْ الله عَلَى عَيْنَيْهِ طِين وَيَقُول لَهُ إِذْهَب إِغْتَسِل ( يو 9 : 7 ) .. كَانَ يُمْكِنُه أنْ يَعْمَل المُعْجِزَة كَامِلَة وَلاَ يَطْلُب مِنْهُ أنْ يَذْهَب لِيَغْتَسِل لكِنْ الله يَقُول أنَا أفْعَل جُزْء وَهُوَ يَفْعَل جُزْء .. الله يُحِبْ أنْ أُشَارِكُه العَمَل .. فَعِش فِي تَدْقِيقٌ وَأمَانَة وَثِقَة أنَّ الله يَعْمَل وَلَيْسَ أنْتَ .. مَنْ الأهَمْ الله أم نَحْنُ ؟ أم .. نَحْنُ أم الله ؟ .. عِنْدَ عُبُور نَهْر الأُردُن قَالَ الله لَهُمْ أُعْبُرُوا الأُردُن .. وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ شُقَّ لَنَا المَاء أوَّلاً ثُمَّ نَعْبُر نَحْنُ .. وَهُوَ يَقُول لَهُمْ أُعْبُرُوا أنْتُم أوَّلاً .. يُقَال أنَّ الأُردُن لَمْ يَنْشَقٌ قَبْل دُخُول أرْجُلَهُمْ فِيهِ أوَّلاً .. الله يَقُول لَك ضَعْ قَدَمِيك وَأنَا سَأعْمَل .. بَعْدَكُمْ مِنْ الخَطَوَات سَتَشُقٌ المَاء ؟ يَقُول لَيْسَ لَك أنْ تَعْرِف لكِنْ ثِقٌ أنَّهُ مُنْتَظِر عَمَلَك وَإِنْ سَمَح أنَّكَ تَعْبُر سَتَعْبُر وَإِنْ سَمَح أنَّكَ تِغْرَق سَتَغْرَق بِأمرُه .. المُهِمْ أنْ نَتَقَدَّم لِلعَمَل بِثِقَة وَاطْمِئْنَان وَهُوَ يَشُقٌ أوْ لاَ يَشُقٌ الأُرْدُن فَهذَا عَمَلُه .
الله يُحِبْ أنْ يَرَى مِنَّا ثِقَة وَعَمَل .. الله يَعْمَل مَعَ الضُّعَفَاء وَالغِير قَادِرِينْ لكِنْ لاَ يَعْمَل مَعَ الكَسَالَى وَعَدِيمِي الإِيمَان .. الله يُعْطِينَا خِبْرَة جَمِيلَةٌ مِنْ خِلاَل ضَعْفِنَا وَقَالَ لَهُ أتُؤمِنْ ؟ قَالَ أُؤمِنْ يَا سَيِّد فَأعِنْ ضَعْف إِيمَانِي ( مر 9 : 23 – 24 ) .. أنَا دُورِي ضَعِيف لكِنْ أنْتَ تَعْمَل يَا الله .. الله يُرِيدْ أنْ يُحَوِّل أنْظَارْنَا إِلِيه .. أي رُوح خُوف تِدْخُلَك تَذَكَّر آيَة أوْ عَمَل مِنْ الله .. هُوَ قَالَ سَلاَماً أتْرُكُ لَكُمْ سَلاَمِي أنَا أُعْطِيكُمْ ( يو 14 : 27 ) .. التَّذَكُّر بِمَوَاعِيد الله أكْثَر شِئ يِفَرَّحْنَا وَيُخْزِي أفْكَار العَدُّو .. تَذَكَّر أنَّ الله حَافْظَك وَحَافِظْ كُلَّ شُعُور رُؤُوسْنَا وَحَيَاتْنَا فِي يَدُه .
يُحْكَى عَنْ المُتَنَيِح أبُونَا بِيشُوي كَامِل أنَّهُ فِي نِهَايِة حَيَاتُه كَانَ مَرِيض وَكَانَ العِلاَج يَجْعَل شَعْرُه يَتَسَاقَطْ وَكَانَتْ زَوْجَتُه تَحْزَنْ وَتَمْنَعُه أنْ يَمُدٌ يَدُه نَحْو ذَقْنُه حَتَّى لاَ يَتَسَاقَطْ الشَّعْر كَمَا تَخَيَّلَتْ .. وَفِي أحَدٌ الأيَّام وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَقْنُه فَسَقَطَتْ كِمِيِّة شَعْر كِبِيرَة فَحَزِنَتْ زَوْجَتُه وَبَكَتْ .. فَقَالَ لَهَا هَلْ تَرِينَ هذَا الشَّعْر المُتَسَاقِطْ وَلاَ شَعْرَه مِنْهُمْ سَقَطَتْ إِلاَّ بَعْد أنْ إِسْتَأذِنِتْ .. نَحْنُ فِي كُلَّ أُمور حَيَاتْنَا نَسِير بِإِذْن مِنْ الله وَهيَ فُرْصَة يَضَعْهَا الله لِيَزِيدْ مِنْ قُوِّة إِيمَانَنَا .. قُلْ لله أنَا فَرِح بِكُلَّ أُمورِي لأِنِّي أخْتَبِر يَدَك فِي حَيَاتِي .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 2905

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل