قَدِّمُوا فِي إِيمَانَكُمْ فَضِيلَة

Large image

﴿ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً وَفِي الفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً وَفِي المَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أخَوِيَّةً وَفِي المَوَدَّةِ الأخَوِيَّةِ مَحَبَّةً ﴾ ( 2بط 1 : 5 – 7 ) .
مُعَلِّمْنَا بُطْرُس الرَّسُول يُعْطِينَا سِلْسِلَة جَمِيلَة .. يَقُول ﴿ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ ﴾ .. مَاذَا نَتَوَقَعْ أوِّل شِئ نُقَدِّمُه ؟ يَقُول ﴿ فَضِيلَةً وَفِي الفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً وَفِي المَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً ﴾ .. هِيَ دَائِرَة لاَ يُمْكِنْ أنْ نَفْصِل مِنْهَا جُزْء .. أيْضاً أُسْلُوب مُعَلِّمْنَا بُطْرُس رَائِع فَيَقُول ﴿ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً وَفِي الفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً وَفِي .... ﴾ .. وَلَمْ يَقُلْ * قَدِّمُوا إِيمَان ثُمَّ فَضِيلَة ثُمَّ مَعْرِفَة ثُمَّ ..... * .. قَالَ * فِي * وَلَيْسَ * ثُمَّ * .. أي سِلْسِلَة مُتَدَاخِلَة فِي بَعْضَهَا وَلَيْسَتْ مُتَتَالِيَة .. وَلاَ يُمْكِنْ أنْ يَكُون هُنَاك إِيمَان بِدُون كُل هذِهِ السِّلْسِلَة فَضِيلَة وَمَعْرِفَة وَصَبْر وَ ...... لِذلِك تَجِد أنَّ الَّذِي لَدَيْهِ إِيمَان عِنْدُه فَضِيلَة وَعِفَّة وَمَعْرِفَة وَمَحَبَّة وَصَبْر وَ .... وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ إِيمَان لاَ تَجِد عِنْدُه فَضِيلَة وَمَعْرِفَة وَعِفَّة وَ .....
هُنَاك أُمَهَات لِلفَضَائِل كَمَا يَقُول سَيِّدْنَا البَابَا .. صَعْب يِكُون عِنْدَك رَذِيلَة وَتَعِيش فِي فَضَائِل وَمَحَبَّة .. قَدْ تَقُول أنَا لاَ أُحِبْ فُلاَن – أي لَيْسَتْ لَدَيَّ مَحَبَّة – وَبِالتَّالِي لَيْسَ لَدَيَّ فَضِيلَة وَمَعْرِفَة وَتَقْوَى وَمَوَدَّة أخَوِيَّة .. بَيْنَمَا الَّذِي يُحِب أعْدَائُه يَكُون عِنْدُه مَوَدَّة أخَوِيَّة وَبِالتَّالِي عِنْدُه مَحَبَّة وَمَعْرِفَة وَفَضِيلَة وَ .... عِنْدَمَا تَأخُذ شِئ مِنْ السِّلْسِلَة الله يُعْطِيك سَائِر السِّلْسِلَة كُلَّهَا .. نَعَمْ يَنْمُو لكِنْ الكُل مُرْتَبِطْ مَعاً .. فِي الإِيمَان فَضِيلَة وَفِي الفَضِيلَة مَعْرِفَة وَ ..... الكُل مُرْتَبِطْ بِكَلِمَة * فِي * وَلَيْسَ * ثُمَّ * .
الإِيمَان :
===========
الإِيمَان هُوَ البِدَايَة لأِنَّ بِدَايِة كُل صَلاَح هُوَ الإِيمَان .. بِدَايِة كُل فَضَائِل إِيمَان .. فَكَيْفَ تُسَامِح إِنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْكَ إِيمَان بِالتَّسَامُح ؟ .. كَيْفَ تَعْبُد الله إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِيمَان بِالله .. الصَّلاَة وَالعِبَادَة وَالفَضَائِل وَ .... ؟ كُل هذِهِ أسَاسْهَا إِيمَان .. لِذلِك تَمَسَّك بِالإِيمَان .. أحْيَاناً يَكُون إِيمَانُنَا إِيمَان نَظَرِي .. تُؤمِنْ بِالتَّجَسُد .. بِالثَّالُوث .. بِسِر التُوْبَة وَالإِعْتِرَاف .. بِسِر الإِفْخَارِسْتِيَا ... ؟ نَعَمْ .. لكِنْ هَلْ تُمَارِس ذلِك الإِيمَان عَمَلِي ؟ مُعْظَمْ مُمَارَسَتْنَا تَكُون نَتِيجَة لإِيمَان ضَعِيف .. لاَ .. لاَبُدْ أنْ أشْعُر وَأُؤمِنْ أنَّ الله دَاخِلِي يَكْشِف أعْمَاقِي وَكُل أعْمَالِي .. لِذلِك لاَبُدْ أنْ يَكُون إِيمَانَنَا إِيمَان مُثْمِر فَعَّال .
الإِيمَان شِئ دَاخِلِي يَظْهَر خَارِجِياً فِي صُورِة فَضَائِل .. إِذاً الفَضِيلَة هِيَ ثَمَرِة الحَيَاة الدَّاخِلِيَّة .. هَلْ لَدَيْكَ إِيمَان أنَّ الله مَحَبَّة ؟ إِنْ كَانَ لَكَ هذَا الإِيمَان عَمَلِي سَتُحِب كُل النَّاس .. هَلْ لَكَ إِيمَان أنَّ المَحَبَّة تَسْتُر كَثْرَة مِنْ الخَطَايَا ( 1بط 4 : 8 ) .. وَأنَّ المَحَبَّة تَتَأنَّى وَتَرْفِق وَلاَ تَحْسِد وَلاَ تَظُنُّ السُّؤ وَ ...... ؟ ( 1كو 13 : 4 – 5 ) .. هذَا يَجْعَلَك تَسْلُك المَحَبَّة لأِنَّ الإِيمَان إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضِيلَة تُظْهِرُه سَيَكُون إِيمَان مَيِّتٌ .. ﴿ إِيمَان بِدُون أعْمَالٍ مَيِّتٌ ﴾ ( يع 2 : 20 ) .
إِنْ كَانَتْ هُنَاك جُثَّة لِشَخْصٍ مَا وَنَقُول هذَا هُوَ فُلاَن .. نَسْأل أيْنَ هُوَ ؟ هُوَ مَات إِذاً الجُثَّة لاَ تَعْنِي شَيْء مَادَامَ الشَّخْص مَيِّتٌ .. هكَذَا قَدِّم فِي إِيمَانَك فَضِيلَة .. لِذلِك إِنْ أرَدْت أنْ تُعْلِن إِيمَانَك الْمَسِيحِي إِعْلِن عَنْ إِيمَانَك بِفَضَائِل وَأعْمَال .. أي يَكُون إِيمَانَك حَي .. أسَاس كُل الفَضَائِل إِيمَان بِقَنَاعَة كَامِلَة .. كَيْفَ أُعْطِي العُشُور بِفَرَح إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي إِيمَان بِقَنَاعَة أنَّ الله يُبَارِك فِيمَا بَيْنَ يَدِي بَعْد أنْ أُعْطِي العُشُور ؟!! كَذلِك لَنْ أعِيش الطَّهَارَة إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي إِيمَان بِقَنَاعَة أنَّ جَسَدِي هُوَ هَيْكَل الله .
الفَضِيلَة وَالمَعْرِفَة :
=============================
الفَضَائِل هِيَ أعْمَال لكِنْ بِمَعْرِفَة .. المَعْرِفَة هِيَ الإِفْرَاز .. أي لاَبُدْ أنْ يَكُون لَكَ سَنَد كِتَابِي لِلفَضِيلَة .. هَلْ تُرِيدْ أنْ تَصُوم ؟ صُمْ بِمَعْرِفَة .. هَلْ تُرِيدْ أنْ تُمَارِس فَضِيلِة الصَمْت ؟ مَارِس الصَمْت بِمَعْرِفَة .. لاَ يأتِي إِنْسَان وَيَقُول سَأصُوم فِي فِتْرِة الخَمَاسِين حَتَّى الثَّالِثَة ظُهْراً وَفِي فِتْرِة الصُوم الكِبِير يَأكُل وَيَقُول لأِنِّي أشْعُر بِالجُوع .. هَلْ تُرِيدْ أنْ تُمَارِس أي فَضِيلَة ؟ مَارِسْهَا بِمَعْرِفَة وَبِسَنَد أب الإِعْتِرَاف .. وَهذَا مَا يُسَمِّيه مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول الجِهَاد القَانُونِي .. أي بِمَعْرِفَة .
كَانَتْ فِي أحَد الأدْيُرَة رَاهِبَة مُبْتَدِئَة تُرِيدْ أنْ تَصُوم ثَلاَثَة أيَّام ثُمَّ تَتَنَاوَل وَجْبَة وَاحِدَة .. فَقَالَت لَهَا الأُم الرَّئِيسَة قَانُون تَأكُل فِيهِ وَجْبِتِين يَوْمِياً .. وَعِنْدَمَا لَمَسَتْ فِيهَا الأُم الرَّئِيسَة الكِبْرِيَاء طَلَبَتْ مِنْهَا أنْ تَأكُل ثَلاَثَة وَجَبَات يَوْمِياً .. فَأرْسَلَتْ الرَّاهِبَة الصَّغِيرَة رِسَالَة لأِب إِعْتِرَافْهَا تَسْتَغِيث بِهِ مِنْ الأُم الرَّئِيسَة وَتَقُول لَهُ * أنْتَ كُنْت تِشَجَّعْنِي عَلَى الصُوم وَالنُسْك بَيْنَمَا هُنَا فِي الدِير لَيْسَ كَذلِك * .. وَكَأنَّهَا تَصِف الدِير أنَّهُ أقَلْ رُوحَانِيَّة مِنْ مُسْتَوَاهَا الرُّوحِي .. فَقَالَتْ لَهُ فِي رِسَالَتْهَا أنَّ الأُم الرَّئِيسَة تَمْنَعْنِي مِنْ الإِرْتِفَاع .. فَأجَابَهَا أب الإِعْتِرَاف * هِيَ تَمْنَعِك مِنْ الإِرْتِفَاع كَيْ تَحْفَظِك مِنْ الإِرْتِفَاع * .. قَدِّم الفَضِيلَة بِوَعْي وَمَعْرِفَة .. وَالَّذِي يَرْشِدَك فِي ذلِك أنَّكَ تَعْرِف أنَّكَ تَعِيش الإِنْجِيل .
قَرَّر أحَد الشَّبَاب أنْ يَحْيَا حَيَاة الرَّهْبَنَة فَإِجْتَمَعِت حَوْلَهُ العَائِلَة لِتُعَرْقِل الفِكْرَة وَقَالُوا لَهُ أنْتَ تَعْلَمْ أنَّكَ وَحِيد لأِبَوَيْكَ اللَذَان تَعَبَا لأِجْل تَعْلِيمَك وَهُمَا الآنْ يَحْتَاجَان لَك لِتَحْمِل مَعْهُمَا عِبْء الأُسْرَة وَأنْتَ بِذلِك تَتَخَلَّى عَنْ المَسْئُولِيَّة .. وَقَالَ الشَّاب لأِب إِعْتِرَافُه أنَّهُ كَانَ يَتَصَبَّبْ عَرَقاً وَلاَ يَعْرِف كَيْفَ يُجِيبَهُمْ .. لكِنَّهُ فِي النِّهَايَة قَالَ لَهُمْ جَمِيع مَا قُلْتُمُوهُ صَحِيح لكِنِّي أطِيع الإِنْجِيل الَّذِي قَالَ لِي ﴿ مَنْ أحَبَّ أباً أوْ أُمّاً أكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي .... ﴾ ( مت 10 : 37 ) .. وَ ..... وَظَلَّ يُعْطِيهُمْ آيَات مِنْ الكِتَاب تُدَعِمْ مَوْقِفُه فَصَارُوا هُمْ مَنْ يَتَصَبَبُون العَرَق .. لأِنَّهُ يَفْعَل الفَضِيلَة بِمَعْرِفَة .
قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً وَفِي الفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً وَ ......أي كُل مَا تَفْعَلُه يَكُون بِسَنَد إِنْجِيلِي وَيِفَرَّحَك الإِنْجِيل وَتَكُون بِذلِك مُسْتَرِيح .. وَكَمَا عَلَّمَنَا الآبَاء أنَّ الفَضِيلَة لاَبُدْ أنْ تَكُون مَصْحُوبَة بِمَعْرِفَة .. لِذلِك حَتَّى الإِتِزَان الرُّوحِي فِي الجِهَاد مَطْلُوب حَتَّى أنَّهُمْ يَقُولُون ﴿ أنَّ النُّوم بِمَعْرِفَة خَيْر مِنْ السَّهَر بِغَيْر مَعْرِفَة .. الأكْل بِمَعْرِفَة خَيْر مِنْ الصَوْم بِغَيْر مَعْرِفَة ﴾ .
هُنَاك دِيَانَات أُخْرَى تُعَذِّب الجَسَد بِدُون مَعْرِفَة فَمِنْهُمْ مَنْ يَنَام عَلَى مَسَامِير لِتَعْذِيب الجَسَد وَ ...... هذِهِ فَضِيلَة لكِنْ بِدُون مَعْرِفَة لأِنَّهُ يَعْتَبِر أنَّ الجَسَد شَر وَلاَبُدْ مِنْ الإِنْتِقَام مِنْهُ .. لاَ .. الجَسَد لَيْسَ شَر .
التَّعَفُّف :
=============
يَقُول ﴿ وَفِي المَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً ﴾ .. مَا هُوَ التَّعَفُّف ؟ لَيْسَ هُوَ عِفِّة الجَسَد فَقَطْ بَلْ هُوَ مَنْ عَفَّ عَنْ الشِئ أي إِرْتَفَعَ عَنْهُ .. وَالتَّعَفُّف مِنْ ثِمَار الرُّوح القُدُس .. أي تَفْعَل الشِئ وَأنْتَ مِنْ دَاخِلَك مُقْتَنِع بِالقُرْب مِنْهُ أوْ البُعْد عَنْهُ .. لأِنَّهُ قَدْ يَفْعَل إِنْسَان فَضِيلَة لكِنْ بِدُون عِفَّة .. أي قَدْ يَقُول أنَّهُ قَدْ سَامَح شَخْص أخْطَأ فِي حَقُّه لكِنُّه مِنْ دَاخِلُه لَدَيْهِ رَغْبَة فِي الإِنْتِقَام .. أي أنَّهُ غِير مُتَعَفِّف عَنْ البُغْضَة .. آخَر يُعْلِن عَنْ طَهَارَتِهِ وَهُوَ مِنْ دَاخِلُه غِير مُتَعَفِّف عَنْ الشَّر .. التَّعْفُّف هُوَ البُعْد عَنْ الشِئ دُونَ حِرْمَان مِنْهُ بَلْ بِرِضَى كَامِل .
فِي الصُوْم فَتَرَات إِنْقِطَاع .. صُمْ وَأنْتَ فِي فَرَح مَعَ كُل الكِنِيسَة الَّتِي تَشْتَاق لِلصُوْم المُقَدَّس وَهُوَ فِي نَظَرْهَا شَهْوَة جَمِيلَة .. قَدْ يَتَخَيَّل البَعْض أنَّ الصُوْم المُقَدَّس هُوَ فِتْرَة مُنْغَلِقَة .. لاَ .. بَلْ هُوَ أفْضَل فِتْرَة تَبْنِي لأِنَّ بِهِ مَعْرِفَة وَتَعَفُّف يَرْفَع الإِنْسَان .. فِيهِ يَبْتَعِد الإِنْسَان عَنْ أُمور مَسْمُوح بِهَا .. كَيْفَ تَتَعَفَّف ؟ بِالإِيمَان .. وَالإِيمَان يُعْطِي فَضِيلَة .. وَالفَضِيلَة بِمَعْرِفَة تُؤدِّي إِلَى التَّعَفُّف .. حَلَقَات مُتَصِلَة .
الصَبْر :
===========
جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي فِي جِهَادُه ثَابِت دَائِم فِي حَيَاتُه مَعَ الله .. يَنْتَظِر وَيَتَوَقَع بِسُكُوت خَلاَص الرَّبَّ .. مُشْكِلِتْنَا أنَّنَا مُتَعَجِلِين دَائِماً فِي الرُّوحِيَات .. أُرِيدْ أنْ أخْرُج مِنْ التَنَاوُل مَلاَك .. وَأخْرُج مِنْ الإِعْتِرَاف مَلاَك وَ ..... لاَ .. الأمْر يَحْتَاج صَبْر .. ﴿ هُنَا صَبْرُ القِدِّيسِين ﴾ ( رؤ 14 : 12) .. هؤُلاَء حَفِظُوا الإِيمَان وَصَبْر يَسُوع .. الله أطَالَ أنَاتُه عَلَيْنَا جِدّاً بَيْنَمَا نَحْنُ لاَ نُطِيل أنَاتْنَا عَلَى أنْفُسْنَا وَنَقُول نَحْنُ بِلاَ فَائِدَة .. هَلْ لاَحَظْ أحَد نَفْسُه وَهُوَ يَنْمُو ؟ هَلْ هُنَاك أُم تَزِن طِفْلَهَا بَعْد كُل وَجْبَة كَيْ تَعْرِف قَدْر نُمُو إِبْنَهَا ؟ .. حَقِيقَةً أنَّنَا نَكْبَر لكِنْ بِطَرِيقَة غِير مَلْحُوظَة .
لاَبُدْ أنْ يَكُون لَنَا طُول أنَاة عَلَى الآخَر وَعَلَى أنْفُسْنَا .. لِذلِك الَّذِي عِنْدُه مَعْرِفَة فِي جِهَادُه يَعْرِف أنَّهُ مَرَاحِل لأِنَّ الطَّفَرَات فِي الحَيَاة الرُّوحِيَّة لَهَا مَخَاطِر .. القِدِيس مُوسَى الأسْوَد عِنْدَمَا بَدَأ الحَيَاة الرَّهْبَانِيَّة وَاعْتَرَف لِلقِدِيس إِيسِيِذُوروس دَخَل مَعَ الرُّهْبَان الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ خِبْرَة بِالرَّهْبَنَة فَكَانَتْ وَجْبَتِهِمْ مِنْ الطَّعَام بَسِيطَة .. فَقَالَ لِلقِدِيس إِيسِيذُوروس فِي الإِعْتِرَاف أنَّهُ يَجُوع وَلاَ يَشْبَع مِنْ هذِهِ الوَجْبَة الصَّغِيرَة لأِنَّهُ كَانَ قَبْل الرَّهْبَنَة شَخْص أكُول .. فَأعْطَاه أب إِعْتِرَافُه تَدْرِيب وَهُوَ أنْ يُحْضِر فَرْع شَجَرَة وَيَأكُل بِوَزْنُه يَوْمِياً وَجْبَة وَيَسْتَمِر عَلَى ذلِك .. وَبِالفِعْل مَارِس هذَا التَّدْرِيب لكِنْ لِنُلاَحِظ أنَّ فَرْع الشَّجَرَة بِالأيَّام يَجِفْ وَيَتَسَاقَطْ وَرَقُه وَبِالتَّالِي يَقِل وَزْنُه تَدْرِيجِياً وَبِالتَّالِي يَقِل وَزْن الطَّعَام الَّذِي يَأكُلُه مُوسَى الأسْوَد بِنَفْس التَّدْرِيج إِلَى أنْ وَصَل لِمَا يَأكُلُه رُهْبَان الدِير .. لَمْ يَقُل لَهُ القِدِيس إِيسِيذُوروس أنَّنَا هُنَا فِي الدِير صَوَّامُون فَلْتَصْبِر عَلَى الجُوع وَنَتَنَاوَل وَجْبِتْنَا البَسِيطَة يَوْمِياً وَتَعَلَّم النُسْك .. لاَ .. هذَا لاَ يَلِيق .
جَيِّد أنْ تَعْرِف أنَّ الفَضِيلَة تُقْتَنَى بِالصَبْر .. هَلْ تُرِيدْ أنْ تَتَعَلَّم الصَّلاَة ؟ بِالصَبْر .. يُعْطِي الآبَاء تَدْرِيب لِلصَّلاَة وَهُوَ أنْ تَصْبِر عَلَى نَفْسَك بِأمَانَة أرْبَعِينَ يَوْماً .. لِنَفْرِض أنَّ إِنْسَان يُرِيدْ أنْ يُصَلِّي صَلاَتَان فِي اليُّوْم .. يُدَرِّب نَفْسُه عَلَى ذلِك وَيُرَاقِبْهَا أرْبَعِينَ يَوْماً .. بِذلِك يَقْتَنِي مَعْرِفِة الصَّلاَة أي يَكُون عِنْدُه عَادِة الصَّلاَة .. إِنْ فَعَلَ ذلِك بِأمَانَة تَرْفَعُه النِّعْمَة لِمَعْرِفَة الصَّلاَة نَفْسَهَا – أي كَيْفَ يُصَلِّي – .. وَيَقُول الآبَاء إِنْ لَمْ تَقُمْ بِالتَّدْرِيب يُوم خِلاَل الأرْبَعِين يُوم تَخْصِم مِنْهَا عَشْرَة أيَّام مُقَابِل ذلِك اليَّوْم أي وَكَأنَّكَ قُمْتَ بِالتَّدْرِيب ثَلاَثِينَ يَوماً فَقَطْ .. أُصْمُد أرْبَعِينَ يَومَاً مُتَوَاصِلَة لِتَكُون عِنْدَك عَادِة الصَّلاَة ثُمَّ أرْبَعِينَ يَومَاً أُخْرَى لِتَعْرِف كَيْفَ تُصَلِّي .. وَلِتَثْبُت لِتَدْخُل فِي أرْبَعِين يَومَاً أُخْرَى تُعَرِّفَك فيهَا النِّعْمَة صَلاَة القَلْب وَمِنْهَا تَرْفَعَك النِّعْمَة إِلَى صَلاَة الرُّوح وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ أُرْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا ﴾ ( 1كو 9 : 24 ) .. إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ فِتْرَة مُعَيَّنَة ثَابِتَة مَعَ الله لَنْ تَنْمُو .. لَنْ تَنْمُو بِدُون صَبْر .. قَدْ نَجِد أنْفُسْنَا نَصْمُد بَعْد الإِعْتِرَاف أيَّام قَلاَئِل ثُمَّ نَعُود لِحَالِتْنَا الأُولَى .. أي أيَّامْنَا مَعَ الله قَلِيلَة وَغَالِباً تَضِيع لأِنَّهُ يَتَخَلَلْهَا شَهَوَات وَعَثَرَات .
التَّقْوَى :
=============
مَعَ الصَبْر تَقْوَى أي تَتَقِي الله أي تَخَاف الله .. أي أثْنَاء الفَضِيلَة تَحْيَا مَخَافِة الله .. ﴿ عَظِيم هُوَ سِرُّ التَّقْوَى الله ظَهَرَ فِي الجَسَد ﴾ ( 1تي 3 : 16) .. عَظِيم هُوَ الله الَّذِي يَخَافُه النَّاس وَهُوَ جَاءَ لَهُمْ وَالَّذِينَ كَانُوا يَخَافُونُه إِتَّقُوه أكْثَر .. تَقْوَى أي أشْعُر بِمَهَابِة الله .. عِنْدَمَا يَدْخُل الله كَيَان الإِنْسَان يُرَتِبُه .. مِثْل فَصْل بِدُون مُدَرِس تَجِد فِيهِ كُل مَا تَتَوَقَعُه وَمَا لاَ تَتَوَقَعُه .. لكِنْ عِنْدَمَا يَدْخُلُه المُدَرِس تَجِد أُمُورُه مُرَتَبَة جِدّاً .. هكَذَا الله يَدْخُل كَيَان الإِنْسَان فَيُرَتِبُه وَيَجْلِب لَهُ وَقَار وَتَقْوَى وَيَعْرِف الإِنْسَان أنَّ هُنَاك مُجَازَاة وَمُكَافَأة وَفَرَح .
التَّقْوَى تَجْلِب مَخَافِة الله وَتُعِين الإِنْسَان فِي جِهَادُه .. عِنْدَمَا يَكُون لِلإِنْسَان صَبْر وَتَقَوْى تَجْلِب لَهُ مَخَافِة الله .. عِنْدَمَا أُصَلِّي فِي بِيتِي وَأشْعُر أنَّ الله يَرَانِي هذَا يَجْلِب لِي تَقْوَى .. عِنْدَمَا أشْعُر أنَّ الله مَوْجُود فِي كُل مَكَان هذَا الأمر يَجْلِب تَقْوَى .. لكِنْ التَّقْوَى أسَاسْهَا الإِيمَان .
مَوَدَّة أخَوِيَّة :
=====================
أي شَخْص وَدُود .. أي مُحِب عَطُوف لَطِيف .. لاَ يُمْكِنْ أنْ يَعْمَل الله فِي إِنْسَان وَتَجِدُه قَاسِي القَلْب .. لاَ يُمْكِنْ لإِنْسَان يَخْتَبِر صَلاَح الله وَتَجِدُه قَاسِي بَلْ بِبَسَاطَة تَخْرُج مِنْهُ كَلِمَات تَشْجِيع مُفْرِحَة تُجَامِل .. مَوَدَّة أخَوِيَّة أي تَجْعَل الآخَر يَشْعُر بِمُسْتَوَى رُوحَانِي .. فَضِيلَة .. لِذلِك مِنْ ثِمَار الرُّوح القُدُس لُطْف .. جَيِّد أنْ يَكُون عِنْدَك ثَمَر اللُطْف .. أحْيَاناً نَكُون غِير مُرِيحِين .. المَوَدَّة الأخَوِيَّة مُسْتَوَاهَا عَالِي لأِنَّ أسَاسْهَا الإِيمَان .. أحْيَاناً يَكُون وِدِّنَا نَحْو أصْدِقَائْنَا فَقَطْ .. لاَ .. تَعَامَل مَعَ الكُل بِنَفْس مُسْتَوَى المَوَدَّة وَكَأنَّ الإِنْجِيل يُحَوِّلْنَا كُلِّنَا إِخْوَة عَلَى مُسْتَوَى عَالِي .
مَحَبَّة :
===========
هُنَاك خُوف أنْ تَكُون مَوَدَتْنَا الأخَوِيَّة مَجَرَّد شَكْلِيَات أوْ مُجَامَلاَت إِجْتِمَاعِيَّة فَقَطْ فَقَالَ مُعَلِّمْنَا بُطْرُس الرَّسُول لاَبُدْ أنْ تَكُون المَوَدَّة الأخَوِيَّة مَشْحُونَة بِالمَحَبَّة .. المَحَبَّة الصَّادِقَة مِنْ قَلْب طَاهِر بِشِدَّة يَشْعُر بِهَا الآخَرُون لِذلِك المَحَبَّة الغَاشَّة وَاضِحَة .
هُنَا كَأنَّ بُطْرُس الرَّسُول يَقُول الَّذِي بِهِ إِيمَان بِهِ شَجَرَة لَهَا كُل هذِهِ الفُرُوع وَتَأخُذ مِنْهَا غِذَائْهَا وَتُعِيد لَهَا نُمُو زِيَادَة وَتُعْطِي ثَمَر .. نَحْنُ أفْرُع هذِهِ الشَّجَرَة أي خَلَلْ فِي أحَد حَلَقَات هذِهِ السِّلْسِلَة يُسَبِّبْ خَلَلْ فِي كُل الحَلَقَات وَبِالتَّالِي لاَ تُكَمِّل بَعْضَهَا .. أي تَكُون غِير مُسْتَمِرَة مِثْل نَهْر مُتَدَفِق وَصَنَعْنَا بِهِ سَد سَيَنْتُج عَنْ ذلِك جَفَاف لكِنْ الفَضَائِل تَجْلِب بَعْضَهَا .. فَضِيلَة بِالإِيمَان وَالرُّوح تَجْلِب مَعْرِفَة تَجْلِب صَبْر .. تَجْلِب مَحَبَّة .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 1808

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل