دراسة فى سفر صموئيل الثانى ج 9

الأصْحَاحُ السَّابِعُ عَشَرَ :-
إِلتفَّ حول أبشالُوم مجموعة كبِيرة مِنْ الشَّعْب وَأخذ معهُ أخِيتُوفل أحكم الشَّعْب الَّذِى أشار عليهِ أنْ يدخُل إِلَى سرارِى أبِيهِ كى يُزِيد العداء بين أبشالُوم وَداوُد لأِنَّهُ يعلم أنَّ داوُد قلبهُ رقِيق وَمُحِب فيكُون بِذلِكَ قَدْ خسر داوُد وَأبشالُوم لكِنْ إِذا زاد العداء بينهُما لَنْ يخسر أبشالُوم00هُوَ بِذلِكَ كَانَ يُنَّفِذ إِرادة الله دُون أنْ يعلم [ وَقَالَ أخِيتُوفلُ لأِبشالُومَ دعنِي أنتخِبُ اثني عَشَرَ ألفَ رجُلٍ وَأقُومُ وَأسعى وراء داوُد هذِهِ اللَّيلةَ ]00لِنسعى وراء داوُد قبل أنْ ينتبِه وَيُرتِب جيشه وَيُعِد العِدَّه لَكَ لِذلِكَ لِنأخُذ إِثنى عَشَرَ ألفاً وَنُهاجِمهُ وَنقتُلُهُ وَبِذلِكَ يكُون جمِيع بنِى إِسْرَائِيلَ معكَ وَ لاَ يُصبِح ذِكر لِداوُد وَأتباعه فِيما بعد [ فَآتي عليهِ وَهُوَ مُتعب وَمُرتخِي اليدينِ فَأُزعِجُهُ فيهرُب كُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي معهُ وَأضربُ المَلِكَ وحدهُ ]00مشُورة مُوَّجهة لِداوُد بِذاته00[ وَأرُدُّ جمِيعَ الشَّعْبِ إِليكَ0 كرُجُوعِ الجمِيعِ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي تطلُبُهُ فيكُونُ كُلُّ الشَّعْبِ فِي سلامٍ ]00هذِهِ مشُورة أخِيتُوفل أنْ يُسرِع بِالضرب وَيُركِّز عَلَى داوُد فقط وَالآباء القِدِّيسُون يعملُون تطابُق بين مشُورة أخِيتُوفل وَمشُورة قِيافا الَّذِى قَالَ[ خير أنْ يمُوت إِنسان واحِد عَنِ الشَّعْبِ ] ( يو 18 : 14 )00نَفْسَ المشُورة00هُنا سؤال مُهِمْ00إِنسان مِثْلَ قِيافا قَالَ عنهُ الكِتاب أنَّهُ لَمْ يقُلَ ذلِكَ مِنْ نَفْسَه بَلْ كانت نبُّوه فهل يلِيق قِيافا بِنِبُّوه ؟ نعم قَدْ يستخدِم الله الأشَّرار لِيُتمِّم مقصِدهُ كما تكلَّم مِنْ قبل عَلَى لِسان بلعام إِبن بعُور الَّذِى أحبَّ المال وَكَانَ يُرِيد أنْ يلعن الشَّعْب لكِنَّهُ قَالَ [ لَمْ يُبصِر إِثماً فِي يعقُوبَ0 وَ لاَ رأى تعباً فِي إِسْرَائِيلَ ] ( عد 23 : 21 )00كيف قَالَ ذلِكَ ؟الله هُوَ الَّذِى جعلهُ يقُول ذلِكَ لأِنَّهُ لاَ يُرِيد أنْ يلعن الشَّعْب لِذلِكَ أشار عَلَى المَلِكَ أنْ يُلقِى فِى الشَّعْب معثره00لله مقاصِد حَتَّى عَلَى فمِ الأشَّرارأبشالُوم أعجبته مشُورة أخِيتُوفل لأِنَّ قلب أبشالُوم شرِّير00[ فحسُن الأمرُ فِي عيني أبشالُومَ وَأعيُنِ جمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ ]00الكُلَّ وافق عَلَى المشُورة00[ فَقَالَ أبشالُومُ ادعُ أيضاً حُوشاي الأركِيَّ فنسمع ما يقُولُ هُوَ أيضاً ]00حُوشاى هُوَ الحكِيم الَّذِى أرسلهُ داوُد مَعَْ أبشالُوم تكلَّم أبشالُوم بِمشُورة أخِيتُوفل لِحُوشاى [ فَقَالَ حُوشايُ لأِبشالُومَ ليست حسنةً المشُورةُ الَّتِي أشار بِها أخِيتُوفلُ هذِهِ المرَّةَ ]00لِماذا ؟ تدبِير الله عجِيب يُرسِل عوناً فِى حِينه00وَيتكلَّم فِى قلبِ أبشالُوم بِما هُوَ صالِح لِداوُد ما أجمل أنْ تُصَلِّى الكنِيسة لِرئِيس البلد [ تكلَّم فِى قلبِهِ بِما هُوَ سَلاَمَ لِشعبِكَ ] حَتَّى وَإِنْ كَانَ إِنسان مُؤذِى لِلكنِيسة لكِنْ الله قادِر أنْ يُقِيم لِنَفْسَه صوت فِى كُلّ زمان وَفِى كُلّ مكان وَمِنْ كُلّ أحد يُقِيم لِفرعُون مُوسى وَيُقِيم لأِبشالُوم وَأخِيتُوفل حُوشاى00قَالَ حُوشاى لأِبشالُوم داوُد رجُلَ مُحترِف حرب وَالَّذِينَ معهُ مُحترِفِى حرب وَقَدْ يهزِمكَ00لاَ تستعجِل بَلْ عِد لَهُ العُدَّه وَأجمع جنُودك كُلّهُمْ مِنْ دان إِلَى بِئر سبعٍ أى مِنْ أقصى الشَّرق إِلَى أقصى الغرب [ أنتَ تعلمُ أباكَ وَرِجالَهُ أنَّهُمْ جبابِرة وَأنَّ أنْفُسَهُمْ مُرَّة كدُبَّةٍ مُثكِلٍ فِي الحقلِ0وَأبُوكَ رجُلُ قِتالٍ وَ لاَ يبِيتُ مَعَ الشَّعْبِ ]00رِجال أبِيكَ جبابِرة وَغاضِبُونَ لِذلِكَ سيكُونُونَ كالوحُوش وَبِالتأكِيد داوُد لاَ يبِيت مَعَْ الشَّعْب بَلْ مُختبِئ وَإِذا ذهبت لِتبحث عنه فَلَنْ تجِده وَيضربكَ جُنُوده وَتُهزم[ ها هُوَ الآنَ مُختبِئ فِي إِحدى الحُفرِ أوْ أحدِ الأماكِنِ وَيكُونُ إِذا سقط بعضُهُمْ فِي الاِبتِداء أنَّ السَّامِعَ يسمعُ فيقُولُ قَدْ صارت كسرة فِي الشَّعْبِ الَّذِي وراء أبشالُومَ0أيضاً ذُو البأسِ الَّذِي قلبُهُ كقلبِ الأسدِ يذُوبُ ذوباناً لأِنَّ جمِيعَ إِسْرَائِيلَ يعلمُونَ أنَّ أباكَ جبَّار وَالَّذِينَ معهُ ذُوو بأسٍ ]00حذَّرهُ مِنْ التسرُّع وّزرع فِى قلبِهِ الخوف وَجعلهُ يتردَّد فِى المشُورة [ لِذلِكَ أُشِيرُ بِأنْ يجتمِعَ إِليكَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ دانَ إِلَى بِئرِ سبعٍ كالرَّملِ الَّذِي عَلَى البحرِ فِي الكثرةِ وَحضرتُكَ سائِر فِي الوسطِ ]00أنت تُحضِر آلاف مِنْ الشَّعب كرملِ البحر فِى العدد00أخِيتُوفل يعلم أنَّ أبشالُوم خوَّاف وَمُحِب لِلمظاهِر فصنع لَهُ قِصَّة خيالِيَّة أعجبت أبشالُوم [ وَنأتِي إِليهِ إِلَى أحدِ الأماكِنِ حيثُ هُوَ وَننزِلَ عليهِ نُزُولَ الطَّلِّ عَلَى الأرضِ وَ لاَ يبقى مِنْهُ وَ لاَ مِنْ جمِيعِ الرِّجالِ الَّذِينَ معهُ واحِد ]00ننزِلُ عليهِ كُلِّنا نزلة واحِدة00كَلاَمَ مُقنِع00تخيَّل أنَّ أخِيتُوفل كَانَ سيهزِم داوُد لكِنْ حُوشاى مشُورتهُ جيِّدة لِداوُد قَالَ حُوشاى لأِبشالُوم لِماذا تستصِغِر قُوَّتكَ بِحبرُون فقط بَلْ إِجمع شعبكَ كُلّهُ لأِنَّكَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ00مشُورة حُوشاى نالت إِستحسان حَتَّى أنَّهُ قَالَ لَهُ أنَّكَ مُمكِن تجُر المدِينة المُختبِئ بِها داوُد إِلَى الوادِى حَتَّى لاَ يبقى فِيها حُصاه [ فَقَالَ أبشالُومُ وَكُلُّ رِجالِ إِسْرَائِيلَ إِنَّ مشُورة حُوشاي الأركِيِّ أحسنُ مِنْ مشُورةِ أخِيتُوفلَ ]00الله قادِر أنْ يُبدِّد مشُورة الظُلم بِطرِيقتِهِ00الله يُقِيم حُوشاى فِى كُلِّ مكان أوْ يتكلَّم بِصوتِهِ إِذا لَمْ يوجد حُوشاى كما رأينا فِى الكِتاب أنَّهُ كَانَ يُرعِد فِى الحرُوب وَيضع رُعب وسط الأعداء [ فَإِنَّ الرَّبَّ أمر بِإِبطالِ مشُورةِ أخِيتُوفل الصَّالِحةِ لِكي يُنزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأبشالُومَ ]00هذِهِ المشُورة لَمْ تكُنْ صالِحة لله لكِنَّها مِنْ ناحِية الفِكر البشرِى هِى بِالفِعل مشُورة صالِحة لأِبشالُوم وَستُحقِّق هدفه [ وَقَالَ حُوشايُ لِصادُوقَ وَأبِياثارَ الكاهِنينِ كذا وَكذا أشار أخِيتُوفلُ عَلَى أبشالُومَ وَعَلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَكذا وَكذا أشرتُ أنَا ]00كانت قدِيماً طرِيقة الإِتصال بِالرُسُلَ يذهبُونَ لِيُخبِرُوا بِالأخبار كما بلَّغ أحد الرِّجال داوُد بِخبر موت شاوُلَ00هذِهِ المرَّة كَانَ الرُّسُلَ هُمْ صادُوق وَأبِياثار الكاهِنان اللَّذانَ لهُما ولدان هُما يُوناثان وَأخِيمعص صادُوق وَأبِياثار أرسلا يُوناثان وَأخِيمعص لِداوُد لِيُخبِراه00كيف ؟ حُوشاى أرسلَ جارِية مِنْ داخِلَ قصر المَلِكَ إِلَى صادُوق وَأبِياثار وَقَالَ لها قُولِى لهُما أنْ يُبلِغا داوُد أنَّهُ رُبما يأتِى أبشالُوم عليكَ الليلة فأختبِئ00أبلغت الجارِية الكاهِنان بِقول حُوشاى وَهُما بدورِهِما أرسلا يُوناثان وَأخِيمعص إِلَى داوُد بِالخبر وَلأِنَّهُما لَمْ يقدِرا أنْ يظهرا فِى المدِينة لكِنْ رآهُما غُلاَمَ وَأخبر أبشالُوم فأختبأ يُوناثان وَأخِيمعص عِند إِمرأة مِنْ بحُورِيم فوضعتهُما فِى بِئرٍ وَغطَّت البِئر بِالعِيدان وَسطَّحت عليهِ سمِيذ00فجاء إِليها رِجال أبشالُوم لِيبحثُوا عنهُما فكذبت المرأة وَقالت أنَّهُما تركا المكان وَليس هُنا الآنَ00وَخرج رَجالُ أبشالُوم لِلبحثِ عنهُما00أمَّا المرأة فأخرجت يُوناثان وَأخِيمعص لِيذهبا لِداوُد الآباء يقُولُون أنَّ هذِهِ القِصَّة تُمثِّل إِتحاد الكنِيسة00حُوشاى حكِيم يُمثِّل الأُسقُف وَالجارِية البسِيطة تُمثِّل الشَّعْب وَالكهنة يُمثِّلهُمْ صادُوق وَأبِياثار وَأولادِهِما يُوناثان وَأخِيمعص هُما يُشِيران إِلَى الجِيل الثَّانِى الشَّباب وَالكنِيسة تسِير بِوِحدة واحِدة كهنة وَشعب وَشباب وَأساقِفة كما يقُول الآباء [ الأُسقُف لاَ يكُون أُسقُف إِلاَّ بِشعبِهِ وَالشَّعب بِأُسقُفِهِ ] لِذلِكَ الكنِيسة لاَ تعرِف إِنفرادِيَّة وَفِى القُدَّاس لابُد مِنْ وجُود شمَّاس وَكهنة وَشعب الثَّلاثة معاً وَالكُلّ مُهِمْ00شرط القُدَّاس ليس أقل مِنْ ثلاثة كاهِن وَشمَّاس وَشعب وَلَوْ كَانَ شخص واحِد00الجارِية مُهِمَّة00لاَ تستقِل دُور إِنسان فِى الكنِيسة الكُلّ فِيها جسد واحِد ليس عضو أفضل مِنْ عضو لِذلِكَ يقُول الآباء [ ليت الغنِى لاَ يستقِل بِالفقِير وَ لاَ القائِد بِالشَّعْب ] " يُوناثان " يعنِى " عطِيَّة الله " وَ " أخِيمعص " يعنِى " أخ الشَّعْب أوْ قُوَّة الشَّعْب "00 إِذا كَانَ عِندكَ شباب قوِى عنِيف وظَّفه00أبُونا بيشُوى كامِل كَانَ يقُول أنَّ مارِجرجِس كَانَ شاب قوِى رأى المنشُور فثار وَمزَّقهُ وَأحتملَ عذاب سبع سنوات00أخِيمعص قوِى وَيُوناثان عطِيَّة الله وظِفَّهُما00وَالجارِية البسِيطة تُساعِد بينما حُوشاى ظلَّ مكانه مَعَْ أبشالُوم فكيف يُقالَ أنَّهُ أبلغ داوُد بِالمشُورة ؟هكذا الكنِيسة00 [ كُلَّ مُغالاه مِنْ أى جانِب تُحطِم الكنِيسة ]00أى لاَ يقُلَ الشَّباب ليس لنا حاجة لِلشيُوخ وَ لاَ الشيُوخ يستغنُون عَنْ الشَّباب لِذلِكَ يقُولَ القُدَّاس[ كما كَانَ هكذا يكُونُ مِنْ جِيلٍ إِلَى جِيلٍ ]00وَبُولُس الرَّسُولَ يقُولَ لِتيمُوثاوُس[ ما سمِعتهُ مِنِّي بِشهُودٍ كثِيرِينَ أودِعهُ أُناساً أُمناء ] ( 2 تى 2 : 2 )00أجيال تتناقل الكلِمة وَهذِهِ هِى قُوَّة الكنِيسة لِذلِكَ لَمْ يكُنْ مُتوَّقِع أنْ يُراقِب أحد يُوناثان وَأخِيمعص لكِنْ عمل الرَّبَّ دائِماً يُقاوم وَعدو الخِير يبِث رُوح كراهِيَّة لَهُ لِيُعطِلهُ لِذلِكَ فتَّش عليهُما رِجالَ أبشالُوم00وَالمكان الَّذِى لُعِنْ فِيهِ داوُد مِنْ شمعِى إِبن جِيرا هُوَ هُوَ نَفْسَ المكان الَّذِى أقام فِيهِ الله المرأة الَّتِى خبَّأت أبناء الكاهِنان وَهذِهِ المرأة كانت أُممِيَّة وَهِى تُشِير لِكنِيسة الأُمم الَّتِى قبلت المسِيح وَخبَّأتهُ فِى بِئر المعمُودِيَّة وَكَانَ هُوَ سِترِنا وَنحنُ سترناه داخِلنا نحنُ نُغطِّيه بِستائِرالحُب بينما شمعِى إِبن جِيرا يُشِير لِليهُود الَّذِينَ رفضُوا المسِيح أبِيشاى كَانَ يُرِيد قتل شمعِى عِندما سبَّ داوُد لكِنْ داوُد قَالَ لَهُ أنَّ الرَّبَّ هُوَ الَّذِى قَالَ لَهُ سِب داوُد لعلَّ الله ينظُر إِلَى مذلَّتِى وَيُكافِئنِى خيرً وَكَانَ الخير مِنْ المرأة الأُممِيَّة00خرج الشَّابان وَأخبرا داوُد00[ قُومُوا وَاعبُرُوا سرِيعاً الماء لأِنَّ هكذا أشار عليكُمْ أخِيتُوفلُ فَقَامَ داوُدُ وَجمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي معهُ وَعبرُوا الأُردُنَّ وَعِند ضوءِ الصَّباحِ لَمْ يبق أحد لَمْ يعبُر الأُردُنَّ ]00خِلاَلَ اللَّيل كَانَ داوُد وَكُلِّ رِجالهُ قَدْ عبرُوا الأُردُنَّ00أخِيتُوفل حزن لأِنَّ مشُورتهُ لَمْ تُنَّفذ وَشعر أنَّهُ بِدُون فائِده الآنَ وَقَالَ فِى نَفْسِهِ أنَّهُ إِذا لَمْ تُنَّفذ مشُورتهُ سيُهزم أبشالُوم وَيُنقذ داوُد وَقبل أنْ يُمِيتنِى داوُد أقتُل أنا نَفْسِى لأِنَّ حُوشاى مشُورتهُ فِى صالِح داوُد [ وَأمَّا أخِيتُوفلُ فلمَّا رأى أنَّ مشُورتهُ لَمْ يُعمل بِها شدَّ عَلَى الحِمارِ وَقَامَ وَانطلقَ إِلَى بيتِهِ إِلَى مدِينتِهِ وَأوصى لِبيتِهِ وَخنق نَفْسَهُ وَمات وَدُفِنَ فِي قبرِ أبِيهِ ]00بِالخِسارة حِكمِتكَ يا أخِيتُوفل00ما أصعب حِكمة الإِنسان الَّتِى تجُرَّه لِلهلاكَ أوْ الحِكمة البشرِيَّة الَّتِى تتحوَّل إِلَى خُبث بينما مارِيعقُوب الرَّسُولَ يقُولَ عَنْ الحِكمة الإِلهِيَّة أنَّها حِكمة مُترفِقة مُذعِنة أى تُطِيلَ أناتها لكِنْ أخِيتُوفل كانت حِكمتهُ ذكاء عقل داوُد عبر الأُردُنَّ وَصار فِى أمان وَأبشالُوم بدأ يُغيِّر قادة الجيش فوضع عماسا قائِد لِجيشِهِ00داوُد ذهب إِلَى محنايِم فوجد فِيها شعب يُعِد لَهُ وَلِشعبِهِ مائِدة وَولِيمة عظِيمة لأِنَّ داوُد زرع حُب وَخدم بِأمانة كمسِيحُ الله لِذلِكَ أحبَّهُ الشَّعْب لكِنْ البعض أحبَّ المجد الباطِلَ فسار خلف أبشالُوم00داوُد وجد محبَّة مِنْ محنايِم وَكما قَالَ [ هيَّأت قُدَّامِي مائِدةً ]( مز22 / مِنْ مزامِير السَّاعة الثَّالِثة )0
الأصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ :-
* حرب جيش داوُد وَأبشالُوم *
داوُد جمع أربعة آلاف جُندِى بينما أبشالُوم معهُ جيش وَشعب كرملِ البحرِ فماذا يفعل الأربعة آلاف أمام جيش أبشالُوم ؟ وَحدثت مواجهة بين الجيشيِن00قَالَ داوُد لِجيشِهِ[ ترفَّقُوا لِي بِالفتى أبشالُوم ]00لأِنَّهُ يعلم أنَّ قادة جيشِهِ الثَّلاثة يُوآب وَأبِيشاى وَإِتَّاى الجتِّىِّ شرِسِين لِذلِكَ أوصاهُمْ بِإِبنِهِ أبشالُوم مِنْ وِجهة نظر داوُد يحتاج إِلَى حُب وَليس مُقاومة00جيِّد هُوَ الإِنسان الَّذِى حَتَّى إِنْ كَانَ فِى عداوة يكِنَّ حُب كما رأينا داوُد مَعَْ شاوُلَ ثُمَّ مَعَْ أبشالُوم رغم أنَّ التجارُب وَالزَّمن كَانَ مُمكِن تجعل داوُد كارِه وَشرِس لكِنَّهُ كَانَ مُحِب مُترَّفِق كما يفعل الله مَعَْ أولاده فهُوَ ينظُر دمُوع كُلّ إِنسان عاق لَمْ يُطِيعه أوْ يسِير حسب مشُورة نَفْسِهِ وَيترَّفق بِهِ00أيضاً داوُد تعلَّم هذِهِ المحبَّة مِنْ إِلههُ عِندما بدأ القِتال [ فانكسر هُناكَ شعبُ إِسْرَائِيلَ أمام عبِيدِ داوُد وَكانت هُناكَ مقتلة عظِيمة فِي ذلِكَ اليومِ0 قُتِلَ عِشرُونَ ألفاً ]00قُتِلَ عِشرُون ألفاً فِى يومٍ واحِد هؤلاء هُمْ الَّذِينَ إِستحسنُوا أبشالُوم أكثر مِنْ داوُد يقُول الآباء إِسألَ نَفْسَكَ مِنْ أى جِيش أنت جِيش الأغلبِيَّة الَّذِى مَعَْ أبشالُوم أم مَعَْ جِيش داوُد ؟ لِذلِكَ يقُولُون أنَّ المعركة بين داوُد وَأبشالُوم تُشبِه معركِة الصلِيب الَّتِى فِيها جرَّد ربَّ المجد الرِّياسات وَأشهرهُمْ ظافِراً الَّذِينَ رفضُوا داوُد هُمْ الَّذِينَ قُتِلُوا [ مُبغِضُو الصِّدِّيقِ يُعاقبُون ] ( مز 34 : 21 )[ الرَّبُّ فادِي نُفُوسِ عبِيدِهِ وَكُلُّ مَنِ اتَّكلَ عليهِ لاَ يُعاقبُ ] ( مز 34 : 22 ) [ ملاكُ الرَّبِّ حال حول خائِفِيهِ وَيُنجِّيهِمْ ] ( مز 34 : 7 ) كَلاَمَ لابُد أنْ يُختبر رغم أنَّ الحرب مُرعِبه خاصَّةً لَوْ عرفت أنَّ الَّذِينَ يُحارِبُوكَ كرملِ البحرِ00لكِنْ داوُد واثِق فِى الله00قتل عِشرُون ألفاً بِحدِ السَّيف لكِنْ الظّرُوف البِيئِيَّة وَالجوِيَّة قتلت أكثر مِنْ الَّذِينَ قُتِلُوا بِحدِ السَّيف00[ وَزاد الَّذِينَ أكلهُمُ الوعرُ مِنَ الشَّعْبِ عَلَى الَّذِينَ أكلهُمُ السَّيفُ ]00وَكأنَّ الطبِيعة ساعدت داوُد كما صارت الطبِيعة ظلام عِند الصلِيب بدأ أبشالُوم يهرب وَهُوَ راكِب عَلَى بغلٍ وَرآه عبِيد داوُد فجرُوا خلفهُ وَكانت هُناك شجرِة بُطمة كثِيفة جِدّاً وَأبشالُوم كَانَ شعره طوِيل فتعلَّق أبشالُوم فِى البُطمة مِنْ شعرِهِ لأِنَّهُ كَانَ ممسُوكَ مِنْ قِبِلَ الله00كما حدث عِندما نزل المسِيح عَنْ الصلِيب وَقيَّد عدو الخِير هكذا أبشالُوم كَانَ قيدهُ مِنْ قِبلَ الله لِذلِكَ الَّذِى يسِير فِى الشَّر يُعلَّق بين السَّماء وَالأرض00لاَ تُحِبَّهُ الأرض وَ لاَ السَّماء تقبلهُ لِذلِكَ يقُول الآباء أنَّ الَّذِى عُلِّق عَلَى الصلِيب ليس المسِيح بَلْ الشَّيطان00نعم كَانَ المنظر المرئِى أنَّهُ المسِيح لكِنْ الَّذِى سُمِّر بِحقٍّ هُوَ الشَّيطان يُوآب شرِس فجاء لَهُ أحد الغِلمان وَأخبرهُ عَنْ حال أبشالُوم فقال لَهُ يُوآب ألم تقتُلهٌ فقال لاَ00فقال يُوآب كيف تترُكهُ ؟ فقال الرَّجُلَ مهما تُعطِينِى فِضَّة لاَ أمُد يَدِى لإِبن المَلِكَ لأِنَّ المَلِكَ داوُد أوصى بِأبشالُوم00[ لأِنَّ المَلِكَ أوصاكَ فِي آذانِنا أنت وَأبِيشايَ وَإِتَّايَ قائِلاً احترِزُوا أيّاً كَانَ مِنكُمْ عَلَى الفتى أبشالُومَ0 وَإِلاَّ فكُنتُ فعلتُ بِنَفْسِي زُوراً إِذْ لاَ يخفِى عَنِ المَلِكِ شئ وَأنت كُنت وقفت ضِدِّي0 فَقَالَ يُوآبُ إِنِّي لاَ أصبِرُ هكذا أمامكَ0 فَأخذ ثلاثة سِهامٍ بِيَدِهِ وَنشَّبها فِي قلبِ أبشالُومَ ]00ضرب يُوآب أبشالُوم بِثلاث سِهامٍ وَقتلهُ ثُمَّ ضرب بِالبُوق فرجع الشَّعْب البُوق يرمُز لِصوت الله وَكلِمتهُ الَّتِى تُعطِى إِطمئِنان أنَّ أبشالُوم مات وَأنتصرنا وَهُزِم عدوَّنا00وَوضع رجمة عَلَى أبشالُوم فِى الوعر كما فعل اليهُود مَعَْ صلِيب يسُوع وَكأنَّهُ شخص غير مقبُول00معركة تُشبِه معركِة الصلِيب كانت خارِج المدِينة وَكَانَ الصلب خارِج المدِينة00إِنتصر داوُد وَأتباعه وَهُزِم أبشالُوم وَأتباعه كما إِنتصر ربَّ المجد وَهُزِم إِبلِيس وَجُنُوده لَمْ يستطِع أحد أنْ يُخبِر داوُد بِموت أبشالُوم فأرسلُوا إِليهِ رجُل كُوشِى وَلأِنَّهُ ليس خبِير بِالطُرُق تأخَّر عَنْ داوُد وَسبقهُ أخِيمعص فسألهُ داوُد عَنْ الحرب فقال أخِيمعص خيراً00ثُمَّ دخل فِى ذلِكَ الوقت الرَّجُل الكُوشِى فسألهُ داوُد عَنْ الحرب فقال الكُوشِى [ لِيكُنْ كالفتى أعداءُ سيِّدِي المَلِكِ وَجمِيعُ الَّذِينَ قاموا عليكَ لِلشَّرِّ0 فَانزعج المَلِكُ وَصَعِدَ إِلَى عِلِّيَّة البابِ وَكَانَ يبكِي وَيقُولُ هكذا وَهُوَ يتمشَّى يا ابنِي أبشالُومُ يا ابنِي أبشالُومُ يا ليتنِي مُتُّ عِوضاً عنك يا أبشالُومُ ابنِي يا ابنِي ]00عجِيب داوُد فِى محبَّتِهِ يقُول الآباء لِماذا حزن داوُد عَلَى أبشالُوم ؟ لأِنَّهُ مات دُون أنْ يتوب وَدُون أنْ يُنَّفِذ مشِيئة الله وَهذا بِالفِعل يُحزن عَلَى إِنسان مات بِدُون توبة لكِنْ الكنِيسة لاَ تعرِف الحُزن عَلَى الموتى لأِنَّها تعلم أنَّهُمْ تائِبُون مُعترِفُون وَمُتناوِلُون مِنْ الأسَّرار المُقدَّسة وَمُنتظِرُون الدَّهر الآتِى00أمَّا الإِنسان الخاطِئ فهذا موضِع حُزن أيضاً داوُد كَانَ لأبشالُوم عِندهُ حُب خاص وَشعر داوُد أنَّ موت أبشالُوم هُوَ ثمن خطِيَّتهُ هُوَ لِذلِكَ حزن عليهِ00جمِيلة هِى المحبَّة الباذِلة الَّتِى عِند داوُد وَالَّتِى عبَّر عنها بِأنَّهُ تمنَّى أنْ يموت عِوض إِبنِهِ رغم ما فعلهُ بِهِ أبشالُوم يا ليتنا نكُون مَعَْ داوُد فِى كُلَّ قِتالاتِهِ وَنتعلَّم مِنْهُ المحبَّة وَالرِفق ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيّاً أمِين.