دراسة فى سفر العدد ج6- التعلق بشهوات الماضى

Large image

الأصْحَاح الحَادِي عَشَرَ :-
أثْنَاء رِحْلِة الشَّعْب فِي البَرِّيَّة كَانَ الله يَقُودَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. وَكَانَ يُنْزِل لَهُمْ المَنَّ كُلَّ يَوْم .. وَيُبَدِّدْ عَنْهُمْ الأعْدَاء .. كَانَ يُحَوِّطَهُمْ وَيَحْرُسَهُمْ وَيُعْطِيهُمْ القُوْت اليَوْمِي لكِنْ حُبُّهُمْ لأِرْض مِصْر مَازَالَ فِيهُمْ رَغْم أنَّ الله دَعَاهُمْ لِلخُرُوج مِنْهَا .. { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } ( عد 11 : 1) .. شَكْوِتْهُمْ لِلشَّر وَصَلَتْ إِلَى أُذُنَيَ الله .. أحْيَاناً يَشْتَكِي الإِنْسَان وَلاَ يَعْلَمْ أنَّ شَكْوَتَهُ تَصِلْ إِلَى الله .. لاَ .. الشَكْوَى وَصَلَتْ إِلَى الله وَجَرَحِتُه .. جِيلْنَا جِيلْ مُتَمَرِّدْ لاَ يَشْكُر الله مِنَّا مَنْ يَقُول أنَّ البَلَد حَالْهَا رَدِئ أوْ الدِرَاسَة رَدِيئَة .. وَقَدْ يَقُول أنَّ الكَنِيسَة لاَ تَعْجِبُه .. هذَا التَّمَرُد لأِنَّ النَّفْس لاَ تَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله .. الَّذِي يَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله يَقُول { بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسِي كُلَّ حَسَنَاتِهِ } ( مز 103 : 2 ) .. الله كَانَ يَتَوَقَعْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أنْ يَشْكُرُوه عَلَى مَا فَعَلَهُ مَعَهُمْ وَأنَّهُ أنْقَذَهُمْ مِنْ العُبُودِيَّة وَيَقُودَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَيَجْعَلَهُمْ فِي عَدَم إِحْتِيَاج .. لكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا كَثِيراً مَا يُلْهِينَا عَدُو الخِير عَنْ مَا هُوَ إِيجَابِي فَنَرَى السَلْبِي فَقَطْ وَنَتَذَمَر وَنَتَضَايَق فِي هذِهِ المَرَّة حَزَنَ الله مِنْ الشَّعْب وَقَالَ لَهُمْ أنَا أخْرَجْتُكُمْ مِنْ عُبُودِيِّة وَسُلْطَان فَرْعُون وَحَمَلْتَكُمْ كَمَا عَلَى أجْنِحَة النُسُور وَأنْتُمْ مُتَمَرِدُون .. { وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } .. كُلَّ مَرَّة يَسْمَعْ وَيَصْمُت لكِنْ فِي هذِهِ المَرَّة قَالَ أنَا صَانِعْ بِكُمْ خَيْرٌ وَأقُودَكُمْ فِي البَرِّيَّة بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَارفَلِمَاذَا الشَكْوَى ؟{ فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } إِشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَار الرَّبَّ أرَادَ تَأدِيبَهُمْ لكِنْ لَمْ تَشْتَعِل النَّار فِي الشَّعْب كُلُّه بَلْ مِنْ حَنَان الله جَعَلَهَا تَشْتَعِل فِي طَرَف المَحَلَّة وَكَأنَّهُ يُرِيهِمْ عَيِّنَه مِنْ تَأدِيبَاتِهِ فَلَمَّا رَأُوا النَّار جَرُوا وَصَرَخُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي { فَصَرَخَ الشَّعْبُ إِلَى مُوسَى فَصَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبِّ فَخَمِدَتِ النَّارُ } ( عد 11 : 2 ) .. لأِنَّ لَيْسَ لَهُمْ وَجْه لِيَصْرُخُوا لله مُبَاشَرَةً فَلَجَأُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي .. وَهذِهِ هِيَ قُوَّة الشَّفَاعَة صَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبَّ فَخَمَدَت النَّار .. { فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ تَبْعِيرَةَ لأَِنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلَتْ فِيهِمْ } ( عد 11 : 3 ) إِشْتَكُوا شَر وَغَضَبْ الله عَلَيْهِمْ لأِنَّهُمْ لَمْ يَشْكُرُوه وَلَمْ يُسَبِّحُوه فَإِشْتَعَلِت فِيهُمْ نَار الرَّبَّ تَأدَّبُوا قَلِيلاً وَهَدَأُوا وَفَهَمُوا الدَّرْس وَاسْتَوْعَبُوه .. لكِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِمْ جَمَاعَة تُسَمَّى" اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ " .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً } ( عد 11 : 4 ) .. " مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً " ؟ .. إِشْتَهُوا اللَّحْم { قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّ نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاتَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ . وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 5 – 6 ) قَالُوا أيْنَ أيَّام زَمَان زَمَنْ اللَّحْم وَالسَّمَك الَّذِي كُنَّا نَأكُلَهُ مَجَّاناً فِي مِصْر وَكُلَّ هذَا كَانَ بِسَبَبْ اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ .. يَقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ لَوْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي مِصْر فَمَاذَا كَانُوا يَفْعَلُون ؟ .. فِي مِصْر كَانُوا يَأكُلُونَ السَّمَك الصَّغِير وَكَانَ المِصْرِيُون يُلْقُونَهُ أمَامَهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَكَانَ المِصْرِيُون يَضْحَكُونَ مِنْ تَزَاحِمْهُمْ وَتَسَاقُطْهُمْ مِنْ أجْل هذَا السَّمَك الصَّغِير جِدّاً .. أي كَانُوا يَذِلُّوهُمْ وَيَضْحَكُونَ عَلَيْهِمْ .. تُرَى هَلْ تَشْتَهُونَ الذُّلْ ؟ الله أتَاهَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَقَادَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَنَار وَبَدَّدْ عَنْهُمْ أعْدَائَهُمْ كَيْ لاَ يَعُودُوا مَرَّة أُخْرَى إِلَى مِصْر لكِنْ لِلأَسَفْ مَازَالَتْ قُلُوبِهِمْ تَشْتَهِي مِصْر أمر عَجِيب أنَّ إِحْسَان الله يُقَابَلْ بِجُحُود .. هذِهِ هِيَ قِصَّة الله مَعَ الإِنْسَان .. الله خَلَقَ آدَم وَحَوَّاء فِي الفِرْدُوس لِيَتَنَعَمُوا بِهِ لكِنْ فِتْرَة بَسِيطَة وَتَمَرَّدْ الإِنْسَان لأِنَّهُ أرَادَ أنْ يَمْتَلِك هُوَ الفِرْدُوس أيْضاً لَمَّا خَرَجَ الشَّعْب مِنْ عُبُودِيِة فِرْعُون عَبَدُوا العِجْل بَيْنَمَا كَانَ مُوسَى مَعَ الله عَلَى الجَبَل يَسْتَلِمْ مِنْهُ الوَصَايَا لِيَضْمَنْ بِهَا الله لَهُمْ حَيَاة .. لِنَرَى هذَا التَّنَاقُض العَجِيبْ مِنْ الإِنْسَان إِتِجَاه الله يَقُولُون { الآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } .. وَمَرَّة أُخْرَى يَقُولُون { قَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ } ( عد 21 : 5 ) .. كَيْفَ ؟ وَالمَنَّ هُوَ الْمَسِيح " المَنَّ " مَعْنَاه " مَنْ " ؟ أي مَوْضِعْ حِيرَة وَلَمَّا نَزَلَ لَهُمْ المَنَّ قَالُوا أنَّهُ مُسْتَدِير وَطَعْمُه حُلْو وَهذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي لَيْسَ لَهُ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَحَلْقُه حَلاَوَةٌ وَكُلُّه مُشْتَهَيَاتٌ( نش 5 : 16) وَهُوَ عَطِيَّة مِنْ عِنْدَ الآب لَنَا .. لِذلِك لَمَّا رَأُوا المَنَّ قَالُوا مَنْ هذَا ؟ أي شَيْء عَاقِلٌ .. وَبَعْد ذلِك يَقُولُون يَبَسَتْ أنْفُسَنَا ؟!!! الله يُعْطِي لِلنَّاس بَرَكَات يَوْمِيَّة وَيُقَدِّم لَنَا نَفْسُه مَجّاناً كُلَّ يَوْم عَلَى المَذْبَح ذَبِيحَة لأِجْلِنَا وَنَقُول لَهُ مَلَلْنَا هذَا المَنَّ .. مَلَلْنَا القُدَّاس ؟!!! يَبَسَتْ أنْفُسَنَا .. الله يُرِيدْ لِشَعْبُه حَيَاة سَلِيمَة مُتَمَتِّعَة بِهِ بَعِيدَة عَنْ أرْض العُبُودِيَّة وَلكِنْ لِلأَسَفْ هُمْ إِشْتَهُوا الذُّلْ .. هذِهِ هِيَ شَهْوِة المَاضِي اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ هُمْ قَوْم زَائِدْ عَلَى الشَّعْب قَدْ يَكُونُوا مَصْرِيِّينْ خَرَجُوا مِنْ مِصْر مَعَهُمْ لأِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَالُوا نَحْنُ ذَاهِبُون إِلَى أرْض تَفِيضُ لَبَنْ وَعَسَلْ فَقَالَ لَهُمْ هذَا اللَّفِيف نَذْهَبْ مَعَكُمْ وَخَرَجُوا مَعَهُمْ لكِنَّهُمْ أتْعَبُوهُمْ وَخَاصَّةً أنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُون الله فَكَانُوا سِر شَكْوَى وَتَذَمُّر الشَّعْب .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا دَاخِلُه لَفِيف يَشْتَهِي شَهْوِة الذَّات تَتَحَالَفْ مَعَ الشَّهْوَة وَالإِثْنَان يَتَحَالَفَان مَعَ مَحَبِّة العَالَمْ فَيَكُون هذَا التَّحَالُف لَفِيف يُعَادِينَا وَيُسَيْطِر عَلَيْنَا .. لِذلِك قَالَ الله لاَ تَكُنْ فِي طَرَف المَحَلَّة بَلْ كُنْ فِي وَسَطْهَا قَرِيب مِنْ اللاَّوِيِّين وَمَحْمِي فِي التَّابُوت وَلاَ تَبْتَعِدْ أي لاَ تَكُون سَطْحِي فِي عِلاَقَتَك مَعَ الله حَتَّى لاَ تَتَعَرَّض إِلَى أعْدَاء لكِنْ كَيْ تَكُون فِي أمَان إِقْتَرِب إِلَى العُمْق .. إِقْتَرِب إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة اللَّفِيف هُمْ جَمَاعَة مُتَذَمِرِينْ مِثْل الزَّوَان وَسَطْ الحِنْطَة أوْ مِثْل الثَّعَالِب الصَّغِيرَةالمُفْسِدَة لِلكُرُوم .. هؤُلاَء يُعَبِّرُون عَنْ خَطَايَا صَغِيرَة تَبْدأ فِي القَلْب ثُمَّ تَخْرُج لِلحَوَاس وَمِنْهَا لِلإِرَادَة ثُمَّ الفِعْل – تَدَرُّج – وَبِذلِك تُسَيْطِر عَلَى الإِنْسَان كُلُّه فَتَسْلِبُه إِرَادَتُه .. يَشْتَكُون شَرَّاً .. اللَّفِيف كَانَ مَوْجُود وَالتَّارِيخ لَمْ يَذْكُره .. هكَذَا هُنَاك خَطَايَا أنْتَ مُحْتَضِنْهَا وَلاَ تَظْهَر لكِنْ فِي يَوْمٍ مَا أوْ مَوْقِفْ مَا تَظْهَر .. لِذلِك رَاقِبْ الجَمَاعَة وَالأطْرَاف وَاللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطْهِمْ الَّذِي وَصَلَ بِهُمْ إِلَى حَالِة التَّذَمُّر وَشَهْوِة الذُّل وَالإِسْتِخْفَاف بِعَطَايَا الله وَالأُمُور الرُّوحِيَّة .. الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله يَذُوق عِذُوبَة بَيْنَمَا البَعِيدْ عَنْ الله لاَ يَرَى عَطَايَاه لِذلِك أدَّبَهُمْ الله .. { فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَحَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ جِدّاً } ( عد 11 : 10) مُوسَى النَّبِي إِحْتَار لأِنَّ الشَّعْب كُلُّه كَانَ يَبْكِي لكِنْ هذَا الأمر جَعَلَ غَضَبْ الله يَحْمَى عَلَيْهِمْ فَأَرَادَ أنْ يُؤَدِّبَهُمْ مَرَّة أُخْرَى لكِنْ مُوسَى يَقُول لله أنْتَ تَغْضَبْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يِتْعِبُونَنِي .. { فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقَلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ . أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتَ لآِبَائِهِ مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ . لأَِنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ }( عد 11 : 11 – 13) .. مُوسَى يَقُول لله هَلْ أنَا حَبَلْت بِهذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ وَوَلَدْتَهُ ؟ لِمَاذَا تَضَعْنِي وَسَطِهِمْ ؟ هُمْ يَبْكُون يُرِيدُون أنْ يَأكُلُوا لَحْماً .. الشَّعْب غَاضِبْ مِنْ الله لكِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُوَاجِه الله أوْ يُكَلِمَهُ مُبَاشَرَةً فَإِشْتَكَى لِمُوسَى وَمُوسَى كَلَّمْ الله .. أحْيَاناً التَّذَمُّر يَنْتَقِل لِلقَائِدْ مُوسَى تَكَلَّمْ مَعَ الله بِإِسْلُوب غِير لاَئِق وَقَالَ لَهُ لِمَاذَا أسَأت إِلَى عَبْدَك ؟ .. { فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هكَذَا فَاقْتُلْنِي قَتْلاً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ . فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي } ( عد 11 : 15) .. قَالَ مُوسَى لله أنَا غَيْر قَادِر عَلَى حِمْل مَسْئُولِيِة هذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ .. فَقَالَ لَهُ الله إِحْضِر لِي سَبْعِين رَجُلاً لِيَتَحَمَلُّوا هُمْ عَنْكَ المَسْئُولِيَّة وَ آخُذْ مِنْ الرُّوح الَّتِي عَلَيْكَ وَأضَعْ عَلَيْهِمْ .. أي إِكْلِيلَك سَيَنْقَسِمْ أنَا وَضَعْتَك فِي هذَا المَكَان وَأنَا أُعِينَك .. لِمَاذَا تَتَذَّمَر ؟ أنَا أعَنْتَك فِي الحُرُوب فَتَذَكَّر ذلِك .. نَفْس التَّذَمُّر قَالَهُ إِيلِيَّا النَّبِي عِنْدَمَا هَرَبْ وَقَالَ لله قَتِلُوا أنْبِيَاءَك وَهَدَمُوا مَذَابِحَك وَبَقَيْتُ أنَا وَحْدِي ( 1مل 19 : 10) فَقَالَ لَهُ الله لاَ تَحْزَن إِمْسَح إِلِيشَعْ نَبِي وَسَآخُذْ مِنْ رُوحِي الَّتِي عَلَيْك وَأضَعْ فِيهِ .. هذِهِ نَتِيجِة التَّذَمُّر لكِنْ العَجِيب أنَّهُ رَغْم تَمَرُّد مُوسَى النَّبِي وَإِيلِيَّا النَّبِي إِلاَّ أنَّهُمَا ظَهَرَا عَلَى جَبَلْ التَّجَلِّي مَعَ يَسُوع .. { فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ وَأَقْبَلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَْكَ . فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَْكَ هُنَاكَ وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ فَيَحْمِلُونَ مَعَْكَ ثِقَلَ الشَّعْبِ فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ وَلِلشَّعْبِ تَقُولُ تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ فَتَأْكُلُوا لَحْماً } ( عد 11 : 16 – 18) .. الله كَلَّمَهُ فِي مُشْكِلَتَيْنِ مُشْكِلِة عَدَم تَحَمُّلِهِ فَجَعَلَ مَعَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَمُشْكِلِة أكْل اللَّحْم وَهذَا مَا جَرَح الله .. قَالَ الله لِمُوسَى قُلْ لِلشَّعْب تَقَدَّسُوا لِلغَدْ فَتَأكُلُوا لَحْماً .. شَهْوِتْكُمْ سَأُعْطِيكُمْ .. { لأَِنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ قَائِلِينَ مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . إِنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ } .. وَكَأنَّ الله يُذَكِّرَهُمْ بِكَلاَمِهِمْ لِتَبْكِيتَهُمْ { فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ . تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرَكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ } ( عد 11 : 18 – 20 ) .. سَتَأكُلُون بِنَهَمْ وَتُشْبَعُون شَهْوَة حَتَّى تَكْرَهُوا أكْل اللَّحْم .. الله إِعْتَبَر هذَا الكَلاَم إِهَانَة لَهُ .. لكِنْ لِلأسَفْ مُوسَى النَّبِي لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَسْتَوْعِبْ كَلاَم الله .. فَقَالَ لَهُ { سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا فِي وَسَْطِهِ . وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ أُعْطيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ } ( عد 11 : 21 ) ألاَ تَعْرِف العَدَد يَا الله ؟ فَهذَا الشَّعْب بِهِ سِت مَائَة ألْف رَجُل كَيْفَ تُعْطِيهُمْ لَحْماً لِيَأكُلُوا شَهْراًمِنْ الزَّمَان ؟{ أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لِيَكْفِيَهُمْ أَمْ يُجْمَعُ لَهُمْ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ لِيَكْفِيهُمْ . فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى هَلْ تَقْصُرُ يَدُ الرَّبِّ . الآنَ تَرَى أَيُوَافِيكَ كَلاَمِي أَمْ لاَ } ( عد 11 : 22 – 23 ) .. يَا مُوسَى أنْتَ تَمَادَيْتَ مَعَ الله .. مُوسَى يَتَكَلَّمْ بِتِلْقَائِيَّة مَعَ الله .. لكِنْ الله قَالَ لِمُوسَى لَنْ تَقْصُر يَدِي .. قَالَ لَهُ الله إِجْمَعْ لِي سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَالآنْ يَتَحَاوَر مَعَهُ .. عَجِيب أنَّ الله يَتَنَازَل مَعَ الإِنْسَان إِلَى مُسْتَوَاه الضَّعِيف .. يَتَكَلَّمْ مَعَ الإِنْسَان كَإِنْسَان وَكَأنَّ مُوسَى وَالله يَقُولاَن لِبَعْضِهِمَا سَنَرَى وَبِالفِعْل { فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ الشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالِيِ الْخَيْمَةِ . فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَْهُ وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ . فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا } ( عد 11 : 24 – 25 ) .. عِنْدَمَا جَمَعَ السَّبْعِينَ رَجُلاً لَمْ يَأتُوا كُلُّهُمْ بَلْ تَخَلَّفْ مِنْهُمْ إِثْنَان وَأتَى ثَمَانِيَة وَسُتُونَ رَجُلاً .. وَلَمَّا حَلَّ عَلَيْهِمْ الرُّوح تَنَبَّأُوا لكِنْ هُنَاك إِثْنَان غَائِبَان كَانَا فِي المَحَلَّة وَلكِنَّهُمْ وَجَدُوهُمَا يَتَنَبَّآن فِي نَفْس اللَّحْظَة أي يَقُولاَن كَلاَم رُوحِي وَأتَى يَشُوع بْن نُون إِلَى مُوسَى النَّبِي وَقَالَ لَهُ أنَّ هُنَاك إِثْنَان غَرِيبَانِ يَتَنَبَّآن إِرْدِعْهُمَا { فَقَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي . يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ } ( عد 11 : 29 ) .. هُنَا يَقُول الآبَاء تَأمُّل جَمِيلٌ .. أنَّ الإِثْنَان اللَّذَان لَمْ يَحْضِرَا حُلُول الرُّوح عِنْدَ الخَيْمَة يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ لكِنْ رَغْم أنَّهُمَا لَمْ يَحْضَرَا حُلُول الرُّوح القُدُس لكِنَّهُمَا كَانَا فِي المَحَلَّة .. هكَذَا نَحْنُ لَمْ نَكُنْ فِي العُلِّيَّة لكِنَّنَا كُنَّا مَدْعُوِّينْ لِلعُلِّيَّة وَنَفْس الرُّوح الَّتِي حَلَّتْ فِيهَا حَلَّتْ عَلَيْنَا مِثْلَ هذَان الرَّجُلاَنِ .. هذِهِ دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ .. الرَّجُلاَن هُمَا " أَلْدَاد " وَمَعْنَاه " مُحِبْ لِلرَّبَّ " .. وَالآخَر " مِيدَاد " وَمَعْنَاه " مَحْبُوب "َهُمَا يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي يُوْم الخَمْسِينْ لكِنَّهَا مَدْعُوَة ذَهَبَ مُوسَى إِلَى المَحَلَّة { فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلْوَى مِنَ الْبَحْرِ وَأَلْقَتْهَا عَلَى الْمَحَلَّةِ نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ حَوَالِيِ الْمَحَلَّةِ وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ } ( عد 11 : 31 ) .. تَخَيَّل أنَّكَ تَسِير لِمُدِّة يُوْم كَامِلٌ وَفَوْقَكَ طِير السَّمَاء فَكَمْ يَكُون عَدَدَهُ ؟وَفِي عَرْض ذِرَاعَيْن أي حَوَالِي مِتْر وَنِصْف .. مِنْ كَثْرِة عَدَد الطُّيُور وَضَعُوا لَهَا شِبَاك وَظَلُّوا يَشْوُونْ وَيَأكُلُون لِمُدِّة شَهْر وَأكَلُوا بِشَهْوَة عَالِيَة وَنَهَمْ وَحَدَثَ مَا قَالَهُ الله " وَجَمَعُوا مِنْهُ كِمِيَات كَبِيرَة لِيَأكُلُوا "{ وَإِذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ حَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً } ( عد 11 : 33 ) .. أحْيَاناً الله يَقُول إِنْ طَلَبْت طَلَبْ غِير مُوَافِقٌ لأِرَادَتِي سَأُعْطِيه لَك لَيْسَ لأِنِّي أُرِيدْ ذلِك بَلْ لِيَكُون كَرَاهَة بِالنِسْبَة لَك .. وَالقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيّ الفَمْ يَقُول{ نُشْكُر الله لأِنَّهُ لاَ يُعْطِينَا كُلَّ مَا نَسْألُه حَتَّى لاَ يَكُون مَا يُعْطِينَا كَرَاهَة لَنَا }إِنَّهُ لاَ يَسْتَجِيب لِطَلَبْنَا حَتَّى لاَ يُضِير لَنَا كَرَاهَة مِثْلَ هذَا اللَّحْم رَغَمْ تَمَرُّد الشَّعْب إِلاَّ أنَّ الله لَمْ يَقْطَعْ إِرْسَال المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. رَغْم جُحُود وَتَمَرُّد الإِنْسَان إِلاَّ أنَّ الله مَازَالَ يُعْطِينَا نَفْسُه وَيَدُه مَفْتُوحَة لِلخِير وَلاَ يَنْضَبْ خَيْرُه أبَداً .. جَمِيلَة قِصَّة الله مَعَ شَعْبُه فِي البَرِّيَّة لأِنَّهَا قِصَّة الإِنْسَان مَعَ الله وَأنَّ كُلَّ هذِهِ الأُمُور كُتِبَتْ لأِجْلِنَا ( 1كو 10 : 11) رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 1925

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل