نظرة شاملة إلى سفر العدد

Large image

أسْفَار مُوسَى الخَمْسَة هِيَ قِصَّة مُعَامَلَة الله مَعَ الإِنْسَان :-
سِفْر التَّكْوِين يُعْلِنْ أنَّ الله إِخْتَارْنِي وَأحَبَّنِي مِنْ خِلاَل إِبْرَاهِيم
سِفْر الْخُرُوج يُعْلِنْ أنَّ الله خَلَّصَنِي مِنْ سُلْطَان وَعُبُودِيِّة إِبْلِيس وَمَذَلِّة الحَيَاة
سِفْر اللاَّوِيِّين يُعْلِنْ أنَّ الله قَدَّسَنِي بِشَرَائِعْ وَتَطْهِيرَات تُعْطِي حَيَاة قَدَاسَة لِلإِنْسَان
سِفْر الْعَدَد يُعْلِنْ أنَّ الله رَافَقْنِي بِعِنَايِة الله بِشَعْبُه فِي البَرِّيَّة وَحَتَّى مَشَارِف أرْض المَوْعِد
سِفْر التَّثْنِيَة يُعْلِنْ أنَّ الله عَلَّمَنِي وَهَذَّبَنِي بِالوَصَايَا
فِي الأصْحَاح الحَادِي عَشَر مِنْ سِفْر العَدَد يُظْهِر مُرَافَقَة الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ جِدّاً وَعِنَاد الإِنْسَان لَهُ .. فَيَقُول { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } ( عد 11 : 1 ) .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 4 – 6 ) يَحْكِي عِنَايِة الله بِالإِنْسَان وَجُحُود الإِنْسَان إِتِجَاه الله .. أيْضاً سِفْر العَدَد يَحْكِي تَنْظِيمَات الله لِلشَّعْب بَعْد أنْ قَالَ لِمُوسَى إِحْصِي الشَّعْب وَقَسِّمَهُمْ تَقْسِيمَه مُعَيَّنَة وَضَعْ لِكُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَظِيفَة هذِهِ هِيَ حِكَايِة كُلَّ نَفْس فِي بَرِّيِّة العَالَمْ وَيَحْكِي عَنْ مَتَاعِبْ وَتَذَمُّر الشَّعْب ضِدٌ الله لِذلِك نُرِيدْ أنْ نَتَعَلَّمْ بَعْض الدُرُوس مِنْهَا :-
عِنَايِة الله بِنَا .. الله يَعُول شَعْبُه بِطُرُق كَثِيرَة .. إِنْ كَانَ الشَّعْب قَدْ خَرَجَ مِنْ أرْض مِصْر وَعَاشَ فِي البَرِّيَّة إِلاَّ أنَّ الله أعْطَاهُمْ إِحْسَاس أنَّهُ المَسْئُول الأوَّل عَنْهُمْ وَعَنْ إِطْعَامِهِمْ وَمَلاَبِسْهِمْ وَمُحَارَبِة الأعْدَاء مِنْ مِصْر وَحَتَّى أرْض كَنْعَان .. المُشْكِلَة أنَّ الشَّعْب كَانَ يُعَانِدْ خِطِّة الله .. نَجِدٌ أنَّ الله دَبَّر عَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار وَمُحَارَبِة الأعْدَاء وَيَضْمَنْ لَهُمْ الوُصُول لكِنَّهُمْ يُرِيدُون الرُّجُوع سِفْر العَدَد يُمَثِّل حُبْ الله لأِوْلاَدُه وَرِعَايْتُه لَهُمْ بِتَفَاصِيلْهَا الدَّقِيقَة لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ الشَّعْب يَتَذَمَّر كَانَ يَصْمُت .. لكِنَّهُ أحْيَاناً كَانَ يَغْضَبْ لأِنَّ الإِنْسَان لاَ يَشْعُر بِعَمَلْ الله مَعَهُ الله خَلَقَ آدَم وَأعْطَاه كُلَّ حُبْ وَهَيَّأ لَهُ كُلَّ الأُمُور وَمُقَابِلْ ذلِك آدَم يُفَكِّر كَيْفَ يَكُون هُوَ الإِله .. وَالكِتَاب يُقِيمْ دَائِماً مُقَارَنَة بَيْنَ مَوْقِفْ الإِنْسَان وَمَوْقِفْ الله .. مُوسَى النَّبِي مَعَ الله فَوْقَ الجَبَلْ يَسْتَلِمْ مِنْهُ الشَّرِيعَة لِيَرْفَعَهُمْ لأِقْصَى دَرَجَة وَهُمْ أسْفَل الجَبَل يَسْجُدُون لِلعِجْل الَّذِي صَنَعُوه ( خر 32 : 8 ) هُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ وَيَعْتَنِي بِهُمْ وَهُمْ يَقُولُون سَئَمَتْ أنْفُسَنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف ( عد 21 : 5 )وَهُنَا يَقُولُون { قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا }القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول لِمَاذَا هذَا التَّمَرُّد فَكَيْفَ كَانُوا سَيُعَامِلُونَ الله إِنْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي أرْض مِصْر ؟!! أرَادُوا أكْل الَّلحْم وَتَذَكَّرُوا السَّمَك الَّذِي كَانُوا يَأكُلُوه مَجَّاناً فِي أرْض مِصْر وَلَمْ يَكُنْ سَمَك يُشْتَهَى بَلْ كَانَ سَمَك الصَّيْد الصَّغِير الحَجْم وَكَانُوا يُلْقُونَ لَهُمْ كِمِيَات مِنْهُ عَلَى الأرْض وَيَنْظُرُوهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَيُسْقِطُونَ بَعْض وَيَضْحَك المِصْرِيُون عَلَيْهِمْ أي كَانُوا يَأكُلُوهُ بِمَهَانَة وَمَذَلَّة وَلِلأسَفْ الإِنْسَان يَشْتَاق لِمَذَلَتِهِ وَكَمَا تَقُول صَلاَة الغُرُوب { لِكُلِّ إِثْمٍ بِحِرْصٍ وَنَشَاطْ فَعَلْت } .. لِذلِك سِفْر العَدَد يُعْلِنْ عَنْ تَدْبِير الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ وَجُحُود الإِنْسَان { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } .. هُنَاك مُلاَحَظَة مُهِمَة وَهيَ أنَّ جِيلْنَا كَثِير التَّمَرُّدٌ وَالتَّذَمُّر وَلاَ يَعْرِف الشُكْر وَالقَنَاعَة وَقَلِيلاً مَا تَجِدٌ إِنْسَان قَانِعْ شَاكِر .. فَتَجِدٌ الشَّخْص مُتَمَرِّدٌ عَلَى سَفَرُه أوْ إِسْتِقْرَارُه .. الدِّرَاسَة .. حَال البَلَدْ .. دَائِمْ الشَكْوَى غِير مُسْتَرِيح لأِي وَضْع يَحْيَاه .. لِنَنْتَبِه أنَّ هذِهِ الشَكْوَى الدَّائِمَة تُتْعِبْ الله وَالشَكْوَى تَصْعَدْ لأُِذُنَيَ الرَّبَّ .. عِنْدَمَا نُدْرِك مَكَانَتْنَا عِنْدَ الله وَتَدْبِيرُه لَنَا فَهذَا الأمر يُسَبِّب مَرَارَة لله مِنْ شَكْوِتْنَا .. مِثْل أب يِتْعَبْ لأِجْل أوْلاَدُه وَهُمْ لاَ يَشْكُرُوه عَلَى تَعَبُه بَلْ يَقُولُون لَهُ مَاذَا تَفْعَلْ لأِجْلِنَا ؟فِي هذِهِ المَرَّة حَمَى غَضَبْ الله عَلَى شَعْبُه فَمَاذَا فَعَلْ ؟ .. { فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } ( عد 11 : 1 ) .. " المَحَلَّة " هِيَ المَكَان الَّذِي يَحِلُّونَ فِيهِ .. النَّار إِشْتَعَلِتْ فِي طَرَف المَحَلَّة .. هُنَا يُرِيدْ أنْ يَقُول لَك لاَ تَكُنْ سَطْحِي فِي الطَّرَف مَعَ الله فِي حَيَاتَك بَلْ أُدْخُلٌ إِلَى العُمْق إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق العِشْرَة مَعَ الله .. إِلَى عُمْق الإِنْجِيل لاَ تَكُنْ فِي الأطْرَاف لأِنَّ النَّار تَشْتَعِل فِي الأطْرَاف .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق الكَنِيسَة عُمْق الجَمَاعَة المُقَدَّسَة .. صَرَخَ الشَّعْب لِمُوسَى وَمُوسَى صَرَخَ إِلَى الله فَخَمَدَت النَّار وَكَأنَّهُمْ يَقُولُون لَيْسَ لَنَا وَجْه أنْ نَتَكَلَّمْ مَعَ الله مُبَاشَرَةً لِذلِك صَرَخُوا لِمُوسَى عِنْدَمَا إِشْتَكُوا طَالِبِينَ أكْل الَّلحْم قَالَ الله لِمُوسَى سَأُطْعِمَهُمْ لَحْم فَقَالَ مُوسَى لله هَلْ تَسْتَخِف بِي هَلْ سَتَأتِي بِسَمَك البَحْر كُلُّه كَيْ تُطْعِمَهُمْ أم تَذْبَح لَهُمْ غَنَمْ وَبَقَر البَرِّيَّة ( عد 11 : 22 )الله يَقُول لِمُوسَى سَتَرَى .. الله بَسِيطْ مَعَ أوْلاَدُه وَأعْطَاهُمْ السَّلْوَى مَسِيرِة يَوْم أي كِمِيَّة كَبِيرَة جِدّاً مِنْ الطُّيُور وَكَأنَّك تَسِير يَوْم كَامِل وَفَوْقَك طُيُور السَّلْوَى وَقَالَ لَهُمْ كُلُوا بِنَهَمْ وَشَهْوَة حَتَّى يَخْرُج الَّلحْم مِنْ مَنَاخِرْكُمْ حَتَّى يَصِير لَكُمْ الَّلحْم كَرَاهَة .. هذَا مَا اشْتَهُوه صَارَ كَرَاهَة لَهُمْ .. قَالَ لَهُمْ { تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ }( عد 11 : 19 – 20 ) .. تَدْبِير الله وَجُحُود الإِنْسَان وَكَمْ أنَّ الله يَتَأنَّى لكِنَّهُ يَغْضَبْ القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { نُشْكُر الله لأِنَّهُ كَثِيراً مَا يَتَأنَّى عَلَى طِلْبَاتْنَا وَلاَ يُعْطِينَا إِيَّاهَا لِئَلاَّ تَصِير لَنَا كَرَاهَة } .. قَدْ يُعْطِيك الله طَلَبَك وَلكِنَّك قَدْ تَقُول لَيْتَنِي مَا طَلَبْتَهُ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ إِحْسَانَات الله الَّتِي كَثِيراً مَا تُقَابَلْ مِنْ الإِنْسَان بِالإِسَاءَة الله إِهْتَمْ بِتَنْظِيمْ الشَّعْب وَتَرْتِيب الأسْبَاط وَعَمَل الخِدْمَة وَمَا هُوَ عَمَل اللاَّوِيِّين أوْلاَد هَارُون ؟ هَارُون كَانَ لَهُ ثَلاَثَة أبْنَاء جَرْشُون وَقَهَات وَمَرَارِي فَقَالَ قَهَات يَحْمِل قُدْس الأقْدَاس .. جَرْشُون يَحْمِل أغْطِيِة خَيْمَة الإِجْتِمَاع .. مَرَارِي يَحْمِل الأعْمِدَة .. أي أنَّ الله يَهْتَمْ بِالتَّفَاصِيل جِدّاً .. الله يَقُول أُرِيدْ مَنْ يَعِيش فِي نَذْر لِيَّ .. وَيُعْطِي شَرِيعَة النَّذْر .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل الله الرَّاعِي الحَقِيقِي لِشَعْبُه الَّذِي يَهْتَمْ بِهِ وَبِدَقَائِق الخِدْمَة وَيَضَعْ الشَّرَائِعْ وَالنَّامُوس وَطَقْس الخِدْمَة .. وَهذِهِ هِيَ جُذُور الطَقْس الكَنَسِي أنَّ الله يُحَدِّد مَهَام وَرُتَبْ وَيُرَتِبْ نَاس تَعِيش فِي نَذْر لَهُ وَيُعْطِي شَرَائِع لِلنَّذْر أنْ لاَ يَشْرَب خَمْر وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسَهُ .. لاَ يَشْرَب خَمْر أي لاَ يَسْكَر بِمَحَبِّة العَالَمْ .. وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسُه لأِنَّ الشَّعْر يَنْبُت مِنْ الجَسَدٌ فِي صُورَِة شِئ مَيِتْ وَكَأنَّ أعْمَال الجَسَدٌ وَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ الجَسَدٌ إِلاَّ أنَّهُ لاَ يَهْتَمْ بِهَا .. لاَ يَمِس مَيِتْ أي لاَ يَتَنَجَّس الطَّقْس وَتَرْتِيب الخِدْمَة وَتَوْزِيعْ الوَظَائِفْ وَنَاس فِي نَذْر لَهُ أي لاَوِي رَمْز لِكَهَنُوت العَهْد الجَدِيد وَرَمْز لِعَمَل الشَّمَاس وَالكَّاهِنْ وَالأُسْقُفْ .. جُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة فِي سِفْر العَدَد تَرَى التَّدْبِير الإِلهِي وَالغَضَبْ الإِلهِي وَجُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة .. جَيِّدٌ أنْ تَشْعُر إِنْ كَانَ الله يُدَبِّر كُلَّ شَيْء لكِنَّهُ يُدَبِّرُه بِك .. لِذلِك البُرُوتُسْتَانْت الَّذِينَ يَلْغُون التَّكْرِيس وَالكَهَنُوت نَقُول لَهُمْ سَتَرُوا جُذُور كُلَّ هذِهِ الأُمُور فِي سِفْر العَدَد .. مِنْ ضِمْن الفُرُوق مَعَ البُرُوتُسْتَانْت فِي قِصَّة مَارْتِنْ لُوثَر أنَّهُ أُعْثِرفِي الكَهَنُوت وَوَجَدَهُمْ أُنَاس سُلْطَة وَمَال فَكَرَه الشَّعْب الكَهَنُوت لأِنَّهُمْ تَاجِرُوا بِمَصَائِرْهُمْ بِصُكُوك الغُفْرَان وَلَمَّا قَالَ مَارْتِنْ لُوثَر لاَ يُوْجَدٌ كَهَنُوت تَبَعَهُ كَثِيرُون فَلَغَى نَذْرُه لأِنَّهُ كَانَ رَاهِبْ وَتَزَوَّج نَقُول لَهُ إِقْرأ سِفْر العَدَد بِهِ شَرِيعِة النَّذِير سِفْر العَدَد يَظْهَر فِيهِ الله كَمُرْشِدٌ .. الشَّعْب يِتُوه فِي البَرِّيَّة وَيَضَلْ وَيَتَذَمَّر وَالله يُرْشِدُه مُوسَى نَفْسُه يَتَحَيَّر فِي أمرٍ مَا مَعَ الشَّعْب يَقُولُون لَهُ يُوْجَدٌ مَنْ لَمْ يَعْمَل الفِصْح فَمَاذَا يَفْعَل ؟مُوسَى يَقُول المَفْرُوض أنَّ هذَا يُقْطَعْ مِنْ شَعْب الله لكِنْ لِنَنْتَظِر أمر الرَّبَّ .. جَيِّدٌ أنَّ مُوسَى أنَّهُ يَسْأل الله أوَّلاً .. فَيَقُول لَهُ الله لِيَعْمَلُه فِي الشَّهْر القَادِم .. أيْضاً فِي تَقْسِيمْ الأرْض سَأل الله وَعِنْدَمَا إِسْتَثْقَل مُوسَى العَمَل صَرَخٌ لله فَقَالَ لَهُ الله إِخْتَار سَبْعِين شِيخٌ يَحْمِلُون مَعَك المَسْئُولِيَّة لكِنْ نَفْس الرُّوح الَّتِي فِيك سَأضَعْهَا فِي السَّبْعِين ( عد 11 : 24 – 25 ) .. الله عِنْدُه حُلُول وَهُوَ المُرْشِد .. وَالعَجِيب أنَّ الوَقْت الَّذِي يَتَذَمَّر فِيهِ الشَّعْب عَلَى الله يَظِلٌ الله فِي خِيرُه .. كَانُوا يَشْتَكُون شَرّاً فِي أُذُنُه وَهُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. قَدْ تَقُول لَوْ كَانَ مَنَعَ عَنْهُمْ المَنَّ عَدَد مِنْ الأيَّام قَدْ يَذِلُوهُمْ فَيَتَأدَبُوا .. لكِنَّهُ لَمْ يَفْعَل بَلْ مَازَالَتْ يَدَهُ مَبْسُوطَة لَهُمْ لأِنَّهُ صَالِحٌ .. مَا مَعْنَى صَلاَحٌ الله ؟ صَلاَحٌ الله لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى البُعْد الإِنْسَانِي .. صَلاَحٌ الله مُطْلَقٌ وَلَيْسَ صَلاَحٌ رَدٌ فِعْل .. هُمْ يَشْتَكُون وَيَقُولُون سَئِمَتْ أنْفُسْنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف وَهُوَ مَازَالَ يُعْطِي المَنَّ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ مُرَافَقَة الله لِشَعْبُه رَغْم كُلَّ ضَعْفُه وَتَعَبُه .. مُوسَى النَّبِي نَفْسُه كَانَ يَمُر بِلَحَظَات ضَعْف وَشَك وَخُوْف وَتَمَرُّدٌ وَالله لَمْ يَتْرُكُه .. حَتَّى أنَّ النَّاس ثَارُوا ثَوْرَة .. هُمْ خَارِجُون مِنْ أرْض مِصْر وَذَاهِبُون لأِرْض كَنْعَان قِيلَ لَهُمْ عَنْهَا أنَّهَا أرْض تَفِيض لَبَنْ وَعَسَل .. فَأرْسَل مُوسَى إِثْنَي عَشَرَ جَاسُوس لِيَتَجَسَّسُوا وَلَمَّا رَجَعُوا عَشَرَة مِنْهُمْ أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَقَالُوا{ هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا } ( عد 13 : 32 ) .. فَثَارَ الشَّعْب وَقَالُوا نَحْنُ تَعَبْنَا أرْبَعِينَ سَنَة فِي البَرِّيَّة وَالتِيه مِنْ أجْل أرْض تَأكُلْ سُكَّانْهَا ؟ وَرَغْم كُلَّ هذَا مَازَالَ الله مُتَمَسِّك بِمَوَاعِيدُه وَيُبَارِك شَعْبُه سِفْر العَدَد يَتَكَلَّمْ عَنْ تَمَرُّدٌ الإِنْسَان وَالحَيَاة المَادِيَّة لِلإِنْسَان وَارْتِدَادُه لأِرْض العُبُودِيَّة وَالخَطِيَّة حَتَّى أنَّ الله كَانَ يُمْكِنُه أنْ يُوَصِلْهُمْ لأِرْض المَوْعِد فِي مُدَّة أقْصَاهَا شَهْر لكِنَّهُ أتَاهَهُمْ أرْبَعِينَ سَنَة كَيْ يَضْمَنْ عَدَم رُجُوعِهِمْ لَوْ لَمْ يَضِلُّوا الطَّرِيقٌ وَكَانَتْ فِتْرِة وُصُولِهِمْ لأِرْض المَوْعِد قَصِيرَة لَرَأيْنَا إِرْتِدَادِهِمْ فِي مَجْمُوعَات مُتَتَالِيَة لأِرْض مِصْرلكِنَّهُ أرَادَ أنْ يَحْمِيهُمْ بِبَعْض حَتَّى إِنْ أرَادَ أحَدْهُمْ العَوْدَة لِمِصْر يُثْنِيه أخِيه قَائِلاً إِنَّ المَسَافَة طَوِيلَة .. أي أنَّ حَتَّى زَيَغَانُهُمْ كَانَ نِعْمَة مِنْهُ وَمَا أجْمَل قَوْل دَاوُد { تَيَهَانِي رَاقَبْتَ }( مز 56 : 8 ) .. أي حَتَّى إِبْتِعَادِي عَنْكَ كُنْتَ تُرَاقِبُه لِذلِك فِي سِفْر العَدَد الله يُقَدِّر جِدّاًمَوْقِفْ الإِنْسَان المُتَمَسِّك بِإِيمَانُه .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحَدَّى الكُلَّ بِإِيمَانُه وَمَا أجْمَل مَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع بَعْد أنْ أشَاعَ العَشْرَة جَوَاسِيس مَذَمَّة فِي الأرْض { لكِنْ كَالِبُ أَنْصَتَ الشَّعْبَ إِلَى مُوسَى وَقَالَ إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَِنَّنَا قَادِرُونَ عَلَيْهَا }( عد 13 : 30 ) .. إِيمَان .. مِنْ أيْنَ إِيمَانَك يَا كَالِب .. " قَادِرُونَ عَلَيْهَا " ؟ .. { وَأَمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ صَعِدُوا مَعَْهُ فَقَالُوا لاَ نَقْدُِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ لأَِنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا . فَأَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسُوهَا ...... قَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ بَنِي عَنَاقٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ . فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ } ( عد 13 : 31 – 33 ) .. صِغَر نَفْس ..صِغَر النَّفْس هُوَ حَال إِنْسَان يَنْظُر لِنَفْسُه خَارِج دَائِرَة الله فَيَحْتَقِر نَفْسُه .. لِذلِك فَرَح الله بِمَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع حَتَّى أنَّهُ قَالَ نَاس أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَكَالِب وَيَشُوع قَالاَ { الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا الأَرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً . إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ }( عد 14 : 7 – 8 ) .. هذَا مَوْقِفْ الإِنْسَان مِنْ الله .. إِنْسَان يَشْعُر أنَّ الحَيَاة مَعَ الله لَذِيذَة جِدّاً وَآخَر يُشِيعْ مَذَمَّة وَيَقُول إِنَّهَا صَعْبَة بَلْ وَمُسْتَحِيلَة .. إِنْسَان يَقُول الحَيَاة مَعَ الله جَيِّدَة جِدّاً إِنْ سُرَّ الله يُعْطِينَا إِيَّاهَا وَآخَر يَقُول رَأيْتُ فِيهَا بَنِي عَنَاق .. إِنْسَان يَقُول .. لاَ .. هُمْ خُبْزِنَا قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلَّهُمْ أي غِير مَوْجُودِينْ .. لِذلِك قَالَ الله لِمُوسَى النَّبِي { حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هذَا الشَّعْبُ وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي } ( عد 14 : 11) .. أي الَّذِي لاَ يُصَدِّق الله يُهِينُه سِفْر العَدَد يُعْلِنْ أنَّ الإِنْسَان فِي رِحْلِتُه مُعَرَّض لِحُرُوب كَثِيرَة لكِنْ الله مَعَهُ لاَ يَتْرُكُه وَإِنْ تَرَكَ الإِنْسَان نَفْسُه لِفِكْرُه وَآرَاء مَنْ حَوْلُه قَدْ يُعْثَر لكِنْ لَوْ تَمَسَّك بِرَجَاءُه وَمَوَاعِيدْ الله وَالكَلِمَة يَقُول مَعَ كَالِب وَيَشُوع إِنَّهَا أرْض جِيِّدَة جِدّاً جِدّاً .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل رِحْلِة الإِنْسَان فِي الحَيَاة كُلَّهَا حَتَّى يَرِث أرْض المِيعَاد وَبِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مَشَقَات وَتَعْزِيَات .. يُوْجَدٌ حُرُوب كَثِيرَة لكِنْ تُوْجَدٌ أيْضاً نِعَمْ .. يُوْجَدٌ مُضَايِقُون لكِنْ أيْضاً يُوْجَدٌ كَالِب وَيَشُوع .. وَإِنْ كَانِتْ النِسْبَة صَعْبَة 10 : 2 .. فَالعَشَرَة جَوَاسِيس هَيَّجُوا الشَّعْب كُلُّه فَصَارُوا شَعْب كَامِلٌ وَلَيْسَ عَشْرَة أشْخَاص ضِدٌ كَالِب وَيَشُوع .. لِنَفْرِض أنَّ الله إِخْتَارَك مِنْ ضِمْن جَمَاعَة مُخْتَارَة لاَبُدْ أنْ تَعْرِف أنَّكَ قِلَّة وَمَسْئُولِيِتَك إِقْنَاع الأغْلَبِيَّة .. كَمْ نَشْتَكِي مِنْ أشْغَالْنَا وَحَيَاتْنَا وَدِرَاسِتْنَا وَحَتَّى الكِنِيسَة وَ .... نَجِدٌ فِيهَا أُنَاس كَثِيرُونَ بَعِيدُونَ عَنْ الله يُشِيعُونَ مَذَمَّة .. مَعَ مَنْ أنْتَ ؟سِفْر العَدَد يَقُول لَك لاَ تَطْرَح ثِقَتَك الَّتِي لَهَا مُجَازَاة حَتَّى وَإِنْ كَانَ عَشَرَة ضِدٌ إِثْنَان إِثْبَتْ .. وَإِنْ هَيَّج العَشَرَة المُجْتَمَعْ كُلُّه فَصَارَ مُجْتَمَعْ ضِدٌ إِثْنَان أيْضاً إِثْبَتْ لأِنَّ الإِثْنَان هُمَا اللَّذَان أرْسَلْهُمَا الله لِيَتَحَمَّلاَ مَسْئُولِيِة جَذْب النَّاس لِمَلَكُوتُه وَلِيُصَدِق النَّاس مَوَاعِيدْ الله فَإِنْ لَمْ تُصَدِّق أنْتَ مَوَاعِيدُه فَأيْنَ رِسَالْتَك ؟ لِذلِك قَالَ الله مَادُمْتُمْ تَشُكُّونَ فِي مَوَاعِيدِي فَلَنْ تَدْخُلُوا الأرْض .. وَبِالفِعْل لَمْ يَدْخُلْ الجِيلْ كُلُّه الخَارِج مِنْ أرْض مِصْر أرْض المَوْعِدْ .. وَعِنْدَمَا قَالُوا لله أخْرَجْتَنَا مِنْ مِصْر لِنَمُوت نَحْنُ وَأوْلاَدْنَا فِي البَرِّيَّة ( خر 14 : 11 ) قَالَ لَهُمْ سَتَمُوتُوا أنْتُمْ مَاعَدَا كَالِب وَيَشُوع وَأوْلاَدَكُمْ فَهُمْ فَقَطْ سَيَدْخُلُون الأرْض .. هَلْ نَتَخَيَّل أنَّ كَالِب وَيَشُوع مَظْهَرِيّاً كَانَ غَالِبَان ؟ .. لاَ لكِنْ كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ } ( 2تي 3 : 14) سِفْر العَدَد يُعْلِنْ سُهُولِة سُقُوطْ الإِنْسَان فِي التَّمَرُّد وَالعِصْيَان لكِنْ ثِق فِي عَمَل الله .. الْمَسِيح رَافَقْنِي فِي كُلَّ مَرَاحِلْ حَيَاتِي .. فِي أرْض مِصْر فِي البَرِّيَّة فِي كَنْعَان وَالأبَاء شَبَّهُوا هذِهِ الثَّلاَثَة بِمَرَاحِلْ النَّفْس :-
1- مِصْر:-
هِيَ مَرْحَلِة الجِهَادٌ ضِدٌ فِرْعُون وَالتَّخَلُّص مِنْ سُلْطَان فِرْعُون .. وَقَدْ تَتَخَيَّلْ أنَّكَ بَعْد التَّخَلُّص مِنْ فِرْعُون قَدْ إِسْتَرَحْت لكِنَّك تَدْخُلْ مَرْحَلَة جَدِيدَة بِحُرُوب جَدِيدَة وَأُسْلُوب جِدِيدٌ .. مَرْحَلِة مِصْرهِيَ مَرْحَلِة المَعْمُودِيَّة وَجَحْدٌ الشَّيْطَان وَالخُرُوج مِنْ يَدْ فِرْعُون .
2- البَرِّيَّة:-
هِيَ مَرْحَلِة عَطَايَا الله .. المَنَّ .. التَّجَلِّيَات .. شَرَائِعْ الله .. لكِنْ بِهَا حُرُوب وَشُكُوك وَأوْجَاع بِأي رُوح تُوَاجِه هذِهِ الأُمُور ؟ بِرُوح كَالِب وَيَشُوع أم بِرُوح الجَمَاعَة ؟ الَّذِي يَصْمُد بِرُوح كَالِب وَيَشُوع يَدْخُلْ المَرحَلَة الثَّالِثَة .
3- َكنْعَان:-
مَرْحَلِة الرَّاحَة الأبَدِيَّة .
حَتَّى فِي مَرَاحِلْ الجِهَاد الرُّوحِي سَيَأخُذْ الإِنْسَان جِهَاد ضِدٌ خَطَايَاه وَيَأخُذْ نُصْرَة وَيَدْخُلْ البَرِّيَّة وَيَجِدٌ حُرُوب أُخْرَى تَخْتَلِفْ فِي نَوْعِهَا لكِنْ مُشْتَرَكَة فِي جَوْهَرْهَا لأِنَّ هَدَف عَدُو الخِير هُوَ عَدَم وُصُولْنَا لِكَنْعَان .. قَدْ تَمُر بِالمَرَاحِلْ الثَّلاَثَة خِلاَل حَيَاتَك كُلَّهَا وَقَدْ تَمُر بِهَا خِلاَل يَوْمَك المُهِمْ أنْ لاَ تَنْظُر إِلَى الوَرَاء وَلاَ تَشْتَاق لِمَذَلِّة مِصْر وَلاَ تَرْغَبْ فِي الرُّجُوع لكِنْ جَاهِدْ بِاسْتِمْرَار فِي ثِقَة أنَّ مَنْ أخْرَجَك مِنْ مَذَلِّة مِصْر وَرَافَقَك فِي البَرِّيَّة قَادِرْ أنْ يُدْخِلَك كَنْعَان رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 1978

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل