رحلة من الأرض لى السماء

Large image

في فترة الصوم نبدأ بالجسد وننتهي بالروح .. نبدأ من إنسان مطرود من الفردوس وتنتهي بإنسان متمتع بالأبدية .. والكنيسة رتبت لنا الصوم المقدس بداية من إسبوع الإستعداد حتى الإسبوع الأخير الذي ينتهي بأحد القيامة .. تسعة آحاد لأننا نبدأ بأحد الرفاع الذي تعتبره الكنيسة من الصوم ثم أحد الكنوز ثم أحد التجربة .. أحد الابن الضال .. أحد السامرية .. أحد المخلع .. أحد المولود أعمى .. أحد الشعانين .. ثم أحد القيامة .
يُقسَّم الصوم المقدس إلى ثلاثة مراحل :0
1- مرحلة المبادئ ← الآحاد الثلاث الأولى .
2- مرحلة النماذج ← الآحاد الثلاث التالية .
3- مرحلة النتائج ← الآحاد الثلاث الأخيرة .
مرحلة المبادئ ← نحن نريد أن نصوم .. أول مبادئ الصوم نأخذها في أحد الرفاع يتكلم عن الصدقة والصوم والصلاة .. وتقول لك الكنيسة عندما تصوم صُم في الخفاء .. لأبيك الذي في الخفاء ( مت 6 : 18) .. ويتكلم عن الخفاء والعطاء والصلاة .
ثم أحد الكنوز .... وفيه تقول لك الكنيسة [ لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض ..... حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ] ( مت 6 : 19 – 21 ) .. ليكن كنزك في السماء وليتعلق قلبك به .
ثم أحد التجربة .... والكنيسة فيه تقول لك عندما تعيش مع الله ستحدُث لك مُضايقات وإن ثبت في الله ستغلِب .
ثلاثة مبادئ أساسية .. قد تقول هذه مبادئ عالية .. أمور لا نستطيع أن نعيشها .. تقول لك الكنيسة لا تخف سترى نماذج تعطيك رجاء .
مرحلة النماذج ← قد تقول أنا خاطئ .. هل أنت خاطئ مثل السامرية ثق أن الله لن يتركك سيذهب إليك .. هل أنت خاطئ أكثر من السامرية ووصلت لدرجة اليأس والإحباط وبدون رجاء ؟ تقول لك الكنيسة لا تخف ربنا يسوع شفى المخلع .. إن كنت مُخطئ كن مثل الابن الشاطر وعُد لأبيك .. إن عشت بهذه النماذج ستستنير عينيك مثل المولود أعمى وربنا يسوع يوضح لك الأمور .
مرحلة النتائج ← إن عشت هذه النماذج سيُنير الله بصيرتك مثل المولود أعمى ثم تفرح بدخول المسيح أورشليم والفرحة الكبرى بالقيامة .
أي من هذه الآحاد إن مرت دون أن تتمتع بها ستفقد بركات كثيرة .. كيف تترك أحد وتبدأ صومك من الأحد الذي يليه ؟ الصوم سلسلة جميلة مملوءة بركات .. لا تتخيلوا كيف تكون الكنيسة متعطشة للصوم المقدس ولا نستطيع أن نتخيل نتائج عمل هذا الصوم في الكنيسة .. هذا الصوم أخرج قديسين وجعل الناس يحبون الصلاة والعطاء والبذل والكنيسة وثبتتهم في الطريق الروحي لذلك يُسمى هذا الصوم بموسم الكنيسة وربيع السنة الروحية .
أحد الشباب بعد التخرج أخذ قطعة أرض صحراوية ومشكلة الصحراء توافر الماء فما الفائدة من الأرض بدون ماء ؟! فكانوا يُقيمون مصارف مياه ويُحدد لكل قطعة أرض يومين أو ثلاثة أيام تُروى فيها الأرض خلال الشهر كله .. فكان هذا الشاب يعمل في أرضه في أيام ريها بكل قُوَّته حتى يضمن أنه سيجني منها ثمر فيما بعد .. أيام الري تُشبه أيام الصوم .. تخيل لو صاحب الأرض تكاسل في أيام ريها ماذا سيحدث للأرض وماذا سيجني ؟ بالطبع لا شئ .
الصوم المقدس فرصة غذاء روحي ونِعَم .. لماذا ؟ لأننا كلنا نعيش بقوة واحدة ونحن كلنا أعضاء في المسيح وأنا في جسمه صائم معه وبالتالي آخذ من قوة صوم المسيح ونُضيف إلى صومنا فيصير بذلك صومنا قوي بقوة صومه .. إذاً أنا أصوم لكي أشترك معه في صومه وآخذ بركات صومه .. وإن لم أصُم هل يليق أن جزء في الجسد يصوم وجزء آخر لا يصوم ؟ لذلك الذي لا يصوم لا يتناول لأنه غير مشترك مع الجسد في صومه وبذلك يكون فَصَل نفسه بنفسه .
أجمل أيام السنة نبدأ فيها طريق روحي مُفرح هي أيام الصوم المقدس لذلك الكنيسة تدخر أجمل ما عندها لنا في الصوم الكبير .. في الوليمة سيدة المنزل تصنع أطعمة فاخرة قد لا تصنعها في الأيام العادية .. لماذا ؟ لأن الوليمة لها مذاق خاص .. الكنيسة أم واعية تعطي لأولادها أجمل ما عندها في الصوم المقدس .. فهل يوجد فصل أجمل من فصل الابن الضال ؟ إذاً لماذا لا تقرأه الكنيسة إلا في الصوم المقدس فقط ؟ لتُشعِرك بمذاقه الحلو .. أنت صائم والكنيسة تقول لك أنت متعب سأعطيك ما هو أفضل من الطعام سأُشبِعك شَبَع روحي .. الكنيسة تريد أن تُعوِضك عن صوم الجسد بالشبع الروحي .. فتشبع أنت ولا تعد تهتم بالجسد .

مرحلة المبادئ :
===================
الكنيسة تضع أول ثلاثة أسابيع مبادئ
أ/ أحد الرفاع :
=================
تكلمك الكنيسة عن الصوم والصلاة والصدقة .. الصدقة تُمثل علاقتي بالناس .. والصلاة تُمثل علاقتي بالله .. والصوم يُمثل علاقتي بنفسي .. حلقة مرتبطة ببعضها وكلما كانت حياتي فيها صلاة كلما شعرت أن حياتي تحلو ويصير لها مذاق لذيذ وتحلو علاقتي بالله وعندئذٍ أقول لنفسي بفرح وقبول صومي بل وتشتهي نفسي الصوم والصلاة والعِشرة مع يسوع .. وعندما تقوى علاقتي مع الله بالصلاة تنضبط علاقتي بنفسي وعندئذٍ أستطيع أن أساعد الآخرين وأعطِ صدقة .
خذ تدريب في الصوم وهو أن توفر من مالك الخاص الذي تُنفقه على نفسك وضعه في صندوق الكنيسة ولا تُعلن ذلك لأحد بل ليكن عطاءك في خفاء .. وفَّر من إحتياجاتك ولن تستطيع أن تعطي صدقة بدون صلاة لذلك تقول الكنيسة [ طوبى للرحماء على المساكين ] لتُعلمنا الصدقة وليس الإدخار والبخل ومحبة المال .. إقطع من إحتياجاتك وشهواتك واعطِ الآخرين .. فترة الصوم المقدس في الكنيسة الأولى كانت أفضل فترة تفرَّح المساكين لأنها تسد احتياجاتهم .
ب/ أحد الكنوز :
==================
مادُمت قد بدأت الصوم والصلاة والصدقة .. إنتبه .. لا تشعر أنك قد خسرت بل أنت قد كسبت كنز في السماء ولا تشعر بالحرمان لأن الأمور التي تبدو أنك خسرتها هي أمور مُعرضة للضياع بينما لو وضعت كنزك في السماء ستبدأ ترتفع عن الأرضيات وتنظر للسماويات .
ج/ أحد التجربة :
====================
عدو الخير لن يتركك ترتفع وتهتم بكنزك في السماء بل يُعطِلك عن الصوم ويقول لك لا تصُم اليوم فأنت مُتعب وستجوع فلا داعي للتناول اليوم وليكن تناولك في يوم آخر .. ويحاربك بالكرامة ويضعك في اختيارات الله أم العالم .. الله يقول لك .. لا تخف من عدو الخير وتجارُبه فقد جربني أنا أيضاً وغلبته ومادمت أنت داخلي ستغلب معي وبقوة صومي .
مرحلة النماذج :
===================
أخذت شحنة روحية وبدأت الطريق لا تخف لأنك خاطئ ومادمت قريب من الله سترى خطاياك لكن لو كنت بعيد عن الله لن تعرف خطاياك .. لكن المشكلة أنك تعرف خطاياك فتتراجع وتيأس .. لا .. الكنيسة تقول لك أنت بالمبادئ الأولى وُلِد فيك إنسان روحي جميل لكن أنت في الأصل خاطئ وأنا سأعطيك ثلاثة نماذج :0
الخطية ← الابن الضال .
تكرار الخطية ← السامرية .
وعمق الخطية لدرجة اليأس ← المخلع .
أ/ أحد الابن الضال :
=======================
أخطأت وتجاسرت على أبيك وتركته وبعِدت عنه لا تخف هو مازال ينتظرك .. تعال إليه ولا تخف .. إرجع .. لذلك أطلق الآباء على الابن الضال إسم الابن الشاطر لأنه عاد ورجع لأبيه .. حتى وإن كنت بعِدت عُد إليه لأنه صالح يرحم ويغفر .
ب/ أحد السامرية :
======================
إن كانت الخطية تتكرر مثل السامرية التي تزوجت بخمسة والذي معها الأن ليس زوجها .. أي عاشت الخطية وكررتها ستة مرات ولفترات مختلفة وهي لا تترك الرجل الذي كانت تحيا معه لأنها تابت بل لأنها قد تتعرف على آخر غيره .. الخطية سلسلة مُحزنة .. ربنا يسوع يعلم قلبها رغم خطاياها .. ذهب إليها وكلمها بلطف كل ذلك وهي تصده في الكلام وأدخلته في حوار فرعي وتكلمت معه بكبرياء لكنه كلمها حسناً وبكل لطف وأعلمها ماضيها .. واليوم عرفت السابع .. يسوع .. الذي فيه كل الكمال .. لذلك إن كنت خاطئ بل وخاطئ جداً .. فَلَكَ يسوع .
ج/ أحد المفلوج :
====================
يأس .. 38 سنة لا يتحرك حتى أنه نسى السير على الأقدام ونسى معالم الحياة حوله .. الخطية مهينة مذلة تُسبب إحباط .. حتى وإن كنت وصلت لأشرس مراحل الخطية .. يسوع لك .. لن يحملك ويُلقيك في البِركة .. بل يقول لك كلمة .. كان المفلوج متوقع أن يسوع يحمله ليُلقيه في البِركة .. لا .. ربنا يسوع جعله يتخطى هذه المرحلة .
الصوم الكبير دعوة توبة وتقديس .. أعطاك مبادئ ونماذج .. أقوى نماذج تمسكت بالطريق وسلكت فيه بمبادئ وعاشت التوبة الأن تنال النتائج .

مرحلة النتائج :
==================
أ/ أحد المولود أعمى :
==========================
كنت أعمى والأن أُبصر ( يو 9 : 25 ) .. أخذت الإستنارة وتقابلت مع المسيح لأنني سرت بالمبادئ وتمثلت بالنماذج .. طبيعي أن أفرح بالمسيح .. تخيل لحظات وأنت مُغمض العينين كيف تكون الحياة ؟ ظلام وسواد .. الخطية ظلام وسواد والمسيح نور .. الخطية جهل وابتعاد ومعرفة المسيح نور وحق وحب وصلاح وانتصار وكنز .. لذلك الإستنارة هي نتيجة للجهاد والصوم بمبادئ ونماذج وتنال البصيرة .
ب/ أحد الشعانين :
======================
ربنا يسوع يدخل أورشليم .. ربنا يسوع يدخل القلب .. أوصنا يا ابن داود ( مت 21 : 9 ) .. تعال واملُك علينا .. أنت مَلِكي وإلهي ومخلصي أُدخل قلبي وطهَّره وقدِّسه ليكون مكان سكناك .. أنت صاحبه أُدخل واملُك .
ج/ أحد القيامة :
===================
الأن صار جسدنا ليس جسدنا ولا حياتنا هيَّ حياتنا ولا وجود للزمن أو الخطية أو الموت .. بل صار وجود للإنسان الجديد إنسان القيامة الغالب للعدو والموت والشقاء .
أي أحد من هذه الآحاد يمر دون أن تتمتع به ستفقد بركات وتُسبب خلخلة .. لا .. كونوا أمناء في فترة الصوم ولا تصُم وأنت كاره أو تصوم على مستوى الجسد لأن الصوم على مستوى الجسد ثقيل لأنه لن يكون سِوى مجموعة حرمانات أما الصوم على المستوى الروحي فهو مجموعة من البركات .. لذلك صُم بفرح وقبول وقناعة ورِضَى .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2811

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل