الصليب في سفر اشعياء

Large image

الصليب فى سفر أشعياء
دعى إشعياء : "النبى الأنجيلى"، ودعى سفره : "إنجيل إشعياء" أو "الإنجيل الخامس". من يقرأه يظن أنه أمام أحد أسفار العهد الجديد، وأن الكاتب أشبه بشاهد عيان لحياة السيد المسيح وعمله الكفارى خاصة "الصليب"؛ يرى صورة حية للفداء وأسراره الإلهية العميقة قال عنه أحد الآباء: [إنه أكثر من أى كتاب نبوى آخر، يحوى أكمل النبوات المسيانية التى وجدت فى العهد القديم، يشهد بطريقة أكيدة عن آلام المسيح وما يتبعها من أمجاد]
+ "هلم نتحاجج يقول الرب : إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، وإن كانت كالدودى تصير كالصوف" (إش 1 : 18). هذه دعوة صريحة تعلن عن شوق الله نحو خلاص كل إنسان يقبل الشركة مع القدوس خلال الصليب. الله يطلب من الإنسان أن يدخل معه فى حوار .. ليته لا ييأس أحد من نفسه حتى وإن بلغ أقصى الشر، حتى وإن عبر إلى التعود على صنع الشر، حتى وإن حمل طبيعة الشر نفسها لا يخف .. عظيمة هى قوة التوبة
+ لأنشدن عن حبيبى نشيد محبى لكرمة .. كان لحبيبى كرم على أكمة خصبة .. وبنى برجا فى وسطه، ونقر فيه معصرة، فانتظر أن يصنع عنبا فصنع عنبا رديا ( بريا ) " (إش 5 : 2) يسكن صاحب الكرم فى هذا البرج لحراسته .. البرج هو مذبح الرب الذى يقام داخل النفس، والمعصرة لعصر العنب وعمل خمر الحب الذى يقدم للفرح الروحى. ما هذه المعصرة إلا صليب ربنا يسوع المسيح الذى اجتاز المعصرة وحده ولم يكن معه أحد من الأمم ( إش 63 : 3 ). قدم دمه المبذول خمر حب يفرح كل قلب مؤمن. انتظر الرب أن يجتنى حبا مقابل الحب، وتوبة وندامة مقابل غفران خطاياه، لكنه وجد قلوبا متحجرة لا تصنع ثمارا تليق بالتوبة. الكل زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله، لذا كان يليق بكلمة الله أن ينزل إلينا ككرم جديد، هو وحده يغرسنا فيه فنأتى بثمر كثير ( يو 15 : 5 ) .
+ أش 9 المولود العجيب جاء إبن الله متأنسا ليحمل نير الصليب بإسمنا فيهبنا كل امكانيات الخلاص. إذ يقول النبى : "لأنه يولد لنا ولد ونعطى إبنا، وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى إسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسى داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد، غيرة رب الجنود تصنع هذا" ( إش 9 : 6 ، 7 ).
كانت البشرية المؤمنة تترقب التجسد الإلهى حيث يأتى إبن الله الذى هو الخالق واهب الحياة ومجدها ليقيم طبيعتنا الميتة الفاسدة إلى صلاحها الذى خلقت عليه، بإعادة خلقتها وتجديدها المستمر فيهبها استمرارية الحياة مع الفرح والحرية.
"وتكون الرئاسة على كتفه"، فقد ملك على خشبة كقول المرتل، خشبة الصليب التى حملها على كتفه بكونها عرش حبه الإلهى.
سلام بين الشعوب :
أ – جاء السيد المسيح ليقيم ملكوته من كل الأمم والشعوب، واهبا سلاما للمؤمنين الحقيقيين "ويكون فى ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجدا" ( إش 11 : 10 ). "ويكون محله مجدا" جاء فى الترجمة اليسوعية "يكون مثواه مجدا"، لعله يقصد أن صليبه الذى كان عارا صار بقيامته مجدا، إذ صار قبره الفارغ مقدسا للمؤمنين فيه يدركون حقيقة مسيحهم واهب الحياة والقيامة وتقول فى ذلك اليوم: أحمدك يارب لأنه إذ غضبت على ارتد غضبك فتعزينى" (إش 12 : 1) . تبدأ الترنيمة الجديدة التى ينطق بها كل من يتمتع بعمل السيد المسيح الخلاصى بالكلمات :
" وتقول فى ذلك اليوم " . أى يوم هذا ؟ إنه يوم الصليب أو يوم الكفارة العظيم الذى فيه نحمد الرب الذى حول الغضب إلى خلاص وتعزية ومجد . لقد تجسم الغضب الإلهى على الخطية التى نرتكبها بصلب السيد المسيح – كلمة الله المتجسد – ليرفعنا من الغضب إلى المجد .
+ يهوه سر خلاصنا وقوتنا وفرحنا :
"هوذا الله خلاصى فأطمئن ولا أرتعب، لأن ياه يهوه قوتى وترنيمتى، وقد صار لى خلاصا، فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص" ( إش 12 : 2 ، 3 )اقتبست الكنيسة القبطية جزءا من هذه التسبحة لتنشدها للرب المصلوب فى يومى خميس العهد وجمعة الصلبوت، وهو: " قوتى وتسبحتى ( ترنيمتى ) هو الرب، وقد صار لى خلاصا. الله هو سر قوتنا وتسبيحنا وخلاصنا ! فى وسط مشاركة الكنيسة عريسها آلامه تسبح وتنشد؛ أما تسبحتها أو أنشودتها فهو المسيح نفسه، هو كل شىء بالنسبة لها بالمسيح المصلوب عرفنا الهتاف ( مز 89 : 15 )؛ هتاف الغلبة على إبليس وأعماله الشريرة ! هتاف الخلاص الذى به ننتقل من الشمال إلى اليمين ننعم بشركة الملكوت السماوى المفرح بالصليب تفجر ينبوع دم وماء من الجنب المطعون لنتقدس ونتطهر، ولكن نشرب ونفرح، إذ وجدنا ينبوع خلاصنا الأبدى.
+ أش 52 :10 قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا
وهذا ما حدث فى الصليب مد الرب يده على خشبة الصليب أمام عيون جميع الأمم وأعلن حبه ورحمته وخلاصه للبشريه كلها لينقذ كل أطراف الأرض من عبوديتها ومذلتها
+ أش 53 المسيح المصـلوب يعتبر هذا الإصحاح من أروع الإصحاحات المحببة لدى المؤمنين لأنه يكشف عن سر الصليب وقوته، حيث بسط الرب يديه بالحب العملي ليخلص البشرية، كما سبق فقال: "وأخلصكم بذراع ممدودة" خر6:6.
1- الصليب سّر فائق 2- الصليب عار وخزي 3- الصليب فداء وخلاص
1- الصليب سّر فائق:
يفتتح النبي حديثه عن الصليب قائلا: "من صدق خبرنا؟! ولمن استعلنت ذراع الرب؟!" إش 53: 1.
يبقى موضوع استعلان ذراع الرب أو تجسد كلمة اللَّه موضوع دهش الخليقة السماوية والأرضية، كيف يصير الكلمة جسداً‍؟!
2- الصليب عار وخزي:
جاء الرب المخلص كغصن ينبت قدام إسرائيل وكجذر من أرض يابسة لذلك استخف به الشعب، وخاصته لم تقبله.
"نبت قدامه كفرخ" ( إش53: 2 )، إذ جاء من نسل داود كنبتة صغيرة، كغصن وهو خالق الكرمة وموجدها. جاء مختفياً، في اتضاع، لذا رُمز إليه بالعليقة الملتهبة ناراً التي تبدو نباتاً ضعيفاً لا قوة له، لكنه بلاهوته نار متقدة!جاء "قدام" إسرائيل بكونه الراعي الذي يتقدم قطيعه!
"وكعرق من أرض يابسة" ( إش 53: 2 )؛ جاء ظهوره بطريقة غير متوقعة، فقد ظن اليهود أن يروا المسيا ملكاً عظيماً ذا سلطان، قادراً أن يحطم الإمبراطورية الرومانية ويقيم دولة تسود العالم؛ أما هو فجاء كجذرٍ مختفٍ في أرض جافة لا يتوقع أحد أنه ينبت ويأتي بثمر. جاء من أرض يابسة إذ ولد من القديسة مريم المخطوبة ليوسف النجار، وكان كلاهما فقيرين؛ "افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره" 2كو8، 9.
جاء السيد المسيح كعْرقٍ من أرض يابسة، إذ كان اليهود في ذلك الحين في حالة جفاف شديد، جاء وسط اليبوسة ليقيم من البرية فردوساً. قالت عنه العروس: "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين" ( نش2: 3 ).
3- الصليب فداء وخلاص:
بعد أن تحدث عن الصليب من الخارج دخل بنا إلى الأعماق لنكتشف سره وقوته كذبيحة اثم وكفارة عن خطايانا، إذ يقول: "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها، ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من اللَّه ومذلولاً" ( إش 53: 4 ).
+ لقد سُحق وجُرح لكنه شَفى كل مرض وكل ضعف(529). القديس غريغوريوس النزنيزي
"ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تُساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش 53: 7) يتحدث النبي هنا في صيغة الماضي وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [هذه هي عادة الأنبياء في القديم أن يتحدثوا عن المستقبل كما عن الماضي(536)].
+ بالتأكيد تتحدث النبوة بأكثر وضوح عن الرب يسوع عندما قيل "مثل حمل سيق إلى الذبح" ( إش53: 7 ) (بكونه فصحنا).
لقد مُسحت جبهتك بعلامة (دمه) وأيضاً القائمتان، إذ حمل كل المسيحيين ذات العلامة. القديس أغسطينوس(537)
+ عندما دخل (بيلاطس ورجال الدين) في حوار الواحد مع الآخرين كان في سلامة، محققاً قول النبي: "لم يفتح فاه، وفي اتضاعه انتزع حكمه" إش 53: 7، 8 (الترجمة السبعينية). القديس يوحنا الذهبي الفم
+ لاق به أن يكون صامتاً أثناء آلامه، ولكنه لا يكون صامتاً في الدينونة.

عدد الزيارات 3132

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل