التَّجَسُّد وَالكِنِيسَة

Large image

مِنْ رِسَالِة مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول إِلَى تِيمُوثَاوُس ﴿ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ﴾ ( 1تي 3 : 16) سَنَتَحَدَّث عَنْ كَيْفَ أنَّ الكِنِيسَة هِيَ التَّجَسُّد وَكَيْفَ تَجْعَلْنَا الكِنِيسَة نَعِيش التَّجَسُّد فَالكِنِيسَة فِي العَهْد القَدِيم هِيَ مَوْضِعْ إِلْتِقَاء الله بِالإِنْسَان لِذَا نَجِد أنَّ الفِرْدُوس هُوَ أوِّل كِنِيسَة لأِنَّ الله وَالإِنْسَان مُجْتَمِعَان فِي هذَا المَكَان وَالمَذَابِح الَّتِي بَنَاهَا الآبَاء وَرُؤَسَاء الآبَاء مِثْل إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب تُمَثِّل كِنِيسَة فَالمَذْبَح فِي العَهْد القَدِيم هُوَ كِنِيسَة ثُمَّ خَيْمَة الإِجْتِمَاع فِي العَهْد القَدِيم هِيَ أيْضاً كِنِيسَة لأِنَّ الخِيمَة كَانَتْ مَوْضِعْ إِلْتِقَاء الله بِالإِنْسَان ثُمَّ هَيْكَل سُلَيْمَان أيْضاً يُمَثِّل كِنِيسَة وَعِنْدَمَا قَالَ رَبَّ المَجْد يَسُوع الْمَسِيح أنَّهُ سَوْفَ يَنْقُض الهِيكَل ثُمَّ يَبْنِيه ( يو 2 : 19) فَهذَا لَهُ مَعْنَى هَام وَهُوَ أنَّهُ سَوْفَ يَنْقُضَهُ بِمَفْهُومُه الحَجَرِي وَيُقِيمُه بِمَفْهُومُه الحَيَّ وَلِهذَا سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ نُقْطِتِينْ :-

(1) مَعْنَى وَأهَمِيِّة التَّجَسُّد :-
إِنَّ التَّجَسُّد هُوَ أنَّ الله سَيَتَحِد بِالإِنْسَان فِي الإِنْسَان فَصَارَ الجَسَد هُوَ هَيْكَل لله فَالتَّجَسُّد هُوَ قِمِّة لِقَاء الله بِالإِنْسَان وَقِمِّة لِقَاء اللاَّهُوت بِالنَّاسُوت فَقِمِتُه لِقَاء كُلَّ مَا هُوَ إِلهِي بِكُلَّ مَا هُوَ بَشَرِي تَمَّ بِالتَّجَسُّد فَالمَعْنَى الحَقِيقِي لِلكِنِيسَة هِيَ إِلْتِقَاء المُؤمِنِينْ بِالله فَبِالتَّجَسُّد إِتَحَدَ الله بِالإِنْسَان وَهذَا الَّذِي تَمَّ فِي أحْشَاء السَيِّدَة العَذْرَاء فَأصْبَحِتْ العَذْرَاء هَيْكَل وَمَدِينَة لله وَهذَا هُوَ الَّذِي يَتِمْ مَعَ كُلَّ نَفْس وَالَّذِي يَتِمْ مَعَ الكِنِيسَة وَهذَا الإِتِحَادٌ لَيْسَ مُؤقَتْ أوْ مُحَدَّدٌ بِشُرُوط وَفِي العَهْد القَدِيم عِنْدَمَا كَانَ يَحِل الله فِي الخِيمَة كَانَ شَعْب بَنِي إِسْرَائِيل يَرُوا سَحَاب وَهذَا يَعْنِي أنَّ مَجْد الرَّبَّ حَلَّ وَعِنْدَمَا يَرْتَفِعْ السَّحَاب يَعْنِي أنَّ الله قَدْ فَارَق الخَيْمَة وَلكِنْ فِي العَهْد الجَدِيد الله سَاكِنْ فِيَّ وَفِي كِنِيسْتُه عَلَى طُول وَعِنْدَمَا أخَذَ رَبَّنَا يَسُوع جَسَد صَارَ مُتَحِدٌ بِالكِنِيسَة فَالتَّجَسُّد فَتَح بَاب الوِحْدَة بَيْنَ الله وَالإِنْسَان وَلَمْ يُصْبِح الله آخَر أوْ خَارِج عَنِّي أوْ غِير مَفْهُوم بَلْ مَفْهُوم لَمْ يَبْقَى الله غِير زَمَنِي بَلْ زَمَنِي فَقَبْل التَّجَسُّد كَانَ مِنْ المُسْتَحِيل الوِحْدَة مَعَ الله ﴿ لأَِنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ ﴾ ( خر 33 : 20 ) وَقَبْل التَّجَسُّد كَانَتْ المَادَّة غَرِيبَة عَنْ الله وَلكِنْ الآنْ أصْبَحِتْ المَادَّة مُتَحِدَة بِالله فَهُوَ إِتَحَدَ بِنَا﴿ فَلَسْتُمْ إِذاً بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزَلاَء بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ ﴾ ( أف 2 : 19 ) وَوَحَدْنَا بِجَسَدُه وَأصْبَحْنَا فِي جَسَدُه وَأصْبَحِتْ الكِنِيسَة لاَ تُمَثِّل مَجْمُوعَة مِنْ النَّاس مُجْتَمِعَة فَقَطْ بَلْ مَجْمُوعَة مُجْتَمِعَة فِي لِقَاء إِتِحَادٌ بِالله وَلِهذَا نَجِد أنَّ كُلَّ طُقُوس الكِنِيسَة هَدَفْهَا التَّمَتُّع بِلِقَاء الله فَصَارَ الْمَسِيح هُوَ مَرْكَز كُلَّ عَمَل يُعْمَل فِي الكِنِيسَة وَأصْبَح الله مُتَجَلِّي فِي حَيَاتْنَا وَإِذَا لَمْ يَنْتَفِعْ الإِنْسَان بِحُضُور الله وَلَمْ يَشْعُر بِهِ فِي الكِنِيسَة كَأنَّهُ لَمْ يَحْضَر إِلَى الكِنِيسَة فَلَوْ غَابَ الْمَسِيح عَنْ وَعْي الإِنْسَان تَصِير العِبَادَة بِلاَ مَعْنَى وَهذَا إِنْحِرَاف خَطِير وَكَأنَّ الله غِير مَوْجُودٌ أوْ مُحْتَجَبْ وَنَجِد زَمَان إِنْ النَّاس كَانِتْ تَعْبُد الإِله لِمُجَرَّدٌ إِتِقَاء شَرُّه وَهذَا مُسْتَوَى وَثَنِي مِن العِبَادَة وَلكِنْ الكِنِيسَة لَيْسَتْ هكَذَا فَالله حَاضِر وَمُتَجَسِّد وَيُعْلِنْ عَنْ حُضُورُه فِي الكِنِيسَة فَنَقُول﴿ عَمَانُوئِيل إِلَهْنَا فِي وَسَطْنَا الآنْ بِمَجْدِ أبِيهِ وَالرُّوح القُدُس ﴾ ( لَحْن أبورؤ ) وَالكَاهِن فِي القُدَّاس يَقُول ﴿ الرَّبُّ مَعَ جَمِيعُكُمْ ﴾ وَأيْضاً يَقُول ﴿ هُوذَا كَائِنْ مَعَنَا عَلَى هذِهِ المَائِدَة اليُّوم عَمَانُوئِيل إِلَهْنَا حَمَل الله ﴾ ( مَا يُقَال فِي صَلاَة القِسْمَة ) فَالإِنْسَان لاَ يَطْلُب حُضُور الله لأِنَّ الله حَاضِر بَلْ يَطْلُب أنْ يَتَمَتَّعْ بِهذَا الحُضُور وَاللِقَاء مَعَهُ وَهذِهِ هِيَ المُمَارَسَة العَمِيقَة وَيَقُول أحَدٌ الآبَاء﴿ كُلَّ مَا تِسْرَح فِي القُدَّاس أُنْظُر إِلَى أي أيْقُونَة وَخَاصَّةً لِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَإِرْفَعْ عِينِيك لُه وَتَنَهَدٌ وَالصَّلاَة الحَقِيقِيَّة هِيَ تُسَاوِي مَجْمُوع هذِهِ التَّنَهُدَات ﴾ وَهُنَا نَجِد أنَّ الإِنْسَان عَمَل شِئ هَام وَهُوَ أنَّهُ إِنْتَبَه لِحُضُور الْمَسِيح وَانْتَبَه لِشِئ خَفِي يَغِيبْ عَنْ وَعْي كَثِيرِينْ وَلِهذَا يَقُول رَبَّ المَجْد﴿ اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا ﴾ ( أش 45 : 22 ) حَتَّى لَوْ الإِنْسَان فِي زَلَّة أوْ ضَعْف أوْ سَقْطَة فَالله يَعْرِف ضَعْف الإِنْسَان وَعَلَى الإِنْسَان أنْ يُصَحِّح مَسَارُه فَالإِنْسَان الْمَسِيحِي الَّذِي يَشْعُر بِحُضُور الله فِي كُلَّ مَكَان يَشْعُر أنَّ الله مَوْجُودٌ فِي الكِنِيسَة وَمَوْجُودٌ أيْضاً فِي الشَّارِع وَفِي بَيْتِهِ وَفِي حُجْرَتِهِ وَكَأنَّهُ فِي السَّمَاء وَيَقُول أحَدٌ الآبَاء ﴿ الَّذِي يُصَلِّي بِاسْتِمْرَار يَشْعُر بِحُضُور الله وَالعَالَمْ كُلُّ يَصِير كَنِيسَة بِالنِّسْبَة لَهُ ﴾ وَيُعْتَبَر التَّنَاوُل مِنْ أكْثَر المُمَارَسَات الرُّوحِيَّة الَّتِي تُحَقِّقٌ إِتِحَادٌ الله بِالإِنْسَان فَعِنْدَمَا يَتَنَاوَل الإِنْسَان فَهذَا هُوَ التَّجَسُّد العَمَلِي فَالله أخَذَ جَسَد وَعِنْدَمَا يَتَنَاوَل الإِنْسَان يَأخُذ هذَا الجَسَد الإِلهِي المُحْيِي فَالكِنِيسَة لاَ تُرِيدْ أنْ تُصْبِح الحَيَاة الرُّوحِيَّة مَعَ الله عِبَارَة عَنْ أفْكَار بَلْ جَعَلَتْهَا مُمَارَسَات فَيَقُول الكَاهِن فِي الإِعْتِرَاف﴿ آمِين آمِين آمِين أؤمِنْ أؤمِنْ أؤمِنْ وَأعْتَرِف إِلَى النَّفَس الأخِير أنَّ هذَا هُوَ الجَسَد المُحْيِي الَّذِي أخَذَهُ إِبْنَك الوَحِيد رَبِّنَا وَإِلهْنَا وَمُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح ﴾ وَلِهذَا نَجَحَتْ الكِنِيسَة فِي تَحْوِيل الحَيَاة الرُّوحِيَّة مِنْ مُجَرَّدٌ نَظَرِيَات إِلَى مُمَارَسَات فَالله أخَذَ جَسَد وَاتَحَدٌ بِالطَّبِيعَة البَشَرِيَّة وَلَمْ يَفْقِدٌ كُونُه إِلهاً وَلَمْ يَفْقِدٌ كُونُه إِنْسَاناً .
(2) بَرَكَات التَّجَسُّد :
(أ) التَّجَسُّد قَدَّس الإِنْسَان وَلَمْ يَلْغِي شَخْصِيَتَهُ :
عِنْدَمَا يَتَنَاوَل الإِنْسَان يُعَمِّقٌ فِكْرِة التَّجَسُّد فِي حَيَاتُه وَعِنْدَمَا إِتَحَدٌ الله بِالإِنْسَان قَدَّسَهُ وَلَمْ يُلْغِيه فَالله جَعَل لِكُلَّ شَخْص صِفَاتُه فَالْمَسِيح عِنْدَمَا تَجَسَّد وَاتَحَدٌ بِالجَسَد قَدَّسَهُ دُونَ أنْ يَلْغِي الجَسَد وَهذَا هُوَ عَظَمِة التَّجَسُّد فَالطَّبِيعَة الفَاسِدَة إِتَحَدِتْ بِجِسْم مُقَدَّس فَلَمْ يُصْبِح الجِسْم فَاسِد فَالله إِتَحَدٌ بِكُلَّ شَخْص وَظَلَّ الشَّخْص مُحْتَفِظْ بِشَخْصِيَتِهِ وَإِسْمِهِ وَذَاتُه وَتَمَيُّزُه لأِنَّهُ إِذَا لَغَى الله الإِنْسَان فَهذَا يُعْتَبَر إِهَانَة وَلِهذَا نَجِد أنَّ الإِنْسَان يَتَنَاوَل مِنْ قُرْبَانَة وَعَصِير الكَرْمَة فَهذِهِ قُرْبَانِة الحَمَل الَّتِي تَحَوَلَتْ بِالإِيمَان إِلَى جَسَد رَبِّنَا يَسُوع وَأصْبَحِتْ لاَ تُقَدَّرٌ بِثَمَنْ وَلكِنْ شَكْلَهَا الخَارِجِي وَطَعْمَهَا يَظَل شَكْل وَطَعْم القُرْبَانَة وَهكَذَا الإِنْسَان الَّذِي يَرَاه بِعِينْ الإِيمَان يَرَاه يَحْمِل الله وَالَّذِي لاَ يَرَاه بِعِينْ الإِيمَان يَرَاه بِطَبْعُه القَدِيم فَالْمَسِيح قَبَل أنْ يَتَحِد بِالمَادَّة وَلاَ يُغَيِّر شَكْلَهَا أوْ طَعْمَهَا وَأيْضاً عِنْدَمَا إِتَحَدٌ الله بِالإِنْسَان قَبَل ضَعَفَاتُه فَالله يَحْضَر فِي الإِنْسَان وَيَقْبَلُه كَمَا هُوَ بَلْ يُقَدِّسُه وَعِنْدَمَا حَلَّ الرُّوح القُدُس عَلَى السَيِّدَة العَذْرَاء وَأصْبَحِتْ حَامِل لَمْ يَتَغَيَّر شَكْلَهَا أوْ نَسَبْهَا أوْ صِحِتْهَا أوْ صُوتْهَا بَلْ ظَلَّتْ كَمَا هِيَ وَلكِنَّهَا حَامِلَة الإِله فَالله يُقَدِّس جَسَد الإِنْسَان وَيُسَمِّيه (( خُبْز الحَيَاة )) وَعِنْدَمَا إِتَحَدٌ الله بِالبَشَرِيَّة فِي بَطْن السَيِّدَة العَذْرَاء فَتَح البَاب لِلبَشَرِيَّة حَتَّى تَتَحِدٌ بِهِ وَيُوْجَدٌ يُوم إِحْتِفَال بِالكَاهِن فِي الدِير غِير يُوم الرِّسَامَة يُسَمَّى (( يُوم إِسْتِلاَمٌ الذَّبِيحَة )) أي أنَّ الكَاهِن هُوَ الَّذِي يُصَلِّي القُدَّاس وَهُوَ الَّذِي يَمْسِك الجَسَد فَيُقَال لَهُ وَصِيَّة هَامَّة وَهيَ أنْ يَحْذَر عَلَى الأسْرَار وَهُوَ يُوَزِعْهَا عَلَى المُؤمِنِينْ فَإِنَّ العَالَمْ كُلُّه لاَ يُسَاوِي مِثْقَال ذَرَّة مِنْهَا وَلِهذَا مِنْ التَّأمُلاَت الجَمِيلَةٌ أنَّ الكَاهِن عِنْدَمَا يِنَاوِل المُؤمِنِينْ يَمْسَح الصِّينِيَة بِأصَابِعُه فَهُوَ يَبْحَث عَنْ الأشْيَاء الصَّغِيرَة ثُمَّ يَعْرِض الصِّينِيَّة عَلَى شَمَاس حَادٌ البَصَر وَيُمِيل الصِّينِيَّة حَتَّى يَرَاهَا الشَّمَاس وَإِذَا وَجَدَ الشَّمَاس أي جُزْء صَغِير مِنْ الجَسَد لاَ يُشَاوِر وَلكِنَّهُ يَسْتَخْدِم الصَّلِيب وَحَتَّى يَتَأكَّد أنَّهُ لاَ يُوْجَدٌ أي شِئ فِي الصِّينِيَّة يَقُول الشَّمَاس (( شيرى باستافروس أي السَّلاَمٌ لِلصَّلِيب )) وَأيْضاً نُلاَحِظْ إِذَا سَقَطَ أي جُزْء مِنْ الجَسَد لاَبُدْ أنْ يَبْحَث عَنْهُ لأِنَّ أي جُزْء مِنْ الحَمَل يُسَمَّى جَوْهَرَة وَيَقُول الآبَاء القِدِّيسِينْ أنَّ الحَبَّة الصَغِيرَة كَأنَّهَا عُضْو تَائِه مِنْ الْمَسِيح أي جُزْء مِنْ الجَسَد شَرَدٌ لاَبُدْ أنْ نَبْحَث عَنْ هذَا الجُزْء وَنَجِدُه وَمِنْ هُنَا نَشْعُر أنَّنَا جِسْم وَاحِدٌ فَلَوْ عُضْو صَغِير تَائِه نَجِد أنَّ القُدَّاس كُلُّه يَقِفْ وَعِنْدَمَا نَسْمَعْ أنَّ هُنَاك نَفْس ضَعِيفَة تُرِيدْ أنْ تَتْرُك الإِيمَان نَحْزَن لأِنَّ هذِهِ النَّفْس جُزْء مِنْ جِسْم الْمَسِيح وَعِنْدَمَا أرَى قَدَاسِة أخِي أفْرَح لأِنَّهُ يُوْجَدٌ جُزْء مِنِّي نَاجِح وَيُكْمِل نَقْصِي وَعِنْدَمَا أرَى ضَعْف أخِي أحْزَن وَلاَ أدِينُه ﴿ فَرِحاً مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ ﴾ ( رو 12 : 15) .
(ب) الإِتِحَادٌ وَالشَرِكَة مَعَ الْمَسِيح :
الكِنِيسَة تُعَلِّمْنَا أنَّنَا جِسْم وَاحِدٌ وَكُلِّنَا نُكَمِّل نَقَائِص وَضَعْف بَعْض وَالْمَسِيح إِشْتَرَك مَعَنَا وَعَلِّمْنَا الشَّرِكَة وَالوِحْدَة فَالمَبْنَى الكَنَسِي هُوَ مَبْنَى مِنْ طُوب وَلِهذَا فَهُوَ عَمَل بَشَرِي وَعِنْدَمَا يُدَشَنْ فَهذَا عَمَل إِلهِي فَالمَبْنَى نَفْسُه يُعَبِّر عَنْ إِتِحَادٌ مَا هُوَ بَشَرِي بِمَا هُوَ إِلهِي وَعِنْدَمَا إِعْتَمَد الإِنْسَان وَدُهِنَ جِسْمُه بِالمَيْرُون أصْبَح جِسْمُه هَيْكَل لِلرُّوح وَلكِنْ الشَّكْل الخَارِجِي لَهُ ظَلَّ كَمَا هُوَفَالْمَسِيحِي شَكْلُه مِثْل بَاقِي النَّاس وَلكِنْ جَوْهَرُه مُخْتَلِفْ عَنْ النَّاس وَمِنْ هُنَا فَالتَّجَسُّد لَمْ يُصْبِح فِكْرَة أوْ نَظَرِيَّة بَلْ تَمَتَّعْنَا بِهِ وَيُوْجَدٌ جَمَاعَة تُسَمَّى (( الغُنُوسِيِّينْ )) يُنَادُوا بِفَلْسَفِة المَعْرِفَة فَقَطْ أي يَتَحَدَّثُوا عَنْ صِفَات الله وَمَاذَا يَسْتَفَادٌ الإِنْسَان عِنْدَمَا أُحَدِّثُه عَنْ صِفَات الله دُونَ أنْ يَشْعُر الإِنْسَان بِأنَّهُ إِتَحَدٌ بِالله ؟ فَالكِنِيسَة حَوِّلِتْ المَعْرِفَة إِلَى مُمَارْسَة فَسِر التَّجَسُّد فِي الكِنِيسَة تَحَوَّل إِلَى شَرِكَة وَعِلاَقَة حَقِيقِيَّة فَالله عِنْدَمَا أرَادَ أنْ يُخَلِّص الإِنْسَان إِتَحَدَ بِهِ وَأخَذَ شَكْل الإِنْسَان ﴿ إِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذلِكَ فِيهِمَا ﴾ ( عب 2 : 14) وَلِهذَا نَجِد أنَّ الكَاهِن يَقُول ﴿ مَحَبِّة الله الآب وَنِعْمَة الإِبْن الوَحِيد رَبِّنَا وَإِلهْنَا وَمُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح وَشَرِكَة وَمَوْهِبَة الرُّوح القُدُس تَكُون مَعَ جَمِيعُكُمْ ﴾ فَأصْبَحِتْ الكِنِيسَة جُزْء مِنْ الإِنْسَان وَالإِنْسَان جُزْء مِنْهَا فَالْمَسِيح خَلَّص العَالَمْ وَلكِنْ إِذَا سَألْتَهُ وَقُلْتَ لَهُ هَلْ كَرَزْت بِالمَسِيحِيَّة أوْ هَلْ كَتَبْت الإِنْجِيل ؟فَيَقُول لَك لاَ وَلكِنْ رَبِّنَا يَسُوع تَرَك كِنِيسْتُه لِتَقُوم بِهذِهِ المُهِمَّة فَنَجِد أنَّ الكِنِيسَة هِيَ الَّتِي كَتَبِتْ الإِنْجِيل مِثْل مَتَّى وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوب وَبُطْرُس وَالكِنِيسَة هِيَ الَّتِي كَرَزَتْ بِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فَالله لَمْ يَلْغِي دُور الإِنْسَان بَلْ إِرْتَفَعْ بِالإِنْسَان إِلَى فَوْق وَعِنْدَمَا ظَهَرَ الله لِبُولِس وَقَالَ لَهُ أنْ يَذْهَبْ إِلَى حَنَانْيَا حَتَّى يُعَمِّدُه كَانَ هذَا دُور هَام لِلكِنِيسَة ( أع 9 : 10 – 18) فَالله القَادِرٌ عَلَى كُلَّ شِئ يَدْعُو الإِنْسَان حَتَّى يَخْدِم أوْلاَدُه وَهذَا تَوَاضُع مِنْ الله فَالله عِنْدَمَا تَجَسَّد أحَبَّ أنْ يُشْرِك أوْلاَدُه مَعَهُ فِي كُلَّ شِئ ﴿ أَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ ﴾( 2كو 5 : 18) فَلاَ يُوْجَدٌ شَخْص أفْضَل مِنْ الآخَر لأِنَّنَا جَمِيعاً نَخْدِم الله وَالإِنْسَان عِنْدَمَا يَعِيش فِي الكِنِيسَة يَفْهَمْ مَعْنَى الفِكْر الوَاحِدٌ وَالإِتِحَادٌ مِثْل اللَحْن الَّذِي لاَبُدْ أنْ يَقُولُه كُلَّ النَّاس مَعَ بَعْض فَيَصْعَد إِلَى السَّمَاء بِصَوْتٍ وَاحِدٌ وَلِهذَا فَالكَنِيسَة مُوَحَدَة فِي ألْحَانْهَا وَعِنْدَمَا تُسْمَع الألْحَان فِي السَّمَاء تُسْمَع بِصَوْتٍ وَاحِدٌ وَلِهذَا لاَ تَعْرِفْ الكِنِيسَة شَخْص مُتَفَرِج فَعِنْدَمَا يَحْضَر الإِنْسَان إِلَى القُدَّاس لاَبُدْ أنْ يَكُون مُشَارِك فِيهِ وَلاَ يَتَحَوَّل إِلَى شَخْص سَلْبِي أوْ مُتَفَرِج وَيَقُول القِدِيس أُوغُسْطِينُوس ﴿ لاَ تَحْرِم الله أنْ يَسْمَعْ ألْحَانُه بِفَمْ شَعْبُه ﴾فَجَسَد وَدَم الْمَسِيح هُمَا دَوَاء لِغُفْرَان الخَطَايَا وَطَهَارَة لِلجَسَد وَالنَّفْس وَالرُّوح وَيَخْرُج الإِنْسَان مِنْ القُدَّاس مُتَجَدِّدٌ الرَّجَاء وَالإِتِحَادٌ وَتُعْطِينَا الكِنِيسَة هذِهِ المَعَانِي العَمِيقَة .
(ج) مُمَارَسَة الأبَدِيَّة عَلَى الأرْض :
فَالله الَّذِي دَخَلَ الزَّمَنْ وَمَلأهُ أدْخَلْنَا مَعَهُ إِلَى الأبَدِيَّة لِنَفْرِض أنَّ الزَّمَنْ كُوب وَالْمَسِيح بَحْر فَعِنْدَمَا جَاءَ الْمَسِيح وَدَخَلَ فِي الزَّمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الزَّمَنْ أنْ يَسْتَوْعِبَهُ فَدَخَلَ فِي الزَّمَنْ وَمَلأهُ وَفَاض فَالزَّمَنْ هُوَ الزَّمَنْ وَالْمَسِيح هُوَ الأبَدِيَّة وَلِهذَا يَقُول الكِتَاب المُقَدَّس ﴿ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ ﴾( غل 4 : 4 ) فَدَخَلَ الإِنْسَان إِلَى الأبَدِيَّة وَأصْبَح يَعِيش السَّمَاء المَفْتُوحَة وَيَعِيش مَعَ القِدِّيسِينْ﴿ كَمَا فِي السَّمَاء كَذلِك عَلَى الأرْض ﴾ فَالله قَدَّس الزَّمَنْ وَالغِير زَمَنِي أصْبَح تَحْت الزَّمَنْ وَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح إِتْوَلَدٌ فِي زَمَنْ مُعَيَّنْ وَعَاش عَلَى الأرْض فِتْرَة مِنْ الزَّمَنْ وَهُوَ قَدِيم الأيَّام( دا 7 : 9 ؛ 13 ؛ 22 ) لاَ بِدَايَة لَهُ وَلاَ نِهَايَة فَتَلاَشَى الزَّمَنْ وَأصْبَحِت الكِنِيسَة نُقْطِة تَلاَقِي الزَّمَنْ بِالأبَدِيَّة وَعِنْدَمَا يَدْخُل الإِنْسَان إِلَى الكِنِيسَة يَشْعُر بِالأبَدِيَّة وَلِهذَا يَقُول الكِتَاب المُقَدَّس ﴿ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ ﴾ ( لو 17 : 21 ) فَنَحْنُ نُمَارِس الأبَدِيَّة عَلَى الأرْض فَالتَّجَسُّد لَيْسَ فِكْرَة بَلْ طَقْس يُمَارَس وَحَيَاة مُعَاشَة فَالْمَسِيح عِنْدَمَا مَلأَ الزَّمَنْ أدْخَلْنَا إِلَى مَا هُوَ فَوْقَ الزَّمَنْ وَعِنْدَمَا يَحْضَر الإِنْسَان سَهْرَة لاَ يَشْعُر بِالزَّمَنْ لأِنَّ الإِنْسَان إِنْتَقَلَ إِلَى اللاَزَمَنْ وَلَمْ يَبْقَى سُلْطَان لِلزَّمَنْ فَالزَّمَنْ إِرْتَفَعَ وَلاَ نَشْعُر بِثِقَلُه أوْ نِيرُه رَبِّنَا يُعْطِينَا بَرَكِة التَّجَسُّد وَنَعِيش سِر التَّقْوَى أنَّ الله ظَهَرَ فِي الجَسَد رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 1558

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل