بركات التجسد

Large image

لَقَدْ أعْطَانَا التَّجَسُد الإِلهِي بَرَكَات كَثِيرَة جِدّاً وَمِنْ كَثْرِة عَطَايَا التَّجَسُد مِنْ المُمْكِنْ أنْ لاَ نَسْتَوْعِب مَجْدَهَا .. فَمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول فِي رِسَالْتُه إِلَى أهْل غَلاَطْيَة ﴿ وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ أرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأةٍ مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ لِيَفْتَدِي الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ . ثُمَّ بِمَا أنَّكُمْ أبْنَاءٌ أرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً يَا أبَا الآبُ . إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَل ابْناً وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لله بِالْمَسِيحِ ﴾ ( غل 4 : 4 – 7 ) فَمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَرْبُط التَّجَسُد وَيَقُول إِنْ الإِنْسَان أصْبَح إِبْن وَافْتُدِيَ مِنْ لَعْنِة النَّامُوس وَأنَّهُ نَالَ التَّبَنِّي وَرُوح إِبْنِهِ يُرْسَل إِلَى قَلْبُه وَيَصْرُخ يَا أبَا الآب .. فَبِالتَّجَسُد لَمْ يُصْبِح الإِنْسَان عَبْداً بَلْ إِبْناً وَوَارِث وَكُلَّ هذِهِ مِنْ بَرَكَات التَّجَسُد .. فَظُهُور الله بِالجَسَد هُوَ سِر بَرَكَة وَتَقْوَى وَبُنُّوَة وَسِر فِدَاء .. ظُهُور الله فِي الجَسَد جَعَلَ الله قَرِيب مِنْ الإِنْسَان جِدّاً فَبَدَأَ الإِنْسَان يَسْمَع وَيَرَى وَيَلْمِس وَيَعْرِف الله فَيَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الجَسَد ﴾ ( 1تي 3 : 16) وَحَتَّى يَتَمَتَّع الإِنْسَان بِالتَّجَسُد فَهُنَاك ثَلاَث كَلِمَات تَجْعَل الإِنْسَان يِفْرَح بِالتَّجَسُد وَهُمْ الله تَجَسَد :-
مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالْتُه إِلَى أهْل رُومْيَة يَقُول ﴿ إِذْ أرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الخَطِيَّةِ وَلأِجْلِ الخَطِيَّةِ دَانَ الخَطِيَّةِ فِي الجَسَدِ ﴾ ( رو 8 : 3 ) .
1- لِيَفْدِينِي :-
عِنْدَمَا سَقَطَ الإِنْسَان فِي الخَطِيَّة فَخَطِيِتُه مُوَجَهَة ضِدٌ الله .. وَالله غِير مَحْدُودٌ وَالخَطِيَّة غِير مَحْدُودَة .. إِذاً فَلاَبُدْ إِنْ الَّذِي أخْطَأ هُوَ الَّذِي يَدْفَع الثَّمَنْ .. وَالثَّمَنْ هُوَ المُوْت .. وَلَيْسَ آدَم فَقَطْ هُوَ الَّذِي أخْطَأ بَلْ كُلَّ إِنْسَان يَفْعَل الخَطِيَّة .. وَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس﴿ لَيْسَ مَوْلُودٌ إِمْرَأة يَتَزَكَّى أمَامَك ﴾ ( مِنْ صَلاَة الصُّلْح " يَا رَئِيسُ الحَيَاة وَمَلِك الدُّهُور )فَأي مَوْلُودٌ يُولَدٌ يَكُون مَعَهُ شِهَادِة حُكْم المُوْت وَإِنْ كَانِتْ حَيَاتُه يُوْم وَاحِدٌ عَلَى الأرْض وَبِهذَا فَالإِنْسَان الَّذِي خَلَقَهُ الله سَيَمُوت .. وَلكِنْ الله مَحْصُور بَيْنَ رَحْمِتُه وَعَدْلُه فَرَحْمِتُه تَقْتَضِي أنْ يِسَامِح الإِنْسَان .. وَعَدْلُه يَقْتَضِي أنْ يَحْكُم عَلَى الإِنْسَان بِالمُوْت وَلِهذَا فَالله سَوْفَ يُوفِي الإِثْنَيْنِ حَقَّهُمَا فَبِرَحْمَتِهِ سَيَغْفِر لِلإِنْسَان وَبِعَدْلِهِ سَيُمِيت الإِنْسَان .. أي أنَّهُ سَيَجْعَل وَاحِدٌ مَقَامُه بِمَقَام الكُلَّ حَتَّى يَمُوْت عَلَى الكُلَّ .. وَاحِدٌ غِير مَحْدُودٌ .. وَلِهذَا فَاقْتَضَى الأمر أنْ يَتَجَسَد الله لِيَصْنَع بِنَفْسِهِ فِدَاء وَحَتَّى يَمُوْت بَدَل الجَمِيع .. فَرَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح عِنْدَمَا عُلِّقَ عَلَى الصَّلِيب وَمَاتَ .. مَاتَ مِنْ أجْل جَمِيع الأجْيَال السَّابِقَة وَالحَالِيَة وَأيْضاً الأجْيَال الآتِيَة .. وَلكِنْ الَّذِي يَفْدِي الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يَكُون إِنْسَان مِثْلُه .. وَهذِهِ هِيَ مُعَادَلَة التَّجَسُد أنَّهُ إِله كَامِل فَفِدَاؤُه غِير مَحْدُودٌ .. وَهُوَ إِنْسَان كَامِل فَفِدَاؤُه نَافِع لِلإِنْسَان .. وَلِهذَا وُلِدَ رَبَّنَا يَسُوع مِنْ إِمْرَأة حَتَّى يَأخُذ طَبِيعِة وَجِسْم الإِنْسَان وَيَكُون لَهُ دَم وَلَحْم .. وَلِهذَا نَقُول * نَسْل المَرْأة يَسْحَق رَأس الحَيَّة * ( تك 3 : 15) .فَالجَسَد الَّذِي أخْطَأ هُوَ نَفْسُه الجَسَد الَّذِي يَفْدِي .. وَلاَبُدٍْ أنْ يَكُون إِله حَتَّى يُصْبِح فِدَاؤُه يُغَطِّي الكُلَّ وَإِنْسَان لَهُ لَحْم وَدَم وَيَكُون بِغَيْر خَطِيَّة – أي بَار – وَلاَ يَحْتَاج لِفِدَاء وَإِلاَّ فَإِنَّهُ سَوْفَ يَأتِي لِيَفْدِي نَفْسُه فَقَطْ .. وَهذِهِ الشُرُوط إِسْتُوفِت بِالكَامِل فِي شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح القُدُّوس المُبَارَك وَهذِهِ هِيَ عَظَمِة الْمَسِيحِيَّة أنَّ الله إِقْتَرَبْ مِنْ الإِنْسَان وَأحَبُّه وَلَمْ يَدَعُه لِلمُوْت فَالله يَعْرِف أنَّهُ مِنْ المُسْتَحِيل أنْ يَصْعَد الإِنْسَان لَهُ وَلِهذَا فَهُوَ الَّذِي نَزَلَ لِلإِنْسَان فَرَبَّنَا يَسُوع جَاءَ حَتَّى يَعْتَقْنَا مِنْ سُلْطَان الشَّر وَالخَطِيَّة .. جَاءَ لِيَصْنَع بِر وَفِدَاء وَخَلاَص وَكُلَّ الأبْرَار وَالقِدِّيسِينْ وَالمَلاَئِكَة مَنْ فِيهُمْ يَسْتَطِيع أنْ يَكُون فَادِي ؟ لاَبُدْ أنَّ الَّذِي يَفْدِي الإِنْسَان يَكُون غِير قَابِل لِلمُوْت فَجَاءَ الله لِيَرْفَع حُكْم المُوْت وَغَلَبْ المُوْت .. إِنَّ أعْدَاء الْمَسِيح فَرَحُوا عِنْدَمَا مَاتَ الْمَسِيح وَلكِنْ الْمَسِيح جَاءَ لِيَمُوْت وَيَقُوم وَيَنْقِل لأِوْلاَدُه سُلْطَانُه عَلَى المُوْت .. فَمنْ شُرُوط الفَادِي أنْ لاَ يَكُون لِلمُوْت سُلْطَان عَلِيه أي أنَّهُ يَكُون أقْوَى مِنْ المُوْت .. وَبِتَجَسُد الْمَسِيح أعْطَى لِلعَالَمْ حَيَاة أبَدِيَّة .. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَجَسَد الْمَسِيح لَظَلَّ الجَحِيم مُسَيْطِر عَلَى الإِنْسَان وَيَظِل الله مُحْتَجَبْ وَلُغْز وَيَبْقَى الإِنْسَان تَحْت وَصِيِة الشَّرِيعَة وَيُقَدِّم ذَبَائِح دَمَوِيَّة وَرَئِيس كَهَنَة يَدْخُل مَرَّة وَاحِدَة إِلَى قُدْس الأقْدَاس .. وَلكِنْ بِتَجَسُد الله فُتحَ الهِيكَل وَرَفَعْ عَنَّا سُلْطَان الجَحِيم وَالشَّر وَحَرَّر الإِنْسَان مِنْ حُكْم المُوْت الَّذِي سَيْطَر عَلِيه وَلِهذَا أخَذَ جَسَد .. ﴿ الكَلِمَة صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا ﴾( يو 1 : 14) وَلكِنْ مُمْكِنْ أحَدٌ يَقُول أنَّ هذَا الجَسَد شَر وَخَطِيَّة .. وَلكِنْ رَبَّنَا يَسُوع جَاءَ لِيُحَوِّل الخَطِيَّة وَيَتَحِد بِيَّ .. مِثْل الشَّمْس عِنْدَمَا تَدْخُل إِلَى المَنْزِل تُطَهِّرُه .. وَالشَّمْس غِير قَابِلَة أنْ تَتَلَوَث وَهكَذَا الْمَسِيح فَهُوَ غِير قَابِل أنْ يَكُون شِرِّير .. وَإِذَا كَانَ هذَا الجَسَد شِرِّير فَهُوَ غِير قَابِل أنْ يَضَع فِيهِ بَصْمِة الشَّر بَلْ هُوَ الَّذِي وَضَعَ فِيهِ بَصْمِة القَدَاسَة .
2- لِيُعَلِّمْنِي :-
عِنْدَمَا جَاءَ رَبَّنَا يَسُوع يَقُول الكِتَاب المُقَدَّس أنَّهُ فَتَحَ فَاه وَعَلَّمَهُمْ قَائِلاً ( مت 5 : 2 ) .. وَهُنَاك تَقْلِيد مُتَوَارث بَيْنَ الأجْيَال وَهُوَ أنَّ الله هُوَ الَّذِي عَلَّم أبُونَا آدَم ثُمَّ بَعْد ذلِك عَلَّم أبُونَا آدَم أوْلاَدُه وَأصْبَحَ التَّقْلِيد يُسَلَّم عَنْ طَرِيقٌ البَشَر .. وَوَضَعَ الله فِي الإِنْسَان الضَمِير حَتَّى يُبَكِتُه وَيُنْذِرُه .. وَلكِنْ الضَمِير وَالتَّقْلِيد الشَفَهِي لاَ يَكْفِيَان لأِنَّ مَعَ تَعَوُدٌ الإِنْسَان الخَطِيَّة فَمِنْ المُمْكِنْ أنْ يَمُوت الضَمِير .. وَأيْضاً مُمْكِنْ الَّذِي يَنْقِل التَّقْلِيد الشَفَهِي أنْ لاَ يَكُون أمِين .. فَعَمَل الله وَصِيَّة مَكْتُوبَة مَنْقُوشَة عَلَى حَجَر وَابْتَدأَ يُعَلِّم وَيُرْسِل الأنْبِيَاء حَتَّى يُنْذِرُوا النَّاس بِالتُوبَة .. وَتَنَبَّأوا عَنْ مَجِئ المُخَلِّص وَعَنْ أُمور مُسْتَقْبَلِيَّة .. وَلكِنْ فِي النِهَايَة لَمْ يَنْصَلِح الإِنْسَان وَلِهذَا جَاءَ رَبَّنَا يَسُوع لِيَكُون هُوَ نَفْسُه مَصْدَر التَّعْلِيم وَحَتَّى يُعَلِّم أوْلاَدُه عَنْ طَرِيقٌ حَيَاتُه وَسُلُوكُه وَكَلاَمُه .. فَهُوَ مُشَرِّع شَرِيعَة الكَمَال وَوَاضِعْ النَّامُوس الأفْضَل .فَمَا مِنْ أمر يَحْتَاج الإِنْسَان أنْ يَتَعَلَّمُه وَإِلاَّ رَبَّنَا يَسُوع عَلَّمُه .. فَمَثَلاً قَالَ ﴿ سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ . وَأمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُمْ أحِبُّوا أعْدَاءَكُمْ بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ أحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأِجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ﴾ ( مت 5 : 38 – 44 ) .. فَهُنَاك دَرْس جَدِيد فَالله يُرِيدْ أنْ يَصْنَع مَعَ الإِنْسَان عَهْد جَدِيد وَخَلاَص جَدِيد وَأنْ يُعَلِّمُه طَرِيقٌ التُوبَة وَالقَدَاسَة وَكَيْفَ يُقَدِّس الإِنْسَان عَيْنَيْهِ وَجَسَدُه وَفِكْرُه .. فَمَثَلاً قَالَ لَهُمْ ﴿ قَدْ سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ لِلقُدَمَاء لاَ تَزْنِ .. وَأمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأةٍ لِيَشْتَهِيهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ ﴾ ( مت 5 : 27 – 28 ) .. فَكَانَ يُعَلِّم الجُمُوع بِسُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالكَتَبَة ( مت 7 : 29 ) .. وَلِهذَا فَهُمْ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمُه ( مت 7 : 28 ) .. فَجَاءَ الله لِكَيْ يُقَرِّب الإِنْسَان مِنْهُ وَمِنْ صِفَاتُه وَيَجْعَلُه يَفْهَمُه وَيُحِبُّه .. وَبَيَّنْ الله كَيْفَ أنَّهُ يَقْبَل الخَاطِئ وَأنَّ هُنَاك عُقُوبَة تَنْتَظِر الخُطَاة .. وَتَكَلَّم عَنْ الدَيْنُونَة وَالبِرِّ وَعَمَل الرَّحْمَة وَالصَّلاَة فِي الخَفَاء وَالإِتِضَاع .. فَعِنْدَمَا تَحَدَّث الله عَنْ الإِتِضَاع نِرَى مَدَى إِتِضَاعُه وَعِنْدَمَا عَلَّمْنَا التَّسَامُح نَرَى مَدَى تَسَامُحُه .. فَمَا مِنْ أمر عَلَّمُه السَيِّد الْمَسِيح إِلاَّ وَفَعَلُه .
3- لِيَتَحِد بِيَّ :-
الله مُحْتَجَب وَيَسْكُنْ سَمَاء السَّموَات .. الله لَمْ يَرَاه أحَدٌ قَطّ ( يو 1 : 18) .. ﴿ الإِنْسَان لاَ يَرَانِي وَيَعِيش ﴾ ( خر 33 : 20 ) .. وَبِالرَّغْم مِنْ وُجُودٌ أبْرَار فِي العَهْد القَدِيم فَهُمْ أتْقِيَاء وَهذِهِ التَّقْوَى جَعَلَتْهُمْ يَشْعُرُون بِحُضُور الله .. وَبِالرَّغْم مِنْ ذلِك قَالَ السَيِّد الْمَسِيح ﴿ أنْبِيَاء وَأبْرَاراً كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أنْ يَرَوْا مَا أنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا وَأنْ يَسْمَعُوا مَا أنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا ﴾ ( مت 13 : 17) فَمُوسَى النَّبِي رَئِيس الأنْبِيَاء الَّذِي دَافَعْ الله عَنْهُ وَقَالَ أنَّهُ أمِينٌ فِي كُلّ بَيْتِي ( عد 12 : 7 ) مُوسَى النَّبِي الَّذِي كَانَ يُكَلِّمْ الله كَمَنْ يُكَلِّمْ صَاحِبُه وَلكِنْ بِالتَّجِسُد أصْبَح الإِنْسَان يَسْتَطِيع أنْ يَتَكَلَّم مَعَ الله كَمَنْ يُكَلِّم صَاحْبُه وَأصْبَح مِنْ المُمْكِنْ عَلَى الإِنْسَان أنْ يَتَصَوَر وَيَسْمَع وَيَتَخَيَّل الله لأِنَّهُ إِقْتَرَب مِنْهُ وَلَمْ يُصْبِح الله صُورَة مُخِيفَة فِي ذِهْن الإِنْسَان أوْ إِله مُحْتَجَب .. بَلْ جَاءَ الله لِكَيْ يَضَعْ رُوحُه فِي الإِنْسَان وَحَتَّى يَتَكَلَّمْ مِنْ دَاخِل الإِنْسَان لِنَنَال التَّبَنِّي .فَرُوح إِبْنُه إِتَحَد بِالإِنْسَان وَخَلَقٌ مِنْهُ هَيَاكِل مُقَدَّسَة وَأوَانِي مَجْد .. ﴿ أخَذَ الَّذِي لَنَا وَأعْطَانَا الَّذِي لَهُ ﴾ ( ثِيؤُطُوكِيِة الجُمْعَة ) .. فَهُوَ أحَبَّنَا وَعَلَّمْنَا كَيْفَ نُحِبُّه وَنُعْطِيه كُلَّ قُلُوبْنَا وَاتَحَد بِأجْسَادْنَا .. الإِنْسَان الَّذِي طَبِيعْتُه لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَسْتَوْعِب هذِهِ الأُمور وَلكِنْ عِنْدَمَا تَجَسَّد الله أصْبَح الإِنْسَان يَفْهَمْ الله وَيَتَكَلَّمْ مَعَهُ .. الإِنْسَان المَخْلُوق مِنْ تُرَاب جَعَلَهُ وَعَاء مَجْد وَمِنْ هُنَا نَجِدٌ مَدَى عَظَمِة القِدِّيسِينْ فِي العَهْد الجَدِيد وَالشُّهَدَاء وَالنُّسَاك وَالأبْرَار وَالمُتَوَحِدِينْ وَالبَتُولِيِينْ .. فَفِي العَهْد القَدِيم كَانَ يُوْجَدٌ نَمَاذِج قَلِيلَة لِلبَتُولِيَّة وَلكِنْ فِي العَهْد الجَدِيد يُوْجَدٌ مِئَات بَلْ آلاَف مِنْ البَتُولِيِينْ وَالرُّهْبَان وَالنُّسَاك .. فَالله إِقْتَرَب مِنْ الإِنْسَان وَأصْبَحَت إِمْكَانِيَات القَدَاسَة مَوْجُودَة وَمُتَاحَة لَنَا وَصَارَ لَنَا فِدَاءً وَخَلاَصاً .
تَدْرِيب عَمَلِي :
كَيْفَ يَتَمَتَّع الإِنْسَان بِهذِهِ الثَّلاَث بَرَكَات ؟ .. جَاءَ الله لِيَفْدِينِي مِنْ حُكْم المُوْت وَمِنْ العُقُوبَة وَمِنْ الهَلاَك وَنَأخُذ هذَا عَنْ طَرِيقٌ التُوبَة .. فَبِالتُوبَة تُغْفَر خَطَايَا الإِنْسَان وَيَشْعُر بِالرَّاحَة وَحَتَّى يَشْعُر بِالخَلاَص فِي التُوبَة فَهذَا يَتِمْ بِدَم الْمَسِيح وَصَلِيبُه .. إِنَّ الإِنْسَان فِي العَهْد الجَدِيد يُؤمِنْ بِقُوِّة وَبَرَكِة الصَّلِيب فَيَشْعُر أنَّهُ فِي الْمَسِيح يَسُوع وَيُصْبِح الإِنْسَان مَفْكُوك مِنْ الخَطِيَّة وَمَرْفُوع فَوْقَ ضَعْفُه وَسَقَطَاتُه وَآلاَمُه .. وَعَلاَمِة الصَّلِيب هِيَ عَلاَمِة الخَلاَص وَالفِدَاء .. فَالسَيِّد الْمَسِيح لاَ يُحِبْ أنْ يَكُون تَجَسُّدُه مُجَرَّدٌ نَظَرِيَات بَلْ يَكُون عَامِل فِينَا فَنَشْعُر بِفَرْحِة الفِدَاء .. وَلِهذَا يَقُول الآبَاء القِدِّيسِينْ ﴿ إِرْشِم وَجْهَك كَثِيراً .. وَارْشِم جَسَدَك كَثِيراً بِعَلاَمِة الصَّلِيب ﴾ .. فَالوَجْه الَّذِي يَتَقَدَّس بِعَلاَمِة الصَّلِيب لاَ يَنْحَنِي لِلشَّيَاطِين وَالجَسَد الَّذِي تَقَدَّس بِعَلاَمِة الصَّلِيب لاَ يَخْضَع لِلشَّيَاطِين .. وَأيْضاً يَقُول أحَدٌ الآبَاء القِدِّيسِينْ﴿ إِتِحِد بِالصَّلِيب لأِنَّ الصَّلِيب هُوَ دَوَاء لِكُلَّ شَهْوَة ﴾ .يُعَلِّمْنِي .. كُلَّ مَا قَالَهُ السَيِّد الْمَسِيح مِنْ تَعَالِيم فَهذَا لِي وَكَأنَّ الإِنْسَان جَالِس مَعَ النَّاس الَّذِينَ عَلَّمَهُمْ السَيِّد الْمَسِيح .. وَمِنْ الجَمِيل أنْ يَأخُذ الإِنْسَان الكِتَاب المُقَدَّس وَيَشْبَع مِنْهُ بِشَغَف وَأنْ يَأخُذ التَّعَالِيم الَّتِي قَالَهَا السَيِّد الْمَسِيح وَيَضَعْهَا فِي قَلْبُه .. وَمِنْ كَثْرِة مَحَبِّة النَّاس لِرَبِّنَا يَسُوع كَانُوا يَجْتَمِعُون حَوْلُه بِكَثْرَة فَكَانَ يَأخُذَهُمْ إِلَى مَوْضِع خَلاَء عَلَى جَبَلٍ أوْ عِنْدَ بَحْر أوْ عَلَى طَرِيقٌ زِرَاعِي لِيُعَلِّمَهُمْ .. وَعِنْدَمَا كَانَ يَذْهَب الْمَسِيح إِلَى مَنْزِل يَذْكُر الكِتَاب المُقَدَّس أنَّ النَّاس كَادَت أنْ تَدُوس بَعْضَهَا وَأيْضاً حَادِثَة المَفْلُوج الَّذِي دَلُّوه مِنْ السَّقْف ( مر 2 : 3 – 4 ) فَالسَيِّد الْمَسِيح جَذَّاب جِدّاً .. كُلَّ النَّاس تُرِيدْ أنْ تَسِير خَلْفَهُ وَأنْ تَسْمَع كَلاَمُه وَتَعَالِيمُه وَنَحْنُ يُوْجَدٌ مَعَنَا الكِتَاب المُقَدَّس – كَلاَم الْمَسِيح – فَاتْبَع الْمَسِيح وَكَلاَمُه وَكُلَّ مَوْقِفْ حَدَث إِفْرَح وَاشْبَع وَتَعَزَّى بِكَلاَمُه .. لاَ تَجْعَل الكِتَاب المُقَدَّس مُغْلَقٌ كَأنَّكَ تَعْرِف مَكَان السَيِّد الْمَسِيح وَلاَ تُرِيدْ أنْ تَذْهَب إِلِيه .. إِعْرَف أيْنَ هُوَ وَاتْبَعُه أيْنَمَا يَمْضِي فَهُوَ جَاءَ لِيُعَلِّمَك وَيُصْلِح مِنْ أفْكَارَك الَّتِي فِيهَا الكِبْرِيَاء وَالعَظَمَة وَحُبْ الإِنْتِقَام وَالخِصَام فَانْتَبِه إِلَى كَلاَم الْمَسِيح وَأيْضاً نَجِدٌ بَعْض النَّاس مُهْتَمِين بِالأكْل وَالشُرْب تَارِكِينْ الحَيَاة الأبَدِيَّة فَانْظُر مَاذَا قَالَ لَهُمْ السَيِّد الْمَسِيح ﴿ أُطْلُبُوا أوَّلاً مَلَكُوت الله وَبِرَّهُ ﴾ ( مت 6 : 33 ) .. لاَ تَنْشَغِل بِغِيرَك .. لَقَدْ جَاءَ الْمَسِيح لِكَيْ يُصَحِّح أفْكَارَك وَيُنْقِذَك مِنْ عَقْلَك وَفِكْرَك وَيُعْطِيك فِكْرُه .. وَكَثِيراً مَا اعْتَمَد الإِنْسَان عَلَى فِكْرُه وَعَلَى فِهْمُه وَلَمْ يَنْجَح .. وَلِهذَا فَلاَبُدْ أنْ يَتَعَلَّمْ الإِنْسَان وَصِيِّة الله وَمَاذَا يَقُول .. وَعِنْدَمَا عَلَّم الله الإِنْسَان عَلَّمُه بِالطَّرِيقَة الَّتِي تُنَاسِبُه فَهُوَ يَعْرِف طَبْع الإِنْسَان وَكَيْفَ يُفَكِّر وَمَا هِيَ نُقَط ضَعْفُه وَأنَّهُ مُحِبْ لِلشَّهْوَة وَالكَرَامَة وَالعَالَمْ يَتَحِدٌ بِيَّ .. لَمْ يَعُدْ الله بَعِيداً أوْ مُحْتَجَبْ لكِنُّه إِقْتَرَب مِنَّا وَلِهذَا نَقُول ﴿ بَارَكْت طَبِيعَتِي فِيك ﴾( جُزْء " أنْتَ الكَائِنْ فِي كُلَّ زَمَان " فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. وَلِكَي تَتَحِدٌ بِالْمَسِيح فَهذَا عَنْ طَرِيقٌ جَسَدُه .. وَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ أُؤمِنْ .... أنَّ هذَا هُوَ الجَسَد المُحْيِي الَّذِي أخَذَهُ إِبْنَك الوَحِيد رَبَّنَا وَإِلَهْنَا وَمُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ سَيِّدَتْنَا كُلِّنَا وَالِدَة الإِله القِدِيسَة الطَّاهِرَة مَرْيَم ﴾ .. هذَا هُوَ جَسَد التَّجَسُّد مَوْضُوع لَنَا عَلَى المَذْبَح حَتَّى يَتَحِدٌ بِنَا وَنَثْبُت فِيهِ وَيَثْبُت فِينَا .. فَرَبَّنَا يَسُوع إِتَحَد بِالإِنْسَان إِتِحَادٌ دَاخِلِي عَمِيقٌ .. فَكُلَّ هذِهِ البَرَكَات يُرِيدْ الله أنْ يُعْطِيهَا لَنَا .. فَالله يُرِيدْ أنْ يُنْقِلْنَا نَقْلَة عَمِيقَة وَأنْ يِفَرَّحْنَا وَيُخَلِّصْنَا مِنْ الشُّرُور الكَثِيرَة .. يُرِيدْ أنْ يَعْتَقَك مِنْ إِثْمَك وَتَمْتَلِئ فَرَحاً فَتَقُول لَهُ المَجْدُ لَك يَا مُحِب البَشَر .. المَجْدُ لَك يَا مَنْ أتَيْت مِنْ سَمَاء مَجْدَك لِكَيْ تَفْدِينِي أنَا المَحْكُوم عَلَيَّ بِحُكْم المُوْت .. فَكَرَامَة لِفِدَائَك يَارَب أُقَدِّم لَك تُوبَة عَلَى خَطَايَاي .. كَرَامَة لِتَعْلِيمَك يَارَب سَأحْفَظْهَا فِي قَلْبِي كُلَّ أيَّام حَيَاتِي فَفِي العَهْد القَدِيم إِنْكَسَر لَوْحَي العَهْد وَلكِنْ فِي العَهْد الجَدِيد نَقُول ﴿ شَرِيعَتُكَ فِي وَسَط أحْشَائِي ﴾ ( مز 40 : 8 ) .. أي أنَّهَا دَاخِل قَلْبِي حَتَّى لاَ تَنْكَسِر أبَداً وَأحْفَظْهَا دَاخِلِي .. فَكَرَامَة لِتَعْلِيمَك يَارَب لَنْ أكْسَر وَصَايَاك وَلاَ أحِيد عَنْهَا .. أنْتَ يَارَب جِئْت لِكَيْ تَتَحِد بِيَّ وَتُبَارِك طَبِيعَتِي .. فَكَرَامَة لِجَسَدَك سَأُكْرِم جَسَدِي كَرَامَة لِجَسَدَك سَأُقَدِّس جَسَدِي وَسَأُقَدِّس جَسَد إِخْوَتِي .. كَرَامَة لِجَسَدَك سَأحْيَا بِحَسَبَك .. كَرَامَة لِتَجَسُّدَك سَأحْيَا بِحَسَبْ حَيَاتَك .. فَأنْتَ يَارَب عِشْت فِي وَسَطْ العَالَمْ وَفِي وَسَط أُنَاس أشْرَار شَهْوَانِيِين قُسَاة خُطَاة ظَالِمِين وَكَانُوا يَكْرَهُونَك فَعَلِّمْنِي يَارَب كَيْفَ أعِيش فِي هذَا العَالَمْ حَيْثُ الفَسَاد وَالزُّنَاة وَالمُضْطَهِدِين وَأنْ أتْبَعَك وَأتَعَلَّم مِنْكَ ﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) .بَرَكِة تَجَسُّد رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح تَنْفَعْنَا فِي حَيَاتْنَا كَبَرَكَة عَمَلِيَّة فِي حَيَاتْنَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.

عدد الزيارات 2098

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل