قضايا فى فكر بولس الرسول

Large image

في رسالة غلاطية ( 3 : 2 – 5 ، 23 – 29 ) .. { أُريد أن أتعلم منكم هذا فقط أبأعمال الناموس أخذتم الروح أم بخبر الإيمان .. أهكذا أنتم أغبياء .. أبعد ما ابتدأتم بالروح تُكمِّلون الآن بالجسد .. أهذا المقدار احتملتم عبثاً إن كان عبثاً فالذي يمنحكم الروح ويعمل قوات فيكم أبأعمال الناموس أم بخبر الإيمان ولكن قبلما جاء الإيمان كنا محروسين تحت الناموس مُغلقاً علينا إلى الإيمان العتيد أن يُعلن .. إذاً قد كان الناموس مُؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان .. ولكن بعد ما جاء الإيمان لسنا بعد تحت مُؤدبٍ لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع .. لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح .. ليس يهودي ولا يوناني .. ليس عبد ولا حر .. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع .. فإن كنتم للمسيح فأنتم إذاً نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة } لندخل في دراسة لمعلمنا بولس الرسول .. هذا أمر مُفرح جداً لأننا ممكن أن نفهم حقائق الإيمان المسيحي بعمق شديد جداً من خلال دراستنا لمعلمنا بولس .. سندرس ثلاث قضايا تبدو صعبة ولكنها مُفرحة جداً .. تعرَّض لهم معلمنا بولس :-

أولاً قضية التهود .
ثانياً قضية الختان .
ثالثاً قضية الإختيار .
أولاً قضية التهود :
أي الرجوع للحياة اليهودية .. أي يعيش الشخص الناموس والشريعة والذبائح .. التقدمات .. الأعياد .. الختان .. أي لا يعيش العهد القديم ببركته وغِناه ويظل يعيش على شرائعه التي تعوَّد عليها منذ صباه هو وأجداده .. حتى لو آمن بالمسيح يظل على طقوسه الخاصة القديمة الوحيد الذي استطاع أن يقتحم هذا فيهم هو معلمنا بولس .. فإن هناك كثير من الآباء الرسل جذورهم يهودية واستطاع معلمنا بولس أن يقنعهم بالتخلي عن هذا بما أنهم يعيشون الآن في المسيح وتم هذا عن طريق رسالة غلاطية السالفة الذِكر أعطاهم مثالاً أيضاً في رسالة رومية الأصحاح السابع .. يقول فيه إن تزوج رجل بإمرأة وماتت المرأة فإن زوجها لم يكن له سلطان عليها بعد الموت .. الناموس هكذا وضع لنا مُحرمات وبما أننا ذات طبيعة خطَّأة أرضية وشهوانية وخاطبنا الناموس بأن هناك خطأ ويجب أن لا نفعل هذا حتى لا نموت .. وبالفعل حدث الموت فعلاً ولكن بعد الموت لم يكن للناموس سلطان علينا لأننا أصبحنا موتى عندما عجزنا عن تطبيق الوصية حدث الموت وأصبح ليس هناك وصية تحكمنا بعد الموت وأصبح هناك عهد جديد وهو أن المسيح جاء ومات عِوضاً عنك وكأني أنا .. وفي المعمودية يتم موتي أنا ثم قيامتي في عهد جديد عهد النعمة .. عندما مات المسيح عنا لبَّى للناموس طلباته .. رغم إنه لم يُهين الناموس بشئ ولكن الحكم الذي أصدره الناموس نفذ لذلك نقول أن الناموس يسود على الإنسان ما دام حياً ولكن إن مات الإنسان لا يخضع للناموس .. ولكن بعد القيامة نكون لآخر وهو المسيح .. عمل الناموس فَضْح الخطية وتشخيصها ولا يُعالج .. أما العلاج في عهد النعمة .. إن الناموس أنشأ تعدي حتى أن بولس الرسول يقول { الخطية وهي مُتخذة فرصة بالوصية } " أي خدعته " ( رو 7 : 8 ) في العهد القديم الناموس هو مُؤدبنا ويتولى أمرنا .. أما العهد الجديد نحن وصلنا إلى يد المسيح أي وصَّلنا الناموس بعد أن كان يمسك بنا إلى يد المسيح وفي هذه اللحظة ينتهي عمل الناموس ونقلنا المسيح إلى نعمة البنوة يحتد معلمنا بولس في رسالة غلاطية لأن عملية التهود من القضايا الكبيرة جداً التي كانت تواجه الإيمان .. حتى الآن نجد هذا " قضية الشكلية " .. فالإنسان يتمسك بالحرف ويترك الروح .. روح الوصية عندما جاء المسيح لم يعطينا قائمة نواهي بل يُطوِّب ويُشوِّق .. لم يطلب ذبائح العهد القديم عجول وخرفان بل أصبح هناك ذبائح أخرى عبارة عن تسابيح وصلوات وكما يقول هوشع النبي { عجول شفاهنا } ( هو 14 : 2 ) إن معلمنا بولس الرسول الروح أقامهُ في الكنيسة لكي يقضي في قضايا شائكة جداً .. الآباء القديسين نجدهم يقولون لنا إن أردت أن تفهم العهد القديم إقرأ رسائل بولس .. إن المسيح في ذبائح اليهود .. في تقدماتهم .. وفي أعيادهم وأيضاً في شرائعهم .. ولذلك يقول الآباء القديسين أن الذي يجد المسيح في العهد القديم تدخله فرحة أكثر من فرحة الفردوس .. بولس الرسول عندما تقابل مع المسيح جلس في خلوة ثلاث سنوات ليكتشف المسيح في العهد القديم الذي كان يعرفه جيداً وبدأ يفك رموز العهد القديم فأعطاه الله بغِنَى لإخلاصه حل هذه القضية معلمنا بولس الرسول عن طريق مثال خاص بأبونا إبراهيم عندما سألهم هل أبونا إبراهيم عرف الله وربنا قدِّسه ودعاه قبل الناموس أم بعد الناموس ؟ فجاءت الإجابة بأنه عرفهُ قبل الناموس .. إذاً فضل الإنسان لمعرفة الله كانت لله وليس للناموس .. وبذلك وجدنا أن الناموس ليس كل شئ وذلك لأننا وجدنا أبونا إبراهيم أطاع وخضع لله .. لذلك فإن خبر الإيمان أهم من أعمال الناموس .
ثانياً قضية الختان :-
بدأ قصته في سِفر التكوين " 17 " .. أعطى الله وعد لأبونا إبراهيم بأنه سيُباركه ويُقدسه وطلب منه أن يقوم بعلامة فيه وفي نسله .. واستمرت هذه العلامة في نسله حتى مجئ المسيح .. وربنا يسوع نفسه خُتِن .. فتصدى معلمنا بولس الرسول لهذه القضية عندما رأى أن الناس تدخل في المسيحية ومع ذلك مُحتفظين بهذه الشريعة وقال لهم الأهم هو { ختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان .. الذي مدحه ليس من الناس بل من الله } ( رو 2 : 29 ) .. أي تقطع منك إنسان الجسد أي تسلك بالروح ولا تُكمِّل شهوة الجسد فإن الذي يُختن بالجسد ويعيش في شر هذا ليس مختون .. أما إن كان هناك من هو غير مختون في الجسد ولكن يحفظ أعمال الناموس فهو يُعتبر مختون .. لأن أبونا إبراهيم نفسه عندما أخذ الوعد من الله لم يكن مختون .. وأيضاً باركهُ ومعنى هذا أن الختان ليس شرط للبركة .. إذاً من هو غير مختون ليس ملعون لأن ربنا نفسه بارك أبونا إبراهيم وهو في غُرلة وقال له بعدها أريد أن يكون هناك علامة خفية في نسلك .. وجاء معلمنا بولس ثم قال أن هذه العلامة يجب أن تكون في القلب والعين والأُذن .. أي التخصيص لله وخلع الشهوة من مادة الإنسان فإن علامة الختان هو عبارة عن ختم لبر الإيمان .. أي تصديق على البر ولكن ليس هو كل شئ .. أي إنها علامة تؤكد ولا تلغيه .. مبارك الروح ومبارك عقل معلمنا بولس الرسول الذي أنار أذهاننا فهو إناء مُطيع لروح ربنا فكشف له كل هذه القضايا .. الروح كان يعدِّه من نشأته حتى يخدم الخدمة التي توصلنا إلى الإيمان الحي العامل يقول لهم معلمنا بولس إن أردتم أن تحكموا على أنفسكم فجردوا أنفسكم من أشياء أنتم مُحصنين فيها مثل أعمال الناموس .. الختان .. الأُمة المُختارة .. لأن هناك قاعدة تقول أنه عندما يحكم القاضي على شخص عليهِ أولاً أن يُجرده من رتبته أولاً ثم يحكم عليه .. أحد الآباء يقول { لنخلع ثياب الحملان ولنكن بالحقيقة حملان } .. نحن أيضاً نعيش نفس التناقُض " بر ذاتي .. أفضل من كل الناس " إن الختان هو خلع جسم الخطايا وتسلك بالروح .. فمعلمنا بولس الرسول إرتفع بموضوع الختان من مجرد أمر في الخارج إلى الداخل وإن كانت هذه هي العلامة التي تُثبِت أن هؤلاء مِلك لله فإن هذه العلامة إنتهت وأصبحت الآن هي المعمودية .. ويقول { كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبِستم المسيح }( غل 3 : 27 ) .. التخصيص والملكية الآن في المعمودية .. موت وقيام مع المسيح .. بهذا يبطُل الختان .. وأما الكنيسة تحتفِل بعيد الختان ليس لكي نتذكر حركة الجسد ولكن لنتذكره كحركة روح يُفسر الآباء القديسين التناقُض الذي في الإنسان بقولهم " الصوت صوت يعقوب أما اليدين يدين عيسو " إستشهاداً بقصة يعقوب عندما دخل على أبيه إسحق ليأخذ بكورية أخيه عيسو وليس في يدهِ شَعْر فقال له إسحق هذه المقولة .. هذا هو حال اليهودي الشكل يختلف عن الجوهر .
ثالثاً قضية الإختيار :-
إن كان الله يختار من يشاء فما الفائدة من الجهاد والتعب ما دام الله هو الذي يختار ؟ أقوال خطيرة جداً .. { قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك } ( أر 1 : 5 ) .. يوحنا المعمدان إمتلأ بالروح من بطن أُمه .. لهذا يكون كل شئ في يد الله .. الذي زاغ من البطن والذي تقدس .. لماذا اختار الله شعب مُحدد ليكون خاصته وشعب آخر لم يختاره .. فهل ممكن أن يلومهم الله بعد ذلك ؟ ولكي نتحدث في هذا الموضوع الشائك علينا أن نعرف بعض الحقائق وهي :-
الله ليس بظالم .. حتى عندما سمعناه يُحب يعقوب ويُبغض عيسو .. أراد معلمنا بولس أن يُثبِت بعض الحقائق منها إنه عليك أن تسعد باختيار الله لك وتفرح لأنك من المُختارين .. وهذه السعادة تجلب عليك مسئولية هذا الإختيار .. لأن من الممكن جداً أن الله يختارك وتخيب عن هذا الإختيار .. الله يعطي الفرصة للكل لكي يعرفه .. وعليك أن لا تجهل أمرين :-
سبق عِلم الله .. { الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم } ( رو 8 : 29 ) .. من خلال معرفته للأعماق هو يختار .. معرفة الله لنا لأنه خالقنا وجابلنا قادر أن يعرف بسابق معرفته مَنْ الأفضل .. الله كان يعرف أننا سنقبل الإيمان ولهذا اختارنا .. { كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم } ( أف 1 : 4 ) .. وعليك أن تعيش على هذا الإختيار .. { إجتهدوا أيها الإخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين }( 2بط 1 : 10 ) إذاً ما معنى عبارة { ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى بل لله الذي يرحم } ؟ المقصود منها من يشاء ويسعى بمفرده .. فلا يستطيع أحد أن يربح الملكوت بمفرده حتى لو جاهد .. ولكن بدون الله لا يقدر على فِعل شئ يقول رأي ما أن الله إن كان قد اختار شعب من القديم وخصصه فإن الله بهذا عنده مُحاباة !! والإجابة أن لو كان الله عنده المُحاباة لكان غير قادر على عقابهم وحرمهم وسبيهم .. وعندما أخطأ أهل نينوى وجدناه يُنذرهم ويشتاق إلى توبتهم وأعلن ذاته إليهم رغم أنهم ليس شعبه جميل أن أكتشف في الكتاب المقدس أنه لديَّ تعيين ووعد واختيار وإني من المحبوبين .. معلمنا بولس الرسول تعرض لكل هذه القضايا بشجاعة رغم أنه الوحيد الذي تعرض لكل هذا وحده دونَ غيرهِ القديس يوحنا ذهبي الفم كان يقرأ رسائل بولس الرسول يومياً حتى صار هناك دالة وصداقة بينه وبين معلمنا بولس الرسول .. حتى أنه رأى القديس بولس الرسول يجلس بجواره يشرح له غوامض إن الكتاب المقدس كُتِب بروح الله وروح الله ليس بعيد عنك لأنه يسكن داخلك الله يعطينا أن نسلُك حسب ختان الروح ونسلُك حسب دعوتنا بالمسيح يسوع ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2042

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل