موت الجسد الجمعة الرابعة من شهر طوبة

Large image

عوِّدتنا الكنيسة في تذكار أي شهيد أن تقرأ علينا إنجيل لوقا أصحاح " 12 " .. { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد } ( لو 12 : 4 ) .. هذا الفصل يتكرر قراءته تقريباً حوالي " 85 " مرة على مدار السنة .. رغم أن فترة الصوم الكبير له قراءات خاصة وأيضاً فترة الخمسين .. أي هذا الجزء يتكرر في السنة خلاف فترة الصوم الكبير والخمسين يوم بعد القيامة " 85 " مرة .. أي " 85 " مرة خلال " 265 " يوم تقريباً لأن الكنيسة غنية جداً بالشهداء الذين أقروا أمام الولاة والطُغاة بأنهم في الإيمان المسيحي لأنهم لا يخافوا من الذين يقتلون الجسد الجسد عند هؤلاء القديسين محور حياتهم .. ليس هو الإله الذي يُمجدوه .. بل إنهم غلبوا الجسد وكما يقول هؤلاء القديسين { حاملين في الجسد كل حينٍ إماتة الرب يسوع } ( 2كو 4 : 10) .. الصوم إماتة للجسد .. العفة أيضاً إماتة له وعندما يُعرض عليه الموت لا يخاف .. فالموت نصيب صالح لهم .. من يعرف هدفه في الحياة ويعيش في إرضاء الله لا يخاف الموت .. الموت بالنسبة لهؤلاء ليس مُخيف أو مجهول أو سبب حرمان أو إنه يذهب للتراب لأنهم يعيشوا في سلطان المسيح سر إنزعاجنا بالموت يكمُن في محبتنا للجسد وعدم تفكُّرنا في الأبدية وعدم استعدادنا له .. لكن عندما تُهيئ النفس ويعيش الإنسان في إرادة الله يُصبح الموت غير مُرعب تماماً .. ونتقابل مع فكرة الموت مثل تقابُلنا مع فكرة الحياة .. ويصير الموت مُشتهى .. عندما يُدرك الإنسان الحياة ويُدرك الموت يعيش في راحة تامة .. وما هي الحياة كما يقول معلمنا بولس الرسول { لي الحياة هي المسيح والموت هو رِبح }( في 1 : 21 ) .. أي الحياة هي المسيح وقانون الحياة حسب المسيح هو الذي يحكمني وبذلك الموت يكون رِبح الإنسان الذي سلامته في إرادة ربنا يقبل الموت بسلام عجيب .. فالناس الأتقياء في لحظة تسليم الروح تجد على وجوههم إبتسامة وسلام عجيب في استعداد لأنها اللحظة المُشتهاه .. من يعيش في إرادة الله واستعداد للأبدية الموت بالنسبة له حياة أبدية .. أرسلنا الله للحياة فترة ولا يوجد من يعيش للأبد .. فما أجمل أن نعيش على اسم المسيح فهذا شئ مُفرح .. فالأيام القليلة إملأها بمحبة ربنا وبمزيد من النعمة التي تجعل مصباحي ملئ بالزيت الحياة هي فترة من الأعمال الصالحة تُمجد الله .. الحياة فترة أُعطِيَت لنا من قِبَل مراحم الله لكي نكسب بها الأبدية .. والأبدية هي الحياة التي لا تنتهي .. حياة بلا موت أو خوف فهي الوجود الدائم في حضرة الله .. هي السعادة الغامرة .. ولكي يعبُر إلى الأبدية لابد أن يجتاز الموت وعليهِ أن يتقبَّل هذا الأمر إن أردت أن تقسم أي رقم ÷ ∞ يُعطي " 0 " .. الرقم حياتنا الزمنية والما لا نهاية حياتنا الأبدية .. هل معقول أن ربنا خلقنا للصفر والعدم ؟ من يعرف أن حياته ربنا أوجدها لهُ من أجل الأبدية سيتعامل مع حياته بطريقة أخرى الكنيسة ترى من شعبها كثيرين يُقبِلون على الإستشهاد بكل سرور .. هناك تيجان وأكاليل تُوضع على كل الذين يتقدموا للإستشهاد .. يُقال عن القديس أندراوس أنه كان لحظة تعذيبه وُضِع على الصليب وسمح الله بأن يأتي برعود وزلازل وأمطار فهرب الذين يُعذبونه لأنهم خافوا .. فذهب المسيحيين ليفكوا قيود القديس فأبى ذلك وقال لهم " لا تُعوقوني والرب قد أفلح طريقي " .. مثل القديس أغناطيوس الشهيد عندما رأى أولاده يبكون في وقت استشهاده فقال لهم " يا أولادي لا تصنعوا بي شفقة في غير موضِعها " .. إنه له رؤية في الموت .. الموت بالنسبة له رِبح من يعيش في رِضى ربنا كل يوم يصلُب جسده الثقيل .. يغلِبه كل يوم .. ويُوقِفه للصلاة ويزداد في الأصوام رغم إنه متمرد وطلباته كثيرة .. كل من يضع هذه الحقيقة ويتعامل معها بإيمان وعرف أن حياته إرضاء لربنا كل ما نظرته للحياة فهمها أكثر .. مسكين من يتعامل مع الحياة على أنها دائمة إلى الأبد ولا يضع الأبدية في قلبه ويعبُد الجسد ويُميت الروح ليحيا الجسد .. في النهاية يكتشف أنه مخدوع لأن الجسد لا يحيا ويكون قد حكم على نفسه بالموت الأبدي .. أما من أماتَ الجسد من أجل الروح والروح تظل حية حتى تأتي لحظة موت الجسد يجد الروح حية وتبقى إلى الأبد .. الموت خطوة لمجد عندما يعيش الإنسان لرضاء الله أُؤمن أن الحياة الأبدية تُعاش من على الأرض .. وهي لا تُقاس بأيام الأرض أبداً ومهما كانت حياة الإنسان إلا إنها تنتهي .. فمولود المرأة قليل الأيام شبعان تعب .. فما الذي يجعل التعب شئ مُسَرْ ؟ المسيح هو الذي يجعل الأيام جميلة ومُفرِحة .. نحن نؤمن أن الحياة وُجِدَت لنا من الله .. لا نتاجر بها لكي نربح الكثير .. تخيل أن أحداً أعطاك شئ ثمين وغالي الثمن مقابل مبلغ رمزي .. يريد الله أن يعطينا الأبدية بأيام قليلة .. تخيل أننا حتى هذه الأيام القليلة لا نريد أن نعطيها له يُقال عن أبينا يعقوب أنه عندما رأى رحيل تعلق بها وضاقت نفسه به .. فقال له خاله لابان إخدمني سبع سنوات لكي أزوجها لك .. ولكن أعطى له لابان بعد السبع سنوات ليئة أختها .. فقال له إخدمني سبع سنوات أخرى وأنا أُعطيها لك .. فَقَبَل يعقوب العرض وخدم خاله سبع سنوات أخرى .. ويقول الكتاب { فخدم يعقوب براحيل سبع سنينٍ وكانت في عينيهِ كأيامٍ قليلةٍ بسبب محبتهِ لها ( تك 29 : 20 ) نحن أيضاً نزهد حياة الأرض من أجل رِبح السماء وكثرة حُبنا للأبدية .. لدينا إحساس أننا بأيام قليلة نربح الكثير وهذه هي رسالتنا على الأرض .. كل إنسان لا يطيع الوصايا ويُهمل في حق ربنا كأنه لا يعرف قيمة ما يحصل عليه .. الله يطوِّل باله علينا جداً .. { بسطت يديَّ طول النهار إلى شعبٍ مُتمردٍ } ( أش 65 : 2 ) .. ولاتزال يده ممدودة بعد .. عندما تزداد إغراءات الحياة تقل الحرارة الروحية ويقل الإستعداد إلى الأبدية .. يخدعنا العدو والجسد ونجد أنفسنا في غفلة .. كن متيقظ ولا تتهاون في أجمل ما في حياتك ( وقت الله ) حتى لا تكن حياتك شقاء وتعاسة عندما يغيب المسيح عن حياة الناس حياتهم تزداد سوء .. وعندما يحضر المسيح حياتهم تكون مُفرِحة .. الكنيسة تريد أن تُثبِّت في حياة أولادها هذا الإتجاه .. { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد } .. تريد أن تُثبِّت هذا الفكر ويخافوا من الذين لهم سلطان أن يُلقي في جهنم ويعدُّوا أنفسهم للحياة الأبدية ربنا يسوع الذي وعدنا بالخيرات الأبدية يُثبِّت فينا كلماته لكي نحيا له ونموت له لأن منه وله وبه كل الأشياء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 1517

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل