غريزة الخوف الجمعة الثانية من شهر بابة

تَقْرَأ الكِنِيسَة فِي هذَا الصَبَاح فَصْل مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمْنَا لُوقَا مِنْ نِهَايِة الأصْحَاح الحَادِي عَشَر وَبِدَايِة الأصْحَاح الثَّانِي عَشَر .. تَعَوَّدَت الكِنِيسَة أنْ تَقْرَأ هذَا الفَصْل فِي تِذْكَار إِسْتِشْهَادٌ الأبَاء القِدِّيسِينْ وَتَقُول ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ ( لو 12 : 4 ) الخُوف غَرِيزَة فِي الإِنْسَان وَالله سَمَح أنْ يَكُون مِنْ مُكَوِنَات الإِنْسَان الرَّئِيسِيَّة الله أعْطَى لِلإِنْسَان غَرَائِز هَدَفْهَا أنْ يَحْفَظْ الإِنْسَان بِهَا حَيَاتُه .. فَنَجِدٌ أنَّ ضَرُورِيَات الحَيَاة كُلَّهَا مِنْ كَثْرِة مَحَبِّة الله تَكُون مُرْتَبِطَة بِغَرَائِز .. ضَرُورِيَات الحَيَاة وَإِسْتِمْرَارْهَا رَبَطْهَا الله بِغَرِيزَة حَتَّى لاَ يَتَوَقَفْ الأمر عَلَى هَوَى الإِنْسَان فَنَجِدٌ الإِنْسَان كَيْ يَعِيش لاَبُدْ أنْ يَأكُل .. الله رَبَطْ الأكْل بِالغَرِيزَة .. كَيْ يَسْتَمِر الإِنْسَان فِي الحَيَاة لاَبُدْ مِنْ تَنَاسُل وَكَيْ يُوْجَدٌ تَنَاسُل فَلاَبُدْ مِنْ غَرِيزَة .. فَوَضَعَ الله فِي الإِنْسَان الغَرِيزَة لِكَيْ تَكُون مُرْتَبِطَة بِاسْتِمْرَار الحَيَاة وَلِكَيْ يَضْمَنْ إِسْتِمْرَار الحَيَاة رَبَطْ كُلَّ الغَرَائِز بِلَذَّة فَنَجِدٌ الشَّهْوَة قَدْ يَكُون بِهَا لَذَّة .. الأكْل بِهِ لَذَّة .. حَتَّى الخُوف بِهِ لَذَّة .. فَنَجِدٌ البَعْض يَمِيلُون لِمُشَاهَدِة أشْيَاء مُرْعِبَة .. لِمَاذَا ؟ مَا الَّذِي يِجْبِرَك لِتَرَى أشْيَاء مُخِيفَة ؟ أوْ مَا الَّذِي يِجْبِرَك لِتَرْكَبْ قِطَار يَسِير فِي الظَّلاَم أوْ تَدْخُل بِيتْ الرُّعْب ؟ هذِهِ أُمور مُرْتَبِطَة فِي الإِنْسَان بِلَذَّة الله مِنْ كَثْرِة رَحْمِتُه جَعَلَ الغَرَائِز مُرْتَبِطَة بِلَذَّة مِنْ أجْل إِسْتِمْرَار حَيَاة الإِنْسَان .. لكِنْ الإِنْسَان بِهَوَاه الشَّخْصِي وَحُرُوب عَدُو الخِير لَوَّث إِرَادِة الله فِي الإِنْسَان .. وَبَدَلْ أنْ تَكُون هذِهِ عَلاَمَة لإِعْلاَن مَحَبِّة الله فِينَا سِوَاء بِغَرِيزَة أوْ شَهْوَة أوْ أكْل أوْ خُوف دَخَلْ العَدُو وَلَوَّث الخُوف وَالأكْل وَالغَرِيزَة وَبَدَلْ مَا تَكُون عَلاَمِة حُبْ الله صَارَت عَلاَمِة إِنْفِصَال عَنْ الله هُنَا يَقُول الله ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ .. كَأمر غَرِيزِي طَبِيعِي لِتُحَافِظْ عَلَى حَيَاتَك وَضَعْت لَك الخُوف كَغَرِيزَة كَيْ تُحَافِظْ عَلَى حَيَاتَك وَمُجَرَّدٌ أنْ تَرَى شِئ يُخِيفَك إِهْرَبْ أوْ حَاوِل أنْ لاَ تُوَاجِه المَوْقِفْ .. هذَا شِئ غَرِيزِي طَبِيعِي فِي الإِنْسَان .. قَالَ الله إِلاَّ فِي هذِهِ الأُمور نَعَمْ الغَرِيزَة هِيَ عَلاَمِة مَحَبِّة الله فِي الإِنْسَان مِنْ أجْل الحِفَاظ عَلَى حَيَاتُه .. لكِنْ عِنْدَمَا يَكُون الإِنْسَان يَحْيَا فِي حَالَة رُوحِيَّة مُتَحِد مَعَ الله يَبْدَأ إِحْسَاسُه بِتَمَسُّكُه بِالحَيَاة يَقِلْ وَعِنْدَمَا يُضَحِّي بِتَمَسُّكُه بِالحَيَاة مِنْ هُنَا يَكُون الخُوف مَنْزُوع وَشَهْوِة الأطْعِمَة لاَ تُوْجَدٌ وَشَهْوِة الحَيَاة الجِنْسِيَّة تَكُون غِير مَوْجُودَةٌ .. هذَا جَاءَ مِنْ شَهْوَة أعْلَى رَفَعَتْ الإِنْسَان إِلَى فَوْق رَبَطِتُه بِالأعْلَى جَعَلِتْ الغَرَائِز لاَ تَكُون خَادِمَة لِحِفْظ الحَيَاة عَلَى الأرْض بَلْ خَادِمَة لِحِفْظ الحَيَاة فِي السَّمَاء وَمِنْ هُنَا تَتَحَوَّل الغَرَائِز مِنْ غَرَائِز إِنْسَان يَحْيَا لِلأرْض إِلَى غَرَائِز إِنْسَان يُرِيدْ أنْ يَحْيَا لِلسَّمَاء فَإِنْ كَانِتْ الغَرِيزَة أوْجَدْهَا الله فِي الإِنْسَان لِحِفْظ حَيَاة الإِنْسَان مُرْتَبِطَة بِلَذَّة صَارَتْ هذِهِ الغَرَائِز نَفْسَهَا مُرْتَبِطَة لِحِفْظ الحَيَاة الأبَدِيَّة بِلَذَّة فَصَارَ الصُوم لَذَّة .. وَصَارَتْ الطَّهَارَة لَذَّة .. وَصَارَ الخُوف الَّذِي يُؤدِّي إِلَى مِيرَاث الحَيَاة الأبَدِيَّة لَذَّة لكِنْ لاَ نُسَمِّيه خُوف بَلْ نُطْلِقٌ عَلِيه مَخَافَة .. فَصَارَتْ فِيَّ مَخَافِة الله لَذَّة .. وَصَارَ الصُوم بِهِ لَذَّة .. وَالطَّهَارَة بِهَا لَذَّة .. لكِنْ قَدْ نَقُول أنَّ هذِهِ الأُمور ضِدٌ الطَّبِيعَة .. نَعَمْ هِيَ ضِدٌ الطَّبِيعَة لكِنْ بِحَسَبْ قَوْل الكِتَاب كَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ ﴾ ( 2كو 5 : 17) .. بَدَأتْ الدَّوَافِعْ تَتَغَيَّر وَالأهْدَاف تَتَغَيَّر وَيَسْلُك الإِنْسَان بِحَسَبْ الإِنْسَان الجَدِيد .. إِنْسَان الحَيَاة الأبَدِيَّة وَكَمَا يُسَمِّيه الآبَاء ** إِنْسَان الله .. إِنْسَان السَّمَاء *هَلْ هذَا لَيْسَ لَهُ غَرَائِز ؟ لَهُ غَرَائِز لكِنَّهَا مُخْتَلِفَة .. غَرَائِز لَيْسَتْ مِنْ أجْل حِفْظ حَيَاة الإِنْسَان عَلَى الأرْض بَلْ مِنْ أجْل حِفْظ الحَيَاة الأبَدِيَّة وَصَارَتْ مُرْتَبِطَة بِلَذَّة أكْثَر مِنْ لَذِّة حِفْظ الحَيَاة الأرْضِيَّة .. لِذلِك الَّذِي بِهِ رُوح الله يَعْمَل صَارَ هذَا الأمر مُؤشِر أكِيدٌ لأِنَّ إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة بَدَأت تَعْمَل دَاخِلُه وَالآبَاء القِدِّيسِينْ كَانُوا يَطْلُبُون مِنْ الله قَائِلِينْ ﴿ أعْطِنَا يَا الله أنْ نُحِبَّك بِقُوِّة أهْوَائْنَا ﴾ وَلِنَرَى قُوِّة الأهْوَاء دَاخِلْ الإِنْسَان وَكَيْفَ تَكُون مُتَسَلِّطَة .. نَفْس الإِحْسَاس الّذِي لأِهْوَاء الإِنْسَان بَلْ وَأعْلَى مِنْهُ تَكُون مَحَبِّة الله .. مِنْ هُنَا تَتَبَدَّل شَهْوِة وَاشْتِيَاقَات الإِنْسَان لِذلِك هُنَا يَقُول لَهُمْ ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ تَخَيَّل إِثْنِينْ وَاقِفِينْ وَالإِثْنَان لَهُمَا غَرِيزِة الخُوف .. وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُحِبْ لِلشَّهْوَة وَالحَيَاة مَدْفُوع بِغَرَائِزُه وَتَحْت وَطْأة الغَرِيزَة مُجَرَّدٌ أنْ يَرَى السَّيَاف وَاقِفْ بِيَدِهِ سِيف تَرَى كِمِيِة الرُعْب الَّتِي تَدْخُلْ قَلْبُه وَتَكُون عِنْدُه حَسْرَة عَلَى حَيَاتُه .. وَهذَا الأمر مُرْتَبِطْ بِغَرَائِزُه لِلحِفَاظْ عَلَى حَيَاتُه وَلاَ نَسْتَطِيعْ أنْ نَلُومُه لأِنَّ هذَا حَال الإِنْسَان الطَّبِيعِي .. وَلكِنْ نَجِدٌ الآخَر مُخْتَلِفْ .. يِكَلِّمَك عَنْ سَرْجِيُوس وَوَاخُس– وَهُمَا لَهُمَا شَأنْ عَظِيمْ حَتَّى أنَّ الَّذِينَ عَذَّبُوهُمَا حَاوَلُوا أنْ يُقْنِعُوهُمَا – يُحْكَى عَنْ سَرْجِيُوس أنَّ الَّذِي كَانَ يُعَذِّبُه كَانَ فِي المَكَان الَّذِي كَانَ فِيهِ بِوَاسِطَة سَرْجِيُوس فَكَانَ فِي خَجَل أنْ يُعَذِّبُه لأِنَّهُ يَشْعُر بِجِمِيلُهٌ عَلِيه وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول لَهُ أنَا أفَضَّل أنْ أكُون مُقَصِّر وَأقُول لَك إِهْرَب مِنِّي .. المُهِمْ أنْ تَهْرَب أنَا غِير قَادِرٌ أنْ أمُدٌ يَدِي وَأُعَذِّبَك فَأنَا مَدْيُون لَك بِالكَثِير .. وَلكِنْ قَدْ يَكُون سَرْجِيُوس يَرْجُوه كَيْ يَسْتَمِر فِي تَعْذِيبُه .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ عِنْدُه غَرِيزَة لكِنَّهَا تَقَدَّسَتْ وَارْتَفَعَتْ جِدّاً وَصَارَتْ غَرِيزَة فِي الله .. وَصَارَتْ غَرِيزَة لَيْسَتْ مِنْ أجْل حِفْظ الحَيَاة الأرْضِيَّة لكِنَّهَا صَارَتْ خَادِمَة لِلحَيَاة الأبَدِيَّة لِذلِك يَقُول ﴿ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ ﴾ ( لو 12 : 5 ) .. هذَا خُوف جِدِيد .. خُوف الإِنْسَان الرُّوحَانِي الَّذِي عِنْدُه خُوف عَلَى خَلاَص نَفْسُه وَخُوف مِنْ المُعَاشَرَات الرَّدِيئَة وَخُوف مِنْ مَنْظَر رَدِئ .. أوْ إِنُّه يِكُون قَدْ إِسْتَهْتَر بِحَوَاسُه .. عِنْدُه خُوف عَلَى الحَيَاة الأبَدِيَّة مُرْتَبِطْ بِلَذَّة .. جَمِيلٌ الإِنْسَان الَّذِي لاَ يَخَاف مِنْ السِيف لأِنَّ لَذِّة الحَيَاة الأبَدِيَّة أمَامُه لِذَا هُوَ غِير خَائِفْ مِنْ المُوت لأِنَّهُ يَعْلَمْ أنَّ حَيَاة تَنْتَظِرُه .. هذَا جَمَال دَوَافِعْ الإِنْسَان الرُّوحَانِي الَّتِي يَغْلِبْ فِيهَا الإِنْسَان الطَّبِيعِي الَّتِي يَغْلِبْ فِيهَا نَفْسُه .. يَغْلِبْ فِيهَا ضَعَفَاتُه كَثِير مِنْ الآبَاء الشُّهَدَاء كَانُوا يَسْعُون لِلإِسْتِشْهَادٌ وَكَانَ عِنْدَهُمْ لَذِّة الإِسْتِشْهَادٌ وَهذَا لأِنَّ الخُوف الَّذِي دَاخِلُه تَحَوَّل إِلَى مَخَافِة الله فَصَارَ الخُوف الَّذِي دَاخِلُه لَيْسَ غَرِيزَة أرْضِيَّة بَلْ إِنْ صَح التَّعْبِير صَارَ لَدَيْهِ غَرِيزَة رُوحَانِيَّة .. صَارَتْ لَهُ غَرَائِز تَخْدِم أُمور أُخْرَى .. صَارَتْ الغَرِيزَة لَيْسَتْ مَوْضُوعَة فِي الإِنْسَان لِحِفْظ حَيَاة الإِنْسَان مُرْتَبِطَة بِلَذَّة أرْضِيَّة .. بَلْ صَارَتْ مَوْضُوعَة فِي الإِنْسَان مِنْ أجْل حِفْظ حَيَاتُه الأبَدِيَّة مُرْتَبِطَة بِلَذَّة رُوحَانِيَّة لِذلِك الإِنْسَان الرُّوحَانِي عِنْدُه وَقْفِة الصَّلاَة لَذِيذَة وَجَمِيلَةٌ وَإِنْ كَانْ بِهَا تَعَبْ لِلجَسَد .. أيْضاً صُوم يَومَيّ الأرْبَعَاء وَالجُمْعَة يَفْرَح بِهِ وَيَنْتَظِرُه لأِنَّ فِيهِ لَذَّة وَلاَ يَشْعُر بِحِرْمَان .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ الغَرَائِز تَتَبَدَّل وَالإِنْسَان الجَدِيد الَّذِي بِحَسَبْ الرُّوح يُولَدٌ وَيَنْمُو وَصَارَ يَتَذَوَقٌ مَذَاقَة جَدِيدَة لِطَعْم حَيَاة جَدِيدَة فِي الْمَسِيح يَسُوع .. هذِهِ هِيَ بِدَايِة الإِسْتِعْدَادٌ لِلإِسْتِشْهَادٌ .. الإِسْتِشْهَادٌ لَيْسَ لَحْظَة بَلْ حَيَاة .. لَيْسَ مَوْقِفْ بَلْ سُلُوك دَائِمْ .. مِنْ هُنَا الشَّهِيدٌ وَإِنْ كَانِتْ عَنْدُه رَغَبَات حَيَاة أرْضِيَّة إِلاَّ أنَّهَا تَقَدَّسَتْ بِالرُّوح وَارْتَفَعِتْ جِدّاً وَصَارَتْ تَخْدِمٌ أهْدَاف سَمَاوِيَّة قَدْ نَقُول هذَا ضِدٌ طَبِيعِة الإِنْسَان .. نُجِيبْ أنَّ الإِنْسَان يَتَقَدَّس فِي الْمَسِيح .. هَلْ تُصَدِّقٌ أنَّ نَفْس جَسَدَك وَنَفْس غَرَائِزَك تَتَبَدَّل ؟ .. نَعَمْ تَتَبَدَّل .. الله لَمْ يَخْلِقْنَا لِنُسْتَعْبَدٌ لِلغَرَائِز الأرْضِيَّة .. الله خَلَقْنَا مِنْ فَرْطٌ مَحَبِّتُه أعْطَانَا غَرَائِز مِنْ أجْل حِفْظ نُوعْنَا وَالإِبْقَاء عَلَى حَيَاتْنَا .. أعْطَانَا غَرَائِز كَيْ نَعِيش الحَيَاة وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا الأكْل غَرِيزَة سَتَجِدٌ الكَثِيرُون لاَ يَأكُلُون فَيَضْعَفُون وَيَمْرَضُون وَيَمُوتُون .. لِذلِك مِنْ أجْل مَحَبِّة الله رَبَطْ الأكْل بِلَذَّة .. كذَلِك التَّنَاسُل لَوْ لَمْ يَرْبُطُه الله بِلَذَّة كَانَ الإِنْسَان يَنْقَرِض لِذلِك مِنْ مَحَبِّة الله أعْطَانَا أُمور بِهَا تَعْبِير عَنْ إِرْتِقَاء مَحَبَّة .. عِنْدَمَا يَنْحَرِفْ الإِنْسَان عَنْ هذِهِ الأهْدَاف يَقُول لَهُ الله الَّذِي أعْطَيْتَك إِيَّاه أنْتَ بِهِ تُهِينَنِي .. الّذِي أعْطَيْتُه لَك بِمَحَبِّتِي لَك أنْتَ إِسْتَخْدِمْتُه لإِهَانَتِي .. إِذاً تَسْتَطِيعْ يَارَبَّ أنْ تَسْحَبْهَا مِنْ الإِنْسَان ؟ .. يَقُول لاَ .. أنَا لَذِّتِي فِي الإِنْسَان .. أنَا أحَاوِل أنْ أُقَدِّسُه وَأنَا أجْتَهِدٌ أنْ أجْعَل جَسَدُه مِلْكِي .. أجْعَلُه هَيْكَل لله وَغَرَائِزُه مُنْضَبِطَة .. أنَا مَيِّزْت الإِنْسَان بِأجْمَلٌ نِعْمَة نِعْمِة الحُرِّيَّة .. أنَا خَلَقْت الإِنْسَان عَلَى صُورَتِي وَمَيَّزْتَهُ وَلَنْ أنْدَم عَلَى ذلِك .. لاَبُدْ أنَّ الصُورَة الإِلهِيَّة تَثْبُتْ فِي الإِنْسَان حَتَّى عِنْدَمَا يُمَجِّدْنِي يَسْتَحِقٌ أنْ أُمَجِّدُه كَيْ أقُول لَهُ تَعَالَ وَرِث المُلْك المُعَدُّ لَك مِنْ قَبْل إِنْشَاء العَالَمْ ( مت 25 : 34 ) .. أنْتَ حَقَّقْت صُورْتِي عَلَى الأرْض .. حَقَّقْت هَدَفِي فِيك مِنْ خِلْقِتَك أنْتَ مَجَّدْتِنِي عَلَى الأرْض لِذلِك حَرَصِتْ الكِنِيسَة عَلَى إِبْرَاز آبَائْنَا الشُّهَدَاء كَنَمَاذِج لَنَا صُور عَمَلِيَّة لَنَا عَنْ أُنَاس عَاشُوا فِي أجْوَاء بِهَا تَقْرِيباً نَفْس التَّحَدِيَات الَّتِي تُوَاجِهْنَا .. تَحَدُّوا مُجْتَمَع .. تَحَدُّوا طُغَاة .. تَحَدُّوا ألَمْ .. تَحَدُّوا مُقْتَنَيَات وَغَرَائِز وَغَلَبُوا لأِنَّ بِذْرِة الحَيَاة الأبَدِيَّة وُضِعَتْ فِيهُمْ فَرَوُوهَا وَنَمُّوهَا .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا وُضِعَتْ فِيهِ بِذْرِة الحَيَاة الأبَدِيَّة مِنْ يُوم المَعْمُودِيَّة .. مِنْ يُوم المَعْمُودِيَّة لاَبُدْ أنْ نَرْعَاهَا بِإِجْتِهَادٌ .. القِدِيس أُوغُسْطِينُوس يَقُول ﴿ إِرْعَى مُحِبّاً مَا قَدْ أخَذْتَهُ ﴾ ** إِرْعَى مُحِبّاً ** أي كَمَا تَهْتَمْ بِطِفْل بِحُبْ وَحَنَان وَرِعَايَة الله أعْطَانَا الكَثِير أعْطَانَا رُوحُه القُدُّوس .. أعْطَانَا نَفْسُه كُلَّ يُوم عَلَى المَذْبَح لِلتَّقْدِيس وَالثَبَات وَالنُمُو لَمْ يَمْنَع خِير عَنْ طَالِبيِه .. لَمْ يَدَعْنَا مُعْوَزِينْ شَيْء .. أعْطَانَا بِذَار وَقَالَ هذِهِ البِذَار مِنْ أجْل نُمُو الحَيَاة السَّمَاوِيَّة لِذلِك كَانُوا يَسْعُون لِلإِسْتِشْهَادٌ وَإِنْ كَانُوا فِي مَدِينَة أُخْرَى يَتَقَاطَرُون عَلَى الإِسْتِشْهَادٌ .. لِمَاذَا ؟ .. هُنَاك رَغْبَة جِدِيدَة جَدِّت فِي حَيَاتْهُمْ .. شَهْوِة حَيَاة جِدِيدَة .. حَيَاة أبَدِيَّة لاَ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَحْتَمِلُوهَا فَبَحَثُوا عَنْ أمَاكِنْ الإِسْتِشْهَادٌ هُنَاك أبَاء شُهَدَاء كَانُوا يُعْطُون فِضَّة لِضَارِبِيهُمْ بِالسِيف .. القِدِيس بُطْرُس خَاتِمْ الشُّهَدَاء خَافْ السَّيَاف أنْ يَقْطَعْ رَأسُه مِنْ شِدِّة وَقَارُه وَهَيْبَتُه .. كَيْفَ يَخَاف السَّيَاف ؟ .. نَعَمْ الخُوف غَرِيزَة لِحِفْظ النُّوع وَلكِنْ السَّيَاف يُمِيتْ وَلاَ يَمُوت .. الَّذِي يَمُوت لاَ يَخَافْ .. الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع تُحَوِّل الخَائِفْ إِلَى شَهِيدٌ وَالشَّهْوَانِي إِلَى بَتُول .. الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع تُبَدِّل الغَرَائِز وَتَعْلُو بِهَا وَتُقَدِّسْهَا وَتَجْعَلْهَا غَرَائِز لِحِسَاب الْمَسِيح لِذلِك تَقُول لَك الكِنِيسَة ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ﴾ الكِنِيسَة وَضَعِتْ هذِهِ النَّمَاذِج وَتَحْتَفِل بِهَا لِتُغَيِّر أهْدَافْنَا وَتَقُول لَك أنْتَ لاَ تَعِيش لِلأرْض فَقَطْ تَهْتَمْ بِمَا تَأكُلْ وَتَرْتَدِي لاَ نَمِّي إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة الَّتِي عِنْدَك تَغَيَّر وَتَقَدَّم وَنَمِّي إِشْتِيَاقَاتَك إِذَا جَاءَ مَوْقِفْ الأنْ لِتُقَدِّم حَيَاتَك لِلْمَسِيح مَاذَا سَتَفْعَل ؟ لَنْ تَسْتَطِيعْ أنْ تَقُول أُقَدِّم حَيَاتِي لِلْمَسِيح فِي لَحْظَة لاَبُدْ أنْ تَكُون مُقَدِّمْهَا كُلَّ يُوم لاَبُدْ أنْ تَكُون لَك وَقْفِة صَلاَة وَإِنْ كَانِتْ مُتْعِبَة لِلجَسَد لاَبُدْ أنْ تَغْلِبْ الجَسَد وَإِنْ كَانْ لَيْسَ لَدَيْكَ وَقْت وَإِنْ كُنْت لاَ تُعْطِي حَتَّى وَلَوْ لَحَظَات لله فَكَيْفَ تُعْطِيه الحَيَاة كُلَّهَا ؟ مِنْ هُنَا نَقُول تُوْجَدٌ حَيَاة أبَدِيَّة بِغَرَائِز رُوحِيَّة مِحْتَاجِينْ أنْ نَحْيَاهَا مِنْ الأنْ لِنَتَهَيَّأ لِمَجْد الحَيَاة الأبَدِيَّة الله يُعْطِينَا أنْ نَسْلُك بِإِسْتِقَامَة فِي الحَيَاة وَأنْ يُصَحِّح أهْدَافْنَا وَيُقَوِّم خَطَوَاتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين