نصيب الكنعانية الجمعة الرابعة من شهر أمشير

Large image

في الجزء الخاص بالمرأة الكنعانية في الإنجيل المبارك يُرينا كيف يكون الإنسان بلجاجتهِ وإيمانه ينول نصيب في مراحم الله .. وكيف أن النفس البعيدة ممكن جداً تكون قريبة .. خرج يسوع من هناك وأتى إلى تخوم صور وصيدا .. أي أقصى الشمال بالقرب إلى سوريا وهي أواخر الأماكن التي ذهب إليها الرب يسوع في كرازته هي صور وصيدا يُعرف عن هذه الأماكن أنها مليئة بالأمم .. فعندما ذهب يسوع كانت هناك إمرأة كنعانية خرجت من المسكن الخاص بها لتبحث عن موكب ربنا يسوع المسيح .. { وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليهِ قائلةً ارحمني يا سيد يا ابن داود } ( مت 15 : 22 ) .. إمرأة كنعانية غريبة عن المسيح وكيف تقول " الرب ، ارحمني " ؟! وكيف عرفت " ابن داود " ؟ من الواضح أن ربنا له في كل مكان وفي كل زمان شهود وله من يُباركه حتى لو كان غير معروف من الواضح أن هذه المرأة تحمل في قلبها إيمان عالي جداً بالسيد الرب .. بابن داود .. رغم إنها غير محسوبة بأنها من رعية بيت الله .. ولكنها أخذت نصيبها من خلال إيمانها ولجاجتها الموكب يسير وهناك ازدحام غير عادي وهي من بعيد تصرخ .. وهي تعرف إنها غير مدعوة لهذا الموكب .. فسمعها السيد المسيح وأيضاً التلاميذ .. ولكن المسيح صمت .. فقالت { ابنتي مجنونة جداً } أما يسوع لم يجبها بكلمة فازدادت في الصراخ حتى اضطرت أن تعمل لون من ألوان الإزعاج .. فتضايق التلاميذ لذلك وحاول الجميع إسكاتها ولكنها ازدادت .. وعرفوا إنها كنعانية ومع ذلك تقول" ارحمني ، ابن داود ، الرب " تكلم التلاميذ مع يسوع وقالوا له " ياريت تسكِّتها وتصرِفها " .. كل هذا والرب يسوع صامت والصُراخ يزداد .. وعندما تكلم تلاميذه قال { لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة } .. فأتت واقتربت وأيقنت أن هناك رفض فجاءت وقالت له { يا سيد أعني } ثم سجدت لهُ .. هذا هو إيمان المرأة الكنعانية والكنيسة وضعِت هذا الجزء من الإنجيل في الصوم الكبير لتقول لنا ينبغي أن تأخذ نصيبك من هذا الصُراخ لتأخذ نصيبك من الإستجابة الإبنة في الكتاب المقدس تُشير أحياناً إلى النفس .. أنت " نفسك " الشيطان أزعجها وفي بشارة معلمنا متى يقول { ابنتي مجنونة جداً } .. وأحياناً يشتكي الإنسان من نفسه المجنونة جداً .. أتفه شئ يجعله يثور .. يقع بسهولة في الخطية .. يشتهي ما لغيره .. غير مُتزن في تصرفاته .. غير حكيم في ترتيب يومه .. نفس مُنزعجة ومتقلبة المرأة الكنعانية إشتكِت من إبنتها المجنونة جداً .. بها شيطان .. النفس عدو الخير أحياناً يمتلكها ويوجهها كما هو يريد .. وهذا يحتاج صُراخ .. محتاجة أسير وراءه .. وإنت كلمته ولم يسمع .. فالمرأة من شدة مرض إبنتها تبنت هذه الآلام وظلت تصرخ وتقول { ارحمني يا سيد يا ابن داود } .. عندما تبنت هذه الآلام وهو لم يسمع لم تنصرف .. ولم ترجع كما نفعل نحن وننصرِف عن الله عندما لا يسمع .. وضَّحِت سؤال قلبها حتى لو كان هو لا يسمع تأثر التلاميذ بموقفها جداً وتشفعوا لها عند ربنا يسوع .. فإنها جاءت وسجدت سجود عبادة وليس سجود احترام .. الكنعانية آمنت أنهُ الرب وسجدت له سجود عبادة .. ما الذي عرفته عنه حتى يصل إيمانها إلى هذا الحد ؟ الكنعانية بإيمانها إخترقت حدود إسرائيل وصارت مندوبة أو سفيرة عن نصيب الأمم في المسيح .. من هم مِنْ خارج إسرائيل ينبغي أن يُشفوا .. والعدو إستعبِدهم والرب يسوع هو ينبوع الشفاء ولديهِ القدرة على الشفاء .. فقيل على الكنعانية غلبِت صمت يسوع وغلبِت رفض يسوع .. لجاجة الصلاة تغلِب الصمت وتغلِب الرفض .. وبإيمانها أثبتت إنها من البنين حتى وإن كانت كنعانية .. وأثبتت إنها أفضل من البنين عندما قالت { يا سيد أعني } وسجدت لهُ .. تعلم السجود أثناء الصلاة خاصةً أثناء الصوم الكبير وكثرة الميطانيات بخشوع وأنت تقول له " أغثني يارب " جميل في آباء الكنيسة أخذِهِم عبارات الكتاب المقدس .. صلوات قصيرة .. " إرحمني يا ابن داود " صلوة ثم تقول " إبنتي بها شيطان " ثم " أغثني يارب " .. هذه الكلمة أئن بها مثل المرأة الكنعانية التي كان بداخلها أنين لأنها ترى آلام إبنتها وترى عبودية الشيطان لها نرى رفض ليسوع لثالث مرة والرفض يزداد في قوته .. والمرأة تزداد في طلبها .. الرفض الأول عندما لم يجاوبها .. الرفض الثاني عندما قال لها { لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة } .. الرفض الثالث أصعب قال { ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب } .. يوجد منهج يتِّبعه معنا ربنا يسوع المسيح .. يريد أن يرى إيماننا وصدقِنا ومحبتنا .. إنه أراد أن يُعلِّم كل من حوله بهذه المرأة والتلاميذ أيضاً كأنه يستدرج إيمانها ويُخرِج ما في باطنها من قوة لا تظن أن طِلبِتك لم تُستجاب أو حالتك غير جيدة والله لم يستجيب بعد .. فلا تظن أن صلواتك مرفوضة ممكن أن تنال ما تريده عن طريق إنك لم تنال ما تريده .. وكما يقول سيدنا البابا { كثيراً ما تكون إستجابة الصلاة في عدم استجابتها } أراد الله أن يُظهِر لجاجتها وهو عالِم في داخله أنه حتماً ينصِفها ولكنه أحب أن يُعلِّم بها .. أراد أن يُفجِّر ينبوع الإيمان بداخلها .. لم نتعود من الرب يسوع هذا الكلام الحاد .. تعودنا على الكلام اللطيف .. فإنك لا تشاء موت الخاطئ .. فأنت تدعو الكل للخلاص .. لماذا يارب تقول لها هذا الكلام الصعب ؟ يريد أن يقول لها أن الشعب يأكل على مائدة إسرائيل ويجب أن لا يُشاركهم أحد .. فإن اليهود في الموائد الفصحية ممنوع تماماً أن يقترب منهم غير المؤمنين ولا يشترك معهم هذه المرأة تعرف هذا وكان يجب أن تنصرف وهي حزينة .. ووجدناها ترد سريعاً وتضع نفسها على مستوى الكلاب وتقول { نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها }لا تطمع في الأكل من على المائدة ولا أريد طعام البنين ولكن أطلب فُتات فقط .. أعرِف يارب إني غير مستحق أن أكُل من المائدة الخاصة بك ولكن اقبلني كأحد أجرائك وغير مستحق .. إنعِم يارب بالفُتات في معجزة إشباع الجموع تعرفنا على الفُتات .. والفُتات في المعجزة كان ضخم .. إثنتي عشرة قفة مملوءة .. هذا هو نصيب الجياع .. الفُتات من نصيب أي أحد لكن المائدة من نصيب البنين .. فإن مُنعنا من نصيب البنين نُمنع حتى من الفُتات .. فالكلب لا يُمنع من الفُتات أحد الأباء القديسين يقول على هذه المرأة أن حجتها أقوى من طلبها .. عندما تقف تتحدث إلى الله وقلبك منكسر وفي خشوع تدخل طِلبِتك إلى حضرتهِ .. لا تتكلم إليهِ بجسارة .. تقول المرأة رداً على كلام الله " نعم يارب " ولم تُقل له إنكَ أخطأت .. وتقول له " والكلاب أيضاً " .. قدمت المرأة دفاع عن كنيسة الأمم كلها إن كان الخبز للبنين فقط فإنه ظلم لأن الجياع لم تشبع .. فكيف يكون الفُتات موجود وهناك جياع ؟ أعطينا يارب تعزية صغيرة ونحن غير مستحقين أن نكون أبناء ولكن أعطيني يارب نصيب الكلاب .. أحتاج يارب إلى المائدة الخاصة بك ولا أستطيع الإنصراف بدون أن أشبع .. لا يرضى الله أن يفيض خبز من الشباعى وهناك جياع .. إنه لا يقبل أبداً تعطينا المرأة درس في اللجاجة والطِلبة .. تقول له إنها تطلب نِعمه وجُوده فكيف يأتي هو ولم تحصل هي على نِعمه ؟ كيف يكون لديها مشكلة ولم تأخذ الفرصة ؟ { نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها .. حينئذٍ أجابَ يسوع وقال لها يا امرأة عظيم إيمانُكِ } .. أخيراً يارب نطقت بالنعمة .. وإن تأخرت فهي تأتي .. الخلاص قريب منا جداً ولكن ينتظر استحقاق وطِلبة وقلب منكسر .. { القلب المُنكسر والمتواضع لا يُرذلهُ الله } .. كما الكنعانية التي قدمت قلب منكسر .. أخذت مشوار طويل .. غريبة أن تكون كل الشخصيات التي وردت في الكتاب المقدس وظهر إيمانهم غالبيتهم من غير المؤمنين مثل قائد المئة الله رفض طلبها ولم يجبها لكي يُعلِّمنا بها .. بلغت بإيمانها ما يجعلها تُخرج سلطان الشيطان من إبنتها .. أكيد أن هذه المرأة لها نصيب في ملكوت السموات وعلِّمت كثيرين كيف تطلب وتستمر وكيف تتكلم بلياقة وبشعور عدم استحقاق هذه هي الشروط التي وضعتها لنا المرأة الكنعانية في كيفية التحدث إلى السيد الرب .. وقار + احترام + سجود .. إنها أخذت حق الأمم في خبز البنين والتي رفعت مستوى الأمم من شعب جالس في الظلمة إلى شعب أبصر نور .. شعب لا يعرف الله إلى شعب يعرف الله كما قال { سأدعو الذي ليس شعبي شعبي } ( رو 9 : 25 ) إستمر في طلبك واطلب بخشوع وتكلم معهُ لأنه السيد الرب واطلب الرحمة .. وإن لم يستجيب إستمر .. وإن لم يُجيب بكلمة أُصرخ أكثر .. ممكن تكون عدم الإجابة هي رغبة منه لكي يسمع صُراخك فازداد في اللجاجة .. بعد صُراخها سجدت ثم رَفَض فازدادت في الصُراخ واللجاجة وتقول له { نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها } .. أراد الله أن يُعلِّمنا كيف نطلب وكيف يكون الخشوع والإنسحاق في الطِلبة .. فستجد استجابة وإن كانت مخفية وتأخرت فإنها ستأتي الله يعطينا إيمان الكنعانية حتى ننال هذا المدح والنعمة ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 1845

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل