نيقوديموس الذى أتى إليه ليلا الجمعة الثانية من شهر برمهات

Large image

قي إنجيل معلمنا يوحنا التلميذ والبشير أصحاح " 3 " يتكلم عن إنسان إسمه نيقوديموس رئيس اليهود – أي المجلس الأعلى لليهود – .. هو أحد أعضاءه .. وهذا المجلس مُكون من " 72 " عضو من مشايخ اليهود يتحكموا في كل الأمور المدنية الخاصة بمصالح اليهود .. هو واحد من أعضاء هذا المجلس ذو شأن كبير جداً وكان رجل لديهِ تساؤلات عند ربنا يسوع .. يرى حياته ونِفسه يقترب إليه ولكن مركزه منعه .. تجنب الإحتكاك والحديث في الأماكن العامة والأوقات المعروفة فذهب إليهِ ليلاً القديس يوحنا يقول في إنجيله كلمة في منتهى الرقة تُعبِّر عن الحدث .. لم يقُل عليه أنه خائف أو جبان أو أي صفة سلبية واكتفى أن يقول عليه أنه " أتى إليهِ ليلاً " رغم أنه كررها أكثر من مرة .. " الذي أتى إليهِ ليلاً " .. نعرف أن نيقوديموس هو الذي ذهب مع يوسف الرامي ليُنزِلوا جسد يسوع من على الصليب .. ويتذكرها القديس يوحنا فيقول " الذي أتى إليهِ ليلاً " أيضاً نيقوديموس هذا لديهِ المعرفة ولكن ليس له حياة .. عنده معلومات ولكن ليس عنده الإيمان الحي .. في أحداث الصليب لم نجد منه أي تعاطف رغم إنه بعد ذلك لم يحتمل ما رأه من تعذيب ربنا يسوع المسيح على الصليب .. وفي النهاية طلب الجسد مع يوسف الرامي ولذلك نقول بسبب الخوف من اليهود والمركز الإجتماعي والوضع بين الناس يعوق بركات كثيرة جداً على الإنسان .. حسابات الإنسان كثيراً ما تكون خاطئة .. ينظر الإنسان للأرض ولم ينظر إلى فوق وقلبه أيضاً كذلك .. حسب حساباته بسبب الخوف من اليهود المولود أعمى لم يخاف أن يُطرد من المجمع مثل نيقوديموس .. لم يخاف أن يقول أن هذا الرجل جعلني أُبصِر .. أحياناً يحتاج الإنسان أن يعمل هذه المفاضلة في حياته ويختار .. لذلك يقول الأباء القديسين في شرحهم للكتاب المقدس أن نيقوديموس هذا له إيمان الظلمة أو الظلام .. إيمان بالليل .. الإيمان الذي لا يستطيع أن يُعلنه .. إيمان غير مُعلن .. إيمان ناقص عنصر مهم جداً حي وفعال ونشيط .. يقول الأباء القديسين أن الإيمان النشيط يُحوِّل الخائف إلى شهيد .. مثل معلمنا بطرس الرسول أصبح لديهِ قوة بعد أن كان خائف لذلك عبَّر يوحنا في رقة عن هذا الإنسان ولم يقل أنه كان خائف أو جبان ولكن عبَّر بكلمة واحدة " أتى إليهِ ليلاً " .. كما قال أيضاً معلمنا يوحنا عن يهوذا عندما أعطاه الرب يسوع لقمة يقول { أخذ اللقمة خرج للوقت وكان ليلاً } ( يو 13 : 30 ) أي هذا العمل للظلمة التي دفعته لذلك قال نيقوديموس { يا مُعلِّم نعلم أنكَ قد أتيتَ من الله مُعلِّماً } ( يو 3 : 2 ) .. هذه الكلمة تدل على أنه لديه يقين في أن ربنا يسوع عنده شئ فريد جداً .. كلمة " مُعلِّم " يقصد بها مرتبة عالية جداً مثل أستاذ جامعة .. مثل " رب .. رابي .. ربوني " .. هناك ثلاث درجات عند اليهود :-
الرب ← مُعلِّم جماعة صغيرة من الأطفال .
رابي ← مُعلِّم أكثر قليلاً .
ربوني ← مُعلِّم المُعلِّمين .
هنا يقول له " ربوني " .. { يا مُعلِّم نعلم أنكَ قد أتيتَ من الله مُعلِّماً لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معهُ } إنه مبهور بالآيات والتعاليم وعقله يقول أنه رابوني .. هو شخص ربنا يسوع المسيح .. هو مُعلِّم رغم أنه لم يتخرج من مدارسهم الرسمية .. هو على يقين أن معرفته كبيرة جداً .. كلمة " نعلم " أي الجميع يعلم والمجلس كله يعلم .. يوجد عند اليهود قديماً اعتقاد أن أي أحد يقوم بعمل آيات يُبقى يأخذ رتبة أو درجة أو كرامة أعظم من المُعلِّم .. لدرجة عندما يريدون قياس تقوى إنسان تُقاس بالآيات .. هذا الفكر راسخ عندهم .. أي الآيات دليل على أن المسيح رجل الله – قياس يهودي – أي أنه بدأ يؤمن أنه من عند الله ومُرسل من عنده ولكن لا يستطيع أن يعرف ويتأكد من هو المسيح وكرامة المسيح وماهيته نرى ربنا يسوع المسيح يُجاوبه إجابة مختلفة جداً وكأنه يُجيب عن أفكاره التي لم يُعلن عنها .. فقال الرب يسوع له { الحق الحق أقول لك } – إعلان عن التأكيد واليقين – { إن كان أحد لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله } .. وكأنه يقول له " إنتظر رويداً لأن هذا الكلام كله أسرار .. هذا الكلام يحتاج إلى خليقة جديدة .. وتحتاج أن تولد من فوق " .. تعجب نيقوديموس وقال { كيف يمكن الإنسان أن يُولد وهو شيخ } .. فيرد ربنا يسوع المسيح ويقول له { المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح } يريد أن يقول له هناك ولادتين واحدة من الجسد والأخرى من الروح .. فرق كبير بين ما يُنتسب للسماء بميلاده الجديد وبين ما يُنتسب إلى الأرض بميلاده الجسدي .. كل هذا يحتاج إلى إدراك على مستوى الأسرار وليس على مستوى التحليل العقلي .. لذلك حياتنا المسيحية تتلخص في أن المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح وعنده دعوة مختلفة ويقين مختلف وحياة مرفوعة إلى فوق وإيمان يسلُك به ويقين في أمور غير مرئية .. هذا لأنه مولود من الروح نحن أخذنا عطية كبيرة جداً .. أخذنا ميلاد الروح .. هذا الرجل بكل معرفته لا يستوعب .. ولكن أنت بميلادك الفوقاني تقول " أؤمن وأعترف وأُصدِق " .. كيف تُصدق أن الخبز يتحول إلى جسد ؟أو كيف تُصدق أن الماء عندما ينزل فيه الطفل فإنه يُولد بالروح ويكون له نصيب في ملكوت السموات ؟ حذاري أن تكون مولود بالروح وتسلُك بالجسد .. وأنك مدعو أن تكون من مواطني السماء وأنت تعيش كمواطنين الأرض .. وأن يكون لديك المواعيد العظمى والثمينة وأنت ملهي في الأرض خسارة أن تحصر عقلك في الأمور التي تُرى .. بل أُحصر نفسك في الأمور التي لا تُرى .. أنت تسلُك كروحاني .. فهل قيود الجسد وروح العالم طاغية عليك وتقودك وتُنسيك طبيعتك ؟
أجاب يسوع وقال { إن كان أحد لا يُولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله } .. إيمان على مستوى روحي وميلاد جديد يحصل عليهِ الإنسان وطبيعة جديدة .. آه لو أدرك الإنسان أنه مولود من الروح وأعطى فرصة للروح تقوده وصدَّق المواعيد وسلك بالإيمان سيجد الكثير إختلف في حياته وأدرك أنه لا يعيش بالطعام والشراب .. أدرك معنى العفة ومعنى الحياة وجمال الأبدية .. كل هذا يأتي بالروح .. الروح في الميلاد الجديد يبطُل مفعوله .. الروح يريد أن يقوم بثورة في الداخل ونحن من نُقيِد الروح هذه كل اشتياق روحي يقودني له أتعطل وأعطل النعمة .. وهنا قال له الرب يسوع { الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب .. هكذا كل من وُلد من الروح } يريد أن يقول له أنه يأخذ الأمور على مستوى العقل فاجعلني أُحدِّثك على مستوى العقل .. فهل رأيت الريح تأتي شديدة جداً ولكنك لم تشاهد شئ ولكنك حاسس وشاعر وسامع ولكن لم ترى .. ولكنك تعرف أن هناك شئ لأنها قامت بشئ ملموس .. أوقعت شجر أو بيت ويوجد صوت الروح كذلك لا نعرف الأبعاد ولكن نعرف أفعالها .. ممكن أعطي فرصة أكبر للروح ليظهر مفعولها في حياتي .. لذلك أقول الروح القدس وروح الله والميلاد الفوقاني أعطاك تصديق لأمور لا يستطيع الآخرون أبداً أن يُدركوها أو يفهموها – أبداً – .. من قادر أن يفهم التجسد أو الصليب أو المعمودية أو الأسرار والكتاب المقدس والمواعيد وطبيعة الحياة السماوية وتفاهة العالم .. كل هذا يحتاج إلى الروح .. وأنت أخذت الروح التي تجعلك تُصدق كل هذه الأسرار .. الروح الذي يُغيِّر كيانك وفِكرك .. هل يصح أن أسلُك كما الذين لم يأخذوا هذه الروح .. كيف ؟إن أخذت الروح هل أسلُك كإنسان سماوي في ميولي واتجاهاتي وأفكاري أم يحكمني قانون العالم والجسد ؟ الروح القدس عمله سري لذلك شبَّههُ بالريح ولكنك تُدركه وتُدرك آثاره .. الكنيسة تريد أن تقول لك أنك في فترة الصوم هدفها أن نُطيع الروح والريح التي بداخلنا نخضع لها ونسلُك بالإيمان وأتحول من ميل للعالم إلى ميل للسماء .. كل نداء بر ورغبة قداسة أطاوعها أحياناً نرى أُناس درجة حياتهم الروحية تصل إلى العجب .. حياة عفة وتسامح وصوم ويُعطي ويبذل .. كل هذا يُثير العجب .. فيقول لا تتعجب لأن الأمور الروحية تحتاج إلى إيمان وتصديق ووعي لا تأخذ الأشياء بفتور ومظاهر بل أُدخل للجوهر والأعماق وكل الأسئلة لها إجابة .. إطرح نفسك .. وإن كان نيقوديموس أتى إليهِ ليلاً تعال أنت إليهِ نهاراً .. وإن كان نيقوديموس خائف فلا تخف أنت .. تكلم معه في كل وقت وهو مستعد على أن يجاوبك ويعطيك على قدرة استيعابك ويُعطيك على مستوى استعدادك .. أعطي أكثر من استحقاقات نيقوديموس .. لم يقل له لماذا تأتي ليلاً .. لم يصرِفه ولكنه أطال أناته وتكلم معه وإن كان لم يُظهر داخله ما بداخله ولكن عن طريق أسئلة جاوب عنها بفكره وعدم إيمانه هذا هو أجمل ما في شخص ربنا يسوع .. أطرح نفسي أمامه ويعلمني أسرار .. عليَّ أن أصدق وأخضع وأفعل وأغيَّر إنساني الداخلي وأتحول في النهاية إلى تلميذ لربنا يسوع المسيح .. لذلك الكتاب المقدس ومُعلمي الكنيسة يقول أن نيقوديموس هذا صار تلميذاً لربنا يسوع .. هذا هو التحول الذي النفس مدعوة له .. إن كان الإنسان في البداية متردد وخايف المسيح يقول لنا إنه يدعونا أن نُولد من فوق وعليك أن تسلُك بالروح ويتغير كيانك على مستوى فِعل حياة داخلية ربنا يعطينا أن نُدرك ونسلُك بالروح وأن نكون أُمناء لدعوتهم ونسلُك حسب ميلادنا الفوقاني ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته وبركته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 1970

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل