أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك الجمعة الخامسة من شهر بابة

Large image

تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي فصل من إنجيل مارمرقس الرسول الأصحاح العاشر من الآية 35 – 45 .. { وتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين يا مُعلم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا .. فقال لهما ماذا تريدان أن أفعل لكما .. فقالا له أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك .. فقال لهما يسوع لستما تعلمان ما تطلبان .. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي اصطبغ بها أنا .. فقالا له نستطيع .. فقال لهما يسوع أما الكأس التي أشربها أنا فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيه إلا للذين أُعد لهم .. ولما سمع العشرة ابتدأوا يغتاظون من أجل يعقوب ويوحنا .. فدعاهم يسوع وقال لهم أنتم تعلمون أن الذين يُحسبون رؤساء الأمم يسودونهم وأن عظماءهم يتسلطون عليهم .. فلا يكون هكذا فيكم بل من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً .. ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فديةً عن كثيرين } ففي إحدى المرات قام يعقوب ويوحنا بالطلب من أمهم أن تتوسط لأجلهما عند يسوع المسيح وذلك لكي يُشاركوه في مجده فأحدهم يجلس عن يمينه والآخر يجلس عن يساره .. فهم خجلوا أن يقولوا مرة أخرى طلبهم من ربنا يسوع فقالوا له " ما طلبنا " .. ولكن ربنا يسوع أحب أن يكشف أفكارهم أكثر فقال يسوع { ماذا تريدان أن أفعل لكما .. فقالا له أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك } .. فإن حذفنا كلمة " في مجدك " فلا يحدث شئ .. فقال لهما يسوع { لستما تعلمان ما تطلبان .. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي اصطبغ بها أنا .. فقالا له نستطيع } مارمرقس في الأعداد التي قبلها من نفس الأصحاح من عدد 30 – 35 كان ربنا يسوع يتكلم عن آلامه المُزمع أن يجتازها .. فيقول { ابن الإنسان يُسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويُسلمونه إلى الأمم فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه } .. وهم كانوا بيسمعوا هذا الحديث منه .. فكان ربنا يسوع يتكلم عن الصليب والموت .. يتكلم عن الآلام .. يتكلم عن الضيق الذي سوف يجتازه .. يتكلم عن الكأس الذي سيشربه فكان من الأولى أن يطلبا أن يجتازوا معه هذه الآلام ولكنهم طلبوا أن أحدهم يجلس عن يمينه والآخر عن يساره .. فكثيراً ما كان يتكلم معهم الرب يسوع عن أشياء وهم يُفكرون في أشياء أخرى .. فهو مثلاً كان يتكلم عن الروح القدس وهم يقولوا له " ولا سمعنا أن هناك روح قدس " .. ومرة أخرى قالوا له " أرنا الآب " ( يو 14 : 8 ) فقال لهم يسوع " أنا والآب واحد " ( يو 10 : 30 ) .. " من رآني رأى الآب " ( يو 14 : 9 ) فكانت هناك مفارقات عجيبة .. فالتلاميذ يفكروا بطريقة وربنا يسوع يفكر بطريقة أخرى .. فلا يوجد مجد بدون ألم .. فأحياناً يتوه الإنسان عن ذهنه هذه الحقيقة وهي الألم والضعف وهو يريد فقط المجد .. ولكن المجد لا يأتي أبداً إلا بالألم .. القيامة لا تأتي أبداً إلا بالصليب .. فهو أعلن مملكته على الصليب .. أعلن كمال حبه على الصليب .. الصليب هو دليل حبه العملي .. فهم هنا سمعوا عن الصليب العملي ولكنهم لم يتلامسوا معه .. ففيما هو يتكلم عن الصليب يتكلموا هم عن المجد .. فيوحنا ويعقوب لن يُدركوا المجد إلا لما يجتازوا معهُ الصليب في سفر الأعمال الأصحاح 12 كان يعقوب أول الشهداء .. { فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف } .. فهو يقول أنا كنت بطلب مجد ولكن عندما رأيت الآلام فأيقنت أن الألم هو الذي يوصل للمجد .. فهو واثق أن من خلاله يصل إلى المجد .. فإن الباب الذي يؤدي هو باب مجد وألم .. هو باب قيامة وصليب كل الأباء الرسل إستشهدوا على إسم ربنا يسوع ما عدا القديس يوحنا الحبيب .. الله حفظه لرسالة معينة .. عاش لأخر القرن الأول فهو كان قريب جداً من المسيح فظهرت بدع كثيرة تقول إنه إنسان وليس إله .. فكتب إنجيل يوحنا المملوء بالبشارة الإلهية .. تظهر بدعة تقول إنه إله وليس بشر فيوحنا يكتب الرسائل ليؤكد إنه إنسان فيقول { الذي شاهدناه ولمسته أيدينا ... الحياة أُظهرت }( 1يو 1 : 1 – 2 ) .. { كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله }( 1يو 4 : 3 ) .. يتكلم عن الأبدية والسماء فيكتب سفر الرؤيا .. لقد سمح الله أن يطوِّل عمر يوحنا وأن لا يستشهد حتى في عصر نيرون وإنه يعاصر البدع ويكتب إنجيله ليؤكد على لاهوت المسيح .. يكتب رسائله ليؤكد على ناسوت المسيح .. ويُنفى إلى جزيرة بطمس ليكتب لنا سفر الرؤيا .. فهو الأن قد انفتحت عينيهِ على أسرار كثيرة فيقول لو أعطاني مجد فإني مشتاق إلى شركة آلام المخلص عجيب يارب في تأنيك على التلاميذ .. فهو كان يمكن أن يغضب أو يثور .. فهو كان يتكلم عن الآلام والصلب والموت وهم يتكلمون عن المجد .. فهو محتاج إلى روح تكون مُشاركة في آلامه وليس من يتكلم عن المجد .. { لستما تعلمان ما تطلبان } .. فهم لا يعرفون ما هي النفقة .. أن تشربوا الكأس التي أنا أشربها وأن تصطبغا بالصبغة التي أنا أصطبغ بها .. فهم أجابوه " نستطيع " .. ولكن ليس لهم استعداد للتعب ولكنهم عندما عاشوا معه في فترة آلامه الفعلية أسلموا أنفسهم للألم فلذلك يجب أن نسأل أنفسنا هل كلامي عن الصليب نظري ؟ هل أنا واقف على حدود الكلام لكن عندما يأتي الألم أرفضه وأطلب المجد ؟ إن البركة كلها مخفية وراء الألم .. أن تشرب من الكأس التي أنا أشربها .. أن تصطبغ بالصبغة التي أصطبغ بها أنا .. الصبغة هي ألم .. دم .. إهانة .. تعري الصبغة في الكنيسة أُطلقت عليها المعمودية .. بالطميس تعني الصبغة التي هي المعمودية .. فهي الصبغة المقدسة .. فأنت الأن تقدر لأن أنت فيك صورتي .. ملامحي .. لأن أنت فيك صاحب الوجه المُتفل عليه .. فيك صاحب الوجه المضروب عليه .. فيك صاحب الرأس الذي وُضِع عليه إكليل الشوك .. فيك صاحب اليدين المُسمرتين تِقدر أم لا تستطيع ؟ هم قالوا نستطيع .. ولكن إثبتوا .. كل التلاميذ إغتاظوا .. لماذا أنتم تطلبون هذا الطلب ؟ ولكن ربنا يسوع كان يقول كلكم غير فاهمين .. كلكم غير حاسين بيَّ ولكن سوف أُبقي عليكم وأحتملكم .. { ولما سمع العشرة ابتدأوا يغتاظون من أجل يعقوب ويوحنا .. فدعاهم يسوع وقال لهم أنتم تعلمون أن الذين يُحسبون رؤساء الأمم يسودونهم وأن عظماءهم يتسلطون عليهم .. فلا يكون هكذا فيكم } هناك فرق بين الرئاسة والتسلط :-
الرئاسة : هو أن يستخدم الرئيس ما فيه من سلطان .
التسلط : هو أن يستخدم الرئيس ما لا في سلطانه ويتجاوز حدود سلطانه .
العالم يستخدم الرئاسة والتسلط .. { من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً .. ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً } .. فتعالى إلى أي فرد يضع هذا الفصل من الإنجيل أمامه أو يأمر تلاميذه بهذا الكلام .. من في التاريخ كله تكلم بهذا التعليم ؟ فهناك ناس وأشخاص قرأت الكتاب المقدس فسجدت .. الكلام إخترق أعماقهم .. الكلام إصطدم بالعقل البشري .. الكلام يخلع الإنسان العتيق .. فالإنسان يريد أن يتقوى .. يكبر .. يتسلط .. يكون له نفوذ .. ولكن الكنيسة تقول { من أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فديةً عن كثيرين } هو يبذل نفسه عن كل الجهالات .. عن الكتبة والفريسيين .. فهم أفراد يريدوا مصلحتهم .. يمشون معه لمجرد الأكل .. معجزة .. حتى تلاميذه لم يُدركوه .. لم يفهموه .. ومع هذا لقد أحبهم الرب يسوع .. فهل أنت تتبع المسيح في فكره .. في منهجه ؟ فالإنسان يبحث في العالم عن كرامة .. مركز .. مال .. نفوذ .. إنتصار .. ولكن الرب يقول عكس فكري تماماً تصطبغ بالصبغة التي أصطبغ أنا بها .. تشرب الكأس التي أشربها .. فعندما كنت وسطكم كنت خادم فخلعت ثوبي ووضعت منطقة في وسطي وطلبت أغسل أرجلكم .. في التقليد اليهودي كان هناك العديد من العبيد بدرجات في البيت الواحد وكانوا يُقسمون العبد القديم .. العبد لديه مواهب .. لديه مهارات .. العبد المغضوب عليه وهو الذي كان يتقدم ويمسح الرِجل .. يغسِل ويِمسح .. فهل أنت تقبل أن تكون مثل سيدك أصغر عبد .. هل تستطيعان ؟أكثر شئ يغضِب ربنا مننا هي ذاتنا ومحبتها .. أن نحب أن نكون أولاً .. فلذلك يقول ربنا إسمع كلام الإنجيل ونصيحته " تريد أن تكون الأول كن أخر الكل " .. أحد الأباء ذهب إلى مرشده الروحي فقال له قل لي كلمة لأحيا بها .. فقال له " ضع نفسك تحت كل الخليقة وأنت تحيا " ربنا يجعلنا تلاميذ تابعين سامعين عاملين للمسيح لا بالكلام ولكن بالفعل نعمل منهجه في داخلنا فنحبه ونتمثل به ونتبعه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2223

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل