إحتقروا العالم الجمعه الاولى من شهر مسرى

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحدآمين . فلتحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تعيد الكنيسة يا أحبائي في هذا اليوم بتذكار قديس اسمه القديس أبالي بن يسطس بن الوالي أرمانيوس،هو حفيد ملك مملكة الروم، أي أنه هو ولي عهد المملكة، هو الملك المنتظر،عندما أتى دقلديانوس ودخل في حرب وأخذ المملكة كان الشعب كله يرفض دقلديانوس،وإذا أراد أبالي أن يدخل في صراع مع دقلديانوس كان سيأخذ المملكة، والشعب كله ينقلب على دقلديانوس، لكن سنكسار الكنيسة اليوم يقول لك أن أبالي فضل المملكة الباقية ولكي يتخلص دقلديانوس منه كولي عهد للمملكة أرسله إلى أحد البلاد وشتته هو وأسرته، وهناك نال إكليل الشهادة.
إلى أي حد ياأحبائي عندما يكون هناك شاب صغير يكون محب للسلطة، محب للمال، محب للمظهر، محب للجاه، إلى أي حد النعمة التي تكون في قلب شاب صغير تجعله ينتصر على رغباته،يتغلب على ذاته، ينتصر على حب العالم الذي داخله،مامعنى أن النعمة تجعل إنسان يفضل المملكة الباقية، إلى أي حد الإنسان يا أحبائي يقف أمام هؤلاء القديسين مندهش من عمل روح الله فيهم،وانتصار عمل النعمة فيهم، كم هوقوي، كم هم غلبوا أنفسهم، غلبوا طبعهم، غلبوا العالم وممالك العالم، ممالك العالم أصبحت بالنسبة لهم تراب، وزوال.مكسيموس ودوماديوس هربوا من الملك، القديسة دميانة ضحت بالمملكة وبالغنى،كثيراً ما نجد في القديسين أمراء وملوك،كثيراً ما نجد فيهم أغنياء،كثيراً نجد فيهم أولاد غنى، أولاد تنعم، قديس مثل القديس أرسانيوس كان يقال عنه أنه كان لديه ألف غلام في خدمته، ألف غلام في خدمة أرسانيوس لأنه كان معلم أولاد الملوك،تخيل معي إذا أحضرنا لك مدرس يقال عليه هذاالمدرس لا يعلم إلا أولاد الملوك فقط فيكون لديه جاه كبير، وكان الملوك بالطبع ينفقوا الكثير على أولادهم، معلم أولاد الملوك ماذا فعل؟!،تجده يسكن في مغائر وجبال وشقوق الأرض،يأكل أبسط الطعام،تجده يعيش على عمل يديه، بعدما كان لديه ألف غلام في خدمته.
متى يا أحبائي يغلب الإنسان شهوة هذه الحياة؟ يقول لك عندما ينتصرعمل الله داخله،متى يكون الإنسان مغلوب من شهواته؟،متى يكون الإنسان مشدود لأسفل؟متى يكون الإنسان مذلول للمال؟، متى يكون الإنسان أطماعه وشهواته هي التي يعيش لأجلها،عندما يكون مرتبط بالأرض،عندما تكون عينيه على أسفل، عينيه لا ترتفع إلى فوق، أنظرإلى أبالي بن يسطس إذا كان فضل مملكة والده وعاش ومات فمن كان سيتذكره؟!،وما المجد الذي كان ينتظره في السماء؟،على العكس كان سيهلك،ويأخذ دينونة، وفي العالم كله لم يكن أحد يتذكره، فهو خلد نفسه، هو اختار ميراث الحياة الأبدية الذي لا يزول.
أتعرف ما الذي جعل قلب القديسين يكون قوي؟! أنهم قاموا بعمل داخلهم عملية مفاضلة واضحة جداً، الأرض أم السماء، الغنى الأرضي أم الغنى السماوي،التمتع بشهوات العالم أم التمتع بأمجاد الحياة الأبدية،وأخذوا القرار وعاشوا بناء عليه، الرجل الذي يقول لك عليه تاجر اللآلئ الحسنة ماذافعل؟ هو رجل تاجر لآلئ حسنة يعرف أن يقدر اللآلئ جيداً،وهو في الحقل وجد لؤلؤة،تاجراللآلئ الحسنة يري اللؤلؤة يستطيع أن يقدرها،و عندما قدرها وجدها غالية جداً،فماذا فعل؟يقول لك وهو في هذه الأرض خبأها ثانية وذهب يسأل عن ثمن هذه الأرض فوجده غالي جدا أغلى بكثير من القيمة الطبيعية لهذه الأرض، فماذا فعل؟ يقول لك مضى وباع كل ما له، كل الأراضي التي لديه قام ببيعها لكي يشتري هذه الأرض،لكنه في الحقيقة لم يقم بشرائها من أجل هذه الأرض لكنه قام بشرائها من أجل اللؤلؤة التي بداخلها،فالإنسان الذي يجد غنى الحياة الأبدية يكتشف هذه اللؤلؤة، يكتشف الغنى والمجد السماوي ونعمة الحياة الأبدية،ويتذوقها وهولازال على الأرض، فيحدث أن أمور العالم تتصاغر جداً في عينيه، تجد الناس تتصارع على المال،تتصارع على كيف تشبع شهواتها، الناس تعيش للأرض،يحبون الامتداد والاتساع، الناس تعيش في هذه المفاهيم،لكن تجده بدأ يضحي بسهولة، يقول لك عن القديس أبانوب الذي احتفلنا بعيد استشهاده منذ أسبوع، عندما جاءوا ليعذبوه قال له الوالي يا ابني ارحم نفسك أنت لاتزال مجرد طفل صغير،فقال له أن العالم يمضي ويزول، طفل صغير بدأت لديه فكرة أن العالم يمضي تسيطر عليه،وعندما يبتدئ يدرك أن العالم يمضي فماذا يفعل؟ لابدأن يبحث عن العالم في الأمور التي لا تزول ولا تمضي،إذن أين هي؟! قال لك في الحياة الأبدية، هي عملية مقايضة، اكتشف الكنز السماوي، اكتشف الفرح الإلهي، اكتشف التعزيات، اكتشف نعمة عمل الروح القدس داخلك، اكتشف الكنز الذي بداخل كل كي تستطيع أن تضحي وتدوس وتغلب،هذه هي عملية المقايضة هذه هي عملية التبادل، قال لك مضى وباع كل ماله،هذا أبالي بن يسطس ترك الملك،ترك هذا الغنى الأرضي، احتقر كل هذا، لكنه سوف يموت، يتعذب، يقول لك لأنني لدي شهوة الملك الأبدي، أناأريد أن أكون هنا كفي الحياة الأبدية.الإنسان يا أحبائي عندما يكتشف مجد وجمال الحياة الأبدية تجدأن العالم يتصاغر في عينيه جداً، يقول لك عن مرة أحد الأغنياء ذهب وأخذ جراب كبير (شوال)ممتلئ بعملات فضة، وسمع عن مجد وقوة وبركة وتعاليم القديس العظيم أبو مقار،فذهب إلى القديس أبو مقار وأخذله جرا بالفضة وقال له خذ هذه الفضةاصنع بهم صدقة، فيقول لك أن القديس أبو مقار قال له لا نحن لا يوجد لدينا أي احتياج لهذا المال هنا، قال له لا من المؤكد أن لديكم احتياجات، قال له لا يوجد احتياج للمال،لكن أنت ممن أين تأكلون وتشربون قال له نحن نعمل،نعمل عمل أيدينا بسيط ناكل منه،قال له إذن يا سيدي بدلاً من أنك تعمل،لاتعملوا وهذه هي النقود، قال له لا فنحن لانعمل من أجل النقود نحن نعمل لكي نتعب،لكي يتعب جسدنا، فقال له خذ هذه النقودهل هناك أحد يرفض النقود،فالناس خارجاً تتصارع على المال،قال له لا ليس يوجد لدي اي احتياجات للمال أشكرك،ثم قال له أبو مقار إذا كان هناك أحد من الرهبان يحتاج فضة أعطيها له قال له أن مجموعة الرهبان الذين أعرفهم قبلما أجئ إليك سألتهم وجميعهم قالوا لي نفس هذه الإجابة،ففرح القديس أبومقارقال له كم عددهم؟!، قال له حوالي ٧ أو ٨ رهبان فقال له إذن انتظر،فقام أبومقار ليدق أجراس الدير، وكان لديه في ذاك العصر 2200 راهب، فقام بوضع جراب الفضة في ممر وقال لهم قفوا صف، وكل راهب يمربجانب هذا الشوال يأخذ منه قدر احتياجه ، 2200راهب يقفوا صف على جراب الفضة،بالطبع الرجل الغني كان يظن أنه من أول ١٠أو 15 أو حتى على 100 راهب يكون انتهي أمر هذا الشوال، لكنه مرعليهم بعد قليل ليجد الشوال لازال موجود،قليلاً ويمرمرة أخرى إلى أن مر ال2200 راهب والشوال موجود مثلما هو، قال له أنا متعجب،أتعجب لأناس تمربجوار المال وتفض يدها وتبعدها هكذا وكأنه يقول ليس لنا حاجة بهذا المال،قال له هل تسمحلي أن أعيش في وسطكم؟!، هذا الدرس جعله يشتاق أن يعيش في وسطهم، قال له لكن ماذاأفعل بهذه النقود إذن؟!فأنااتخذت قرار أنني لاأريد أنأعودبهم مرة ثانية، قال له إذا كنت تنوي هذاقم ببناء بيعة لله بهم، يقال أن هذه النقود هي التي بني بها موضع دير البراموس الموجود إلى اليوم،لأنه كان مسكن للقديس أبو مقار وتلاميذه في ذاك العصر، إلى هذه الدرجة يا أحبائي يكون الإنسان غالب، فهوليس شخصأ وأثنين فقط بل جميعهم،جميعهم لماذا؟! لأنه عينيه مرفوعة إلى فوق،لا ينشغل بالأمور السفلى،لا ينزعج بها،فأسفل هذا هو وضعه تحت قدميه، كما قال القديس العظيم أوغسطينوس"أنا جلست على قمة العالم، أنا لايوجد شيء يغلبني أبدا، جلست على قمة العالم حينما صرت لا أريد شيئا ولا أشتهي شيئا من العالم"، طالما أنا لاأريد شيء فأنا أكون مالك لنفسي، مالك لروحي، مالك لرغباتي، ولا توجدشهوة تغلبني،أوتضغط علي ،أوتسيطرعلي أبدا، هؤلاء هم أولاد الملوك والأمراء الذي نغلبوا،قم بفحص نفسك إلى أي درجة العالم يسيطر عليك، افحص نفسك إلى أي درجة المال مرغوب داخلك،لكن ما هذه أصنام، هذه معطلات،إذن لا نعيش في العالم ولا نستخدم المال!أقول لك لاعيش في العالم واستخدم المال لكن لا تتعبد له، لا تجعل قلبك فيه، لا تحزن على فقدانه، ولا تفرح باقتنائه، استخدمه فقط.يقول لك الآباء القديسين حينما تكتشف أن قلبك موجود في شيء ما أحزن على نفسك وأبكي عليها، لدرجة يقول لك لا تمتلك شيئاً تحزن على فقدانه، لا تمتلك شيئاً تتألم وتحزن على فقدانه،لهذه الدرجة؟! يقول لك نعم،لا تجعل قلبك في شيء أبدا،وهذاهو الكلام الذي قاله معلمنا بولس الرسول عندما قال"الذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه، الذين يشترون كأنهم لا يملكون"، يشترون كأنهم لا يملكون بمعنى أن ممتلكاته ملكه حقا لكن هي لاتملكه، لاتسيطرعليه،هؤلاء هم الملوك والأمراء الذين اختاروا المملكة السماوية،شاهد السعادة التي داخل قلبهم، تعتقد الإنسان من ماذا يتألم؟!، ومن ماذايحزن؟، ومن ماذايقلق؟، من رغباته وشهواته، تجد الإنسان يعيش خاضع لأصنام صنعها داخله، وهذه هي سبب شقائه، سبب تعبه، تجد الإنسان عندما يغلب الأصنام التي داخله تبدأ فيه سعادة الحياة الأبدية تعمل من هنا من على الأرض،تجده يعيش بلا هم،تجده يرفع قلبه وذهنه نقي أمام الله، عقله غير مشوش، نفسه لا تكون مرتبطة بالأرض،هو غلب جسده وانتصر عليه،هذا الكلام كله يعطي فرصة أكثر للروح أنها تنطلق،يعطي فرصة أكثر للنمو،لماذا يقول لك الإنسان أنا أصلي ولاأشعر؟، أقرأ الإنجيل ولاأفهم؟، أحضر الكنيسة ولا أركز؟، أقول لك إذن أدخل داخل نفسك وافحص، افحص كم توجد آلام داخلك تتعبك وتربطك لأسفل.
في سفر يونان يقول لك"الذين يراعون بأباطيل كاذبه يتركون نعمتهم"،ما الذي يجعل الإنسان قلق؟ الأرض، المال، يقول لك على قصة لطيفة يقول لك ذات مرة كان شخص يركب قطار ومعه حقيبة نقود،والطريق طويل ثم بدأ يشعر بالتعب ويريد أن ينام فينعس قليلاً ثم يخاف على الحقيبة،يحتضنها، وينعس قليلاً ويظل يمسك الحقيبة، كل فترة يستيقظ ينظر إليها موجودة أم لا، قال لا يمكن ذلك،لابد أن أركز أكثر،وأمضي هاتين الساعتين المتبقين مستيقظ لئلا تسرق مني الحقيبة،يظل يحاول ويجاهد مع نفسه ليغلب النعاس إلى أن غلبه النعاس فنام وسرقت الحقيبة،استيقظ من الغفوة وجدها قد سرقت، أول فكرة أتت له قال إذن أخيرا سوف يمكنني أن أنام، ما هذا؟!، أقول لكما الذي يجعل الإنسان مرتبط بالأرض، تجد أمور الروحيات على العكس تماماً،لا يمكن أن تأخذ نعمة روحية تقلقك أبدا،لا يمكن أن تأخذ نعمة روحية تذلك أبدا أو تهينك أو تأتي بكل أسفل، تخيل أنت الإنسان يتعبد للأمور التي تهلكه،يبحث عما يضره وتجده هذا هو الذي يمسك فيه، أقول لكل أن هذه خدعة عدو الخير، وهذه الحرب القائمة بين أولاد الله وبين مملكة الظلمة، اسمها مملكة ظلمة، يوجد فيها ضلال، فيها قلب حقائق،يزين لك الحياة الأرضية وكأنها ممتدة جداً،يزين لك المال وكأنه هو الذي فيه القوة وهوالذي فيه السعادة، لا قوة ولا سعادة ولا الحياة ممتدة، العالم يمضي وشهوته، اختار المملكة الباقية،عندما تجد الحياة الأبدية دبت داخلك ستجد نفسك تفكر كيف تصنع صدقة،كيف تعطي الفقراء،كيف تكون أمين في رفع قلبك لله كل يوم،وكيف تعيش الملكوت السماوي من داخلك،"ها ملكوت الله داخلكم"، يا سعادة الإنسان يا أحبائي الذي يعيش الحياة الأبدية وهولازال على الأرض،تجده يغلب،ومثلما تقول دبورة القاضية في سفر القضاة"بعز يا نفسي دوسي"، تدوس بعز،هذا هو أبالي داس بعز، لم يشعر أبدا أنه خاسر،أو نادم، أوقلبه منقسم، ولا يقول يا ليتني كنت أخذت المملكة، رغم أنه ذاهب للموت، يقول لك الموت مع المسيح خير من الحياة في المملكة الأرضية، العبودية من أجل المسيح أفضل من الحرية في العالم، أنا اخترت وأنا سعيد ومقتنع، عيني مرفوعة إلى فوق، وقلبي مرفوع إلى فوق،المقتنيات لا تسعدني،أنا أعرف أنني أعيش فترة، هذه فترة طالت أم قصرت هي فترة، كمثل شخص تجده كل يوم يمر عليه يقول لك هذايوم مضى،هذا يوم مضى، وكأنه يحسب لنفسه من عمره أن هذا يوم مضي من العمر،تجد أحيانا الناس الذين يكون لديهم أشياء ينتظروها،تجد أحيانا هناك أبناء في الجيش يقوم بعمل جدول واليوم الذي يمضي يحذفه من الجدول،يحذفه،منتظر الآخر.فنحن كذلك كل يوم يمر من حياتنا هذا يوم، يارب علمنا أننا نرضيك فيه ونرضيك في اليوم الذي يليه،علمنا أن نرضيك كل يوم،نحن منتظرين ومتوقعين استعلان مجيئك.
هذه يا أحبائي النفوس التي تمسكت بالمملكة السماوية، الله يعطينا قلوب مرفوعة،عيون مفتوحة، ربنا يعطينا شهوة الحياة الأبدية لكي نستطيع أن نغلب ونعيش منتصرين وأعظم من المنتصرين.ربنا يكمل نقائصنا ويسندكلضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .