القديس يحنس القصير الجمعة الثالثة من شهر بابة

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحدآمين .فلتحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهوركلهاآمين .
تعيد الكنيسة في هذا اليوم المبارك يا أحبائي بتذكار قديس من عظماء قديسي أباء الرهبنة وهو القديس يوحنا القصير،في الحقيقة سيرته والحديث عنه يملأ الإنسان بالغيرة الروحية؛ هو مولود في صعيد مصر ناحية طيبة أسوان والأقصر، من أسرة تقية، له أخ واحد، وهذا الأخ هو أيضا ترهب، منذ كان طفل صغير لديه ثم اني سنوات اشتاق أن يكون بجملته لله فذهب للتلمذة عند شيخ قديس كان مشهور جدا اسمه الأنبا بموا، الأنبا بموا كان يدقق جداً في اختياره لمن يصلح للرهبنة، وظل في البداية يصعب له الأمور ويقول له أنت لا تصلح،الحياة عندنا هنا صعبة،أنت جسدك ضعيف،أنت مرفه، أنت مدلل،فقال له جربني، فيقول أنه بعد مدة من امتناعه أن يأخذه قبله بعدما استشار في الصلاة ربنا يسوع، وربنا يسوع أيد وبارك اختياره، أريد أن أتحدث معكم في نقاط قليلة لكن الكلام كثيرعن القديس يحنس القصير، سوف أتحدث في أربع نقاط بالضبط :
١- طاعته .
٢- التدقيق في حياة القديس يحنس .
٣- اتضاعه .
٤- عقله الملتصق بالله .
أولا : طاعته:
أشهر قصة عن طاعة القديس يحنس أن معلمه الأنبا بموا أحب أن يختبره مرة فأعطى له عود يابس أي عصا مثل الخشبة وقال له أذهب وازرعها، وحدد له المكان الذي يزرعها فيه،وكان هذا المكان يبعد عن المكان الذي يجلسوا فيه بحوالي 12ميل، الميل يزداد عنا لكيلو بمسافة،الميل أكثر من الكيلو،أي أن المكان يبعد حوالي ١٣-١٤كيلو، ويذهب ليزرع هذه الخشبة،بالطبع هي قطعة خشب والمنطق يقول أنها لا تزرع،لكنه يذهب ويضع هذه الخشبة على بعد ١٢ميل،يقول لك كان يذهب ليرويها مرتين في اليوم،أي أنه كان يقضي معظم يومه في الطريق بين الذهاب والعودة، يقول لك كان يمضي في العشية ويعود في الصباح، وعلى ذلك هل هذه الخشبة تكبر أو تنمو؟! أبدا، فكم من الوقت ظل على هذا الحال؟ ثلاثة سنوات،ثلاثة سنوات يذهب ويعاود كل هذا الطريق،لماذا؟! لأن معلمه قال له أزرعها، بالطبع تشاء محبة الله أن شيء مثل هذا تتعظم،كان من الممكن إذا لم تزهر هذه الخشبة ولم تثمر كانت القصة تكتب في إطار الخيال، لكنها أثمرت وبالطبع عندما أثمرت فرح وسجد وشكر الله، ورجع لأبوه الروحي ومعه الثمرة،الرجل سجد وأصبح يطوف على كل الرهبان يقول لهم خذوا كلوا من ثمرة الطاعة،الذي يذهب منكم دير السريان هذه الشجرة موجودة إلى الآن لأن دير السريان تم تسميته من الأساس على اسم القديس يحنس القصير، فديرالسريان اسمه ديرالعذراء والقديس يحنس القصير، أنظر شجرة الطاعة، أنظر طاعته،ما هذه الطاعة!،هل هوساذج؟،هل هو لا يفهم؟لا فهو يفهم، كانت تعليمه عجيبة،تشعر أنه رجل حكيم جداً،إذن هذا الحكيم جداً كيف يلغي عقله؟!
لذلك الآباء القديسين عندما يقوموا بتعريف الطاعة يقولون عنها كلام في منتهى حكمة يقول لك الطاعة هي "عدم تمييز ولكن في وفرة من التمييز"،عدم التمييز أنه قطعة أو خشبة ويزرعها هذا عدم تمييز، فهو شخص لا يفهم، عدم تمييز لكن في وفره من التمييز،وأيضا القصة التي تشبهها وهي أن القديس بموا يقول له هناك في خلف المدينة الذين نحن جالسين فيها مقابر، هذه المقابر يسكن فيها ضبعة،أذهب وأحضر لي الضبعة فيذهب ويجري خلف الضبعة ويقولون له لا تذهب ولا تقرب من المكان الذي هي فيه،فهي متوحشة، فهي أكلت كثير من الناس، يقول لهم معلمي قال لي أحضرها،يذهب للضبعة يقول لها أن معلمي أمرني أن أحضرك إليه، فتأتي الضبعة خلفه،تسيرمعه، في تآلف عجيب، وتأخذ معه المشوار كله،ويرجع لمعلمه ويسجد له ويقول له أحضرت الضبعة،لدرجة معلمه تعجب وخاف عليه أن يتكبرقال له هذه ليست ضبعة هي كلب،لهذه الدرجة يقول لك نعم،يقول لك أراد مرة أن يختبره فقام بطرده من القلاية، قال له أنت لا تصلح وأنا لست أحب أن أعيش معك ولا أود أن تكون لي تلميذ وطرده خارج القلاية، ماذا فعل؟ظل جالس،كم ظل جالس؟ظل سبعةأيام،تخيل أنت شخص يطرد ويظل جالس سبعة أيام،وهل يتركه القديس بموا وشأنه؟ لا فكان يخرج كل يوم ممسك بيده قطعة جريدة يضربه بها لكي يطرده يقول له أذهب قلت لك أذهب، يقول لك في اليوم السابع خرج الأنبا بموا وهو يذهب للكنيسة أي من المؤكد أن كان هذا يوم الأحد،فوجدأنه هناك سبعةملائكة كل ملاك يمسك بإكليل ويضعه على رأس القديس يحنس القصير، ما هذه عظمة الاتضاع؟!،ما عظمة الطاعة؟!، ما هذا الرجل؟!،هذا الشخص نستطيع نقول عليه أن الله يرسل لنا نماذج لكي يعلمنا بها، يقول لك القديس بموا عندما كبر وشاخ فكان يمرض، فكان مثل الذي لديه مرض في صدره فكان يبصق كثيراً ويفرز إفرازات كثيرة من جسمه، وهو كان يخدمه بكل طول آناه، وكان يظل مستيقظ لا ينم،يظل يجلس تحت فراشه، يقول لك طوال مدة ١٢عاماً هذه وكان الأنبا بموا لا يريحه بكلمة،أي لا يقل له كلمة شكر، طول 12عام يخدمه لم يكن يقول له كلمة شكر لدرجة أنه في آخر حياته أحضر الرهبان كلهم وامسك يده وقال لهم هذا ملاك وليس إنسان، تعالى أفكر في كمية الطاعة التي في حياتنا، وأنظركمية التمرد والعصيان وفكري وذاتي وأنا أنا ثم أنا ثم أنا.
ثانيا : التدقيق:
كان مدقق جداً،أي إذا سمع حديث لا يسره فلايشترك فيه ولا يكمل،وكثيراً يقول لك أنه يكون يسير مثلاً وكان الجماعة العرب يهابوا الرهبان جداً،يشعرون أنهم رجال الله،وهو تحديداً كان مشهور، يأخذ معه بعض السلال التي صنعها لكي يبيعها يقولوا له أعطنا السلال التي تخصك نضعها على الجمل وأركب معنا، وبالطبع فإنه كان يسير معهم وهو ليس مسئول عن الأحاديث التي يتحدثون بها، يسمعهم بالطبع كانوا يتحدثون بكلام خارج،وقد يكون كلام غير مهذب، كلام لايليق به،فكان الحل الذي يجده الأنبا يحنس أن يترك السلال على الجمل وينزل ويعود مسرعاً على قلايته،لماذا؟يقول لك إني قد سمعت حديث لا يليق أن أسمعه،وفي مرة أخرى يذهب يجد هناك مشاجرة بين رهبان يحتدوا على بعضهم البعض في الحديث فأتى ليدخل قلايته وجد نفسه لا يستطيع أن يدخل، ماذا فعل؟! ظل يدور حول القلاية،فقال له أحد الرهبان يا أبانا أمامك القلاية فقم بالدخول، فقال لهم لا فأنا أحاول أن أخرج من أذني الأحاديث التي سمعتها، لاأريد أن ادخل القلاية وبداخلي هذه الأفكار والأحاديث،كان يدقق،الأنسان اليوم عندما يتعرض لعثره هل يهرب أملا؟!فهو قد ضحى بالسلال التي معه عدة مرات، هذه القصة تحدث في حياة القديس يحنس عدة مرات، يترك السلال ويعاود مسرعاً،يعودمسرعاً ولا يهتم بالسلال، فالأخطر من السلال أن أذنه قد تلوثت، وبالطبع ما تسمعه الأذن يدخل على القلب ويدخل على الفكر، وهذه الأفكار سوف يحارب بها مرة أخرى.لذلك يقول لك إذا أردت أن تحافظ على نفسك لابد أن يكون لك حراسة، لابد أن تضيق على نفسك بحيث أن كلا تعطي فرصة للأعداء أن يحاربوك، العقل الذي يريد أن يلتصق بالله لابد أن يكون عقل مدقق، تخيل أنت عندما يكون الشخص هو الذي يبحث عن العثرة بيده،تخيل أنت عندما يكون شخص جالس أمام التليفزيون بقصد مشاهدة منظر قبيح، تخيل أنت شخص يحب أن يشترك في أحاديث عالمية غير نافعة بل هدامة بل قبيحة، ما هذا؟!،أنظرالقديسين ماذا نتعلم منهم؟! يقول لك حتى إذاسمعت أذنك كلمة بدون قصد، أو إذا سمعت كلمة وأنت مضطر من حديث لا يليق حاول لا تدخل بيتك قبل أن تكون أخرجتها من أذنك،هل الكلام يمكن أن يخرج من أذنك؟!،هذا صعب جداً، فمن الممكن أن يكون الله قد فعل لنا حراسة على العين لكن لم يفعل حراسة على الأذن،فالعين إذا رأت منظر قبيح يمكن غلقها أو تحويلها، العين يمكن أن تغلق ويمكن أن تتحول،أما الأذن لاتغلق ولا تتحول، إذا حولت وجهي هنا أو هناك سأسمع أيضاً، لا أستطيع أن أغلقها،وليس من المعقول أن أضع يدي في أذني، لكن عينك تستطيع أنت غلقها وتحولها،إذن ما هوالحل في الأذن؟! قال لك أنت يمكن أن تحرس أذنك بأنك تكون يقظ فيما تسمعه، وإذا سمعت أحاديث لا تليق حاول أن تخرجها منك بصلوه صغيرة، بطلبة،فتجدها خرجت منك، لذلك معلمنا بولس يقول لك "أناس مستحكة مسامعهم"،مستحكةمسامعهم أي ملتهبة من كثرة الأمور الخارجة فتفعللون من الألوان الالتهاب.
ثالثا : اتضاعه:
متضع جداً رغم أنه شيخ وقور جداً، لكن يحمل في نفسه صورة الله الذي أخلى ذاته آخذا شكل العبد، متضع جداً، كان القديس يحنس جسمه صغير لكن كان ممتلئ حكمة، عندما يجلس يتجمع حوله مئات من التلاميذ،يظلوا يسألوه، فكان هناك للأسف الطبع البشري موجود في كل الفئات، فكان هناك شيوخ رهبان كانوا يشعرون بالغيرة منه،أنهم أكبر منه أو أقدم منه وليس أحد يأتي يسألهم مثلما يذهبون إليه ويسألوه، فكانوا يهاجموه،فعندما يجدوه يجلسو أمامه تلاميذ كثيرة فأحد التلاميذ قال لهم هذا الرجل ساحر،لا تسيروا خلفه،هوممتلئ سحر، لاحظ عندما يدخل الشيطان قلب إنسان وشيطان الغيرة يحاربه، أعرف ذلك أنه عندما تدخل الغيرة إلى قلب إنسان فتطرد منه خوف الله مباشرة، فيقول لهم هذا ساحر، فأصبحوا التلاميذ كلها متضايقين جداً أنه يقول على يحنس القصير ذلك، هو يرد عليه ويقول له الأمر هكذا كما تقول أنت يا أبانا،أنا بالفعل مثلما تقول أنت، لكن يقولله ولكنك بنيت حكمك هذا على ما نظرت من الخارج فماذا عساك كنت تقول إذا رأيت الداخل،فهو يريد أن يقول له أنا أقبح مما أنت تقوله،وإذا أنت بنيت كلامك على الخارج فالذي من الداخل أيضاً أقبح،أحدهم قال له أنك ساحر، والآخر قال له أنا أشاهدك تزين في نفسك وتجمل في نفسك مثل الزانية التي تريد أن تجمع حولها عشاقها، قال له كما قلت،مثلما أنت تقول بالضبط، وأنا أخطأت،وأيضاً عاد وقال له إن كنت قد قلت هذا وأنت ترى الخارج فماذا كنت تقول إذا رأيت الداخل، ما هذا العجب؟!، ما هذا الإنسان المتضع الذي يقبل هذه الإهانة لدرجة أنه لا يتزعزع،عندما كانوا تلاميذه يسمعوه يقولون له فهل أنت لم تغضب من داخلك؟يقول لهم القول المشهور أنا ما اضطربت قط ولكن كما كان الخارج هادئ مثلما رأيتموني من خارج هادئ هكذا كان الداخل أيضاً.هذا الاتضاع يا أحبائي عطية من الله، الاتضاع يعني أن النفس عرفت خطاياها، عرفت ضعفاتها، إنسان وقف كثير أمام الله، والذي يقف أمام الله كثيراً يشعرأنه صغير،ليس لأنه إحساس بصغر النفس، هناك فرق بين الاتضاع وصغر النفس، صغر النفس أن أشعربأنني قليل جداً جداً خارج المسيح فأنا قليل فقط، لكن الاتضاع أنا قليل أمام المسيح،مثلما يقولون هكذا عندما تكتب مثلاً رقم واحد وتضع بجواره صفر أصبح عشرة، تضع صفرين أصبح مائة،فأين الفرق هل في الصفر أم في الواحد؟ في الواحد،الذي يعطي قيمة للأصفار، فكلما أنا تصاغرت أمام الله فهذا اتضاع،لكن إذ أتصاغر أمام نفسي فهذا صغر نفس، أنا أصفار كثيرة بدون واحد صحيح، أصفاري كثرت، فهو هكذا، هو يشعرأنه قليل جداً لأنه يشعر أنه يقف أمام الله كثيراً، كلما جلس الشخص أمام شخص قيمته أكبر كلما يشعرأنه أقل بالأكثر،إذا جلسنا أمام أب أسقف نشعر أننا قليلون وهو كبير،إذا وقفنا أمام سيدنا البابا نشعر أننا قليلون جداً،نقف أمام ربنا يسوع نشعرأننا لاشيء،هذا هو، وقوفك أمام الله كثيراً يجعلك تشعرما معنى كلمة اتضاع،ماذا يعنيأن "أنا ما أنا"، ماذا يعني "أحيا لا أنا بل المسيح"،ما معني"الذي لي"،ما معنى"منه وله وبه كل شيء"، ما معني"لا أنا" هذا هو،لانأخذها إلا إذا قربنا للمسيح، متضع جداً لذلك وهو ذات مرة كان معه تلاميذه يقول لهم من الذي باع يوسف فكلهم قالو له أخواته هم الذين باعوه، قال لهم لا،قالوا له الغيرة هي التي باعت يوسف، قال لهم لا،قالوا له إذن ماالذي باع يوسف؟ قال لهم الإتضاع هو الذي باعه،فمن الممكن أن يدافع عن نفسه، كان من الممكن أن يقول للأشخاص الذين قاموا بشرائه أن الناس الذين باعوني هم إخوتي،يظلوا يتحققوا في الأمر، كان من الممكن أن يدافع عن نفسه،كان من الممكن أن يدافع عن نفسه عندافتراء امرأة فوطيفار عليه، أبدا اتضاعه، لكن يقول لك أن هذا الاتضاع كان هو السبب الذي رفعه وأعطاه مسكن في المساكن العلوية، وأعطاه أن يكون رئيس على خزائن مصر كلها.
رابعا:عقل ملتصق بالله:
شخص مطيع في هذه الحالة،متضع،مدقق، عقله متحد بالله باستمرار، باستمرار،لذلك تجده باستمرار يفكرفي أمور إلهية،مرة وجدوه شارد فسألوه فأجابهم أنا أفكر في السبعة رتب السماوية وهم الشاروبيم، السيرافيم، الكراسي، السلاطين، الأرباب، ماالفرق بينهم؟ يظل يسألهم، أنظر بأي شئ مشغول،شاهد هذا العقل المشغول، لدرجة ذات مرة قالوا له أننا نشكر الله يا أبانا أن هذه السنة كان بها مطر كثير والنخل أثمر وجلب سعف كثير، وهذا سوف يساعدنا أننا من جريد النخل هذا نصنع سلال كثيرة، ونعمل أعمال يدويةكثيرة، ويكون لدينا خير كثير،يقول لهم هكذا يا أحبائي حينما يمطر روح الله على النفس هكذا تثمر وتزهر وتكثر أثمارها،يطبق لهم الكلام على كلام الأنجيل، عقله مشغول،عقله مشغول بأمور إلهية فائقة سامية.باستمرار يا أحبائي العقل هو الميدان الخطير للحرب بيننا وبين عدو الخير،حين يبدأ عدو الخير بمحاربة إنسان يحاربه من عقله، العقل هو غرفة العمليات، هوالأساس،الجسد ينفذ إرادة العقل،فالعقل عندما يكون مصان، مؤمن، محمي،يكون هذا هو التحكم الأكبر، وجدوه مرة وهو يأكل كان يبكي فقالوا له لماذا تبكي فنحن نأكل، فهناك من يأكل باستهتار،وهو يضحك، وهو يمزح، قالوا له لماذا تبكي وأنت تأكل فأجابهم الذي أنا آكله هذا مال صدقة،ثمن هذا الأكل كان يمكن أن يكون نصيب الفقراء لكن أنا أأكل منها فأنا حزين أنني أأكل من أكل أشخاص كان من المفترض أن يأكله فقراء، لهذه الدرجة تفكيرك هكذا، لكن هذا حق طبيعي، أنت يمكن أن تقول أنا أعطي حياتي كلها لله،فما هي المشكلة؟!أي انه ليس هناك مشكلة في الطعام،فغيري يفعلو يفعل، لا بلا لإنسان الذي عقله في الله،ومشغول بكيف يرضي الله، وعقله هذا متحد بالله، لا يتلفظ بأمور العالم، ولا يسمح لنفسه أبدا أنها تتلوث بأمور العالم لدرجة أنه يقول لك كان أحياناً مثلاً يجلس ليعمل في السعف الذي يجدله،ويمكن مثلاً أن يصنع سلة من المفترض أن هذه السلة لها استدارة معينة، لها نهاية معينة، كان من كثرة الصلوات وهو يعمل يجد نفسه جدل مسافة كبيرة جداً جداً من السعف وهو لا يعرف في النهاية ماذا يفعل بها،فكان يعاقب نفسه يفكها ويجدلها مرة ثانية،وبالطبع عندما يفكها ويجدلها مرة أخر ىتصبح أصعب،عقله مشغول،قصته الشهيرة أنه وهو يجد لا لسعف ويظل يصلي يأتي له الرجل العربي الذي يشتري منه السلال، فيطرق الباب،فيفتح له بعد مدة، يقول له ماذا تريد؟!يقول له أريد السلال،يقول له حقا أنت تريد السلال، يدخل، فينساه بالخارج،ويكمل صلاته، الرجل يطرق ثانية؟ يدخل له ثانية،وهكذا لدرجة أنه آخر مرة خرج له ظل يقول السلال للجمال،السلال للجمال،حتي لا ينسى مرة أخرى،فكان ينسى،لهذه الدرجة عقله مشغول بالله ملتصق بالله.ماذا يوجد في عقلنا يا أحبائي تدخل عقلك تجد به ورشة،ورشة وازدحام أفكار كثيرة،هموم كثيرة،مشاغل كثيرة، طموحات كثيرة،فكم مساحة الله في العقد؟!، يأخذ كم من المائة؟، مع إن كل مانفعله هذا لا يستوعب طاقة عقولنا،أي ما نفعله كله يقولون هكذا أن الإنسان يعيش عمره كله لا يستثمر أكثر من 5% من طاقته العقلية، أما ال95% فارغين، تخيل أنت عندما تعطي طاقات عقلك لله ماذا يحدث؟ تقديس كياني،عقل متحد بالله، اجتهد أنك تأخذ سيرة هؤلاء القديسين ليس لمجرد أن تقرأها.اليوم نعيد للقديس يحنس القصير لكن لابد أننا نقترب منه، لابد أننا نرى، قال لك ما هو الإنسان؟كذلك يقول لك طالما أنا اجلس في الأرض أنا معرض لحروب وذئاب وأسود تأتي تفترسني، لكن أنا لكي أحمي نفسي أصعد فوق شجرة،هكذا العقل المرتفع، بمجرد أن يرتفع عقلك تصبح أمور كثيرة كانت تشغلك وتقلقك جداً صغيرة،نتعلم من القديس يحنس نأخذ بركته نتعلم منه طاعته،تدقيقه،اتضاعه، العقل الملتصق بالله.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كلضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .

عدد الزيارات 1617

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل