فضائل فى داود النبى الجمعة الرابعة من شهر كيهك

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهرالدهور كلها آمين .
تعيد الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك بتذكار نياحة داود النبي مرنم إسرائيل الحلو، في الحقيقة يا أحبائي أمور كثيرة جداً في شخصية معلمنا داود مفرحة،منذ نشأته وهو في بيت والده يسى كان يسلك بالاستقامة،وعندما اختاره صموئيل النبي لكي يجعله ملكا على إسرائيل رأينا كم هو حافظ على كماله، حافظ على اتضاع قلبه، حافظ على وداعته، دروس كثيرة نتعلمها من داود، تواضع داود نموذج،كيف لا يتعالى الإنسان مهما كبر ومهما ارتفع،وكيف يكون اتضاعه منهج في حياته، لن يقف على موقف،عندما يكون قليل يشعر أنه قليل، عندما يكون كبير يشعرأنه كبير لا بل قال أنا كلب ميت أو برغوت، فهو من كثرة شعوره بالاتضاع والوداعة أصبح يتذلل أمام الله يقول له أذكر يا رب داود وكل دعته، تخيل أنت عندما يكون اتضاعك هو الصفة التي تقف بهاأمام الله لكي يتدخل الله في حياتك،من منا يقدر يقول لله أذكر يارب عبدك وكل تواضعه وكل دعته،فنحن نمتلئ بالكبرياء، ويكون سائد على حياتنا،سائد على خطواتنا، سائد على أفكارنا،لكن داود النبي والملك يقول له أذكر يارب داود وكل دعته،إتضاع داود،توبة داود التي جعلتها الكنيسة تكون منهج للتائبين،أنظر مزمور ارحمني يا الله كعظيم رحمتك تفحص الكلام الذي فيه، انظر الانسحاق الذي فيه،إلى أي حد الإنسان يستكثر مراحم الله عليه، إلى أي حد يعلن ضعف وانكساره،إلى أي حد يعلن خجله وفي نفس الوقت ثقته في المغفرة، إلى أي حد يعلن ويقول لك وحدك أخطأت، الشر قدامك صنعت، لكن إذا كنت أنا سيء لكن لكي تتبرر أنت في أقوالك، لأنك قلت أنك تقبل الخطأة،أنظر ستجد داود ممتلئ دعة،ممتلئ توبة، القديس أوغسطينوس من كثرة عشقه لمزمور التوبة "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك" كتبه على جدران حجرته لكي ما يقرأ طوال الوقت كلمة من كلمات توبة داود فصارت منهج للتائبين،الكنيسة وضعته لنا لكي نصليه في مقدمة كل صلاة،وكأن تقول لك كل صلاة لابد أن تكون مصحوبة بفضيلتين وهما:
١-الشكر .
٢-التوبة .
لأجل الشكر وضعت لنا صلاة الشكر، منهج في الشكر، هذا الشكر منهج،إذا تأملت في صلاة الشكر يقول لك الشكر هذا منهج،إذن ما منهج التوبة؟ قال لك منهج التوبة في أبسط صورها هو مزمور توبة داود المزمور الخمسون،ورأينا إلى أي قدر قلبه التائب، معلمنا داود، أنظرالصلاة في داود، تريد أن تتعلم الصلاة تعلم الصلاة من المزامير، تريد أن تتعلم كيف تخاطب الله، ماذا تقول عندما تفرح، ماذا تقول عندما تحزن،ماذا تقول عندما تكتئب،ماذا تقول عند التوبة،ماذا تقول عندما تشعر بالانكسار،ماذا تقول عندما تشعر بالفرح والمسرة، ماذا تقول عندما تشعر بالندم،تريد أن تعبر لله عن كل حالاتك بأجمل طريقة هي المزامير، فالكنيسة وضعت المزامير لتكون مثل طفل يريدون أن يعلموه لغة معينة فيقوموا بأعطائه قواعد هذه اللغة، فالكنيسة تريد أن تعلمنا كيف نصلي فقالت لنا أعلمكم كيف تصلوا من خلال قواعد للصلاة، ما هي قواعد الصلاة؟ قالت المزامير هذه هي قواعد الصلاة، تريد أنت تعلم كيف تصلي، تريد أن تعرف ما هي عناصر الصلاة،الشكر،التسبيح،التوبة، الاتكال على الله،التذلل أمام الله،الطلب عن الآخرين أمام الله، ارتفاع القلب للسماء أمام الله هذه هي عناصر الصلاة ومنهجها الذي يثبت في قلبك عن طريق مزامير داود، مزامير خالدة،أصبحت إلى الآن حية،وأصبحت إلى الآن تعلم.تخيل أنت هكذا أن آبائنا القديسين صلوا المزامير أصبحت أنا أصلي نفس المزامير التي صلى بهاآبائي، القديس أنطونيوس صلى المزامير، القديس بولا صلى المزامير، أبو مقار صلى المزامير، كل هؤلاء صلوا نفس مزامير داود، فقد ترك منهج، منهج صنع قديسين، منهج ثبت فيهم كلمة الله، جعلهم يعرفوا كيف يستخدموا كلمة الله في كيفية مخاطبته كما يرضي صلاحه،هذا معلمنا داود أنظر وفاء داود،أنظر حب داود، تخيل أنت عندما يكون شخص يطارد هويطلب نفسه ولا يشفق عليه الذي هو شاول الملك وظل يسخر كل قوى البلد لمهاجمة داود، لدرجة أنه ترك الحروب الخارجية وأصبح ينهزم فيها وترك شئون المملكة الداخلية وبدأت المملكة تشكو منه لأنه لم يكن لديه غير مشكلة واحدة فقط كيف يحضرداود،ولم يستطيع احضاره،فتخيل أنت عندما تأتي لداود فرصة أنه ينتقم منه، ويقول له أنا لا أستطيع أن أعيش حياتي،لاأستطيع أن أنام، أنا عايش طريد، أنا عايش مذلول،لقدأتت الفرصة قال لك لا أبدا،مرتين تأتي فرصة لداود ولم يمد يده عليه يقولون له هذا هو، فهو نائم،يقول لهم لا أنا فقط آخذ قطعه من طرف ثوبه، وأقول له معي قطعه من طرف ثوبك بمعنى أنك كنت أمامي وكان معي سيفي لكن أنا لا يمكن أن أفعل ذلك،كيف أمد يدي على مسيح الرب، شاهد حب داود، وفاء داود، شاهد أمانة داود، شاهد وفائه مع يوناثان صديقه، شاهد وفائه عندما ظل يبحث عن كيفية تقديم معروف لأي شخص لازال باقي من بيت يوناثان،فقالوا له هناك ولد أعرج يهرب لأنه خائف منك لئلا تنتقم منه، قال لهم كيف ذلك؟ أحضروه لي،اسمه مفيبوشث، قال لهم أحضروه وقال له هذا البيت بيتك، ولا تتناول الطعام إلا على مائدتي، وأرض والدك سوف أردها لك،أصبح الولد لا يصدق نفسه،تعلموا من محبة داود، وقلب داود،وغيرة داود، وتسبيح داود، وصلاة داود،وتوبة داود، واتضاع داود.جميل جداً يا أحبائي أن تكون شخصية داود شخصية محببة لنا جداً، لأنه مدرسة في الفضيلة، متنوع، متعدد،عميق،يحارب حروب للرب، كان يعلم أن المملكة الذي هو قائم عليها مملكة روحانية، كان يدرك ذلك، قد يكون سر سقوط الملوك الذين أتوا من بعده أنهم كانوا ينظرون للمملكة علي أنها مملكة أرضية، فكان عندما يحارب في حرب كان تفكيره أنه يحارب لحساب نفسه لكي عندما ينتصر يقول أنا انتصرت، لكن داود كان يفهم أنه يحارب للرب لذلك أصبح إشارة واضحة جداً لرب المجد يسوع لأنه يفهم أن هذه مملكة روحانية،يفهم أنها مملكة سماوية، وأنه يقوم بتحقيق رمز من أعمق رموز الخلاص، ويفهم أنه يعيش منهج من أجمل مناهج تقديس الحياة لله، هذا هو داود لذلك الله وعده بحفظ المملكة على مر الدهور من أجل داود، يقول لك "حلف الرب لداود"، بماذا حلف له؟ قال له أنا أجعلك تجلس أنت ونسلك إلى الأبد على كرسي أورشليم،لماذا؟من أجل دواد، فكان يفهم أن هذه مملكة روحية، لن يهتم بالمنصب تخيل أنت عندما يكون رجل ملك ومشغول ويحارب حروب للرب و ينتصر،ومع ذلك يقول لك في منتصف الليل نهضت لأسبح الرب، وكان يقول له منذ الليل روحي تبكر إليك يا إلهي، سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك، وسط هذه المملكة الممتلئة بالمشغولية ،وصلت به الدرجة معلمنا داود أن يقول "أما أنا فصلاة"،أصبح هو كله صلاة، عندما تريد أن تصفه تقول داود صلاة،بمعنى أنك إذا أمسكت أي جزء فيه تخرج لك صلاة،تتحدث معه يكلمك بصلاة،يشعر في كل وقت أنه يقف أمام الله،"جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع"، هذا هو داود تجده كيف يتعامل مع أولاده، تخيل أنت أن ابن من أبنائه وهو أبشالوم ينشق عليه، ويعمل حزب، يريد أن يأخذ المملكة من والده، يقول لك كان حسن الشكل قليلاً، وكان شعره طويل،وكان يعرف كيف يستميل الناس بلسانه و كلامه، فكان يقول لهم معذرة لأن والدي منشغل جداً فالذي لديه أي مشكلة يأتي إلي وأنا أجلس معه وأجد له حل لهذه المشكلة،وبدأ يأخذ الناس من والده،وبدأ من شناعة هذا الولد أنه يضطجع مع نساء والده،اللواتي بمثابة أمهاته، إذن تخيل أنت داود ماذا تكون مشاعره تجاه هذا الولد؟!،والذي يريد أن يفعل حرب ويأخذ المملكة من والده،فمن المفترض أنه يكون يريد أن ينهي على هذا الولد بأي شكل، وتتعجب أنه عندما كان جيش داود يخرج للقائه،داودأوصي جيشه عليه يقول لهم"ترفقوا لي بالفتي أبشالوم"، وكأنه يمثل حنان الله تجاه الخاطئ، وكأنه بمثل أحشاء الله لدى الإنسان العنيد،المستكبر،المستبيح،والذي يكسر كل الوصايا بغطرسة،والذي يريد أن يعيش مملكة له هو على حساب مملكة والده،هذا حال الإنسان الخاطئ هذا هو أبشالوم، ومع ذلك داود يوصي عليه، وعندما جاءوا يبشروا داود أن أبشالوم مات كانوا يظنون أنه سيفرح، أبدا فهو حزن عليه جداً، وأيضاً عندما جاءوا يبشروه بموت شاول حزن علي شاول جداً، ما هذا؟!، ما هذاالقلب؟! قال لك أن هذا قلب بحسب قلب الله، عندما تقف أمام الله أحذر أن يكون في قلبك شيء من أحد أبدا حتى إذا كان عدوك، حتى إذا كان يطلب نفسك، حتى إذا كان يريد أن يأخذ مملكتك الأرضية،لأنك طالما أنت منشغل بالمملكة السماوية فإن المملكة الأرضية تصبح هينة، تخيل أنت عندما يكون قلبك بهذا النقاء،هل هناك شهادة في الكتاب المقدس كله في كل الشخصيات الكتاب المقدس أجمل من الشهادة التي شهدها الله عن داود نفسه! قال لك "وجدت قلب داود بن يسي بحسب قلبي"،يا لعجب ما هذا القلب الذي بحسب قلب الله!، يا رب أنا قلبي بحسب قلب من؟،هل من الممكن أن يكون قلبي بحسب قلبك، أنت كون مشاعري بحسب مشاعرك تجاه كل الناس، شاهد الله ما مشاعره تجاه كل الناس ومطلوب منا أن تكون مشاعرنا تجاه كل الناس مثل مشاعر الله تجاه كل الناس،شاهدحب الله تجاه كل الناس،شاهد الأمانة، الحق، الإحسان شاهد إلى أي حد الله يتأنى على الجاحدين، على عبدة الأصنام، على الملحدين الذين ينكرون وجوده بكل تعسف، يظلوا يقولون تحليلات ويلجئوا للمنطق و للعقل، يسخفوا من الأمور الروحية، كل هذا والله يتأنى عليهم جداً، ما هذايارب؟! أنت لا تكره!،يقول لا أعرف الكراهية، أنا حب مطلق،وإذا هلك إنسان سأكون حزين عليه جداً،وأنا لايمكن أن أتدخل في هلاك إنسان ما لم يحكم إنسان على نفسه بالهلاك، ولا يسمع لإنذاراتي العديدة طول حياته،وإذا رجع لي في آخر لحظة أيضا أقبله،ماهذا!، قال لك قلب داود كان هكذا، كان قلبه مترفق، كان قلب حنين، كان قلب محب، أمور كثيرةجداً يا أحبائي في داود تستحق مناأننا نسجد ونتودد لداود ونقول له علمنا، قل لنا ما هي مشاعرك هذه!، علمنا كيف نصلي؟!،قل لنا كيف كانت نفسك مشتاقة للحديث مع الله جداً، كيف كان الكلام ينساب منك؟!، كيف صارت لك هذه الدالة؟!، كيف صار لك هذا اللسان؟!،كيف صارت لك هذه المشاعر المتدفقة من التعبير عن كل حالاتك؟!، كيف كنت ترفع نفسك لله؟!،كيف عندما قدمت التوبة صلاتك انتزعت لك توبة من كنزالمراحم؟!،وكيف أصبحت تعرف أن تجلب مراحم الله عليك؟!، وتقول له "يارب لا تبكتني بغضبك ولا تؤدبني بسخطك، ارحمني يارب فإني ضعيف"،كيف أصبحت دموعك هذه الشفيع لك أمام رحمة الله عندما كان يبل بدموع فراشه، لدرجة يقول لله أجمع دموعي في زق عندك، كل دمعه من دموعي أنا أريدهم يكونوا مدخرين عندك لكي تكون دموعي هذه تصبح دليل براءتي،وتكون هي المحامي،أجمع دموعي في زق عندك، يوم يارب أن تكون زعلان مني جداً وأنت متذكرخطاياي وتعدياتي التي صارت فوق رأسي، ألى أي حد دموعي هي التي من الممكن أن تشفع في؟!هذا هو داود.جميل جداً ياأحبائي أن تكون تذكار نياحة داود مع أول يوم في السنة، لكي نرى كيف نتوب،لكي نرى كيف نصلي، كيف نسبح،كيف نرنم،كيف نغني لإلهنا،كيف نغني بمراحمه وإحسانه،كيف يكون لنا مشاعر تجاه الآخرين،كيف يكون لنا اتضاع، كيف يكون لنا وداعة،كيف يكون لنا قلب بحسب قلب الله.ربنا يبارك في أيامنا،ويجعل أيامنا كلها أيام في محبته، في مخافته، نعيش أيامنا كلها أيام توبة، أيام صلاة، أيام تسبيح.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينابنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.