الطلبة من أجل الآخرين (قداس الجمعه الرابعه من الصوم المقدس )

إنجيل اليوم عن المرأة الكنعانية التي ذهبت وسجدت لربنا يسوع لكي يشفي ابنتها، فصل ممتلئ إيمان وممتلئ ثقة، لكن أحدثكم عن كلمة صغيرة جداً عن الطلبة من أخل الآخرين، ما الذي نعرفه عن ابنة هذه المرأة الكنعانية، كلمتين هي التي قالتهم قالت ابنتي مجنونة جداً،هذا الكلام الذي قالته أمها عنها، ابنتي مجنونة جداً،والتي ابنتها مجنونة جداً هل من الممكن أن أحد يطلب عنها،ويستجاب لها عن هذه الابنة المجنونة جداً، يقول لك نعم يمكن ذلك، هل يمكن أن نطلب عن الآخرين والله يستجيب؟، إذن ما هو الجنون؟ القديس أنطونيوس يعرف الجنون على أنه هو الخطية، يقول لك أن علامة رجاحة العقل هي البر،وعلامة اختلال العقل هي الخطية، فيكون ابنتي مجنونة جداً أو أي إنسان مجنون جداً الذي يقع تحت نير الخطية، فهذا يحتاج من؟ يحتاج إيمان كنعانية تذهب وتسجد وتترجى، ويقول لها لا يمكن الآن،ثم يمتحن إيمانها بطريقة فيها حسم قليلاً ويقول لها" ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب"، فقالت له "والكلاب أيضاً" فهي لم تعترض حتى لم تقل كلمة "ولكن،"هناك فرق بين كلمة ولكن، وكلمة والكلاب، فهي قالت "والكلاب تأكل أيضا من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها"، وجدنا ربنا يسوع يقول لها عظيم إيمانك، نحن نقف نصرخ ونسجد، ونقول له ارحمني يارب فإن العالم مجنون جداً، ارحمنا يارب، أبنائنا ساقطين تحت ضغوط شديدة جداً جعلتهم مختلين التوازن، ارحمنا يارب، الشر تزايد جداً في العالم، جداً، بل وطغى، ارحمنا يارب الشر سائد، نسجد، هل تفتكر أن سجودنا يأتي بنتيجة؟! يقول لك كن واثق من ذلك، لا تظن أن طلبتك هذه لا أحد يسمعها، لا تجعل عدو الخير يشكك ويقول لك لافهو لن يسمع لك، الدنيا من حولك مزدحمة، أحياناً تجد شخص يقول لك هل الله سوف يستجيب لمن أو لمن؟!، هو يسمع من ولا أو من؟!، يقول لك لا أبدا، فالقديسين يقولون لك ثق أن أذن الله قريبة جداً إلى شفتيك، اصرخ، قل له ارحمني يارب فإن ابنتي مجنونة جداً، اسجد له في ثقة، الناس تمنعك ولكن أنت واثق، تذهب وتسجد وتتضرع،الله يستطيع أن يرفع الغضب من أجل الأبرار كثيراً ما نجد الكتاب المقدس شرح لنا هذا الكلام، هل من الممكن مجموعة صغيرة في سدوم تطفئ غضب الله عن مدينة بكاملها؟ نعم يمكن، هل من الممكن أن يقول لك في قصة الأنبا بولا أنه من أجل الأنبا بولا كان الله يرسل فيضان النيل في حينه ويرفع غضبه عن العالم كله من أجل الأنبا بولا وهو شخص واحد، واحد، فمن الممكن أن إنسان بار يقف أمام الله يشفع في خطاه كثيرين؟، هذه الكنعانية ذاهبة لتشفع في ابنتها المجنونة جداً، لا نعرف كثيراً عن ابنتها غير ذلك،فهل يمكن أن إنسان يكون غير قادر أن يتحرك إلى التوبة والخلاص ونحن نصلي من أجله فيتحرك قلبه؟ أقول لك نعم يمكن،الله قادر، يقول لك الصلاة تحرك اليد التي تحرك العالم، الله خالق القلوب ويعرفها كلها،يمكن أنك عندما تصلي إنسان ينخس في قلبه،قد يحرك الله القلب، يزيد من الاستجابة، يجعل الإرادة تتحرك، يجعل الإنسان الذي أفسدت الخطية عقله يبدأ يعود لصورة ملامحه الأولى،وترد له كرامته،ويرد له بهائه، لذلك أستطيع أن أقول لك أن الكنعانية فيها ثقة، فيها إيمان، فيها رجاء، فيها لجاجة، فيها فضائل كثيرة جداً، نطلب من أجل الآخرين، أصعب شعوريا أحبائي أن الإنسان يعيش حياته من أجل نفسه، أصعب احساس أن الإنسان يجعل حياته محصورة في دائرة ضيقة،ما رأيك عندما يوسع الله قلبك تجاه كل مريض، كل متألم، كل بعيد، كل خاطئ، كل غير مؤمن، وكل الخليقة كلها، فهذا الذي نراه في الكنيسة، الكنيسة لا تترك فئة إلا وتطلب عنها، لأنها هي الشفيعة، فأنت كذلك مثل الكنيسة ومثل هذه المرأة الكنعانية،تتعلم منها الصلاة والطلبة من أجل الآخرين، هل تثق في رحمته؟ نعم أثق، هل تثق في قدرته؟ نعم أثق في قدرته، طلبات كثيرة يا أحبائي لنا يعطلها عدم الإيمان، قال لك هذه المرأة عظيم إيمانها، لاحظ أن الرجل قائد المئة كان رجل أممي، قال له "يارب قل كلمة فيبرأ الغلام"، لا يوجد داعي حتى أنك تأتي، قال أنا لا أرى إيمان مثل هذا في كل إسرائيل، وهذه المرأة الكنعانية تسجد وتقول له ارحمني يارب، انتبه من كلمة يارب، الاعتراف بربوبية ربنا يسوع المسيح، وهو لازال في بداية خدمته، هو يقين إيمان عالي جداً جداً، أي أنه من الممكن أن أقول لك بعد القيامة أن امرأة أممية اعترفت بربوبيته،من الممكن أن أقول لك الآن في العهد الجديد أعترف بربوبيته نعم، لكن أثناء تجسده وهو يبدأ يظهر في الهيئة كإنسان، ويجول في وسطهم كإنسان وتقول له يارب هذا معناه إيمان كبير جداً، تقول له ارحمني يارب فأن ابنتي مجنونة جداً،طلبات كثيرة يعطلها عدم الإيمان، الله يريد أن يستجيب لكنه يرى أنك غير واثق في قدرته، تضعف من ذراعه،تضعف من قدراته، وكأنك تقول له أنا أرى أن هذا الموضوع يمكن أن تفعله أو لا تفعله،تستطيع أو لا تستطيع، استجابة ذات مرة أم وطفلتها صغيرة كانوا يريدون أن يصلوا لكي يمطر الله مطرا، الأرض جفاف، فالأم أحضرت الطفلة وقالت لها هيا يا ابنتي نجلس نصلي لكي ينزل الله المطر، فوافقت الابنة وظلوا يصلوا مع بعضهما البعض، ثم قالت الطفلة لأمها هيا نخرج لنرى الله أتى بمطر أم لا؟ فأجابت الأم نعم يا ابنتي هيا، وهما يخرجون قالت الطفلة لأمها أليس من المفترض أن نحضر معنا مظلة لأجل المطر؟!البنت تشعر أن الجو سيمطر، واثقة، فنحن كنا ماذا نفعل؟! ألم نكن نصلي لأجل ذلك؟!، تخيل أنك يمكن أن تصلي، تصلي، وليس لديك فكرة أبدا أن هذا الأمر من الممكن أن يستجاب،لكن كيف؟، أسالوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، أقرعوا يفتح لكم، المرأة الكنعانية لها لجاجة، لها طلبة، ماذا فعل الله في النهاية؟ الله استجاب لها، عادت وجدت ابنتها شفيت،يمكن أنك تصلي هكذا من أجل أولادك وتجد أن ابنك الله أنذره وأبعده عن طريق خاطئ كان يسير فيه وبدأ طريقه يستنير، لنا نموذج عظيم في القديسين وهي القديسة العظيمة مونيكا التي كانت تصلي من أجل ابنها القديس أوغسطينوس وكأنها تقول ارحمني يارب فأن ابني مجنون جداً، ترى الولد يظل يعاند، وترى الولد يظل يزيد في الشر،وتقول له يا ابني ارجع، ذات مرة تقول للقديس أوغسطينوس أنا حلمت حلم جميل، أنا رأيتك وأنت تقف معي، قال لها استحالة أنا آتي وأقف معك، أنت من الممكن أن تشك في نفسك أنت التي اتيتي ووقفتي معي ليس أنا الذي اتيت معك، انتبهي على نفسك أنت، يبدو أنك أنت التي سوف تسيري في طريقي ليس أنا الذي أذهب في طريقك،شاهد كم كان قلب الولد يفعل معها هذا وهي تظل تقول له ارحمني يارب فإن ابني مجنون جداً، لكن أنت يارب الذي تشفي، لا تيأس، ولا تكف، واجعل صلاتك ممتلئة يقين، املأ اليوم كله بروح صلاة وتضرع وهذا ينقيك أنت، ويحفظك أنت، وكن واثق أن الاستجابة قريبة لأن "الرب قريب لمن يدعوه"ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعففينا بنعمته لإلهنا المجد دائمًا أبديا آمين .