التسليم الكامل الجمعة الثالثة من شهر أبيب

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تقرأعلينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا يوحنا،عن حديث ربنا يسوع مع معلمنا بطرس بعد القيامة، وبعدما أنكر معلمنا بطرس السيد المسيح ثلاث مرات،فسأله ثلاث مرات "يا سمعان بن يونا أتحبني قال له أنت تعلم يا سيد كل شيء أنت تعلم أني أحبك قال له أرع غنمي"،وبدأ يجدد دعوة المحبة ويجدد دعوة الخدمة،وبدأ معه بداية جديدة، ربنا يسوع متأني جداً على كل إنسان مهما كانت ضعفاته، وليس فقط يفتح مع الإنسان صفحة جديدة لكن يرده لكرامته الأولى وأكثر مما كانت، فقال له أرع غنمي، وبعد ذلك قال له كن حذر أنت دخلت في مرحلة جديدة،عندما كنت شاب وكنت صغير كنت تمنطق ذاتك وتمضي حيث تشاء،"المنطقة"تعني رباط يربط على الوسط لكي يشدد العزيمة،فعندما يأتي الإنسان يعمل أي عمل يتمنطق،قال له وأنت صغير كنت أنت تمنطق ذاتك وتمضي حيث تشاء، لكن من الآن يا بطرس فإنك تبسط يداك، ترفع يدك لفوق، وآخر يمنطقك ويقودك حيث لا تشاء،عندما كنت شاب كنت تمنطق ذاتك وتمضي حيث تشاء، ولكن متي شخت تبسط يداك وآخر يمنطقك ويقودك حيث لا تشاء، ما هذا الكلام يا رب؟!، هل انت تخيف معلمنا بطرس؟!، لا أنا لست أخيفه، بل أريد أن أقول لك أن الحياة معي تريد تسليم كامل، الحياة معي تريد أن تقول له يا رب قدني حيثما تشاء أنت، الحياة مع المسيح يا أحبائي تحتاج أن يقول الإنسان كل يوم من أعماق قلبه لتكن مشيئتك، تحتاج أن يكون الإنسان في حالة تسليم كامل وخضوع كامل لإرادة الله ومشيئة الله، تخيل معي المشهد أن شخص يرفع يديه إلى فوق وشخص يمنطقه ويقول له أذهب يمين أو أذهب يسار،لكن أنا كنت أريد أن أذهب إلى هنا فيقول له لا أذهب إلى هناك، يقودك حيث لا تشاء.ما هو التسليم؟ التسليم أنني أكون قابل أن أمضي حيث لا أشاء وأنافي رضا، التسليم أنني أكون قابل أن أمضي حيث لا أشاء وأنا في فرح، التسليم هو الخضوع الكامل حتى إذا كان هذا عكس مشيئتي أنا الشخصية،قال لك لأن هذا هو درجة الحب الكامل،الله عندما اختار أبونا إبراهيم قال له أخرج من أرضك ومن عشيرتك وأذهب إلى الأرض التي أنا أريك،بمعنى أنه لم يكن يعرفها، وحتى الله لايريد أن يقول إلى أين يذهب، يقول لك فمضى إبراهيم وهو لا يعلم إلى أين يذهب،لايعرف، نفس الوضع أن آخر يمنطقك ويقودك حيث لا تشاء.جرب أن تسلم لله، جرب أن تقول له يا رب قدني حيث تشاء أنت،أنظر يارب ماتريده أنت،الذي أنت تريده لي وأنا قابل، أنا أشكرك على كل توجيه أنت تقوله لي، كل مرحلة في حياتي فهمت أنها كانت بإرادة منك، كانت جزء من خطة خلاصي، حتى لو كان هذا الأمر لا يعجبني، حتى لو كان هذا الأمر مؤلم بالنسبة لي، لكن أنا واثق أن اختيارك لي أفضل بكثير من اختياري أنا لنفسي، أنا أعلم يارب أن نظرتك أعمق وأجمل وأصح مني أنا، قدني حتى وإن كنت لا أشاء،قدني حتى وإن كنت لا أحب، قدني لأني أثق في قيادتك، قال له هذا "تبسط يداك وآخر يمنطقك ويقودك حيث لا تشاء".لذلك ياأحبائي آبائناالرسل كانوا يذهبون من بلد لبلد،معلمنا بولس ذهب إلى كورنثوس تعب فيها قليلاً،فقال كفى أتركهاوأبحث عن بلد أخرى يمكن أن تقبلني أكثر، وتسمع كلمة ربنا أكثر،فجاء الرب وبولس سوف يتركها قال له لا تتركها يا بولس أنا لي شعب كثير في هذه المدينة، قال له إذن يارب أجلس فيها عدة أيام، أتعرف الذي قال اجلس فيها عدة أيام جلس فيها سنة ونصف!، معلمنا بولس لم يكن يجلس في أي مكان كثير،لابل ظل جالس فيها،آخر يمنطقك يقودك حيث لا تشاء، هو لايعلم مقدار الوقت الذي يجلسه، ولا إلى أين يذهب، هو يريد أن يعيش بحسب توجيه الله وإرادته هنا قال لمعلمنا بطرس "مشيرا إلى أي ميتة كان مزمع أن يموت بها"، قال له كن حذر، فالطريق معي في النهاية أنت سوف تستشهد،وتستشهد حتى إذا كنت أنت لا تريد، لكن سوف تستشهد وهذا الكلام تحقق فعلا مع معلمنا بطرس قاموا بالقبض عليه وأمسكوه،ثم جاءوا جماعه من الذين دخلوا الإيمان كانوا غير معروفين أنهم مؤمنين،فدخلوا بحيلة وقاموا بفك معلمنا بطرس وخرج من وسطهم والحراس لم يلاحظوا أن بطرس وسط هذا التزاحم،وذهب،إذن يا بطرس فأنت بذلك نجوت،قال نعم قد نجوت، قال له لكن أنا هذه المرة لم أكن أريدك أن تنجوا،لماذا يارب؟!، أنت في مرة قبل ذلك إذا تذكرت يارب أرسلت لي ملاك وأخرجتني من السجن،معلمنا بطرس الله أرسل له ملاك مرة وأخرجه من السجن، قال له لالكن هذه المرة أنا لا أريدك تخرج من السجن، قال له لماذا يارب فأنا أريد أن أخرج لكي أخدم، قال له لا، أنا أول مرة أخرجتك من السجن لكي تخدم قليلاً،فمعلمنا بطرس ظل يمشي مع هؤلاء الناس،وكانوا سوف يخرجوه من المدينة لكي يذهب إلى مدينة أخرى وبذلك ننتهي من المشكلة الكبيرة التي فيها معلمنا بطرس، وهو خارج من باب المدينة وجد ربنا يسوع المسيح داخل حاملاً الصليب،قال له أين تمضي يا سيدي؟، قال له إني ذاهب لأصلب،قال له ذاهب لتصلب،ولكنك قد صلبت!، ففهم معلمنا بطرس أن ربنا يسوع ذاهب لكي يصلب بدلاً منه،فقال لهم أرجعوني مرة ثانية، فرجع وجاءوا إليه يقولون هيا لكي تصلب قال لهم لا أنا لاأريد فقط أن أصلب لكن أنا أريد أيضاأن أصلب منكس الرأس، ليس حسنا أن أصلب كسيدي، فهم الكلمة التي قالها له، منذ زمن ولم يكن يدركها في حينها، ما معني أنك تبسط يداك وآخر يمنطقك ويقودك حيث لا تشاء قال هذا مشيرا إلى أية ميتة كان مزمع أن يمجد بها الله، هذه هي الميتة التي كان يريده أن يموت بها ويمجد الله بها، ما هذا التسليم يا أحبائي!،ما هذا التسليم الكامل!،من الإنسان الذي يعيش ويضع إرادته في يد الله ويقول له يارب اعمل انت ماتريد!،ماتريده أنت،لتكن إرادتك إرادتي، ولتتبع إرادتي إرادتك،وليكن لنا كلينا حبا واحد أو كرهاً واحد، ماتريده أكون أنا أريده،والذي لاتريده أنا لا أريده، عبارة جميلة نصليها في القداس الغوريغوريوى نقول له "أقدم لك يا سيدي مشورة حريتي"، أنا حر،نعم الإنسان الله قد خلقه من أجمل صفاته أنه حر مريدعاقل،أقول له يارب أنت خلقتني حرمريدعاقل، أنا أحضر لك حريتي وعقلي وإرادتي وأضعهم بين يديك أقول لك أنت أعمل بهم، أقدم لك يا سيدي مشورة حريتي،حريتي تتصرف بها أنت،إذن أنا أصبحت لك أنت، أنا ملكك،جميل يا أحبائي الإنسان الذي يعيش هذا التسليم بإرادة واعية.
أنظر إلي السيدةالعذراء وتسليمها،تكون بنت نذيرة للرب،ثم طلبوا منها أن تخرج فوافقت،مع من تخرجي؟ هل تريدين أن تختاري؟ قالت لا، ما ترونه أنتم، اختاروا لها رجل عجوز فتقول لهم نعم،كيف توافق؟فإن أي بنت تجلس وتضع مئات الشروط، لا بل قالت لهم نعم، أنتم ترون أنه حسنا والله يوافق عليه فأنا أوافق،وبعد ذلك يأتي إليها الملاك يقول لها "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك والقدوس المولود منك ...." مولود كيف وأنا لست أعرف رجلا؟!، كيف؟!،كيف أصبح أم؟!، ونجدها تقول للملاك"ليكن لي كقولك،هوذا أنا أمةالرب"،الذي أنت تريده، لدرجة أن يوسف البار نفسه يشك فيها، وبعد ذلك تلد، أين تلدي؟قالت المكان الذي تروه أنتم، وبعد أن تلدي قال لها خد الصبي وأذهبي،أذهب إلى أين؟ أذهبي إلى مصر،عند من أذهب؟ليس عند أحد،وماذا عن الطريق،وماذا عن الطفل هيا أذهبي، وبعد ذلك هيا ارجعي مرة أخرى،ما هذا التسليم!،تسليم كامل، تسليم كامل في ثقة كاملة،أنه يوجد من يدبر،ويوجد من يرعي، أكثر ما يتعب الإنسان يا أحبائي هو فكره الشخصي، أكثر مايؤذي الإنسان أنه يعيش بإرادته،لكن ما أجمل الذي يسلم بالكامل ويرى كيف أن الله يدبر كل شيء، سيدنا البابا له عبارة جميلة يقول لك فيها "سعيد هو الإنسان الذي يحيا مع الله ويرى كيف أن الله يدبر جميع أموره"، جميل جداً عندما كان معلمنا بولس الرسول في المركب ورياح عاتية شديدة جداً،بدأوا يتخلصوا من الأمتعة التي معهم،من الأوزان الثقيلة، الرياح شديدة،ظلوايرفعون الشراع قليلاً،ينزلوا خشب، يرفعوا خشب، يحولوا دفة السفينة يسار قليلاً، يمين قليلاً ولكن دون جدوى،في النهاية وبعد أن أنهوا كل قدراتهم في محاولات النجاة قال "سلمنا فصرنا نحمل"،الله يريدنا أن نختبر هذا الاختبار الجميل،قل له يارب أنا لست قادر علي التفكير،ولا أعرف أن أفكر، أنا أريدك انت يارب تقودني،قدني أنت كيفما تشاء، جميل جداً عندما يقول الإنسان لله نحن لا نعلم ماذا نفعل ولكن عيوننا نحوك، نحوك عيوننا، تعالى أنت يا رب دبر وقدنا، قال له آخر يمنطقك ويقودك حيث لا تشاء، اختبار جميل يا أحبائي حياة التسليم الكامل الواعي، تسليم بالإرادة وليس بالعجز، تسليم بيقين أن الله يصنعني بحسب صلاحه وبحسب اختياره هو، وبحسب إرادته وإرادته صالحة، وهو عالم بكل شيء،قل له يارب أنت تعرف ضعفي وتعرف نفسي وتعرف ضعفاتها وتعرف ظروفي،وتعرف أتعابي،وتعرف نقاط الضعف التي بداخلي،أنت الذي تقودني،أنت الذي تدبر، أختارلي أنت، أنا أريدك أنت الذي تقول، أريدك أنت الذي تتكلم، قل كلمة، تعالى أنت وجهني، جميل الإنسان يا أحبائي الذي يسلم كل يومه إلى الله، يقول له يارب هذا اليوم ماذا تريد أنت أن أفعل فيه،ماذا تقصد يارب من حياتي، أيامي، إرادتي،يقول أنك تبسط يداك،ما رأيك كل يوم وأنت ترفع يدك للصلاة يأتي إليك إحساس أنك أنت رافع يدك لله وفي نفس الوقت تارك له وسطك هو يمنطقه،لكي هو الذي يقول لك ماذا الذي أنت تفعله.
آبائناالرسل يا احبائي كل واحد فيهم لم يختار أين يخدم،وأصبح الله يقود كل واحد فيهم في المكان، والذي كان يعجز عن التحدث بلغة البلد التي ذهب إليهاالله يجعله يأخذ لغة البلد الذاهب إليها، وكان يفتح لكل واحد فيهم باب للكرازة،ولا يوجد واحد منهم ذهب دون ما أسس كنيسة قوية في المكان الذي ذهب إليه،وبعد أن أنهى كرازته يستشهد،لكن يارب أكمل النجاح أنه بعدما يكرز يفعلوا له حفلة جميلة حلوة ويكرموه و.... إلخ، قال لك لا بل تكريمه أنه يستشهد،تكريمه في النهاية يستشهد،لكي تدخل كل الأجيال القادمة بعد ذلك الإيمان ويعرفوا أن الإيمان مبني على أن هناك حبة حنطة تموت مثل سيدهم يسوع المسيح، يكونوا عارفين أن نهاية الإنسان الذي سلم حياته لله أنه في النهاية يقوم بتقديم حياته بالكامل ذبيحة كاملة مقبولة مرضية عند ربنا،لا يوجد أكثر من ذبيحة الاستشهاد دليل على التسليم الكامل، هيا نعيش التسليم،هيا نقبل إرادة الله في حياتنا، من سمات العصر ياأحبائي التمرد، من سمات العصر أن الإنسان يرفض واقعه،وتجد الإنسان يعيش متضايق ومهموم وغاضب وعصبي ويعترض على كل شيء، وفي النهاية يصبح هو المتعب من كل شيء،الله يريدك أن تقول له يارب لتكن إرادتك، حتى إذا كنت في ضيق أسندني، حتى إذا كان الأمر أنا متعب منه، تعالى أنت يارب ارفع، إنك تبسط يداك وأخريمنطقك ويقودك حيث لا تشاء.ربنا يعطينا حياة التسليم الكاملة المرضية أمامه.يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 1698

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل