سفراء من السماء الجمعة الأخيرة من شهر النسىء

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . فلتحل علينا نعمتهوبركتهالآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها أمين .
إنجيل هذا الصباح المبارك يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح 16، والذي فيه ربنا يسوع يكشف عن حقائق في رسالته وخدمته، فيقول "أنا خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضا أترك العالم وأذهب إلى الآب"،هذا ملخص رسالة ربنا يسوع منأين هوأتى؟آتى من عند الآب،إلى أين جاء؟ جاء للعالم، لماذاجاء؟ لكي يتمم الخلاص، يعلن عن نور الآب، يعلن عن محبة الله للبشر، وفي النهاية يعود مرة أخرى للآب.في الحقيقة القديسين قالوا لنا أن هذه هي رسالة كل مسيحي، أنه جاءمن السماءليقضي فترة على الأرض يعمل فيها رسالة إلى أن يعود ثانية للسماء،من أين نحن؟نحن من السماء،أين نعيش الآن؟ على الأرض،لكي نعودمرة ثانية للسماء،قال ذلك أنا خرجت من عند الآب،وقد أتيت إلى العالم، وأيضا أترك العالم وأذهب إلى الآب.بالطبع هذا يوضح لنا أن الابن كائن منذ البدء،أن الابن لم تكن بدايته فقط عندما جاء إلينا على العالم لابل هي كانت بداية ظهوره في الجسد لنا، لكن هو كأقنوم الابن نسميه الكائن الذي كان الدائم إلى الأبد،نسميه الذاتي أي الموجود بذاته قبل كل الدهور،خرجت من عند الآب بمعنى أنه كان موجود في حضن الآب،أقنوم الابن أحيانا نحصره فقط في فترة وجوده بالجسد في التجسد لكن لافهو موجود منذ الأزل،وكائن في حضن أبيه، وموجود قبل كل الأكوان أزلي دائم إلى الأبد، جاء في وقت ملء الزمان،أرسله الله إلى العالم،عندماجاء إلى العالم قال أنا خرجت من عند الآب،من أين جاء؟جاء من عند الآب، محمل لكم برسالة سماوية،محمل لكم بإعلان إلهي،جاء لكي يعلن لكم عن محبة الله للبشر،جاء ليظهر لكم دور الآب،جاءليعرفكم من هو الآب، وجاء لكي يكمل رسالة، ما هذه الرسالة؟ خلاص كل إنسان مجد الله، قال هكذا قال أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته، أنا خرجت من عند الآب وأتيت إلى العالم، أنا أتيت للعالم ومنذ ذلك الوقت أتيت العالم وأنا أعلم أنا لماذا أتيت؟، عندما جاء في عرس قانا الجليل والسيدة العذراءتقول له ليس لهما خمرا،قال لها ساعتي لم تأتي بعد، هو يعلم جيدا أن له ساعة وأنه له وقت، وهذه الساعة التي كان يقصدها هي ساعة الصليب،يارب منذ أن آتيت وأنت ساعة الصليب أمام أعينك، يقول لك نعم ساعة الصليب أمام أعيني، وساعة فداء الإنسان أمام أعيني، أتيت إلى العالم،ماذا فعل لنا عندما جاء إلى العالم؟انظرعلي أعمال يسوع، شاهد بره،شاهد حبه،شاهد اتضاعه،وشاهد إلى أي حد أظهر لنا حقائق لاهوته،وأنظر إليه في التجلي،أنظر إليه في إقامة لعازر،أنظر إليه في شفاء المقعد،أنظر إليه في شفاء المولود أعمى،أنظر إليه وهو يعلم لدرجة أن يقول لك عندما كانوا يسمعوه بهتوا من تعليمه،لماذا أتيت إلى العالم يا ربي؟ جاء لكي يعلن لنا حقيقة مجده،جاء لكي يرفع قلوبنا إليه، جاء لكي يجعلنا نفهم أمور صعب علينا جداً أن نفهمها، أنظر إلى كل أبرار العهد القديم تجدصورتهم عن الله تختلف عن أبناء بركة العهد الجديد،لذلك عندما يتكلموا عن يوحنا المعمدان يقول لك الأصغر في ملكوت السموات سيكون أعظم منه،ماذا يقصدون بالأصغر؟ قال لك الذي عاين المسيح والذي رأى فداء وخلاص المسيح،والذي تمتع ببركة فداء المسيح،الأصغر في ملكوت السماوات هذا أي شخص من كنيسة العهد الجديد يكون قد عاش في بر وتقوى الوصايا من الممكن أن يكون أعظم من يوحنا المعمدان لأن يوحنا المعمدان لم يرى الصليب، ولم يتمتع ببركة الصليب، لماذا أتيت يارب؟لكي أنقلكم من هذه الدرجة إلى هذه الدرجة،من درجة الذين كانوا يتكلمون عن الله الغير مرئي بالنسبة لهم، إلينا نحن فنقول الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، الذي سمعناه الذي لمسته أيدينا، آتيت للعالم لكي تلمسوني، لكي تشاهدوني،لكي تعرفوني،لكيلا أكون أنا الله بالنسبة لكم الإله المحتجب،لافهو يقول لك "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد، رفع في المجد"، بدأنا نسمعه، بدأنا نعرفه،بدأنا نلمسه،وبدأنا نعرف منه من هو الله الآب،لماذا أتيت؟ أتيت لكي أكمل رسالة، لكي أرد حال الإنسان الذي افترق بالخطية والذي ابتعد لكي يعود مرة أخرى للأحضان الأبوية، فكما أنا واحد في الآب أنتم أيضا لابد أن تكونوا واحد في الآب، يكون الجميع واحدا ونكون مكملين إلى واحد، أتيت لتجعل مقامنا من مقامك،رتبتنا من رتبتك، مكاننا من مكانك،قال لك أنا أتيت لكي أعمل هذه الرسالة أنا خرجت من عندالآب آتيت إلى العالم لكي أمسك يد كل أحدمنكم وارجعه مرة أخرى في حضن الآب،مثلما أنا في حضن الآب،تكون معي في نفس المكان،مايارب هذه الرسالة؟.
لذلك يا أحبائي مكاننا في المسيح يسوع غالي جدا،لا توجد قيمة لنا بدونه، تعالى أنظر لنفسك خارج المسيح ستحتقر نفسك،تعالى أنظر لنفسك خارج المسيح تمتلئ روح ضعف، أنظر لنفسك خارج المسيح تجد نفسك ممتلئ يأس وإحباط،لكن تعالى أنظر لنفسك داخل المسيح تقول لاأنالي قيمة كبيرة جداً، أنا غالي جدا، أنا محبوب جداً، أنا كرامتي كبيرة جداً،إلى هذا الحد يارب أنا لم أكن منتبه إلى مكاني، يقول لك لا أنت مكانك كبير جداً، أنت محبوب لدرجة أن الله الآب بذل ابنه لكي يردك وتعودمرة أخرى للآب،إذن إلى أين أعود؟ قال لك لكي تعود للسماء،لكي تكون مع الآب والابن والروح القدس، قال لك هذه رسالة كل مسيحي،نحن خرجنا من عند الآب،وأتينا إلى العالم لكي نعود مرة أخرى للآب، شهوة نفوسنا ياأحبائي أننا نعود،والذي يكون خرج لمهمة معينة يكون مشتاق جداً للرجوع مشتاق جداً يكمل المهمة بسلام ومشتاق جداً للرجوع هذه حياة المسيحي،نحن نتمنى يارب أن نكمل أيامنا بسلام، الرسالة التي أنت جعلتنا نعيش لها نتمنى أن نكملها، كل شخص منا له رسالة،عليك أن تنجح في عملك، عليك أن تنجح في بيتك، عليك أن تقوم بتربية أولادك،عليك أن تشهد للمسيح،عليك أن تعيش الفضيلة،عليك أن تعيش البر والتقوى،عليك أن تمجد الله في أمورك،عليك أن تعلن الله في حياتك، تظل مشتاق ومتوقع ومترقب رجوعك،مثل الذي يكون مسافر لمهمة معينة يكون مشتاق لبيته، مشتاق لأولاده، مشتاق لأحبائه،ويريد أن ينهي هذه المهمة،هذه هي حياة المسيحي على الأرض،نريد أن ننهي المهمةنعرف التي أرسلنا الله لها،لأن طالما نحن أحياء،طالما يعطينا الله حياه،لابد أن الله أعطانا حياه لهدف معين نكمله، نقول له يارب أعطينا أن نمجدك وأعطينا يارب أننا نكمل أيامنا بسلام، نكمل رسالتنا بأمانة، نمجدك كل أيام حياتنا،نريد أن تمر هذه الأيام بسرعه جدا لكي نعود لك، نريد أن نعود لك بسرعة،من هذا الذي يطلب أن أيام حياته تمضي بسرعة؟ الذي يعلم من أين جاء،وإلي أين ذهب،ولماذا يجلس هنا، تخيل أن هذه هي مشكلة معظم الناس لا تعرف من أين جاءت،وإلى أين تعود،ولماذا تجلس هنا،إذا قمت بسؤال شخص تقول له من أين جئت تجده لا يعلم ، وإلى أين تذهب يكون لايعلم،ولماذا تجلس هنا يكون لا يعلم أيضاً،تصور أنت حال هذا الإنسان، حال هذا الإنسان يبكي، عندما تجدشخص لا يعرف هو لماذايعيش،يعيش وكفى،يقضي أيام وكفى،يقوم بتسلية نفسه على التليفزيون، بعض الوقت يتكلم، بعض الوقت يخرج، بعض الوقت يأكل،بعض الوقت ينام، يقول لك لا،أنت لم تأتي إلى العالم لأجل هذا أنت أتيت لأمر أعلى بكثير من ذلك،أنت أتيت من السماء، أنت مولود من فوق وأتيت لتقضي فترة على الأرض،وتظل اشتياقاتك للسماء تزيد وتزيد، وكل يوم تقول له يارب ليأتي ملكوتك، وكل يوم تقول له أهدينا يارب إلي ملكوتك وكل يوم تقول ننتظر قيامة الأموات وحياة الدهرالآتي،أنتظرالرجوع،أريد أن أرجع، معلمنا داود النبي كان يقول له "ويل لي فإن غربتي قد طالت على الأرض"تخيل أنت أنك تشعر أن الأيام التي تقضيها على الأرض هذه اسمها أيام غربة،لماذا؟ لأني أنا أتيت من السماء وسأعود مرة أخرى للسماء، أيام غربة يقول لك نعم هي أيام غربة،كن حذر لا تطمئن لهذه الأيام التي تعيشها الآن وتظن أن حياتك دائمة،لابل تأكد أنها أيام مؤقتة،إذن بما أنها أيام مؤقتة ماذا أعمل فيها؟ أبذل فيها أقصى جهد كل يوم أمسك فيه كيف أرضي الله،إلي أن أعود،رأيت اليوم سيرة الأنبا برسوم كل يوم ماذا يفعل،إلى اي قدر احتمل،كم هو جهاده أمين، كم هو مدقق،وأيضا تعالى شاهد مكانه في السماء،فهو يعرف أنه جاء من السماء،يقضي فترة على الأرض، إلى أن يعود مرة أخرى إلى السماء،فيعيش يقول نسلك بأمانة وتدقيق، نسلك بلياقة،نسلك كأبناء النور، خرجت من عند الأب،وأنا أيضا أقول له أنت يا رب أتيت من أجلي، أنا أيضاً علي وأنا في العالم أن أعلن اسمك وأشهد لحبك وحقك، علي إن كل إنسان يراني يراك،ولان تكون حياتي حياتك،علي وأن يكون كلامي كلامك، أن يكون فكري فكرك، أن تكون سيرتي سيرتك، وهذا الذي يعطيني استحقاق أن أعودمرة أخرى للسماء، تخيل إنسان يعيش هذا الترقب وهذا التوقع،تجدقديسين كثيرة تقول لك متى نعود إلى منزلنا،يرد أن"يروح" كلمة يروح هذه جاءت من الراحة،تجد الإنسان الذي يعيش كهدف واضح في المسيح يسوع يتعامل مع أيامه على أنها أيام قليلة، يريد أن يرضي فيها الله بقدر طاقته،يريد أن يحصل فيها على أكبر فضيلة،كما قال أحد القديسين "ما حياة المسيحي إلا أن يجتهد أن يجمع زيتا"،حياة المسيحي يجتهد أن يجمع زيت نحن عذارى حكيمات علينا أننا نكون مصابيحنا باستمرار موقدة، وباستمرار نجمع زيت لكي تظل مصابيحنا دائما موقدة،لكي عندما يأتي العريس يجدمصابيحنا مستعدة، قلوبنا ممتلئة نور، فكرنا ممتلئ نور، ممتلئين بالمحبة،ممتلئين بالفكر المقدس،ممتلئين بالسيرة الروحانية،ممتلئين بروح الوداعة واللطف،ممتلئين بحب السلام،ممتلئين بكل فضيلة صالحة وكل ثمر روحاني،فهذا ماذا يفعل؟!هي سيرة الإنسان على الأرض، خرجت من عند الآب، وأتيت إلى العالم، وأذهب إلى الآب، هذه رسالة المسيح والتي منها رسالة كل مسيحي.نحن نحتفل اليوم بعشية آباءنا الشهداء، الشهداء علموا أنهم جاءوا من السماء،ويقضون فترة على الأرض وسوف يعودوا مرة أخرى إلى السماء،عندما يعرض عليهم الموت يقولون هذه فرصة، فرصة لكي نعود إلى السماء،أصبح الناس يتعجبون منهم ويندهشون وهم يسعون إلى الموت، قال لك "عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامه أفضل، لأنهم يريدون أن يعودوا،ويريدون أن يعودوا سريعاً،وأصبحوا يبحثون عن الوالي الذي يقوم بالتعذيب أكثر،يبحثواعن الوالي الذي يقطع الرقبة بالسيف، يبحثون عن أي محافظة فيها هذا الوالي، أي مقاطعه،إلى أين ذهب، يقول لك على أريانا والي أنصنا كان عنيف جدا، كان المسيحيين يذهبون له من كل مكان،لكن تقول له أنت لست من أنصنا،أنت مختبئ في بلد أخرى، يقول لك لا نحن نعلم أن لديكم والي يعذب المسيحيين،نحن جئنا له،تجد صفوف وأفواج ذاهبة إلى أريانا،ما هذا يارب؟! ما هي مشاعر هذه الناس؟ماذا تريد هذه الناس من حياتهم؟ يريدون أن يمجدوك،ويريدون أن يعودوا لك،لا تنسى أنت من أين أتيت،وماذا تفعل هنا،وإلي أين تعاود،كن كسيدك، لأن ليس عبد أعظم من سيده، خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضاً أترك العالم وأذهب إلى الآب.ربنا يسوع يا أحبائي من يوم أن جاء وهو يعلم أنه سيأتي وقت يترك هذا العالم، فكل يوم يقضيه لكي يحقق جزء من الرسالة الإلهية،هذه هي حياة المسيحي، أعلم جيداً أنك ستترك العالم، كل يوم محسوب عليك،كل يوم عليك أن تجتهد في تحقيق رسالتك،إلي أن يأتي اليوم الذي يقول لك فيه أذهب مرةأخرى إلى الآب،تقول أنا أنتظر هذا اليوم، معلمنا بولس يقول لك"لي اشتهاء أن أنطلق" يقول لك "ويحي أنا الإنسان الشقي ما ينقذني من جسد هذا الموت"متي أعود،نجد ياأحبائي الإنسان الذي يعيش بهذا الفكر تهون عليه شهوات العالم، يدوس عليها بغنى،ويدوس عليها بقوة وسلطان، وليس مذلول لها،ولا يطلبها من قلبه، ولا حتى يميل إليها، لأنه يعرف أنها تحرمه من شهوة قلبه،ويعرف الذي لديه شهوة الملكوت وشهوة محبة الله غالبة داخل قلبه.لذلك يا أحبائي جميل الإنسان أن يراجع نفسه جداً، أنا من أين؟،وماذا أفعل هنا؟ ،وإلي أين أذهب؟ ،تصور عندما تكون هذه أهم الحقائق عدو الخير يحاول يلغيها من قلب وفكر الإنسان، لا يعلمك أنت من أين،ولماذا تعيش هنا؟،وإلى أين تعود؟،نحن نقول له لانحن نعلم جيداً، قال لك هذا "لستم من أسفل" انتم لستم من اسفل،لستم من هذا العالم،أنت لست من هنا،أنت مخلوق إلهي سماوي مرفوع إلى فوق،قم بقضاء فترتك على الأرض وأنت تحقق كل ما هو إلهي وسماوي إلى أن يأتي الوقت الذي تعود فيها مرة أخرى لكي تعودإلى وطنك الأصلي أنك تذهب للسماء.ربنا يعطينا يا أحبائي أن نحقق رسالتنا في الحياة وأن نكون مدركين أننا خرجنا من السماء لنقضي فترة على الأرض إلى أن نعود إلى السماءربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.